Skip to main content

Full text of "مجموع كتب في التصوف والرقائق"

See other formats




إيضاح نظم السلوك 


إلى حضرات ملك الملوك 


لناصر الخروصى (1264) 


تقديم ود فيو 
د. وليد محمود خالص 


© هيئة أبوظبي للثقافة والتراث؛ دار الكتب الوطنية. 

فهرسة دار الكتب الوطية أثناء النشر. 
خروصي. ناصر بن جاعد, 1778 1847. 

إيضاح نظم الملوك إلى حضرات ملك الملوك/ ناصر الخرو صي؛ تقديم وتحقيق وليد محمود خالص. ط 1[ 
أبوظي: هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. دار الكتب الوطنية. 2011. 

صض. + سم 
تدمك: 6 777 978-9948-01 

1 الشعر الصوفي. 2 الشهر العربي العصر الأيوبي تاريخ ونقد.أ خالص. ويد محمود. 1951 
ب - ابن الفارض. عمر بن علي. 1181 1234 - تائية ابن الفارض. ج - العنوان. 


0 275 7755.118ل2 اا 





أدوطبي للنشافه و الثرات 
عض [امع نم © عهر 1 الك اقاخن 2] لاقام 
© حقرق الطبع حفر ظة 
دار الكتب الوطنية 
هينة أبوظبي للثقافة والتراث 
«المجمع الثقافي» 


بمقعطنا اقدمأأولةا © 
برا طانم تطوطم نام 
6" ث8 عنااانان 1051 


7م )0صنةط اقأنااانات 
الطبعة الأو 1432ه 2011م 


الآراء الواردة في هذا الكتاب لا تعبر بالضرورة عن رأي 
هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث - دار الكتب الوطبة 


أبو طي الإمارات العربية المتحدة 
صاب: 2380 
© © وونأةءع )!اطلام 
تروت 02 يلين 


إضاءات 


اد 
«... وكلام ابن الفارض ما دام له مخرج حقّ في التأويل فلا يصحٌ أن يؤول إلآّ على 
الوجه الحقّ ما احتمل له ... ولا يجمل بأهل العلم الترقع على العلماء الكبار إذا أظهر رأياً 


ناصر الخروصى (1264ه) 
2 
«... ولو قال قائل إن شرح كلّ بيت من نظم ابن الفارض يحتمل أن يكون كتابا واسعاً 
لكان صادقا». 
ناصر الخروصى (1264ه) 
1 


«هذا هو ذكر جماعة من شيوخ هذه الطائفة» وكان الغرض من ذكرهم التنبيه على أنهم 
مجمعون على تعظيم الشريعة» متصفون بسلوك طرق الرياضة؛ مقيمون على متابعة السئّة 
غير مخلين بشيء من آداب الديانة. فكل شريعة غير مؤيدة بالحقيقة فغير مقبول» وكل 

حقيقة غير مقيّدة بالشريعة فغير مقبول». 
عبد الكريم القشيري (564ه) 


تراه إن غاب عنيء كل جارحة 
في نغمة العود والناي الرخيم إذا 
وفي مسارح غزلان الخمائل في 
وفي مساقط أنداء الغمام على 
وفي مساحب أذيال النسيم إذا 
لم أدر ماغربة الأوطان وهو معي 


أباحت دمي إذ باح قلبي بحتّها 
وما كنتٌ ممّن يظهر السرّإِنّما 
فألقت على سرّي أشعة نورها 
ومن عَجَب أن الذين أحبّهم 


سقوني وقالوا: لاتغنٌ. ولوسقوا 


حنيفيا وأيضا 


له 


ليها وحينا أشعريا 


و ّ 


97 


في كل معنىّ لطيفٍ رائق بهج 
تآلفا بين ألحان من الهَرّجَ 
بَرْد الأصائل والإصباح في البَلّج 
بساط تور من الأزهار منتسج 
أهدى إليّ هرا أطيبٌ الأرج 


وخاطري - أين كنا - غيرٌ منزعج 


عمر بن الفارض (2 3 6ه) 


وحلّ لها في حكمها ما استحلّتَ 
عروس هواها في ضميري تجلّت 
فلاحت لجلآسي خفايا طوّيني 
- وقد أعلقوا أيدي الهوى بأعنّةَ - 


ب 


جبال حنين ما سقّوني 


عرّ الدين المقدسى (660ه) 


فدعني منهمٌ طرًاً جميعاً | خليلي حين كنت الخارجيا 


وصرت الآن روحانى حكيما خرقت به الحجحاب الحندسيا 
فحزت الملك للملكوت تعدا بأنوار رقيت بها رُقيَا 
وتارتك: الكواكن قود باقن فخزت الفخر فخراً أقدميا 


جاعد بن خميس الخروصى (1237ه) 


58 


ايا من ابتليت بالتعضّبء وتورّطت دائماً في الحب والبغضء انتبه الآن» وكن عديم 
التعصب. وامض قدماًء إن تعصبك أفنى روحك. وشغلت نفسك بإحصاء معاصي الناس. 
تارة تقبل هذاء وتارة ترفض ذاك؛ فماذا يعنيك إن كان هذا في نفسه أفضل أم ذاك؟ وكلّ 
عمرك قضيته تقارن بين الناس» فمتى تتفرّغ للعبادة؟ وغدا سترى من حولك في الحضرة 
اثنتين وسبعين فرقة؛ فماذا يعنيك مَنْ منها على صواب. ومَنْ على خطأ؟ ولو تمخصت 
فيهم لوجدتهم جميعاً عشاقاً جاؤوا للعبادة. وإنّى لأدعو الله أن يطامن من طغيان نفوسناء 

ويخرج الفضول من أدمغتناء وأن يشغلنا بما في قلوبناء ويبعد عنًا أهل التعصب». 
فريد الدين العطار (17 6ه) 


-8- 
كل ما أذكره من طلل ‏ أو ربوع أو مفان كل ما 


ومذا إن كلت قد اسد لن. قد فن اشترنا” أو أتهنا 
وكذا السحب إذا قلت بكت وكذا الزهر إذا ما ابتسما 
أو أنادي بحداة يمموا 2 بانة الحاجر أو ورف الحما 
كل ما أذكره مما جرى ‏ ذكره أو مثله أن تفهما 


52 


مئة أسرار وأنوار جلت أو علتثْ جاء بها رك السما 


لفؤادي أو فؤاد من له مثل مالى من شروط العُلّما 
فاصرف الخاطر عن ظاهرها واطلب الباطن حتى تعلما 


محبي الدين بن عربي (638ه) 


9 
وأيّ مقام لا أروم انتهاءه وفي مبدئي نور المصاحف غشاني 
نصّحح إيماني بكل حقيقة ‏ بسرّ إلى أوج النهاية أنهاني 
وما زج بالإيمان روحيّ فاغتدى 20 مسوط بجسمي. في دمائي ولحماني 
فهام بحب عام في بحر ذكره 2 ولميدر وجدان اصطبار وسلوان 
فدام به في كل وقت وهيئة 2 على صيغ التلوين في كل أحيانٍ 
سعيد بن خلفان الخليلي (1287ه) 


-10- 


«لم يتصل بي كيفية تبتل سيدي القطب الخليلي» قدس الله سرّهء بدعوته سموط الثناء 
إلا ما ذكره شارحها الشيخ العلامة جمعة بن خصيف يدنه من كون القطب كان يرتلها 
آناء الليل» وأطراف النهارء وطورا ينوّر بها سُدفة السحرء وتارة يصمى بها رابعة النهار 
حتى رقت له عوائد التمكين. وفتح الله له بها الفتح المبين» ولمّا منّ الله عل بتخميسها 
تعرضا لبركات ذلك القطب, واستمدادا للفتح من نفثاته لا مباراة لكلامه؛ فإِنْ كلامه وهبيّ 
لماه شقانو سل ع رمحن القبالة الها الا أو يصعد البغارة الجناج ] 
يبلغ أو«متلى عت يننيحم لع الجبل فليو : بغاث كسير الجناح إلى 
الفلك الأطلس. ولكنى امرؤ حالفت خدمة الأذكار. وأشربت حب الاغتراف من بحر 

الأسرار». 
ناصر بن سالم بن عديم الرواحي 


أبو مسلم (1330ه) 


هذا كتاب من ذخائر المكتبة العُمانية القديمة» ركب فيه صاحبه مركباً شاقاً عسيراء 
واشقط الوه افيد متيس] شذاة التكن وله القزافة وال علق قبينه أذ قطي إن مكتيان: 
وقد فعلء وكأنّه يذكرنا بما كتبه الفيلسوف الألماني شيلر سنة 1797 إلى صديقه جيته بعد 
أن انتهى من قراءة كتاب (فنَ الشعر) لأرسطو؛ فقد كتب يقول: «أنا راض كل الرضا عن 
أرستطق لاعن ارسلو: وده ين عن نقس أيضاء فلمو :من الأمون العاديه أن يقرا الإننان 
لرجل مثله؛ رصين العقل» مودع الحكم دون أن يفقد معه الطمأنينة. إِنْ أرسطو هذا 
حكم رهيب كأنّه أحد زبانية الجحيم بالنسبة إلى كل مَنْ يدّعي التمسك الوضيع بالشكل 
الخارجي. أو التحرر المطلق من كل شكل ... وعلى مَنْ شاء أن يقرأه بفائدة أن يكون 
عارفاً من قبل بالأفكار الواضحة كلّ الوضوح عن الأمور الرئيسة» أما من لم يقف من قبل 
على الموضوع الذي يعالجه أرسطو فمن الخطر المحقق أن يلتمس عنده النصيحة» (ينظر 
فنَ الشعرء أرسطوء. ترجمة عبد الرحمن بدوي. ص212). وكأنْ شيلر فى نضّه السالف 
يحدّد أموراً ثلاثة تجلّل (فنَ الشعر) نراها منطبقة إلى مدى بعيد على هذا الكتاب؛ أولها 
فقدان الطمأنينة بعد القراءة» بسبب ما يقدّمه أرسطو من آراء جديدة» ومفاجآت فكرية. 
وكم عالجت من غصص هذا الفقدانء وأنا أتعامل مع هذا النص الثريّ الطويل لسنوات» 
ولا أحسب القارئ إلآّ غارقاً في تلك الحالة وهو يعاني القراءة مع اختلاف الأسباب. 
وريّما النتائج. وثانيها ضرورة المعرفة | المسبقة بالأفكار الرئيسة التي يعالجها أرسطوء 
وهذا متحقّق هنا أيضا؛ فلا غنى لمن د يحقّق أو يقرأ أن يكون عارفأ بمقدمات الأفكار التي 
سيتناولها المؤلف. واضعاً إياها في مواضعها السليمة في تاريخ خ العلوم العربية عامة؛ 
والتصوف خاصة: وإلا فلن يصل إلى شيء يذكر, وكأن ما يمسكه بعد القراءة ليس شيئا 
سوك الهزاء :و ثالنها يك اناس فى لفون القاري العائزنة يخيعه يفل قلق حجان الحكل > 
إذلن يف وهنا بضبيحة نان أو فائدة معينةاما دام لم يتوق الأمزين السارقين» فكأ العلاية 
وحدة واحدة لا انفصام لهاء وهذا بدهي! ألم يكن الكتابان ذاك المتقدّم السابق وهذا الذي 
بين الأيدي وحدة متلاحمة يفضي أولها إلى آخرها في انسجام بديع» وتناغم عجيب. 


هذا عن التوطئة؛ غير أنَّ عمود القول وسنامه متعلّق بصاحب هذا الكتاب؛ وعمله فيه 
أمَا صاحبه فهو علّمٌ سائر الذكر من أعلام عُمانء تعرفه الخاصة. وتتناقل أخباره» ومروياته 
مصادر العلم؛ ومظانه على اختلاف حقولهاء هو الشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي. 
ناهيك عن أنه رأس من رؤوس المذهب الإباضيء أهّله لهذه الرئاسة بيت كريم درج في 
عشّه وتفيّأ ظلاله» وعلوم متنوعة حصّلها بالصبر» والمثابرة منها علوم القرآن الكريم» 
وحديث رسول الله 6. والفقه. والأصولء وعلوم العربية» والفلسفة» والمنطق» وإلى 
جانبها الشعر الذي صبّ فيه سبحاته الوجدانية» وتحولاته السلوكية» غير أنّنا نسارع هنا 
لنقول إِنَّ الشيخ قد صهر هذه العلوم في فضاء فكره. وصنّفها في مراتب عقله. وروحه 
لتحقّق غرضاً هو أعمق, وأشدّ غوراًء ونفاذاً من قشرة تلك العلوم وهي مفردة» ولم يكن 
ذلك الغرض المنشود. والتوق الملحّ سوى (التصوف) بمصطلحه العام أو (السلوك) 
بمصطلحه الخاص عند القومء ذلك الاتجاه الذي استمسك بأسبابهء وأنفق عمره وهو 
ينهل منه نَظرأء ليروح بعدها فيجعله سلوكاء وشعار حياة» وهل يكفي عمر واحد لبلوغ 
ذلك؟ وهذا هو الذي قصدنا إليه بالمركب الشاقٌّ متممّلاً في الأمور الثلاثة التي أسلفنا 
الحديث عنهاء فقد تقدّم الشيخ ناصر في هذا الكتاب بعد أن استوفى أدواته بنوعيها 
الكبيرين؛ إلى قصيدتين هما من عيون شعر | بن الفارضء هما التائيتان الصغرى والكبرى؛ 
بل هما من عيون الشعر الصوفي وغرره. أجمع على هذا الدارسون قديماًء واتفق عليه 
الباحثون حديثاء وكان للمستشرقين الذين درسوا ابن الفارض وشعره رأيهم العلمي الذي 
دعم آراء الدارسين العرب. أقول تقدّم الشيخ إلى التائيتين يتين راغباً في وضع شرح لهماء 
وقد يبدو الكتاب في النظرة العجلىء والقراءة المتسرعة - على هذا - شرحا للقصيدتين؛ 
وجني إن وقم عدا فهر فقا و يقلح في عمل الشيخ» قير عكل كبر يشكلة» وحمل كير 
بمضمونه. بَئْد أن هذا لم يقع» فقد جعل الشيخ من القصيدتين نقطة نور ينطلق منها إلى 
آفاق رحبة يعبر فيها عمّا يجول في خاطره. ويدور في خَلّده من أفكار وآراء وقناعات. 
وأضف إليها المواجيد والإشراقات. فهو ما نقرؤه. ونلمسه أيضاً في الثناياء لقد أراد الشيخ 
من القصيدتين ذلك كله. ولتحقيق هذا فاء إلى منهج مختلف. ورؤيا مغايرة عمًا سبقه من 
الشروح. وهو يعلم حقٌّ العلم أنْ شروح التائيتين قبله ليست بالقليلة» ولا سيما الكبرى 
منهماء » فلو سلك سبيل غيره لجعل من نفسه رقماً جديداً يضاف إلى تلك الأرقام التي 


سبقته. وليس الهم عندئذ سوى الأخذ من تلك الشروح. والتعويل عليهاء والتسويد منهاء 
غير أنه تتكب ذلك الطريق اليسير الواضحء وعمد إلى آخر أصعب. وراد فلاة لم تطأها قدم 
قبله» وأراد لنفسه التفرّد. وتجلية قناعاته الفكرية» فنخل التائيتين مدارسة ونظراء ووصل 
إلى أنّهما واحدة؛ لا يمكن فهم الأولى بمعزل عن الثانية» ولن تتحقّق الفائدة المطلوبة من 
الثانية وهي مبتورة عن أختها الأولى» فبدأ الطريق من أوَّله وفق رؤية خاصة لم نجد لها 
سابقة» فبدأ من أبيات الصغرى لينتهي منهاء ثم يستأنف مع أبيات الكبرى ليستوفي شرحها 
أيضاء ويسبق ذلك كله استخلاص رحيق القصيدتين» ومكامن الجوهر فيهما ليجعل من 
ذلك الرحيق أبواباً وأجزاءً. ومقدمات ينضوي الشعر والشرح معا تحته. وليس العكس 
كما فعل غيره من الشراح؛ فكأنَ الشيخ هنا ليس شارحا بقدر ما هو مؤلف مبتكرء جعل 
مادته الخام نص القصيدتين ليقول من خلالهما أشياء كثيرة. 

ومن هنا نستطيع تفسير تلك الوقفات الطويلة التي تأتي على هيئة الاستطراد ليشرح 
مصطلحاً أو يجلّي الحديث عن مرتبة بلغتها الحقيقة المحمدية» أو يفسشر آيات من 
كتاب الله العزيز هي داخلة ضمن النسيج العام للكتاب توضيحًا للباب» أو الفصل الذي 
قسّم الكتاب بموجبهما منهجياء نعم» ليس ما بأيدينا شرح للقصيدتين» ولو رأيناه كذلك 
تشيصنيي :هذا الحمل اكير .فى الطائة والخك» وميك ردنا حجمهز :من لخر وج شياتن 
بيانها لم تصنع صنيعه مع أنه متأخر عنها بوقت طويل» فقد كان مقصد تلك الشروح الشرحّ 
وحده. أمَا غاية الشيخ هنا فهو تأليف كتاب في (التصوف) على مصطلح القوم هناك 
و(السلوك) على مصطلح القوم هناء وقد تحقّق ما أراد فكان هذا الكتاب. 

هذا ما كان من أمر الشيخ الجليل وكتابه» وهو مَنْ هو رسوخ قدم في (السلوك)) وتعمّق 
نظر فى فنونه ومسالكه. ولكن ما حال المحقّق الذي افتقد الطمأنينة فى كثير من مراحل 
العول علما واتاهابقا ابل يدا فادها حال دوع نه على نا سرى 11 اناما د 
في حسبان شيلر» ولم يتطرّق إليه أرسطو فهو أمر آخرء هو اللتَ في هذا العمل كله. ويحقٌ 
لهما أن لا يذكراه؛ فهو ليس من عملهماء وإن يكن الطرف الثالث - ونعني به جيته - قد ألم 
به إلماماً قليلاً» وليس (الديوان الشرقي للمؤلف الغربي) ببعيد عنّاء ويتمّل ذلك اللبّ في 
العلم نفسه. أو الفنّ. وهو التصوّف. أو السلوك؛ فالمحقق يقرأ في كتب القوم ما يدعو إلى 


اليأس. واعتزال العمل؛ يكتب ابن عربي مثلاً: انحن قوم يحرم النظر في كتبنا»» (تنبئة الغبي» 
السيوطي» ص114). ويكتب السبكي: «الله الله في ألفاظ جرت عن بعض سادات القوم 
مسافة واضحة بين ظاهر الألفاظ؛ وما يريدونه من بواطنهاء والشيخ ناصر يخوض معهم 
فى هذه الألفاظ. ولا يريد بها الظاهر البتّة فما العمل؟ وحين قرأ قول القشيري: «... وهذه 
الطائفة يستعملون ألفاظاً فيما بينهم» قصدوا بها الكشف عن معانيهم لأنفسهم, والإجمال 
والستر على مَنْ باينهم في طريقتهم؛ لتكون معاني ألفاظهم مستبهمة على الأجانب» غيرة 
مجلوبة بضرب تصرّف. بل هي معان أودعها الله تعالى قلوب قوم» واستخلص لحقائقها 
أسرار قوم» (الرسالة القشيرية» 1/ 200). أقول: حين قرأ قول القشيريء ومعه إعراض 
بعض الشيوخ عن تدريس هذا العلم للجمهرة من الناس بحسبان أن ١ما‏ هذه طريقة القوم. 
لامّن دنوا ولا من نأواء من جاع جوع القوم وسهر سهرهم رأى ما رأوا» (قمع المعارض» 
العلم» وسلوك متين فيه» فكأنه استوفى ما قرّره السابقون. فهل يعتزل العمل أسوة بغيره 
من (المعتزلة)؟ وفاء إلى العقل يحاسبه حسابيا عسيراء ويسأله عن أولئك الباحثين الذين 
اقتربوا من (التصوف». هل وفوا بتلك الشروط جميعهاء وأهمّها شرط (التسليك)؟ ويأتي 
الجواب بالنفيء وممّا يمَوّي ذلك النفى مدارسة جمهرة واسعة من المستشرقين لهذا العلم 
من حيث تحقيق نصوصهه أو الكتابة فيه وهم على دين آخرء ويخصٌ بالذكر منهم أربعة 
هم الأساتذة نيكلسن» وماسينيون. وجولدتسيهر. وآاربري الذين شاركوا مشاركة قيّمة 
فى درس هذا الجانب العميق من الفكر الإسلامى؛ فقلّب الأمر عندئذ ظهراً لبطن. وأخذ 
بأحزم الأمرين» واقترب من الكتاب قارئاً أولآء ومستكشفاً ثانياًء ومتأملاً ثالثأء وفاتحا 
بعض مغاليقه رابعاء وواضعاً كثيرا من إشكالياته في مواضعها أخيراء يعينه على ذلك صبر 
على فهم النتصء ومصادر ومراجع هي أشبه بصوى الطريق» وضحت رؤيته» وسهّلت 
سبيله. ولم يكن بالإمكان إتمام هذا العمل بغير الرجوع إليها. 


يتحدّث ابن سينا في واحدة من رسائله عن كتاب له قد ضاع هو (الإنصاف)» وهو 
يتحسّر لهذا الضياع. ويبّن صعوبة إعادة كتابته؛ يقول: «كتاب (الإنصاف) لا يمكن أن 
يكون إلا مبسوطاء وفي إعادته شغلء ثم مَنْ هذا المعيدء ومَنْ هذا المتفرّغ عن الباطل 
للحقٌء وعن الدنيا للآخرة» وعن الفضول للفضل! لقد أنشب القدر في مخالب الغير فما 
أدري كيف أتملص وأتخلطن؛ (أرسطو عند العرب» د. عبد الرحمن بدوي»؛ ص245)) 
لقد تفرّغ الشيخ ناصريذته للحقّ وللفضل فأنشأ كتابه» وتركه مخطوطاًء وكانت من أماني 
المحقّق الغوالي أن ينشره بهيئة علمية نقدية تليق به - ولا كمال إلا لله وحده - خشية أن 
يصيبه ما أصاب (إنصاف) ابن سيناء وكم من الكتب كان نصيبها ذلك المآل المحزن. 
فلعلٌ في هذا النشر تحقيقا لبعض من تلك الأماني. 


د. وليد محمود خالص 


يرن كن 


تعود علاقتي بهذا الكتاب إلى عشر سنوات تََلّتء وذلك يوم ظفرت بمخطوطه وأنا 
أبحث فى زوايا المخطوطات العمانية التى تحتفظ بها وزارة التراث والثقافة» وخزانة 
معالي السيد محمد بن أحمد البوسعيدي» وشرعت يومها بقراءته والنسخ منه مدة ليست 
بالقليلة» وكانت ثمرة تلك القراءة بحثاً طويلاً نشرته في كتاب (الأدب في الخليج العربي- 
دراسات ونصوص). ووعدت بتحقيق هذا الكتاب تحقيقاً علمياء وتمديمه بنشرة نقدية 

و ع اع 

مادته» واستغللاق عبارته» مع أنَّ صاحيه الشيخ ناصو بن أعئن نبهان الخروصي أراده كتاباً 
سهلاء ساتغا للقارئين» غير أن المادة العلمية التى ضمّها الكتاب بين دفتيه هى مردّ تلك 
لقراءة النصء والتعليق عليه؛ وتجلية مصطلحه. مع شروح أخرى مما يقتضيه التحقيق. 
وهو مفصل فيما بعد. 
وقد اقتضت طبيعة الموضوع أن تكسر المقدمة على المباحث التالية: 

1 - التعريف بمؤلف الكتاب» وثقافته. ومكانته | لعلمية. 


2 - تحليل مادة الكتاب. 

3 - إشكالية العزلة الثقافية. 

4 - نسبة الكتاب إلى مؤلفه. 

5 - وصف مخطوصتي الكتاب. 
6 - عملنا في التحقيق. 


آمل أن تكون هذه المباحث وافية بالمطلوبء. كاشفة عن جوانب من هذا الكتاب 


15 


النفيس الذي من الممكن عدّه بامتياز من أعمدة السلوك الإباضى العماني؛ ولا سيما فى 
جانبه النظري. 


5 


الشيخ ناصر بن جاعد هو صاحب كتاب إيضاح نظم السلوك كما مر سابقاء وسنحاول 
الاقتراب من هذه الشخصية العلمية الكبيرة. 


ولعل أهم ما يواجهنا من صعوبات في هذا الاقتراب هو أنَّ المصادر تضنّ علينا بصورة 
مفصلة لحياة الشيخ ناصر من مولده إلى وفاته؛ فهي تقدم نتفا من حياته مع شيء يسير عن 
تفاصيلهاء بالإضافة إلى عبارات المديح والثناء» وهو أمر ليس بجديد في كتب التراجم» 
إذ طالما اكتفت بلمحة سريعة هي أقرب إلى حسوة الطائر لا تنقع غلة أو تبين غامضاء غير 
أن جمع تلك النتفء وترتيبها ترتيبا زمنيا مع الاستعانة بإشارات من هنا وهناك يساعد على 
إبراز الصورة بشيء قريب من الكمال فيه من الفجوات ما لا يخفى على المدقق. 

وتحدثنا المصادر أنه «ناصر بن جاعد بن خميس بن مبارك بن يحيى بن عبد الله بن 
ناصر ابن محمد بن حيان بن زيد بن منصور بن ورد بن الإمام الخليل بن شاذان بن الإمام 
الصلت ابن مالك الخروصي الأزدي القحطاني»'!)» ومن الواضح أن نسبه يعود إلى اثنين 
من الأئمة الذين بويعوا بالإمامة في أوقات مختلفة2. 


(1) ينظر الفتح المبين.ء ص 46!. وشقائق النعمان. 1/ 139. 

(2) ينظر في ترجمة هذين الإمامين والأحداث التي جرت في عصريهما: تحفة الأعيان 1/ 108و2/ 203 والشعاع 
الشائع باللمعان؛ ص48 و67). وكشف الغمة. ص3129264. وشقائق النعمان. 2/ 204و207. وتقدم هذه الكتب 
مسارد مفصلة عن الأئمة غير أن مسرد صاحب الشقائق ذو صبغة منظمة بشكل واضح. وما يهمنا فيه أن هناك 
سبعة عشر إماما من اليحمد وبني خروص الذين ينتمي إليهم الشيخ ناصرء ولهذا دلالة مهمة سلقف عندها فيما 
بعد. وفي الفتح المبين» ص 179 منظومة مفيدة عن نسب بني خروص.ء وينظر كذلك كتاب عمان الديمقراطية 
الإسلامية» د. حسين غباشء وهو دراسة علمية منهجية عن نظام الإمامة وأصولها وتقاليدها مع مفاصل مهمة 
من تاريخها. 


ولد الشيخ ناصر في العلياء'!؟ وادي بنى خروص سنة 71192 للهجرة في بيت علم 
وفقه وتدريس. ومشاركة في الحياة العامة فوالده الشيخ أبو نبهان» جاعد بن خميس من 
أعلام العلماء في تمان «كان المتقدم على أهل زمانه بالعلم» والفضلء. والشرف. واتخذه 
الناس قدوة في مراشد دينهم ومصالح دنياهم؛ وقلده الأفاضل أمرهم لما علموا من علمه 
وورعه)0 وهو «الشيخ العالم الرباني الرئيس.. وكفى به شيخاً راسخا في العلم وتصانيفه 
الكثيرة مشتملة على فوائد جمة.. وهو خاتمة جهابذة علماء عمان»!*) وهو أيضاً «العلامة 
الرئيس.. والحبر الرباني المشار إليه بالبنان» وكان الفرد الوحيد في علم الأسرار»0» وكان 
اراسخ القدم في علمي الحقيقة والشريعة»9» ولا شك أن الفتى وقد تفتحت عيونه على 
ذلك الجو العلمي الصافي قد أخذ ما شاء له الأخذ. فوالده يملأ السمع والبصر. مشغول 
بالعلم والإفتاء والتأليف. ولا ريب في أن هناك مكتبة تسند ذلك يرجع إليها الوالد ومن 
بعده الولد فيفيدان منها. إن ذلك كله قد جعل الفتى يلتفت منذ وقت مبكر إلى العلم. 
والمداومة على أخذه والتزود منهء وتحدثنا المصادر أن ديدن إخوة الشيخ ناصر ومسلكهم 
كان كذلك. وخصوصاً أخاه الشيخ نبهان, وبه يكنى الوالد فيقال له أبو نبهان7). 

ولا تقدم المصادر شيئاً عن نوعية العلوم التي تلقاها الشيخ ناصر غير أننا نستطيع استنتاج 
نوعيتها من خلال البيئة التي تفياأ ظلالهاء والكتب”" التي تركهاء ويقف في مقدمة تلك العلوم 


(1) تقع على سفح الجبل الأخضر من جهة الشمالء ينظر بحث الفاضل مبارك الراشدي عن العلامة الخليلي. 
ص .١!6‏ 

(2) تحفة الأعيان. 2/ 175. والبوسعيديون حكام زنجبار. ص84. وأعلام عمان» ص156. وشعر سعيد بن خلفان 
الخليلي. الفاضلة شريفة اليحيائي: رسالة ماجستير لم تنشرء ص24. 

(3) تحفة الأعيان. 2/ 147. 

(4) الفتح المبين»؛ ص 147. 

(5) شقائق النعمان, /١‏ 139. 

(6) ينظر بحث الفاضل مبارك الراشدي عن العلامة الخليلي. ص16 1ء وينظر أبو مسلم الرواحي» د. محمد بن صالح 
ناصرء ص120. ِ ' 

(2) ومن إخوان الشيخ ناصر غير نبهان: يحيى وسعيد وخميسء والأخير هو الذي طلب منه أن يكون إماما قبل عقد 
الإمامة لعزان بن قيس فأبىء ينظر بحث الفاضل مبارك الراشدي عن العلامة الخليلى. ص 8!!.» وشقائق النعمان. 
١ه‏ وعمان الديمقراطية الإسلامية» د. حسين غباشء. ص 216» وما بعدها. ْ 

(8) قدّم الباحث إبراهيم بن يحيى العبري ثبت ممتازاً لكتب الشيخ ناصر جعله في قسمين هما: مؤلفاته الموجودة. 
والكتب غير الموجودة. حوى الأول ثمانية كتب. وضمّ الثاني سبعة عشر كتاباء ورسالة» والكتب الثمانية 


القرآن الكريم وعلومه. والحديث الشريف. والفقه. والأصولء وعلم الكلام. والفلسفة 
مع زاد وفير من علوم العربية كالنحو والصرف والبلاغة والأدب والأخبارء بالإضافة إلى 
علوم ملحقة بها وجدنا الشيخ مهتماً بها كالنبات والفلك والتاريخ'". ولعل الكتاب الذي 
بين أيدينا خير شاهد على ما نقول. فقد عالج الشيخ فيه مسائل علمية شتى تشير إلى تلك 
العلوم التي حصلهاء وعاد ثانية فوظفها في كتابه» كما أننا نجد بين كتبه الكثيرة كتابا سماه 
(الحق اليقين) وفيه "تناول جوانب متعددة من قضايا العقيدة»!2» وكتاباً آخر سماه (لطائف 
المنن في أحكام السئن) حاول أن يرتب فيه كتاباً في الحديث الشريف هو (الجامع الصغير 
للسيوطي) ترتيباً مختلفاً. إذ «صئّفه صاحبه على الحروف الهجائية في حين أن الشيخ ناصرا 
أخذ يبوب الكتاب على الأحاديث النبوية»”» وللشيخ ناصر كتاب ثالث عنوانه (السر الخفي 
في ذكر أسرار النبات السواحلي) وهو كتاب «طبي شعبي ذكر فيه العلاج بأنواع النباتات 
الموجودة هناك في شرق أفريقيا.. وفيه مقدمة .. ذكر فيها مصطلحات اللغة الساحلية وما 
فيها من تفخيم المسمى وتصغيره.. وأورد أسماء الأشجار باللغة الساحلية»7. وله كتب 
أخرى تؤكد ما ذهبنا إليه سابقأء كما نجد وفرة من مروياته التاريخية عن أحداث مختلفة 
وقعت بعمان يحفظها صاحب التحفة منسوبة إليه» وكأنه لم يجد سوى ذلك العالم الثبت 
المدقق ينقل عنه» ويثبت ما ينقله في كتابه!©. 


الموجودة ما تزال مخطوطة عدا الكتاب الذي حقّقه وهو كتاب (الإخلاص). وهذا الكتابء ولم يذكر كتابا 
للشيخ ناصر هو شرح قصيدة والده (حياة المهج) الذي حققته الباحثة عالية بنت حسن بن محمد العجميء. 
وقدّمته إلى جامعة السلطان قابوس- كلية الآداب والعلوم الاجتماعية- قسم اللغة العربية رسالة ماجستير 
بإشراف كاتب هذه السطور. 

(1) يلاحظ هذا التشابك في العلوم الذي يميز ثقافة الشيخ ناصرء وهو ما أشرنا إليه في التصدير. ويومئ بقوة إلى 
الوحدة من خلال التعدد. العلوم المختلفة تخدم غرضا واحدا. 

(2) بحث سماحة المفتي العام للسلطنة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي عن العمانيين وأثرهم في الجوانب العلمية 
والمعرفية بشرق أفريقياء ص183-182» وينظر شعر سعيد بن خلفان الخليليء الفاضلة شريفة البحيائي» رسالة 
ماجستير» لم تنشرء» ص24 وما بعدهاء ومما يذكر هنا أن هذا الكتاب وصل إلينا سالماء وهناك نسخ منه. وعنوانه 
الكامل (العلم المبين وحق اليقين)» ينظر عنه مقدمة تحقيق كتاب (الإخلاص) ص73-72. 

(3) بحث سماحة المفتي السابق. ص 183. ومما يذكر هنا أيضاً أن هذا الكتاب وصل هو الآخر سالما من الضياع. 
وهناك نسختان منه. ينظر تفصيل هاتين النسختين فى مقدمة تحقيق كتاب (الإخلاص). ص74. 

(4) المرجع السابق. ص 183. ش 

(5) ينظر تحفة الأعيان في مواضع متفرقة مثل: 2/ 20و24و 40او 141و 43و 144و و45او 147و 149 وغيرها كثير. 


18 


أما فتاواه وآراؤه الفقهية فهى كثيرة جدأ"!'؛ وقد أشار الفاضل مبارك الراشدي إلى أن 
للشيخ ناصر «أجوبة كثيرة لم يعتن أحد بجمعها وإخراجها حتى الآن. ومنها مجموعة 
أجوبة أرسلها إلى الشيخ سعيد بن يوسف المصعبي بالمغرب»2)» إن ذلك كله وغيره كثير 
يشير بقوة إلى سعة المعارف التي حصلها الشيخ ناصرء وأفاد منها فيما بعد في تأليف كتبه 
من جهة» ومعالجة الأحداث التي شارك فيها من حيث التوجيه والنصح من جهة أخرى؛ 
ويعجب المرء من قدرته على التوفيق بين شغفه العلمى» ومشاغله الدنيوية التى قصد منها 
- حسب اجتهاده- إقامة الشرع. ونشر العدل» ولا شك أن هذا يعني انصرافاً تام للعلم مع 
اهتمام بالحياة» وشؤونها مما حّق ذلك التوازن بينهما. والذي دعا إلى هذا الكلام ما رأيناه 
من اهتمام الشيخ ناصر ووالده بالأحداث السياسية التي جرت بعمان فقد كانا مشاركين 
فيها بفعالية واضحة؛ وهذا ما حدا بصاحب التحفة إلى أن يكثر من النقل عنهما وهو يدون 
تاريخ عمان". 

وقد ظلّ الشيخ ناصر مشتغلاً بالعلم إلى آخر حياته» عرف له معاصروه؛ ومن أتى 
بعدهم تلك المنزلة العلمية التي وصل إليها كما سنرى فيما بعد ويبدو أنه ظلّ مستقرا 
فى بلده العلياء التى ولد فيها حتى بدأ فى الانتقال منها إلى أماكن أخرى. ونراه يصل إلى 
نزوىء وفيها ألف كتابه مدار حديثناء وهو إيضاح نظم السلوكء ويظهر من فقه الأحداث 
أن معيشته فيها كانت أقرب إلى الضيق منها إلى السعة. وقد صوَّر بنفسه معيشته تلك من 

معيشتنا خبرٌ لغالب قوتنا وماءً وليمون وملح وقاشة'"" 
فإن حصلت مع صحة الجسم والتقى فيا حبذا هذا بما هو قانة (5) 

وهماح بل شاقح يعيران تعيرا دقيقا عن تلك الحال الضيقة الى آل إليهاء غير أن 
() ينظر على سبيل المثال الفتح المبين»؛ ص 103 وما بعدها. 
(2) بحث الفاضل مبارك الراشدي عن العلامة الخليلي. ص 1!8. 
(3) ينظر تحفة الأعيان في مواضع متفرقة» وخصوصاً 2/ 147و162. وهناك تفصيلات أخرى تهم المؤرخ يراها 

القارئ مبثوثة في التحفة. 
)4( القاشع بلغة أهل عمان نوع صغير من السمك. ينظر إزاحة الأغيان عن لغة أهل عمان. الشيخ الحارثي. 


ص108. 
(5) تحفة الأعيان. 175/2. 


مسحة الزهد والتعفف واضحة فيهما مما يؤكد ما سنراه فيما بعد من اكتفائه بالقليل عن 
رضا وقناعة. غير أن ما يلفت النظر حقاً هو ما ساقه صاحب التحفة نقلاً عن ذي الغبراء 
خميس بن راشد العبري؛ وهو قوله: «وعمَّت هذه الأخبار مع جميع الفرق الإسلامية 
واليهودية والنصرانية والمجوسية» فتأسفوا في نفوسهم بما أصاب عبد الرحمنء ثم 
اجتمعوا في بندر مسقط بحضرة سيدهم ومولاهم سعيد بن سلطانء وقالوا لا يرضى 
أحد بمثل هذا من الأمراء في علمائهم»!!). وقد استجاب السيد سعيد بن سلطانء إلى هذا 
الطلب كما سترى. 


إن وجهة النص تشير بقوة إلى أن الشيخ قد نال مكانة محترمة» ومنزلة سامية بين المسلمين كافة» 
وأتباع الديانات الأخرى على حد سواءء ومن هنا تنادوا جميعا لنصرته ودرء بلاء الزمان عنه 
ولا تجتمع تلك الفرق وهي متفرقة في مقالاتها؛ نقول لا تجتمع على رجل واحد مالم يكن ذا فكر 
مستنير» وعقل راجح. ونفس عالية شعارها الاعتدال والنظر بميزان القسط والعدل إلى الجميع» 
ومن هنا اتحدت كلمتهم على نصرته وهذا تما يحسب له بلا شك. 

وقد صنع السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي) ما يصنعه الملوكء والقادة عادة من 
تكريم العلماء «فكتب بالوصول إليه. فلما وصل حباه وكرمه وعظمه وكساه. ومهما مشى 
خطوة في حضر أو سفر أخذه في صحبته. وأطعمه من طعامه واستشاره في أكثر أموره في 
طول زمانه»!*". ولم يكتف بهذا بل استصحبه معه إلى زنجبار حين قصدها سنة 1243ه!*, 


(1) تحفة الأعيان» 1/ 175. 

(2) هو السيد سعيد بن سلطان بن الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي. ولد سنة 1204ه وتوفي سنة 1273ه كان من 
كبار الساسة وحكم طوال نصف قرن. وقعت في عهده أحداث جسام عالجها بحكمة؛ وقد ألف عنه ابن رزيق كتابا 
صغيراً سماه (بدر التمام في سيرة السيد الهمام سعيد بن سلطان بن الإمام الحميد أحمد بن سعيد البوسعيدي). 
وقد طبع ملحقا بكتابه الفتح المبين» وفيه تفصيلات تاريخية وسياسية واجتماعية مفيدة» وينظر عنه كذلك: جهينة 
الأخبار» ص233. وشقائق النعمان 2/ 236. والعمانيون وأثرهم في الجوانب العلمية والمعرفية بشرق أفريقياء 
بحث لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطئة» ص177»ء وما بعدهاء ويقول فيه: (وكان الرجل 
الذي أعطى أفريقيا الشرقية عنايته البالغة هو السلطان سعيد بن سلطان الذي أسس إمبراطورية هناك)؛ ص ١180‏ 
وعمان الديمقراطية الإسلامية. ص 155ء وما بعدهاء والموجز المفيد. ص33. وما بعدهاء والشعر العربي العماني 
في المهجر الأفريقي. الفاضل سبيت الغيلاني؛ رسالة ماجستير لم تنشره ص25 وما بعدها. 

(3) تحفة الأعيان. 2/ 175» وفي كتاب البوسعيديون حكام زنجباره ص83.؛ أن السيد سعيد كان يحترم الشيخ وكذلك 
كان الجميع. 


(4) ينظر جهينة الأخباره ص237. 


فإذا علمنا أن الشيخ ناصر توفي سنة 1264ه فيكون قد قضى عشرين سنة الأخيرة من 
حياته في زنجبار» ومن الثابت أنه توفي'!! فيها «في المكان المسمى المتوني وقبره مشهور 
هناك)2. 


وقد ترك الشيخ ناصر أثراً قوياً فيمن جاء بعده من العلماء والأدباء» غير أن اثنين منهما 
تأثرا به تأثرأ كبيرأء نلحظ هذا في ما تركاه من كتب. وما نظماه من قصائدء وأولهما هو 
العلامة المحقق سعيد بن خلفان الخليلي المتوفى سنة 1287 للهجرة: فقد كان الشيخ 
ناصر «على قمة المشايخ والعلماء الذين كانوا اليد المعاونة له يأخذ بمشورتهم ويستفيد 
من آرائهم» وعنه «تلقى الشيخ سعيد علومه الأولى فقد كان يتردد عليه بمسقط) 
فدرس عليه «العلم الإسلامي الواسع كأصول الدين» وأصول الفقه بتوسع والفقه بأبوابه 
المختلفة»'؛ وقد حفظ المحقق الخليلي دنه تلك اليد للشيخ ناصر فهو لا يذكره إلا 
محاطاً بالإجلال والاحترام» ولعل قوله عنه في مقدمة كتابه مقاليد التصريف خير تأكيد 
على ما نذهب إليه فنراه يقول: «..فقد منَّ الله عليّ بألفية مغنية في هذا الفن الشريف 
وسميتها والحمد لله بمقاليد التصريف. ولما اطلع على نظامها العالم الرباني والبحر 
النوراني وحيد دهره بلا ممانعة وفريد عصره بلا ممانعة» أبو محمد ناصر بن العلامة 
المولوي الولي أبو نبهان جاعد بن خميس الخروصيء أمرني أن أثبت عليها شرحاً لطيفا 
مختصرأ»”7» ويتبين من هذا النص «أن إقدامه على الشرح كان بتوجيه من شيخه العلامة 
الكبير ناصر بن أبي نبهان رحمهما الله تعالى)!): وقد ظهر أثر العلوم التي تلقاها المحقق 
الخليلي عن الشيخ ناصر في كتبه. وفي اتجاهه السلوكي في شعره ونثره على حد سواء. 


(1) ينظر تحفة الأعيان. 2/ 175. والفتح المبينء ص150. 

(2) جهينة الأخبار» ص237. 

(3) لا حاجة بنا للتعريف بالمحقق الخليلي فهو علم مشهور وعالم كبير» ينظر عنه رسالة الفاضلة شريفة اليحيائي مع 
مصادرهاء وبحوث الندوة التي أقامها المنتدى الأدبي تكريماً له وصدرت في كتاب, وينظر كتابنا (الأدب في 
الخليج العربي)» الجزء الثالث حيث عرّفنا بالمحقق الخليلي. ْ 

(4) الشيخ الخليليء الفاضلة شريفة اليحيائي. ص24. 

(5) بحث الفاضل مبارك الراشدي عن العلامة الخليلى؛ ص1!6. 

(6) المرجع السابقء» ص1!6. ١‏ 

(7) مقاليد التصريف 3/1. 

(8) بحث سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة عن الخليلي فقيهاً ومحققاء ص4. 


أما الثاني فهو المؤرخ والشاعر حميد بن حمد بن رزيق''' المتوفى سنة 1290ه الذي 
أفسح مجالاً رحباً للشيخ ناصر ووالده الشيخ جاعد في كتابيه الفتح المبين» والشعاع 
الشائع باللمعان» ويبدو أن علاقته بهما كانت وثيقة إذ يسوق ذكرهما في كتابيه مقرونا 
بالتجلة والرفعة» كما يحفظ في الفتح المبين بعضاً من مراسلات الشيخ ناصرء وكان الشيخ 
ناصر يثني عليه *)» ويحفظ في الفتح المبين مطالع ست قصائد رثى بها الشيخ ناصر بعد 
وفاته» منها قوله: 
خلا مجلس الفقه الأنيس من الأنس2 فمنذاإلى التدريس في ذروة الدرس 
ومنها: 
ذهب الضياء فيومنا إظلام ما هكذا يا يومنا الأيام”) 
وغيرهاء كما ينظم قصيدة طويلة يضمنها عنوانات كتب الشيخ ناصر» ويقول في هذا ما 
نصه: «وقد نظمت في اسم هذه الكتب قصيدة .. لأجل مصاحبتي للشيخ ناصر المذكور 
أيام حياته» ومطلع هذه القصيدة: 
قيل لي: سم أنت ما صنف الشي خ من الكتب ناصر ذو الفعال 
الفقيه النبيه نحل أبى نب ن يم الندى فصيح المقال 
فأثبت فى قصيدتى هذه تسمية هذه الكتب على التفصيل»1). 
ولااشك في أهمية هذه القصيدة؛ فقد حفظ بها ابن رزيق عنوانات كتب الشيخ ناصرء 
وستكون هي الدليل الموثق لمن يريد البحث عن هذه الكتب ودراستها فستقدم له مادة 
ثمينة عن عددهاء وحجم العمل الذي قدمه الشيخ ناصرء واضطلع به. 
ونرى ابن رزيق يقطع الشوط إلى نهايته في علاقته بالشيخ ناصر حين يؤلف كتابا خاصا 


(1) ابن رزيق هو حميد بن محمد بن رزيق بن بخيت بن غسان النخليء ولد سنة 1198 للهجرة وتوفي سنة 1290 
للهجرة. يحتل منزلة متقدمة بين شعراء ومؤرخي عمان. ينظر عن سيرته وآثاره بحث الدكتور سعيد الهاشميء 
ومقدمة تحقيق سلك الفريدء 10/1 وما بعدها. 

(2) يأتي ذكر ابن رزيق في هذا الكتاب أيضاً. 

(3) ينظر الفتح المبين» ص 151. وما بعدها. 

(4) الفتح المبين» ص 15١‏ . 


عنه يجمع فيه قصائده التي قالها في مدحه. فنحن نقرأ له في الفتح المبين متحدثاً عن 
نفسه: «وقل مداحت الشيخ العالم الفصيح أبا محمد ناصر بن الشيخ العلامة 9 نبهان 
أيام حياته بجملة قصائد"'"'» غير أنه هنا يجمع ما أشار إليه في كتابه (الفتح المبين). 
ويضم إليه قصائد أخرى ويجعله كتابا عنوانه (سبائك اللجين الملقب بقرة العين)» وما 
يزال هذا الكتاب مخطوطا©) يقول فى مقدمته: «لما كان على الحر إذاعة الحمد لأهل 
الحمد من المجرب الواجب الذي لا ينسل إلى السالب.. فيا أيها السائل عن إيضاح اسم 
هذا المسمى.. ذلك هو الشيخ المفخم المعظم.. ناصر بن السيد أبي نبهان العلام»!0. 
ثم ينتقل إلى الشعر فيحفظ في هذا الكتاب خمسين قصيدة في مدحه تتراوح بين عشرة 
أبيات» وأربعين بيتاً يحاول فيها جاهداً إبراز جوانب الشيخ العلمية والسلوكية التي تميّز 
بهاء وتظهر في هذا العمل وسواه مظاهر من الوفاء يقل نظيره» وكأن ابن رزيق يقتفي أثر 
قوله تعالى: (وهل جزاء الإحسان إلا الاحسان). فهو يرد للشيخ بهذه الأشعار وموصول 
الذكر أياديه العلمية البيضاء التي أسبغها عليه تلك التي انتفع بها شاعراء ومؤلفاً. 


55 


وقد أخرنا لأسباب منهجية واحداً من العلوم التي ظهرت جليّة في مصنفات الشيخ 
ناصر» ولاسيما في هذا الكتاب. وذلك لأهميته» وتوجيهه شخصيته وجهة معينة» ونعني 
به التصوف أو علم السلوك ومن الثابت أنه تلقّاه عن أبيه ذوقاً ورياضة, ونمّاه هو بجهده 
الشخصي قراءة وفهماً واقتناعاً. وقد ذاع في المصادر ‏ بما لا يدع مجالاً للشك ‏ أن 
الشيخ ناصر ووالده قد اتخذا من السلوك طريقة لهما في الحياة» وكأنهما كانا يعمّقان ذلك 
المشرب الذي وجد في الثقافة العمانية من حيث اصطناعه لهما شعاراً وطريقة. ولعل 
هناك عوامل دعت إلى اتخاذ تلك الطريقة» منها ذلك النسب الذي وقفنا عنده فيما سبق من 


(5المسدار الباق ضنة15 

(2) اطلعت على نسخة منه في مكتبة معالي السيد محمد بن أحمد البوسعيدي بالسيب ويقع في مئة واثنتين وثلاثين 
صفحة من القطع المتوسط. مكتوب بخط واضح بالأسود والأحمرء وهذا من الكتب الواجب دراستها وتحقيقها 
استكمالا لمشروع نشر كتب الشيخ ناصر تتاف . 

(3) سبائك اللجين؛ مخطوط وا. 


حيث الاتصال المباشر بإمامين من الأئمة» مما ولد إحساساً ثقيلاً بحجم المسؤولية الدينية 
الملقاة على عاتقهماء وضرورة حمل تلك الأمانة بإخلاص وتأديتها كما هي بلا زيادة أو 
نقصان. ومن هذه العوامل الثقافة الدينية الخاصة التى تلمّاها الوالد والابن» واختيارهما 
خافن ارهد لاس فضي نيفق مه العاف .هرا عامجا على تطي ينا ادا 
بدقة» ومنها أيضا الاقتناع الكامل بتلك الوجهة في الحياة التي تؤثر الخلوة والعزوف عن 
الملذات» وهو مما يتلاءم مع تركيب شخصيتهما ومنحاهما في الحياة. وقد بِيّن لنا الفاضل 
أحمد بن سعود السيابي معالم ذلك الاتجاه الذي تبناه الوالد وولده وهو يقوم على «عمق 
التأمل في الوجود والتعمق في علم الكلام والفلسفة والمنطق والخلوة وكثرة الأوراد»("". 
ونلاحظ أنه يجعل من هذا التوجه مدرسة يسميها «المدرسة الجاعدية أو البونبهانية» وهذه 
المدرسة صاحب فكرها العلامة الرئيس أبو نبهان جاعد بن خميس الخروصى.. وبعد وفاة 
أبي نبهان حمل ابنه الشيخ ناصر.. فكر تلك المدرسة'2» وهذا هو الذي رأيناه متحققاً في 
سيرة الشيخ ناصر وكتبه على حد سواء. 

ومن الضروري أن نقف عند نقطة أكدها الفاضل السيابى وهى قوله: «.. حتى إن 
الأباضية لم يظلقو اغا الك التو اسه التضيوفهزل أطلهر اعليه ايت انوك فالشتعز 
الذي تكون فيه نزعة صوفية يسمونه شعر السلوك»””. ونحن نعلم أن السلوك مصطلح 
ينضوي تحت مصطلحات الصوفية التي يكثرون ذكرهاء ويرتبط به مصطلح آخر هو 
(الطريق)» ويتحدثون عنه بتفصيل؛ غير أن ما يهمنا منه هو معرفة مدلوله الصوفي الذي 
سنرى أنه يقترب كثيراً من المدلول الذي اختاره الاتجاه الجاعدي شعاراً له؛ فالسلوك هو 
«اتهذيب الأخلاق ليستعد العبد للوصول بتطهير نفسه عن الأخلاق الذميمة مثل حب الدنيا 
والجاه ومثل الحقد والحسد والكبر والبخل.. وبالنهج على الأخلاق الحميدة مثل العلم 
والحلم والحياء والعدالة»)؛ وهو أيضاً «انتقال من منزل عبادة إلى منزل عبادة بالمعنى 
وانتقال بالصورة من عمل مشروع على طريق القربة من الله إلى عمل مشروع بطريق القربة 


(1) بحثه عن أبي مسلم البهلاني» ص١5.‏ 
(2) بحثه عن أبي مسلم البهلاني» ص!ا5. 
(3) بحثه عن أبي مسلم اليهلاني» ص51. 
(4) معجم مصطلحات الصوفية؛ د. عبد الحليم الحفني» ص133. 


إلى الله بفعل وترك؛ وانتقال بالعلم من مقام إلى مقام'''» ومن تجلّ إلى تجلٌء والمنتقل 
هو السالك22)؛ فالسالك إذا هو «العبد الذي تاب عن هوى نفسه وشهواتها واستقام في 
طرق الحق بالمجاهدة والطاعة والإخلاص»26. فالسلوك والتسليك وفق ما تقدم هو 
#تربية الإإنسان الروحية الذهنية كما تظهر على مستوى السلوك النفسي.. وهو تدريس على 
المستوى العملي يتمتع بكل ما للتدريس من مناهج وثوابت»7*): وفصّل المتصوفة الحديث 
عن أنواع السلوك والسالكين» وشققوا الموضوع تشقيقا خصبا مفيدا مما لا مجال لإيراده 
هنا””". ويقترب من مصطلح السلوك مصطلح آخر هو الطريق الذي «يختصر جملة الطريق 
إلى اللهء لذلك كان من الشمول بحيث تندرج تحته التجربة الصوفية بكاملها ابتداء من 
تنبه القلب من غفلته مروراً بمجاهدة النفس ورياضتها وصولاً إلى النشاط الروحي وتفتح 
فعالياته)90). 


ولا يخفى على المدقق العلاقة الوثقى سواء أكانت لغوية أم روحية بين السلوك 
والطريق. فإذا علمنا بعد ذلك أن التصوف' هو «العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله 
تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال 
وجاه والانفراد عن الخلق فى الخلوة والعبادة»), نقول إذا علمنا هذا أدركنا التشابه بين 


(1) المقام هو ما يتوصل إليه العبد عن طريق الأعمال. ويرد معه مصطلح الحالء وهو لا يكتسب بالأعمال؛ وإنما هو 
منة إلهية يمنها الرب للعبد. ينظر ابن الفارض والحب الإلهىء د. محمد مصطفى حلمى؛ ص 171ء وينظر بتفصيل 
عكر كنات النيوطى والتضوفه د عبد الشالق مجموة صر ق8: ١‏ 

(2) ينظر المعجم الصوفيء د. سعاد الحكيم؛ ص 585. 

(3) معجم ألفاظ الصوفية» د. حسن الشرقاوي. ص232. 

(4) المعجم الصوفي. د. سعاد الحكيم» ص721. 

(5) ينظر المرجع السابق» ص585 وما بعدها. 

(6) السابقء ص 721-720 وينظر كذلك موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي. د. رفيق المعجم. ص 573. ففيه 
تفصيل واف. 

(7) في تعريف التصوف مشكلة كبيرة بسبب كثرة الحدود التي يقدمها المتصوفة له. وقد جمع الأستاذ نيكلسون 
ثمانية وسبعين تعريفاً له غير أننا نأخذ هنا جوهره وتجربته الباطنية فحسب. ينظر تاريخ التصوف الإسلامي» 
د. عبد الرحمن بدوي؛ ص 15!., وما بعدها فقد ساق كثيرا من تلك الحدود. وينظر كذلك كتاب الحركة الصوفية 
في الإسلام. د. محمد علي أبو ريان» ص18., وما بعدهاء فقد أورد خمسة عشر تعريفاً للتصوف مع مناقشتها 
وشرحها. 

(8) مقدمة ابن خلدون. 3/ 1097. 


مدلول المصطلحين إلى حد كبير من حيث إن السلوك هو التطبيق العملي لجملة الأفكار 
التي آمن بها السالك وراح يطبقها على نفسه. ويبدو لي أن هناك أسباباً حدت بالفكر 
ا ل ل ا ا 


بالشخصية. والرغبة في التميز؛ فجميع يع الفرق إلا في حالات نادرة' 2 تتخذ من هذا 
المصطلح شعاراً لهاء فآثر الفكر الإباضي مصطلحاً هو من داخل التصوف نفسه غير أن له 
عفرت وااقية وا تك اممطالها له 


وسبب ثان استضأنا فيه بملاحظة أوردتها الدكتورة سعاد الحكيم وهي قوها: «ولْ يهتم ع الصوفة 
قبل القرن السابع الهجري بتدوين مصنفات في السلوك بل دونوا في الفكر الصوفي وعاشوا وفقا 
للسلوك الصوفيء ولم تتعدد المؤلفات في التصوف العملي والسلوك إلا بعد القرن السادس - 
السابع الهجري حيث دخل التصوف مرحلة التربية الصوفية ومناهج التسليك»". فكأن الفكر 
الإباضي أراد في وقت متأخر أن يشارك في هذا الموضوع فوجد أمامه نقصاً في جانب ووفرة في37) 
جانب آخر فآثر الأول لكي يزيده ثراء وخصوبة. وهناك سبب ثالث أكاد أذهب إلى أنه أهم 
الأسباب وأقواها ويتمثل في كون السلوك ومدلوله العميق يشير إلى النقاء الذي ظل محتفظا به من 
حيث التحامه الوثيق بالشريعة وأحكامها ورغبة الإنسان في اتخاذ طريق معين لعبادة ربه يتمثل 
في الخلوة» وتلاوة القرآن والأوراد فحسب. في حين اختلط التصوف ومدلوله بمؤثرات أجنبية 
أبعدته عن منبعه الصافي» وهو الزهد, وأدخلته في مسارب فكرية متشعبة أوصلت بعض الفقهاء 
إلى اتهام بعض الصوفية بالكفرء وهو ما نأى الفكر الإباضي بنفسه عنه. واكتفى بالسلوك منهجا 
وطريقة وتفاعلاً مع الحياة وأحدائها©. 


(1) تحدث الدكتور عمر فروخ عن الغرباء والسياحينء والنورانية» والمقريين» وهي مصطلحات مرادفة للمتصوفة 
غير أنها لم تنتشر كانتشار التصوف والصوفية, ينظر كتابه التصوف في الإسلام؛ ص25» ويشير د. كامل الشيبي 
إلى أن الزهاد في الشام يسمّون جوعيينء ينظر كتابه الصلة بين التصوف والتشيع؛ /١‏ 339. ومعلوم أنْ الجوع 
واحد من وسائل المتصوفة للوصول إلى الحقيقة مثل العزلة» ولبس الخشن من الثياب وغيرها. 

(2) المعجم الصوفي. ص712. 

(3) من المهم أن نشير هنا إلى أن هذا الجانب بحاجة إلى مزيد من الدراسة والبحث كي تتضح الصورة ويستقيم 
المنهج. وليس هذا موضعه. 

(4) ومما يساعد على هذا تأكيد القشيري أن «كل شريعة غير مقيدة بالحقيقة فغير مقبولة. وكل حقيقة غير مؤيدة 
بالشريعة فغير مقبولة»» ينظر الرسالة القشيرية 1/ 261, ولم يقل القشيري هذا الكلام إلا بعد رؤيته أناسا من 
الصوفية يتخففون من الفرائض. ويذهبون في كلامهم مذاهب توحي بالخروج على أحكام الشريعة. 


ولعلنا - بعد ما تقدم - نستطيع القول إن الشيخ ناصراً قد سار على نهج والده 
طلباً وسلوكاء وعرف له الآخرون تلك المنزلة التي وصل إليها فأصبح يشار إليه 
على أنه من علماء عمان الكبارء غير أن السلوك الذي اتخذه منهجا وطريقة ظل 
هو" النة اليم ة لمكا كه العليةة إذ نهد ملمدلء الكلاية السدتى سعيدديا لفان 
الخليلي يصفه فيقول: «ولما اطلع على نظمها'' العالم الرباني2 والبحر النوراني.. 
أبو محمد ناصر ابن العلامة المولوي الولي أبو نبهان جاعد بن خميس الخليلي 
الخروصي»:”؛ فنرى العلامة الخليلي يصفه بالعالم الرباني والبحر النوراني؛ 
ويصف والده بالمولوي”*. والولي!» وهي من مصطلحات الصوفية والسلوك؛ ويلح 
ابن رزيق هو الآخر على مثل هذه الأوصاف يطلقها على الشيخ ناصرء فهو المولوي. 


(1) مقاليد التصريف أرجوزة طويلة في علم الصرف نظمها العلامة الخليلي ثم شرحها بنفسه. وهناك دراسات قامت 
عليهاء ينظر بحوث الندوة التي أقيمت تكريماً له بالمنتدى الأدبي» سنة 1994م. 

(2)ووصفه الشيخ سالم السيابي كذلك بالشيخ الرباني في كتابه أصدق المناهج. ينظر ص57. 

(3) مقاليد التصريف. 1/ 3» ومن المفيد أن نشير هنا إلى أن العلامة الخليلي نفسه وصف بالقطب وذلك على لسان 
الشاعر الكبير أبي مسلم البهلاني حيث تحدث عنه في ديوانه فقال: (لم يتصل بي كيفية تبتل سيدي القطب 
الخليلي...) وأعادها ثلاث مرات. ينظر ديوان أبي مسلم. ص153. 

(4) المولوي من كان من أتباع المولوية وهي طريقة صوفية تنسب إلى مؤسسها جلال الدين الرومي المتوفى سنة 
2 للهجرة: ويلقب بمولاناء وتسمى الجلالية نسبة إليه أيضاًء ويلحظ الدارسون تقارباً بين جلال الدين الرومي 
وابن الفارض في سلوكهما الصوفي وقولهما بوحدة الشهود وهي غير وحدة الوجود التي قال بها غيرهماء وهي 
نهاية الطريق الصوفي من حيث وصول الروح إلى عوالم بعيدة والدخول في مناطق حساسة بغير امتزاج بالحق 
كما قال غيرهمء وهذا قول المتصوفة المحافظين على الشريعة» فهل يوصف الشيخ ناصر ووالده بالمولوي 
نسبة إلى المولوية بسبب اقترابها من ابن الفارض من جهة وتمسكها بأهداب الشريعة من جهة أخرى؟ أم أن 
المولوية - كما هو معروف - تجيز وراثة الطريقة فقد ظلّت مستمرة في أبناء جلال الدين» وأحفاده. ونراها هنا 
في الشيخ ناصرء ووالده الشيخ أبي نبهان؟ هذا الموضوع محتاج إلى مبحث مستقلء ينظر عن المولوية ووحدة 
الشهود. ووراثة الطريقة» دائرة المعارف الإسلامية مادة (مولوية) بالإنجليزية؛ مدخل إلى التصوف الإسلامي؛ 
د. أبو الوفا الغنيمي» ص 213, وما بعدهاء في التصوف الإسلامي. نيكلسون. ص152» وما يعدهاء وابن الفارض 
والحب الإلهيء د. محمد مصطفى حلمي. ص10., ومعجم العالم الإسلامي؛ ص6022. وما بعدهاء وللدكتور عبد 
القادر محمود رأي مخالف لما تقدم. ينظر كتابه الفلسفة الصوفية في الإسلام. ص514 وما بعدهاء والصلة بين 
التصوف والتشيع, د. كامل الشيبي؛ /١‏ 476. 

(5) الولى: هو من تولى الحق أمره وحفظه من العصيان. ومن توالت طاعته من غير أن يتخللها عصيان؛ وهو العارف 
بالله وضفاته بحست ها يمكن : المواظب عق الطاعاك المتكنى مين المعاضل + يق فدات الصلوقةة 
الكاشاني. ص76 مع مصادر التحقيق. ْ 

(6) ينظر الفتح المبينء ص150. 


والقطب7): والولى © والصوفيى2: وتجد هذه المصطلحات مكاناً رحبا فى كتنب 
الصوفية يديرون عليها معانيهم ومراتب السلوك عندهم. نلمح من جهة أخرى عند 
التدقيق في عنوانات كتب الشيخ ناصر اتجاهاً صوفياً واضحاًء فنحن نقرأ مشلاً: كتاب 
الإخلاص*». وكتاب مبدأ الأسفارء وكتاب الكشف. وكتاب المعارجء وكتاب منتهى 
الكرامات» وكتاب الع العلى. وكتاب سلامة الخال030 ومعلوم أنْ تلك العنوانات ذات 
مدلولات سلوكية فمن الضروري أن تضم مادتها مباحث مقاربة للعنوان إن لم تكن مطابقة 
له. فالسفرء والمعراج» والكرامة. والسرّء والكشف من مصطلحات القومء والشيخ ناصر 
يعلم هذا حق العلم» ولم يكن ليولي هذا الجانب اهتمامه من التأليف لولا رسوخ قدمه فيه 
علماً وذوق©». 


-4- 


لم يكن غريبا بعد ما تقدم أن يتصدى الشيخ ناصر لشرح شعر ابن الفارضء» ويختار 
قصيدتين له هما من عيون شعره؛ ونحن نعلم ‏ والشيخ ناصر كن يعلم قبلنا"' أن سن 


(1) ينظر سبائك اللجينء ابن رزيق» مخطوط. و115»ء ومما يذكر هنا أن الشيخ جاعد بن خميس وصف في مواضع 
كثيرة بالقطب الربانيء ينظر الشعاع الشائع باللمعان.ء ص69 على سبيل المثال» والقطب هو الواحد الذي هو 
موضع نظر الله من العالم في كل زمان. ينظر اصطلاحات الصوفية؛ الكاشاني. ص153. مع مصادر التحقيق. 

(2) ينظر سبائك اللجينء. و3. 

(3) المصدر السابق» و1. 

(4) هو كتاب (الإخلاص بنور العلم والخلاص من الظلم)» وقد وصل وقام بتحقيقه وكتابة مقدمة جيدة له الفاضل/ 
إبراهيم بن يحيى بن حمدان العبري. وقدّمه إلى كلية دار العلوم - قسم الفلسفة الإسلامية» سنة 1998م؛ رسالة 
جامعية لنيل درجة الماجستير. وستكون لنا معه وقفات. لكون الشيخ ناصر يشير إليه مرات في هذا الكتاب. 

(5) ينظر الفتح المبينء ص150. 

(6) إن كتب الشيخ ناصر بحاجة إلى بحث خخاص يكون أشبه بالتمهيد من حيث معرفة أماكن وجودها ونسخها 
ووصفها وصفا علمياء وتكون نقطة البداية قصيدة ابن رزيق التي أشرنا إليها سابقاء والثبت الذي صنعه الباحث 
إبراهيم بن يحبى العبري وهذا ما قصدناه بالتمهيد. أما تتمة العمل والدخول فيه فيتمثلان في تحقيق هذه الكتب 
تحقيقاً علمياً ونشرها خدمة لهذا الاتجاه في الفكر والأدب بعمان, الذي لم يوله الدارسون عناية كبيرة. 

ام ا اا ا ا ان 
رأيه فيه» يقول الشيخ ناصر: « ... واعلم أنَّ كل علم عند الله تعالى عظيم سحّر له إنساناً يحته ويتعلمه. .اناهن 
فيه فيظهر على لسانه بأفصح وأحكم حكمة في الفصاحة فيصير عالم الوجود معجزة لغيره من بعده إلى يوم 


الفارفن الامكائتة الظاهرة اللاسة بي المتضوفة :كما يدن رأنا لكتعراء الصضوفة مث 
العرب»'". وهكذا فقد استكمل الشيخ أدواته بأنواعها جميعاً: القراءة والفهم من جهة. 
والسلوك والذوق من جهة أخرى فليقم بهذا العمل كما قام به آخرون قبله. غير أننا نود هنا 
تقديم لمحة موجزة عن اعتناء الشراح بديوان ابن الفارض يكون عونا على كشف عمل 
الشيخ ناصرء وتضعه في محله السليم بين أعمال أولئك الشراح. 

ونقرر بداية أنه لم يظفر ديوان من دواوين الشعراء العرب بعناية الشراح كى| ظفر ديوان ابن 
الفارض. فإذا استثنينا دواوين بعض الشعراء الكبار مثل المتنبى والمعري الذي نال ديوانه الأول 
(سقط الزند) عناية الشراح عل حين ل كنظ ديوائه الثاني (اللزوميات) بعناية تذكره ويدخل في 
هذا الاتجاه ديوان الحماسة لأبي تمام» نقول إذا استثنينا تلك الدواوين وهي قليلة جدا بالقياس 
إلى الجمهرة الكبيرة من الدواوين التي وصلتنا فإن شعر ابن الفارض يقف في المقدمة من حيث 
الاهتهام والشرح. ومن الممكن تقسيم عناية الشراح بالديوان قسمين كبيرين: يتمثل الأول في 
شرح الديوان كله ويبدو الثاني في شرح قصيدة واحدة, أما الأول وهو شرح الديوان كله فقد 
وصلتنا شروح مختلفة له لعل أشهرها شرح حسن البوريني» وعبد الغني النابلسي» وقد جمع رشيد 
بن غالب الدحداح اللبناني هذين الشرحين في كتاب واحد سماه ( شرح ديوان ابن الفارض) 
ضم فيه شرح البوريني برمته مع نبذ من شرح النابلسي عند كل بيت. ووضع إشارات تعين على 
التفرقة بين الشرحين» ومن شروح الديوان أيضاً شرح أحمد المخزنجي وعنوانه (المدد الفائض 
عن شرح ديوان ابن الفارض)» وشرح أمين الخوري المسمى (جلاء الغامض في شرح ديوان 
ابن الفارض)» ومن الشروح الحديثة شرح كرم البستاني. ود. عبد الخالق مجمود. ود. إ اهيم 
السامرائي. 

أما القسم الثاني فهو شرح قصيدة واحدة من الديوان» وقد نالت القصيدة الميمية التي 
مطلعها: 

شربنا على ذكر الحبيب مدامة 0 سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم 


القيامة. ولا شك أن هذا الناظم في هذا العلم هو معجزة لجميع خلق الله تعالى ما خلا #بكٌ...». وهذا كلام 
طويل» وهو يبيّن مكانة ابن الفارض عند الشيخ ناصرء والاتجاه السلوكي عموما. 
() ابن الفارض والحب الإلهي. د. محمد مصطفى حلمي. ص 7) وفيه ترجمة وافية لابن الفارض. 


والتائية الكبرى”' التى مطلعها: 

نقول: نالت تينك القصيدتان”/ اهتمام الشراح فقامت حوهم| شروح كثيرة» وقد شرح القصيدة 
الأولى داود بن محمود القيصريء ومحمد بن محمد الغمري واسمه الزجاجة البلورية في شرح 
القصيدة الخمرية» والمولى علمشاه عبد الرحمن وغيرهه!. وحظيت التائية الكبرى بنصيب أكبر 
من عناية الشراح إذ زادت شروحها على العشرة منها شرح داود القيصري» وشرح عمر بن أحمد 
الغزنوي؛ وشرح سعيد الدين الكاساني الفرغاني» وشرح عبد الرزاق القاشاني وغيرها”» ولم يكن 
الشيخ ناصر بعيداً عن ذلك كله إذ يصرح في مقدمة هذا الكتاب أي إيضاح نظم السلوك با يلي: 
«.. وأقوى وأجل وأشرف نظم عرفناه في هذا العلم نظم الشيخ العارف أبي حفص عمر بن الشيخ 
أبي الحسن علي بن المرشد بن علي الحموي نسبا والمصري مولدا.. وهو المعروف بابن الفارض» 
وأعظم ما نظمه في العلم منظومته التائية وهي التي سم|ها نظم السلوك»”). فهو يعلم جيداً مكانة 
ابن الفارض الشعرية. ومنزلته بين شعراء التصوف. ولم يقتصر الاهتام بابن الفارض على الشيخ 


(1) يذهب د. عاطف جودة نصر ومعه جمهرة من الدارسين إلى أن ابن الفارض هو «أستاذ الفن التائى فى الشعر 
الغري: وقلك اله استسدت قستدفه؛ الأول القادة الطكرئ: والناية القاعة الكترى العرو فدابيانة الستلرك 
وقد نسج على منواله في هذا الفن صوفية آخرون كإبراهيم الدسوقي. وقطب الدين القسطلاني؛ والسيد أحمد 
البدوي. واحتذوا حذو ابن الفارض في التعبير عن آرائهم'؛ ينظر كتابه شعر عمر بن الفارض. ص 306. ولذلك 
فليس غريبا أن يتأثر شعراء السلوك العمانيون - كما سنرى - بابن الفارض أسوة بغيرهم من شعراء هذا 
الفكرت: 

(2) من المفيد أن نشير هنا إلى أن الإمام جلال الدين السيوطي قد شرح القصيدة اليائية لابن الفارض في كتاب سماه 
(البرق الوامض في شرح يائية ابن الفارض). ومطلع اليائية: 

سائق الأظعان يطوي البيدطي منعماعرج على كثبان طي 
ومنه نسخ مخطوطة في القاهرة» ودمشقء والمغرب. وقطرء ونعمل على تحقيقه الآن. 

(3) من المفيد أن نشير هنا إلى أن هناك شروحا بالفارسية لهذه القصيدة؛ ينظر ابن الفارض والحب الإلهي. ص 
١ .101‏ 

(4) ينظر عن هذه الشروح ابن الفارض والحب الإلهي, د. محمد مصطفى حلمي. ص90. وما بعدهاء وتائية ابن 
الفارض وشروحها العربية» د. عبد الخالق محمود. رسالة ماجستير لم تنشر. جامعة القاهرة. ص 26, وما بعدها. 
وفيها تفصيل مفيد لتلك الشروح؛ ومن الضروري أن نؤكد هنا على أن أغلب الذين تصدوا لتلك الشروح إن لم 
يكونوا كلهم من ذوي المشرب الصوفي؛ فكأنهم كانوا يسيرون في أرض هم عارفون خباياها سابرون أعماقها. 

(5) إيضاح نظم السلوكء و1. 


ناصر وحده بين العلماء والشعراء العمانيين!1) بل لعله تلقى ذلك الاهتمام من والده الشيخ جاعد 
الذي نراه «متأثراً إلى حد كبير بمنهج ابن الفارض في تائيته نظم السلوك»2» ولاسيها في قصيدته 
الشهيرة (حياة المهجح) التي شرحها هو بنفسه «لشدة غموض وعمق أفكارها»!. ونرى العلامة 
سعيد بن خلفان الخليلي يشرح هو الآخر أبياتاً من قصيدة ابن الفارض الميمية التي مر ذكرها!, 
كا أن تأثر الشيخ سعيد في شعره «بسلطان العاشقين في الأدب العربي ابن الفارض ولاسيما في 
نونيته الكيرى»!5) واضح بين «مع ملاحظة أنه قد أسهب في ذكر أخبار الأنبياء والمرسلين أكثر 
من ابن الفارضص2©. أما الشاعر الكبير أبو مسلم البهلاني فله التائية المعروفة المثبتة في ديوانه اللتي 
بلغت عدتها نحو ألف وستائة بيت» ولا شك أنه ينظر فيها إلى تائية ابن الفارض الكبرى. غير 
أنه جعلها مقاطع تكفل كل مقطع بواحد من أساء الله الحسنى و«دعاه سبحانه في هذه القصيدة 
بجميع أسائه الحسنى وتوسل إليه فيها"!7. ومطلعها: 
هو الله باسم الله تسبيح فطرتي هو الله إخلاصي وفي الله نزعتي””) 


(1) ولعل للفظة السلوك الواردة في عنوان القصيدة علاقة باعتناء العلماء والشعراء العمانيين بهاء لكونها تتشابه مع ما 
اخختاروه لأنفسهم من منهج هو (السلوك). 

(2) اتجاهات الأدب العماني في العصر الحديث؛ د. علي عبد الخالق, رسالة دكتوراه لم تنشره ص334. 

(3) المرجع السابق» ص334. 

(4) حقّق هذا الشرح محمّق هذا الكتاب. ونشره في الجزء الثالث من كتابه (الأدب في الخليج العربي). 

(5) و 60) شعر سعيد بن خلفان الخليلي, إعداد الفاضلة شريفة اليحيائي؛ رسالة ماجستير لم تنشره ص65. 

(7) العمانيون وأثرهم في الجوانب العلمية والمعرفية بشرق أفريقياء سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام 
السلطة. ص 186. وينظر كذلك تطور الأدب في تُمان؛ د. أحمد درويشء ص187. 

(8) ديوان أبي مسلم؛ ص 42؛ وما بعدهاء ومما يذكر هنا أن شاعرا يمنياً من شعراء التصوف هو أبو بكر السقاف المتوفى 
سنة 992 للهجرة قد عارض تائيتي ابن الفارض الصغرى والكبرى بتائيتين من نظمه مما يشير إلى اهتمام المناخ 
الصوفى بابن الفارضء ينظر عن تائيتى السقاف بحث د. عبد الله محمد الغزالى (أبو بكر السقاف وتائيته) المنشور 
في مجلة معهد المخطوطات العربية؛ القاهرة» المجلد 40 الجزء الثاني؛ نوفمبر سنة 1996م» ويضاف إلى ما تقدّم 
أن شاعراً من شعراء القرن التاسع هو عبد القادر بن محمد. وشهرته ابن قضيب البان نظم تائية طويلة عارض بها تائية 
ابن الفارضء ينظر الموسوعة الصوفية. ص482. كما إِنّ شاعرا من شعراء القرن الثامن ن الهجري هو عامر البصري 
قد نظم تائية هو الآخر على غرار نائية ابن الفارض بلغت عدتها خمسمائة وستة أبيات» ونراه يصرح في مقدمتها أنه 
ينسج على منوال ابن الفارض في تائيته فيقول: (... فإنه لما رأى الإخوان.. ما تضمنته قصيدة أبي حفص عمر بن 
الفارض... التائية في علم التوحيد من النظم الفائق.. التمس مني المقرب لدى منهم.. ترتيب قصيدة على وزن تلك 
القصيدة ورويّها)» ينظر تائية عامر البصري. ص 20؛ ونجد مبحثاً غنياً عن عامر وتائيته وعقيدته في كتاب الصلة بين 
التصوف والتشيع؛ د. كامل مصطفى الشيبي؛ 2/ 115 وما بعدها مع مصادره. ولم يكن القصد إحصاء مَنْ عارض 
ابن الفارض في تائيته» فهم كثر غير أن هذه الشواهد تشير إلى شهرة التائية» وانتشارها. 


ومن الضروري أن نشير هنا إلى أن أولئك الشعراء والعلماء العمانيين حين تأثروا بابن الفارض 
وغيره من شعراء المنصوفة ومؤلفيهم إنما اختاروا مايلائم عقيدتهم ومذهبهم, وقد ألمحنا إلى هذا 
فيا سبق, وهذا اختاروا مصطلح السلوك, ونأوا به عن الحلول» ووحدة الوجود وما إليهما ذلك 
مما قاله فيه بعض المتصوفة, كم أن ابن الفارض نفسه ينضوي تحت ذلك التيار «المتمشي مع أصول 
الدين» المحافظ على تعاليم الكتاب والسنة»!') ومن هنا جاء ذلك الاهتام به من لدن الشعراء 
والعلماء العمانيين للتوافق بينهم|: منطلقا ونتيجة. 


5-8 


ين المسرد السريع الذي قدمناه سابقاً عن اهتمام الشراح بشعر ابن الفارض أنهم حين تصدوا 
للشرح في القسم الثاني كانوا يكتفون بشرح قصيدة واحدة من شعره. وعليها تقوم كتبهم. فإذا 
انتقلنا إلى التتخصيص قلنا إنهم حين تصدوا لشرح التائية الكبرى أفردوا الكتاب برأسهلهالم يخلطوه 
بقصيدة أخرى, وفي الوقت عينه لم تظفر التائية الصغرى بشرح منفصل كالذي رأيناه مع الكبرى؛ 
غير أننا في عمل الشيخ ناصر نجد أنفسنا إزاء عمل مختلف تماماء وقبل الدخول في تفاصيل 
هذا العمل نقف عند واحد من أشهر شراح التائية هو عبد الرزاق الكاشانيء فبعد أن يسهب 
في الحديث عن مكانة التائية» وأهميتها الصوفية يتحول ليبين جهده معها فيقول: «فانبعثت مني 
دواعي التقرب إليها والاستئناسء واستنطقتها للإيناس بعد الإياس حتى إذا أنست بمجاورتي 
وأخذت من مسامرتي طفقث أنضو نقابَ تعززها بيد التوحيد. وأكشف حجابّ تمنعها بأيدي 
العأبيد:واخل معاقد ذررها وماد غزوه ستعانا «العانق والتحفيق وأنام التاما.والتدفيق:: 
فلما تصفحتها مراراً وقلبتها أطواراً واحتظيت بمعانيها على قدر ما قدر لي من الاستعداد 2 
وجدتها مبنية على قواعد العلم والعرفان منبئة عن نتائج الكشف والوجدان»”» إلى أن يقول: 
«.. ولم أرجع في إملائه إلى مطالعة شرح له كي لا ترتسم في قلبي رسوم وآثار تسد باب الفتوح 


(1) ابن الفارض. والحب الإلهي. د. محمد مصطفى حلمي. ص42. 

(2) يرجى ملاحظة الأسلوب الذي يستخدمه الكاشاني الذي يقوم على المجازات والتصويرء وينحو نحو الزخرفة 
وتعميق ظلال الألفاظ. وهذا هو شأن أسلوب الصوفية في كتاباتهم ولاسيما المتأخرين منهم؛ ومن هنا اتصف ما 
قدموه بالعمق والخصوبة.؛ واللغة المتميزة مقترنة بالمضمون العميق. 

(3) كشف الوجوه الغرء 1/ 9-8. 


وتتشبث بأذيال الروح فأتلو حينئذ تلو الغير وأحذو حذوه في السير»"!'. وبعد أن يقدم بين يدي 
الشرح بعشرة فصول تنضمّن مباحث مختلفة يقول: «.. وإذ بلغ الكلام هذا المبلغ لزم تقصير 
أذياله فلنرجع إلى المقصود من الشرح الموعود للقصيدة التي مطلعها قوله..2'2)» ثم يسوق البيت 
الأول ويبدأ بشرحه. ونحن مع إعجابنا بذلك الشرح الفريد الذي وظف فيه صاحبه لغة خاصة 
ذات إيحاءات وظلال؛ مع خصوبة جلية في التأويل» واصطناعه منهجاً خاصا به لم يتأثر فيه بسابق 
عليه ى| أشار هو بنفسه. نقول على الرغم من ذلك كله فإنه يسلك مع بقية الشروحء ويقوي ما 
ذهبنا إليه في بداية الحديث؛ وهو أن الكتاب كله قام على شرح التائية الكبرى وحدهاء وقد صنع 
هذا الصنيع كل من تقدم الكاشاني وتأخر عنه. وكأنهم وجدوا ضالتهم في تلك القصيدة من 
حيث كشفها مقاصد ابن الفارضء وتصوير حالاته. واستبطان مقاماته التي تنقل فيها واحدا 
بعد واحدء وليس في هذا كبير غضاضة غير أن الشيخ ناصر يختط لنفسه نهجاً مختلفاً وهنا تكمن 
الأهمية» وتتمثل معالم هذا الاختلاف في أن الشيخ قد جمع في كتابه قصيدتين لابن الفارض لا 
واحدة. هما التائيتان الصغرى والكبرى وعليها أقام كتابه. ولا نقول شرحه لأنه هو بنفسه اختار 
لفظة الكتاب كما سنرى لاعتبارات كثيرة» ولنسلك الطريق من أوله. 


يبين الشيخ ناصر علاقته بشعر ابن الفارض قبل الشروع في تأليف هذا الكتاب فيقول: 
«واعلم أني لما نظرت إلى منظومة هذا الشيخ واعتبرت معانيها فكلم| لاح لي معنى من معاني شيء 
من بيوتها رسمت تحته بأشد إيجاز تذكرة لنفسي لئلا يغيب علي حين أ*مل أمرهاء ولم يكن القصد 
ليكون كتاباً باقياً بعدي, وم أرسم غير تقديم لفظ البيت بمعناه وهو الذي قصدت بيانه لنفسي لا 
شرح المعاني» فإنه لو شرح كل بيت ما يحتمله من المعاني لأفضى إلى مجلدات كثيرة”7' وللحقّ قارثه 


(1) كشف الوجوه الغر 1/ 9. 

(2) السابق» 46/1. 

(3) لعل الشيخ يومئ هنا من بعيد إلى تلك القصة التي وردت في ديباجة ديوان ابن الفارض وملخصها أن أحد 
الشيوخ من معاصري ابن الفارض. وكان من أكابر علماء زمانه؛ استأذن ابن الفارض في (شرح قصيدة نظم 
السلوك. فقال له في كم مجلد تشرحها؟ فقال: في مجلدين. فتبسم ابن الفارض وقال: لو شئت لشرحت كل 
بيت منها في مجلدين)» وعلى هذا سيكون الشرح ألف مجلد ويزيد وهو مما ليس في طاقة البشرء ينظر الديوان» 
الكبرى الأخير: (.. ولو أمليت لك شرح هذا البيت ومعانيه ومعاني معانيه لأفضى شرحه إلى ألف مجلد) ينظر 
إيضاح نظم السلوك و147. 


33 


الملل»''"» ونحن نشعر منذ الوهلة الأولى بنبرة التواضع التي تشع في الكلام السابق» فهو يبدأ بداية 
متواضعة من حيث إنه لم يرده كتابأء بل أرادها تعليقات على الأبيات يحتفظ بها لنفسه لتكون عونا 
له إن أراد العودة إلى الشعر بعد حين. فهل بدأ الشيخ بصنع الجزازات» وكل جزازة هي الشرح 
المبدئي البسيط للبيت, وتتوالى الأبيات» وتتكاثر بعد هذا الجزازات فالشروح؟ فقه النص يشير 
إلى هذاء غير أنه لم يكتف بهذا الحد» بل انتقل إلى عمل آخر كان النواة لهذا الكتاب؛ ولعله رأى أن 
ماعلتنه به على الأبيات لم يكن كافيا فاتخذ وجهة أخرى مصغيا لنصيحة من نصحه. واقتناعاً منه 
بهذا النهج الجديد» يقول: «..واعلم أن الشيخ بدأ بنظم السلوك من غير أوله بل من مراتبه العلية 
بقوله: سقتني2), وأوهمت صحبي”, وهو قصد نظم السلوك إلى الله تعالى كله فكان ابتداء سلوك 
صحبه الذين ذكرهم لم يأت ابتداء سلوكهم وعرف أنه كان ينبغي له غير ذلك فعمل ا رأساً!. 
وبدأ بالسلوك من أوله في مائة وثلاثة أبيات/؟ للمواصلة؛ ونحن أحبينا أن نبتدئ بإيضاحه من 
أوله. وأشار علينا بعض الإخوان بترك الكتاب لمن يأتي ويشاء النظر فيه فأجبته وجمعته وسميته 
كتاب إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك وجزيته ثلاثة أجزاء»*, هل نفهم من قوله 
السابق أنه يرى القصيدتين * شيئاً واحداء وأنه لا بد لمن يريد التصدي لشرح الثانية أن لا ييتسنى 
له ذلك إلا بعد شرح الأولى. كان لول وسيل الدخول إلى عالم الثانية؟. نحن نعلم أن من 
الباحثين من ذهب إلى أن التائية الكبرى اليست إلا ترجمة لحياة الشاعر الروحية كتبها عن نفسه 
بنفسه» وقصّ فيها ما تعاقب عليه من أطوار الحب وما عاناه من ألوان الرياضات والمجاهدات» 
وما خضع له من ضروب المحن والآلام في كل طور من هذه الأطوار»”2» أو هي «وصف لمعراجه 


(1) إيضاح نظم السلوك, وا. 
(2) يشير الشيخ ناصر إلى الكلمة الأولى من بيت التائية الكبرى الأول وهو: 
سقتني حميا الحب راحة مقلتي وكأسي محيا من عن الحسن جلت 
(3) ويشير هنا إلى الكلمتين الأولى والثانية من بيت التائية الكبرى الثاني وهو: 
وأوهمت صحبي أن شرب شرابهم سر سري في انتشائي بنظرة 
ينظر ديوان ابن الفارض» ص84. وما بعدها. 
(48 رسا بركقاية تمهيدا أومهدغيلة. 
(5) هذا هو عدد أبيات التائية الصغرى. وهي في الديوان كذلك كما ذكر الشيخ ناصر مئة وثلاثة أبيات؛ ينظر الديوان» 
ص 80-71. 


(6) إيضاح نظم السلوك؛ واء نلاحظ هنا أن الشيخ يشير صراحة إلى عنوان كتابه النهائى» وهو ما سنقف عنده يعد 
ذل فى'تويق به الكنات إلى الشيخ اضر 
(0) ابن الفارض والحب الإلهيء. د. محمد مصطفى حلمي. ص93. 


الروحى نظاماً»17» كما نثر فيها ابن الفارض «اختباراته الشخصية وسرد أحواله النفسية سردا 
عداعن الاتشمة وللم 10" وهل يفا أذامن الاين عن ماك طريفا حون ادر 
أن التائية الكبرى «جماع لبقية قصائده التي تبدو كتجارب جاهدة ومحاولات غير تامة في سبيل 
وصول الشاعر إلى غايته» فلو رتبت جميعها ترتيبا نفسيا متسامقا وطبيعة التجربة الصوفية لجاءءت 
نقاطاً صاعدة على خط بياني واحد تتربع التائية على قمته علامة وصول إلى النهاية والغاية)!7, 
وهى أيضا انباية مطاف السير الحثيث للشاعر في طريق حبه الإلمى.. فهى مهذا محصلة بقية قصائد 
الديوان التي تمثل تجاربه القاصرة عن بلوغ الغاية»2), انول تسن تقل هذا وكثرة أخرى من 
الدارسين كان ها رأيها القريب من الرأيين السابقين» ولكن الشيخ ناصراً يختط لنفسه طريقاً ثالثا 
يختلف عن الطريقين السابقين» ويرى أن هذه الحياة الروحية لابن الفارض في أطوارها الأولى ‏ 
تبدأ في التائية الكبرىء أو قصائد الديوان كلها كما رأيناء بل يراها متمثلة في تائيته الصغرى فقطء 
ومن هنا توجب سلوك الطريق من أوله؛ والوقوف عند الصغرى للملاحظة ذلك التطور الروحي 
ورصده. ك] أنه يعدل هنا عما قرره سابقاًء فقد أخذ بنصح من نصحه. وجعل من القصيدتين 
وشرحهما كتابا ذا ثلاثة أجزاء بحسبان أنبم| شيء واحدء فهو ليس شرحاً بالمعنى المباشر للشرح بل 
رصد للتطور الروحي لابن الفارض من خلال القصيدتين. 

وقبل الدخول إلى منهج الكتاب نقف عند أمرين نراهما مهمين يتعلقان بالتائية الكبرى 
وحدها. أما الأول فيتلخص فيما يراه الشيخ ناصر من أن ابن الفارض «ركب جميع كلامه 
فيها على هذه الرواية المروية التي حكاها رسول الله عي عن الله تعالى وجعل قاعدتها 
ومنتهاها في شرح ثلاثة أسماء الله تعالى من أسماء ذاته وصفة رابعة من صفات ذاته جل 
وعلا وهي السميع والبصير والقدير ولم يزل متكلماء وقال وهذه بلا آلة التعريف هي 
صفات ذات المرء التي هي عقله فهو سميع بصير قدير متكلم» وجعل الله تعالى هذه 
الذات وآنها فى فى الشقرقة سنيعة بضيزة مخلفة قديزة ؤرها كان العقل عتاكو اك ويزية 
الشيخ ناصر بالرواية المروية التي حكاها رسول الله مل عن الله تعالى قوله: "كنت كنزاً 
(1) في التصوف الإسلامي. نيكلسنء ص120. 
(2) التصوف في الإسلام. د. عمر فروخ.ء ص138. 
(3) تائية ابن الفارض وشروحها العربية» د. عبد الخالق محمود. رسالة ماجستير لم تنشر. ص2. 


(4) المرجع السابق» ص15. 
(5) إيضاح نظم السلوك و!. وسئقف بتفصيل فيما بعد عند هذه القضية الكلامية المعقدة. 


لم أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت خلقاً كي أعرف فبي كانوا وبي عرفوني» وما تقرب 
عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وإذا تقرب مني عبدي بفرائضي وبالنوافل شبرا 
تقربت منه ذراعاً وإن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً.. ولا يزال يتقرب إلي بفرائضي 
وبالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته توليت أمره وكنت سمعه الذي يسمع به ويصره الذي يبصر 
به ولسانه الذي يتكلم به ويده التي يبطش بها..2/2» ومن المفيد أن نشير أولاً إلى أن هذا 
الحديث القدسي قد أفاد منه الصوفية كثيراً قبل ابن الفارض وبعده في حديثهم عن الحب 
الإلهي2 أي حب الله للعبد من جهة؛ وحب العبد لله من جهة أخرى. غير أن توجيه الشيخ 
ناصر له من حيث علاقته بابن الفارض يقوم على أمرين: أولهما أن السمع والبصر والقدرة 
بهذا الوصف الوارد فى الحديث هى مواهب من الله للعبد المحبء ولن يصل إلى هذه 
المرحلة إلا بعد قطعه طريقاً طويلاً من المجاهدات والرياضاتء غير أن هذا الوصول 
إلى هذه المرتبة - وهو الأمر الثاني - لا يسقط عنه التكاليف والفرائض بدلالة استمراره 
القيام بها والإلحاح على هذا الاستمرار» فكأن الشيخ ناصر يرى أن ابن الفارض والاتجاه 
السلوكي الذي التزم هو به موافق لأحكام الشريعة؛ آخذ منهاء معتمد عليهاء وكأنه من جهة 
أخرى ينفي عنه ما اتهم به من خروج على الشريعة. وهكذا يتبدّى لنا هنا بقوة ما أشرنا إليه 
سابقا من اكتمال القصيدتين»؛ إذ وصل ابن الفارض إلى مرحلة متقدمة من طريقه الصوفي 
في التائية الكبرى» وعلى هذا سيقوم هو برؤية القصيدتين بنظرة تكاملية تكشف لنا بدايات 
ذلك الطريق الذي بدأ في الوصول إلى نهايته في الكبرى؛ ولن يتحقق هذا الكشف بغير 
الرجوع إلى التائية الصغرى فهي بداية الطريق وأوله. 

أما الأمر الثاني فهو عنوان القصيدة إذ نرى الشيخ ناصراً يقدم لها عنواناً يكاد يكون جديداً ل 
نره في المصادر التي بين أيديناء يقول: «.. وأعظم ما نظمه ابن الفارض في العلم منظومته التائية 
وهي التي سماها نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك؛ وكلمة حضرات نحن اخترناهاء وإلا فهو 
سماها إلى خدمة ملك الملوك:'©. واعتمادا على هذا سمى كتابه (إيضاح نظم السلوك إلى حضرات 
ملك الملوك) كما صرح بذلك هو بنفسه. ولابد من الوقوف قليلاً عند هذا العنوان (الجديد) الذي 


(1) إيضاح نظم السلوك,. وا. 
(2) ينظر حول هذا الموضوع كتاب ابن الفارض والحب الإلهيء د. محمد مصطفى حلمي. ص 173. 
(3) إيضاح نظم السلوك؛ وا. 


يذهب إلى أن القصيدة هي (نظم السلوك إلى خدمة ملك الملوك)» وهو مخالف للوثيقة التي بين 
أيدينا في ديباجة الديوان التي كتبها سبط ابن الفارض»ء ويقدم لنا فيها مراحل تسمية قصيدة جده 
إذ كان عنوانها أول ما نظمت (أنفاس الجنان ونفائس الجنان»» ثم صار اسمها (لوائح الجنان 
وروائح الجنان)؛ ثم ينقل سبط ابن الفارض عن أبيه عن جده أنه رأى رسول الله هيك «في 
المنام وقال له: يا عمر ما سميت قصيدتك؟ فيجيب ابن الفارض: سميتها يا رسول الله : (لوائح 
الجنان وروائح الجنان). فيقول رسول الله : بل سمها نظم السلوك فسميتها بذلك6"". ولم نقف 
عند رؤية الشاعر لرسول الله 6 في المنام فهذا يخرجنا عما نحن فيه؛ غير أن العنوانات السابقة 
تختلف اختلافاً تنأ عما اختاره الشيخ ناصر إذ يصرح بأن ابن الفارض هو الذي سماها (نظم 
لسارت ل حدت بللف الراك ) قهز يقنم الح اضر عتوانا بجذوادا معتمد! عل مهيا درام تطلخ 
عَلتهامة واوا الثانة؟ وخضوضا أن هله الجمهرة من الدارسة مكاوين دياك ادير اناي 
سقناها قبل قليل معتمداً في عنوانات القصيدة باعتباره نصأ موثقاً ذا سند صحيح لا يفصل بين 
السبط والجد سوى الابن, والثلاثة لا يوصفون بكذب. أو تغيير لانتفاء أسبابه وحرصهم: الابن 
والسبط على تأدية ما قاله ابن الفارض كم جاء على لسانه بلا تغيير لاعتبارات كثيرة: دينية وأسرية 
وما إليهاء وللمسألة وجه آخر يتمثل في عنوان خامس للقصيدة يقدمه أحد أشهر شراح التائية 
وهو عبد الرزاق الكاشاني إذ يسمي شرحه (كشف الوجوه الغر لمعاني نظم الدر)» ولا تهمنا تتمة 
العنوان وهي (شرح تائية ابن الفارض الكبرى المشتهرة بنظم السلوك) فهذا من صنع المطبعة؛ 
لأن الكاشاني نفسه يصرح باسم كتابه فيقول: «.. في قصيدته - أي ابن الفارض - الغراء المسماة 
بنظم الدر»2. ويقول: «وسميته - أي الشرح - كشف الوجوه الغر لمعاني نظم الدر»”, فهذا 
عنوان خامس للقصيدة هو (نظم الدر)» وهذا ما يجعلنا نتوقف عن القطع في هذه المسألة» واعتبار 
العنوان الذي تبناه الشيخ ناصر أحد العنوانات التي أطلقت على القصيدة في انتظار دراسة مستقلة 
للعنوان وحده؛ ويبقى أمر آخر معلق لا نستطيع البت فيه وهو السبب الذي حدا بالشيخ إلى 
إحداث ذلك التغيير في العنوان باختيار لفظة بدل أخرى فهذا ممالم يبّنه لنا. 


اصطنع الشيخ ناصر منهجاً خاصاً به في تأليف هذا الكتاب يقوم على الترتيب والتنظيم» 
(1) ينظر ديوان ابن الفارضء. ص !8. 27 وينظر شرح ديوان ابن الفارضء /١‏ 7-6. 


(2) كشف الوجوه الغره ص7 وص9. 


الأجزاء فالأبواب» وتسبقها مقدمة» فكأنَ هناك خيطاً خفياً ينتظم الجميع ليوصل إلى النهاية فنراه 
يعالج في المقدمة مجموعة من القضايا هي أدخل فيها عرف بتصنيف العلوم''" غير أنه يستند إلى 
آية وحديثء أما الآية فهي قوله تعالى: (وَمَا حَلَفتٌ لفن وَالإنى إلا ليمْبدُون (12)*. وأما الحديث 
فهو حديث المعرفة الذي مدّ سابقاء وينطلق منهما ليقول «.. وهذا يدل على أن الله تعالى عالم 
الغيب والشهادة لم يخلق الخلق إلا لأجل العبادة كما شاء من عباده2!0' ويقسم العبادة بعد هذا 
: ثة أقسام هي : اكشفي وهو علم التوحيد. . والقسم الثاني الحقيقة وهو علم الباطن» والقسم 
الثالث الشريعة»*» وكأنّه يذكرنا بئة بتقسيم ذي النون المصري للمعرفة من أن قسمها الأول «حظ 
مشترك بين عامة المسلمينء وثانيها معرفة خاصة بالحكاء والعلماء؛ وقسمها الثالث خاص 
بالأولياء الذين يرون الله بقلوهم»”؛ وهو تقسيم سنجد له صدى في كتابات من جاء بعد ذي 
النون من حيث تفرقتهم بين علوم الشريعة والحقيقة» ويعمق الشيخ ناصر بعد هذا حديثه عن 
هذه العلوم من حيث وسائل اكتسابها فيراها تتمثل بثلاث طرق هي «طريقة وسائل الشريعة؛ 
وطريقة وسائل التجريد من الحقيقة» وطريقة المكاشفة براية المحبة»؟' ويفصل الحديث عن هذه 
الطرق بقوله «فأما علم الشريعة وأقسامها فقد تكفل كثير من العلماء بتشريحهاء وأما علم الحقيقة 
طريقة ووسائل التجريد وطريقة ة المكاشفة براية المحبة فأقل بيانا وإن تكلم فيها بعض العلماء نثرا 
ونظما فكلامهم فيها أشد غموضاً من كلام العلماء في علم الشريعة الظاهرة»'7) ويخرج بعد هذا 
إلى تبيان أن أقوى ما عرفه من نظم في هذين العلمين الأخيرين هو تائية ابن الفارض الكبرى. 
ومن الواضح أن الشيخ ناصرا يفيد كثيراً من التراث الصوفي!؟) المعتدل الذي قرأه بإمعان ودقة 


بحر امي الخاره نويا د لددية فى اث اللزريع وتو ب لاس وال رود أب ينا ريا عرز 
تشير إلى استيعاب واستقصاءء. ورؤى خاصة أيضاء ينظر على سبيل المثال كتاب إحصاء ء العلوم للفارابي وما كتبه 

ابن خلدون في المقدمة. وغيرها. 

(2)الذاريات: 56. 

(3) إيضاح نظم السلوك؛ وا. 

(4) المصدر السابق» و1. 

(5) ينظر الصلة بين التصوف والتشيع. /١‏ 97» ومدخل إلى التصوف الإسلامي. ص 101. 

(6) إيضاح نظم السلوكء و!. 

(7) المصدر السابق» و[. 

(8) أطلق المتصوفة على (علمهم) أسماء كثيرة مثل علم الباطن. وعلم الحقيقة؛ وعلم الدراية وغيرها وهي كلها تقابل 
الشريعة, أما التجريد الوارد في النص فيراد به التوجه بالكلية إلى الله سبحانه ونزع الشهوة للدنيا وزخرفها استعدادا 
للسفر في الطريق الطويلء ينظر عن هذه القضاياء ديباجة ديوان ابن الفارض. ص 20, ومدخل إلى التصوف الإسلامي. 


فطالما تحدث المتصوفة عن علاقة التصوف بالشريعة من جهة, واتخاذهم طريقة تختلف عنها في 
عبادة الله من جهة أخرىء كما أن ابن خلدون وهو يقدم تصورأ لعلوم عصره تحدث عن علوم 
الشريعة ورأى أنها صنفان: «صنف مخصوص بالفقهاء وأهل الفتياء وصنف مخصوص بالقوم - 
يريد الصوفية - في القيام بهذه المجاهدة, والكلام في الأذواق والمواجد العارضة في طريقها»!!). 
ولم يخرج الشيخ ناصر عن هذا المعنى» بيد أنه أضاف إليه تلك الصعوبة والعسر اللذين يتميز 
بها العلمان الثاني والثالث بحسبان أنهها يصدران عن تجربة شخصية؛ ويستخدمان مصطلحات 
خاصة لا يعرفها على وجه الدقة إلا أهل هذا الطريق وحدهم. ولذلك نراه يعود مرة أخرى فيقدم 
تقسيأ آخر للعلوم مستنداً فيه إلى حديث لرسول الله # هو (أعطاني رب ثلاثة علوم: علم أمرت 
بتبليغه وهو علم دينه تعالى» وعلم خيّرت بين كشفه وكتمانه وهو علم الحقائق وعلم أخذ علي 
بكتمانه وكل ذلك في الكتاب المبين)2)» ومع ملاحظة إشارة الحديث الواضحة إلى ارتباط 
تلك العلوم بالقرآن الكريمء أو بتعبير القوم اتكاء الحقيقة على الشريعة» نقول إن الشيخ ناصرا 
يتخذ من هذا الحديث وسيلة عملية لتبيان طريقة تعامله مع شعر ابن الفارضء والخطوات التي 
سيسلكها في شرحه القصيدتين. ونستطيع تبين ثلاثة معالم رئيسة تنتظم الشرح كله؛ أما المعلم 
الأول فهو «صفة مزج المعنى بتقدير ألفاظه"0» أي إنه سيعمد إلى النظرة الكلية للشعر القائمة 
على البحث عما وراء المعنى الظاهري الذي تشى به الألفاظ وهو الذي «طلب نفسه إلى معرفته 
من نظم هذا الناظم في منظومته»!* على اعتبار أن «الفطن تلوح له المعاني إذا انفتح له التقدير»!5 
ويريد بهذا أنه لن ينظر إلى الشعر الذي بين يديه نظرة تقريرية جافة؛ وإنما سينظر إلى التركيب 
باعتباره نصاً مفتوحاً يمثل تأويلات متعدّدة» وعلى هذا فهو سيأخذ بالتأويل لكن بنوع واحد منه 
وهو القريب الذي يحتمله الشعرء وهذا هو المعلم الثاني إذ يقول: «واعلم أن ها تأويلا باطنا خفيا 
علوياً سماوياً روحانياً وتأويلاً ظاهراً جسدانياء ونحن اكتفينا بالجلي الظاهر الممكن فهمه بالغالب 
د. أبو الوفاء الغنيمي» ص96 وما بعدهاء والصلة بين التصوف والتشيعء د. كامل الشيبي؛ 413/1 و417. 
(1) مقدمة ابن خلدون, 3/ 1099. ولابن خلدون كلام نفيس حول هذا الموضوع بسطه في المقدمة. فلينظر هناك. 


(2) إيضاح نظم السلوك. و2. 

(3) المصدر السابق» و2. 

(4) إيضاح نظم السلوك. و2, ولعلٌ الشيخ كان مصيباً فيما ذهب إليه من إمكان إساءة الظن به لدى بعض المتعلمين. 
إذ لدينا إشازات كفيرة تنه إلى ضرورة الحذر في التعامل مع ألفاظ القوم واصطلاحاتهم على اعتبار أنها ذات 
خصوصية ومدلولات معيلة. 

(5) المصدر السابق. 


من العقول السليمة وأعرضنا عن الباطن.. ومن توغل فإنه يلوح له من باطن ما نورده فإنه يكون 
له كالإقليد»”''. ويقدّم لذلك النهج سببا هو أن التفسير الباطن «ربما إذا وقف عليه الغالب من 
المتعلمين تقصر عقوهم فإما أن يصوّروا ما لا يجوز وإما أن يسيئوا بنا ظنا!2)» وكأنَّ الشيخ ناصراً 
أراد هذا الكتاب للكافة لا تقتصر عليه النخبة فقط» غير أنه ترك الباب مفتوحاً لذوي الأفهام 
العميقة السابرين غور التراكيب فأمامهم فسحة واسعة كي يتأولواء ويمعنوا في التأويل» فالنص 
خصب يعين على هذاء والشرح منفتح على الدلالات جميعا لا يمنعه التحفظ والتوقي اللذان 
أرادهما الشيخ من الانطلاق والعطاء؛ ولم يكن بمقدور الشيخ ناصر أن يصنع غير هذا فهو مرتبط 
بالشريعة وأحكامها من جهة, وهو من جهة أخرى أمين على النص الطويل الذي بين يديه فليس 
له إلا أن يقولء وعلى المتلقي أن يسمع ويتأول وهذا شأن الكتب والشروح التي تمكث في الأرض 
تنفع الناس. 

أما الْمَعْلم الثالث والأخير فهو قيام الكتاب كله. وانطلاق الشروح جميعها من فكره 
الإباضي الذي يمثله خير تمثيلء فهو واسع العلم به خبير بدروبه فليس له إلا أن يتخذه 
هادياً ويجعل من مباحثه صوىّ في طريقه الطويل الذي سيقطعه مع ابن الفارضء فنراه 


(1) المصدر السابق. والإقليد الوارد في النص هو المفتاح؛ ومن المفيد أن نوضح هنا أنَّ الشيخ حين يتحدث عن 
(إساءة الظن) إنّما يصدر عن علم واسع بما رمي به القوم جل ميم سوا عا راو الممحاقة ابوت بد 
وقت مبكر في الإسلام حتى إننا نقرأ قولاً لعلي بن الحسين ؤي مفاده أنه «لو علم أبو ذرٌ مافي قلب سلمان لقتله 
وقد آخى رسول الله بينهماء ٠»‏ فما ظنكم بسائر الخلق»؛ على اعتبار أن لسلمان جانباً في علم السرّء ومثله قول أبي 
هريرة: «حفظت من رسول الله من وعائين. فأما أحدهما فبثثته. وأما الآخر فلو بثنته لقطع هذا البلعوم», ينظر عن 
هذا كله مع شرحه : الصلة بين التصوف والتشيع» 31/1» وما بعدهاء إن هذا وأمثاله يرد في هذا الموضع. والشيخ 
ناصر يحترس خشية من سوء الفهم. : 

(2)و22) المصدر السابق. والإقليد الوارد في النص هو المفتاح. ومن المفيد أن نوضح هنا أن الشيخ حين يتحدث 
عن (إساءة الظن» إِنْما يصدر عن علم واسع بما رمي به القوم قبله من تهم بسبب عباراتهم المستغلقة» وكان هذا 
منذ وقت مبكر في الإسلام حتى إننا نقرأ قولاً لعلي بن الحسين وود مفاده أنه لو علم أبو ذرَ ما في قلب سلمان 
لقتله وقد آخى رسول الله بينهماء فما ظنكم بسائر الخلق» على اعتبار أن لسلمان جانباً في علم السرّء ومثله 
قولأ أبي هريرة: : لاحفظت من رسول الله من وعائين» فأما أحدهما فبثثته. وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم»» 
ينظر عن هذا كله مع شرحه : الصلة , بين التصوف والتشيع» 1/ 231 وما بعدهاء إن هذا وأمئاله يرد في هذا الموضع. 
والشيخ ناصر يحترس خشية من سوء الفهم. 

(3) يرصد الشيخ ناصر ظاهرة مهمة تبدت في شروح التائية الكبرى وهي استغلاقها على الفهم وتوظيف مصطلحات 
يرو كير وال ام ادا مد 9 ميم التعامل معها سوى النخبة» وفي هذا يقول الدكتور محمد مصطفى 
حلمي عن أولئك الشراح إن (بعضهم لم يسلم من الجموح والشطط ومسايرة الهوى؛ والذهاب في تأويل كثير 

من الألفاظ تأويلاً هو أبعد ما يكون عن المعاني التي تنطوي عليها)» ينظر كتابه ابن الفارض. ص95. 


40 


يقول: «..وقد شرح بعض من تلامذة تلميذ الناظم بشرح سماوي أغمض معاني شرحه أشد 
غموضاً من معاني النظم وأبعد على الفهم بأضعاف مضاعفة!!" فصار كأنه لا فائدة فيه إلا 
للعارف لمعاني النظمء والعارف لمعاني النظم غير محتاج إلى الشرح. فسهلته بألفاظ قريبة 
ولم أرد أن أورد معانيه التي أوردها للخلاف الذي بيننا وبينهم» فاخترعت لها معاني ظاهرة 
بين موافقة للاستقامة لأن النظم يحتملها في التأويل وما لا يصح في ميزان الاستقامة!2) 
فليس بتأويل لكلام»”)» ومكمن الأهمية في هذا الكلام يظهر في قضية الخلاف التي أشار 
إليها بينه وبينهم وهو يحتمل شيئين: خلاف مذهبي وهو ما ألمعنا إليه سابقاء وخلاف 
منهجي وهو أشبه بالنتيجة للخلاف المذهبيء فكأن أخذه بنهج معين في السلوك يتعامل 
به مع القصيدتين أبعده عن تلك الشطحات والتهويمات» وتقديم شروح توحي بالانخلاع 
من الشريعة وتدخل في المحظور. كما هو عليه الحال في الشروح المتقدمة» فهذا كله مما 
سيبتعد عنه هذا الكتاب. وفيه تأكيد على النهج المستقل الذي سيتخذه. 

أشرنا فيما سبق إلى أن الشيخ قسم كتابه ثلاثة أجزاء وجعل لكل جزء عنواتاء أما الأول 
فهو «في تخليص النفس والروح إلى مراتب الكمال براية محبة المريدين»» وفيه يبين 
استعداد ابن الفارض لسلوك الطريق» وأخذه بالوسائل من تجريد. وقطع العلائق بالدنيا 
وزخرفها تمهيداً للسفر الطويل. والجزء الثاني «في كمال النبي 2 براية محبة المرادين 


(1) يرصد الشيخ ناصر ظاهرة مهمة تبدت في شروح التائية الكبرى وهي استغلاقها على الفهم وتوظيف مصطلحات 
مويه قروا سوام لق رخاضة ا وستطيم التعاما. حها يبري الجتيت ول هادا يفر ل الد كور بحن مميطتي 
حلمي عن أولئك الشراح إن (بعضهم لم يسلم من الجموح والشطط ومسايرة الهوى. والذهاب في تأويل كثير 

من الألفاظ تأويلاً هو أبعد ما يكون عن المعاني التي تنطوي عليها). ينظر كتابه ابن الفارض. ص 95. 

(2) أهل الاستقامة هم أتباع المذهب الإباضي ولا تزال هذه العبارة مستعملة للدلالة على المذهب الإباضيء ينظر 

الإمامة عند الإباضية؛ مالك بن سلطان الحارئي. ص 288 وفي رائعة أبي مسلم في رثاء العلامة نور الدين السالمي 


التي مطلعها: 
ري بالمنونمقارض الأعمار ولحيناتها ‏ تعدو إلمن "التمحار 
إشارة إلى الاستقامة حيث يقول: 
مهلاًهمامالاستقامةماالذي غخادرت عن فول ومن إدغتاز 
إرجع فإنالاستقامةأرملت إرحهم يتيمك وهو دين الباري 


ينظر ديوانه. ص !331 وللعلامة أبى سعيد الكدمى كتاب بثلاثة أجزاء عنوانه (الاستقامة). بحث فيه قضايا فقهية 
(3) إيضاح نظم السلوك؛ و2. 


وفي التوحيد لله المجيد». ويعمد فيه الشيخ إلى توضيح مقاصد الشاعر عن الحقيقة 
المحمدية ومنزلتهاء وبداية الاقتراب من التوحيد بمعناه الصوفي, وأما الجزء الثالث 
والأخير فهو في «مقامات الحقيقة وفي التوحيد وفي كمال النبي 2#». وكأنَ هذا الباب 
ثمرة للبابين الاين من حيث نجح الرياضيات واللبداف ا الف 0000 الشاعر إلى غايته 
في الكشف ومعرفة التوحيد الحقيقي. 
وهذا التتابع البديع للأجزاء يشير إلى مرافقة الشيخ الدقيقة لسلوك ابن الفارض وتطوره 
الروحيء وتنقله بين المراحل مرحلة فمرحلة مما نراه مبسوطاً في التاننتين» ولميرق للضي 
أن يترك هذا التعميم الذي نلحظه واضحاً على الأبواب فاتخذ من داخلها فصولا وأبواباً 
أوصلها إلى سبعة وعشرين فصلاً وجعل لكل واحد منها هي الأخرى عنواناء فالباب 
الأول «فى الانتباه من رقدة الجهالة وسنة الغفلة» والباب الثانى «فى المكاشفة بمشاهدة 
جمال السعردا والثالث «في الاتصال بالمحبوب بوقفة لاقل في طريق مكةاء 
وبالباب الثاني عشر يبدأ الجزء الثاني من الكتاب وهو «في سفر النبي عي وهو السفر الرابع 
المخصوص به'. وكأنّه يشير إلى إسرائه ومعراجه #. ويبدأ الجزء الثالث بالباب التاسع 
عشر وهو «في التوحيد بمعرفة الذات الإلهية وفي مقامات الحقيقة والسلوك». وينتهي 
الكتاب بالباب السابع والعشرين وهو «في التنبيه على التوحيد الإلهي». ومن الضروري أن 
نشير هنا إلى أن الشيخ ينتهي من شرح التائية الصغرى في الباب الثالث؛ ويبدأ بالكبرى عند 
الباب الرابع» وفي هذا تأكيد لما ذهب إليه من أن التائية الصغرى هي رأس وبداية السلوك 
على حد قوله إذ استغرقت الفصول الباقية وهي أربعة وعشرون فصلا بقية الكتاب. وفيها 
وقف عند التائية الكبرى بأبياتها التي بلغت معان وواحداً وستين بيتاء ويبدو جلياً لنا 
ذلك الجهد الضخم الذي بذله الشيخ ناصر لا في متابعة رحلة ابن الفارض وحدهاء 
وإنما في تشقيق مراحل تلك الرحلة أيضاء ووقوفه عند كل مرحلة مشيرا إليهاء وملاحظا 
الفروق الدقيقة بينهاء ومنبهاً على أن هذه الرحلة من خلال الرياضات والمواجيد تتجه 
صاعدة إلى الأعلى في تهذيب الروح. وتصفيتها تمهيداً لقطف الثمرة مما هو معروف 
عن غايات التصوف الكبرى. ويضاف إلى ما سبق تلك الوقفات التي تطول أحياناً فتبلغ 
صفحات حين يفردها للحديث عن مصطلح معينء أو مناقشة قضية كلامية» أو ردّ على 
بعض المخالفين» وهو يصطنع لتلك الوقفات هيئة منهجية تتمثل في استخدامه مصطلح 


(بيان)؛ فكأنَ هذا (البيان) أشبه بإشارة منه إلى أنه سيستطرد قليلاً لإيضاح ما مرّ بحسيان 
أنه لم يستوف الحديث عنه في الكلام السابق» وقد كثرت هذه (البيانات) حتى من الممكن 
جعل بعضها مباحث منفصلة بسبب اكتمال منهجيتهاء ووضوح غاياتها. 

5 


ولعلٌ ما تقدّم يفسح المجال قليلاً للوقوف عند ظاهرة أشار إليها بعض الدارسين» وهم 
يتحدّئون عن مسيرة الحياة الفكرية» والأدبية في عمان» ونعني بها العزلة الثقافية» فهم يذهبون 
اعتهاداً على مقولة المركز والأطراف إلى أن عمان من أقاليم الأطراف, وهذا يستتبع بالضرورة عزلة 
ثقافية من نوع ماء وقد وقفت عند ظاهرة العزلة المكانية في بحث سابقء وما جاء فيه أنْ «التراث 
العاني في أغلبه ... يصدر عن الفكر الإباضيء وهو المذهب اللمنتشر بعمان منذ زمن قديم .. 
وعلماء الإباضية أنفسهم لا يتكرون مجموعة من القضايا تيز مها المذهب ... مثل التمسّك بالكتاب 
والسّنة» والعمل بها جاء فيهماء والمحافظة على الفرائضء ورفض السلطة المتجبّرة الظالمة» وهو 
مربط الفرس في هذا الموضعء ويحدّئنا التاريخ العماني عن كثرة الحروب. والنزاع الذي وقع بين 
السلطة الحاكمة» وأهل عمان بسبب رفضهم سياسة القهر والبطش التي يرونها مخالفة لأصول 
الشرع. ونجد هذا منذ عهد معاوية بن أبي سفيان الذي لم يكن له في عمان سلطان على حدّ قول 
حقق كشف الغْمّة)!!)» ويستمر هذا الأمر إلى وقت متأخر حتى إِنْنا نجد اللغوي الشهير أبا بكر 

بن دريد المتوقى سنة 321 للهجرة ة يوثق في شعره ما نزل بأهل عمان من كوارث على يد محمد بن 
نور عامل الخليفة العبامي المعتضد, حتى إن ابن رزيق يصف ما وقع وصفاً مسهبآً ف أن سين 
نور «استولى على كافة عمان» وفرّق أهلهاء وعاث في البلاد. وأهلك كثيراً من الحرث والأولاد .. 
وجعل على أهلها النكال وال هوان» ودفن الأنهار» وأحرق الكتب2*2, ما يشير إلى | ستمرار النزاع» 
والاختلاف بين السلطة المركزية» وعمان وقد تولّد عن هذا الواقع ما نستطيع تسميته بالاكتفاء 
الداخلي باعتباره نوعا من الحاية الذاتية وفق قانون التحدي والاستجابة» فالدولة على مدى 
قرون متطاولة تعتنق مذهباً مختلفاًء ورأياً سياسياً مناقضاًء وسلوكاً مرفوضاًء وأهل عمان بالمقابل 


(1) ينظر الأدب في الخليج العربي. 3/ 541. 

(2) الفتح المبين.ء ص208: ويقول أيضاء ص216. : «... ولما ركدت زعازع بغي الخلفاء العباسيين عن عمان. 
وانقطعت مادتهم عنها بالبغي» والعدوان عقد أكابر عمان بالإمامة على الخليل بن شاذان». وينظر كذلك تاريخ 
عمان المقتبس من كتاب كشف الغمة.؛ ص54. وما يعدها. 


يمتلكون رؤيتهم المذهبية الخاصة» وموقفهم السياسي المنفصل عن السياق العام» فلا مفرّ عندئذ 
من اللجوء إلى الداخل تعتمل فيه الا تجاهات. وتتباين فيه الرؤى بعيدا عما يجري في الخارج. فإذا 
كان هذا صحيحاً من حيث البعد المكاني» والاقتناع بم| هو موجود في الداخلء والاكتفاء بالمخزون 
الذاتي. أقولء إذا كان هذا صحيحاً بالنسبة لما سبق» فهل يصحٌ من وجهة ثقافية أيضًا؟ بمعنى هل 
استتبع هذا الأكتداء انقطاعا ثقافيا. ومعرفيا عما يجري ني الخارج؟ إِنَ الإجابة المنهجية عن هذا 
السؤال تستدعي نخلا شاملا لمفاصل الحياة الثقافية في عمان تمتد لقرون. وهذا ليس موضعه هناء 
كنا أنه لسن يمك لشي راد أذ ينيف هذا العمل القير غير أن التوقت عند ورين كين 
من محاور الثقافة يمكن أن ينفخ الحياة في هذا الموضوعء ويوصل إلى نتائج يمكن الاطمئنان إليها 
بدرجة كبيرة» ونريد بالمحور الأول الطبّ والصيدلة؛ ونقصد بالمحور الثاني هذا الكتاب الذي 
بين أيدينا بحسبان أنه من أهمَ كتب (السلوك) التي وصلتناء وقد اعتمد فيه مؤلفه على علوم 
مختلفة ما كان له أن يتبحّر فيها لولا تواصل ثقافي ملموس بينه وبين الخارج هيّأ له الاطلاع على 
عشرات المصادرء سواء في التتخصص الدقيقء أو فيا هو قريب منه كما سنرى؛ مما أتاح له تحرير 
هذا الكتاب. 

وقد درست في مناسبة سابقة حركة الطبّ والصيدلة في عمان من خلال عائلة علمية 
صرفت جهدها لهذين العلمين هي آل هاشمء وقد وقف مطوّلاً عند أحد أعلامها الكبار 
وهو الطبيب الصيدلي راشد بن عميرة: ونخل ترائه العلمي الذي ما يزال مخطوطا ويقع 
بسبعة كتب» وتوصّل إلى أن هذا الطبيب ورث الطبّء والصيدلة عمّن سبقه» وأورثه مَنْ 
جاء بعده. وكان يعتمد الملاحظة. والتجربة في عمله مما يشي بإفادته من المراكز الطبية في 
عضر ف .وقيله فل ومقق ويقداف والقاهرة. وفارمن مع اطلاع كاف على المتكز العرين 
وغير العربي في الطب والصيدلة» ومصادرهما المعتبرة في هذين المجالين» ولذلك رأينا 
أسماء أعلام عربية وغير عربية» ومصادر عربية وغير عربية تتردّد في كتبه. وهو يفيد منهاء 
ومن التجارب والملاحظات. ويرد على بعض مَنْ سبقه في بعض الأحيان. ويضيف إليهم 
في أحيان أخرى ممنا يشير إلى تمكن ملحوظ» ورسوخ في هذين العلمين» ولا شاكٌ أنَّ 
توفر تلك المصادر قد وفد من الخارج على هيئة المخطوطات مما يقطع بوجود تواصل 
قوي بين ذاك الخارج وهذا الداخلء ولم يمنع ذلك التواصل اختلاف في الرأي أو ابتعاد 
في المكان. فالحكمة هي الضالة المنشودة فلتؤخذ من منابعهاء وهكذا كان. 


ويقال مثل ما سلف عن هذا الكتاب الذي يمكن اعتباره بامتياز ممثّلا لحركة التأليف في 
(السلوك) بمصطلح القوم هناء فليس الأمر تأليفاً وحسب. وإنما هو استعداد. واستكمال 
للأدوات» وأخذ بالعزم» وفي نص نادر ظفرت به في ثنايا المخطوط يشير الشيخ ناصر 
فيه إلى أن ابن الفارض «قد توغل في علم اللغة. والمعانيء والبيان» والمنطقء والفلسفة. 
والبديع» والعروض.ء والنحوء وكفى بسبك نظمه» وجناسه دليلاً على ما قلناه»» أقولء إذا 
كان ابن الفارض قد توغل في تلك العلوم على حدّ قول الشيخ ناصرء أفلا يحتاج كشف 
تلك العلوم والتنويه بها ومعرفة مواضعها إلى علم معادل. وتوغل مكافىء يكون بمكنته 
تحقيق ذلك الكشف؟ إِنَّ الجواب المنهجي لن يأتي إلآّ بالإيجاب, والكتاب كلّه معرض 
رحبء وفضاء متّسع يومئ إلى هذا الأمرء ويشير إليه؛ إذ نجد مفردات تلك العلوم ظاهرة 
مرّة هكذا عياناء ومستترة أخرى تدعم البناء العام للكتاب» ونضيف إلى ما ذكره الشيخ 
ناصر تفسير القرآن الكريم» والقراءات» والحديث النبويء والتاريخ» والفلك» ويقف 
(التصوف) هناك؛ و(السلوك) هنا في مقدمة تلك العلوم, إذ نجد الشيخ مطلعا على مصادره 
المعتبرة» وخابراً أسماء الصوفية الكبار» متتتعاً أخبارهم, وناقلاً الكثير من أقوالهم» هذا عن 
الظاهرء أمَا ما أشرنا إليه بالمستتر فنريد به تلك النظريات الفلسفية» والأقاويل الماورائية: 
والتصورات التي قامت عليها بنية التصوف بدءا من السالكء وانتهاءً بالقطب. وبين الاثنين 
(سفر) شاف متنوع ذو أفانين. وقد دخلت تلك النظريات الفلسفية التصوف. وخصوصاً في 
طوره المتأخر مثل نظرية المثال الأفلاطونية» والفيض الأفلاطونية» والحقيقة المحمدية. 
وغيرهاء إذ نجد الشيخ خبيراً بهاء موظفاً إياها خير توظيف في بناء كتابه» ومجارياً ابن 
الفارض في تلاوينه الروحية» وتحولاته الوجدانية» أمَا المصطلح الصوفي فقد كان الباقعة 
فيه (والباقعة الداهية من الرجال الخبير بالأمر على حدّ قول الخليل فى العين) أقول. كان 
الاقنة قهرم خف عامل يذه وا كد الدقة هه قات تأويلقيه المقدافة ركلا يعن 
تمييز الفروق الدقيقة بين تلك الأفواج المتتابعة من المصطلحات. ولم يتهيأ له ذلك بغير 
اطلاع على مصادره» وتدقيق في مظانه؛ ولا تنبسط هذه العلوم ذلك البسط بغير مكتبة كبيرة 
قدّمت له من الزاد أوفره. ومن الثمر أنضجه. وأعانته على دخول عالم ابن الفارض المت 
الجنبات» المتنوع الحسالك بقدم ثابتة» وخطوة راسخة. وقد تحمل المحقق إيضاح ذلك 
كلّه: الظاهرء والمستتر رادا المعالجات إلى أصولهاء وشارحاً المصطلح - وما أكثره - 


الذي يوظفه الشيخ ناصر في سبيل تقريب النّصء وتجلية مراميه. 

وتأسيساً على ما تقدّم فإنَّ ما يقال عن عزلة ثقافية عانت منها الحياة الثقافية في عمان 
موضوع بحاجة إلى إعادة نظر جادٌ وفق المقولات السابقة» والموضوع. بعدٌ بحاجة إلى 
درس واستقصاءء, غير أن ما سلف قدّم شواهد لا تدفع عن (الوهم) الذي يقع فيه بعض 
الدارسين» وهم يطلقون الأحكام جزافاء ومن الممكن أن يقال شيء قريب من هذا الكلام 
عن الجوانب الأخرى من تلك الحياة الثقافية - وهى كثيرة متنوعة - بغية استكمال الصورة. 
وتفدق المشهد بضورة مكاملة :وعد ذالهاايسدى هله الضورة على غير نا ستيه عند 
بعض الدارسين تماماء بل ستظهر وهى مزدانة بالتفاعل. مجدّلة بالتواصل أخذا بالشرائط 
الموهتوفية لاح جياه فكرية أدلية تيد الشعها البقاءووالامكبرارولم تكن" لياه الثقافية 
في عمان بعيدة عن ذلك البثّة. 


7 


كتاب (إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك) ثابت النسبة إلى الشيخ ناصر ابن أبي 
نبهان الخروصيء ولتحقيق هذه النسبة سلكنا ثلاثة طرق: أوها نسبة الكتاب إلى الشيخ عند غير 
واحد من الباحثين قديم| وحديثاء وثانيها تصريح الشيخ ناصر نفسه بنسبة الكتاب إليه. وثالثها 
ورود عنوانه الصريح في ثنايا الكتاب نفسه؛ وسنقف عند كل واحد من هذه الطرق تفصيلا. 

أمَا الطريق الأول فهو ورود نسبته إلى الشيخ ناصر عند جملة من العلماءء» والباحثين 
قديماً. وحديثاً فنرى ابن رزيق يسمّيه (كتاب تفسير نظم السلوك)'!)» وليس هناك من ضير 
في اختلاف التسمية؛ فهذه عادة قديمة درج عليها أصحاب كتب التراجم حين يسوقون 
الكتاب بعنوان مختصرء مثال ذلك كتاب ابن قتيبة الدينوري (المتوفى سنة 276 للهجرة) 
في الدفاع عن العرب. ومجادلة الشعوبية فنرى ابن النديم يسمّيه (التسوية بين العرب 
والعجم). ومثله القفطي. والذهبي. والصفدي. أمَا القاضي عياض فيسميه (كتاب العرب 
والعجم).؛ ومثله ابن فرحون. وابن حجر. أمَا صاحب العقد الفريد فيسميّه (كتاب تفضيل 


(0) ينظر الفتح المبين» ص132. 


العرب)؛ ويسمّيه صاحب الآثار الباقية (كتاب تفضيل العرب على العجم)'!» فهذه أربعة 
عنوانات مختلفة» غير أن الثابت فى اسمه هو (فضل العرب والتنبيه على علومها)؛ ويقال 
مثل هذا عن كتب كثيرة أخرى2 ليس هناك مجال التفصيل فيهاء فابن رزيق يختار من 
العنوان الكامل كلمتين» ويضيف إليهما كلمة من عنده جرياً على العادة السابقة التى أشرنا 
إليهاء ويتعرض الباحث سلطان بن محمد الحراصى” لهذا الكتاب» ويثبت نسبته إلى 
الشيخ ناصر اعتماداً على مخطوطته المحفوظة بوزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة 
عُمانء كما يشير إليه الباحث إبراهيم بن يحيى العبري» ويؤكد نسبته إلى الشيخ ناصر 
اعتماداً على مخطوطته المحفوظة بمكتبة معالى السيد محمد بن أحمد البوسعيدي» 
ويقطع فهرس مخطوطات وزارة التراث القومي والثقافة بهذه النسبة حيث يقول: «إيضاح 
نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك؛. الخروصي. ناصر بن جاعد بن خميس بن مبارك 
بن أبي نبهان772), فهذه الإشارات جميعها تؤكد هذه النسبة بما ليدع مجالاً للشكُ. 


ويتمثّل الطريق الثاني في تصريح الشيخ ناصر نفسه بنسبة الكتاب إليه؛ إذ جاء في نص 
نشرته تحت عنوان (نصٌّ في السلوك العُماني) للمحقق الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي. 
وهو من تلاميذ الشيخ ناصر كما مرّ بناء أقول جاء فيه أن المحقق الخليلي سأله عن المحبة 
بقوله: «... وسألت الشيخ ناصر بن أبي نبهان عن محبة الله لعبده» فقال: محبة الله شرحها 
طويل» وقد ذكرناها في كتايا الإخللاص بنور العلم والخلااص من الظلمء وذكرها 
السلوك إلى حضرات ملك الملوكء ولا يتّضح بيانها إلا ببيان أقسامهاء وأصلها», فها 


(1) ينظر تفصيل هذا الموضوع في مقدمة تحقيق كتاب (فضل العرب والتنبيه على علومها) بتحقيقي. ص0!. وما بعدها. 

(2) ينظر مقدمة تحقيق فضل العرب. ص !!ء وما بعدها. 

(3) ينظر (البعد الصوفى فى الفكر الإياضى)؛ رسالة دكتوراه غير منشورة, الجامعة الإسلامية العالمية» ماليزياء سنة 
7م ص 8. 0 ١‏ 

(4) تنظر مقدمة تحقيق كتاب (الإخلاص) للشيخ ناصر. رسالة ماجستير غير منشورة:؛ كلية دار العلوم؛ سنة 1998م. 
ص73. 

(5) ينظر فهرس مخطوطات الأدب». ص108. 

(6) الأدب في الخليج العربي؛ د. وليد محمود خالصء 3/ 441 ويضاف هنا أمر آخر هو أقرب إلى القرينة منه إلى 
الدليل» وهو تصريح الشيخ ناصر في ثنايا المخطوط باسم والده الشيخ أبي نبهان تنه وذلك حين يقول: «كما 
قال والدنا الشيخ أبو نبهان دنه في مرتبة التلوين»؛ ويسوق بيتاً من قصيدته الشهيرة (حياة المهج)» فهذا التصريح 

41 


هذا الكتاب» وقد وصل كتاب (الإخلاص». أما هذا الكتاب فهو يصرّح بنسبته إليه؛ ويختار 
له عنوانا قريبا من التمام يؤكد ما ذكرناه سابقا. 


ويبقى الطريق الثالث» وهو ورود العنوان الصريح في المخطوطينء فإذا علمنا أن واحدة 
من النسختين هي بخط المؤلف نفسه وهي نسخة وزارة التراث» وهي الأقدم كما سنرى. 
أقول إذا علمنا هذا أدركنا كم يحمل هذا التصريح من ثقة تامة» واطمئنان لا يداخله شك 
في هذه النسبة» فقد جاء في آخر مخطوط الوزارة ما يأتي: «... وهذا آخر كتاب إيضاح 
نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك». ويرد في ثنايا النسخة الثانية» وهي نسخة مكتبة 
معالي السيد محمد بن أحمد البوسعيدي ما نصّه: «... فأقول. وأنا عبد الرحمن ناصر بن 
أبي نبهان ... الباب الأول من الجزء الأول من كتاب إيضاح نظم السلوك إلى حضرة ملك 
الملوك». ويرد النتص نفسه فى نسخة الوزارة هكذا: «... فأقول. وأنا عبد الرحمن ناصر 
بن أبي نبهان ... الباب الأول من كتاب إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك؛». 
ويرد ثانية في هذه النسخة. وذلك حين يقول الشيخ ناصر نفسه: «... ولكن طلبني بعض 
من الأصحاب أن أجمع ذلك له فكان كما تراه» وسمّيته: كتاب إيضاح نظم السلوك إلى 
حضرات ملك الملوك». فكأنَ هذه الإشارات جميعها تقطع بهذه النسنة الى نريد إثباتهاء 
كما تقطع بالعنوان النهائي للكتاب ذلك الذي استخلصناه من واقع المخطوطين نفسهماء 
ومفايصانرها ايضاان النخ مرح فى موضع اخرزباليسي الذي جفله يختار (خضيرات) 
بدل (حضرة)» وذلك في قوله: «... والمراد بجمع الحضرات احترازا عن الوقوف عن 
العير ناته بالعدان لاو سعط لق ميزه ]على وار اقضنة لأن لزنه و عوط علو كضيدق 
المحبة» وصحة التصوف». وعلى هذا يكون العنوان الذي اختاره الشيخ ناصر بنفسه هو 
(إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك)» وهو ثابت النسبة إلى الشيخ ناصر بن 
أبى نبهان كما سقناه فى الطرق الثلاثة. 


يحمل في تضاعيفه ما يدعو إلى الاطمثنان أن صاحب هذا الكتاب هو أحد أولاد أبي نبهان. فإذا تعانقت الأدلة 
وصلنا إلى أنه الشيخ ناصر لا غير. 


48 


-8- 
كان الاعتماد في تحقيق هذا الكتاب على نسختين مخطوطتين» جُجعلت الأولى (أما): 
وقوبلت الثانية على (الأم) الأولى» وهما تامّتان لم ينقص منهما شيء إلا في بعض 
المواضع التي وقع فيها طمس لم يؤثر في القراءة كثيراء وقد أعانت المقابلة على تجاوز 
هذا الطمس. وهذا بيان مفصّل عنهما: 

1 - النسخة الأولى» ورمزنا لها ب (الأصل)» وهي محفوظة بوزارة التراث القومي والثقافة 
تحت رقم 1456/ 88 وعدد أوراقها مائة وتسع وأربعون ورقة» وهي نسخة نفيسة؛ لأثها نسخة 
المؤلف. إذ يرد ما يؤكد هذا في آخرهاء وهو: «وتاريخ تمام تأليفه ثامن رجب سنة 1243 بالردة 
من سمد نزوى' كها يشير فهرس خطوطات وزارة التراث إلى هذا بقوله: ١..المخطوط‏ من نسخ 
المؤلف الذي ذكر مكان النسخ»"!'؛ ومن المفيد أن نشير هنا إلى أن السنة التي انتهى فيها الشيخ 
ناصر من تأليف هذا الكتاب» ونسخه؛ وهي 1243 للهجرة هي السنة نفسها التي انتقل فيها من 
عمان إلى زنجبار» وبقي بها إلى أن توفاه الله ىا رأينا. 

وقد كتبت هذه النسخة بخط أسود واضح معتادء وكتب الشعر المشروح بخط أغلظ 
تمييزاً له عن الشرح كما جاء تسلسل المقدمات. والأبواب بخط أحمر إشارة إلى ابتداء 
كلام جديد» ويضمٌ الوجه الواحد من الورقة خمسة وعشرين سطراء مع ثماني عشرة كلمة 
في السطر الواحد على وجه التقريب», وهناك تآكل في بعض أطراف الأوراق» وطمس 
لعلّه من آثار الرطوبة وصل إلى بعض الكلمات فمسحهاء وعلى العموم فهي نسخة جيدة 
مقروءة» ويكفي أنْها نسخة المؤلف ليضفي عليها أهمية» ونفاسة. 

2 - النسخة الثانية» ورمزنا لها ب (س)»: وهي محفوظة بمكتبة معالي السيد محمد 
ابن أحمد البوسعيدي بالسيب» وهي أحدث من السابقة» إذ يعود تاريخ نسخها إلى سنة 
8 للهجرة» كما جاء في أخرهاء وهذا نصّه: «آخر كتاب نظم السلوك إلى حضرات 
ملك الملوك» ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ وصلّ اللهم على سيدنا محمد 


وآله وصحبه. وكان تمامه يوم الاثنين من نهار حادي من شهر شعبان من سنة 1288 على 


(1) فهرس مخطوطات الأدب. ص108. 


مهاجرها أفضل الصلاة والسلام» نسخه للشيخ والده. وصفيّ وده الثقة القاضي خلفان بن 
حاكم بن إسماعيل الحميري الإباضيء بقلم الحقير راجي رحمة ربّه القدير أفقر خلق الله 
وأحوجهم إليه سالم بن علي بن ناصر بن علي الإسماعيلي بيده». 

وتقع هذه النسخة بأربعمائة وسبع وستين صفحة من القطع الكبير» وهي مكتوبة بخط 
أسود واضح معتاد أمَا الأحمر فقد كتب به تسلسل المقدمات والأبواب كالنسخة الأولى. 
كما كتب الشعر المشروح بخط أغلظ تمييزا له عن الشرح كما هو عليه الحال في النسخة 
الأولى» وتضمّ الصفحة خمسة وعشرين سطراء وأربع عشرة كلمة في السطر الواحد على 
وجه التقريبء وممّا يميّز هذه النسخة وضوح خطهاء وخلوّها من التآكل والطمس؛ إذ يبدو 
أنها قد حفظت بشكل جيد ممّا دعا إلى احتفاظها بالأصل الذي تركت عليه» وقد أعانت 
هذه النسخة على قراءة كثير من الكلمات المطموسة:ء وغير الواضحة فى النسخة الأولى. 

ومن الضروري أن نشير إلى بعض الملاحظات التي أصبحت أقرب إلى الظاهرة في 
النسختين سواء في المضمون أم في رسم الكلمات. وهي: 

١‏ - هناك سقط في الأم في ثلاثة مواضعء أوله بمقدار عشرين ورقة» وثانيه بمقدار 
ورفتين» وثالثه بمقدار خمس ورقات» وكان الاعتماد فى جبر هذا السقط على [(س] 
وحدهاء وقد أشير إلى ذلك في مواضعه. 

2 - يشيع في [س] التصحيف والتحريف. وهما الآفتان اللتان ابتليت بهما المخطوطات 
العربية» وقدّمت نسخة (الأصل) معونات جمّة في إصلاح ذلك التصحيف والتحريف. 
بالإضافة إلن الاجتهاد الشخصى. والاستضاءة بالسياق فى اختيار رسم معين للكلمة. وقد 
أشير إلى ذلك كله فى مواضعه. 

3 - تعمد النسختان إلى تسهيل الهمز مثل: بئرء الجائزة» الوسائل» تكتب هكذا: بير» 
الجايزة» الوسايل» وقد أثبتنا ما هو متعارف عليه في الكتابة المعروفة اليوم. 

4 - تعمد النسختان كذلك إلى ضروب من الكتابة تختلف عم| هو متعارف عليه اليوم؛ وقد 
تمكنا من رصد ظاهرتين أولاهما إضافة الياء إلى الكلمة» وكانت الكسرة وحدها تكفى مثل 


في مواضع من حقّها أن تكون ألفاً مقصورة مثل (المنى) تكتب (المنا)» و(القرى) تكتب (القرا) 

5 - يبدو أن الشيخ نه كان ؛ث يثبت الآيات الكريمات من حفظه. ولذلك لاحظنا في 
الكثن منها تخبيرأء وبترأًء ا وتأخيراء وقد أثيتنا الآيات بحروفها كما وردت فى 
المصحف بلا إشارة إلى مواطن التغيير لسبب معروف هو اتفاق المسلمين جميعهم على 


مصحف واحد. 


«- عمه البؤنت فى كرين العرامم إلى استخدام ظاهرة لغوية في اللهجة الأزدية 
وهي «أنَّ الفعل إذا أسند إلى ظاهر مثنّى أو مجموع أتي فيه بعلامة تدل على التثنية 9 
الجمع»"''ا مثل قولهم: قاما الزيدان» وقاموا الزيدون. ولذلك تتردّد عنده عبارات مثل : 
(يعرفونه عواده)؛ (استعانوا باسمه القاصدون) و(يسمّونه أهل التصوف) و(يختلفون أهل 
الله)؛ وغيرهاء ويقول ابن عقيل: (... وهذه اللغة القليلة هي التي يعبّر عنها النحويون 
بلغة: أكلوني البراغيث ... ف (البراغيث) فاعل أكلوني»2)؛ فلعل هذا من بقايا التأثر 
بتلك اللهجة سواء في الكلام أم في الكتابة؛ وهذا يثبت أن هذه الكتب لا تقدّم فوائدها في 
العلم الذي اختّصت به فقط بل تتعذاه إلى فوائد لغوية» واجتماعية» وهو ما لحظناه في هذا 
الكتاب» وأشرنا إليه فى مواضعه. 

هذه هي أهمّ الملاحظات التي رأينا إثباتها هناء وهي تفتح الباب واسعاً لجملة من 
الدراسات سواء منها ما هو متعلّق بالأسلوب. أو المجتمع, أم ما هو متعلّق ب (السلوك) 
نفسهء ولن > قر تتحمقق تلك الغايات بغير النظر الشامل إلى مؤلفات الشيخ ناصر الأخرى. 
وتقديم دراسات مفصّلة عن تلك الجوانب التي أشرنا إليها. 


-9 
من الممكن تلخيص عملنا فى هذا الكتاب بالنقاط الآتية: 


(1) ينظر شرح ابن عقيل على الألفية, 2/ 80. 
(2) شرح ابن عقيل على الألفية؛ 2/ 85. وقد لاحظ محقق كتاب (الإخلاص) هذا الأمر أيضاً في كتاب (الإخلاص). 
مما يؤكد شيوع هذه الظاهرة في كتب الشيخ الأخرىء ينظر كتاب (الإخلاص)» ص178. 


51 


1 - تقديم قراءة سليمة للنسخة (الأم)؛ هي التي ارتضاها المؤلف لكتابه» وتمتّلت هذه 
القراءة في إعادة نسخ هذه (الأم) مرة أخرى تمهيدا للمقابلة. 

2 - مقابلة النسخة الثانية» وهي التي رمزنا لها ب [س] على (الأمَّ)» وإثبات الفروق في 
الهوامش. 

د - عرض أبيات التائيتين على ديوان ابن الفارض المطبوع بتحقيق علميء وإثبات 
الاختلافات في الهوامش. وقد أفادت هذه العملية في إثبات أن الشيخ ينه كان يمتلك 
نينا مكتلقة للديوان بوازك بكهاة ويختان ما بع علدمة قراء اك امختلقة بات 

4 - رد الآيات الكريمة إلى مواضعها في سورها مع أرقامها. 

5 - تخريج الأحاديث الشريفة» والآثار النبوية في كتب الحديث المعتمدة. ومصادر 


التصوف. والأدب. 
6 - تخريج الشعرء وهو قليل جداء وقد اعتمد المحقّق على الديوان. أو المشهور من 
مصادر الشعر. 


7 - الترجمة للأعلام ترجمات مختصرة مفيدة مع الإحالة إلى مصادر هذه التراجم. 
وأغفلت الترجمة للمشهورين منهم كالأنبياء عليهم السلام خشية أن تكون الترجمة في 
هذه الحال فضولا وزيادة. 

8 - تخريج الأقوال التي يستشهد بها المؤلف في ثنايا كتابه» وهي غالباً أقوال لكبار 
الصوفية» وكان المعتمد في هذا التخريج مصادر التصوف المعتمدة في هذا المجال. 

9 - تقديم شروح مختصرة وافية للمصطلح الصوفي الذي يوظفه المؤلف. وكان القصد 
من هذا العمل تقريب النص إلى القارئ» ومعرفة المرامى البعيدة التى يريدها ابن الفارض» 
والشيخ ناصر معاًء وكان الاعتماد في ذلك الشرح على معاجم المصطلح الصوفي التي 
قدّمت خدمة جليلة لهذا العمل من حيث جمع المصطلحات في مكان واحد, وتقديم آراء 
مختلفة في شرح المصطلح الواحد. 

0 - تقديم شروح هي أقرب إلى التوضيح لبعض القضايا الكلامية» والفلسفية التي 


يعالجها المؤلف. مع محاولة معرفة جذورهاء وربطها بالسياق العام للفكرين الكلامي» 
والفلسفي عند المسلمين» مع التركيز على الفكر الذي يصدر منه الشيخ ناصرء وهو الفكر 
الإباضيء وقد اعتمدنا على المصادر الموثوقة في هذا العمل. 

وأخيراً آمل أن أكون قد قدمت خدمة نافعة للتراث العماني عامة» وللتراث السلوكي 
خاصة. وهو يكرّر ما تبناه في مناسبات سابقة من ضرورة الاهتمام بمصنفات الشيخ ناصر 
الخروصيء وتراثه الفكري, والنظر بججد إلى الاتجاه السلوكي الذي مثله الشيخ جاعد 
بن خميس خير تمثيل لما فيه من خصوبة» وتجارب وجدانية عميقة» والتوجه إلى تبيان 
المؤثرات العامة في هذا الاتجاه سواء أكانت عربية أم غير عربية لما في هذا التبيان من 
تعميق لما أشرنا إليه سابقاً من نقض مقولة العزلة الثقافية» ولن يتحقّق هذا كله إلا بتضافر 
الجهود المخلصة. والرؤية العلمية المنهجية في تناول ذلك الدرسء. وعند ذاك يتجلى 
الاعتناء بالتراث العماني في أجلى صوره قائماً على العلم والمنهج معا. 

ولا يفوتني في ختام هذه المقدمة أن أتقدم بوافر الشكر والتقدير إلى معالي السيد 
محمد بن أحمد البوسعيدي الموقر الذي فتح مكتبته العامرة أمام الباحث كي ينهل من 
معينها العذب. كما لم يتردّد في تلبية طلبي لتصوير النسخة من الكتاب التي تحتفظ بها 
المكتبة» وهذا ليس بغريب على سماحته» وسعة صدره. ودعمه المستمر للباحثين» كما 
أتقدم بوافر شكري إلى وزارة التراث والثقافة لتفضّلها بالموافقة على تصوير النسخة من 
الكتاب التي تحتفظ بهاء كما أشكر المكتبة الرئيسة في جامعة السلطان قابوس. ولاسيما 
الأخوة الأفاضل في قاعة عمان. إذ سهّلوا عملي بما وضعوا تحت يدي من مصادرء 
ومراجعء كما أشكر الزملاء الكرام الذين أعانوني في إنجاز هذا العمل» وهم كثير» وآخر 
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 


د. وليد محمود خالص 


شتاء 9م 


ذا لديا نك 


بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله الذي أوجد جميع الموجودات دلالة على معرفته» وأوجد أجل وأشرف 
وأعلى وأفضل من كل ما أوجده العقل النوراني'!' وتعبّد به مَنْ تعبّده من عباده بعبادته. 
فكانت هي الأمر الأعظم والأعلى على شرف العقل وغيره. وهي المقصودة من الله الودود 
بإيجاد جميع الوجودء وكان العقل هو المخاطب' بوجوب معرفة ربّه المعبود وبأداء 
طاعته بالإخلاص إليه بدينه الذي شرعه عليه عن ذاته التي هي العقل ومن جميع رعيته؛ 
وصل اللهم وسلم وبارك على أفضل مخلوق وأعظم موجد في كماله وسيادته الرسول 
الأعظم النبي الأكرم محمد غك وعلى آله وأصحابه وجميع رسل الله وأنبيائه وملائكتف 
وعلى جميع أولياء الله أهل حبّه وكرامته. أما بعد فأقول وأنا عبد الرحمن ناصر بن 
أبي نبهان: اعلم أنّ الله خلق الملائكة لمحض السعادة وخَلق الجن والإنس 
والشياطين للابتلاء والعبادة.» وخلق سائر الأشياء للدلالة والشهادة. فقال 
جلَّ وعلا: #وَمَا َلَدْتُ للْنَّ لان إلا ِيَمبْدُونٍ 304. وقال الله تعالى: لسَبّحَ لَه ماف 
َلسَّموتٍِ ومافى الْارَضٍ وَهْوَاْلْعَريرٌ ََكيِمٌ 04*. وقال تعالى: #وإن ين سَّوْءٍ إلا سبع رو 37# 


(1) العقل النوراني: هو العقل الأول باصطلاح القوم. وهو «الحقيقة المحمدية في الخارج ... وهو ألطف الموجودات 
وأشرفها وأكملها؛ لأنه ظهر في مرآة الوجود الحق بلا واسطة فكانت حقيقة العقل كالحجاب على وجود الحقٌء 
وكل مَنْ بنظر بعده في مرأة الحق فلا يرى إلا صورة العقل فهو أول الحجب الكونية' ينظر موسوعة مصطلحات 
التصوف الإسلامي, د. رفيق العجمء ص6552. وسترمز لها فيما بعد بموسوعة العجمء ومن المفيد أن تذكر هنا 
أن الشيخ ناصرا يفتتح كتابه (الإخلاص) بفاتحة مشابهة لما هو موجود هناء ويخصٌ العقل النوراني بالفضل 
والمكانة؛ ينظر ص!161. 

(2) يشير الشيخ ناصر هنا إلى ما ورد في المصادر من أن الله سبحانه «لمَا خلق العقل قال له: مَنْ أنا؟ فسكتء فكحله 
بنور الوحدانية فقال: أنت الله» فلم يكن للعقل أن يعرف الله إلا بالله»؛ ينظرء اللمع؛ الطوسي. ص 63. والتعرف 
لمذهب أهل التصوف». الكلاباذي. ص39. وموسوعة العجم. ص 646 و647. 

(3) الذاريات. الآية 56. 

(4) الحشرء الآية .١‏ 


(5)الإسراى الآية 44. 


وقال في مثل نور معرفته ومحبته وإ او دي م لي ا 


بالحقّ التق : أنه وْرُ السَمنوت وَالْارْضٍ مَكَلُ ثرو كد و ايا مسَبَعٌ لْيِمْبحٌ في مُمَاجَةٍ 
لرْجَاجَةٌ > 2 وى وقد من سجر و و كور ولا عربيق: يكاد زبتها يضئء و 
ل ار و عل فور مبدى أله لنورو مَن يآ وتضردث مهأل لتايس وه بل عَوْءٍ 
عليه ١#‏ '. وروي عن النبي يذ حاكياً عن ربّه جل وعلا أنه قال!0: اكنت كرا له أغرف 
فأحببت أن أعرف فخلقتٌ خلقاً كي أعرف فبي كانوا وبي عرفوني دوماهرب بدي بشي 
أحب إلى ممّا افترضت عليه وإذا تقرّب مني عبدي بفرائضي وبالنوافل شبرا تقرّبت منه 
ذراعاً وإن تقرّب منّي ذراعاً تقرّبت منه باع وإن أتاني يمشي أتيته أهرولء ولا يزال يتقرّب 
إليَ بفرائضي وبالنوافل حتى أحبّه فإذا أحببته تولّيت أمره وكنت سمعه الذي يسمع به 
وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي يتكلم بها ويده التي يبطش بهاء وما وسعني أرضي 
ولا سمواتي ووسعني قلب عبدي المؤمن. وإِنْي عند المنكسرة قلوبهم». فظهر من هذا 
الكلام المروي عن الله الملك العليّ من العلم الظاهر الجلىّء ومن العلم الباطن الخفيّ 
ما لو شرح لطبق العالّم به علما ودارت جميع بحور العلم المتجلّي به المولى العظيم 
سبحانه الله على عباده وعلى الوجود بأسره على قطب معناه من مكاشفته وطريقته وحقيقته 
وشريعته. ولنُشِرُ) إلى بعض منها: الأول يدل على أنَّ الله تعالى عالم الغيب والشهادة لم 
يخلق الخلق إلآ لأجل العبادة كما شاءها من عباده. 


الوجه الثاني يدل على أنَّ العبادة له جل جلاله على ثلاثة أقسام: كشفي وهو علم 


(1) النورء الآية 35. 

(2) يذهب د. محمد مصطفى حلمي إلى أنّ الصوفية «استغلّت هذا الحديث استغلالاً خصباًء ولا يبعد أن يكون ابن 
الفارض قد استغله مثلهم في قصيدته الخمرية» وفي بعض أبيات التائية الكبرى» حيث اتخذ من حب الله لأن 
يُعرف موضوعاً لهذه الأبيات. وتلك القصيدة». ينظر كتابه ابن الفارض والحبَّ الإلهيء ص2.173 وينظر كذلك 
عن هذا الحديث كتاب [عطف الألف المألوف على اللام المعطوف]. الديلمي. ص25, وما بعدها عن كتاب 
الشعر الصوفى حتى أفول مدرسة بغداد. عدنان حسين العوادي. ص 179. 

(#3 وو انيف القدنى اياك مكلنة» نظ نيا الأحادرك القدسية إعداد وتلق عاك تتعقة 1 
الشقيري؛ ص29 وما بعدهاء والحديث نفسه ذائع في كتب المتصوفة وقريب منه ما ورد في صحيح البخاري. 
5: وصحيح مسلم. 2675, ويعلّق النووي شارح صحيح مسلم بقوله: «هذا الحديث من أحاديث الصفات. 
ويستحيل إرادة ظاهره... ومعناه: مَنْ تقرّب إلى بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة» وإن زاد زدت». 
وينظر كذلك كتاب السير والسلوك؛ قاسم الخاني» ص196ء وفيه مزيد من التخريج. 

(4) في المخطوطين: [ولنشير]. 


التوحيد, وعلم المآل. وعلم الدلالة: [وكل ق]'! سم منها جلي وخفي. 

والقسم [الثاني]/2: الحقيقة وهو علم الباطن. 

وكل قسم من هذه الأقسام [| و] الثلائة هو منقسم إلى أربعة أركان: 

الركن الأول: هو ما لا يسع المرء اعتقاده. ولا يسعه إلا اعتقاده. أو لا يسعه أن يتركه. 
أو لا يسعه إلآ تركه والرجوع عنه. وهذا هو الركن الواجب الفرضي الذي إن قام به المرء 
سلم ونجاء وله القرب من الله والثواب كان بقوة حبّ أو بغير قوة حبٌ فإنَّ الله مستحق 
للعبادة» ومَنْ تركه وعصاه فيه بغير عذر هلك وتردّى وعليه السخط والعقاب وما سوى 
ذلك فهو دونه. 


والركن الثاني: ترك المنهي عنه من غير تحريم والعمل بالمندوب من غير إيجاب للعمل 


والركن الثالث: الرأي الموكول إلى العلماء بالنظر إلى الأعدل والأهزل والعمل 
بالأفضلء فقد يكون الأفضل العمل بالأهزل في الآراء إذا كان في النظر أنَّ العمل به أورع 
إلا أنّه لا في الحكم بين الخصماء بل فيما يكون إليه النظر ذ في العمل به أو مَنْ ولآه أمره 
في الاستحباب ولا يخطىء فيه غيره ولا يدين برأيه. 

والركن الرابع: الوسائل من الأعمال أو بترك المباحات إلا أنه 
غير إفراط مجاوزة الحدّ إلا ما لا أجر فيه ولا تفريط في تساهل. 

وأعظم الوسائل النهضة العليّة لإقامة الدين حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين 
كفروا السفلى. وكذلك تجويد الفرائض وترقيها بالمحاسن الكمالية» وما كان القرب به 
إلى الله أعظم كتعليم العلم الشرعي والحقيقة والطريقة والتقرب به إلى الله تعالى. 

والوسائل على!" ثلاث طرق: طريقة وسائل الشريعة» وطريقة وسائل التجريد من 


فيما يؤجر فيه بتركه من 


(1) ما بين المعقوفين مطموس في الأصل. والزيادة من س 
(2) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل. 
(3) في س: [على] بدل [إلى]. 


57 


الحقيقة» وطريقة المكاشفة براية المحبة. 

فأمَا علم الشريعة وأقسامها فقد تكفل كثير من العلماء بتشريحها. 

وأمَا علم الحقيقة وطريقة وسائل التجريد وطريقة المكاشفة براية المحبة فأقلٌ بياناء 
وإن تكلم فيهما بعض العلماء نثراً ونظما فكلامهم أشدٌ غموضاً من كلام العلماء في علم 
الشريعة الظاهرة. 

[بيان]'!) وأقوى وأجل وأشرف نظم عرفناه في هذا العلم نظم الشيخ العارف أبي حفص 
عمر بن الشيخ أبي الحسن علي بن المرشد بن علي الحموي نسب والمصري مولداً. ولد 
في آخر الرابع من شهر ذي القعدة سنة 7577) بالقاهرة» وتوفي في الثاني من شهر جمادى 
الآخر سنة 632. وهو المعروف بابن الفارضء وأعظم ما نظمه في العلم منظومته التائية!) 
وهي التي سمّاها [نظم السلوك إلى حضرة ملك الملوك]؛ وكلمة حضرات نحن اخترناها 
وإلآ فهو سمّاها إلى خدمة ملك الملوكء وركب جميع كلامها فيها على هذه الرواية 
المروّية التي حكاها رسول الله في عن الله تعالى وجعل قاعدتها ومنتهاها في شرح ثلاثة 
أجنماء الله تعالى من أسماء ذاته» وصفة رابعة من صفات ذاته جل وعلا وهي: السميع 
والبصير والقدير» ولم يزل متكلماء وقال: وهذه بلا آلة التعريف هي صفات ذات المرء 
التي هي عقله. فهو سميع بصير قدير متكلم. وجعل الله تعالى هذه الذات وأنّها هي في 
الحقيقة سميعة بصيرة متكلمة قديرة؛ وبها كان العقل عقلاً. فأمَا السمع فمظهره الأذن» 
وأمَا البصر فمظهره العينء وأمَا الكلام فمظهره اللسانء وأمَا القدرة فمظهرها اليد لقوله 
تعالى: #وَأَلسَمَوتُ مَطْوِيكتٌ َيِه 274 وقوله تعالى: #يْدُ أو 94 أي قدرته وقوته 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(2) في مقدمة الديوان أنْ مولده في سنة 576 للهجرة: وينظر كتاب [ابن الفارض والحبَّ الإلهي]؛ د. محمد مصطفى 
حلميء ص 28» وما بعدهاء ففيه تفصيل واف عن حياته؛ والااختلاف في سنة مولده. 

(3) يريد بها التائية الكبرى. 

(4) ينظر تفصيل هذا الموضوع في [تائية ابن الفارضء. وشروحها في العربية]. عبد الخالق محمود عبد الخالق. 
رسالة ماجستير غير منشورة؛ جامعة القاهرة. سنة 1971ء الباب الثالث؛: الفصل الأول. 

(5) الزمرء الآية 67. 


(6) الفتح. الآية 10. 


فوق قدرتهم وقوتهم. وإن كانت القدرة تحتاج لها [العين]''. وتحتاج الأذن ولكن يمكن 
أن يكون قديراً للسمع وللبصر ولا يقدر على البطش أو بالعكسء وأمَا الشم واللمس 
[١ظ]‏ ببقية الجسدء وباليد أيضاً ففي الحقيقة كله من حاسّة اللمس؛ لأنَّ الذوق لا يصح 
إل بعد أن يلمس المذاق بفمه, والشم لا يصمٌ إلآ بعد أن يمس لطيف الرائحة والج أنفه 
فيكون كل ذلك من فعل قدرة الذات على ذلك. ونكتفي بذكر اليد عنه فصمّ أن أسماء 
ذات المرء أربعة فافهم. 

واعلم أنّي لما نظرت إلى منظومة هذا الشيخ واعتبرت معانيها فكنت كلما لاح لي 
ا ا التي ال 
اب ا او أ ا ل لو 1 
يحتمله من المعاني لأفضى إلى مجلدات كثيرة» وللحجق قارئه الملل!. 

وكثير من المفسرين يفسرون النظم معناه ولم يمزجوه بتقدير لفظ بعينه فيه حتى إذا أتمَ 
التفسير لم يقدر أن يقدّر ألفاظ ذلك البيت بذلك المعنى. والمثال في ذلك قول القائل: إنّي 
حريص بك وحريص عليكء فيعرف معنى الحريص أنه شديد الشفقة والضنانة بالشيء. 
ولكن لو قدّرت معنى حريص بمعنى شفيق وضنين لم يتقذر إلا شفيق بك وضنين بك. 
وتعذر عليه تقديره بعليك. فإذا أراد أن يقدّره بعليك فيكون شفيق ضنين ولشدّة شفقتى 
بك وضنانتي بك لم أزل خائفاً عليك أن يصيبك ما أكرهه فيك فيكون معنى حريص 
عليك شفقة وضنانة معها خوف. وهكذا صفة مزج المعنى بتقدير ألفاظه وهو الذي طلبت 
التقدير. 


(1) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 

(2) يكرر الشيخ في مواضع كثيرة من الكتاب أنَّ هذا الشرح ليس كتاباء بل هو تذكرة له. وهذا هو الموضع الأول 
وفيه من تواضع العلماء؛ وتبينهم النقص في أنفسهم الشيء ء الكثير. 

(3) يشير الشيخ ناصر هنا إلى عمق القصيدة واحتياجها إلى شرح طويل مبسوط مما يستغرق مجلدات. وهو أمر 
نراه ماثلاً في ديباجة ديوان ابن الفارض حين يسأله أحد أكابر علماء زمانه أن يأذن له في شرح التائية فيسأله ابن 
الفارض: في كم مجلد تشرحها؟ فقال: في مجلدين. فيتبسَم ابن الفارض ويقول: لو شئت لشرحت كل بيت منها 
في مجلدين. ينظر الديوانء ص82. 


وقد شرح بعض من تلامذة تلميذا!) الناظم بشرح سماويٌ أغمض معاني شرحه أَشد 
غموضاً من معاني النظم وأبعد على الفهم بأضعاف مضاعفة» فصار كأنَّه لا فائدة فيه إلا 
للعارف لمعاني النظه'2» والعارفٌ لمعاني النظم غير محتاج إلى الشرح فسهّلته بألفاظ 
قريبة» ولم أرد أن أورد معانيه التي أوردها للخلاف الذي بيننا© وبينهم فاخترعت لها 
معاني ظاهرة بّنة موافقة للاستقامة؛ لأنْ النظم يحتملها في التأويل» وما لا يصمح في ميزان 
الاستقامة فليسه بتأويل لكلام يحتمل أن يؤول على طريقة العدل. 

واعلم أنَّ لها تأويل باطن خفيّ علوي سماويّ روحاني؛ وتأويل ظاهر جلي جسداني. 
ونحن اكتفينا بالجلي الظاهر الممكن فهمه بالغالب من العقول السليمة» وأعرضنا عن الباطن 
الذي ربّما إذا وقف عليه الغالب من المتعلمين تقصر عقولهم فإمًا أن يصوّروا ما لا يجوزء 
وما أن يسيئوا بنا ظناء وقال النبي 8: أعطاني ربّي ثلاثة علوم: علم أمرت بتبليغه وهو علم 


دينه تعالى» وعلم حيرت بين كشفه وكتمانه وهو علم الحقائ ئق وعلم أخذ علىّ بكتمانه. وكل 
ذلك فى الكتاب المبيه©. أقاانا امو هلق قل له 9لطيرة عل الزن كك 1 عكر 


ل انا نا الى هر وعد إن سيد الوا الود تجاه اورف را 
يرد في المصادر أنه كان تلميذا مباشراً لبعض تلامذة ابن الفارض على حدّ قول الشيخ ناصرء غير أنّه كان تلميذاً 
من تلاميذ الصدر القونوي المتوفى سنة 672 للهجرة؛ وكان القونوي نفسه تلميذاً لابن عربي الصوفي المعروف. 
ولعل التلمذة المقصودة بعبارة الشيخ ناصر هي الموافقة في الطريقة والمنهج. وعند هذا يصمح ما ذهب إليه. 
فإذا علمنا أنّ شرح الفرغاني شرح صوفي تغلب عليه نزعتهم. ومصطلحهم ترجّح لدينا أن المقصود هو شرح 
الفرغاني الذي يشير الشيخ ناصر إليه. 

(2) يقول د. مصطفى حلمي: «... إن بعض الشارحين لم يسلم من الجموح؛ والشططء ومسايرة الهرى؛ والذهاب 
في تأويل كثير من الألفاظ تأويلا هو أبعد ما يكون عن المعاني التي تنطوي عليهاء والمقاصد التي ترمي إليها'. 
ينظر ابن الفارض والحب الإلهي. ص95. ومن هنا تأتي أهمية شرح الشيخ ناصر الذي سيحدّد منهجه في هذا 
الشرح معتمداً على ثقافته الواسعة من جهة ورغبته في الكشف عن أسرار هذه القصيدة بعبارة واضحة من جهة 
أخرى. 

(3) لعل الشيخ يريد الخلاف هنا سلوكه منهجاً مختلفاً عن أولئك الشراح السابقين الذين جعلوا الغموض سبيلهم 
وهم بتبرحزه التعيدة أو هتحب طرق رسع اولاق الدانعي تيفه رو بيتجع لاحقط [تشلمة بلويقا يوافق 

(9) بخ العا علرع اين المرافي؟ امد يوق كور لق موسا ون 


لمُمْرِكوت 4 وأما المخير فيه فقوله تعالى: « سَعْرِبهم يتان الْآهَاقِ وف أَنْفِِمْ 4« 
الآية. وأمَا المكتوم فكقوله تعالى: لوَنْفَحْتَ فيه من روج 34. «« وَيسَمَلُوبلك عن الروح دا 
الآية. 

وأغلم أن التورأة كلها مككترف افيهاء وكذ لك الاتجيل» ولم يحيطوا يقهيمه فضلوا. وأمًا 
كتاب الله والسنة فأورد كل منهما العلم الباطني بطريق الإشارات ليُعرض عنهما مَنْ عجز 
فهمه عن إدراكهاء ويغوص فيها [من أراد]!” الله أن يكاشفه بما شاء من ذلك». ولذلك 
اكتفينا بإيضاح جلي الجليّ دون الجليّ والخفيء ومن [2و] توغل فإنّه يلوح له من باطن 


ما نورده فإنَّه يكون له كالإقليد© فافهم. 

واعلم أن الشيخ بدأ بنظم السلوك من غير أوله بل من مراتبه العليّة بقوله: سقتني. 
وأوهمت صحبيء وهو قصد نظم السلوك إلى الله تعالى كلّه فكان ابتداء سلوك صحبه 
الذين ذكرهم لم يأت ابتداء سلوكهم. وعرف أنه كان ينبغي له غير ذلك فعمل لها رأسأء 
بإيضاحه من أوله. وأشار علينا بعض الأخوان بترك الكتاب لمن يأتي. ويشاء النظر إليه 
فأجبته. وجمعته. وسمّيته كتاب [إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك]. 


وجريته ثلاثة أجزاء: 


(1) التوبة» الآية 33. 

(2) فصلت. الآية 53. 

(3) الحجرء الآية 29. 

(4) الإسراى, الآية 85. 

(5) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 

(6) الإقليد هو المفتاح. ْ 

(7) وهي القصيدة المسمّاة [التائية الصغرى]؛ وهي في الديوان - كما ذكر الشيخ هنا - ماثة وثلاثة أبيات, ينظر ديوان 
ابن الفارض. ص 71, وما بعدهاء ومن الضروري الإشارة هنا إلى أنه تبعاً لكلام الشيخ في المتن فإِنّه يبجعل من 
التائيتين شيئاً واحداًء بمعنى أن الصغرى أشبه بالتمهيد للكبرى, ولا يمكن فهم طريق سلوكه حين نعزل الأولى 
عن الثانية أو العكسء وهو أمر جديد لم نجده عند شراح شعر ابن الفارض - على كثرتهم - من قبلء وقد فضّلنا 
الحديث عن هذا الأمر في المقدمة. 


الأول: في تخليص النفس والروح إلى مراتب الكمال'!' براية محبّة المريدين2) 
والثاني: في كمال النبي #8 براية محبّة المرادين7") وفي التوحيد لله المجيد. 
والثالث: في مقامات7 الحقيقة» وفي التوحيد. وكمال النبي 26. 

ورنّبته أبوابء وقسمت الأبواب فصولاً وجاء كتاباً. 

وترتيب الأبواب سبعة وعشرون بابأ كما ترى. 


الباب الأول: في الانتباه من رقدة الجهالة وسئّة الغفلة» وفي التخليص مما يجب؛. 
أو يستحبٌ له التخليص منه. وترك ما يجبء أو يستحبّ له تركه. والقيام بما يجب 
أو يستحبَّ له القيام به» والسلوك بعد ذلك إلى المكاشفة بمشاهدة الحضرات الإلهية©) 
واختلاف بدايات مبتدين إلى هذا السلوك الحبّي براية المحبة الإلهية. 


(1) مراتب الكمال هي أعلى المراتب في العبودية لله؛ ويكون صاحبها من أهل الشهود والعرفان» والوصول إلى الله 
تعالى؛ قائما بوظائف ربوبيته سبحانه ظاهراً وباطناء بعد أن أغلق جميع الأبواب على شيطانه. ولم يجعل له عليه 
سلطاناء ينظر موسوعة العجم ٠ص‏ 859-858. 

(2)الفويك : هو من انقطع إلى الله تعالى عن نظر واستبصاره وتجرّد عن إرادته لما علم أنه ما يقع في الوجود إلا ما 
يريذه الله تعالى» لا مايريده غيرة فيمحو إرادته فلا يريد إلا ها يريذه الحق» ينظ ر الموسوعة الصوفية؛ د. عبد 
المنعم الحفني.؛ ص953. وسنرمز لها فيما بعد بموسوعة الحفني. 

(3) المراد: هو العارف الذي لم تبق له إرادة؛ وقد وصل إلى النهايات» وعبر الأحوال والمقامات والمقاصد 
والإرادات؛ فهو إذن في مرتبة فوق المريد. وجعله بعضهم في مرتبة واحدة على اعتبار أنّه لولم يكن مراد الله عرّ 
وجل بأن يريده لم يكن مريداً أصلاًء ينظر موسوعة العجم ص 867. وموسوعة الحفني. ص950. 

(4) المقامات : مفردها مقام وهي طريق الطالب وموضعه في محل الاجتهاد. وتكون درجته بمقدار اكتسابه في حضرة 
الحقٌّ تعالى» وشرط المقامات أن لا يرتقي من مقام إلى مقام إذا لم يستوف أحكام ذلك المقامء والمقامات مثل 
التوبة» والورع» والزهد, والفقرء والزهد. وأوصلها بعضهم إلى مائة مقام وتزيد. ينظر موسوعة العجمء ص917) 
وموسوعة الحفني» » ص 963. 

(5) المكاشفة: حضور القلب بنعت | البيان» فيكشف له الله عزَّ وجل ما يستثر على الفهم كأنَّهِ رآه رأي عين. وهي ثلاثة 
أوجه: مكاشفة العيان بالأبصار يوم القيامة. ومكاشفة القلوب بحقائق الإيمان بمباشرة اليقين بلا كيف ولا حدء 
ومكاشفة الآيات بإظهار القدرة للأنبياء بالمعجزات. ولغيرهم بالكرامات والإجابات» ينظر موسوعة العجم. 
ص 930. وموسوعة الحفني. ٠‏ ص 965 وسنرى أن الشيخ سيفصّل الحديث عن هذا الموضوع فيما بعد وخصوصاً 
وجه المكاشفة الأول وهو [الرؤية] لرأيه المختلف فيها. 

(6) الحضرات الإلهية: هي المراتب الكلية وتسمى عوالم وحضرات, وهي مظاهر ومجالي للحقائق المنسوبة إلى 
الحق سبحانه. وهي خمس حضرات. ينظر موسوعة العجم. ص 289. 


الباب الثاني : في المكاشفة بمشاهدة جمال المحبوب المحبة الإلهية والحضرة الإلهية 
بالرؤية المنامية والتخليص بنوافل التجريد”!) من الصفات الجلية براية المحبة الإلهية. 

الباب الثالث: في الاتصال بالمحبوب بوقفة المواقفة في طريق مكة على عجلة قضاء 
مناسك الحج تمثيلاًء وتصفية النفس من جميع صفاتهاء وتصفية الأعمال الإيمانية بنوافل 
التصفية براية المحبة الإلهية. 

الباب الرابع: في الوصال بمشاهدة جمال الحضرة الإلهية وتصفيته من الأغيار 
والحظوظ براية الطور الأول الحبّي الراجع إلى المحب بالسفر الأول: سفر النفس 
بمشاهدة الحضرات الظاهرية الفعلية الإلهية براية المحبة الإلهية. 

الباب الخامس: فى خلاص المحية ب وإخيملا ٠‏ له الجمال المطلوّ 

باب الخامس: في خلاص المح بوب وإخلاصها لمطلى 
وتخليص النفس من جميع الحظوظ الحقيقة» وتجريد النفس من حبّ ذاتها إلى جمال 
الحضرة الإلهية براية المحبة الإلهية. 

الباب السادس: في سفر الروحء وهو السفر الثاني بمشاهدة الحضرات الباطنة 
الأسمائية الإلهية براية المحبة الإلهية. 


الباب السابع: في الحث على السلوك وما يستحبّ له أن ب يتجرّد منه فيه براية المحبة الإلهية. 
الباب الثامن: في مرتبة الصحو”' بعد المحوا*' ودرجة التمكين بعد التلوين©) 


(1) التجريد : هو خلوَ قلب العبد وسرّه عما سوى الله. بمعنى أن يتجرد بظاهره عن الأعراض. وبباطنه عن الأعواض» 
وهو ألا يأخذ من عرض الدنيا شيئاًء ولا يطلب عمّا ترك منها عوضاً من عاجل ولا آجل عبل يفعل ذلك وجوت 
حقّ الله تعالى لا لعلة غيره؛ ولا لسبب سواه؛ ينظر موسوعة الحفني. ص 678. 

(2) السّمّر: في اصطلاح القوم توجّه القلب إلى الحقٌّ سبحانه. وهو أربعة أنواع سيشرحها الشيخ شرحاً مفضّلاًء ينظر 
موسوعة الحفني. ص794. 

(3) الصحو: رجوع العارف إلى الإحساس بعد الغيبة» وهو صحوان: صحو غفلة» وصحو محبة» ومن المؤكد أن 
الشيخ يريد هنا الصحو الثاني؛ ينظر عن الصحو موسوعة الحفني؛ ص 826. 

(4) المحو: رفع أوصاف العادة بحيث يغيب العبد عندها عن عقله. ويحصل منه أفعال وأقوال لا مدخل لعقله فيها 
كالسكر. ينظر موسوعة الحفني. ص947. 

() التمكين: هو مقام الرسوخ والاستقرار على الاستقامة؛ وما دام العبد في الطريق فهو صاحب تلوينء يعني يتغير 
ويتحول. لأنه يرتقي من حال إلى حال. وينتقل من وصف إلى وصفء فإذا وصل واتصل فقد حصل التمكين؛ 
يعني استقر وسكنء ينظر موسوعة الحفنيء ص690. 

(6) التلوين: هو تلوّن العبد في أحواله؛ ومعناه التغبيره وهو يحصل قبل التمكين السابق ينظر موسوعة الحفني. ص689. 

63 


وحضرة الجمع'!) براية المحبة الإلهية. 

الباب التاسع: في سفر النفس والروح معاء وهو السفر الثالث آخر مراتب السالكين إلى 
حضرات جمع الجمع الظاهرية والباطنية براية المحبة الإلهية. 

الباب العاشر: في الجمال الإلهي والمحبة الإلهية ومحبة المشاهد إليه بالمحبة الإلهية. 


اليباب الحادي عشر: في الرجوع إلى الشريعة الت لايصحّ كمال الحقيقة إلآ بها2) وهي 
من ا لحقيقة في ا لحقيقة وذلك في حين القيام في مقامات حضرات جمع الجمع. أو دونها 
براية المحبة [الإلهية].(3) 


الباب الثاني عشر: وهو [الجزء الثاني] من الكتاب في سفر النبي 6 بالطور الثالث 
الح [بِيَ الإلهي ]7[ 2ظ] وهو السفر الرابع المخصوص به'”» وفيه بيان شيء من التوحيد 
والمعرفة المختص بهما رسول الله قي وذلك براية المحبة الإلهية. 


الباب الثالث عشر: فيما يذكر في مبدأ سيره في سفره الرابع المخصوص به كن من 
حيث نفسه وظاهر وجوده للتحقية بحقيقة التوحيد والمعرفة المتعلقين بحضرة أحدية 
الجمع' لإعطاء حق الربوبية من عبوديته © بلسان حال مقامه براية المحبة الإلهية. 


الباب الرابع عشر: في ذكره لما رآه في سير باطنه. ومبدأ سيره الباطنى إلى حضرة 


(1) حضرة الجمع : هي واحدة من الحضرات الخمس التي أشرنا إليها فيما سبق. وهي الحضرة الجامعة للحضرات 
0 السابقة. وهي الحضرة الواحدية». وتسمى حقيقة الحقائق وحضرة عه ينظر موسوعة الحفني. 
ص720. 

(2) ارتباط الحقيقة بالشريعة أمر مفروغ منه عند القوم. وقد بحثنا هذا بتفصيل في المقدمة. 

(3) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 

(4) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 

(5) خض الشيع ها روك الل 15ل بهذا السمر مزل الرسول الكبري] كه والنقةة التي يتخال السداقر اي 
من جهة أخرىء وهو ما لا ينهض به سوى رسول الله ه 

(6)الأحدية مجلى ذاتي» لين الاسماء .رلا للعافات نولا ليم ء من مؤثراتها فيها ظهورء فهي اسم لصرافة الذات 
المجردة عن الاعتبارات الحقية والخلقية؛ وليس لتجلي الأحدية في الأكوان مظهر أتم من ذلك إذا استغرق العبد 
في ذاته» ونسي اعتباراته. لكان هو في هو من غير أن ينسب إلى نفسه شيئاً ممّا يستحقه من الأوصاف الحقية» 
أو مما هو له من النعوت الخلقية» فهذه الحالة من الإنسان أتم مظهر للأحدية في الأكوان. وهي بهذا الاعتبار 
يمتنع الاتصاف بها للمخلوق لأنه محكوم عليه بهذه المخلوقية» أما أحدية الجمع فاعتبارها من حيث هي هي بلا 
إسقاطها ولا إثباتهاء ينظر موسوعة الحفني» ص630. 

64 


أحدية جمع الجمعء وفي المحبة الإلهية؛ وفي التوحيد المتعلّق بهذا المبتدأ بلسان حال 
مقامه * براية المحبة الإلهية. 

الباب الخامس عشر: فى التوحيد المتوسط بين الجلي والخفي المتكمّل به مقامه 86 
المكاشف به في سفره الرابع بلسان حال مقامه وكماله براية المحبة الإلهية. 

الباب السادس عشر: فى المحو والصحو المحمدي الأحمدي 8 ونتائجهما له» وفى 
التوحيد براية المحبة الإلهية. 

الباب السابع عشر: في ذكر جمال الجلال الإلهي. وجلال الجمال الإلهي ومشاهدته 
إليهمافتة فى مبدأ كشف التجلى الأحدي الجمعى إليه وذكر انتهاء أثر التمكين المختقص 
بمقام الأكملية الأحمدية» وفي التدله والاندهاش برؤية الجمال بلسان كماله ومقامه براية 
العيَشية الآالهية: 

الباب الثامن عشر: فى اتحاد كماله ف بالمشاهدة لكمال الله تعالى بالتوحيد الحقيقى 
بلسان مقامه يي براية المحبة الإلهية. 

الباب التاسع عشر: [والجزء الثالث] من الكتاب في التوحيد بمعرفة الذات الإنسانية 
وفى مقامات الحقيقة والسلوك فيها براية المحبة الإلهية. 

الباب العشرون: فيما نبّأْ به حال الكمال المحمدي ومقامه في حضرة أحدية جمع 
الجمع بتحقيقه حقائق التوحيد في مشاهدته براية المحبة الإلهية. 

الباب الحادي والعشرون: في بيان ظهور المعجزات أنها كلها من فيض كمال حضرة 
جمع الجمع. وحضرة أحدية جمع الجمع للواصلين إليها براية المحبة الإلهية. 

الباب الثاني والعشرون: في الإرشاد إلى الراية بالمحبة الإلهية. 

الباب الثالث والعشرون: فى الإرشاد إلى مكاشفة التوحيد بمكاشفة أحوال اللاهى 
المشعبذ والراية إلى المكاشفة براية المحبة الإلهية. 

الباب الرابع والعشرون: في خطاب الكمال الإلهي للنبي نت وكمال حبّه بالمحبة 
الإلهية. 


65 


الباب الخامس والعشرون: فى بناء كمال النبى ف وبناء مقامه عن أحواله فيهما وعن 
كماله في المحبة الإلهية. 

الباب السادس والعشرون: في توحيد الجمال والكمال الإلهي في كل شيء ومشاهدة 
جمالهما وجلالهما في كل شيء براية المحبة الإلهية. 


الباب السابع والعشرون: وهو الخاتم لكتاب [إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك 
الملوك]. 

وآخر الجزء الثالث منه في التنبيه على التوحيد الإلهي وعلى [تكميل1" النفس 
بالكمال الإلهي براية المحبة الإلهية. 

واعلم أنَّ كل محبة في ذات المرء لا تطلب إلآّ كمال الله ورضاهء ولم يزغ صاحبها عن 
طزيق العامة والتحققة فين محة إلهنة مقنافة إلن اللدتغالى» أن [ميحبة ]01 الله على 
معنيين: أحدهما صفة لذاته وهي إرادته. والثانية سرّ إلهي يودعه في بصيرة عقل الولي 
[ذو] وهو نور عظيم لا يدعو إلا إليه. وتصح”' العبادة بغير قوة المحبة”» ولكنّ المراد 
بهذا النظم في هذا السلوك لدرجات المشاهدة براية المحبة؛ لأنَّ المشاهدة مع قلّة المحبة 
هي علمء وقد يحصل العلم مع غير العمل أصلا فيكون لا نفع فيهاء وكذلك احترزنا 
بالمحبة الإلهية في كلّ باب؛ وهذا شروع الابتداء والحمد لله أبدا. 


(1)و20) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 

(2) في الأصلء و[س] هكذا ولعلها [ولا تصحّ] وبها يستقيم المعنى. 

(3) أفاض القوم في الحديث عن المحبة. وأنواعهاء والشيخ هنا يتتحدث عن نوعين منهاء الأولى تسمّى الأصلية وهي 
محبة الذات عنها لذاتها؛ لأنها أصل جميع أنواع المحتات. والثانية محبة الخواص وهي إثبات عن الله لعباده 
المخلصينء, ومعها نهاية الفضل العظيم. ينظر موسوعة الحفني. ص !941. وموسوعة العجم. ص839. 


66 


الباب الأول من كتاب إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك 


في الانتباه من رقدة الجهالة وسنة الغفلة؛ والتخليص من المظالمء وترك المآثم 
والمكروهات. والإخلاص بقيام اللوازم والمندوب والمستحب. والسلوك بعد ذلك إلى 
مكاشفات الحضرات الإلهية براية المحبة الإلهية وبيان بدايات أحوال المبتدئين للسلوك 
الحبي والكشفي بلسان المقام المحمدي 11285». 

قال: 

1 - نعم بالصّبا قلبي صبا لأحبّتي فيا حبّذا ذاك الشذا حين هبّت 


يقول: وفيه تقديم وتأخير» وتقديره َعَم -بفتح العين- قَسَم. قوله «صبا"». أي مال 
بقوة المحبة لأحبتي. أي إلى أحبتي الذين هم على الحقيقة» وفي الحقيقة هم أحبتي. 
أي يحبونني حقيقة بحب حقيقي بالصبا إلىّ وذلك بسبب ريح الصبا حين هبّت عليّ 
من وجهتهم فذكرتني بهمء فيا حبّذا ذاك الشذاء أي الروائح الطيبة التي حملتها إليّ من 
أماكنهم كأنْها هدية منهم إلى بصحبتهاء و«ذاك» تستعمل للبعيد المتوسطء كما أن [ذا] 
و[هذا] للحاضر»ء وذلك للأبعد من المتوسطء ولما ذكر الريح» ولم يذكر شذاها التي 
حملته أشار إليه بالمتوسط؛ لأنه لو قال [هذا] أو [ذا] لأوهم أن الشذا هو الريح. و«حبذا» 
كلمة مركبة» أي حبّاً له هذاء وأشار إليه بالحاضر؛ لأنّه محمول في الريح الحاضرة؛ وإنما 
أشار إليه بذاك» أي الذي لم أذكره فيها فافهم» وهذا هو تقدير لفظ البيت بمعناه من غير 
شرح لمعانيه» وهكذا في كل بيت نورده لا نتعرض لشرح معانيه خوف الإطالة والمللء 
ولأنّنا لم نُرد بهذا ليكون كتاباء وإنّما رسمت التقدير تذكرة لنفسي حين أمعنت النظر في 
هذه المنظومة وأطلت الفكر ولاح لي بعض المعنى» وخفت أن أنساه حين أهمل التفكر 
فيهاء ومَنْ كان ذا فهم قدر أن يفهم ما وراء ذلك من المعاني» ولكن براعة المطلع لابد وأن 
(1) يلاحظ أن الشيخ يبدأ الطريق من أوله بحيث يجعل التائية الصغرى هي نقطة البداية ليستمر معها حيث توصله إلى 

التائية الكبرى مؤكدا الاتصال الحميم بينهما. 

67 





يذكر بعضاً من معانيه بأوجز إيجاز؛ لأنّه إذا لم يبين الغرض المطلوب بمقدمات”!! في أول 
الإيضاح عسر فهم ما يأتي بعده من النظمء ولو أطال البيان» وإن أوضح بعضه في البداية 
سهل عليه التلويح بعدهاء ونبيّن بعضا منها في أربع مقدمات. 

المقدمة الأولى: 


هو أن تعلم أن الناظم لم يرد نفسه ما يخبر عنه بياء الإضافة إلى نفس المتكلم مثل: قلبي» وسقتني. 
ما أشبه ذلك أصلا في جميع هذه المنظومة؛ ولم يشر فيها إلى نفسه ولا ببيت واحد منها!". 
المقدمة الثانية: 


هو أن يُعلم أنَّ الناظم تكلّم في هذه المنظومة وترجمها بلسان المقام المحمدي يليه لا 
بلسان النبي 7725 لئلا يكون النبي غت هو الثاني" على نفسه بإطناب من القول وإن كان 
النبي #8 لابدّ وأن يوضح فضله في الوجود على جميع الوجود لثلا يكون مجهولاً» والله 
يريد تعريفه فيكون قد أراد غير ما أحبّ الله تعالى» ولكنّ النبي صلوات الله عليه يتكلم 


(1) إن هذه المقدمات تؤكد ما أشرنا إليه سابقاء وما سيرد لاحقاً من أنَّ هذا الذي بين أيدينا هو كتاب بالمعنى الدقيق 
لمصطلح [كتاب]. ففيه الأبواب. والأجزاء كما رأيناء وتأتي هذه المقدمات لتمهّدَ الطريق أمام هذه الأبواب 
والأجزاء لتوضح جوانب منها لئلا يضطر إلى التكرار دائماًء وهو ما يريد الشيخ تجتّبه. 

(2) يخالف الشيخ هنا ما غرف عن التائية من أنّها #ثمرة صادقة من ثمرات أذواقه ومواجيده التي تعاقبت على نفسه 
... وهى مرآة صادقة انعكست على صفحاتها المختلفة الأحوال التى تعاقبت على نفس ناظمها ... فهى ترجمة 
لحياته الروحية كتبها بنفسه عن نفسه' ابن الفارض والحب الإلهي؛ د. محمد مصطقق حلمي: ض181. ولعلٌ 
الشيخ فهم منها شيئاً مخالفاً لما شاع بين الدارسين فصار له تأويله الخاص بها. 

(3) يفرّق الفكر الصوفي تفريقاً حاسماً بين النبي محمد #كْ كإنسان. وبين ما يسمّونه الحقيقة المحمدية أو الكلمة 
المحمدية: أو المقام المحمدي كما يسميه الشيخ هناء ويريدون بها التعيّن الأول الذي ظهرت منه النبوة؛ والرسالة. 
والولاية» ونشأت منه جميع التعينات» ولأجل ذلك كان محمد - عليه الصلاة والسلام سيد الوجود. وأصل كل 
موجود. وهو أول الأولين وخاتم النبيين» ينظر موسوعة العجم. ص 300» والصلة بين التصوف والتشيعد. كامل 
الشيبي» 478[1: وما بعدهاء إذ توقف بتفصيل عند هذا الموضوعء ودرس الحديث الذي يخاطب به النبي ب 
جابر بن عبد الله الأنصاريء ومنه قوله: يا جابرء إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره؛ وقد تعلق 
القوم بهذا الحديث تعلقاً شديدأء وبنوا عليه نظريتهم في الخلق. وينظر كذلك طواسين الحلاج. ص159. عن 
الصلة بين التصوف والتشيع؛ /١‏ 195 وا[394: وفيه أن ذا النون المصري كان يقول بهذاء وينظر كذلك 401[1. 
وربّما بدا شيء من الغلو على هذا الكلام. ولذلك نرى الشيخ لا يجاري أولئك القائلين بهذا الكلام إلى نهاية 
الشوطء وينظر موسوعة الحفني. ص4722, ففيها تفصيل. 

(4) الثاني هنا من الثناء. أي مدح النفس وإطراؤها. 


68 


بالإشارة وبالإيجاز وجوامع الكلم» ولكنّ لسان حال مقامه يخبر عنه. وك آل امرئ]!') 
فلسان [3ظ] حاله الظاهر لابدّ وأن يخبر عنه» وأما الباطن فإذا صم المرء علم باطنه 
بوحي إلهيء أو قول نبي أخبر لسان حال الظاهر والباطن» فإذا عرفت ذلك فلسان حال 
مقامه المتكلم هذا الناظم عن ما هو يخبر بهء تارة يخبر المقام عن نفسه. وتارة عن كماله 
وتارة يخبر كماله عنه بلسان حاله. وتارة يخبر عن منزلة الكمال المطلق الأعظم جل 
وعلاء وتارة يخبر المقام المحمدي عن أصحابه السالكين سلوكه في الطاعة بالاستقامة. 
وتارة يخبر عن مبتدأ وتوسط ومنتهى السلوك براية المحبة بلسان حال السالك» وليس 
هذا الناظم هو منفرد بهذا الأسلوبء بل هذه عادة فصحاء العرب©. وانظر إلى كلام 
الله فى الفاتحة فهى كأنّها فى صيغتها عن مخاطبة محقّق فنى حبّه فى مشاهدة الله تعالى 
بالا شفة وله الميعة فر جام الانخقانة الى الكمالة ريخاددت 2ه بارانها: 
المقدمة الثالثة: 


هو أن تعلم أنَّ من الشروط في بلاغة الفصاحة أن تكون براعة المطلع في الكلام 
الشعري أو النظمى”" أو النثري دالّة على ما يراد أن يورده فى التصنيف, وإن قدر أن يكون 
#الجيانة لجمع «السناكرة وماراي فعالتصبير لها كان هو الغايةجع عل لكاو لانم 
يأتى بعده بأبيات كالجمل وإن تبرّك بالفرد كان أشرف. وقد فعل بهذا كذلك بهذا البيت» 
زباريسة اناك ران اند عجاله ران ميت جين الله سلاف لدي ناجم التلرم نل كنا 


العظيم الفرقان» وجعل جميع ما في القرآن العظيم في سبع آيات الفاتحة» وجميع ما في 
الفاتحة في البسملة» وجميع ما في البسملة في الباءء وجميع ما في الباء في النقطة'” بدليل 


(1) ما بين المعقوفين طمس في الأصلء والزيادة من س. 

(2) هذا ما قصدناه سابقاً من أن الشيخ لا يجاري القائلين بالشطح في موضوع الحقيقة المحمدية؛ بل يرد الأمر هنا 
إلى تلاوين الكلام؛ واختلاف أساليبه. 

(3) يعتمد الشيخ هنا تفريقاً واضحا بين [الشعري] و[النظمي]؛ فليس كلّ [نظم] شعراًء وإن جاء على وزن وقافية» 
غير أنَّ الجميع يشترك في أنَّ المطلع عليه أن يشير إلى ما سيأتي . وهذه ملاحظة جديرة بالنظر. 

(4) يقول صاحب الكافية البديعية: «... وشرط (براعة المطلع) في النظم أن يكون المطلع دالا على ما بنيت القصيدة 
عليه من غرض الشاعر... وفي النثر أن يكون افتتاح الخطبة أو الرسالة أو غيرهما دالا على غرض المتكلم»؛ 
ينظر معجم النقد العربي القديم د. أحمد مطلوب. 278[1. وهو قريب ممّا يشير الشيخ إليهء وهو شائع في قوانين 
البلاغة العربية. 

(5) للنقطة مكان متميز في الفكر الصوفي. ولهذا كان الشبلي يقول: أنا النقطة التي تحت الباء» يريد أنه وصل إلى 


لاضن قر | الباء الكسرول على الدينا متها و لكؤت كلك إغارة البؤةفيكرن [نن] اذا 

جد إليها كان بي والنقطة إشارة إلى الأحد الغرد؛ والباء نقط متعدّدة'') متلاصقة. وذلك 
إشارة إلى مخلوقاته» وذلك إشارة إلى أن كل شي» كان بي؛ لفظة عمومية تأني على تعداد 
كل شيع ف فصحٌ أنَّ هذه النقطة مع الباء» ولو كان البحر مداداً لتفسيرها لنفد البحر قبل أن 
يتم تأويلهاء وإن كان البحر يمدّه من بعده سبعة أبحر إلى ما لا نهاية لذلك؛ أن لاحر 


لا نهاية لها. وكذلك هي في تعداد نعمها داخلة في معاني [ب] فلم يكن أوجز من هذه 
الكلمة ولا أطول تأويلها في شيء؛ كذلك هو في الإيجاز فأعجز الباري جل وعلا ببراعة 
مطلع كلامه العظيم جميع الخلائق وصحّحح مذهبهم في ذلك. 

المقدمة الرابعة: 


أن تعلم أنَّ الناظم بنى منظومته هذه كلها على قاعدة معاني آية المسيح» وآية النور. 
وآية الروح» والكلام الذي رواه النبي 2 عن الله تعالى» وهو الذي ذكرناء وفيه: ولا 
يزال يتقرّب إليّ عبدي بالفرائض والنوافل حتى أحبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع 
به وبصره الذي يبصر به. ولسانه التي ينطق بها2)» ويده التي يبطش بهاء وهي إشارة 
إلى اسمه السميع والبصير والقدير. ولم يزل متكلما'”» فهي ثلاثة أسماء لذات الله جل 


أعلى المقامات. فالنقطة في الباء هي التي تقوم بهاء كما أنَّ واحداً من طواسين ين الحلاج عنوانه (طاسين النقطة) 
يقول فيه: ١وأدقٌ‏ من ذلك ذكر التفطة وق الأاصل» لا يزيد ولا ينقص ولا يبيد المنكر هو في دائرة البراني وأنكر 
حالي حين لم يرني. والزندقة سمّاني» وبالسوء رماني». ومن هنا جاء حديث الشيخ عنها في المتن كما رأيناء ينظر 
عن النقطة موسوعة الحفني. ص337: وموسوعة العجم. ص ا99؛ وطواسين الحلاج. ص 179. 

(1) للباء اعتبار واضح في الفكر الصوفي أيضاء فهم يرون أنّها أول الموجودات الممكنة» والمرتبة الثانية من الوجود 
بينما الألف أول الحروف وأعظم الحروف؛ لأن الإشارة بها إلى الله تعالى الذي ألف بين الأشياء؛ ينظر موسوعة 
الحفني. ص 663» ويرى الشيخ عكس هذا حين يجعل النقطة إشارة إلى الأحد الفرد كما رأيناء ولعله ذهب إلى 
هذا على اعتبار أنْ النقطة هي الجوهر الفرد الذي لا يتجزأء وهي الأصلء والمنطلق, ومنها يبدأ رسم الحروف 
بحسبان أنّ الحروف كلها نقط متلاصقة على حدّ قوله. وهو رأي له وجاهته. 

(2) كذافى الأصل و[س]ء واللسان مذكر. 

(3) يتحدث الشيخ هنا عمّا يسمى بالصفات الذاتية لله سبحانه وتعالى وهي: العلم. والقدرة؛ والإرادة» والسمع» 
والبصر والحياة» كما يقف عند (كلام الله) سبحانه. فمعنى كونه تعالى سميعاً «أي إنه سميع بذاته لا يسمع هو 
غيره؛ أي ذاته تعالى كافية في انكشاف المسموعات لها انكشافاً تامأ غير محتاجة إلى صفة معنوية حقيقية زائدة 
على الذات قائمة بها تسمى سمعاً» على حدّ قول العلامة السالمي» ومثلها (البصير)» و(القدير)» أمَا الكلام فهو 
«صفة لله تعالى. وأنها تكون من الصفات الذاتية الواجبة باعتبارء ويراد بها نفي الخرس عنه تعالى. وتكون من 


وعلاء وصفة رابعة لذاته المولاة وكذلك هذه الأربعة [الأسماء]"!' بلا آلة التعريف لذات 
الإنسان التي هي العقل» وبها صار العقل عقلاء فالعقل سميع بصير متكلم [قدير]2 
على ما أقدره الله عليهء ومظاهر أفعاله هي العين للبصر والأذن للسمعء والكلام للسان 
والبطش [4و] لليد, وأمَا الشم والذوق واللمس فهي في الحقيقة من حواس اللمسء وإن 
افترقت ببعض المعاني فإنَ الذوق لا يصمّ إلا بالملامسة بالفم» وكذلك الشم إذا مسّت 
الرائحة باطن الأنف وولج فيهاء وهي جسم لطيف. وفي العقل عين جهتها على غير هذه 
الحواس كما سيذكره في نظمه. 

بيان: فإذا عرفت ذلك فاعلم أنَّ تجلّي الباري جلَّ وعلا على خلقه ثلاثة وجوهاة): 

الأول: تجلي أفعاله في المرء بنفسه من لطف أو قوة أو شدّة إلى غير ذلك» وتجلي 
ذلك على المرء في غيره من أنواع جنسه أو في غيره من أيّ شيء كان, وبأيّ شيء كان 
وكلّما كان الشيء عند الله أعظمء وكرامته» ومحبته أعظم تجلّت على المرء عظم كرامة في 
ذلك أعظم.ء وكانت في العقل أوقع كالنبي فك والرسل. والأنبياء» والملائكة» وصحابة 
رسول الله #ت. وكذلك الحاضر المشاهد الذي جعله الله آية لأهل زمانه في مبالغة ورعه. 
وزهده. وقوة براعته في العلم والفهم. 

والوجه الثاني: تجلى الأسماء الصفاتية والأسماء الذاتية. 

والثالث: تجلى وجوب وجود الذات. وأمًا تجلّي الذات فلا يصح على حال بلا نهاية؛ 
لآنها ليست هن لشىءمنا يري أصلا. 


بيان: فإذا فهمت ذلك فاعلم أنَّ الناظم بدأ بالانتباه من سنّة الغفلة» أو من رقدة الجهالة إلى 


صفات الفعل الجائزة باعتبار آخر في حقه. ويراد بها خلق الكلام وإيجاده»؛ ينظر عن هذا الموضوع (الإمام نور 
الدين السالمي وآراؤه في الإلهيات)؛ د. مبارك الهاشمي؛ ص154. وما بعدهاء والكلام في هذا الموضوع يطول 
وكان القصد توضيح مقصد الشيخ. 

(1) ما بين المعقوفين مطموس في الأصل. والزيادة من س. 

(2) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 

(3) ينظر عن التجلي. ووجوهه الثلاثة موسوعة الحفني.» ص678): وموسوعة العجم؛. ص !16., وما بعدهاء وفيها 


71 


اليقظة!'' في طلب السلوك إلى الله تعالى بطريق الاستقامة: وبراية المحبة إليه جل وعلا بأحد 
معنيين أحدهما ظاهر لأولي الظاهر المريدين» وباطن لأهل الباطن المرادين» فالوجه الأول 
مئّله بالنائم في أول الليل على تعب شديد من شدّة الحرّ فهت عليه ريح الصّباء وهي التي 
تأتي من جهة المشرقء وتتوجّه إلى باب البيت الحرام؛ وحجره الأسود الذي هو جهة لجميع 
الخلق بالتوجّه إليها لله تعالى في صلواتهم؛ وحججهم. وعمرتهم؛ وهديهم إلى غير ذلك؛ إشارة 
إلى إشراق نور محبة الله تعالى إلى ذات عقله المتبّهة له إلى التوجّه إلى الله تعالى» وهي ريح 
تحمل بخار الأرضء فهي حارة رطبة معتدلة تشير برطوبتها إلى تليّن صعوبة قلبه عن الانقياد. 
وترطيب أعضائه من يبوسة استصعاب الأمر وباعتدالها على المحبة المعتدلة التي هي [كمال 
الاستقامة]2. ولا محبّة الهوى.ولا يصّح فيها التوافق إل على حكم العدل المنزهة عن 
الوق [فدل ذلك على حت الله] “الوحت 3 آراف اللدان بعت وحت ما أراد الله تعالى 
أن يصدق فيه [المحبة]7)» [وجمالها المحبّة الكمالية]! [بالأداء إليه» ويروى عن]6 النبي 
© أنه قال: صرت بريح الصّباء وهلكت عاد [بالدبور»”"؛ وذلك إشارة إلى ذكره وحبه]" 
تق وصدق حبّه العمل بشرعه؛ وحقيقته والا [ستكمال بما قدر من كماله؛ وفي ذلك]" 
إشارة إلى مساكنه. وأوطانه كمكة. وبيت الله الحرام؛ والمدينة» [ومسجده ##ك. وبدأ]"'' بالريح 
للطفها إشارة إلى تذكّره للطف الله تعالى إليه» وهي لا تُرىء إشا [رة إلى أَنَّهِ لا يراه كلّ أحد» 
وبالذي يلامسه]!!!) هو بجسده من غير تعض منه له بقبض يده ولا ينطبق لسانء ولا بإصغاء 
[أذن من النغم التي تصل إليه بسبب]21!) من سعيه إشارة إلى ما سبق محبة الله للعبد قبل محبة 


(1)في الأصل: [اليقضة]. 

(2) ما بين المعقوفين مطموس في الأصل والزيادة من س. 
(3) ما بين المعقوفين مطموس في الأصل والزيادة من س. 
(4) ما بين المعفوفين مطموس في الأصل والزيادة من س. 
(5) ما يين المعقوفين ساقطة من س. 

(6) ما بين المعقوفين ساقطة من الأصل والزيادة من س. 
(7) ينظر فتح الباري. 521[12. 

(8) ما بين المعقوفين ساقطة في الأصلء والزيادة من س. 
(9) ما بين المعقوفين ساقط فى الأصل والزيادة من س. 
(10) ما بين المعقوفين ساقطة في الأصل. والزيادة من س. 
(11)مابين المعقوفين ساقطة في الأصل. والزيادة من س. 
(12) ما بين المعقوفين ساقطة في الأصل. والزيادة من س. 


العبد لربه لثلا [يظنّ أنّه هو المتفضّل أولآ]'') لقوله تعالى: #تحيهم ويحبوتهء 21# 

وغالب الناس إذا مهم التعب من شدة الو[قتء وهبّت عليهم الرياح اللطيفة](2) 
[14] الغدية ف الدكان العدي من الأماكة العدية تذكرواايها ما تتيرقوا إلى وضولةاليلة 
كان أو نهاراً. 

وذكر شذاهاء وولوجه في الأنف وهو لطيف لايُرى مثلها إشارة إلى ولوج ذلك اللطف 
إلى العّل المطيب المفرج لهامقا كان فيه من سخ الخفلة, أو رين" المجهالة؛ والملطاك 
لذلك حتى يرقٌ» ويزول ذلك الرين» والوسخ؛ والضيقء وإنَّ غير هذا الطيب هو غير طيب 
إذ لا طيب إلا طاعة الله جل وعلاء وفي هذا إشارة إلى أنَّ المحبة لله كامنة في كل شيء 
لأنها خلقت لمحيّة الله في إيجادهاء وبكمال تدبيره» وكل كمال وجمال وجلال. فحقيقة 
المحبة محبة له وإِنَّما يمنع القلب التي تحل فيه عن محبة الكمال الحقيقي إلى الكمال 
الخيالي توسخه بالرين الضلالي أو بوسخ الغفلة عن رؤيته بالرؤية إلى المحسوسات 
ومثالاتها في القلب. والخيالاات». ومتى ظهرت ظهرت بالقصد والعزيمة والاستقامة 
في كل شيء كما تظهر النار من الحصى القوي الناريٌ مهما صودم بالفولاذ المسقى بعد 
حميه وإطفائه في الكبريت بالماء القراح فتعلق بالحراق. وفي ذلك إشارة على أنْ للمرء 
اختياراً في إظهارها منه أولاً وبانبعاث ما كان كامناً يصحٌ إمكان الترقّي إلى مشاهدة فعل 
من أفعال الله غير ذلك». وكلما انفتحت النفس بقوة الحضور والمشاهدة إلى الله تعالى 
بفعل أو بصفة من صفاته جل وعلا يُسمّى هو في حضرة تلك الصفة, أو في حضرة ذلك 
الفعل» أو في حضرة ذلك الاسم من الحضرات الإلهية» ولكنّ العقول غالبها تبتدىء في 
معرفة المحسن إليها من تجلي أفعال الإحسان عليهاء هكذا في المتعارف بينهم؛ فكان 
كذلك أول سلوك”© الطالبين الضعفاء المريدين» وأمَا المرادون فقد [يكونوا]) من 


(1) مابين المعقوفين ساقطة في الأصلء والزيادة من س. 

(2) المائدة. الآية 54. 

(3) ما بين المعقوفين ساقطة من الأصلء والزيادة من س. 

(4) الرّين: الطبع على القلب. ومنه قوله تعالى: بل ران على قلوبهم». والرّين هو الذنب على الذنب حتى يسود 
القلب. ينظر العينء ص325. 

(5)نى سن [الشلوك]: 

(6) كذافي الأصلء و[س]» وصوابها [يكونون]. 


73 


غير هذه الدرجات؛ لأنَّ أهل التّقَى!!) على أربعة أقسام: قسم هم أهل الظواهر الغافلون 
عن المكاشفة يعرفون الله تعالى بالتصديق والتحقيق بالحضرات الظاهرة من الأفعال 
والصفات ولكنّهم في غالب أمورهم في غفلة إلا إذا تذكروا ذلك عرفوه. بها وهؤلاء عامة 
المتقين غير المكاشفين. 

والقسم الثاني عرفوا الشهود وهي الأكوان وشاهدوا بها المشهود. [وهؤلاء أهل]”) 
الحضرات الظاهرية برؤية حقيقة الوجود. 

راكب الزاك الوزن الى اتير 1001 ]0 لهاء وكذلك هي في القسم الرابع 
عرفوا المشهود ولم يرجعوا إلى الشهود. 

وكل قسم يمكن ترقيه؛ لأن [أعلى المراتب مرتبة النبي © كما سيأتي الناظم بيانه في 
محله فأشار الناظم بظاهر لفظه أولاً بالنائم» من سنة الغفلة إلى القسم الأول وبالانتباه 
بريح الصبا إلى القسم الثاني أهل السلوك بالمحبة. 

بيان: وأشار في الباطن ]1 إلى القسمين الآخرين لأنّه أراد في الباطن بريح الصبا إشارة 
[إلى نفحات محبة الله التي لا يراها أحد إلآ]/؟) هو من حيث جاءت إلآّ من جهة إشراقها 
على مرآة ذات المرء [التي هي مرآة لتجلّي حضرات العلم بالله] رب الأرض والسموات 
الجاذية بطيب شذاها روحانية محبة [الذات العقلية إلى مشاهدات]) الكمالات الخفيّة 
والحضرات الإلهية» كما أنَّ الرائحة الطيبة إذا عظمت [تجذب روح الحياة بالاستنشاق] 
7 إليها حتى تفارق الروح الجسد قبل تمام حبٌ استجذابها لهاء [كما يحكى عن رائحة 


(1) ينظر عن هذه الأقسام موسوعة العجم. ص 1!6., وهناك غيرهم مثل: أهل الاتحاد. وأهل الإرادة؛ وأهل البساط. 
وأهل التشبيه؛ وغيرهم. 

(2) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 

(3) ما بين المعقوفين طمس في الأصل بمقدار نصف كلمة. وفي س يرد النصّ هكذا: والقسم الثالث نظروا إلى 
المشهود أولاً ثم عر فوا به الشهود, والقسم الرابع: عرفوا المشهود ولم يرجعوا إلى الشهود. 

(4) ما بين المعقوفين من س لاضطراب الكلام في الأصل. 

(5) ما بين المعقوفين من س لاضطراب الكلام في الأصل. 

(6) ما بين المعقوفين من س لاضطراب الكلام في الأصل. 

(2) ما بين المعقوفين من س لاضطراب الكلام في الأصل. 


الإكسير في الطرق]''' الجوانية إذا فتح وهو حار سَرّت رائحته من كل جهة إلى نصف 
فرسخ. وإنه” إذا استنشقه الروح انجذب إليهاء ولم يرجع إلى الجسد فتفارق جسده 
ويموت كما جرى على الحكيم ابن عبود حين خلا لعمل الإكسيرء وكان ابن الملك 
1 ]1 به فكمل إكسيره؛ وفجأه ابن الملك عند عمله. فلمًا رآه فتحه ليأخذه ويخفيه 
عنه فاستنشقه ومات, فغنم به ابن الملك» وهؤلاء هم المرادون كالنبي غك والرسل» 
والأنبياء عليهم السلام؛ والملائكة عليهم السلام؛ وفي الحقيقة كل مريد لله تعالى هو 
مراد. ومحبّة الله سابقة إليه!74). ولكنّ المثال أن الذي قيل له: هذا الماءء وهذا المال 
اسقيه. وكل واشرب منه؛ وعلى قدر عملك فيه تؤتى من الغلة» وأتنا كل يوم تحضرنا بما 
معك من الطعام والشراب لتأكله معناء أو لتسكر به في حبّناء وبين الذي يوجد من غير دربة 
بنفسه فيدنيه الملك في حضراته. ويأتيه بالطعام مهيّأء ويسكره بخمرة حبّه بنفسه فرق في 
حكم الظاهر فافهم. 

بيان: وقوله: لأ حيتي بلفظ الجمع إشارة إلى الذين يحبوته» وإلى الذين يحتّهمء وفي 
ذلك إشارة إلى محبة الله تعالى من قوله جل وعلا: #بحيه وَححيُوتد #. والله ##محِبٌ المَوَّبِينَ 
2 اتسوك قي وزهارة إلى تسل وين الله ده التي نرها وخك: اللزرييية 
محبته» ويحبٌ معرفته. ويحبٌ مشاهدة مراتب معرفته. وهي حضراته. ويحبٌ طاعته. 
ويحبٍ أعمال طاعته ومعرفتهاء وتعليمهاء وبها يحب كتابه العظيم» وجميع كتبه» وبها 
يحب نبيّه محمداً عت وجميع أنبياء الله. وملائكة اللهء وأولياء الله وبها يكره معصية الله 
تعالى» وبها يبغض أعداء الله تعالى» وبها يبغض أعمال المعاصيء على أنَّهِ يريد أن يتكلم 
في محبة الله تعالى» وصدقها اللإخلاص لله بدينه الحقٌ في كل شيء. وبها يحبٌ دعوة كل 
مَنْ يدعوه إلى الله تعالى» وإلى محبّة الله بلسان الحال وبلسان المقال. 


(1) ما بين المعقوفين من س لاضطراب الكلام في الأصل. 

(2) من هنا يبدأ السقط من الأم؛ وهو بمقدار عشرين ورقة تقريباء وسيكون الاعتماد على س وحدهاء وسيشار إلى 
انتهاء السقط فيما بعد, بينما سيظل الترقيم مستمراً وفق ما جاء في ترتيب الأصلء وممًا يذكر هنا أن هناك سقطأً 
آخر في الأم بمقدار ورقتين سيشار إليه في موضعه. 

(3) مابين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 

(4) وقفنا سابقا عند هذا فى معنى المريد الذي هو مراد فى الوقت عينه. 

(5) البقرة, الآية 222. ْ ْ 


اعلم أن المحبة الإلهية!') على [معان]!2) أحدها محبة الموصوف بها ذاته» وهي إرادته 
فإنّه لم يزل مريدء وما أراد كونه فقد أوجب كونه. وما أراد عدمه فقد أراد عدمه. وكل 
شيء أراده فقد أحتّه فالمحبة والإرادة هنا بمعنى واحدء وقد أراد كون الكافر ولا يحتف 
وأراد كشف اختياره في الطاعة لله» أو المعصية؛ ولا يحبّ منه المعاصي ولم يكن إلا ما 
أحبٌّ وأراد؛ لأنه انكشف ما أراد منه أن يكشفه منه فافهم. 

والمعنى الثاني من المحبّة الإلهية هو رضاه عن العبد بأعماله التي رضيها له أن يعبده بها 
فتكون المحبة والرضا معناهما متقاربان» ولكن المحبة فوق الرضاء إذ قد يرضى الله عن 
العبد بإكماله في الإخلاص له جلّ جلاله بدينه الحقء وقد أحبّه بذلك» والمقربون يحتهم 
أكثر مخ .يقية المؤمتين المتقلضين يقير تلك المراتت فيكوق الرها أول درتعات المخية؛ 
والمحبة هي التقريب الرضائيء. ودرجاته في هذه المحبة التي هي رضاه وتقريبه موصوف 
هو سبحانه وتعالى. 

والمعنى الثالث من المحبة الإلهية النسبية» هي محبة منسوبة إلى الله نسبة تولية محبة. 
ولم نقل تمليك؛ لأنّه مالك كل محبة حتى المحبة الفاسدة إذ ليس شيء هو غير ملكه؛ 
وقولنا: تولية محبة» أي هي لعل في الكلام سقطاء ولعلها أي هي تولية يحبها ويوليها من 
أراد أن يحبّه. ويقربه إليه» وهي نور عظيم يجليه على العين البصيرية» ويقبض نورها 
على الغريزية» والمدبرة فتذعن عيون الحجر من المرائي عقله إلى محبة الله» وهي التي 
جيف اللالها ادو وهل ضحي وكعت ا عدت رفكت ما رمك نارانريها؛ وفيا يعت 
ما يحبّ لها أن يحبّه لا غيرء وهي الداعية إلى الله تعالى» ولا تغلط العين البصيرية بهاء 
فإن قلت: إِنَّ كثيراً ممّن يحبّ الله تعالى» ويحبّ ما يحبّه له أن يحيّه وهو ضال بتأويل لا 
يسعد. فنقول: ذلك بحب العين الغريزية» وحبٌ العين المدبرة» ونور محبّة الله تعالى قد 
ذهب بسبب ضلاله» وبقي يحب بغير ذلك النور, فإن قلت: إِنَّ العين الغريزية» والعين 


(1) ينظر عن المحبة الإلهية ومعانيها موسوعة العجمء ص838. وما بعدهاء وموسوعة الحفني. ص940. وما بعدها. 

(0)زيادة من س 

(3) العين: إشارة إلى ذات الشيء الذي تبدو منه الأشياء. وهناك قوم علموا مصادر الكلام من أين» فوقعوا على 
العين» فأغناهم عن البحث والطلبء أي إن مقصودهم كان الله تعالى وليس سواه. وينظر عن أنواع العيون 
موسوعة العجمء ص684) وما بعدهاء وموسوعة الحفني. ص887-886. 


76 


المدبرة ليس فيهما حب لله تعالى فنقول: إِنَّ العين الغريزية تحب الجاه. والكمال 
الحقيقي والخيالي» فهي ترى مثالات الحقء وترى الخيالات الضلالية كالذي يتصوّر 
له السراب ماءً أو يتصوّر له شيئاء ويراه بعينه كأنّهم أناسء والقوي النظر يرى أن ذلك 
السرات لمن هو ماءة بل لا ينظر سرابا+ وكذلك يري أن هتالك لسن اخحد من الداسن؛ 
كذلك العين البصرية» أو كالذي تخيّل بالحبال والعصى أنها حيّات تسعى, والعالم ينظرها 
حبالء وعصيّاء فكذلك العين البصرية لا ترى إلآّ الحقّ حقَا والباطل باطلاً كالعصي 
والحبال؛ أو لا ترى شيئاً كالقويّ النظر الذي ينظر أنه لاشيء ما خيّله ضعيف النظر. 
فإذا فهمت ذلك فيمكن أنّ الذي رأته العين الغريزية خيالاً فظيّته حقاًء ولم تناظر العين 
البصرية. وهو مما لو ناظرتها لم نَرَ شيئاً؛ لأنّها تراه حبالاً وعضّياً فلم تنظره العين البصيرية 
إذا لم تناظرهاء ولم تمنعها عن شيء لم تنظره؛ ولو ناظرتها فيما رأته من هذا الخيال الذي 
هي تراه ليس [شيء]!) لحكمتّ عليها أن ذلك ليس بشيء. فلا أرى ما أنت رأيته وقد 
رسخ جماله واستحسانه في العين الغريزية فأحبته عب فلها ثافقت خيك لم تتاطر عن تحقل لهي 
بمنزلة رسول من الله تعالى ذهب نور المحبة الإلهية عن العين البصيرية» ولم يَبْقَ هنالك 
غير حتّها الأصلي الذي هو كامن فيها ككمون النار في الحصى القويء ولا يطلع منها إلآ 
نور محيّة الله تعالى» ولا يأتي نور محبة الله في [ ]'2) وقد وسخ بالنجاسات» 
فالعقل! بيت الربّ فهو مسجدٌ لله تعالى» وفيه محل نور معرفته. ومشاهدته. ونور محته 
هذه المحبة النسبية» ونور حقّهء ولا تحل هذه الأنوار الثلاثة الإلهية في مسجد نجس 
بضلالة لا يسع عاملهاء أو معتقدهاء أو بترك واجب عليه لله تعالى» فصمٌّ أنَّ محبة الله في 
المرء هي التي تطلب محبّة الله التي هي رضاه. وتقريبه إليه بدينه الح بالإخلاص لا غير: 
ومَنْ هام واجتهد بالجدّ والاجتهاد إلى أن يتصل بهاء وبها يتتصل إلى محبة الله الرضائية 
فجديز للع وار أذاك الجال و الشكواك يكز إن شرقه مكلك أو اعرق الوتعوة بذائعة عند 
لما أدّى حق وصول محبة الله الرضائية» ولا المحبة الإلهية الإضافية» ولو أتى ما أتى من 


(1) كذا في س. وصوابه [شيئاً]. 

(2) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها 

(3) العقل هو العلم بحقائق الأمور فيكون عبارة عن صفة العلم الذي محلّه القلب. أو هو المدرك للعلوم فيكون هو 
القلب. ينظر موسوعة العجمء ص647» وله معان أخرى. 


المثالات في الحب تعظيماً لهماء وإظهاراً لجلالة شأنهما ما بلغ الحدّ لمستحقّ أن يبالغ 
في القول فيهماء وأمًا بصفة أنه رآها في النوم» وأنه واقعها في طريق الحجّ. وهام بها فهي 
المحبة الإلهية الإضافية التي تبلغه المحبة الإلهية الرضائية إذ هي المقصودة بهذه. ولكن 
تلاك تكن عدها الأجياف» وإلر سل واللملؤتكة وم أخيزه الله الطفين أ ولبال وأا شيرف فد 
تتجلّى, ولذلك هاموا فيها خوفاً أن لا يذكرها مَنْ خفيت عليه» وهام فيها مَنْ شاهدها 
لجمالها فافهم. فإِنّهما يشتركان في الاسم والمقصود؛ لأنهما لا يحصلان إلا معاء وأيضا 
يشير بالمواصلة إلى مشاهدة الحضرات الإلهية وهى المعرفة باللهء ومشاهدة صفاتف 
ولكن ]راد ها رتر: احضو :وولةزمة الختيرة نانيت ذللنه 

وبالجملة إِنَّ بيته هذا هو كالجملة لما سيذكره في جميع النظم من المعاني» ويمكن أن 
تخرج معاني نظمه من جميع معاني هذا البيت, ولعله يأتي على جميع هذا العلم بالتأويل» 
وتأويل التأويل كذلك نازلاء وليس كلمة «لعل» مني شك فافهم ذلك. 

قال: 

3 -.شدت- فأسيرت للفؤاد. عَدَكَة أحاديتٌ جيران العُذيب فرت 

يقول: 

سرتء أي ريح. والشّرى المشي في الليل؛ واستعار ذلك إِمَا للَيِل سنة غفلته» وإمًا 
لليل رقدة جهالته فيتوب إلى الله تعالى» هذا لأهل الظواهرء وإمّا هو استعاره لنفحات 
بحة الله تعالى للمرادين قبل أن يعرفوا أنهم مرادون. أو قبل أن يولدواء ويظهروا في 
عالم الشهادة» وتُستعمل كلمة «السرى» لكل شيء يأتي في ليل أو نهار إلا الحيوانات فلا 
يطلق عليها الشّرى بأرجلها إلا إذا كان ليلاً. وأما إذا كان سرواً معنوياً فالليل والنهار فيه 
سُرىء وتقديره سرت غُدية؛ أي طيبة هواؤهاء وهو الجوّ وأرضهاء وأراد بذلك طيبة كذلك 
في رياض القلب وهوائه؛ واستعار اسم الهوا إشارة إلى الهوى الحبّي, واعتداله» وطيبه» 
فأسرت بكلامها العذب الحلو السّري غير الجهري الداعي إلى السلوك إلى حضرات 
الله وحضرات القرب. والكمال بالاستقامة في كل شيء بطريق الإلهام أحاديتٌ جيران 
العذيبء والعذيب والعذيبة ماءان معروفانء واكتفى بذكر أحدهما دون الآخرء وأشار 
بهما إلى ماء مكة, وماء المدينة» وأراد بذكر مائهما المورد. والماء هو واحد في النوع. 


ولذلك اكتفى باسم أحدهما دون الآخرء وأراد بذلك النبى قت أو هو والقرآنء أو هو وما 
جاء به بإشارته إلى المدينة» وبيت الله الحرام بإشارته إلى ماء مكة وجيرانهماء وتذكره 
لجيرانهما بذكره بيت الله الحرام في مكة» والنبي وما جاء به بتذكره جيران أهل المدينة» 
وأحاديثهما ودلالتهما إلى الله تعالى» ودلالتهما على محبة الله تعالى لنبيه» ولما جاء به 
من كتاب وسنة» وشريعة وحقيقة» وطريقة» ومكاشفة للحضرات الكمالية الإلهية. ويصح 
أن تكون المحبة سرت لهؤلاء وهم النبي لتنا وأصحابه ند وأن تكون سرت لمن هو 
قبلهم عن فيض بَحْر مَنْ يكون بَحْرُ كماله في هذه المواطن. ولم يأت بعدهم, فكلامه هنا 
مطلق عمومي. قوله: «فأسرت» فأوّلته سرورا وفرحا وطيبا. 

قال: 

ذ - مُهَينَمَةَ بالروض لذن رداؤها 2 بها مرض من شأنه بُرْء علّتي 

(مهينمة» والهينمة صوت الريح في الأشياء» أي ريح الصّبا ناطقة بصوتها بالرياض 
الحسنة الأشجار» فكأنّه مثل الأشجار كاللسان لهاء وإِنَّ أصل ذلك الكلام والصوت منها 
هيء وإِنّما لسانها الشجرية أو ما أشبه ذلك» بها يتكلم وفي ذلك إشارة إلى صفة ذات 
الإنسان العقلية أنها هي الفاعلة باللسان, وبالأذن. وبالعين» وباليد. وهي حقيقة كالريح لا 
ثُرى وإِنّما تظهر آثارهاء وأفعالهاء وأصواتها. 

والوجه الثاني الباطني يشير بريح الصّبا التي هي أفضل الرياح من الله تعالى إلى 
أرج نفحات محبة الله تعالى لعبيده المنبهة والداعية له إلى السلوك إلى مقامات قربه 
وحضراته: وحضرات كمالاته» وحضرات كراماته ورضوانه وحته. ومخاطيتها لأشجار 
القلب المشرقة من العين البصرية الداعية للعين الغريزية» والعين المدبّرة من العقل إلى 
اختراق المحسوسات بحواسهما إلى المشاهدة للكمال الإلهي الذي تراه هذه العين 
البصرية من تجلي علم الله عليها من غير جهة المحسوسات؛ لأنَّ العقل له هذه العيون 
الثلاثة» وكل عين منها إلى جهة يستجلب العلم من جهتها. 

وقوله: لدن ردائهاء فالرداء ثوب معروف تتوشّح به المرأة فوق درعهاء ولدونته من 
كثرة تعطره بلدونة الندّودات والعطورات. والروائح الحسنة حتى أثقلها حمله في التوشّح 
به وما تهديه هذه الريح من تذكارها للسلوك إلى حضرات ملك الملوك, مع أن محبة الله 


79 


قد سبقتها عند التذكر بهاء أو ما أهدثٌ رياح المحبة من الحضرات الإلهية إلى أمراء عيون 
العقل برياض القلب فتلين صعوبته» وتستنشق روائحها فتنجذب إليها روحانية محبتهم 
إلى مَنْ جاءت من عنده أجل وأشرف ممّا تحمله المرأة بردائها. 

وقوله: بها مرض من شأنه برء علتي, أي فيهاء أراد بهاء أي بالريح. أو بريح نفحات 
المحبة» وكلاهما فيهما مرض الحبّء وأراد بمرضه نحوله هو فعله بالجسد بكثرة النحول 
كما ينحل بكثرة المرض فاستعار نحول الجسد. وذهابه إلى مرض الذنوب بهاء وفنائهاء 
ومرض الصفات الذميمة الموصوفة النفس بهاء ونحولها بها إلى فنائهاء ونحو الغفلة» 
والحجب [المانعة]”!) عن [مشاهدة]2) الحضرات الإلهية» وذلك معنى قوله: من شأنه. 
أي ذلك المرض [برء] علتي بزوال ما أحبّ زواله. وبرء شوقيء واشتياقي بلقاءء ومشاهدة 
المكيرنيه كل لدتقاء حاتم عن فلن وتلنية ر فاق . 

قال: 

؛ - لها بياب الحجاز تحرّش به لا بخمر دون صحبيّ سكرتي 

وفيه تقديم وتأخيرء وتقديره: لهاتحودشضس بأعيشاب الحجازء وأراد بالحجاز الحرمين» 
وبالأعيشاب تصغير عشبء وهو الكلأ والشجر الصغير الذي ترعاه الدواب صغيرء 
تصغير محبّة للحرمين» ولمن له الكمال الأعظم من الحبّ الإلهي الظاهر في الظاهر 
الكامل فيهماء ويشير بتصغيره حبّأ إلى أن المحبّ إذا عظمت محبته في أحد أحبٌّ مكانه. 
وأرضه. ودواب أرضه. وأشجاره. وأحجاره» وأغواره حتى ينتهى بحب كل متوجّه إليه» 
أو صادر عنه. أوكن انق وك اراساةه اد كرا يرن وموضع تذكر أحبابه 
فيه» ويكون ذلك كالتحرّش لصيد قلبه إلى مَنْ يحبّه. 

والتحرّش هو أن يعمد المرء لصيد الضبٌ فيدخل يده في باب جحره. أي بيته من 
الأرضء ويحرّكهاء ويضرب الأرض بها قليلاً فيظتّها حيّة» ويقرب إليها مدبراًء أو يضربها 
بذنبه فيقيضه الصائد. فقال: فلان تحرّش إذا صاده بهذه الحيلة» وأراد بذلك من قوله لهاء 
أي لتلك الريح الحاملة إليه تذكار أحبابه الباعثة له إلى السلوك إليهم أو تلك النفحات 


(1) في س: [المانعت]. 
(2) في س: [مشاهدت]. 


الخفيّة ب الإلهية. اا 3 الإلهية 0 محبة فته اللموجدات لها 
ا يي ات 
بحره» وفي علمه أنَّ محلّ بحرها الأعظم يكون في الحرمين في العلم الأزليّ» وما كان 
في العلم الأزليّ فهو كذلك ثابت. فثبت أنَّ أصل بحر المحبة الإلّهية التي يكرم بها خلقه 
هو في الحرمين» وكل مَنْ أفيض عليه منها شيء قبل النبي أو بعده. ومَنْ كان عنده فهو من 
فيض هذا البحر الحرمي. فمن أهدت إليه بتذكار ريح, أو بنفحة منها فإنَّما هو صيد من 
فيض البحر الحرمي. 

وقوله: «به لا بخمر دون صحبيّ سكرتي خصٌ» وعمّم. وخصٌ بتخصيصه الأول 
للمجذوبين'! بها المرادين كالأنبياء» والرسلء والملائكة؛ والأولياء أهل الجذبة» 
والصحب هم المريدون الطالبون» وفي الحقيقة إِنَّ محبة الله سابقة لكل محبّ لله ولي» 
ولكن المقربون لهم السبق فخصٌ المقرّبين كلهم وعمّهم جميعاء وخصّ النبي فتك وأنّه 
هو الذي سكرا” بكمالها في أول الوجود. وفي حين الظهورء وإن فاض على غيره فليس 
هو فيضان نقصان كالبحرء بل مثل فيضان ضوء الشمس في الوجود كلما اتسع فيضانها دل 
على شرف ضوئهاء وإمكان اتساعه. فصيد صلى الله عليه بالمحبة الكاملة قبل أن يصيد. 
وأريد به قبل أن يريد» وججذب قبل السلوك فطوى السلوك في لمحة مجذوب عن الأغيار 
بمشاهدة الملك الجبار لكن بالصفات لا بالذات2). 

قال: 

5 كرتي العهد القديم لأنها حديفة عهد من اهيز مودتى 


(1) الجذب: هو أن يجذب الله تعالى عبده إلى حضرته؛ والمجذوب هو مَنْ ارتضاه الحقّ لنفسه؛ واصطفاه لحضرة 
أنسه» وطهّره بماء قدسه فحاز من المنح والمواهب ما فاز به بجميع المقامات والمراتب بلا كلفة المكاسب» 
والمتاعب. ينظر موسوعة الحفنيء ص704-703. 

(2) الشّكر: دَهَش يلحق سرّ المحبٌ عند مشاهدة جمال المحبوب فجأة فيذهل الحمنٌء ويلمّ بالباطن فرح وانبساطء 
بنظر موسوعة الحفنيء؛ ص295, وينظر كذلك شعر عمر بن الفارض- دراسة في فن الشعر الصوفيء د. عاطف 
جودة نصرء ص 136!. وما بعدهاء ففيه حديث مفصل عن [السكر ] ورمزيته عند ابن الفارض. 

(3) يلح الشيخ هناء وفي مواضع أخرى على أنَّ الرؤية هنا (بالصفات) لا (بالذات) انسجاماً مع قناعته التي ينها في 
مفتتح الكتاب. 

81 


يقول: وفي كلامه عموم للأولياء» وخصوص لأفضل الرسلء والأنبياء» فأمَا ما تذكره 
8 فمقامه يخبر عنه بلسان الحال أنّهِ يقول حين ظهوره في مواضع نُزل الحبّ الإلهي إليه 
المودع له: تذكّرني المحبة الإلهية العهد القديم يوم كنت نوراً ولا كون معي غير نوري!" 
فلا شاغل» ولا صاحب بيني وبين مشاهدة الله تعالى بالصفات. وتجلي علمه علىّ؛ فهذا 
التذكر هو الذي يزعجني إلى أن أكون كذلك كما كنت في ذلك الحالء وهذا التذكار لي 
على الخصوص. دون أهيل مودّتي؛ لأنها حلت فيهم؛ وصدرت أفعالهم منهم حديثة عهد 
لم يُقَض عليهم من بحر الحبَ الإلهي إلا حين مُلقوا فهي فيهم حديثة عهد. ومراده "بأهيل 
مودته؛ هم الرسل والأنبياء والأولياء؛ وليس المراد بتصغيرهم تصغيراً لهم بأنفسهم؛ و إنّما 
صفَّر فرقتهم لقلتهم لقوله تعالى: #وَوَلِلٌ مَنْعِبَادِفَالشَّكُورُ 204 فصعّر جملة الفرقة» فكأنّه 
قال: فريق أهل مودتيء وأما على العموم لجميع الأولياء أنهم يتذكرون عهد الله إلى آدم؛ 
وما أعطاه الله تعالى لذرّيته بقوله تعالى: وَظأَلَْهَنا ‏ م ديج 70). فكل مولود على الفطرة 
وعلى تلك الكرامة» وَأَسْبجَد الملائكة لأبيه آدم كرامة له ولجميع ذريته» ولعن الله إبليس 
حين عادى آدم» ولم يسجد لله بسبب عداوته لآدم» فكل مولود هو على هذه الكرامة» وثابت 
له ذلك ما لم يضيعه حين تنزل به بلية التعبّد بما لا يسعه إلا أداء الطاعة لله تعالى» فذلك هو 
العهد القديم مع معرفتهم بالعهد الأول أن لم يخلق الوجود إلآ لأجلهمء ولم يخلقهم إلا 
لأجل إخلاص العبادة لله تعالى فذكرته هذه العهود التي لزمته في حين ظهوره تلك العهود 
القديمة التي علمها أنّه لم يخلق إلآ لذلكء وإِنّما ذكّرته هذه تلك؛ لأنها حديئة عهد من أهل 
«أهيل مودتي»» أي من فريقة قليلة العدد. أهل مودّتي. 

وتقدير الكلام من «أهيل أهل مودي فحذف كلمة «أهل» التي هي بمعنى أصحاب» 
واكتفى بذكر كلمة أهيل التي هي بمعنى فُرَيْقة قليلة العدد. وهم الرسل والأنبياء الذين هم 
عجارا وله التهرة الذجنة: وإ كان اننكل مان لين ولاك اله دن قلغي وه 111 
وأن يذكر مَنْ تقدّمه من فرقته تعظيماً لها وتكريماً فافهم. 


(1) لا شاك في أنَّ الشيخ يتحدث هنا عن [الحقيقة المحمدية] التي أشرنا إليها فيما سبق. 
(2) سبأ الاية 13. 
(3) الطورء الآية 21. 


بيان: 

ولمَا أجمل بذاته أهل السلوك وخاصة خصٌ بذكر بداية النبي 2# بحكمه؛ فحكمه 
الكلام في تخصيص بداية كل امريء ما بدأ به وذكر أسماء الذات التي هي السمع 
والبصر والكلام والقدرة ومظاهرها التي هي الأذن» والعين» واللسانء واليد» وبدأ بذكر 
حاسّة الشمّ واللمس فجميع الجسد. ثم بالصوت واللسان بصوت الريح. ونطقها بلسانه 
وسماعه بالأذن» وقبض الصّيد باليدء وذوق الخمر''» للأصحابء. وأكمل مظاهر صفات 
الذات؛ وأشار إلى أَنَّ ذلك كله أفعال الذات. ثم ذكر فعل الذات بنفسها بالتذكار, وأَجْمَلَ 
جميع العلم في هذه الخمسة الأبياتء انتقل يتكلم بطريقة الإرشاد إلى بداية بعض 
السالكين من الأصحاب بتخصيص التذكار بالنبي #ن وأصحابه كد حين ذكرته ريح الصبا 
ونفحات المحبة الإلهية إظهاراً لما أشار إليه أَنّه هو المقصود في ذلك. 


فصل فى تخصيص التذكار بالمقام المحمدى من المريدين: 

قال: 

6 - أيارَّاجرا حُْمْرَ الأوارك تارك ال 2 مَوَارك عن أكوارها كالأريكة 

وفيه تقدير محذوف, وذلك لما تذكر بريح الصبا المهبّة من جهة الحرمين مع ما حملته 
من التذكار بلسان الحال. أو بنفحات المحبة المفيضة من ضياء شمس المحبة الكاملة 
الإلهية للظاهر في أرضهما الكامل إليه ولم يصرّحء وأراد أن يصرّح بتذكار السالك إلى 
موضعه إلى السلوك إلى مقامات حضراته التى هى الحضرات الإلهية» وتشوّق الطالب 
العريف: وتذكن بالواضل آولا مق حنهة تذكر السلو ف الجالك إلبهه قال «آنا ازاججرا 
حمرأ»» ولم يذكر بالحمر ما أراده؛ والحُمر هو كل شيء أحمر. وأراد بذلك وصف الإبل 
القاقية نيا اعم الح كروص لمك مووتوال اس يهو الكناي: لها بالتعداء البو يح المشفيتة 
من الأصوات الحسنة حتى تسير الإبل مطربة غائب حسّها عن شدّة نصبها وكثرة تعيهاء 


(1)التخيزة كنابة عر المسية الآلفية: أل الجعرفة الألبية والشوق إلى الل تفال ينظر ديواق: ان الفارضن وض 189 
واختبأت الخمر لأوليائي؛ ينظر الصلة بين التصوف والتشيع» ا239[1. 
عن 


فتجاوبه بالحنين الشجىّ المشجي كالنائح على شيء أحزنه فأشجاه وأبكاه. كذلك تذكر 
هذا بصوت الحادي للإبل» ووصفها بالحُمر في ألوانها إذ هو أحسن ألوانهاء فكأنه تذكر 
المحاسن والكمالات؛ وتذكر سيرة السلوك النبوي إلى حضرات الملك العليّ القوي. 
فقال: أيا زاجراً حمر الإبل» أي الإبل الحمر بارك فيها فوق ظهورها لأوراك إلى مائل 
إلى أوراكه قحدف الضمير وهو الهاء ترورة».وآراد أنه متووك عل أحد أوراكه فخدذف 
الفستر رهق الواة منوؤزة «وآراة المتكور لمان الخد الوراكةة ولفةة :و استع ناا كرات 
كأنه واضع أرجله في الموارك'"» وهنّ آلة تجعل للرجل يضعها فيها متى عياه الركوب 

قوله: «من أكوارها». أي رجلها متورك في بعض أكوار الإبل ثابت فيه هو له كالأريكة. 
والأراتك صغار السرر يجلس عليها بين القيام والجلوس فتكون رجلاه نازلتين إلى 
الأرض. ومجلسه فيهاء وأراد بذلك الثناء عليه في هيئة ركوبه وفراسته فيه. ويثني عليه 
لسلوكه إلى جهة يثرب شرّفها الله تعالى» فكأنّه أحبّ الإبل» وصوّرها من أحسن شيء؛ 
وأحبّ حنينهاء وصوت الحاديء وهيئة ركبته» وكل ذلك أثّر فيه قوة الشوق إلى الكامل. 
وإلى التكميل ببعض مقامات كماله. ثم قال: 

7 - لك الخيرٌ إن أوضحت تُوضعٌ مضحياً ١‏ وَججْبِتَ فيافي بت آرام وَجْرَتي2) 

يقول للراكب المورك على أوراكه في الموارك والأكوار» بارك هي له كالأريكة: 
لك الخير إن أوضحت. أي فإن بنت وظهرت على توضح (هو موضع من المواضع) 
«مضحياً»» أي وقت الضحى ثم جبت فيافي» وهي القفار والفلوات. حََبْت آرام وجرتي. 
والخبت المواضع الواسعة بين الجبال» وخبت الخميس موضع. ويجوز أن يضاف إليه 
صحراء بين الحرمين» ووجرة موضع بين مكة والبصرة ليس فيه منزلء تتريّى فيه الوحوش. 

تذكر بهذه المواضع طلبا وحبّا للوحشة من الناس, والأنس برب الناس مثل هذه 
الوحوش والآرام المتوحشة في هذه المواضعء والآرام هي الظباء. 

يقول: إذا وصلت إلى هذه المواضع ولم يذكر مراده بعده. 


(1) في العينء ص898) الوراك والموركة من الرّحال: الموضع الذي أمام قادمة الرّحخْل. 
(2) في الديوان: [وجرة] بدل [وجرتي]. 


قال: 

8 - ونكبِتَ عن كُنْبِ العُرَيض معارضاً ١‏ لحزوناً لُحرُوى سائقاً لسويقة 

و - وَبايْنْتَ بانات كذا عن طويلعح سسَلّْع قَسَل عن جِلَّةٍ فيه حَلَّتَ 

94 وق تبنكاة افرئق كلقا قلقت ويا نه على الى 

1 - فلي بين هاتيك الخيام ضنيئة ‏ علي بجمعىي سَمْحةٌ بتشتي 

يقول: وإذا نكبت: أي نزلت هابطاً من كثب العريض جمع كثيب الرمل» وسرت 
معارضاً. أي مائلاء طالباً حزوناء وهو الموضع المرتفع لحزوى إلى حزوى سائقا 
بالحدي للإبل بصوتك المشوق المذكر إلى تلك المواضع تسلك فيها موضعاً بعد 
موضع. ثم هي مذكرة إلى السلوك إلى الله تعالى من مقام إلى مقام» ومن حضرة إلى 
حضرة من حضرات الله التي هي حضرات كوشف بهاء ووصل إليها مَنْ أنت سائق إبلك 
إلى نحو منزله. فكذلك سائة ئق لفؤادي إلى نيل بعض كراماته. فإذا باينت» أئ جاوزت 
مواضع بانات كذا عن طويلع؛ تصغيرٌ محبةٍ لطالع؛ أي صاعد بسلع. أي بموضع سلعء 
وهو جبل صغير بالمدينة» فَسَل عن خلة فيه حلت. 

بييان في الجُُلّةا'' العظمى بالمحبة الكبرى. والمُلة هي أن يحب أحدٌ أحداً بأعظم محبته 
للأشياء, قال النبي #لل: لو كنت متَّخَذاً خليلاً لاتّخذت أبا بكر خليلاً2» ولكن صاحبكم 
خليل الرحمن فليس بعد الخلة قرابة؛ لأنّها لو زادت المحبة لغير مَنْ اتخذته كانت الخلة 
لمن أراد بدت له المحبة» وَُلّة الله لرسوله محمد قي لا يجوز أن [تفاومها]” ُلة» فصحّ 
أنَّ أعظم محبة الله للأشياء» هي محبته لرسوله عل فهو حبيب الله. وخليله» فإن قلت: 
كيف قيل إبراهيم الخلا خليل الله. ومحمد كل حبيب الله؟ قلنا: ذلك إظهار لمعرفة حظ 


(1) الُلَة: هي تخلّل شمائل المحبوب روحانية المحبّ حتى تتكيف بها النفس والروح وسائر الجملة الإنسانية» 
فتتحرك أعضاء المحبّ عن إرادة المحبوب المتحرك بها القلب فتستحيل المخالفة. ينظر موسوعة الحفني. 
ص 738 ويلخصه بيت الحلاج: 
جاتحت افى متفتر را سسهدر إلااوفيه للكمُُِ ذكلر 
ينظر ديوانه. ص 301. وكذلك موسوعة العجم؛ ص 326,. وما بعدها. 
(2) ينظر فتح الباري. 7/ 17» باب المناقب. 
(3) كذا في سء ويجوز أن تُقرأ [تقاومها] بمعنى أن تقف إزاءهاء أو ترتفع عليها. 


85 


إبراهيم عند الله والنبّ معروف بغير التسمية بذلكء وإلآ ففي الحقيقة أن محمدأً كي هو 
خليل الله تعالى» واسم الحبيب يطلق على كل محبوب قلت المحبة أو كثرت» ولما تذكر 
الخلة الإلّهية» أي اتخاذ الله تعالى محمداً غلك خليلاً حبيباء وانجذب حتّه إلى حبه دوماً 
أن يفاض عليه من بحر حيّه. قال لزاجر الإبل إذا وصل يثرب شرّفها الله تعالى: وعرّج 
لذيّاك الفريق تصغير محبة لذلكء والفريق الجماعة من الناسء وأراد النبن 6 وأصحابه 
الناصرين له المهتدين بهداه. السالكين سلوكه السائق الأول أولاً محبة لوصوله لوصول 
سلامه إلى مَنْ أراد أن يبلغهم سلامه؛ فقال: سلمت»ء أي سلامة لكء أو لك السلامة, ثم 
كن مبلّغا عني إذا سلّمت واصلاً عُريباً هناك تحيتي» وهم النبي ف وأصحابه المرتضون 
الذين استقاموا على استقامته جميعاً د وصعْر عُريباً وفيهم النبي هلك ولا يجوز تصغير 
الأنبياءء ولا الملائكة, ولا كتب الله تعالى. ولكنَّه هو لم يصعّر العرب النبي وأصحابه. 
وإنّما مراده تقليل عددهم, فهو معبّر تصغير محبة لعددهم لا نفوسهم فكأنّه قال: فريقة 
العدد. وعظيمة مع الله. كثيرة الفضلء شديدة على أعداء الله مع كثرتهم. فافهم. 

وقوله: فلي بين هاتيك الخيام: أي البيوت ضنينة علي» وأراد ضنينة ضنينة مرتين» 
وإِنّما اكتفى بذكر مرةً اتكالاً على فهم السامع؛ وله في معنى ذلك وجوه. الوجه الأول: 
عنى بضنيئة محبته. أي فلي هنالك محبة عظيمة لتلك الُلّة دوماً أن يفاض عليَ منها ما 
يقربني إلى بعض حضراتهاء وبعض مقاماتهاء وهي ضنينة عليّ» متعزّزة بامتناعها بجمعي 
بها لقصور درجتي عن الوصول إليهاء سمحة بتشتّتي» أي بفرقتي بيني وبين الوصول إلى 
تلك المقامات العليّة. 

والوجه الثاني ضنينة» أي محبة عظيمة عزيزة عالية عليّة أصلها من فيض بحر تلك 
الخله الأانيية المجميف: للذاكة الا جمد ونا #انددة من هر فلة زرفي إل أن 
يرجع إليه. فهي طالبة الرجوع إلى بحرهاء والسلوك إلى حضراته. والتقرّب إلى قرباته 
فهي شديدة علىّ في طلبها الكمالات والحضرات بجمعي بهاء سمحة بتشتّني» أي بتفتت 
كبدي» ونحول جسديء وفنائي» وقتلي» وهلاكي كما فعلت بالنبي 5 وأصحابه في 
بذلهم الأموال؛ والنفوس لله بأشد القتال فكم تركته صريعاًء وكم راجع على حسرة حيث 
لم تََنّه المحبة الإلهية» ولم يمت بها قتيلاً» فتراه يجتهد في طلبها حتى يرى نفسه أنْها قد 


أخذت روحه. ومات موتاً لا يرجع إلى الحياة. 
فصل في آثار أفعال الخلة الإلهية بالذات المحمدية. وبآثار أفعالها بمن عظم فيض 
بحرها إليه من أصحابه. أو مَنْ كان قبله. أو مَنْ جاء بعده بلسان المقام الأحمدي غك: 
قال: 


ينا - 0 8 ع . 7 
2 - مُحَجبة بين الأسنّة والظبا إليها اشنث ألبابنا إذ تثنت 


13 - منقمة خَلْعُ العذار نقابها 2 مسربلةٌ بُردين: قلبي ومهجتي”'' 

4 - تيح المنايا إذ تُبِيحُ لي المنى وذاك: ..رخيش دن يمسن 

5 - وماغَدَرتُ في الح بّأنمَدَرتُ دمي 2١‏ شَّرْع الهوى لكن وَنَتْ إذ تَوَفَْتَ 

يقول:لمّا ذكر شوقه. وحبّه. ورغبته إلى الوصول إلى مقامات هذه المحبة الإلهية 
الكاشفة لمعرفته سبحانه وتعالى ناداه المقام المحمدي بلسان حاله عن حاله لصاحبه. 
وأصحاب صاحبه: نعمء وصحيح أنّها هي الكمال المطلقء وإليها الوصول وبها إلى 
الحضرات والدرجات,. ولكنّها محججبة بين الأسنّة (وهي الرماح). والظبا (وهي السيوف)» 
وإليها انئنت. أي رجعت ألبابناء أي قلوبنا إذ تثّت. أي حين لانت صعوبة انقيادها برؤيتنا 
لجمال نورها. 

وقوله: منعمة خلع العذار نقابهاء أي منعمة» أي ملطفة محاسنهاء وكمالاتها خلع 
العذارء وخلع العذار هو [ ]2 خيط على وجه المطية يربط فيه زمامهاء 
فإذا خلعه سارت كيف شاءتء فاستعاره لخلع نقابها وهو الثوب الذي تغطي به المرأة 
وجههاء يقول: قد خلعت نقابها لتفعل فينا بمحاسنها كيف شاءت من قتل أو هلاك. 

مسربلة بردين» والبرد الثوب يلبس وقت البرد. يقول: ملبسة بلياسين هما قلبي 
ومهجتي. أي نفسي ومهجتها؛ لأنّ حقيقتها هي نودٌ في القلب تبيح لنا المناياء أي الموت 
تخبره لنا أن نتهالك فيها وعليهاء وهي تعدنا أن لا تبلغنا ولا تبيح» أي تسمح ببلوغ المنى 


(1) في الديوان: [ممئعة] بدل [منغعمة]ء والشرح هنا يشير إلى [منغمة]. 
(2) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 


منها وبها إلا ببذل النفوس قبل الأموال على حكم أحكامها لا على الهوى''! المتبع؛ 
فلذلك وجب اتباع مَنْ يجمعها فيه وكما لها في باله وبها جاز الجهاد» ووجب في مواضع 
وجوبه. وإلآ فالنتّة لها لو أرادت قتله في حكمها لقادها لها وهي قد حكمت بالفناء 
والهلاك لأهلها. 

وما غدرت. أي وما خدعت إن هدرت,. أي سفكتء وهراقت في الحبّ دمي. وليس 
ذلك وفاء لما نادت به على أهلهاء ولكن أن توفت النفس فقد وفت بقولهاء ووفت بتمام 
مرتبة محبتها لمن حلّت فيه؛ فكيف تصحّ دعوى محبتها من إثر هواه بترك أوامرهاء وفعل 
مناهيهاء أو يتشاغل بشيء عنهاء وكيف يدّعي نظرة من محاسنهاء وهو متشاغل بحبّ 
غيرها؟ كلآً: بل كلّ ينجذب إليها على قدر قوة نورها فيه. ولا ينفع علم ولا عمل إل بهاء 
فهي الأصلء وبوجودها يصحٌ الرضا قلّ العلم أو كثرء وبعد مهما يقع السخط والجهل 
الظلمي قل العلم أو كثرء وهي الكاشفة لحقائق الكائنات بنور العلم» والكاشفة للحضرات 
الإلهية مع الاقتداء بنور العلم» وهي النور الأعظم» وهي المضيئة للعلم في قلب المرء 
وهي التي قال الله فيها نوز السَّملونتِ وَالْارْضٍ مَثَلْ نوروء كَيِشْكَوْوَ فا مِصَبَاحٌ 24 الآية. 
فإن قلت: إِنَّ ذلك نور العلم بالله في عقل المؤمن لقول الله: لور ألسَمنوتٍ وَالْارْضٍِ *. 
ومعلوم أنَّ نوره في السموات والأرض هو العلم به'؟". فتقول: إِنَّ معرفة الله في السموات 
والأرضء ولا تشرق معرفته بدلالة معرفته من السموات والأرض في عقل المرء إلآ 
دوو ليها به الله لعندى فو قله لكر 0 لبس للديع 4و عله يكال ترات 
والأرضء ومثل نور محبته المضيء المشرق في قلب المرء من العين البصرية كالسراج 
المضيء على عيون أمراء العيون الفعلية فيرى بذلك السراج نور الله بالدلالة من السموات 
والأرضء ومن عالم الغيبء فالسراج هو نور المحبة» والناظرون إلى نور الله هم الأمراء 
الثلائة المضيء عليهم فيرون بعيونهم نور السموات والأرضء والدليل على أنَّ السراج 
هو مثل لنور المحبة الإلهية في قلب المرء لوجود كثير من المتوغلين في العلم بتوحيد الله 
تعالى» والمعرفة به. وعلم شرائعه. وعلم الحقيقة» وعلم الطريقة والمكاشفة وهو قليل 


(1) في س: [الهوا]. 
(2) النور الآية 35. 


(3) عن هذا التأويل للنور ينظر موسوعة العجم. ص 997. 


الإيمان» أو ضال بتأويل ضلالي إلى مستحل لباطل لا يسعه ذلك في الحقيقة» ليس فيه نور 
سراج المحبة» وعلمه كله ظلمة» ومظلمء وكثير ممِّن هو قليل العلم بتوحيد الله. وقليل 
العلم بدينه» قويّ الورع لا يقدم على شيء إلا بعلم من نفسه لقادها إليهاء وذلك العالم 
المعدم منهاء أو بالسؤال شديد المحبة لله لو حكمث عليه محبّة الله التي بقلبه على قؤد 
نفسه لقادها إليها. وذلك العالم المعدم منها يخالف حكمها بأدنى شيء, فإن قلت: كذلك 
كثير ممّن فيهم محبة الله من المستحلين ما لا يسعهم في دينه ولو وجب عليه لقادها الله 
فنقول: إِنْ محبة تلك محبة نفسه لا محبة الله فيه» وكل واحد من هذين ففي الحقيقة ليس 
فيه شيء منهاء ولو كانت فيه أدنى شيء منها لما طلب غير رضى الله تعالى في كل شيء 
لأنتها لا تقف إلا بأعمال'" الخالصة لها بالحق والعدل التي حكمت بهء فصمٌ أن النور 
نورها وهي التي تعرف الله تعالى» وهي الموصلة له إليه فافهم ذلك. 


(1) كذا في س. ولعلها [الأعمال]. 
69 


الباب الثاني 


في الاتصال بالمحبوب بالرؤية المنامية بمشاهدة جمال المحبة الإلهية» والحضرة 
الإلهية وهي المعرفة بالله تعالى» وفي التوسّل بتجريد الصفات النفسانية الخلية براية 
المحبة الإلهية بلسان المقام المحمدي #ة: 

قال: 


4 
- أ 


16- متى أْوْعَدَتُ 


الدّقة ا 


لم لش ادة 6 
ولت وإن وعدت لوّت وإن اقِسَمَت لا تبرئ برت 


اص ا ابن . ا 5 5 ع8 7 : 3 كم 
7 - وإنْ عَرَضْتَ أطرق حَياءً وهيبة وإن اعرضتث اشفق ولم اتلفت 
0 ل إلى ٠‏ ا 0 ِ 5 5 و 
8 - ولو لم يَزْرني طيفها نحو مُضجعي قفضيت ولم اسطع اراها بمقلتي 
يقول: متى أوعدت. والتوعد في الأصل يستعمل للشرّء وليس في أفعالها شيء من 
الشرّ إلا لمن أطفاها عن ذاته. ومال عن أحكامها إلى ما لا يسعد. ولكن هنا أراد بعض 
معناه فاستعمله للتوعد فى الظاهر بنحول الجسدء, وتحمّل البلاء» والتصعبء والمصائب» 
وبنزول ذلك عليه منها وإن وعدت. والوعد يستعمل لإعطاء الخيرء وأراد وإن وعدت 
بالراحة لوَتْ أي ثنت» وإن أقسمت لا تبرء القسم, بّت. 
وأراد بالسقم ألم الخوف من بُعدها عنه. وذهابها منه فلا يقرّ له قرار حتى ترقيه إلى 
مقامات القرب. والحضرات الإلهية. 
وقوله: وإن عرضت على رؤية عيون عقلي أطرق حياءً وهيبة منها ففي الظاهر الظاهر 
من حسن جمالهاء وعظمة شأنهاء وفى الباطن حياء ممّن جلاها على ذاتى» وهيبة منه 
وإن عرضت عن رؤيتى. ولا عن ذاتى أشفقء, أي أخاف أن أنسى حقّهاء وأعقل عن رؤية 
جبالياء ومجاستها فأشمكل عنها بديتقا فاكون متعدلاً حك غرها مكار سس كاه أن 
تذهب بشدة الغيرة» ولم أتلفت لأجل ذلك عنها إلى غيرها. 


91 


وقوله: ولو لم يزرني طيفها نحو مضجعي قضيتء يحتمل معنيين أحدهما لو لم تُزرني 
طيفهاء أي خيال جمالها نحو مضجعيء أي في مناميء بل رأيتها في اليقظة!!»» قضيت» 
أي ضعفت وهلكت في الحالء ولم أستطع أراها بمقلتي فلا أتدارك حتى أنظر جمالها 
بل يهلكني في أول لحظة. والمعنى الثاني ولو لم يزرني طيفها في منامي لهلكت من كثرة 
شوقي إلى نظرها ولكن رأيتها في المنامء وأمّا في اليقظة!*' فلم أستطع أراها بمقلتي. 

وأعلم أنه بدأ برؤيتهاء أي المحبة الإلهية» والحضرة الإلهية في المنام ليكون السلوك 
مرتّبا ترتيباً كامل النظام هكذا غالب كل أمر عظيم تأتي الرؤيا قبله بخيرء أو شرّء وفيما 
يُروى عن خديجة 9 . وعائشة 9 أنّها قالت: كان النبي هت قبل نزول الوحي عليه كثير 
الرؤيا فيما يدل على شرفه*7'» وكان لا يرى رؤيا إلآ وتصدق فافهم ذلك. 

قال: 

19 - تَخيّل رُوْر كان رورٌ خيالها ‏ لمشبهه عن غير رؤيا ورؤية 

يقول: وقد تخيّل زوراء وأصل معنى الزُور المَئْن# ولكن هنا لم يُِدْ إلا بعض معناه 
أي تخيّل خيالاً باطنه على غير ظاهره» وكان من أحوالها أن تخيّل خيالاً ظاهره على غير 
باطنه وإنَّهِ لمشبهه في ظاهر الأمر في عقل مَنْ يرى خيالها كذلك من غير رؤيا في منام؛ 
ولا خيال ظاهر فى رؤية العين» بل تخيّل ذلك بالأفعال وذلك مثل ما ابتلى أهلها!" بالفقر 
وكات القفو وما رسعادن فلم الظلطة زولا قذ لم هن ذلك إلى كر زراكاعقا لا يد تر 
المعياتي القى فى :ل ادها عبالاً على يزاظطتهاء لأن ذلك تعزو مها حفيقة المي :وما يضلا 
إلى أهل الظالم يمن البحدط والدر فق لئنا ريقو 1 وبرمرية شوافي خيان المحبة» وما يصل 
إلى أهل الظلم من الحظ والتوفيق لما يريدونه” ويرمونه في خيال المحبة؛ وفي الباطن 


(1) في س: [اليقضة]. 

(2) في س: [اليقضة]. 

(3) ينظر فتح الباري؛ 12/ 351. كتاب التعبير. 

(4) المَيْن: الكذب. ورجل مَيُونَ: كذوبء العين.؛ ص 799. 
(5) أهلها: أي أهل تلك الحضرة العالية. 

(6) في س: [يريدوه]ء وما أثبتناه أصوب. 

(7) في س: [يريدوه]. وما أثبتناه أصوب. 


أنَّ ذلك هو حقيقة سخطها وغضبها فافهم. 

قال: 

0 - لِفَرْطِ غرامي ذكُرَ كبس بوجده 2 وبهجتها لبنى أَمَتّ وأمّتا'ا 

يقول: وكان يتكلم في المحبة ثم انتقل يتكلم في حاله بهاء فقال: لفرطء وأراد هنا 
بعض معناه فاستعاره لمعنى فيضء ولكثرة فيض بحر غرامي. أي حبّيء وبُعد ساحله 
وغزارة قعره. وشدّة تموجه باضطرابي فيه أفاض إلى قيس لمعشوقته حتى اشتهر به فكانت 
ذكر شه كتين وده ليزه يهتنا [الشن] بن ذلك الفيعن أمنت أ صيدت لكر 
حتي» واضطرب وتموّج من اضطرابي به» وفاضت قطرة من موجه قامت نحوهماء ومحبة 
الله أجل من هذاء ولكن هذا تقريب للأفهام» ويقول: إن أصل المحبة كلها جميعا كمالئ؛ 
وبَُريء وما أفيض على الخلق إلا قطرة منها وقسمتء وأصل المحبة وما وضعت في 
حجر امرئ إلا ليعبد الله تعالى بهاء وإِنّما العاصي يصرفها في غير ذلك؛ وأمَا هي فما 
لم تدنّس بشيء فلا تطلب إلآ الكمال الحقيقي. وطلبت حب المظاهر وتركت الظاهر 
[وإذا تدنّست حجبها ذلك الدَّنس عن حبّ الظاهر جماله وحسن كماله في كل شيء] 2 
وأحبّت المظاهر الظاهر فيه جماله فأحبّت الصنعة لأجل حسنها الظاهرء وتركت حبّ 
الصانع وحبّ علمه وحكمته الظاهرة بتلك الصنعة مع أنَّ حب حكمته من علمه مع ترك 
حبّ ذاته لم يكن خالصاً له؛ لأنّه يحبٌ الصفة ولا يحبٌ الموصوف. فهو كالذي يحبٌ 
العلم بالله ولا يحب العمل له. وحقيقة المحبة من العبد لربّه - إن صدقت بالإخلااص 
بدينه الح إليه - هي محبة الله للعبد لا غير فافهم. 

قال: 

1 - قَلَّمْ أرَ مئلي عاشقاً ذا صبابة ولا مئْلها معشوقة ذاتَ بَهْجة 

يقول: فلم أرَ مثلي محتاجاً قوياً عظيماً ذا صبابة» أي صاحب محبّة شديدة بالغة. ولا 
مثلهاء أي المحبة الإلهية وجمال الحضرات الإلهية. والأعمال الإيمانية» وجمال الطاعة 
لله تعالى محبوبة ذات بهجة وسرورء والبهجة نظارة أشجار البستان» وشدة زهرته. 


(1) في الديوان: [بفرط] بدل [لفرط]. 
(2) ما بين المعقوفين مكتوب في الهامش. 


وقوله: عاشقاً ومعشوقته وفي حبّ الله لا يصح الوصف فيه بالعشق"؛ لأنَّ العشق 
نما يطلق على حبٌ المحسوسات. أو المخيلات إذا قوي كثيراء فأمَا في الله. وملائكته. 
ورسله. وأوليائه والأعمال الإيمانية وما أشبه ذلك فلا يطلق على الحبٌ فيهم عشقاً. 

فإن قلت: أفلا يقال لمن طلب بقوّة المحبة علم الشريعة والحقيقة إِنَّه عاشق لذلك؟ 
فنقول: نعم على معنى التوسّع بمجاز اللغة. وأمَا في الحقيقة فلا يسمّى عاشقاًء ولكنّ 
الشيخ لم يرد بالعشق هنا إلا بعض معناه فيكون قد استعار لفظه إلى قرّة المحبة» وصفائها 
كما يستعار اسم الأسد للشجاع, والسراج لنور الإيمان ونور العلم ونور المحبة. 

واعلم أنَّ المحبة التي يحبّ المرء ء بها محبّة الله تعالى له هي هي لا غيرها فهي تحَبَ 
هي» وهي تُطلَبٍ هيء وهي تحب معرفة الله تعالى:» والعلم به وهي المعيّر عنها بالحضرة 
الإلهية» أي معرفة الله تعالى لا غيره؛ ولا لوم على شفقة حبّها. ومن الصنك بها النسن 
طلبت الزيادة أيضا من المعرفة إذا صحبتها قوة المحبة الإلهية» وطلبت الإخلاص لله 
تعالى بالأعمال الإيمانية وأحيّت الاجتهاد في تعليمهاء وَإِنّما هي تطلب الزيادة فتكون 
هن والزنالة فى إلى ها شناء الله اتعالق: ولذلك ضارت مح النعره التورمن :مسحي الله شد 
كلّ محبّة حبّاً لمحبة الله لها فافهم. 

قال: 

2 -هي البدرٌ أوصافاً وذاتي سَماؤها سَمَتْ بي إليها همّةٌ أيٌّ همة©) 

يقول: هى البدر جاءت أوصافاء أي تمئيلاًء وأراد محيّة الله تعالى الكاشفة معرفته 
الذاعية إلى :طاغته, 


وذاتي سماؤه؛ أي أسماء له قد سَمَتْ بي إليها همّة في طلبهاء أي عَلَتْ بي همَّة أي 


2 


هنةغالة لآن حة الله عمال لا ححاى ,عل : النوع ]13150 ظنهاء و اغعلفن الأعنان 


(1) هذا تأويل من الشيخ يدل على رسوخ قدم في علم الحقيقة» جاء في موسوعة الحفني. ص872: «العشق في 
جانب الله جائز ولكنه لا يصدر من الله. فالإنسان له أن يعشق الله. ولا ينطبق هذا الاصطلاح عليه سبحانه؛ 
فالعشق لا يتحقق إلا بالإدراك, وذات الله لا نُدركء والمحبة قد تحدث بالسماع. وإنّما العشق لا يحدث إلآّ 
بالمشاهدة. وعلى ذلك لا ينطبق على الله». 

(2) في الديوان: [همتي حين همّت] بدل [همة أي همّة]. 


الكاملة الاستقامة لها بهمّة عالية» وعزم قويّ, وَبَذّل نفس ومالء وجميع ما يحب بذله. 
وصفاؤه إيمان ومبالغة وورع وعلم بالله وبدينه وبقوة اجتهاد إلى حدّ بلوغ المراد» مع أنْها 
غير مأمونة من ارتفاعها عنه في كل لحظة إلا ما دام في كل لحظة على استقامة رضاهاء 
فلذلك قال: همّة» أيّ همة» وهذا يدل على أنه منى قضّر في شيء لا يسعه أن يقضّر فيه من 
أداء الطاعة ارتفعت عنه بالحين والحال إلى أن يرجع ويتوب فهي مثل البدر يذهب نوره 
ويرجعء فإن قلت: كيف لم يقل كالشمس؟. فنقول إِنْه أراد أنْ محبة الله التي ينزلها على 
سماء قلبه الداعية إليه إلى حبّ محبة الله هي مثل البدر في إمكان ذهاب نورهاء ورجوع 
النور إليه» وفي اكتساب النورية من الشمس إلى مبلغ رتبته كذلك تكسب محبة الله التي 
هي في سماء قلب الولي كالبدرء الزيادة في محبة الله مثل اكتساب البدر عن الشمس» 
وأراد بالبدر هنا القمر أو الهلالء وإِنّما سمّاها البدر تعظيماً بأعظم أسمائه؛ لأنَّ الهلال 
هلال مع الحقيقة» وحكماء الصنعة الفلسفية في التمثيل لا مع أهل الفلكء ولا أهل العلم 
من ١١25‏ إلى خامس من شهر الآخر والقمر من سادس إلى عاشرء ومن إحدى وعشرين 
إلى 5 والبدر بدر من عاشر إلى عشرينء وأمّا مع أهل العلم فليالي البدر هي 13 و14 
م ل الصا تاي ري لصي عر واي 
التمثيل لدلالة امتناع الزيادة2) فافهم. .- ١ ٠‏ 

قال: 

23 - منازلها مني الذراع ا وقلبي وطرفي أوطنتثُ أو لك 

يقول: وفيه تقديم وتأخير وتمثيل» فمثل العقل سماء البدرء والعين البصرية منه 
كالهلال» ومحبة المحبة الإلهّة التي فيه كون البدر في هلاله حتى صار بها بدراً في سمائه. 
وهو في باطن السموات كلهاء وباطن الأفلاك كلها. 

ومثّل الفلك الذي فيه المنازل بجسد الإنسان المحيط بسماء العقل» ومثّل المنازل التي 


(1) كذا فى سء وبقية الأعداد. 

(2) هذا تأويل فيه عمق شديد. وتغلغل أذى إليه معرفة الشيخ العميقة بالفلك. ومنازل القمرء وربط ذلك كله بما هو 
فيه من شرح بيت ابن الفارضء ونرى الشيخ ناصراً نفسه يصف علم الفلك بأنّه علم شريف جليل» ويقف عنده 
في كتابه (اللإخلاص). ينظر ص 188. وما بعدها. 


يدور عليها الهلال والقمر والبدر بمنازل مظاهر العقل الذي هو هلال وقمر بمحبة الله 
تعالى» وبدأ بها ودوران أفعاله في منازله التي هي البدرء وكتّى عنها بالذراع؛ لأنها منزلة 
سعيدة في الفلك يدل على الأعمال الصالحة [ ]''' عطارد الدال على العلوم؛ 
ومقاربة نور الشمس التي هي المحبة الإلهيّة» والحضرات الإلهيّة. والأعمال الإيمانية: 
وكتب الله» ورسله» وأشار بالطزف إلى العين من مظاهر بدر العقل» والطرف من منازل 
القمر[آ ]2 القمر الدّال على العين البصيرية من سماء العقل. وبرجها السرطان الماوي 
الدّال على الظهور والمظهرء وفي ذلك إشارة إلى رقّة القلب. وإلى المعرفة بالله المظهرة 
للذات ولمظاهرها» وإلى السمة الإلهيّة المظهرء وإلى العلم المظهرء وإلى السلوك 
المظهرء وإلى العمل المظهر إلى غير ذلك. 

ولمامان لبد وشقلة متازل كنا أن لبدو البجاء سارلاو أختار إن يعضن ختازل العقاق 
إلى اليد والعين فقد أشار إلى الأذن واللسان. وتقدير البيت يقول: بعدما مثّل عقله بسماء 
البدر والعين البصيرية منه بالهلال ومحبّة الله تعالى بنور البدر فقال: وكذلك سماء قلبي 
قد أوطنت المحبة الإلهية فيه يُديرها كما يدور هو على منازلهء وهي في سماء غير السماء 
الذي هو فيها فهو في سماء باطن فلك المنازل فكأنّه هو الظاهر وهذا في الباطن؛ فكذلك 
منازل بدر محبتي التي هي عن محبة الله تعالى منازلها مني الذراع» أي توسيداء يعني 
مذعنا لها بجميع جوارحه إذ لا يصسّ محبّة إلا بعمل» وإلا فهي غير صادقة إذ ليست هي 
محبة الله لمحبة الله تعالى إذا تجلت فيه أحدّت ما يحبه له. ومنه» وفيه» وبه» فإذا حلت 
بالقلب ظهرت جمال أفعالها في الأعضاء وذلك قوله: انجلت. أي ظهرت أفعال جمالهاء 
كانت منزلتها طرفي؛ أي طرف عيني وأراد بمنازلها العين للبصرء واليد للقبضء والبسط 
وإظهار القدرة» واللسان للكلام» والأذن للسمع, والأنف للشمء والفم للذوق» وبقية 
الحمد للمسش» 

وإنما خصّ العين لتجلّي الكثرة عليها في دفعة واحدة. والذراع وأراد به اليد؛ لأنَّ 


(1) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 
(2) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 
(3) في س: [المظاهرها]. وما أثبتناه أصوب. 
(4) في س: [منازلاً]» وما أثبتناه أصوب. 





غالب كلامهم في هذا العلم بالإشارة والرموز''' قريباً من مذهب أهل الصنعة الفلسفية في 
رموزهم. وأراد باليد القدرة؛ لأنها هي الأصل الأكبر التي إذا عدمت عدم بعدمها جميع 
أصول الصفات الإدراكية. 

وقوله: توسد استعارة في المحة؛ لأنّ غالب التوسد من المرء بذراعه لا يكون إلا 
الخلة لخلته -بكسر الخاء- التى هى خليلته إذا كان شديد الألفة بهاء فكذلك هو قد 
أعطاها رهام كل عضو ته تإذعان كامل فافهم. 

قال: 

4 - نما الوَّدْقُ إلامن تَحلّبِ أدمعي وما البرق إلا من تلهّب زفرتي 

الم ا لقلبي فما إن كان إلا لمحنتي 

6 - مُنعَمةً أحشاي كانت قبيل ما دعتها لتشقى بالغرام قَلتِتِ 

7 - فلا عاد لي ذاك النعيمٌ ولا أرى من العيش إلا أن أي بشقوتي 

يقول: قد تمكنت مني المحبة» واستولت على بحبّ المحبة الإلهية إلىّ الكاشفة في 
معرفته وإلى ترقي مقاماتها القريبة» وأحضرت المشاهدات بالصفات لا بالذات على سبيل 
الاستقامة والكمال في كل شيء حتى بلغت عبرتي بكثرة التضرع والابتهال وانسكاب 
الدموع وتلهّب نار الاشتياق» أي محبة الله ومحبة رضاه ما بلغ» فصرت أقول لعظم ذلك 
مني ما الودق وهو المطر إلا من تحلب أدمعي المنسكب من سحاب عبرتيء وما البرق 
المضيء بالسحاب إلا من تلهب زفرتي المضيء من سحاب قوة شوقي واشتياقي» وكنت 


(1)هذا تنبيه ضروري من الشيخ. وقفنا عنده. في المقدمة. لئلا يؤخذ الكلام على ظاهره فيؤدي إلى غير المقصود 


له 
(2) يقول العلامة السالمي: «اليدالواردةفي قولهتعالى: #يد أَسَّهِ فُوقَ دِيم 4[ الفتح : 10 ]و في قوله: الما حَلَفْتُ ِيَدَىّ 4 
[ص :5 ونحوها من الآيات هي , بمعنى القدرة» لا بمعنى الجارحة. فإنها وإن كانت هي حقيقة اليد فحمل 


الآيات عليها محال لما يلزم من تشبيه الله تعالى بخلقه. وقد عرفت بطلانه؛» مشارق الأنوار. - ص212» عن 
الإمام نور الدين السالمي وآراؤه ف فى الإلهيات. د. مبارك الهاشمي» ص !191. وينقل د. الهاشسي كلقا اح 
المفتي الشيخ أحمد الخليلي مفاده »أن إككار المجاز وأا أ إلكاره من كلام لله. وكلام رسرله ل ليس هو 
إل مكابرة صريحة للعقل؛ وتحدياً سافراً للواقع"؛ ينظر ص188. وقد أردنا تبيان رأي الشيخ ناصر في هذا الأمر 
كي لا نقف عنده مرة أخرى إذ ستتكرّر الإشارة إليه فيما بعد. 


5927 


أرف تق تفن أن ابرق ايسور تكشدةواليتهة ين الفظة ولك هذا أراه يغطى 
مكاها أى الذة لكل جوز الح النناس»قلما إن عاذ الس ك2 : السوق و الوله والتاله 
ركلف المقاف ” ْ 

وأراد التنبيه على ذلك أنّ صحة المحيّة لابد من تكلف المشاق وتحمل بلائهاء على 
أي وجه جرى حكمها عليه؛ ولا بد هي من أن تبليه بشدة البلاء؛ ثم قال: وكانت أحشاي 
منعمة قبل ما دعتها المحبة إليها لتشفى -بالفاء- بالغرام فلبت دعوتها وأجابتها مسرعة. 

وقوله: لتشقى -بالقاف وبالفاء- أي منعمة بالتسلي عن طلب المحبة وما تطلبه 
انيب قن لح قله الخدت اله الفا رن بوجت لمارا ليوات لبوا راد لتق : 
اسل قرو لجلذلةاللسسيةر لك يقن أراد رعشي تطياء ومن الكل نوا لعي وا لاه 
واستعار لذلك الشقا مبالغة واستعارة؛ لأنه متكلم بالرمز والإشارات المتوسطة لإفهام 
أهل الفهم من أهل العلم. 

قوله: فلا عادني ذاك النعيم, أي الراحة» وفي الظاهر يتكلم بصيغة الخبرء وفي الباطن 
يدعو عليه بالذهاب أصلاء ولا أرى إن شاء الله فيما أرجو منه من العيشء أي من بقية 
الحياة التي هي عمره إلآ أن أعيشء أي أبقى مدة العمر لشقوتي. أي إلى شقوتي هذه. أي 
يعني وإرادتي لا أرجو أن يمنَّ علي الله تعالى أن لا يحييني ما بقي من عمر إلا إلى حياة 
فيها تعب طلب محبته؛ وقرباته» ومرضاته؛ وحضراته. 

قال: 

8 - ألافي سبيل الحبّ حالي وما عسى بكم أن ألاقي لو دَرَيْنم أحبتي 

يقول: مخاطبا أحبته: ألا في سبيل» أي طريق الحبّ. حالي: أي قصدي في سلوكي 
إليكم بقوة عزيمة» وما أقول فيه عسى أن لا أبلغ وصالاً ولا أملك نفسي أن ألاقي بلاءً 
وهلاكأًء وشدة, ومحنة» فكل ذلك تركت ذكره حباً إليكم ورغبة في وصالكم لو دريتم بي 


(1) هذا جزء من حديث قدسيء ينظر الأحاديث القدسية؛ إعداد وتدقيق جمال محمد على الشقيري؛ ص229. 
أخرجه الترمذي. وينظر جامع الأحاديث. للسيوطي. الحديث رقم (1180): 3/ 750 عن السير والسلوك؛ ص 82. 
وفيه التخريج. وقوله عرّ وجل (حفت بالمكاره) أي لا يصل أحد إلى الجنة إلا إذا تجرّع وتقبل التكاليف الشاقة 
على النفوس. 


وقد دريتم بحالي وجميع الأحبة» وأراد المحبة الإلهيّة وما تحبّه تح الفحلة وها رتو لد متها 

فى السلوك بها إلى مشاهدة الحضرات الإلهيّة. 

قال: 

9 - أخذتم فؤادي وهو بعضيّ عندكم فما ضرّكم لتو تسوه بجملتي"') 

0 - وَجَدْتٌ بكم وجداً قُوى كلّعاشق 20 لواحتملتُ من بعضه الكل كلّتِ©) 

1 - برى أعظمي من أعظم الوق ضِغْف ما بجفني لنومي أو بضعفي لقوّتي 

2 - وأنحلني سُقَمْ عت له بجفونكم غرام التياعي بالفؤاد وحرّقتي 

أخذتم عندكم فؤادي وهو بعضي فما ضرّكم لو تتبعوه بجملتي» وقوله: فما ضرّكم 
بطريق الاستخبار» وفي الباطن أراد النفي أنه لا يضرهم ولا ينفعهم قوله تعالى: #فلن 
يَضُنَّ آنه سَيعًا 74" فجاز بمعنى» وفي هذا ما يدل على أنه في أول السلوك وأول مراتب 
المع كرك الله تناك 1 لى مدر عله الحلت الاسكول على اقل رمه يز قو ود 
حظوة. ولكنّه أوله فى حقه كما أخبر عن نفسه. فقال: وجدت. أي ولهت حباء وشوقاء 
وغيرة» وحزنا بكم: أي بحبكم وجداء أي حبا عظيما لو احتملت قوى كل عاشق من جميع 
الخلائق من بعضه. وهو أقل شيء منهء كلت الكلء أي عجزت الكل من العاشقين عن 

حمله. ولأذاب أكبادهم وأذاب الجبال؛ وهذا ما لا شك فيه فى حقّه ولو صار كذلك أحد 
في حب الله؛ وطلب رضاه عنه لكان ذلك قليلاً في حق الله. 


قوله: برى أعظمي. أي عظامي حتى صارت لا تُرى من شدة النحولء من أعظم. أراد 
ب(من) هنا بمعنى أشد الشوقء وذلك البعض الذي أنحل جسمي وعظامي وهو ضعف 
ما بجفني. والضعف زيادة المثل أو نقصان النصف. فهي كلمة تصلح للزيادة والنقصان. 
فإن أراد بالضّعف هنا الزيادة فيكون ما بجفنه أنقص مما برى عظامه؛ لأن الذي براها هو 
ضعف ما بجفونه. وإن أراد به النقصان فيكون ما بجفونه لأن الذي برى عظامه هو ضعف. 


(1) فى الديوان يرد البيت هكذا: 

أخذتم فؤادي وهو بعضي فما الذي يضركم أن تشضبعوه بجملت_ي 
(2) في الديوان: [عبئه] بدل [بعضه] و[البعض] بدل [الكل]. 
(3) آل عمران. الآية 144. 


59 


أي أقل مما هو بجفونه؛ فالحب الذي بجفونه يكون أكثر. 
والذي بجفوني ليمنعني النوم أو بوهني لقوتيء أي لتوهينها وتضعيفها هو ضعف يزيد أو 
له. أي ذلك السقم وهو البلاء الذي بي بجفونكم. أو أراد إلى تجلي أوائل المحبة وأوائل 
بعض الحضرات الإلهيّة؛ لأن العين تطلق على ذات الشىء وعلى وسط لعزة العين فى 
الشيء؛ وهذا كأنه لم ينظر إلا إلى الوجه والجفون, يقول: بجفونكم., أي بنظرة أو لبعض 
الحضرات الإلهية. 

غرام التياعي» فالغرام هو الهوى والالتياع واللوعة قوة الحبء وأراد هنا شدة جوى قوة 
حبي بالفؤاد وشدة حرقتي بحرارة ناره» فافهم. 

قال: 

3- فضعفي وسٌّقمي ذاكراني عواذلي 2 وذاك حديتٌ النفس عنكم برجعة!!) 

يقول: فضعفي: أي فضعف قواي وشدة سقمي بقوة الحب ذاكراني» أي مذكران 
عواذلى؛ لأنهما يظهران ما أكنّه من الجوى وقوة البلاء فيعاودون علي عواذلى بالعذل 
واللوازم لأترك ذلك وأتسلى عنه ولكن ذا العذل منهما هو عندي كحديث النفس مني» 
وما ينبئ عنكم برجعة الجواب منكم إليّ فلا أرى أنه من العذال ولا أفهم ما يقولونه» ولا 
أراهم أصلاء بل أصوّره في النفس أنتم تراجعون بالكلام الإلهامى وإن ذلك صادر عنكم 
لاستغراق* نظر عقلي فيكم. 

قال: 

4- وهى جسدي ممّا وهى جَلّدي لذا تحمّله يبلى وتبقى بليني 

وهى: أي وهى هو جسدي لم يق منه شيء كما ترونه. وهى جلديء أي ضَعُف مما 
وهى به جَلديء أي من الذي ضعف عن جملة تصبري فلم يطق تصبري تحمل الصبر؛ 


(1) في الديوان: [ذا كرأي] بدل [ذاكراني] و[برجعتي] بدل [برجعة]. 
(2) في س: [للاستغراق]. وما أثبتناه ينسجم مع الكلام. 


لأن تصبري كذلك أفناه الحبء وبعد فالتصبر كذا ما تحمّله من الصبر يبلى فلا يبقى صبر 
بعد ذلك وتبقى بليتي» فافهم. 

قال: 

3 - وَعْدْت بهالم يُبقٍ مِنّيَ موضعا لضُرّ لعوّادي حضوري كتَيِسَى 

يقول: وعدت. ومعنى عدت. أي رجعت في عنائي لتعرض هذا البلاء بهاء أي بحال لم 
يبق مني موضع لوصول ضرّ بألم ووجع فلا يضرني شيء من ذلك؛ لأنْ الآلام تأتي على 
الأرواح والأجساد إذ كل روح في جسدها معا إذا كان الجسد قد تلاشى وبقيت الروح 
وحدها فلا يأتيها بلاء إلا بلاء الحب» فلم يكن لعرّادي سبيل إلى عيادتي إِما لعدم الآلام 
يرونني إن حضرت ولا يعرفونني''' إن عنهم سرت. 

واعلم أنَّ مراده هنا بنحول الجسد هو نحول صفات النفس التي تحب المحبة الإلهية 
طهارتها في التوسل إليها لآ على حكم الفؤض منها عليها. 

والعوّاد والعذال هنا صفاتها2) التى تدعوه إلى تركء والعذال منها والعواد هى مثل 
صفات الكسل وما أشبهه. 

والقواة مكل تق الباة وحظرط الس وما أيه ذلك» ودكر كل شي ء غير اللهاتغال 
وترك محبة كل شيء سوى حب محبة الله تعالى» فافهم إليه فإنه يتكلم بطريق الرمز وبراية 
المحبة في التجريد ومكاشفة الحضرات ومحبة الله ومحبة الله تعالى إليه. ولم يزل 
يترقى مرتبة ودرجة درجة في المحبة والتجريد فافهم. 

قال: 

6 - كأني هلال الشك لولا تأوّهي خفيت فلم نَهْدٌ العيونُ لرؤيتي 

يقول: وصرت كأني هلال الشك يريدون رؤيتيء وهم العوّاد والعذال ولولا بقاء 


(1) في س: [يعرفوني]؛ وكذلك [يروني] السابقة. وما أثبتناه أصوب. 
(2) يعني صفات النفس . 


101 


صوت تأوهي مني بعده لم أفنَّ!!) عن العجز عنه بالكلية خفيت فلم تَهْدِ3 العيون لرؤيتي؛ 
لأن الجسم قد تلاشى. وتصبري تلاشى» وصبري تلاشىء ولم يبق غير نفس بها تأوه لعظم 
شدة بلاء المحبة» وهذا كله لبقية فى النفس من النظر إلى سواء المحبوب وهى المحبة 
الإلهية» كما ذكرناه. ومحبة مشاهدة الحضرات. وفناء الغير به من الأغيار» فافهم. 

قال: 

7 - فجسمي وقلبي: مستحيل وواجب وخدّيّ مندوبث لجائز عبرتي 
يقول: فجسمي مستحيل: أي منفيٌ عني متلاش 7 وقلبي ثابت باق/* في بلاء الحب» 
وخدي مندوب. وأراد بالخدّ الوجه. وبالوجه التوجّه والظهورء أي مندوب بوجهه 
وظهوره لجائز عبرتي؛ أي لطريق عبرتي حيث طلبت أمراً بقوة البلاء والمحبة والضنى. 
وهي بعد لم تبلغ ذلك فهي جائز عبرتها وانتحاب بكائها على نفسها حتى تبلغ المطلوب. 
فإن قلت كيف تبكي غيرة على نفسها ببعد المرام عنها والمحب يسلم أمره إلى مَن 
قلنا: نعم إذا كان الامتناع من جهة المحبوب. وأما هذا فالامتناع هو من جهة تقصيره 
من نفسه عن بلوغه تلك الدرجة. 
سم اعتقاده ولا فعله. والواجب هو الذي يسع د اعتهاد» أو لا يسم 0 فعله أو معاء 
والمندوب هو المستحبٌ تركه اعتقادا أو فعلاء أو معاء وهو المكروه. وكذلك المندوب 
المستحب فعله أو اعتقاده. والجائز ما جاز تركه أو جاز فعله. ويدخل فيه المباح الذي لم 
يكن مندوبا تركه ولا فعله. وتدخل فيه الوسائل التي لم يأت فيها كراهية بتركها ولا كثرة 
تحريض وندب على فعلهاء فجمع في بيته هذا في سبر آية المحبة» وأراد لزوم الاستقامة 
في كل قسم منها بأكمل الكمال الحقيقي ثم من بعده طرق التجريد» وطرق المحبة وطرق 


(1) في س: [أفنى]. وما أثبتناه أصوب. 
(2) في س: [تهدي]ء وما أثبتناه أصوب. 
(3)و (4) في س: [متلاشي أو [باقي ١]‏ وما أثبتناه أصوب. 
(4) في س: [هذه]ء وما أتتساة أضوتت 


المكاشفة ولا يصمٌ التوجه إلى هذه إلا بعد إحكام تلك الأصول علماً وعملاً وتركاًء وأتى 
بِهنْ في سبر راية المحبّة. 

بيان في أقسام السالكين إلى الله تعالى وبيان أطوار المحبة: 

لأن القاصدين إلى الله تعالى على أقسام! منهم من تجلت لهم شدة العقاب في 
الآخرة, أو لذة الثواب فى الآخرة ورغب فى ذلك الثواب. وخاف من ذلك العقاب فأدّى 
الطاعة لله الملك الوهاب بالإخلاص إليه بدينه الحق من غير تضييع لشيء بما ألزمه إياهى 
فهذا قسم من المخلصين. 

والقسم الثاني هو القسم الأول ولكنه بالغ في المحبة لله والتضرع والابتهال والتعليم 
للعلم الإيماني والتجريد للنفس وانتهى إلى مراتب المكاشفات, فهو في الحقيقة محبٌ 
لنفسه وهذا'2). والقسم الثالث هم الناظرون إلى الله تعالى بعين التحقيق أنه مستحق 
للعبادة في عبوديتهم له ولو لم يخلق جنة ولا ناراء فهم يؤدون له الطاعة أداء ما هو واجب 
عليهم إليه من غير رؤية إلى جنة ولا نار مع أنهم إن ذكروهما لم يأمنوا من سخطه وعقابه 
ولم ييأسوا من رضاه وثوابه يخافون عقابه ويرجون ثوابه إن ذكروهماء ولكنّ أصل 
عبادتهم لا عن طمع في الجنة وإن طمعواء ولا من خوف وإن خافوا بل عن رؤية استحقاق 
له وعن رؤية واجب عليهمء ولو قال لهم لأعذبنكم لما نقصوا من العبادة أو لأثيبتكم لما 
وكسوها وتعالى الله عن ذلك وإنما هذا مبالغة في المثل» ولله المثل الأعلى؛ وهؤلاء قسم 
أهل التحقيق. 

والقسم الرابع أن يكونوا هؤلاء هكذا ولكن براية قوة المحبة لله تعالى وتجريد النفس 
والسلوك إلى الله بطريق المحبة والمكاشفة» لا يريدون لأنفسهم حظا في عبادتهم 
أصلا إلا رضاه. وهذا هو الطور الثاني في المحبة» وهؤلاء هم المحبون للمحبوب على 
الحقيقة. 


-. 


(1) ينظر عن أقسام السالكين موسوعة العجم. ص 451. وما بعدهاء وموسوعة الحفني؛ ص789, وما بعدهاء والسالك 
هومَنْ سلك الطريق أي ذهب فيهاء والسالك إلى الله هو المتصوف الذي تاب إلى الله عن هوى نفسه. واستقام 
في طريق الحق. ومشى على المقامات بحاله لا بعلمه وتصوره. 

(2) كذافي س. 


والقسم الخامس هم المرادونء كالأنبياء والرسل والملائكة وبعض الأولياء فهم 
مجذوبون بالمحبة قبل أن يكونوا مريدين وإن كانوا في الحقيقة لهم اختيار ولكن لهم 
الدرجة العلية» فهم معصومون عن كل ما لا يحبه لهم وإن زل بعضهم في الحضرات 
الإلهية ببعض ما يستحق به العتاب فلم يعصمهم عن ذلك حتى فعلوه. فإنما هو لحكمة 
ربانية في إظهار إلهية من الله تعالى لهم وأن لا يشرك في حكمه أحداء وليعلموا فضل 
الله عليهم أنه لو ترك عصمتهم لحظة لم يقدروا على شيء إلا به. ولا تظن أن عصمة الله 
لهم هي من طريق جبرهم منه فيهم على ذلك بل علم منهم في سابق علمه أنهم يكونون 
كذلك في اختيارهم فكش ف"( الله للخلق علم أحوالهم أنه لا يزلون ولا يخطئون وإن زل 
بعضهم قليلاً فإنه يرجع بالحال إلى الحق وأما ما يوحي عليهم به على ألسنة الملائكة فلا 
يمكن أن يكون الأمر في شيء على غير وحي من الله تعالى فيكون بين الشك واليقين» 
فهذا ما لا يسع الشك فيه ولا يجوز على حالء فاحترز الناظم في هذه الأصول أن يكون 
السالك فيها بطريق المحبة وفي جميع طرق النوافل؛ لأنه معتمد نظم سلوك العبادة براية 
المحبة» فافهم ذلك. 

لعن الاي يعد لتحي بيد اللي 7" 

التجلي -بالجيم- هو الظهورء والمراد تجلي جمال المحبة الإلهية» وتجلي بعض 
حضراتها وهي المعرفة بالله تعالى؛ وذلك بعد التحلّي -بالحاء المهملة- أي بعد أن تحلى 
صاحبها بحلي جمالها في كل اعتقاد وعمل وترك وحركة وسكون. وذلك بعد التخلي 
-بالخاء المعجمة- أي بعد أن يتخلى من جميع الصفات غير المحمودة ولا المحبوبة معها. 
ولما تخلى من صفات نفسه وتلاشى جسده اضمحل جسمه الأول وفنت منه أعضاؤه الأولى 
ولم يبقّ إلا روحاً مطهرة؛ أي روحانياً طاهرا لا يحب سواها” خلعت عليه حلية من حلي 
جمالها فحلته بجسد حتي. وأعضاء حبية» ونفس حبية» وصفات حبية. 
(1) في س: [فشكف]. 
(2) تأتيى هذه المصطلحات مرتبة هكذا: التخلي (بالخاء). فالتحلي (بالحاء). فالتجلي (بالجيم): فالأول يعني 

ترك الصفات الذميمة؛ وبعده الأخذ بكل ما هو محمود فيصبح كأنه حلية؛ يأتي بعد هذا التجلي الذي هو أعلى 

المراتب» وهو ما يشرحه الشيخ هنا. وينظر عن هذه المصطلحات موسوعة الحفني. ص678. وما بعدهاء 


وموسوعة العجم؛ ص !16. وما بعدها. 
(1)3الهاء] في [سواها] تعود إلى الحضرات الإلهية. 


104 


وأما الروح فمسكنها من قبل فيها ولكن حلتها كذلك فما لا يليق بمحلهاء وحلتها 
بحلي جمالها فكان إنسانا كاملاً:'' معها لا يحب سواها ولا يطلب إلا إياها فهّدي بها. 
قال: 


4 - وقالوا: جرت ُمرأموعك قلتٌ:عن 2 أمور جرت من كثرة الشوق قَلَّتِ 
9 - نحرت لضيفي السهد في جفنيّ الكرى ١‏ قرى فجرى دمعي دما فوق وجنتي'2) 
0 - فلا تُدكرواإن مسّني ضر بييكم 2 عَليَ سؤالي كشف ذاك ورحمتي 
1 - فصبري أراه تحت قَذْري عليكمٌ مطاقا وعنكم فاعذروا فوق قدرتي 

يقول: وقالوا: جرت مرا عل قلت: ل عدها أنيا جرت عن أمور جرت هي 
من كثرة حرارة نار الشوق. قلت: ولولا تجفيف نار الشوق لها لما جرت بل استجرت» 
وطمتء وأغرقت. ويحتمل له وجه آخر أنها إذا نظرت مع كثرة نيران الشوق قلت في عين 
الناظر إلى جري دموعي دما. 

نحرت لضيفيء والضيف هو النازل عليك فتضيفه بالطعام. يقول: ذبحت ونحرت 
الكرىء أي النوم وهو السهد وهو ترك النوم وضيّفته في جفني قرىء والقرى هو إطعام 
الضيف. أي ضيفاً وطعاماً له فجرى دمعي دما فوق وجنتي ليأكل ويشرب ضيفي من ذلك. 
وكل هذه استعارات إلى ترك النوم. وأنه نحره ومات فلا يرجع إليه بعد موته حياء وأحييت 
السهاد بشراب دمعي وبطعام نومي الذي نحرته حتى لا تبقى له بقية. 

ثم انتقل إلى ذكر ما خاطب به المحبة الكمالية فقال: إن مسَّنى ضر بينكم؛ أي معكم 
ضر عظيم بكثرة الشوق إلى نظرة إليكم فلا تنكروا علىّ إذا سألتكم كشف ذاك عني 
ورحمتي بمسامحة النظر إليكم» فإني في أشد بلاء بمحبتي إلى ذلك فصبري عليكم؛ أي 
على ما تحبونه مني من لزومي له ومن ترك غيركم إلآه مطاقا معي وهو تحت قدريء أ 
تحت قوتيء ومراد أنَّ قوته هي فوق ذلك. 
(1) الإنسان الكامل من مصطلحات القومء ويريدون به القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود من أوله إلى آخره. 

وهو واحد منذ كان الوجود إلى أبد الآبدين» تنظر موسوعة العجمء؛ ص108. ولعبد الكريم الجيلي كتاب عنوانه 


(الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل). وهو مطبوع. 
(2) في الديوان [لضيف الطيف] بدل [لضيفي السهد]. 


105 


وأما عنكمء أي عن نظرة من جمالكم فاعذروني بالإلحاح عليكم لذلك فإنه هو فوق 
قدرتيء أي قوتي لا تطيق على ذلك. 

فإن قلت: وأين بيان موضع التحلي -بالحاء المهملة-؟ فنقول: إنه لما تخلى أولاً عن 
جميع صفاته» وذكر تلاشي جسده وأنه لم يبق منه بقية حتى لم يعرفوه ولم ينظروه عوّاده 
ولم يبق غير روح لها تأوه. وذكر هنا خطابه وجفونه ووجنته وضرّه. دل على أنه قد رجع 
إله ال هدلاً عنها عوصها من النعبة الإليية»ولقا آغار إلى تبديل الخال بالكمال 
تجلت عليه. 


الباب الثالث 


في وصال وقفة الموافقة بمشاهدة المحبوب المحبة الإلهية والحضرة الإلهية بذي 
طوى من مكة شرفها الله تعالى في أضيق وقت. وفي تصفية النفس. والأعمال الإيمانية 
بنوافل التصفية براية المحبة الإلهية بلسان المقام المحمدي غة 

قال: 

2 - ولما توافينا عشاءً وضمّنا سَواد سَبيلي ذي وك والثّنية 

3 - ومنت وما ضئّت علي بوقفة 2 تعادل عندي بالمعرّف وقفعي"') 

4 - عَتَبِتٌ فلم تعتب كأن لم يكن لقىّ وما كان إلا أن أشرتُ نأوممت 

يقول: ولما توافينا عشاءً وضمّنا سواء سبيلي» أي في استقامة سيري في ذي طوى. 
وطوى والثنية جبل أو الطريق إليه أو فيه وأراد بذي طوى البيت الحرام» وأراد بالثنية 
جبل عرفات والطريق إليه وفيه» وأراد بذكرهما التوجه إلى المحبة الإلهية التي هي قبلة» 
وعرفات لكل ولي لله عارف ومتوجه إليه» وهما قبلة لتوجه بعض العبادة لله إليهما ججعلتا 
كزلك للسيعتة الالية: 

يقول: ولما قصدتها لحبها سالكاً في طريقها تعرضث إلىّ وضمّتنا وقفة» ومنّت بها وما 
ضنّتء أي شحت على ولم يرد بكلمة الح إلا بعض معنى رمزاً واستعارة. 

يقول: منَّتْ بوصلها إلى ذاتي أي المحبة الإلهية ومشاهدة حضرة من حضراته وهي 
التي رأيتها في المنام» واقفتها بذي طوى. موضع قرب مكة وقفة واحدة في حين استعجال 
قضاء مناسك الحج بوقفة تعادل وقفتها عندي بالمعرّف' وقفتي» أي يعادل فضلها فضل 
وقفته بجبل عرفات. واستعار اسم الجبل لذات العقل وعرفات بالعرفة» وخصص وقت 
(2) المعرّف: الموقف بعرفات. ينظر ديوان ابن الفارضء. ص 75, الهامش. 


107 


العشاء؛ لأنه مبتدىء فلم يحصل التجلي إلا في وقت لا يمكنه تمكن النظر الكامل إليها 
ولاسيما قال: عتبت؛ أي خاطبتها بالعتاب فلعزتها لم تعتب. أي لم تجب بعتاب ولا 
بغيره» ولم تظهر أن سكوتها كان عن عتاب ولا عن غيره؛ فكأن لم يكن لقاء بيني وبينها. 
وما كانا نينا من اللقاء إلا نتقداز أن أشرات إلنها فأومة توعد اللقاء ووغيد البلاء سارت 
عن رؤية العين فعاتبت البين [ ]''! في الحين بالحين. 

بيان في المخاطبة لها والتولّه بجمالها: 

قال: 

5 - أيا كغية الحسن التي لجمالها 2 قلوبٌ أولي الألباب لبت وحجّمت 


6 - بَرِيقٌ الثنايا من ك أهدى لناسّنًا 2 يُرَيق الثنايا فهو خيدٌ هليّة 


يقول: لمااتجلت طلت يفاك وجههاة والوجه هو أول الظوور من القوية كمايفال: 
نظرت وجه القوم. أو وجه الركب فقلت لها: كعبة الحسن التي لجمالهاء أي إلى جمالها 
قلوب جميع أولي الألباب لبت لداعيها وحجَّتء وصامتء. وصلتء وسمّاها بالكعبة؛ 
لأنّها قبلة لكل متوجه بالعبادة الصحيحة المستقيمة لله تعالى» ثم قال مخاطباً لها بّريق» أي 
أنوار الثنايا منك أهدى لنا السناء أي الأنوارء ويحتمل قوله: (الثنايا) وجوهاً من المعاني2) 
أرادها جميعاً ليعلم المعاني التي هو قاصد جمعها: 


الأول: أنه استعار اسم الثنايا التي هي الأضراس الأربعة من مقدم الفم الذي منه يخرج 
النطق والكلام إلى سور القرآن العظيم وأن ذلك منها لنا بريق ثنايا أضراسنا نتلوه ونسمعه 
وتتجلى لنا أنواره هو خير هدية منك -بكسر الكاف-؛ لأنه يخاطب المحبة الإلهية وذلك 
بأنه عتبت فلم تعتب, أي فلم تتكلم بعتاب ولا بغيره من الكلام, قال لها: إنك لو لم 
تخاطبيني الآن في هذه الوقفة فأنوار سور القرآن العظيم الذي أنزل منك. ولك هو لنا 
خير هذية» واستعار لسوره التتاياء لآنها تسم المكان» وتصح الإشارة بالثنايا إل المثانى 


(1) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 

(2)إنَ هذه المعاني التي سيذكرها الشيخ هي من تأويله وتشقيقه المعنى. وإلآ فنحن لم نجدها في شرح التائية 
الصغرى للبوريني. وشرحها الآخر للنابلسي مثلاء ينظر الشرحان وهما في مجلد واحد تحت عنوان شرح ديوان 
ابن الفارض» 1/ 130. وما بعدها. 


لخروج تلاوة المثاني من الثنايا وذلك بالمجاورة في الاسم والمخرج. ولاسيما هو متكلم 
بالإشارة والرمز والتلويح لا بالتصريح. 

والوجه الثاني: أنه لما ذكر أنّه تجلت له بوجهها ولم تخاطبه وإنما أومت إليه ولم يذكر 
الإيماء بماذا فذكره أنه لما ساءلها وصالها وعاتبها عتاب شكية بلائه وطمعه تبسمت له 
حتى بدت نواجذ أضراسهاء وبدا ريق ثناياها تطميعاً له بالوصال وبالسقي له من شراب 
تغورهاء وليس هنالك تبسم ولا ثنايا ولا ريق ولكن لما جازت الاستعارة في المشي 
والهرولة''" استعار لما تجلّت له من أنوار الجمال بذلك السلوك أنه تطميع له في الوصول 
فاستعار للتطميع التبسم. ولأنوار الجمال أنوار الأضراسء ولشرب كأس محبتها بالريق 
فقال: وإن لم تخاطبيني فأنوار جمالك الذي تجليت به علىّ من وجهك الكريم وماء 
الكريم وما أطمع أن أشرب من محبتّك هو خير كثير وهو أفضل هديتي. أي هدية لي 
من الهدايا التي من غيرك» وهذا يدل على أنه في أول السلوك: لأنه لم يبشرب من رحيق 
مائها. 

والوجه الثالث: أن يكون خصوصاً للنبي صلى الله عليه وسلم في أول سلوكه فيكون 
المعنى: عتبت على نفسي معها فلم تعتب عليّ بل رأتني على ما تحبّه وترضاه وخاطبها 
بهذا الخطابء. ويكون المعنى في بريق الثنايا هو أنوار سور القرآن العظيمء فافهم ذلك. 

قال: 

7 - وأوحى لعيني أنَّ قلبي مجاورٌ <١‏ حماك فتاقت للجمال وحنّت 

يقول: وذلك السنا الذي شاهدته من جمالك وعرفت سلوكه إليك من مثاني سناك 
أوحى لعيني, أي إلى عيني برؤيته ومشاهدته؛ وأراد بالعين هنا عين قلبه أو عين بصيرة 
تجلى بسبب نظرها إلى قبر النبي ‏ وإلى المواضع التي عظمها الله تعالى؛ مخبراً لها عن 
قلبي أن قلبي هو مجاور حماك عن قريب إن شاء الله تعالى» فلأجل ذلك تاقت نفسي بهذا 
التطميع للجمال. أي إلى نظرة الجمال منك وحنّت إليه. 


() يشير الشيخ إلى الحديث القدسي الذي أثبته في أول الكنات» وهو ما ينقله رسول الله 9# عن الله سبحانه 
وتعالى من أنْ العبد إذا تقرّب من الله تقرّب الله منه. "وإن أتاني يمشي أتيته أهرول». ينظر ما سبق. 


قال: 

+ - ولولاك ما استهديثٌ برئاً ولا مَّجَتْ فؤادي فأبكت إذ ضَّدَتْ وُرقٌ أيكة 

9 - فذاك هدى أهدى لعيني وهذه على العود إن غنّت عن العود أغنت!!! 

بقول!:ولولاك ما أشهدت يرفاء أعنما نظرت أتواز:يرق جمالك ولا سحت فوادي 
وُرق -بضم الراء- حمامة تغني في أشجار أيكة فأبكت فؤادي شوقاً إليك» والأيكة غيطة 
فيها شجرء وكل غيطة فيها نبات كثير وهي كثيرة الرطوبة» حتى النخيل فهي أيكة؛ وأرادها 
هنا بالحمامة محبة أيكة رياض قلبه ونفسه وإن كان يصح أنه يلمح البرق على عينه وبإنشاء 
الؤرق على الأيكة يتذكرهما أنوار جمالها وجمال خطابها فتهيج حبه. وتذكاره. وشوقه. 
وولهه. وجواه؛ وانزعاجه كما قال. فذاك هذاء أي البرق أهدى لعينى وهذه. أي الورق 
على العود من عيدان شجر الأيكة!2) غنَّت بألحانها المعجبة أرقي المطربة المشجية 
أغنت عن العود» أي عن الرجوع والإنشاد بالتسلي عنك وعن طلبك فإن هذا مثال ظاهر 
وأراد به المثال الباطن وهو أنوار سنا الثنايا بريق الثناياء وهو تلاوة خطابها باللسان ثم 
تلاوتها بلسان القلبء فافهم. 

قال: 

0 - أروم وقد طال المدى منك نظرةٌ 2 وكم من دماء دون مرماي طُلّت 

يقول: لم أزل أروم؛ أي أطلب منك نظرة وقد طال المدىء وكم من دماء طالبين منك 
دون مرماي, أي دون ما رميت فى مطلبى أنك منك طلّتء أي هدرت وسفكت هدرا 
وسكا لا إكار ديعولا كلاب بأعدالقا زوية لوو زولك وممي ا طايزة ناك رز انال 
أبال بذلك فأطلب أعظم مما طلبوا نظرة من تجلي جمال وجهك الكريم -بكسر الكاف-. 
فافهم. 

قال: 


٠ 7 7 0-4 -‏ أ 
1- وقد كنت أدعى قبل حُبّيك باسلا فعْدّت به مصسلا بعد منعتى 


(1) في الديوان: [إليَ] بدل [لعيني]؛ و[إذ] بدل [إن]. 
(2) في س: [الأريكة]ء وهو تحريف. 


يقول: وقد كنت أدعى قبل أن أتبلى بجوى حبك. وإنما زيد في القراءة [ياء] بعد الباء7!) 
لإقامة الوزن» باسلاء أي شجاعا مع الناس في ظاهر الأمر معهم فعدت به مستبسلاء أي 
ذليلاً حقيراً. 

والمستبسل هو المكروه. وهو المسلم للموت والهلاك. أي فصرت بهء أي بحبك 
مكروهاً مسلماً للموت والهلاك بعد منعتى: أي بعد عزتى» وهيبتى» وشجاعتى» وامتناعى 
عن كلّ من أرادنى بضرّهء وأراد بذلك إظهار حاله لها عسى أن ترق له وهى عالمة به ولكن 
أظهر ذلك إرشاداً لغيره من الطالبين أنَّ هكذا حال صفة السلوك إليها وبغير ذلك لا تتجلى 
بما أنا طالبه منها. 

قال: 

2 - أقادٌ أسيراً واصطباري مُهاجري واد أنصاري أيه بعد لهنتي 

يقول: وصرت بعد شجاعتي أقاد بحبك أسيراً ذليلاء واصطباري: اق وضفرى عن 
نظرة منك» مهاجريء. أي مهاجر لى قدكرهني فلا إرادة له بوصالى وانجذابى فأطلب» 
وأقوى» وأغرم وأنا على حال قوة أسى. أي حبا وحزنا أدعو أنصاريء وهي الروح والنفس 
وصفاتهما التي أنت أهديتها إليهما من التقوى. والتوكل» والتفويض» والإخلاصء. وذلك 
بعد لهفتى وهى شدة تنفس صعداء شدة جوى المحبة وحرارة نارها. 

قال: 

ذ - أَمَالَكعنصدٌأمالّ كع ند لطَلمك ظلماً منك مَيْلٌ لعطفة 

يقول: أمالك عن صدَّء أراد بقوله: أمالك ألف استفهام؛ بمعنى عرضك عن سبب صدٌء 
أى عن كراهة لشىء متى احتملت به ظلماء أي هنك عما ينبغى, أمالك» أي ميلك ذلك 
الصدّ الذي هو الكراهية عن صدء أي عن قوى العطش بحرارة حبك فلم تنظري إليه بعطفة 
ميل منك إليّ بنظرة أنظرها. 

وقوله: لظلمك: لا ظلمك. وإنما قصر المَدّة للآم لإقامة الوزن ضرورة. 


(1) يقصد [ححتِيك] بدل [حتك]. 


وقوله: ظلماء أراد ميلاً عما ينبغي. لا الظلم المعهود, وإنما أراد بالظلم المعروف من 
قوله: لا ظلمك. والمعنى لأظلمك ما كان منى ميلا عما ينبغى منى فى وصالك الذي هو 
حقيق أن يسمى ظلماً في جناب حقك إنما هو ظلم لنفسي لقوله تعالى ##وَما ظَلْمَهرٌأسّهُ 


#7 


سمه 0 مره 


ولكن كارا أَفسهم يظلموت 27# 

فإن كان أمالك عن ميل عطفة منك إلى كان عن ميل مما ينبغى فى جنابك فإِنّى أراه ظلما 
لنفسي لا ظلما لك فأظهرته إلىّ؛ لأن ضرره عليّ لا عليك فكيف لا أحبّ رفع ضرريء 

قال: 

4 - فْبَردُ غْليل من عليل على شَّفَا | يبل شفاءً منك أعظمٌُ مِنُوَاة) 

يقول: فبَْد أي فتبريد ألم مرض قوي عظيم قد اشتدت حرارته من رجل عليل مريض 
على شفاء أي على خوف من موته به وهلاكه شدته بنظرة منك يبل بها حشاه شفاءً منك 

قال: 

و5 -ولاتحسبي أني قَنِيتٌُمنالضنا 2 بغيرك بل فيك الصبابةٌ أَبْلَتِ 
عن أوصافها من الضناء أي من كثرة المحال لمحال الحب. فإن الصبابة: المحبة» والصبا: 
التخلق بهواها وإعطائها القيادة إليهاء بل فيك أبلت» أي أفنت ذلك منى الصبابة. 

قال: 

56 - جمالٌ محيّاك المصون لثامّه 2 عن اللثم فيه مَُدْتُ حيَّاً كميّت 

يقول: جمال محياك. أي وجهك المصون لثامه. أي عن حاجة اللثم» واللشم طرف 
العمامة يلويه على فمه. أو كل ما يستر به الفم. يقول: جمال وجهك في الحقيقة ظاهر 
مكشوف قدر ما كشف للخلق من معرفة جماله وجلاله وكماله غير محجوبء. وهو 


(1) النحلء الآية 33. 
(2) في الديوان: [فبل] بدل [فبرد]. و[منه] بدل [منك]. 


مصون عن حاجة اللثم» أي الاحتجاب, ولكن مع شدة ظهوره فلا يراه الأكثر من أهل 
التقى من الورى لتشاغلهم بالنظر إلى غيره» وقد استبدلوا البصل والثوم عن المنْ 
والسلوىء وأعظم من ذلك. وإنَّما هذا تمثيل» وقد عدت منه حياً باقيا دائماً بعدما كنت 
ميتاً بالغفلة عنه ولكن حياتي معه. أي مع جمالها كُمِيتِ بين يديها تصرّفه كيف شاءت» 
وقد أولاها نفسه وهذا يريد به التفويض إليها في كل أمر والتوكل عليها في كل مهمّ. 
قال: 
7 - وجني حُيِّك وَضْلَ مُعاشِري )2 وحتيني ما عِشْتُ قَطعَ عشيرتي 
58 - وأبعدني عن ربعي بُمْدُ أربع: شبابي وعقلي وارتياحي وصحتي 
9 - فلي بعد أوطاني سكونٌ إلى الفلا وبالإسض ادن إقضن الأنش رسي 
يقول: وجتّبني حبّك. وإنما قال حبيك لإقامة الوزن؛ وَصْلَ كلّ حبيب معاشر, وحَتّبني 
ما عشت قطع عشيرتي. وأراد بذلك ظاهراً هو ظاهر لفظه؛ واستعاره لمعنى باطن. 
والمعنى وجتّبنيء أي وأبعدني حتي لك عن وصل كل ما كان لتفسي معاشراًء أي موالفا 
من الصفات أو من حب شيء من الأغيار» وحَبّبني حبي لك وحبك لي ما دمت حياً قطع 
عشيرتي الذين هم كانوا أصحاب النفس من الصفات والاشتغال بشيء من الأغيار. 
وأبعدني عن أربُعيء أي منازلي بعد فناء أربع مني : شبابي في حبّك. وعقلي شوقاً إلى 
لقاك. وارتياحي» وصحتيء. زاهداً عنها فلي رغبة ومحبة بعد بُعدي عن أوطاني سكون إلى 
الفلاء وبالوحش من الدواب المتوحشة عن الناس أنسء إذ من الأنس الشاغلين عن رؤيتك 
وحشتيء وظاهره ظاهر لفظه. واستعاره لمعنى باطن؛ يقول: وأبعدني» أي نظر عيون عقلي 
عن منازلي الأولى التي كنت أجول بها نظرها فيها من النظر إلى الأغيار» والأغيار هي 
كل شيء هو غير الله تعالى فأجلته في عالم الملكوت. وذلك بعد فناء أربع: شبابي فنيته 
في الطلب لخرق الحجب. وعقلي لخرق الموانع» وارتياحيء أي وكثرة نشاطي» وقوة 
صحتي إذ لا تبلغ درجتها إلا بذلك حتى فني الشباب وفنت الصحة والراحة. 
ولي بعد أوطاني الأولى سكونٌ إلى الفلاء أي فلوات عالم الملكوت» وهو النظر 
إلى حقائقها بتعجلي حضرات الله تعالى عليهاء وبالوحشء أي وبما استوحش الأكثرون 


١ و‎ 


بي 


113 


أ 2 

صعوبة الارتقاء إليه لما به من تحمّل وَثُبَات أسود الصدودء وسباع الموانع الموجبة 
للامتناع عن كشف البرقع والقناع؛ إذ من الأنس, أي مما تأنس به النفوس عن الصفات» 
ومحبّات الأغيار وحشتيء فافهم ذلك. 

قال: 

0 - وزهّدني وَل الغوانيّ إذ بّدا تبلج صبح الا لشيب في جُجْنْح لمّتي!'" 

1 - فَرحْسنَ بحرن جازعات بعيدها فَرِحْنَ بَحَْنَ الجرْع بي 0 

- جَهِلنَ كلوام الهوى لا عَلِمِنَه وشابوا وإِنّي منه مكتهلٌ فتى 

يقول: وزهدني في حبك وصل الغواني. وهي النساءء إذ بدا تبلج 1 
جنح ليل سواد شعر لمتيء واللمة الشعر المجاور شحمة الأذنين» فرُخْنء أي فأمسين 
بحزن جازعات جزع كراهية لي حين رأين صبح الشيب بليل سواد شعره. بعيد: تصغير 
بعدما فرحن, أي من الفرح. بِحَرّن الجرُع أراد بالحزن هنا الغلظ والجرُع الطائفة من الليل» 
واستعار ذلك لسواد شعره. وفرحن به لي بمعنى فيء لشبيبتي -بكسر اللام» وإشباعها إلى 
أن تصير ياء- لإقامة الوزنء أي لشبابى. 

والشبيبة هى الجمال”” شاب المرءًء وماء الشبيبة يظهر فى زمنهاء ونور يظهر فى شدّة 
وجه الشخص عند البلوغ إذا كان الوجه قوي البياض مليء اللحمء رقيق البشرة» حسن 
الدمة'» ممتزجأً بين البياض القوي والحمرة المعتدلة» فيظهر له رائج لسوو كانه كرك 
في باطن بشرته يتلالاً نوره؛ وغاليّه يأتي في الشبان وإن أتي في أحد من النساء مع كمال 
صورتها واعتدالها في كل شيء فهي التي تدعى بوحيدة العصرء ولعل في زماننا هذا قل ما 
وجلل نالفي ل احد تعدم وجو الحووظ اليج دكا غاءان لاتدوم كيرا فين النيتية 
فيمن ظهرت فيه'”. فافهم. 
0 ل ال 
)فسن :الجن ).د ابتهينا نه وضع [لعجال] حاف راعات] صمل خالظ: 
(4) الدمة: هي القطعة من الدم. العين» ص258. يريد حمرة الوجه. 


ا ا ل ا 


وأما الحزن الأول من قوله. فهو حزن الهم معنى. والجازعات: هو جزع الحزن الهمّي مع 
الخرف. كالفزع؛ جهلن فضّل الشيبء ولاعلمنه: أن فيه السكينة والوقار1[ 2 ]!'» وأنْه 
نذير الموت المخوف من العذاب الداعي إلى الثواب» والجمال المطلق. كلوّام الهوى. أي 
الحبّ في الله جهلوا فضله. وكرهوا السلوك إليه لصعوبته وكرهوه للسالكين» وشابوا جميعا 
النساء الجازعات منه والمجزوع منهم فلم ينفع جزعهم. وإِني منه. أي الفرح به كأني مكتهل 
فتي أي فتي. نسب نفسه إلى سن الفتوة وإنّما لم يحرّك الياء بالضم والتشديد لأجل القافية. 
هذا في ظاهر معناه. وفي الباطن يقول: وزهدني وصل الغواني؛ أي صفات النفس وما كانت 
معانقة لها بحبّها لها من الأغيار» إذ بدا تبلج صبح بياض جلاء العقل والنفس بطلوع شمس 
جمالك على ليل شعر صفات رأسهاء أي النفسء فَرْحْنَ الصفات وما عائقته بحبها من الأغيار 
نحرن مشارعات خائفات مني كارهات في بعد ما فَرِحُنَ بتراكم ليل هواها في ضياء شبابي. 
جهلن أني العين الغريزية والمدبرة وحواسها الخمس فضل تعب الحب وأنوار جمالك 
الأعظم المطلق؛ فكنَّ كلرّامي عن سلوك سبيل الهوى مثل الكسل والهوى [الداعيين]© 
إلى الترك وطلب الراحة حتى شابوا جميعاً. أي صار الكل بذلك مني على السكينة والوقار 
متنورين بنور المحبة والإيمان» فهم في الحقيقة مني جسد وإياهم؛ مكتهل فتي؛ لأني على 
أكمل اعتدالي في حياتي. 

قال: 

63 - وفي قَطعيّ اللأحي عليك ولاب حي نّ فيك جدال كان وجهُك حجني 

4 - فأصبح لي من بعدما كانَّعاذلاً ‏ بهعاذراً بل صَارٌ من أهلٍ نجدتي 

يقول: وفي قطعي الكلام اللاحي. أي اللائم لي في حبك وعظم تولهي؛ وتحمّلي لبلائه 
وهو يلومني على ذلك حيث لم يدر”؛ ولم يعلم بمن فنيت حبّي فيه. ولا يخفى عليك 
حالي ولو لم أعذر به» ويحتمل أن يكون هنا عليك بمعنى فيك؛ لأنْ حروف الجر قد يقوم 
عضيااقي مواضع مام غير متها كرون المفي اللاحي اللاتم لي بحي :فيلك وجادل: 


(1) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 
(2) في س: [الداعيان]ء وما أثبتناه اضرم 
(3) في س: [يدري]. وما أثبتناه أصوب. 


وحاجٌ؛ ولات حين: التاء استعملت زائدة» فيك جدال: أي وليس وقت يصمح فيك جدال. 
ولما ظهر له أمري أنَّوَلََ حبي لك أذعن وكفٌ فكان وقوفه عن لوم وما كان ِليّ وجهك 
حجتي عليك في الكف وفي الدعاء له بالسلوك منه إليك؛ لأنّه إذا كان معه حبّ كل شيء 
سواك إلى حبك يستحق الملام» وفيك ينقطع الكلام؛ أليس ذلك ما يكفي كل عاقل أن 
يكتفي ويحبك حب ما كان حبّه لك. 

وقوله: فأصبح لي من بعد ما كان عاذلاً عاذراًء بل صار من أهل نجدتيء أي من أهل 
نصرتيء وظاهره ظاهر لفظه. وباطنه أراد به الكسل والهوى فصار الهوىء أي الحبّ هو 
من أهل نصرتي» والكسل هو الذي يدعوني ويحبني لما تجلى لهما بعض جمالك. 

65 - وحَجَيَ عَمْريء هادياً ظلّ مُهدياً ضَلال ملامي مثل حَجَي وعمْرتي 

يقول: وحجي عَمري: أراد بععمري قسماً يميئأء أي ومما حبجي لعمريء بعدما ظنّ أنه 
كان هادياً بملامي» ظل عارفاً نفسه إن كان مهديا إلى ضلال ملامي عن التلذَّذ بتحمل بلاء 
حبك مثل لومه لي عن تحمل البلاء في قضاء حجي وعمرتيء أن لو لامني في ذلك لكان 
ذلك بالسوى؛ لأن كل سلوك من هذين الوجهين فيه تحمل مشاق. 

قال: 

- أرى رَجَباً سَمعي الأب وَلَوْمِي ال مُحرَّمَ من لوم وغش التصيحة 

يقول: أرى سمعي الأبيّ عن الانقياد إلى اكقاع اللو رشا المعطم موي 
والمعظمة زيارة النبي #8 فتحملت المشاق في صومه. وفي زيارة إلى قبره تك ولوّمي. 
أي الذين هم كانوا يلومونني'”' في تحمل المشاق لما عرفوا فضل ما عرفواء ورأوا 
ع ا ا ا ا ورأوا غشٌ النصيحة 

منهم إلى فأذعنواء وقال: رأى سمعي والرؤية بالعين فدل على أنه رأى سمع قلبه. 

وأن السمع والرؤية في العقل من شيء واحد بخلاف السمع الظاهر والبص 0 


(1) في هامش الديوان أن المقصود ب (رجب) هنا هو الأصمّ وليس الشهر. كما أوَّله الشيخ. أي إِنَّ سمعي أصمَ عن 
سماع اللوم وينظر كذلك شرح الديوان؛ /١‏ 139. ففيه كلام قريب من هذا. 

(2) في س: [يلوموني]» وما أثبتاه أصوب. 

(3) في س: [والبصير]ء وأثبتنا [البصر] لتلاؤمها مع السياق. 


16 


الظاهرء وأراد بالعاذل النفسء والمعذول الملوم الروح. فإنَّ عند أهل هذا العلي"!) 
أن للعقل ثلاث عيون: أحدها النفس المدبّرة وهي بمنزلة ساحر قد تعلمت التخييل 
والسحر من الشيطان وصادقته وليس من أدنى» وصادقته في عموم جميع العباد بل في 
الذي هم كذلك هي فيهم ولو لم يأت2 بيان ذلك في كل موضعء ونظرها من الحواس 
إلى المحسوسات. والعين الثانية الغريزية وهي بمنزلة الملك القوي القاهرء ولا يطلب إلا 
النسر الانا ري مده ديف والظله بنجتو الملم:الدوي :اللا وى نول هامر اليد انين 
إلى المحسوسات» ولها نظر من عالم المثاللات والخيالاات» وهذه العين والعين المدبرة 
يسمّونها النفس. 

والعين الثالثة البصيرية هى بمنزلة نب ورسول من الله تعالى إليهما معصومة عن الخطأء 
والرال تامارها إلى اللقاسالن بالعمات لا بالذ ا شيو او :نع اللدي ونه عطلى: عتال 
نور محبة الله ذي العظمة والجلال» وهذه هي الداعية للنفس ويسمونها الروح» و 


(1)كأن الشيخ يريد [المتصوفة] بقوله [أهل هذا العلم]ء ولم أجدهم يقسمون هذا التقسيمء بل نراهم يتحدثون 
عن العقل وقسميه: الغريزي والمكتسب. أو العقل الذي يبصر أمر دنياه: والآخر الذي يبصر أمر آخرته؛ مع 
مصطلحات أخرى مثل: العقل الأول. وعقل حجة؛ وعقل عاشرهء وعقل الفطرة. وعقل فعَالء وغيرهاء ينظر 
عن العقل موسوعة العجم؛ ص 646) وموسوعة الحفني. ص876. وما بعدهاء ولكنّي لاحظت أن الشيخ بعد أن 
ينتهى من القسمين الأول والثانى يقول: وهذه العين. أي الغريزية» والعين المدبرة يسمّونها النفسء وكأنّه يفيد 
من مباحث الفلاسفة في النفس إذ نجدهم يتحدثون عن أقسام لهذه النفس وقواها > منها النباتية» والحيوانية: 
والإنسانية» وكلٌ واحدة منها تقسم أقساماً يقترب بعضها من تقسيم الشيخ في المتن. ينظر عن النفس وقواها: 
أحوال النفس. ابن سيناء ص57» وكتاب النفسء ابن باججه. ص278, وما بعدهاء والنفس والروح في الفكر 
الإنساني» د. يوسف محمود محمد. ص !9 وما بعدها. كما يتحدث المتصوفة عن النفس ويجعلونها أربعة 
أقسام هي: الحيوانية والأمارة. واللوامة. والمطمئنة. وهناك اقتراب بينها وبين ما قرّره الشيخ ة فى المتنء ينظر 
موسوعة الحفني: ص 984. وما بعدهاء وينظر كذلك كتاب الشيخ (الإخلاص)» ص558. وما عدها فق ادنك 
مفصّل عن (النفس) و(الروح). 

(2) في س: [يأتي]» وما أثبتناه أصوب. 

(3) في س: [وزلل]» وما ألبتناه أصوب. 

(4) من الواة ضح أن الشيخ يفرّق هنا تفريقاً حاسم بين النفس. والروحء وبهذا قالت جمهرة من المتصوفة والفلاسفة» 
وإن جعلها آخرون شيئاً واحداء وهذا التفريق مهم في بابه؛ لأنه يبعد الشيخ ومعه السلوكيون العمانيون عن أهل 
التصوف الفلسفي الذين «ذهبوا إلى أن الروح في حقيقتها جوهر روحي مستمد من الله ... وأن النفس والروح 
عندهم بمعنى واحدء وأن الاختلاف في اللفظ دون المعنى»» ينظر النفس والروح في الفكر الإنساني؛ د. يوسف 
محمود محمد. ص !14. وأهل التصوف الفلسفي أخذوا بما لم يأخذ به الشيخ وأمثاله من أقوال أخرى كوحدة 
الوجود. والحلول. والشطح. وما إليهاء وعلى هذا فإن الروح عند الشيخ «شيء استأثر الله بعلمه» ولم يُطلع عليه 


التي ذكرها الله تعالى #ثلٍ آلروحٌ مِنْ أَمْرِ رق 4؟ أي أمر رباني شأنه عظيمء وهذه القوة 
لا تبقى في الكافر يوم القيامة بل لا تبقى فيه غير النفس الغريزية والنفس المدبرة أحدهما 
اللاحي واللوام» وهما اللذان لما كشفت العين البصيرية لها حين انقادتا لها وأذعتتا 
إليها نور جمال المحبة الإلهية وجمال ما جلت لهم من جمال الحضرات الإلهية» عرفا 
صدق قولهاء ورأيا محرّم اللوم» وغشٌ النصيحة إلا لأنفسهما وما رجع صلاح أتباعهما 
إلا إليهماء وفي الحقيقة إن محبة الله المتجلية عليها ومنها هي الداعية إليهما إلى طلب 
المحنة أيضيا وإلى مشاهدة الحضرات الإلهية فافهم ذلك 0 

قال: 

مركم زو خلا جر يفهاة - مور عن امل شن 

تقول: وكتوؤاءة قارو الطلب :ولك ها أزاديعقن سافان الح هراك أ جلت 
وسلواني» أي سلوتي ولكن أراد هنا بعض معناه. أي بعدي. والمعنى: 0 
حبك بعدي الداعي إلى الإياس عن تجلي نظرة منك لي ناسياً فأكون بالإياس م فنعا اخ 
قاصداً سواك, وأنّى: أي وكيف يمكن عنك تبديل نية من نظرك نظرة واحدة ولو عُمّر عُمْرَ 
الدنيا لما انقطع طلبه ورجاه. 

قال: 

8 - وقال: تلاف ما بقى منك. قلت: ما أراقق إلا للثلاف تلفي 

يقول: وقال حبّك بلسان حال الامتناع الشبيه بالوياس تَلافء 5 تدارك حياة ما بقي 
منك حياء قلت: ما أراني» أي .ها أرى نفسي في تلفي وطلبي ورغبتي إلا للتّلاف. أي 
للتعرّض للهلاك بكلّ ما بقي مني حياً فكيف أتلافى!2) حياة ما أتمنى إتلافه. 


أحداً من خلقه. ولا يجوز العبارة عنه بأكثر من موجود لقوله: (قل الروح من أمر ربي)» على حدّ قول الجنيد. 
بنظر الفرق بين الروح والنفسء قسطا بن لوقا ص83 وما بعدهاء ومعجم المصطلحات الصوفية: أنور أبو خزام؛ 
ص (9. وموسوعة الحفني. ص772. وما بعدها. 

(1) الإسراءء الآية 85. 

(2) في س: [أتلافا]. 


قال: 

168+ إياقن أن الا كلائن افسا جاوذ مت شيية عد شيش 

يقول: إبائي أبى: أنفتي أنفت استماع لوم وعذل كل من جاءني به ناصحاً عن حتي 
وسلوك سبيله ولو يريد مني إبائي» أي أنفتي عنه إلا خلافي له يحاول مني تطبع شيمة 
غير شيمتي التى قد طبعت روحي عليهاء وأراد هنا بالشيمة بعض معناهاء أي طبعاً غير 
طبعي الذي قد انطبعت به روحي ونفسي. وظاهره ظاهر اللفظ وباطن معناه خطاب الروح 
للنفسء وذلك قبل انقياد أمرها بالكليّة إليها. 

قال: 

6 - يَلذْ له عذلى عليك كأنّما ‏ يرى ملنّه متى وسلواه سلوتى 

يقول: يلذ له. أي اللاحي اللائم العاذل عذلي؛ أي عذله لي عليك بمعنى فيك؛ وذلك 
قبل علمه بحبى أنّه فيك كأنّماء أي كالذي يرى منه وصلة منى إليه» وأراد كأنما كأنه يرى 
في نفسه منّهِ مني وصلته في الفرح بها كذلك فرحه بعذليء ويظن أن سلوتي ممكنة لي 
مثل إمكان سلواه من ذلك, والسلوة تفرّغ النفس من كل هم حبّي وغيره من الهموم؛ ولم 
يدر أن ما بى قد صار طبعا منطبعا لا يزول لشدة تمكنه ولمشاهدتى جمال ما شاهدت. 

اعلم أن هذا السالك صوّر في دلالته أنَّ أول هيمانه بمحبوبه رآه في النوم» وهام به وأنه 
اتصل به وقت العشاء في طريق مكة الحب. قاصداً لقضاء حجٌ المحبة في موضع طوى. 
والثنية» وأراد به جبل عرفات المعرفة والمشاهدة, وأنه في ذلك الحال لم يكن حال وقوف 
بينهما؛ لأنهما فى حال إفاضة» وقضاء مناسكء» ولكن أومت إليه بالاتصال بعد قضائه 
مناسك شروط المحبة والتوجه إلى طواف قبلتها فذكر ما ذكره من خطابه لهاء ثم أراد أن 
يذكر تحسره على بينونته عن مشاهدة جمالها وجمال ما أبدت به من الحضرات الكمالية 
فى تلك الوقفة» وهذا تمثيل ظاهر وله فى الباطن [5 و] مثال'!)؛ لأنه يمكن أن يكون هنالك 


(1) من هنا ينتهي السقط في الأم. وسيبدأ الترقيم كما هو موجود في الأصل أي [5و]. مع المقابلة مع سء وهو ما 


119 


تجلت لذاته نور المحبة من الله تعالى له وطلب رضاه عنه وطلب السلوك إلى ذلك. ولم 
تجد في نفسه تلك القوة في كثرتها وتلك الشدة في إزعاجها فلم يزل يطلبها ويجتهد''' 
فى تصفية نفسه وعلمه وأعماله» وكلما ازداد شوقا إلى طلب محبة الله ومحبة رضاه عنه 
ردح السارة رللسرويحة علي الدلرك ريني الاجتهاة يده وك ذلك لا يكرد إلا إذا 
قويت محبة الله التي بقلبه» ومع ذلك يخاف أن تكون تلك المحبّة نفسه لذلكء لا بمحبة 
الله تعالى كما ترى ذلك من المستحلين بما لا يسعهم. ويكفرون به عند الله تعالى وهم 
على هذه الصفات في الظاهرء فيدلٌ على أن تلك المحبة ليست هي محبة الله فيهم وإنما 
هي محبة العين الغريزية والعين المدبرة» فلذلك صار يهفو على محبة الله ولا يعرفها إلا 
بمعرفة سلوكه على الحق في كل شيء وقوة رغبتها بعد ذلك» فافهم. 

قال: 

1 - ومعرضة عن سامر الجفن راهب ال فؤاد المعتى مُسلم النفس صدَّتِ 


يقول: ومعرضة: يحتمل أن يكون الواو هنا بمعنى رُبَّء معرضة نكرة لم يرد بها 
محبوبته على الخصوص بل كل من هي كذلك. وإني كذلك حالي معها وحالها معي؛ 
ويحتمل أن يكون ليس بمعنى رَّبّء بل أراد وإني كلما ذكرتها وذكرت نفسي بها ومعها 
في حين اتصالي بها كذلك أقول في حال بها وهي معرضة عني. 

ولعلّ الأول أصحء يقول: ورْبَ معرضة صدّت,. والصدّ القلى والمَئِل. 

فإ كا أرادايها كزة أراذفكها عاكوان أزاةتبها الميفة الإليية والحضر: الآلينة كان 
بمعنى [الميل والميل يكون]" بمعنى أحتّت وأخخرت وكذلك أراد بصدّت. أي أخرت 
وأحبت التأخير لأمر يوجب التأخير. 

والأول بمعنى النكرة في هذا البيت أصح. صدّت عن سامر الجفنء أي ساهد العين 
بقوة حبّه بهاء راهب: أي خائتف وجل الفؤاد. المُعنّى: أي العاشق إليهاء خائف من 
مجرض تسا القن الجيعر لاعن تريح لاونو عع هذا لوي نما كن 


(1) في س: [ويجهد]. 
(2) ما بين المعقوفين مكتوب في الهامش في الأصل. 
10 


بين الناس وكذلك يمكن من هذه المحبة الإلهية والحضرة. 

عن سامر الجفن: يعني نفسه على هذا الوجه. راهب الفؤاد: أي خائف وجل القلب» 
المعنّى: أي الشديد المحبة مسلّم النفس لأمر لا يحيط به علماً إلا الله ويصح أن تكون 
صَدّت» -بضم الصاد- فيكون الضمير راجعا”' إلى النفس. وأنها صدَّت عن نظر 
الحضرات وجمالها وجمال المحبة الكمالية» فافهم. 

قال: 

2 - تناءت فكانتٌ لذَّة العيش وانقضت بغمري فأبدى اليَئِنٌ مدا لمدتي””ا 

3 - ويَانَتْ فأمًا خسن صبري فخانني وأما جفوني بالبكاء فأوفت! 

يقول: تناءت رؤية جمال المحبة وجمال الحضرة عن نظري فكانت لذة العيش» أي 
الحياة بمشاهدتهاء وانقضت المشاهدة؛ وانقضت لذة الحياة بعمري. أي مع عمري. 
كذلك اتقضى بانقضائها فأبدى البين مدداء وأراد بأبدى أظهره وأراد بالبين الموت وإِن 
كان معناه الفرقة وأراد بقوله: مداء أي مددا. 

وقوله: لمدتي فاللام ب بمعنى إلى» والمعنى وأبدى الموت لي مدداً منه إلى مدة حياتي. 
فإن قلت: كيف يمذه الموت بمدده وقد انقضى عمره؟ قلت: إنه أراد مثلاً أنه قد انقضى 
عمره الذي يعرف فيه صحته. وما بقي من العينين الباصرتين! [5ظ] وإن طال به المدى 
فهو في غرغرة الموت لا حيّا مع الأحياء ولا ميت مع الأموات. وبانت عنه: أي وفارقت 
رؤيته لها وإليها. فأما حسن صبري فخانني: أي ذهب وفنيء فلم يبقَّ منه شيء يصحبه. 
وأما جفوني بالبكاء فأوفت الغاية والنهاية» وأراد بهذا أنْ التخلي والتجلي لا يكونان في 
كل لحظة, وأنْ تخلي المرء من كل شيء مما هو غير الله وتجلى عليه في ذلك الحال 
شيء من مكاشفات جمال حضراته بالمحبة من الله إليه» وهي لذة الحياة معه» وذلك 
لا يدوم ولاسيما في ابتداء السلوك» ومتى ذهب عنه ذلك الحال صار كأنه غير حيّ مع 


(1) في الأصل و[س]: [راجع]. 
(2) في الديوان [فأيدي] بدل [فأبدى]. 
(3) في الديوان [فوّفت] بدل [فأوفت]. 
(4) في س: [وما بقي من حياته]. 


الأحياء المكاشفين. ولا ميتاً مع الذين لم يكاشفوا أبداًء فافهم, فإنّ لكلامه معاني ظاهرة 
ومعانيّ باطنة. 


وقوله: وخانني صبريء أراد في الباطن خانه صبره أن يبقى على تلك الحالة» والعين 
أوفت بالبكاء فاشتغلت به عن الرؤية والمشاهدة, وأراد في الباطن عين العقل. والمعنى 
الباطن مطابق للظاهر؛ لأنّه يصحّ أن يقال حزناً على فراقه لتلك الحالة التي شاهد"'! فيها 
جمال الحضرة الإلهية. 
واعلم أن لكل حضرة اسما© من أسماء الله أو صفة؛ لأنَّ كل صفة تجلّت عليه فهي 
حضرة تلك الصفة. أو لذلك الاسمء وكلها يطلق عليها الحضرات الإلهية”!» ولذلك 
يخص اسم الحضرة باسم الحضرة الإلهية لأن التي تتجلى على المرء في حال سلوكه لا 
عوك نحط مدان علهة وزة كان لالد 0 في الترتيب بالمبتدين حضرات الأفعال 
فإنَّ حضرات الأفعال كثيرة؛ فلا يمكن أن يعخصص اسم حضرة تجلّت له باسم؛ لأن ذلك 
لا يعرفه المفسّرء ولا الناظم للسلوك» ولو قال حضرة كنا كله تجلت لدف :ة اللكلت 
فيمكن أن يكون غيرهاء إن الحضرة الربانية مع أهل هذا العلم في اصطلاحهم هي غير 
الحضرة الرحمانية» وغير الحضرة الرحيمية» وغير الحضرة القدسية» فأما حضرات 
التجريد فكلها تسمى الحضرة القدسية وكل حضرة هي معنى اسمهاء وكذلك المحبة؛ 
ولذلك نخصها بالمحبة الإلهية لا باسم غير ذلك؛ لأن لكل حضرة محبةٌ؛ لأنه إذا تجلى 
على عبده بحضرة فقد أحبٌ أن تنجلى له بتلك فتكون تلك المحبة وتلك الحضرة كل 
منهما منسوبة إلى تلك الصفة؛ وليس المراد أنه لا يجوز تسميتها إلا كذلك شرعاء وإنما 


(1) في الأصل و[س]: [شاهده]؛ وما أثبتناه أليق بالسياق. 

(2) في الأصل و[س]: [اسم]؛ وما أثبتناه أصوب. 

(3) الحضرات الإلهية خمس حضرات هي: حضرة الغيب المطلق. عالمها عالم الأعيان الثابتة في الحضرة العلمية» 
وحضرة الشهادة المطلقة تقابل الأولى» وعالمها عالم الملك. وحضرة الغيب المضاف. وعالمها عالم الأرواح 
ا ا ب 1ك ا ون امن ا 0 
وس لير المي الأحدية ونين حت الحتاة وحضرة الح حفر الوجود. ينظر عنها موسوعة 
الحفني. ٠‏ ص 0720 ومعجم المصطلحات الصوفية. د. أنور أبو خزام. ص75, وسيتحدّث الشيخ كثيرا فيما بعد 
عن هذه الحضرات» وقد مرّ شرح (الحضرة) فيما سبق. 


المراد كذلك في اصطلاحهم مثلاً لو شاهدت ربوبية الله تعالى في كل شيء مشاهدة 
حضورء وأدهشتك عظمتها فيك. وفى كل شىء فهى الحضرة الربانية والمحبة الربانية: 
وكثير من الملائكة نظرهم إلى الحضرة الربانية لرؤيتهم لنفوسهم بذل العبودية ورؤيتهم 
إلى الله أنه ربهم وأنهم عبيده. فلذلك ترى أدعيتهم غالبها: ربّنا رّناء ولو بسطنا القول في 
معرفة كل حضرة بشرحها لأفضى ذلك إلى مجلد متصوف2"؛ وبهذه الإشارات كفاية 
قافهم. 

قال: 

4 - فلميّرَ طرفي بعدها ما يَسْرّني فنومي كصبحي حيث كانت مسرّتي 

يقول: فلم يَرَ طرفي. والطرف: موضع الهدوب من العين» وأراد فلم يّرَ بصري. وفي 
الباطن: بصر بصيرتي بعدها شيئا [يسرني ]2 أن ينظر إليه. 

قوله: فنومي لصبحي يحتمل وجوها من المعاني: أحدها أراد فوهبت نومي» أي 
[نوم ل لصبحو الذي هو محل يقظتر كان أي وهبته ليقظتر ) وجعلت ذلك كله 
يقظة تذكار أو شوقا [6و] إلى حيث كانت مسرّتيء أراد في الظاهر حيث تلاقينا في ذلك 
الموضع, وأراد في الباطن إلى حيث كانت مسرّتي, أي حيث المشاهد الإلهية بالصفات 
فاكتفى بذكر المحل عن ذكر ما يُستعمل فيه. 

0 ع و 

كانت مسرتيء, أي حيث أبلغ مطلوبي فيكون هنا مراده بالنوم الراحة» والليل ما دام في 
حال غير المشاهدة» والصبح المشاهدة ورؤية جمال التجلي بظهور أنوار جمال الحضرة 
الإلهية والمحبة الإلهية»؛ وهي حيث كانت مسرتيء أي هو جهتي التي كانت فيها مسرّتي. 


(1) إن ما يؤكد كلام الشيخ ناصر هي تلك الجمهرة من البحوث عن الحضرة وأنواعها في كتب المتصوفة إذ لو 
جمعت لكانت مجلداً كبيراً على حدّ قوله. ولكنه التزاماً بالاختصار الذي أخذه على نفسه اكتفى بذلك القدر من 
الحديث عنهاء وإلآ فإ دروبها متشعبة؛ ومسالكها كثيرة. 

(2) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 

(3) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 

(4) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 

(5) في الأصل و[س]: [يقضتي] و[ليقضتي]. 


فقال: فلومىء, أي فراحتى وهبتها لصبحىء أي بمشاهدتها جمال المحبة؛ وجمال الحضرة 

قال: 

5 - وقد سَحْنَتُ عيني عليها كأنّها بها لم تكن يوماً من الدهر قَرَتِ 

يقول: وقد سخنت عيني حزنا عليهاء أي فراقي لها كأنها لم تكن يوما من الدهرء وهي 
يوم اتصالنا قرّت بهاء أي فرحت بها حتى جرت العين من شدة الفرح بدمع بارد. والعرب 
تسمي دمع الحزن سخنا وحراء ودمع الفرح قرَاً أي باردأء والقرّ هو البرد» كما أنَّ فصل 
الصيف القويٌ الحرارة هو الحرّء فيقولون للدعاء بالشر والحزن أحرّ الله عينيه» وللدعاء 
بالفرح والسرور قد الله حينية ») وقد يستعمل أقرٌ الله ظكيئية ) أي أسكن دموعهاء ولكن 
يحتمل آبه عام اشر أو لخير؛ لأن قرارها بالسكون عن الدموع يمكن أراد الدعاء بتخفيفها 
أصلاً حتى تغسل رطوبتهاء فافهم. 

قال: 

76 2 فإنينانهاا منت ودمكنة حمل وأكفائه ما ان رن لفرقتسى 

يقول: فإنسائهاء 5 إنسان عيئيه. وأراد فصاحبها ميت ودمعي غسله. وأكفانه من 


و 


ما ابيض من عيني حزناً لفرقني وذلك قوله تعالى: #رابيضت عستاة مرت لحرن فَهُرَ 


كَظيح 1), 
قال: 
- فللعين والأحشاء أَوّلَ هل أتى تلا عاقدي, الآنبى اليك سنت 
يقول: فللعين تلا الآسيء وأراد هنا بالتلاوة الذكرء والآسي: أصله الطبيب؛ ولكن هنا 
أراد العالم بحالي؛ أي فللعين لما رآها أنّها قد ذهبت أصلاً تذكر قوله تعالى: #مّل أَقَ عل 
الإنكن سين ين ألدّهرِ ل يش مَيِدامَدوْوَا 2#). 


(1) يوسف. الآية 84. 
(2) الإنسان. الآية 1. 


ص جح ير سه عمل ل 


ولما علم بأحشائي وتوقد نيران شوقها تذكر قوله تعالى: # سَيِصَلَ ارا دَاتَ لَب 010, 
وأراد في الباطن أنه لما رآني في الهوى وأنصاره أن عيني قد ذهبت. وفي أحشائي نيران 
المحبة تحرق كل من دنا منها منهم لم يطمع بعيني الظاهرة ولا بعيني الباطنة» وذهاب 
العين الباطنة ذهاب صفاتها أن يرين لهما شيئاًء ولم يطمع بأحشائي أن تقربها؛ لأن أصل 
آثار محبة الله تعالى تحرق الشياطين؛ وكلَّ وسخ في النفوس لشدة عبرتها. 

قال: 

8 - كأنًا حَلَمْنا للرقيب على الجفا وأن لا وفا لكن حَتَنْتُ وبَوّت 


يقول: كأنا حلفناء أي العين والأحشاءء وأراد بالأحشاء في هذا الموضع والموضع 
الأول الذي قبل هذا البيت إشارة إلى العين البصيرية» وهي الروح. وهي المقابلة إلى 
جهة الغيب وتجلي نور محبة الله تعالى. والعينان الباصرتان'2) [6ظ] إشارة إلى العين 
الغريزية والعين المديّرة وهما عينا النفس الناظرتان بعينهما الباطنية إلى عالم المثال» 
الناظرتان بالعينين الباصرتين إلى المحسوسات,ء ويحتمل أن يكون أراد بالأحشاء الإشارة 
إلى عَيْنِيْ النفس. والعينين إلى الباصرتينء يقول: كأنا حلفنا للرقيب المقيم الثابت على 
الجفاء والحين: 

والرقيب هو كل حاجب من المشاهدة للحضرة الإلهية من صفات النفس ومن طلبها 
للحظوظ مثل الجاهء وكل ما أحبته من الأغيار» أو ذكرته في حين المشاهدة حجبت 
المشاهدة في حين المشاهدة لا محالة» ولو كان أصل التجلي بذكر ذلك الغير؛ لأن الغير 
إنّما يكون سبباً. وفي حين التجلي عليه للمشاهدة فلابدٌ من ذهاب ذكره بعد ذلك لقوله 
تعالى: 9 مَاجَعَلَ أَلّهُ لرجلٍ من قَلبَينِ فى جُوَوهِ. 4 إلا من اختصّه الله تعالى بحضرات 
الجمع كما سيآتي بيان ذلك. 


وأما فى الابتداء فلاء وهىء أي الحضرة الإلهية قد نادت على نفسها بلسان الحال 


(1) المسد الآية 3. 
(2) في الأصل و[س]: [العينين الباصرتين]ء وما أثبتناه أليق بالسياق. 
(3) الأحزاب. الآية 4. 


أنه ما دام رقيب من الأغيار تنظر عيناك الظاهرتان أو الباطنتان''' إلى ظاهره دوني فلا 
أتجلى للرؤية» ولا أحضر فيك وأن لأؤْفَتء أي وإن كان لا رقيب وَفَثْ بالتجلي للرؤية» 
وحضرت ثمرات الذات الحجرية؛ أي العقلية» ولكن حنثت أنا فلم أصف'2 من وجود 
الرقباء» وبرّت هي بعهدها فلم تَتمجَلٌ” ولم تحضر كما ذكرت هي. 

قال: 

9 - وكانث موائيقٌ الإخاء أخيّة فلما تفرّقنا عَقَدْتٌ ليت 

يقول: وكانت موائيق الإخاء: أراد بالإخاء بعض معناهء أي وكانت صفاوة عيون 
عقله كلها صافية صفاوة صالحة للتجلي وللحضور فيهاء وليس المراد بالإخاء صفاوتها 
غى وصناوة عيوته فإن :ذلك لاايضع الوصف يه للخضبرات: الإلهية ولككن الإححاء وه 
الصفاوة الصالحة هي من عيونه الحجرية» وليس حاجب بين التجلي والحضور إلا 
اشتغاله بالنظر إل الرقتاف أوخلء أن صنائته اعدف والادية هو أن يدفن عرق حَبْلٍ في 
الأرض دفناً قوياً بها يربط فيها حبل خيله أو زمام مطيته أو مقود حماره حذراً أن يذهب. 
يقول: ظنَّت أنها عروة قوية فلمًا تفارقنا عقدت حبل زمامى فى تلك الأخيّة» وحلت هى 
ذلك لعفل اوملسق | نء قوه تكف رن واوزسععاى ال فى وت ةا عا له ل 
الجر ا ْ ْ ْ ْ 

قال: 

0 - وتالله لم أَخْتَرْ مذمّةَ غدرها 2 وفاءً وإن فاءت إلى خير ذمة6 

يقول: وتالله لم أختر مذمّة غدرها لي حيث عذرتني بتقصير”' فيما يوجب 2 
الصالحة لتجليها على ناظري. ولحضورها في مرآة خاطريء وأن يكون ذلك العذر منها 


(1) في الأصل و[س]: كذا: ولعلها: ينظر عينيك الظاهرتين أو الباطنتين» والفاعل الرقيب. 
(2) في الأصل و[س]: [أصفوا] و[تتجلى]. 

(3) في الأصل و[س]: [أصفوا] و[تتجلى]. 

(4) كذا في الأصل. و[س]. ويريد بها: [صفاوة]. 

(5) في س: [وهكذي]. 

(6) في الديوان: [ختر] بدل [خير]. و[ذمتي] بدل [ذمّة]. 

(داني بن اتتميرى]: 


وفاءً» أي هو وفاء تقصيري؛ لأن ذلك هو ذم عظيم منها لي. وأما إن فاءت» أي رجعت إلى 

خير ذمّة أي إلى خير عهد عهدته مني؛ وقطع الكلام ولم يتمه اتكالاً على فهم الطالب 

كالذي ينظم قصيدة على قافية اللام مع الألف فيقول في بعض قوافيها: ولا حول ولاء 

ويقول في بعضها: ولا تلقوا بأيديكم إلى. وفي بعضها: في الدنيا ولاء ومعلوم تمامه''أ. 

وكذلك هذا مفهوم تمامه بدليل ما في سطره الأول من البيت» وأراد: وإن فاءت إلى خير 

ذمة فهو الذي أختاره؛ لأنّه لم يختر الحالة الأولى دل على أنه يختار الحالة الآخرة فافهم. 
[7و]قال: 


1- سقى بالصّفا الرَبِعئٌ :دكن بالفننا وجاد بأجياد. ثرى منه ثروتي 


كول :نس الله زالضها الذيني وه فصل الرتيم المتتدل الذي هو اتفال لصوا 
والسنة. والصّفا: المحبة الخالصة. والربع: المنزلء» والصّفا أراد به هنا الصفا والمروة 
وبيت الله الحرام؛ يقول على طريق الدعاء لما ذكر بلاءه وتحسره على ما نظره من جمال 
محبوبه في موضع من مواضع هذه الأماكن: سقى الله بجمال المحبة وكمال تجلي 
الحضرة الكاملة الصفاء أي النور الرّبعيء أي أكمل التجلي وأجله وأفضله ربعا ظهر به 
أكمل مظهر لتجلي جمال الله عليه وجلاله وكماله رسول الله 235 وهو الموضع 
الذي به الصفا والمروة والبيت الحرام» والحجرات» والمشعرء وعرفات» ومنى. وجاد 
بأجيادي. والباء هنا بمعنى علىء والأجياد جمع جيد وهو العنق" أو مقدّمه أو ما يطوّق 
به واستعار الأجياد لكل قوة من قواه. وجزء من أجزائه» يدعو لنفسه أن يجود على جيد 
كل شيء منه بأجياد ثرى» أي غنىء, أي بأطواق» عنى من ذلك الكمال والجمال يطوّق 
أجياد كل شيء مني تكون منه ثروتي» أي غناي به عن كل شيء. 


(1) يشير الشيخ هنا إلى ما يسمّى في البلاغة ب [إيجاز الحذف]» أو 0 المحذوف]ء أو [الكلام المحذوف]ء 
على حدّ قول الجاحظ. وهو «عجيب الأمر أشبه بالسحرء وذاك أز نك ترى فيه ترك الذكرٍ أفصح من الذكرء 
والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة. وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق. وأتمٌ خا تكو مبينا إذا لم تعره على 
حدٌ قول ابن الأثير في المثل السائرء 2/ 81. وفيه مباحث كثيرة» وأنواع مختلفة ينظر عنها معجم المصطلحات 
البلاغية؛ د. أحمد مطلوب. 349[1, وما بعدها. 

(2)[صلى الله] ساقطة من س. 

(3) في الديوان. ص78 الهامش أن أجياد هي أرض مكة؛ وفي شرح الديوان؛ /١‏ 145. أن «أجياد أرض مكة؛ أو جبل 
بها... وهي كناية عن الجسم العنصري للإنسان الكامل'". 


فأشان أولاً إلى الكمال المجعدى :و أشار يعد إلى كل مقافن عليه من حر جمالة 
وكماله» وإلى الموضع المعظمء وفي ذلك إشارة إلى العقل وعينه البصيرة النبوية التي هي 
عليه» فافهم. 

قال: 


010 
. 


2 - مخيّم لذّاني وَسُوقَ مآربي وقبلة آمالي وموطنَ صبوتي 

يقول: أشار إلى هذه المواضع الظاهرة الحجرية» وإلى المواضع الباطئة الحجرية 
فقال: مخيّم. أي مركز خيام لذاتي. والمخيّم هو الراكز عمود خيمته قاصدا للسكون 
والمقام ويستعار للبيوت كلهاء وسوق مآربيء وفي تلك المواضع السوق الأعظم الذي 
فيه [مآربيء وفيه]!!" قبلة آمالي» أي وفيه تجلي المحبّة الإلهية التي هي قبلة آمالي بطلبهاء 
وتجلي الحضرات الإلهية فيها إذ النبي 56 منها كان ظهوره. وموطن صبوتي: أي شدة 
حبّيء وأراد بالمواضع الظاهرة الحجرية إشارة إلى النبي في وبالعيون الحجرية النبيّ 
صلى الله عليه وسلم؛ وكل مَنْ أفيض عليه من بحر كماله ممّن كان قبله» أو عنده؛ أو بعده؛ 
لأنَ بحر الكمال الحتّي وتجلي أنوار الحضرات أصلها بمكة والمدينة وهما الحرمان2) 
ومن بحرهما أفيض على الخلق أهل الكمال منهم. وكماله لمن ظهر فيهما من هو أكمل 
الخلق به عْيك. 

قال: 

3 - منازلٌ أنس كن لم أنس ذكرّها بمن بُمْدُها والقربُ ناري وجنّدي 

يقول: وأراد بالمنازل الحرمية ظاهراء ومنازل العيون الحجرية الأحمدية: أو من أفيض 
عليه من كماله عليها منه باطنا. 

والأنس: هو الاستئناس بالشيء» وأراد بمنازل تجلي جمال المحبة وجمال الحضرات 
الإلهية» لم أنس: أي لم أغفل ذكرها لشدة طلبي ورغبتي وحبي إلى ذلك المرتقى. فمن 


(1) مابين المعقوفين ساقط من س. 
(2) في الأصل؛ و[لس]: [الحرمين]ء وما أثبتناه أصوب . 


بُعدها - بضمٌ الباء - يكون عذابي وناريء وبالقرب منها ألاقي جنّتي ونعيمي. 

قال: 

4 - ومن أجلها حالي بها وأجلها عن المنّ مالم تَحْفٌ والشُّقم حلت 

>]”44ه4ءه64ج7:7:76956:اراااااااا000000 

يي ال 220 
وتحمّل بلائه لأجلهاء وهو من أعظم المنْ منها لي ومن المنْ منها لي من جملة متنها علي 
أجلها السقم ما لم يخفء أي الذي لم يكن معه أن يخفى لإنحاله الجسد حتى يتلاشى 
فيكون لا شيء. فأكون نفساً وروحاً مجردة نورانية قد أكل كل حجاب مني عن مانع عن 
رؤيتهاء وتجليها علىّء ولا يمكن تجليها إلا على هذه الحالة. وما دامت تمن عليّ بغير 
هذا الحب السقمي الذي لا يأكل ولا يفنى مني هذاء فأنا في أشدّ بلاء إلى لقائه واتصاله 
والسقمٌ حلت مصيبته علي فأنا به في أشدّ فرح؛ وأسرٌ نعمة» وأكثر عافية الورك 
وكلما زاد ازددت به عافية» فعافيتي في سقمي وهو خير سقمء وعافيتي عن سقمي هو 
سقمي الذي لا يرجى برؤه» وهو شر سقم.ء فافهم فإنه يشير إلى حسن الرضا في كل أمر 
قضعه عليك. أو لك المحبة. 

قال: 

5 - غرامي بِشَعْبٍ عامر شِعْبٌ عامر 22 غرامي. وإن جازوا فهم خيرٌ جيرتي 

يقول: غرامي» أي هواي بشغب عامرء وهو اسم موضعء والباء بمعنى منء أو بمعنى 
في. وأصل اسم الشغب يطلق على مسميات كثيرة» وبالفتيح (©): الجمع» والتفريق» 
والتفرق. والصدعء والإصلاح» والإفساد. والقبيلة العظيمة. والبعد والبعيد. الي : 


(1) في الديوان: [خلتي] بدل [حلت]. 
(2)تقصد[الشني). 
(3) يقضِد [الشفب]: 


5 1 :نت 1 ا ف اناد 55 
الطريق ومسيل الماء في بطن أرض وما انفرج بين الجبلين» والشعبة بالضم: الطائفة من 
الشيء والمسيل من المرمل وما صغر من" التلعة ة وما عظم من سواقي الأودية؛ وصدع 

في الجبل يأوي إليه الطيرء وشعبة شعلة» ورسولاً إليه شعبه أي أرسله؛ وشعبه : كفه عن 
عدر م راع ترق سجر سبد تورك راا لاسرو رجنب كار 

فإذا عرفت ذلك فتنبّه» قد تضمَّن جميع هذه المعاني» وفيما يدل عليه كلامه أنه أشار 
بذلك | إلى اهز وواطن اللن؛ ويامن يان باطن» ” فهو إلى أربع مراتب. والخامس الذي 
ذكرناه أولاً أنه اسم موضعء وأراد بعامر في الأول من العمارة: أي معموراء فالأول أنه 
أشار إلى مكة وشعبهاء ٠‏ والأبطح. ومنى» والمحشر» والمشعر. وشعاب جبل عرفات» 
والغار من الجبل الذي أقام فيه رسول الله ع والوادي الذي , يبن الحرمين؛ والحرّمان”” 
جميعاً مكة والمدينة وبدر وكلٌ شغب عامر بمحبة الله في إظهار 7 تعظيمه. أو عامر بظهور 
محبة الله فيه بظهوره فت وأراد بالشَّعْب القبيلة: ؛ آله وأصحابه. وهم الطائفة المتحلية 
بالأخلاق الكمالية» وإنّما قلنا نه أراه كا مون هنما لأنّه قال: غرامي بشعب. فأتى به 
منكراً ليكون عموماء ومنكراً ليكون مخصوصاً بالذي يريده ولا يعرفه إلا من فهم. وإلآ 
فهي منكر عن فهم جملة العوام. 

وقوله: عامر أي غرامي بكل. أو من كلء أو في شعب عامر بمحبة الله تعالى إليه 
قوله: شعب عامر غرامى يحتمل للنبى كله ولغيره. فأما الإشارة إليه النلا. فيقول: محبتى 
لكل شعب عامر بمحبة الله تعالى محبّتي منه لله؛ وغرامي عامر منه» وفيه» وبه محبة 
حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى [ةو] حتى بظهوري في هذه 
المواضع لهذه المواضع لأجل ذلك. 

والوجه الثاني لغيره أنَّ حبّه في شعب عامر لمحبّة الله من هذه المواضع لمعان منها: 

الحب لله لها حيث عظمهاء وأظهر فيها أكمل الخلق» ومنها حبّا للنبي الظاهر فيها 
(1)من] ساقطة في س. 

(2) في الأصل و[س]: [والحرمين]. وما أثبتناه يستقيم به الكلام. 


وفنيا أنه 53 تن ايمفطنة الله ؤايا لكو قم إل اللبللر له إلى اللداتمالن 6 متها أن بها يعور 
المحبة الإلهية وتجلي جماله. وكماله. وجلاله الأعظم لمن ظهر في هذه المواضعء وأنّي 
وكذلك النبي محبته في هذه لأجل أنه فيها أودع بحره الأعظم الحبّي الإلهيء وفيها 
يترقى إلى درجات الحضرات وهو وجه رابع. 
ونشتيت كل شيء عامر مني بصفاتي الأولى؛ وما يتبعها من راحة. وحث جاأه. وكل 
شيء ساكن ذكره عامر متأهل في حَرَمَيْ الروح والنفس وشعابها كالخواطر والحواس 
وحياتهما!'' كالفكر والترقى إلى جبال المشاهدة بعل المحبة الإلهية وتجلى الحضرات 
الحضرات الإلهية» فهى فى الحقيقة العمارة لها لا العمارة الأولى فإنها خراب محض. 
وما جعلت هذه المواضع الظاهرة إلا لمحض العبادة كذلك الباطنة ما جعلت إلا 
لعمارتها بالكمال الإلهي الذي به يكمل رسول الله مي وإن لم يكن [يجمعه]!” بجميعه؛ 
بل حدّ الإمكان في الاجتهاد حباً لله تعالى بنوافل التقرب بعد أداء الفرائض, ثم قال: فهم 
حواسيء. وإن حادواء أي مالواء ولكن هنا أراد بعض معناه؛ وإن بعد عني المحبوب منهم 
وأحبوا أن لا أبلغ المطلوب. فهم على كل حال خير لي ذكرهم. وقربي إليهم من كل 
0-6 
قال: 
6- ومِنْ بَعدهاماسُرَسرَّي لبُنْدها ١‏ وقد تَطْعمَتْ منها رجائي بخيبتي 
يقول: ومن بعدها: أي ومن بعد نظري إليها واتصالي بها وتجلي جمالها علىّ» أي 
الحضرة الإلهية بالمحبة الإلهية وذهاب ذلك عن رؤيتى ما سن أي ما فرح سرّي. أي 
(1) في س: [وخيالهما] بدل [وحياتهما]. 
(2) مابين المعقوفين ساقط من س. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 


131 


قلبي. ولا لذ له شيء لبعدها عن رؤيتي وقد قطعت مني رجائي عن الوصول إليهاء 
بخيبتى: أي مطيتىء. وأراد نفسه أنّه رآها بعد كأنها فى حال لا يمكن الوصول إليها بصفاتها 
تلك. فافهم. 

قال: 

7- وما جزعي بالجرّع عن عَبَتْ ولا بدا وَلِعا فيها ولوعي بلوعتي 

يقول: وما جزعيء أي خوفي بالجزعء والجزع: قطع الطريق والطائفة من الليل» وأراد 
طريق الوصول إليهاء والخروج من ليل ظلمة الحجب المانعة عن تجليها إلى نهار؛ وصبح 
تجلي إشراق شمسها بمرآة عقليء ولا بدا ولعا فيها - بكسر اللام لا بفتح اللام - : الكذب 
والزور. 

وهذا أراد به المولّع بالشيء؛ أي المُعاني له بكثرة المحبة فيه كما يقال: مولع بهذا 
العلم» وإنما قال هذا فيها؛ لأنه لا يصحّ له أن يكون مولعا بهاء أي يعاينها هي بذاتهاء وإنما 
هو مولع بكل شيء يؤدي إلى التقرب إليها فيكون ذلك فيهاء وكذلك لوعي بلوعتيء 
أي وكذلك كثر مرضي بلوعتي بشدة محبتي إليهاء كل ذلك لم يكن مني عن عبث. فأمًا 
جزعي المجزع فلصعوبة الأمرء وأما ولعي فلدقة غيرتها فأدنى شيء جل أو قل» ظهر أو 

وأمَا حتّي لها وفناء محبتي فيها؛ فلأنٌ ذاتي[8ظ] أصلها لها ملكا وعبودية؛ ولأنّ كل 
جمالها لمحة [لم يصبر عنها لمحة]!!! كما لا يصبر على النار لمحة» فليس عذاب النار 
بأشدّ من عذاب الاحتجاب عنهاء فافهم ذلك. 

قال: 

8 - على فائت من جمعي كان نأ سفري وودٌ على وادي محسّم حشري ”ا 
يقول: كان تأسفي هذا على فائت من جمعيء أي اجتماع وصالي بهاء وتحسّر حسرتي 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 


على فوات لذة ود عظيم مهلك على يقين من أوّديء أي هلاكي به فلم أَرَ الاجتماع؛ ولم 
أجد لذة هذا الود المودي المُهلك الذي هو ألذ شيء معي. 

قال: 

9 وَبَسْط طوىقَنِضٌالتنائي بساطه لنا بطوىٌ ولَى بأرغد عيشتي'' 

يقول: ولله من بسط© لذّة ورغدة معيشة وجدتها بتلك النظرة منها فى تلك الوقفة التى 
كانت اا ررظوقي: مزظيع افق مك وهو الحوضة الذي كان اتصالها يدها رو 5 

وقوله: طوى قبض التنائي, أي البُعد عن رؤيتها بساطه؛ أي بساط البسطء لا أنَّ التنائي 
له بساط وطواه؛ ولكن طوى بساط ذلك البسط. وبذلك الطىّ ولي بأرغد عيشة:. أي بألذ 
حياة» فافهم. 00 

قال: 

0 - أبيت بِجَمُن للسهاد مُعانق تُصافحٌ صدري راحتي طول ليلتي 

يقول: أبيت بجفن معانق للسهاد. وراحتيء أي راحة يدي تصافح صدري كان لك 
طول ليلتي؛ ووضع راحة يده على صدره لوجوه: 

أحدها: من قوة التعب. 

والثاني: لعلمه أن هناك محل تجلّيها فهو يحبّ ذلكء» ويلتمسها من ذلك الموضع. 

ووجه ثالث لعله يجد هناك بقية شيء من العلل الحاجبة لعلمه أن لم يحجب عن 
رؤيتها وحضورها في ذلك إلا لحجاب من نفسه ولا حجاب إلا الأغيار©. 


قال: 


(1) في الديوان: [عيشة] بدل [عيشتي]. 

(2) البسط في مقام القلب بمثابة الرجاء في مقام النفس. وهو حال من الأحوالء ويقابله القبض. كالخوف في 
مقابله الرجاء في مقام النفس. وهناك البسط في مقام الحقّ وهو أن يبسط الله للعبد ظاهراء ويقبضه إليه باطنا 
رحمة بالخلق. ينظر موسوعة الحفنى». ص 667. وبيّن الجنيد هذين الأمرين فقال: القبض والبسط يعنى الخوف 
والرجاء؛ فالرجاء يبسط إلى الطاعة والخوف يقبض عن المعصية: ينظر موسوعة العجم؛ ص .!44‏ ' 

(3) الأغيار: وهم كل شيء غير الله تعالى؛ ينظر موسوعة العجم. ص74. 


1 - وذكرٌ أويقات التي سلفتُ بها سَميري لو عادت أويقاتيّ التي'" 

يقول: دك أويقات: تصغير محبة لوهِيك التي وصلت بها سمي رقي » أَى لم أن 
أذكرهاءوأقول في ذكري ليلا ونهاراً يا حبّذا لو عادت أويقاتي التي» وقطع كلامه, وأراد 
التي وصلت بها إلىّ» وإني لم أزل ولهاً بهاء ولذلك قال: 

2 - رعى الله أياماً بظلّ جنابها ١‏ سرقتٌ بها في غفلة البين لذّني 

يقول: رعى الله أياماً: يدعو لها بالرعاية أياما بظلٌء وقوله: بظلّ لها معان كثيرة» ولكن 
هنا بمعنى يدنو جنابهاء أراد بدنوّ وقت تجليها على مرآة حجري وحضورها فيه فذلك 
الوقت الذي أكون فيه سرقت بها في غفلة البين» والبئْن الفرقة» واستّعمل للفراق الحقيقي 
الذي هو الموت فستي به والمعنى أن أكون قد سرقت في غرغرة الموت من شدة ألم 
الشوق كأنَّ الموت يغرغرنيء يعالج هلاكيء لذّة حياتي الأبدية التي وجدتها حين اتصالي 
بهاء وذهبت عنّى حين احتجابي عنها على غفلة منه. وإن هوء أي الموت هلكني في حين 
باق دائه” لا أموت بعد أن أسرق حياتي بوصالي إليهم فافهم. 

قال: 

3- وماداره> هجر البُعْد عنها بخاطري لّديها بوصل القُربٍ في دار هجرتي 


يقول: وفيه تقديم وتأخير وتقديره: وماذا؟ وأي؟ وما كثرة هجراتي هجرانٌ منها في 
دار هجرتي» أي مهاجرني إلى دارها البعيدة أرى مشقة ذلك بخاطري. كلا إنِي أرى كلّ 
بعيد وصعب فيّ لديهاء أي في جنابها قريباً وسهلاً [9و] وأستلدٌ صعوبة ذلك إذا كنت 
أرجو أن أحظى بوصل القرب منهاء وقد رجوت فسهل لديّ كل عسيرء وهان عليّ بذل 
كل عزيزء وهذه إشارات إلى محبّة بذل النفسء والأعضاءء. والأموال فى حبّ الله تعالى» 


(1) فى الأصل [أويقات]. 

(7العوسر عن الطلفنتة الاانيةه ران الافناذ نطور: بالأسالة عل السقيقة الإلينة «رؤللف مض قله تجالن: 
لد لقا آلإسّنَ في أَحْمَنٍ تَنْويِمٍ 4 ورجوع الإنسان إلى الطبائع والعادة والعلائق هو اسوداد هذا الحجر أي اللطيفة 
الإنسانية» وكل ذلك من الذنوبء ينظر موسوعة الحفني» ص7!7. 

(3) في الأصل: [دام]؛ وأثبتنا ما في س. 


فافهم. 

قال: 

4 - وقد كان عندي وصلّها دون مطلبي فصار تمني الهجر في القُرْب قربتي!! 

يقول: وقد كان عندي في نفسي وظني أنَّ وصلها هو دون مطلبيء أي ظنت أنَّ مطلبي 
له قوة عليّة يبلغني إليها بأدنى من قوته القوية» وبدون الصفاوة التي جلأت بها مرآة 
حجريء فلما انكشف لي الأمر رأيت أنْ ذلك كله لا يفيد. ولا يرقى للوصالء وأن بيني 
وبين الوصال حجبا”2) بعد هذه كثيرة» فصار الحال الذي لي لشدّة بعدي عنها تمني الهجرء 
أي المهاجرة في طلب القرب إليها هي قربتي؛ أي رأيت نفسي في أول ابتداء السلوك إلى 
المهاجرة إلى دارها البعيدة» فكانت مرتبتي هي قربة الطالبين الراغبين المبتدين؛ لأنهم 
أقرب من الذين لم يرغبواء أو لم يطلبوا السفر إليهاء فالطالب المريد السفر إلى الحجّ 
في سببه هو ابتداء القرب للسفر إلى الحج إذا قرب إليه أوان السفر يكون هو قربة الثاني 
للحج, أي للسفر إليه. فإذا تأهب للسفر فهو أول قربه الثالث منهء كذلك رأيت نفسي أن 
قربي منها هو تمني قرب أوان السفر لأقرب التهيؤ للسفر فإنَ المنبَّ لقرب السفر للمسافر 
هو أول القصد والنية والعزم فافهم. ودل بهذا كله أن هذا الذي أشار به في جميع هذه 
الأبواب من أول نظمه إلى قوله: [سقتني حمّيا الحب] كله إشارات إلى تخليص النفس 
من جميع الذنوب وتجريدها بعد ذلك من صفاتها ومن جميع العيوب. والقيام باللوازم. 
والمندوب. والمستحب اعتقاداء ونفياء وعملاء وتركاء وإن من وراء ذلك صفات دقيقة 
يأتي بها في النظم التالي كما سنوضحه في محله إن شاء الله تعالى. 


قال: 
5- وكم راح ةلي أقبلت حين أقبَلتْ ومن راحتى لما تولك تولك 


يقول: وكم راحة لي أقبلت إلى حين أقبلت إلىّ من لذة. ونعمة. وسرور» وفرح. 


(1) فى الديوان: [فعاد] بدل [فصار]. 


- 


(2) في الأصل و[س]: [خجب]ء وما كاه أضوتت 


وناهيك؛ فأين وصفك مَنْ تجلى عليه كمال الله المطلق الذي لا يوصف بكمال'!) غيره 
ولا يجوز على حالء وإذا كانت لذة نعيم الجنة عظيمة ولا يصمّ أن يوصف بكمالها 
تشبيها بكمال على كمال جمال جلاله كمال الله تعالى» ولا يجوز على حال فأيّ شيء 
أعظم منهء ولعمري إن ألذ ما في الجنان تجلي معرفة الله تعالى» ورؤيته بالصفات لا رؤية 
الذات. فإنّ ذلك مما لا يجوز القول به معنا على كل حال. 

ومرادنا بالرؤية هي قوة حضور العقل مع الله تعالى ومشاهدته بصفاته دون الذات 
فافهم. 

ولذلك قال لما ُحجب عن المشاهدة ولذّتها مع أنه لا يطلبها لأجل التلدذ برؤيتها وإنما 
يطلبها محبّة لحضور عيون حجره مع الله تعالى: إِنْ راحتي من راحتي, أي من راحة يدي 
لما تولّت تلك المشاهدة تولّت تلك الراحة؛ فافهم. 

قال: 

6 - كأنْ لم أكنْ منها قريباً ولم أزل بعيداً لأىّ ماله ملت يلك 


يقول: ورأيت نفسي كأن. أي كأنني لم أكن قريبا منها بجميع أحوالي هذه من طهارة 
تفي دضع الذنوت اللازم ارو قرطي رع سنا نا مها سناد كينها باللوا زع 
وبالمندوب». والمستحب. والنوافل» وترك المحرماتء. والمكروهات. 


ولم أزل أرى نفسي بما أتبعها من دقيق السرّ الخفي منها وبها وفيها بعيداً لأي [وظ] 
ماله ملت ملة» و(ما): أصلها هنا بمعنى [الذي] ولكن أراد بها هنا معنى شيء, [وله]!": 
بمعنى إليه ومِلّة بمعنى مذهبء وطريق؛ لأن أصل الملة - بكسر الميم - الدين» وجاز 
استعمالها في معانيه وأقسامه فيكون المعنى لأيّ شيء مِلْتُ إليه بالتفكر في كل مذهب 
ذهبثُ إليه من أحوالها لم أجدها فيه تماماء وأراد بذلك وجهين: أحدهما تجريد النفس 
وطهارتها من رؤيتها في الأعمال بعين الرضى عنها بها فإنه كذلك ينبغي أن يراها في كل 


7 


ل 
(2) في الأصل: [عظيم]. وأثبتنا ما في س. 


والوجه الآخر أنه طالب سير المحبة أن ينتهي إلى المكاشفة بالمشاهدة» وبهذه 
الأحوال لا تتجلى. ولكل مقام حال» ولكل حال رجال؛ ولكل رجال مقام. 

ولا تظن أنه قال: ملّتء أي الحضرة الإلهية ملّته من الملل. فإنَّ ذلك ما لا يصحٌ القول 
به ولذلك ترانا لا نود إحالة الأمر في البعد والاحتجاب. 

وك -ضكة تلق يحعضوات اللداعالن إل إل تفي الطالته الموودة:والدر اده يان 
أصل البعد والاحتجاب عنها إنما كان من قبلها هي لا من قبل المحبة الإلهية» ولا من 
الحضرات الإلهية» فافهم. 

(بيان): اعلم أن كثيراً من ظنّ أن هذه المنظومة"' التي جعلها بداية لنظم السلوك 
أدنى قوة فى معانيها من التى أولها: سقتنى2» وليس الأمر كذلكء وإنما كانت بداية 
سلوكهة والبذاية لابن أن 5 المكدءء في كل شيء من أوصافه أدنى, فلا يصحّ أن 
يأتي فيه بأقوى معانيه؛ إذ لو وصفه بذلك لم يبتدىء بذكر أول سلوكه. وكذلك التي أولها: 
سقتني» فأولها أدنى وصفا للسالك من آخرها. 


فليس هذا بمعاب, ولا مما يدل على هزالة الأمر بل هو مما يدل على قوة براعته في 
الفهم؛ والمعرفة للترتيبء وكثيرٌ من الشعراء يبتدؤون بأول نظمهم في غاية القوة ثم لا 
يزال يهزل حتى ينتهي إلى الأدنى فيستدل عليه بذلك أنّه ضعيف الغريزة الباطنة» وكذلك 
المفسرون قد يطوّل بعضهم أولا ثم يلحقه الملل وبعض الشعراء كالمتنبي» وهذ(©, 
والشذوري”! وغيرهم من أهل البلاغة» والمفسرين كلما طال بهم المدى في نظمهم 
لمنظومته. أو المفسر بتفسيره زادت في ذلك بلاغته وقوته» فافهم ذلك. 

قال: 


(1) فى الأصل: [المنضومة]ء وأثبتنا ما فى سء وهو أصوب. 

(2) يقصد التائية الكبرى التي سيأتي شرحها. 

(3) في الأصل: [سلوك], وأئبتنا ما في سء وهو أليق بالسياق. 

(4) إن هذا يشير بقوة إلى اقتناع الشيخ ناصر اقتناعا تاما بترابط القصيدتين بحيث لا يمكن فهم الثانية فهما حقا بمعزل 
عن الأولى. 

(5) يقصد ابن الفارض. 

(6) لم أهتد إلى ترجمته. 


7 - غرامي أقم. صبري انصرم. دمعي انسجمْ عدؤّي اننفم. دهري احتكم. حاسدي اشْهْتَ 

يقول: فإذا كنت على بُعد منها فلا أبالي بشيء» وإن كنت بحضرتها فلا أبالي بشيء 
فعلى كل حال فحالي يقول: غرامي؛ أي حبي اتْبْتْ على حبهاء ويا صبري انصرمُ. أي 
انقطع عني واذهب, وليس المراد بانصرامه لتعقبه الجزعء بل يعني أنك أفنني حتى لا يبقى 
لك موضع تقيم فيه؛ ويا دمعي انسجم. أي أدم إدرارك» ويا عدوي إن أحسنت أو انتقمت 
فلا أبالي» مره الك ولكن كما خيكى الله الى عزن سيره ترصن عينة قال لينم ' 
«َلَأْسَيستَكُم فى ُدُوع ألشَخلٍ 14" قالوا له جواباً لقوله طمَأْضِ مآ أت قاض 214 ليس المعنى 
أنهم أمروه بفعل ذلك فيهم. 

ويا دهري احتكم بحلقات مصائبك علي بألم بعدها؛ إذ إِنّي لا أبالي بقربهاء ويا 
عاضدي اشبية: فالى لآ أبالى»:وكل هذه إشارات إلى تقل المضافت: والغبر علن 
ان ال 000000 

وقوله: أقم بفتح الألف وما بعده بإسقاط” قراءته دون كتابته. (ويا دمعي) بالفتح وما 
بقى بإسقاط الياء ة في القراءة دون الكتابة فافهم. 

قال: [10و] 

8 - ويا جَلْدِي بعد النقا لشت مُشعدي ويا كبدي عرّ اللقا فتفتّي 

يقول: وأقول ويا جَلّدي: أي تصيّري بعد النقاء أي بعد الإعذار والإنذار افعل أنت ما 
شئت فإِنْى أنا فى غرامى لأفعلن بك ما شئت كما ينذر العدوّ عدوه فلست أراك مسعدي» 
ازاك مكلايك مع بدك اهار ئ للك ركذ العدا رف بوكقكة عدر ل عباتي ا ليطا اوداك 

عن الفعل بمن خاصمك وعاداك فقد حرّضتك”" مرة أخرى أن تفعل ما شئت. 

وأنت كبدي عر اللقا بالمحبوب فما مقام اجتماعك عنديء. وأنا لم أرد بك 


(1) طى الآية 71. 

(2) طى الآية 72. 

(3) فى س: [بالإسقاط]. 

(4) في س: [بعد ما الإعذار]. 

(5) في الأصل: [ضرتك] بدل [حرضتك]ء وأثبتنا ما في س لتلاؤمها مع السياق. 


وباجتماعك!' إلا اللقا بالمحبوب وقد عرَّ فتفتتي وتشتّتي. 

وهذه كلها إشارات إلى الصبر ليفنى منه كل وسخ بقىء وتأكيد لكثرة التضرّع. 
والابتهال بالسؤال إلى انكشاف العيوب وطرق جلائهاء وطلب الإعانة2. والابتعاد عن 
رؤية النفس بعين الرضا عنها بالأعمال» ومبالغة للحذر عن ذلك. فافهم. 

قال: 

فوت لما انث إلا حماضاء:ودائها ال . راجا .وضية "الدهدر..ملهاة اليه 

ولما أبت الحالة الداعية إلى القرب إل جماحاً لي عنها عن حضور الحضرة الإلهية: 
ل طريقهاء وأراد حضور الع 0 أي 
و ان 

قال: 

لو ا يَطبِبُ وأن لا عرَّة بعد هرثا 

يقول: تم تَقَنّت ألا الا لآ ين ند عليه زان لع بفتح العين وبكسرها 

لم رامت اد 04 4 

وأراد بطيبة مدينة رسول الله 6» وأراد بعزة الكعبة بيت الله الحرام شرّفها الله 
تعالق: 

فإن قلت: ما الدليل على أنه أراد مكة؟ 

فنقول: إنه لما ذكر يثرب وذكر أن الذي أفنى حبّه فيها نظرها فى مكة؛, دل على أنه أراد 
بعرّة البيت الحرام. 

ومن أسماء الكعبة ليلى» والإشارة إليها باسم عزة من أفضل الإشارات؛ لأنَّ الله تعالى 
(2) في الأصل: [الاعناتة]ء وهذا من زلل القلم. 


(3) في الديوان: [أن لا دار من بعد] بدل [ألاً منزلاً بعد]. 
(4) لعلّه يريد أكثر ملاءمة للسياق. 


أعرّها الله من أعدائه أصحاب الفيل حين أرادوا هدمهاء وأعرّ الله بها رسول'! الله عي 

وأعدر المسلمين بها عن اتباع أعدائهم اليهود في الاستقبال بقبلتهم. وأعرّها الله بطهارتها 

من دخول المشركين بعد قوله تعالى: «فلا يقَرنوأً لْمَنْحِدَ لْحَرَام بعد عَامهمٌ #(2) 

وأعزها الله بِحَرّمها” بأن جعله الله تعالى آمناء وأعرّها الله تعالى بأن جعلها قبلة للصلاة» 

ولغرض الحج فاعرف ذلكء وأكثر نظمه بالإشارة والتلويح دون العبارة والتصريح". 
ولذكره لهما”' وجوه من المعاني: 


الأول: يقول: لما نظرت إلى محبة الله تعالى بأن جعل النبي الأعظم صاحب المقام 
والكمال الأعظم مكيّا ومدنياء وجعل قبره في المدينة وإظهار دين الله تعالى وهو في 
المدينة» وهو خاتم الرسل» وجعل قبلته البيت؟ الحرام؛ وحكم بكفر من لم يستقبلها 
في نزول بليّة فرض استقبالهاء تيقّنت أنْ لا رسول بعد الرسول المدني وأن لا قبلة غير 
البيت الحرام» وأنْ منتهى أمر المحبة الإلهية هكذا كان في التدبير» وأن لا كمال إلا 
كمال الرسول المدني ولا محبة إلا محبته» وأنه هو بحر المحبة وبحر الكمال» ولمن 
أفيض عليه منه» مَن كان قبله» أو كان عنده. أو جاء بعده قرب إليه» وقرب [10ظ] من 
ربه. وَمَنْ فاتته من هذه المحية الأحمدية النبوية مكملة من كماله خسر الدنيا والآخرةء 
وأن لا قبلة غير قبلته لمن جاء بعده. 


وأراد في الباطن أن لا توجّه إلا إلى توجّجهه. فمن'/ توجّه إلى توجهه من كان قبله. أو 


(1) في س: [رسوله]. 

(2) التوبة, الآية 2#, وفي الأصل و[س]: [فلا يدخلون]» وهذا من سهو القلم. 

(3)[بحرمها] ساقطة في الأصلء والزيادة من س. 

(4) يقول د. كامل الشيبي معلقاً على شعر الحلاج: #إنْ هذه الصورة تستمدٌ وجودها أساساً من اللغة الخاصة التي 
اتخذها الشعر الصوفي لنفسه منذ القرن الثالث. فقارئ شعر الحلاج يلاحظ بوضوح أن اللغة التي استخدمها 
الحلاج للتعبير عن معانيه الصوفية لغة خاصة ليست كاللغة التي يتداولها الناس» فهي لغة ذات اصطلاحات فنية 
خاصة!. ينظر شعر الحلاج. ص 391, وينظر كذلك كتاب استقبال النص عند العرب. د. محمد المبارك. ص 143. 
وما بعدها ففيه تفصيل مفيد عن هذا الموضوعء وهو ما رأيناه في إشارات الشيخ ناصر في المتن. وسيقف عنده 
في مواضع قابلة. 

(5) يقصد مكة ويثرب. 

(6) في س: [بيت الله]. 

(2) في الأصل: [مَنْ]» وأثبتنا ما في س لتلاؤمها مع السياق. 


عتّدة: أو يغدة ققد فاز وإلا فقد هنا بلالا بعيداء والتوتخه الباطن هو السلوك' إلى الله 
تعالى بدينه الحق. 

والوجه الثانى: أن كل ما عظمه الله أكثر دل على محبة الله له أكثرء وكان التذكار به 
السلرك افون إلى السلوك أكثرء وأنّه لا أعظم تذكار من التذكار بالرسول المدني. 
ولا أجل تذكارا للتوججه إلى الله تعالى من التذكار بالقبلة الإسلامية» ومن كان لله أحبّ 
كاناكهذ» المواشع ابها احقة كار طم [غ وكام رول عل أن اد السيحية في الل 
لا توجب نفي محبة غيره مما يكون حبّه لله ويحبٌ الله تعالى أن يحبه. أتى ١‏ بهذه 
القاعدة لما سيأتي ذكره من أبواب الفناء بحب الله. وفناء حبٌ الأغيار» فليس هو على 
هذه الصفة بأن يفنى حتى عن حبّ من يحب الله تعالى له أن يحبه لثلاً يتوهمه الناظر 
إليه أنْ الفناء على ظاهر فهم العوام أنهم يسكرون. ولا يفيقون, فلو كان الأمر كذلك 
لما فاق لإقامة الأوامرء والتخلص من المناهي وذلك باطل على كل حالء بل حقيقة 
الفناء 2 فناء صفات النفس وطلبها حظوظهاء وفناؤها بالمشاهدة إلى الله تعالى بصفاته 
بقوة الحضور في كل شيء يراه وعند المناجاة”؟' ويكون قوي الإيمان, والعزم. والتوكل» 
والثقة» والتفويضء. ومحو الإرادة إلى ما يريده الله منه. وبه» وفيه. 

ويكون مع ذلك قوي المسارعة إلى أداء اللوازم» والمندوب» والمستحب. بالغ التنزه 
عن المحرمات والمكروهات, متجرّدا من الصفات الذميمة» ومن الحبّ في غير الله من 
جميع الأغيار» كثير التضرع والابتهال» شديد المراقبة عن الغفلة في كل أمرء وفي سبيل 
المحبة شديد المراقبة عن الغفلة عن ذكر الله ومشاهدته بصفاته. والترقى فى درجات 
الننضون فى النشاطكة إلى مالةمن العقامات فى غلم الله تقائن غير طالت لشويء قير 


(1) في الأصل: [أنا]ء وأثبتنا ما في س لتلاؤمها مع السياق. 

(2) الفناء: هو كما شرحه الشيخ ناصر كْدَمْةُ تبديل الصفات الإلهية بالصفات البشرية دون الذات» فكلما زالت صفة 
قامت صفة إلهية مقامهاء أو هو سقوط الأوصاف المذمومة؛ والغيبة عن الأشياء. وشقّقه المتصوفة أنواعاً منها 
فناء بالكلية» وفناء السالك. وفناء عن شهود السوى. وفناء الفرد. وفناء في الرابطة» حتى يصلوا إلى فناء الغناء 
وهو أعلى من الغناء؛ لأنه دهليز البقاء عند أهل التقى» واكتفى الشيخ بمعنى واحد إذ قصده التوضيح كما أشار. 
ينظر عن الفناء وأنواعه موسوعة العجمء؛ ص2730 وما بعدهاء وموسوعة الحفني. ص905. وما بعدها. 

(3) في س هكذا: [المناجات]» ومن الغريب أنه كتبها في الأصل: [المناجاة] هكذا ثم ضرب التاء المربوطة بالقلم. 
وكتب فوقها تاءً مفتوحة هكذا: [ت]. 


الحب في الله وابتغاء قربه لا لأجل حظ عاجل ولا آجلء وإن كان يصمٌ بأن يعبد الله 
تعالى بالباعثة المخوفة له من عذاب الله» ولمطمعة لله لثواب الله فإِنْ تلك مرتبة» وهذه 
مرتبة أخرى كما ذكرنا أولاً من طرق السلوكء فافهم. 

والوجه الثالث: أنه أشار بالمدينة إلى النبي [وبالنبي ]هت إلى عقله. وأنه لا عقل كامل 
إلا عقله عي وَمَنْ أفيض عليه منه مَن كان قبله أو كان عنده؛ أو جاء بعده. وكل من كان به 
عقل لزم التعبد به فإنما هو من فيض عقله» وكل من به حب فإنما هو من فيض حبّه ولكن 
مَنْ وجهها إلى غير ما توجّه بهما إليه على ما يكفر به عند الله فقد باء بالعذاب المهين فلا 
عقل إلا عقله. ولا كمال إلا كماله. ولا قبلة» أي ولا توجّجه إلا إلى قبلته» وتوجّهه منذ خلق 
الله الوجود إلى أن يكونّ لا شىء. 

والوجه الرابع: أشار بالنبي قن إلى العين البصيرية المعبّر عنها بالروح الداعية إلى 
الله تعالى المعصومة عن الخطأء وأشار بمن تبعه وسلك سبيله ممن كان قبله. أو عنده. 
أو بعده إلى العين الغريزية» والعين المدبرة المتوججهتين بالانقياد للروح إلى توجّجههاء 
وأشار بالكعبة [11و] شرّفها الله تعالى إلى أنه لا جهة لتجلي الحضرات الإلهية إلا الجهة 
المتوجّه إليها رسول اللهةة بالسلوك إليها وهي قبلته إليهاء فافهم ذلك. 

بيان: 

قال الشيخ ابن الفارض: عملت هذه الأبيات» وأراد هذه المائة البيت التي أوضحنا 
بعض معانيها بعدما فرغت من نظم السلوك التي أولها [سقتني حمّيا الحب راحة مقلتي]. 
فمن أراد أن يصلها بها فليقل بعدها هذه الثلاثة الأبيات©). 

قال: 

7[ -سَلامٌعلى تلك المعاهد من فتى ١‏ على حفظ عهد العامرية ما فتي 

يقول: سلام على تلك المعاهد من فتى: وعنا بالسالك الناظر تلك النظرة للحضرة 
الإلهية» والمحبة الإلهية بذي طوى نفسّهء وأنها على حفظ عهود العامرية» ما فتى: أي 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 


12 


ما انفكت وما زالت على ذلكء والعامرية: هي المحبة التي أودعتها المحبة الإلهية» 
والحضرة الإلهية في قلبه»؛ فهي في الحقيقة من المحبة الإلهية إن طلبت الكمال 
الحقيقي وإلا فهي من محبة نفسه. ولكنّ القولٌ هنا على المحبة الإلهية التي حلّت بذاته 
الداعية له إلى قيارتها ملهاء إلى تجلى العتضرات ا والهزاد تجلي الحضرات هوب الخ 
بالله» ومشاهدته بالصفات إمّا فى كل شىء», وإما مشاهدته بصفاته لا فى شىء. وتجلى 
الأفعال غالبها يكون في الأشياء. الضنات تكون في الأشياءء ا وكذلك 
الأفعال يمكن أن تتجلى في غير شيء؛ وسمّى محبّته التي هي من محبة الله عامرية 
عتارة قله سوودها الى عاعده يها المندبة الأنهزة اتجلىالشرانك الإلهية يلسا 
الحال» أني لا أتجلى إل إذا أخلصت لي بالإخلاص الفرضي أولاً [والإخلاص]7) 
الكلى النفلى بعد ذلك. ويقول: إِنَى على حفظ ما عهدته على المحبة العامرة لقلبى 
بالعد: والعمل2. وإنْما نسبها خا لأنها صارت مقيمة في حجره لعمارته. وتمارة 
مظاهره!3). 

وقوله: المعاهدء أراد بالمعاهد منازل الحرمين» والنبي وأصحابه ممّن كان قبله؛ أو 
عنده» أو بعده. ومنازل عقولهمء وما يتجلى عليهم فيها فهي منازل لمحل محبة الله 
ولتجلي الحضرات الإلهية. والأعمال الإسلامية الإيمانية الإحسانية» وقد تسمى المعاهد 
الأعمال المقرّبة إلى الله تعالى كلهاء وتسمّى المعاهد ما يتذكره المرء من اللذاذات 
بوصوله إلى ما يحبّهء وإلى المكانات) التي اتصل بها إلى غير ذلك. فإِنْ كلمة المعاهد 
تأتي على أمور يتسع الكتاب بشرحهاء ولكن لم يرد هو إلا ما يقربه إليهاء ويتذكره بها. 
وإلى منازلهاء وما أشبه ذلك. 


قال: 


(1) في الأصل و س: [وإخلاص]. وما أثبتناه يتلاءم مع السياق. 

(2) في الأصل: [والعلم]. وما أثبتناه من س. ش 

(3)هذا تأويل خصب من الشيخ ناصر للعامرية لم أجده عند غيره؛ ممّا يشير إلى مدارسة عميقة للنص أولاء 
ولمصطلح القومء ومسالكهم ثانياً. 


3 - أعذ عند سمعى شَاديّ القوم. ذِكُرَ مَنْ بهحرانها والوصل حَادتٌ ااي 

يقول: وفيه تقديم وتأخير. وتقديره عند سمعى شادي القوم. والشادي هو الناشد 
للأشعار في مجلس السامعين له بترتيب ترجيع أصواته المعجبة خفضا”. ورفعاء ومدّاء 
وقصرا بأل صوت. وألذّ ترجيع, فسمّى السامعين القوم؛ لأنّه يمكن أن يكونوا على خلاف 
مذهبه وسلوكه في ذلكء فكل من حكم له بحكم. وعليه بحكم الإسلام؛ وهو على خلاف 
مذهبه فهم عنده القوم» ولا يسمّيهم الأصحاب. ومن كان على مذهبه؛ في الدين فهم 
أصحابه في الدين وفي المذهب. ومن كان على مذهبه وعلى سلوكه في كل [11ظ] شيء 
من القربات إلى الله تعالى فهم أصحابه في السلوكء؛ وفي الطريقة. 

يقول: كلما سمعت ذلك الإنشاد [أعد أنا بقلبى ذكر مَنْء أي التى جادت بهجرانهاء 
والوصل: أي وبالوصل مرة واحدة» وضدّت]7 بعد ذلك فلم تسمح من أيٍّ التي جادت» 
أي تفضلت بهجرانهاء أي ببعادها عن تجليها علىّ ما دمت على أحوالى هذه والوصل: 
أي وتفضلت بالوصل وهوتجليها على مرآة عقلي مرة واحدة بذي طوى من مكة شرّفها 
الله تعالى. 

وضئّت: أي لم تسمح بعد ذلك» وأراد بعض معناه. أي أحبت في أحكامها أن لا 
أحضر مشاهدتها بأحوالي) هذه. فافهم. فإنّا نحاول أن يكون الحجاب من المريد لا 
منها إلآ علن ها أوسيه حكمها فإنه بجو ز أنايضاف إلى المخبة الآلهية: والاستعار :80 
جائزة إذا أريد بها بعض معناها الجائز؛ إذ لا يمكن كشف السلوك, ولا معرفة المشاهدة 
فى الحضرات إلا بالتشبيه والاستعارات» والمعنى أنْ الله تعالى منزّه عن ذلك. 

والحجة في إجازة ذلك هو الخبر المروي عن النبي # الذي أوله: كنت كنزاً لم 
أعرف. إلى قوله تقربت منه شبر©) إلى غير ذلك» ومعلوم أن الله منرّه عن ذلك التشبيه 


(1) في الأصل و[س]: [ظنت]. وما أثبتناه أصوب لتلاؤمه مع السياق. وهكذا في كل مرة وردت في الشرح. 
(2) في الأصل و[س]: [خفظاً]ء وما أثبتناه الصواب. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل. 

(4) في الأصل: [بأحوال]. ما أثبتناه من س: وهو يتلاءم مع السياق. 

(5) في س: [واستعارة]. 

(6) في س: [ذراعا]. 


بالشبر والذراع [والباع]!"" فإن قلت: لعل هذا خبر لا يصحٌء ولا يقبل إلا من القران” 
فنقول: قوله تعالى وأضضث حب ألْبَمينِ مَآ ضعت لْيَمِينِ 2# إلى آخر الآية «#وَأَصْصَْبُ ألتَمَالٍ مآ 
عب اعمال 1314, ومعروف أن الله تعالى لاا يوصف باليمين ولا بالشمال. وقوله: # فى 
مَفْعَدِ صِدَقٍ عِندَ مَلِيِكِ مُعتَدِرٍ 414 فأتى بلفظة العندية» وقال الَهُ نور ألسَّمنومتٍ وَالْارْضِ 57#) 
سمي نوراء والمعلوم أنه يعني نور معرفته» ولكن ظاهر لفظ الآية لم يأت كذلك صيغته. 
قال تعالى: # من 5 الى يْرِضُ أله وضَا نا فَسقْفَة رلك 90# والله غير محتاج لقرضء 
وكل هذه استعارات منزَّه عن معاني ظاهرها” فافهم. 


وإثما نحن نحترز ف اكير الجر الإلهية هي المحتجبة وهي الهاجرة 
عي النالية نَإن ذلك لا بشخ وها ولا 


وكلام الناظم ما دام له مخرج حقّ في التأويل فلا يصح أن يؤول إلا على الوجه الحق 
ما احتمل له؛ لأنّه يمكن أن يكون أراد الوجه الحق. فإنَ الرادّ على أحد ينبغي أن يكون 
قوي العلم والفهم. ويرى" أنه لا مخرج له من الباطل فيحكم بباطله» وإن كان ظاهره 
يدل على الباطل وله وجه باطل يحتمل حقّه حسن تأويل الحق» وإيضاح الخلاف ولا 
يعتّفه بل يحسن الأدب معه "1 أنه لا يصمّ هذا أن يحمل'!!! على ظاهره. وأنّ الحقٌّ فيه كذا 
وكذا وأنه هو المقصود. ولكن إن دخله212 الريب فى قصده فلا يقول إنه هو مقصوده. 
فإن قال المقصود. ادهو :الى المقطيوة كان :ذلك وما أكشية عمناء ولا ينبغي له أن 


(1) مابين المعقوفين ساقط من س 

(2) الواقعة, الآية 27. 

(3) الواقعة. الآية 41. 

(4) القمرء الآية 55. 

(5) النوره الآية 35. 

(6) الحديد الآية .1١‏ 

(7) في س: [طارها]ء وهو تحريف. 

(8) هذا من ورع الشيخ نمه » وتأنيه في الكلام لثلا يقع في المحظور. 
(9) في الأصل: [ويروى]؛ وما أثبتناه من س وهو أصوب. 
(4)10 في س: [فيه]. 

(6411 فى س: [يحتمل]ء وما أثبتناه أليق بالسياق. 
(6)12 في س: [أدخله] وما أثبتناه أليق بالسياق. 





يظهر له عيبا فيما احتمل؛ ولا يجمل بأهل العلم الترقع على العلماء الكبار إذا أظهر رأيا 
أفضل من رأيهم. بل يظهر رأيه على حسن أدب فيما بينه وبين الذي عارضه'"". وكذلك 
فيما يحتملء ولذلك قلنا قوله هو المقصود, وما أشبهه ذلك هو من أحسن القول لما فيه 
من إظهار الحق, ولزوم الأدبء والكف عن القطع عليه بشيء هو غيب معه. وكل هذه 
محبوبة عند الله تعالى من عبده وكذلك الأدب في محله. فافهم ذلك. 

قال: 

[12و]113 - تَضِمّنه ماقلتٌ والسكرٌ مُغْلن بسرّي وما أخفت بصحوي سريرني 


يقول: تضمّنه حالي جميع ما قلته والسكر في حال ذلك معلن بسريرتي» أي مظهر 
عليَّ؛ ويحتمل كلامه معنيين: أحدهما مظهر لسريرته مع كل مَنْ يراه. والأصح أنه مظهر 
يسكر سريرته على جميع أعضائه وقواه. وما أخفت. أي وما أبقت سكر سريرتي!©) 
بصحويء أي بسي ء مني صاحياً بل سرّي سكرهاء وجرى في جميع دمي وبشرتي» 
وشعري» وعظامي. وعصبي» وعروقي» وحواسيء وعيون عقلي. وكل جزء من" أجزائي 
وكل قوة من قواي!*. وأراد بذلك أنه إذا أطاع المرء ربّه كان كل شيء منه مطيعاء وإذا 
أحبٌ العبد ربه كان كل جزء منه. وكل قوة منه محبة لله في الحكم., فإذا صفا العقل» وصار 
نوراً عظيماء وروحاً كريماً صار في الحكم كلّ جزء منه نوراً عظيماء وروحاً كريماً صافياً 
مقدساً والعكس بالعكس”©), فافهم ذلكء وبالله التوفيق. 


7 6 اق 


(1) هذا من أخلاق العلماء الراسخة التي شاعت في التراث العربي. 
(2) في الأصلء و[س]: [سريري]» وما أثبتناه يتلاءم مع السياق. 
(0) في س: [ وعن]. 

(4) في س: [أقواي]. 

(5) لعل هذا [العكس بالعكس] هو المعنى الثاني الذي يقصده. 


اليباب الرابع 


فى الوصال بالمشاهدة للحضرات الإلهية الظاهرية الفعلية الإلهية» وفى تجريد الصفات 
النفسانية الخفيّة. والحظوظ القلبية» والتجرّد من الأغيار بالسفر الأول النفسانى بالطور 
الأول الحبي وبيان ذلك بلسان المقام الأحمدي المحمديقة مخبراً عن مقال أحوال 
السالكين من أهل هذا المقام. ومنبئا''' عن أعلاهم درجة فيه: 

قال: 

١‏ - سَقَئْني حُمّيا الحبٌ رَاحَهُ مقلتي 2 وكأسي مُحَيَامَْعَن الحُسْن جَلّتِاة' 

يقول: وفيه تقديم وتأخير وحذف. وتقديره: سقتني راحة كف يد نظرة مقلتي. أي عيني 
الباصرة من المحبة الإلهية» حمّيا الحبّ: أي خمرة المحبّة. وسمّيت حميّاء واستحسن 
وضع هذا الاسم من أسمائها لكثرة حرارتهاء وشدة سَؤْرتها أي قوة حدّتهاء وإشعالها 
للقلب بشدة حرارتهاء وكأسي: الذي نَظْرَنه عيني» وسكرت بحميّا حبه هو محيّاء أي 
هو وجه جمال حضرة مَنْ -بفتح الميم- بمعنى الذي جلت حضرته عن وصفها بجمال 
الحسن المعروف بالعقول المشهود؛ لأن كل حسن وكمال وجمال مشهود مكيّف 
محدود. أو مصوّر فهو محدث,. وموجد. وجمال كأس وجه تجلي الحضرات الإلهية 
موجود غير موجدء ولا محدود. ولا مصوّرء ولا مكيّف. ولا نهاية له!©. 


ببان: 


ودل بهذا معنى بيته أنه تجلّى جمال الحضرة الإلهية» وأنه شرب من المحبة الإلهية 


(1) في س: ومبيناً]. 

(2) هنا بداية التائية الكبرى. وقد بدأنا معها برقم جديد. ومن الواضح أن الشيخ مستمر في الشرح بلا إشارة منه 
إلى ابتداء القصيدة الثانية على اعتبار أنْ القصيدتين هيكل واحد. لا يكتمل البناء إلا بهما معاء وهو ما بيّناه فى 
المقدمة ١‏ 

(3) في س: [جعله] بدل [له] ولا معنى لها. 


بالمحبة الإلهية؛ لأنه جعل الساقي له نظرته إلى الحضرة الفعلية من الحضرات الإلهية. 

فإن قلت: كيف أضاف إلى نفسه أنَّ نظرته هي التي سقته» ولم يضفها!" إلى الله 
الو 

قلنا: ليثبت أن للمرء اختياراًء وإرادة» وأنَّهِ لابد أن يكون أول الطلب باختياره وإرادته 
ولكن لا يجب السلوك إلى الله إلا بمحبة الله التي يجعلها بقلبه فهو يحبّه لمحبته؛ فمحبة 
الله سابقة لقوله تعالى: #بحبهم وَيحبُونهءٍ 2), فالمحبة الإلهية التي أوجدها بروحه هي التي 
لا تطلب إلا رضا الله تعالى في كل شيء» وإن طلب في شيء. أو لم يخلص في كل شيء 
بانتهاك لما يدين بتحريمه في دين الله أو باستحلال بتأويل ضلال لا يسعه؛ أو يرى نفسه 
انتوق العيحية والاجتهاة لله بعالك وهر يخال لقاون جر ءالا رنعة يكرا مع اللداثا لين 
خلافه. ويكون هالكا عند [12ظ] الله بذلك. فتلك محبة نفسه لا محبة الله تعالى» وحرم 
محبة الله جل وعلا بخلافه [له]21) في ذلك الذي لم يسعه خلافه. فافهم. 

والوجه الآخر آنه في مقام البداية» وفي مرتبة المريدين لافي مرتبة المرادين المجذوبين» 
لكتّه وإن كان كذلك فهو يقول: سقتني راحة كف يد نظرة مقلتي حمّيا الحبّ الإلهي. 
نظرت عيني بالمحبة الإلهية التي هي في ذات نفسي الآمرة للعين بالنظرء أي إلى تجلي 
كامن جمال الحضرة الفعلية الإلهية فأسكرني حب جمالهاء فكانت أصل النظرة بالمحبة 
الإلهية التي بذاتي هي الناظرة» وبا كان نط العير ونظرت إلى جمال حضرات الله 
وجمال محبة أفعال الله» وأشار به أنهاء أي المحبة التى بذاتى» نظرت بنظر عينيء أنه تجلى 
لضع له التحظيرة اللي النهية كر التجسموب] كاري لك ذل على الدسيلت امد 
الأفعال دون حضرات الأسماء؛ لأنه مبتدىء, ولو أضافهاء أي النظرة إلى الذات لقطع أو 
السلوك ولو أضاف السقي إلى الله لترك سلوك المريدين» بل قد أحكم الترتيب» وإيضاح 
الحق. والاحتراز عن الردّ عليه من جهة الأسباب, والاختيار للاختيار بأبلغ حكمة. وأنجز 
حكمة بأوفر إشارة بأعجز بلاغة» واستعار لنظرة عينه راحة كف يد لها. 


(1) في الأصل: [يفضه] بدل [يضفه] وهو تحريف. 
(2) المائدة. الآية 54. 


(3) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 


وقراءة [راحة] في البيت: (راحات) -بفتح الحاء وإشباعها- بحيث أن تصير ألفا 
لإقامة الوزن. واستعارته هنا للراحة لمعان» وسنوضح بعضهاء ولأنَّ التناول للكأس يكون 
براحة اليدء والنظر إلى الكأس ليشرب'' به والسكر بخمرة حب جماله وحسنه. فجماله 
هو المسكرء واستعار لوجه الحضرة الفعلية الإلهية الكأس. وبالمحيا وهو [لوّجه]!2) 
الوجيهة لأن الكامن هو أول مظن إلية وكذلك الوه هو ]1[2أول]4) منظور إليه: 

وأوّل كل شيء وجهه؛ وذات كل شيء وجهه أيضاًء فدل بذلك على تحقيق النظر إلى 
الجمال حقيقة احترازاً من تجلي الخيالات» فذات حقيقة جمال الحضرة الفعلية الإلهية 
هو الذي نظرهاء ولا يظن أنّه نظر ذات الله فإنه الآن يتكلم في تجلي كمال”' الأفعال 
والوجه أول ظهور التجلي عليه. وفي الحقيقة لا أول لكمال الله ولا آخر له؛ لأنه بلا 
نهاية فليس له آخرء ولا له كلّ إذ الكل يدل على التحديد. وإنما هذه استعارات ليفهم بها 
توحيد الله تعالى»؛ وكذلك جمال حضراته وكمالها جلت أن توصف بالحسن المعروف 
المكيّف؛ لأن لحضرات الله الكمال والجمال والجلال المطلق الذي لا يتناهى؛ ودل على 
أنه قاصد سلوك المحبة والمكاشفة التوحيدية؛ ولو كشف لك الغطاء عما تضمنته براعة 
مطلع هذا البيت؛ واستعارته بالراحة» والعين» والنظرة» والكأس وجميع معانيه لرأيت 
ما يدهش اللبَّء ولعلمت أنه يغترف من بحر إلهي. ومدد رباني. وكذلك براعة مطلع””) 
الأولى*' كما أشرنا إلى بعض معانيهاء وسنوضح بعضاً من معاني هذا البيت ليتضح به ما 
سنذكره فيما بعد. 

ولعل جميع ما سنذكره بعده هو ما تضمّنه هذا البيت من المعاني وذلك في خمس 


مقدمات. 


(3) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. 

(5) في س: [جمال]. وأثبتنا ما في الأصل لتلاؤمه مع ما سيأتي. 
(6) في الأصل: [مطلق]؛ وهو تحريف. وأئبتنا ما في س. 

(8) يقصد التائية الصغرى. 


(المقدمة الأولى): هو أن يُعلم أن الناظم لم يقصد بنظمه؛ وكلامه نفسه من قوله: 
سقتني» وليس في منظومته بيت أشار به إلى نفسه وإنما هو متكلم عن مقالة المقام 
المحمدي في وكماله مخبراً بلسان حاله تارة عن صفة سلوك صاحبه غك [13و] وتارة 
عن صفة سلوك المرادين من الرسل والأنبياء» أو من شاء الله من الأولياء» وتارة عن 
صفة سلوك المريدين من الأولياء السالكين طريق التوسل بنوافل المحبة» والتجريد. 
والمكاشفة التوحيدية لله المجيد من أن كل مريد وصل هو في الحقيقة مراد. ولكن من لم 
يكشفه'! الله تعالى بوحي منه أو بقول نبي أنه ولي الله تعالى وأنه معصوم, سمي مريداء 
ومن كشف الله عنه بأنه من أولياء الله حقاء وأنه معصوم سمي مراداً مجذوباً. 

وابتدأ في النظم بأول سلوك المريدين!2 فافههم!. 

(المقدمة الثانية) : أنه بنى منظومته على معنى آية النور التي هي 9# َه ور ألسَمواتٍ وَالارْضٍ 
مَل نوريدء 4 إلى تمام الآية» وعلى معنى ما حكى رسول الله 86ه: ١كنت‏ كنزاً لم أعرف 
فأحببت أن أعرفء فخلقت خلقاً كي أعرف فبي كانوا وبي عرفوني. وما تقرّب عبدي إلىّ 
بشيء أحبٌ إليَ مما افترضت عليه؛ وإذا تقرّب متي عبدي بفرائضي وبالنوافل شبرا تقر 
فيه ذراقاء إن تقد تن نمق ذرافا تفرييع نه ناغاء وإن أثاتر ييف انق أهرن لول يرال 
يتقرّب إل عبدي بفرائضي وبالنوافل حتى أحيهء فإذا أحيبته كنت سمعه وبصره ولسانه 
ويده» فبي يسمع وبي يبصر وبي ينطق وبي يبطش. وما وسعني سمواتي ولا أرضي» 
ووسعني قلب عبدي المؤمن»". 

وعلى الخبر المروي عن النبي 2 حين جاءه أحد في صورة رجل أعرابي. وقال 
السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليك” وسلم, فرد السلام عليه اكلا. ثم قعد 
بعدما أمره 6 بالقعود» ووضع يديه على ركبتيه؛ وقال: أسألك يا رسول الله صلى الله 


(1) كذافى الأصل و[س].ء ولعل [يكاشفه] أليق هنا بالسياق. 
(#قوشض: [العرية] 

(3) شرحنا فيما سبق الفرق بين [المريد] و[المراد]. 

(4) مر تخريج الحديث. 

(5) في س: [عليه]. وما في الأصل أليق لتلاؤمه مع الخطاب. 


130 


عليك'!) وسلم فأخبرني عن الإسلام. فقال له عُدّ: الإسلام هو أن تشهد أن لا إله إلا الله 
وأن متحيدا رنسو ال الله كتن :و أن ما تخاعدية معد ومنل الله هو الحق من الله وتعبد الله 
مخلصاً بأداء جميع الطاعة فقال: صدقت يا محمد. وض 6ج يندا لذ ويم كه كا نه قال 
متعنّت لا سؤال متعلم. ثم قال له : أخبرني ما الإيمان؟ فقال له : الإيمان هو أن تؤمن بالله. 
وملائكته. وكتبه» ورسله. واليوم الآخر مخلصاً لله في عبادته. فقال: صدقت يا محمد 
أخبرني عن الإحسان. فقال: الإحسان هو أن تعبد الله تعالى كأنك تراه فإن لم تكن تراه 
فإنّه يراك2). 

وجميع العبادة تدور على هذه المعاني, فَرْضِها وَتَفْلهاء وأتى بأربع صفات التي عليها 
مدار الخطاب هي السمع.؛ والبصرء والكلام؛ واليد دالّة على أربعة أسماء لذات الله تعالى 
هي السميعء والبصيرهء والقدير» ولم يزل متكلماء وهذا الرابع لم يزل متكلما صفة لله لا 
اما هن ناكد 

وقال: إن هذه إشارة إلى أنها أسماء بلا آلة التعريف لذات المرء التي هي عقله» فهو 
سميع بصير قدير متكلم» وبهذه القوى صار عقلاً آمراً فعالاً مختاراً مدبراًء وبهذه القوى 
وجبت عليه العبادة مما يتعّده به منها إليه» وإنْ مظاهر الحواس مظاهر هذه القوى الذاتية 
فقدرت بها على السمع من الأذن» والشمّ من الأنف. والبصر من العينء والبطش باليد 
وبغيرهاء وجميع اللمسء والذوق». والحركات. والسكنات في المرء بهاء فافهم. 

(المقدمة الثالثة): هو أن تعلم أن المخلصين لله تعالى على الإجمال أربعة أقسام:*) 

الأول: إخلاص أهل الورع بالشريعة والحقيقة» اللازم» والمندوب» والمستحب 
فيهماء وليس لهم قوة محبة ولا قوة حضور [13ظ] بالمشاهدة» وهؤلاء على قسمين: 
قسم أنكر المحبة من الله تعالى للعبد» ومحبة العبد لربّه» وقال: إن تأويل قوله: يحبهم 
بالتوفيق والثواب» ويحبونه بأداء الطاعة لا غير ولم يفهم معنى محبة الله لعبده ولا محبة 


(1)فى س: [عليه]. وهى كالسابقة. 

(2) ينظر فتح الباري؛ 114/1. 

(3) مد الحديث عن هذه القضية. 

(4) ينظر عن الإخلاص والمخلصين موسوعة العجم؛ ص24, وما بعدهاء وموسوعة الحفني.؛ ص33. 


العيذ لرية»: ولو كانت لها لذة فى المتااجاة لشاهد ما يدل على تلاكى حجتة: ولذهب عنةاها 
تخئلهء ولعله!') ظنّ أن محبة الله للعبد لا يمكن إلا أن يكون على شبه محبّة البغل لأهله: 
أو لولده فيكون صحيحاً ما ظنّه أنّه لا يصّح ولا يجوز. 


ومحبة الله تعالى هى محيّته للكمال الحقيقى» وإرادته منّا لتخلق به؛ لأنّه هو الذي له 
الكمال المطلق. والآخرون من هؤلاء القسم لم ينكروا المحبة ولكنَّهم في شغل عنها. والقسم 
الثانى: أهل المحبة» وسلكوا بها طرق المشاهدة فشهدوا الشهود أولا ثم شهدوا بها المشهود. 
والقسم الثالث: شهدوا المشهود أولاء وعرفوا به الشهود آخراً وهم المرادون. 

والقسم الرابع: شهدوا المشهود أولاً. وما أرادوا أن يرجعوا إلى الشهود. 

وقال في ذلك الشيخ العارف القطب الرباني أبوا” نبهان. 

(المقدمة الرابعة): هو أن تعلم أنَّ اتتجلي الإلهي هو ظهور معرفته والمتجلى عليه بها هو 
العالم بمعرفة الله تعالى» والمشاهد لها بقوة الحضورء وانفتاح النفس والروح إليها انفتاحا 
كلّياًء فهي الحضرات له وهي المعرفة» وكمالها في المحبة هو الكمال في العلم والعمل 
والشوق إلى علم معرفة الله تعالى» وإلى محبّته له ورضاه عنه. وإلى محبة القرب إليه 
ولو بلغ ما بلغ حقٌ محيّة الله له وحق محبة رضاه عنه. وحتّى محتّته مشاهدة جماله وكماله 
وجلاله. وصفاته؛ وأفعاله» وجميع معرفته» وحضراته وتجلي الله بها على ذات المرء لقوله 
تعالى: #وما دروا أله حَنَّ هدرو (3). 

والتجلي الإلهي بالحضرات أكثر من أن تحصىء وتنحصر في قسمين: مقيد» ومطلق. 

فالمقيد هو أن يتجلى للمرء من حضرات الله فماذ وابجداء ف افجماء أو صفة» أو 
أكرف ويكرن تمعد فى كزرة ذلك التبعلن مكلا أن برتظر وتككقت له اقدارة فى مديوره فى 
شجرة فينظر قدرة الله تعالى في تلك الشجرة أنه يقسم رزق أوراقها ورقة ورقة» وعودا 


(1) في الأصل و[س]: [ولعل]. وما أثبتناه أليق بالسياق. 

(2) في الأصل و[س]: [أبي ] وأبو نبهان هو الشيخ جاعد والد الشيخ ناصر صاحب هذا الكتاب» ومرّت ترجمته في 
المقدمة. 

(3) الأنعام» الآية [9. 


عوداء وعرقاً عرق من الورق» إذ الورق كلّه في الحقيقة عروق مشتبكة 1[ 2 ]!' ظاهر 
يسير منها أنَّه توصل إليه قسمه قدره وتمنعه قدره فيندهش بذلك عقله. فهذا وأمثاله من 
حطداتكالقدلن” لالياتو كار للف عله الفحان الكفد: 


وانظر إلى آية العصا لموسى الكنغ: هو تجل2! فعلي مقيّد ناظرها بهاء ولم يدهش 
موسى الطتكلا بها ودهشو بها السحرة؛ لأنهم حمّقوها أنها أية الله تعالى لا أنه سحر لعلمهم 
بالسحر أنه لا يبلغ إلى ذلك» ولم يدهش غيرهم لاشتباهها معهم بآية السحر وإن كانت 
هي خارقة لعادة السحر فلم يتجل" لهم حقيقة عظمتهاء ولم يدهش بآية انفلاق البحر 
ولم يدهش قومه بذلك لألفتهم بآياته» واندهش موسى اقَنظ بآية الجبل» وهي حضرة تقييد 
في مشاهدته مقيّدة بمقدار اندكاك ذلك الجبل. 

وآية الله التي ظهرت في السموات والأرض هي أعظم من اندكاك ذلك الجبلء وَإِنّما!ة) 
لم يدهش الناظرون بها لحجاب مانع لهم في نفوسهم عن المشاهدة والتجلي. والمطلق 
هو أن تشاهد أفعال الله تعالى في كل ما يشاهده وأن أفعاله في قدرته لا نهاية/ 7 لها. 

والمثال أن الجمال الموجود في أجمل الأشياء له حدّ ولكن في قدرة الله تعالى في 
ترقّى ذلك الجمال بزيادته صاعداً لا نهاية لهاء فصار فى الحقيقة ليس شىء بشىء كامل 
في وصفه إلا الله تعالى؛ لأنه قابل للزيادة في القدرة الإلهية. 0 

فهذا هو التجلي المطلق شرط أن يرى جميع أفعاله أو صفاته كذلك في التجلي المطلق 
الفعلي الأسمائي. 

والتجلي على ثلاثة أقسام: الأول تجلي الأفعال» والمشاهدون بها المشهود هم المبتدون 
المريدونء وبها تنزل آيات الأنبياء الخارقة للعادة؛ لأنّها ظاهرة لأهل الظواهرء ولذلك ابتداء 
الناظم برؤية العين» وابتدأ بالراحة إشارة إلى القدرة من قوى الذات؛ لأن القدرة هي القوة 
(1) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 
(2) في الأصل و[س]: [تجلي]. 
() في الاصل و[س]: [يتجلى]. 
(4) في س: [فإنْما]. 


(5) من هنا يبدأ السقط الثاني الذي أشرنا إليه سابقاًء وهو بمقدار ورقتين» والزيادة من س وحدهاء وسيستمر الترقيم 
كما هو موجود في الأصل. 


المحتاجة لها أن تصرف كل عضو من أعضاء إنسانهاء والعين يمكن أن ينظر بها إلى كثير 
من الأشياء بخلاف السمعء وبخلاف النطق فإنّْهِ مما لا يمكن أن تتجلى بهما الحضرات 
المطلقة الفعلية» فدل بالراحة على القدرة من القوى الأربعة التى للذات». وبنظرة العين إلى 
تجلي الحضرات المشاهدة الكثيرة المطلقة. وبالراحة الوريفق القدرة على قذرة» إلى النظر 
بالمشاهدات الأفعال الكثيرة فى الأشياء الكقرة نيدل غاق أنه قحل له التسان وله المطلق 
من حضرات الأفعال» 7 بت علي أذ حقيقة تلك النظرة أصلها معام عن م 
الناظرة إلى المحسوسات الحقيقية'!)؛ لأنها لو لم تكن هي الناظرة بالعين ما سكرت بالنظر» 
فإِنَ السكر المعروف بالشرب إذا وصل إلى القلب أغمض عيونه لحدته. فسكره؛ ودل على 
أنه ابتدأ بتجلي الأفعال وهي المرتبة الأولى» وعلى أنه بعينئ النفس الغريزية والمدبّرة لا العين 
الروحية التي هي البصيرية؛ لأن الروح جهتها على غير المحسوسات, ودلٌ على أنه يريد 
سفر النفس بتجريدها وتصفيتها أولاً. ودل على أنها قد انقادت إلى الروح فيما أمرتها لتخرق 
الحجب حتى تلاقي رؤية النفس رؤية الروح. فافهم فإنا لا نقدر أن نستقصي جميع معانيه» 
وإنما أتينا منها ما يكون كالإقليد لما يأتيه من بعد. 

وقوله: جميعاً الحبّء فالحبٌ على أطوار ومراتب كما سنذكره. 

(المقدمة الخامسة): في بيان معرفة أطوار المحبة ومراتبهاء ودرجاتها في مشاهدة 
الحضرات الإلهية والكمالات الإلهية. 

واعلم أنَّ المحبة على ثلاثة أطوار وكل طور على مراتب ودرجات. وله أول ووسط 
وانتهاء» ولكلٌ طور تردّدء ورجوع. وفناءء وصحوء ولا يتجّ له الانتهاء إلا بعد كثرة تردّد. 
ورجوع. إذ لابدٌ من التلوين قبل التمكين2. 

فالتلوين والمتأون كحبّ النساء ليوسف. والتمكين كحبَّ الزليخا له. فلم يصبها ما 
أصاب النساء من تلك النظرة» وأول الحبّ والمحبة الباعثة وهي مثل المنبهة للنائم إلى 
يقظة» ثم يظهر من أثر تصوره الإرادة» ثم داعية السير إلى طلب الوصال والاتصال به ثم 
قطع العلائق ثم يترقى إلى قطع الحجب وكشفهاء ويتصوّر المَيْل الحبّي بواسطة تجلي 


(1) فى س: [الحقيقة]ء وما أثبتناه أليق بالسياق. 
(2) مر شرح هذه المصطلحات فيما سبق. 


أفعال يميل إليها منه» مقيّد برؤيتهاء ثم يشرق جمال أفعاله الظاهر في كل فعل فعله. 
ثم يتوجه إلى فناء الحظوظ الحسّية كالنظر وغيره. ثم المعنوية كالجاه وكلها هو ليس 
لمحبوبه. وهذا فناء قبل فناء الحب فيما أحبه؛ فهذا على الإجمال فيه» وعلى التفصيل فهو 
على ثلاثة أطوار: طوران منها للمريدين» وطور واحد للمرادينء فافهم. 

(الطور الأول الحبّي) من طَوْرَيُ المريدين: الحبّ الراجع في الحقيقة من المحب إلى 
حت ذاته. 

وقد يكون كما ذكرناه في المجمل» وقد يكون عن رؤية في منام» أو عن نظرة نظر إلى 
الشيء فمالت نفسه للذة وحدها في ذلك كما ذكرناه» ويروم الطلب لأجل تلك اللذة» 
ويندرج فيه إلى فناء أحواله لبلوغ تلك اللذة إذا كانت معه هي أذ من الذي يفنيه لأجلهاء 
وهذا الطور الأول الفعلي هو على ثلاث مراتب: 

(المرتبة الأولى): أن يعاتب محبوبه ويخاصمه. وهذا في العباد بعضهم لبعضء لا في 
الله تعالى» ولا يصبر عنه ويهواه. وهذا يصتم في حبّ معرفة الله تعالى. 

(المرتبة الوسطى): أن تزيد حرارة الحبّ والقلق فيتولّد منها قوة شوقء وانزعاج» 
وَوَلَهء وعطشء وَعَيمانَ فيحسٌ بتفبّت كبده بحرارته» وسّورته» أي حدّته» ونحوله: وبكائه: 
وزفيره» ثم يمضي إلى الفناء وكل هذا مثال في كونه قد يمكن العباد بعضهم لبعض لا في 
الله تعالى ولكنّ حب المعرفة بالله يصح استعارته لا في ذات الله تعالى. 

(المرتبة الأخرى ''' فافهم): فلقوة ما يقاسيه من حرارته وتعبه فيزيد ويحب الفنا فيه 
يروم به الراحة منه. وآخر هذا الطور كما السكرء والغيبة» وعدم الإحساس بكل ما يجري 
من الألم حتى نفسه. وعن محبوبه أيضاً وهو المعيّر عنه بالصَّعٌق الأول والمحق©. 

وكفى بما جرى على النساء الناظرات ليوسف وجماله. وجمال حضرات الله. أجل 


(1) في س: [الآخر]ء وما أثبتناه أصوب. 

(2) الصعق: الفناء في الحقّ عند التجلي الذاتي. والصوفي عند مطالعة أنوار الحقائق يصيبه الدََّهشء وقد يخْرّ صعقاء 
أمَا المحق فهو فناء وجود العبد في ذات الحق تعالى. وهنا يجب التنبه إلى أنْ الفناء لا يراد به الحلول. أو شيء 
قريب من هذاء ينظر موسوعة الحفني. ص830. وص 943. وينظر موسوعة العجمء ص847. وما بعدها ففيها 


فد كنال وحكتحال: يوقق؛ والقلوك التكاسفة"ه أحرعها الاهن عت كنال جفال 


يوسف اللفكلا. 


والشيخ الناظم تدرّج مراتب المحبة إلى كشف حضرات الله تعالى» وما لقربه» فيشير 
بها إلى محو صفات النفس. ومحو طلب حظوظهاء ومحو حُحجب الأغيار بطريق المحبة 
الإلهية المعتدلة في كل أمر المخلّصة للنفس والروح من جميع الأغيار. 

ويأتي بالقياس على مراتب الحبّ المعروف تعظيماً لله تعالى في حبّه؛ لأنه لا يفيق 
السالكء فإنّه لو كان الأمر كذلك لتعطل قيامه بالشرائع الفرضية» ولكن لا يحسن أن يكون 
الرمز في حبّ الله بأقل مما بين الناس» ويكون معناه لا على ظاهره فإنه كلما كان التشبيب 
في المدح أعظمء كان للمدوح والمثنى عليه أعظمء وقد يكون الشيء يطلب به التعظيم في 
إظهار الحكمة المعظمة لذلك. 

وانظر إلى نون الجمع كيف كان الوصف بها في الله أعظمء ويسمى نون التعظيم. 
فكل محل له حال يخصّه.ء وفي المحبة الراجعة من العبد إلى ذاته مثال ظاهر في أهل 
الإخلاص من أهل الظاهر والمثال في ذلك أنَّ من تجلى له شدة عذاب النار أو كثرة 
حبّه في الثواب» ونهض بالإخلاص إلى الله تعالى في كل عمل رجاء لأن ينجيه الله من 
عذابه» ويدخله في ثوابه. ووجد للعبادة لله لذة ومحبة عظيمة؛ أو لم يجد لذة أبداًء ولا 
محبة للعبادة» وإنّما كلفته الخوفة من عذاب الله تعالى فهذا مخلص ولكن مع أهل المرتبة 
الثانية الذين هم''' يعبدون الله تعالى بالاستحقاق لربوبيته لهم من واجب عبوديتهم له 
وهي الباعثة لهم على ذلك. وهم يخافون سخطه. ويرجون رضاه عنهم. ولكن ليس 
الباعثة لهم على ذلك تجلّي عذاب النار» ولا نعيم الجنة. فأهل هذه المرتبة يرون أنْ أهل 
المرتبة الأولى عبادتهم حقيقتها [14و]2) كانت عن محبة لأنفسهم فلاشك أنهم أدنى من 
أهل هذه المرتبة. 

فصحّ أن المحبة على طورين: فالطور الأول هو الذي ذكرناه؛ فافهم. 


(1) في س: [الذينهم]. 
(2) إلى هنا ينتهي السقط الثاني الذي أشرنا إليه فيما سبق وسيبدأ الترقيم ب (14و] كما هو مثبت في المتن. 


156 


(الطور الثاني الحبّي): هم أهل هذه المرتبة الثانية الذين هم'!! يعبدون الله تعالى 
للاستحقاق, ولأداء واجب العبودية منهم لح الربوبية» ولأنْ الله تعالى أوجب عليهم 
ذلكء ولأنّ الله تعالى في الحقيقة واجبةٌ عبادته وواجب على من تعيّده أن يعبده بما 
تعبّده. وكل شيء في الوجود تعبّده بشيء فأذعن إلا بعضا من هذا النوع الإنسي والجني 
تمرّد وطغى قبّحه الله تعالى. قال جل وعلا: مَمَالَ ا وللََرْضِ أَنْتيَا طَوْعًا أو كَرَهَا مَالَْآ آنا 
طَأَبِوِينَ #(2). وقال تعالى: #إوإن مّن شَىْءِ الاح يرو 774. وقال: لأسب ينه ماف أَلسَسْوتِ 
رَمَاف الْأرْضِ 44#) فهي عبادتهنّ لله تعالى» وستأتي مراتب هذا الطور في محله إن شاء الله 
١: : : 0‏ 

(الطور الثالث الحبّي): حبّ المرادين» وسنذكره في محله إن شاء الله تعالى. 

بيان: 

قبذا الناظم أولاً برقي امتاهدة النشيوت مر تتجلى النضدة الأليزة )رتسل يكيان 
الحضرة الإلهية بالمكاشفة في الرؤية النومية» ثم كان الوصال منه بالمشاهدة في وقفة 
المواقفة بذي طوى من مكة شرّفها الله تعالى في خوف من فوت الحجّ عليه. وكل 
ذلك على سبيل الترتيب, والتمثيل القريب. ثم ذكر هنا الاتصال بالنظر العيني الذال إلى 
الاتصال بالمشاهدة إلى التجلي المطلق الفعلي الإلهي دون الذوقيء. ودون السماعي؛. 
ودون النطق الذي لا يكون إلا شيئاً فشيئاً الدَّال على التجلي المقيّدء وإن قال: سقتني. 
فإن نظره يأتي في كل لحظة ولمحة نظرة إلى السموات والأرضء وإلى كثير مما فيهماء 
فلو أن ولداً ؤُلد أعمى وأصمّء ولم ينظر شيئاً ولا سمع شيئاًء حتى كبر وفتح الله له عينه 
ورأى هذا كله في لمحة لخيف عليه الصعق والموت به. فانظر إلى قوة فهمه وعلمه 
وبلاغته. ثم قال: 


داك لع ة سكم ف اتتشائ ونث 
2 - فأومّمت صحبي أن شَرْبٌ شرابهم به سر سرّي في انتشائي بنظرتي 


(1) في الأصل و[س]: [الذينهم]. 
(2) فصّلت. الآية !]. 
(3)الإسراى الآية 44. 

(4) الحشرء الآية 1. 


يقول: فأوهمت. والوهم التخييل بشيء ليس هو في الحقيقة كذلكء ولكن أراد هنا 
فأخفيت ا كوه امات المحبة وهم أصحابي في 
فرح سريء أي خاطري 0 م بنظرتي إلى جمال تلك الحضرة 
الفعلية الجمال المطلق. 

والمعنى أنى لما سكرت بتلك النظرة التى نظرت بها جمال الحضرة بتجلى جمالها 
وليس الأمر كذلك؛ لأنهم يشربون من كاسات التجلي المقيّد وأنا [قد]!' كوشفت 
بالتجلي المطلق, فلم يكن كأسي غير وجه الحضرة المطلقة» والمسكر جمالهاء وهوالذي 
لا ينظره أحد إلا دهشء وفنىء وكفى بالنظرة إلى ذلك للإدهاشء. ومن أدهشه الجمال فقد 
سكرء فافهم ذلك. 

وأما المقيّد فأكثر العقول يحتمله» ولم أكتم ذلك عن حسد منّي لهم. ولكن لأجل أنَّ 
أمر المكاشفة لله لا للعبد فلا ينفع إظهاري لهم ذلكء وكل هذه إشارات إلى تجلي أفعال 
الله وجمال أفعاله. وكماله. وجلاله فى كل شىء حتى تأخذه الدهشة. وتدعوه إلى محبة 
التصفية الخالصة» ولكل امرئ من المكاشفة في ذلك هو ما علم الله تعالى به أنه كذلك حظه 
منهاء [14 ظ]ء وكيف لا يدهش مَنّْ كَاشّفه الله بعظمة كمال جماله فى كل شىء؛ وجمال 
يوسف قد أدهش بنصٌ الذكر وهو جمال تدبير الله فيه» وكل تدبير من تدبير الله هو فى غاية 
الكمال؛ فلا شك أنّه من كوشف بجلال الجمال من وجود الدهشة كما دهش موسى انيلا 
حين تجلّى له شيء من كمال جمال القدرة الإلهية فلا ينكر إل المحجوب. وكفى له ذمَاً 
بقوله تعالى: يبل كَذَوأ ما لرَ نحبطُوأ يعمو 204 واعلم أنَّ موسى انا لم يسأل ربّه أن يريه 
ذاته؛ لأنَّه نبن» وعليم بصفات الله تعالى7» وأنّهِ ليس هو شيء يُرى أصلاً فليس بجسمء ولا 
بجوهر, ولا عرض ولا بروح., ولا بمعنى؛ لأنه لو كان معنى لكان المعنى هو الله تعالى. 
تعالى الله عن ذلك علو كبيرأًء فلا يعرف هو إلا هو ولا يوصف ذاته بماهيته؛ ولا كيفيته» 
(1)هابين المعقوفين ساقطة من س 
(2) يونسء الآية 39. 
(3) ما سيأتي كلام نفيس في نفي الرؤية؛ وهو ما ينسجم تماماً مع فكر الشيخ كانه . 


ولا إنيته» ولاكان بعد زمان ولا مكان. مع تحقّقه بعلم توحيده؛ ولسنا بأعلم منه ونحن ندري 
هذا فكيف هوء ولكن سأل ربّه تعالى ليتجلى عليه ببعض آيات كماله في قدرته فيرى ذلك 
بعينه» ولم يسأل كما سأل إبراهيم اكلكلا أن يريه آية من قدرته في شيء عيّنه يحتمله 
فقال: #آرِنٍ كَيْفٌ تح الْمَونَ 104), وأما موسى فقال: رت أَرِفِ أنظرٌ إِليِلَكَ 2#. أي 
إلى كمالك في صفاتك كلها التجلي تجلى بها في الوجود فقال له تعالى: ل بض 30ل 
أن ودر هلا ذلك اموس لان كمال باذ نها ةدوس أر حك كمال ةمد مات 
ببعض الظهور لتجلي بها على الجبل» وهي قدرتي فإن استقر مكانه» واحتمل الجبل مع 

تجلى لزي عليه سفاني أى تر مد كمال قدركن» وإن له يستقرٌ الجبل فلا يدرك 
عقلك أن يثبت ما أفعل بالجبل» ويندهش ولا ترى من كمال قدرتي في ذلك كما تجلى 
حسن يوسف على النسوة من أول نظرة نظرته» فلم يمكنهنَّ من النظر إلى جماله» وجمال 
محجوب عن الخلق أن ينظر في كل نظرة لا بحجاب من ثياب كما ظنّه بعض العوام, وإِنّما 
حجاب كونيّ من الله تعالى. أي لا تنجلى أنوار جماله. إلا لآية يريد الله إظهارها لعباده؛ 
فإذا أظهرها زاغت عقول الناس جميعاء كذلك موسى لما تجلى ربّه بقدرته على الجبل: 
وجعله دكا بقدرته لم يدرك موسى غير أول نظرة» ولم يتمكن فيها حتى ينظر الآية كلها في 
الجبل» وخر موسى صعقاء فلو تجلى على عقل موسى ذلك التجلي لتلاشى موسىء وصار 
غير شيء, بل رجع إلى الجزء الذي لا يتجرّأ كما يرجع السحاب لا شيء. وإذا كان بهذا 
التجلي المقيّد لم يطق موسى فكيف إذا دُكّت الأرض دكّة واحدة؟ فكمال الله وقدرته لا 
نهاية لهاء ولو أراه أنَّهِ دك جميع الوجود دكة واحدة لكانت هذه آية مقيّدة بالوجود. وكمال 
لماعي قنك ولا جز قنو هونا ل جال ةل اول نولا ل ماله ولا تشلةل لذ سنال كمال الا 
هوء وَإِنْما عرف بحقّ المعرفة قدر ما تجلى من العلم به على خلقه. 

ولم يدهش بآية خلق السموات والأرضء وأنها لأعظم ظهوراً ولكن من عادة النفس 
لا تدهش بالمألوف إلا مَنْ كاشفه الله فاخترقها فكانت هي الحاجبة بألفتها. والشاغلة عن 
شهود المشهود بشهودها مع أنّها هي الدليل على معرفة الله جل وعلا. 
(1) البقرة» الآية 260. 


(2) الأعراف. الآية 143. 
(3) الأعراف. الآية 143. 


فاعجب بها حُحجبا مانعة عن الوصولء وهي الدليل والأعلام إلى الوصول: # من يَمْدٍ 
اهومن يل َك مم يزو 74 

فإن قلت: إِنْ المقام المحمدي أخبر عن نفسه من جملة أصحابه وكأنه ابتدأ به ويتم 
[15و] السلوك به» وفيه إلى مقام النبي 6 ولم يذكر ابتداء أصحابه؟ 

قلت: إنه ابتدأ فى منظومته الأولى بذكر ابتداء كل مبتدئ» وأصحابه هنا هم أصحابه 
أولئك؛ وكيفية السلوك واحدء ولكنّ حظ المكاشفة أمره لله تعالى يخصّ به من يشاء 
وإنما على المرء الاجتهاد في السلوك, وإليه إيصال كل حقّ إلى مستحقه بما يستحقه من 
الحظء فافهم ذلك. 

قال: 

يقول: وبالحَدّق: أي حدق العين» استغنيت عن قدحى: أي كاسى., أي استغنيت بنظرة 
إلى الحدق, استعار للحضرة اسم العين؛ لأن عين الشيء ذاته؛ وعن الشرب وسكرت 
بتلك النظرة» فنشوتي» أي سكرتي من نظر شمائلهاء أي محاسنها لا من شمولي. 

قال: 

يقول: وفي حانة» وإنما حذف الهاء ضرورة» وهو موضع عمل الخمرة: أو بيعهاء أو 
شربها استعاره للحضرة التي نظرها وسكر بها. 

حان: أي حان شكري, أي وجب وقت شكره لفتية وهم أصحابه الذين يشربون من 
التجلي المقيّد وهو قد تعلاهم إلى نظرة التجلي المطلق, وقد ذكرنا معنى المقيّد. وهو 
المقصود تجليه على معنى واحد. والمطلق على الكثرة والسعة بهم. ثم له كنم الهوى. 
أي بسببهم كان كتمان أمره؛ لأنهم ظنوه قد شرب مثل شرابهم وهو مشتهر معهم؛ لأنه 
من جملتهم ولو اطلعوا على ما نظرء وبه سكر لم يتم له الكتمان ولو رامه. وإنما وجب 


(1)الأعراف. الآية 178. 


في ذلك الوقت شكرهم على ذلك؛ لأنه قد حسن بالفنا عنهم, فلا يدرك يؤدي شكرهمء 
والمراد بشكرهم سكرهم. ووداعهم. 

قال: 

5 - ولمًا انقضى صحوي تقاضيتُ وَضْلّها ١‏ ولم يَفْشَنِي في بسطها قَنِضٌ حَشْية 

يقول: وشكرتهم على ذلك وودّعتهم. ولما انقضى: أي كمل كله. صحوه: أي لم يَبْقَ 
فيه من وصف الصحو وصف. فسكر من كثرة النظر إلى تلك الحضرة بالتجلي المطلق. 
تقاضيت وصلها: أي أردت وفاء وصلهاء أي تمامه من تجلى الأفعال إلى تجلى الأسماء» 
ولم يغشني: أي في بسطهاء أي في انبساطي في الطلب لوصلهاء ويستعار الانبساط لنشاط 
القلب بالجرأة في القول فلم يأته قبض خشية» أي خوف مع تعظيم؛ لأن شدَّة الهيبة تمنع» 
وهو القبض عن الانبساطء ولم يمنعني ذلك لشدة سكري حتى غاب خجلي؛ لأن كثرة 
السكر يذهب بالخجلة» وفي بعض النسخ'!! تقاصصت من المقاصصة. أي أردت وصلها 
بحبّي لهاء أو بمعنى القصصء أي قصصت لها مطلبي بغير خجلة لشدّة سكري في طلب 
وضالها. 

قال: 

ع او ع 2 

6 - وابثثتها حالي ولم يك حاضري رَقِيِبٌ بقا حظ بخلوة جلوتي”ا 

يقول: لما تمكنت حرارة حميّا الحبّ وشذتها وحرارتها في نفسي. وغيّبتني عن حسّي» 
وأغفلتني عنْي وعن جميع حظوظي المتعلقة بغير المحبوب, ولم يتبقٌ منها رقيب مانع لي 
منهاء أي من حظوظ”" نفسىء بل صارت خالية مجلية صالحة لتجلى تلك الحضرة بثشت 
حالي لتلك الحضرة ممّا حل بي من بلاء الولاء وعناء الفنا إلى غير ذلك وحاصله شرح 


(1) إن هذا يشير إلى توفر نسخ من التائية بين يدي الشيخ ناصره وهو يرججح بين رواياتهاء وسنرى هذا في مواضع 
أخرى. 

(2) في الديوان: [بقا]: أصلها بقاء ثم قصر. ينظر ص84. 

(3) في الأصل و[س]: [حضوض]. 


قال: 


0 


ولم يتبق لي من ذلك بقية ولم يبق [15ظ] غير الحبّء والأنين و[ 2 وأثبت 
الوجد فقدي من ظهوري في الكون. 
قال: 


8 -هَبيء قبل يُفني الحبٌ مني بقية ١‏ أراك بها في نظرة المتلفت3) 

يقول: قلت لهاء أي تلك الحضرة: هبيء أي هبي لي قبل أن يفني الحب منّي ما بقي من 
وجود فهم وإدراكء فإنّي عن يقين فان*) بقوة الحب نظرة [من جمالك]1) نظرة المتلفّت. 
أي المسرع بالالتفات أفنى بها وهي نظرة الوداع. 

قال: 

9- ومني على سمعي بِلَنِْن مَتَفْتِ أن أراكٍ فمن قبلي لغيريّ لذْتٍ 

يقول: وإن لم تسمحي بنظرة لعيني فمّنّي من المئّة على سمعي بلنء أي [لن تراني] فإنَ 
لذة سماعك ولو بهذه الكلمة بعد عدم النظرة لي فيه لذة عظيمة» كما قد لذ لغيري من قبل 
سماع كلام محبة ولو بالامتناع عن الوصال إذا لم يحصل الوصال وأنا مثلهم. فإن ذلك 
خير من الحرمان الكلي. 

قال: 

0 - فعندي لسكري فَاقَةٌ لإفاقة 2 لها كبدي- لولاالهوى-لمثُفنَّتَ 

يقول: فإني قد بقيثْ لي فاقة في السكر عن الفناء في الإدراك بقدر نظرة» أو بقدر ما 


)010 في الديوان: [وحالي] بدل [وقلبي]. و[مثبتي] بدل [مثبت]. 
(2) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 

(3) في الديوان : [لي] بدل [في]. 

(4) في الأصل و[س]: [فاني]. 

(5) ما بين المعقوفين ساقط من س . 


أسمع كلمة [لن] وبها وبلذّتها أفنى بتفنّت كبدي, ولولا الهوى لم تتفتّت ومن بعد حتى لا 
أحسّ بشيء أبدا وهوالصعق والمحو"!! والفناء الأول. 

قال: المرتبة الوسطى من الطور الأول الحتي؛ 

قال: 

1- ولو أنَ مابي بالجبال وكانطو 3 _رُ سيناء بها قَبِلَ التجلي لدَّكَتَ 

يقول: ولو حل ما بي على طور سيناء؛ وجميع الجبال ما بي من شدة الحب وطلب 
منك الوصال؛ وسمع منك لاندك جبل طور سيناء واندكث عليها بتجليك الجبال كلها قبل 
أن تُستدك لموسى؛ لأنها لم تندك بكلمة [لن] إذ قلتها لموسى؛ لأنها لم يكن بها مثل ما 
بي» وإن كان بها لم تسمع بذاك كذلك ما بيء واندك بقولك [لن] قبل تمام تجلّيك وموسى 
لم يندك بتلك الكلمة» إشارة من الحالة الناطقة بهذا السلوك أنه هو المقام الأحمدي فهو 
فوق مقام موسى؛ لأنه يحصل له من سماع كلمة [لن] ما يحصل لموسى من الصعقء 
وفي هذه الحالة لا يدري ولا يحسسّ بالألم وجميع البلاء» وهو في الحقيقة راحة له من 
ألم الحب. 

واعلم أنْ هذا الحب الفعلي الظاهر متعلقة من حيث المظاهر الكونية تارة يبدو بوساطة 
النظر إلى مظهر يدرك بالبصرء وتارة يبدو بوساطة السمع. 

والمظاهر المدركة بالبصر أربعة أنواع: 

نوع منه أكثر نظر إلى ظهور نوره من ذاته كالشمس. ونوع نسبته إلى الظلمة أكثر خفاء 
من ذاته كالكواكب فإن أتوارها أشدّ مما ترى. 

ونوع ثالث مترذد كالقمر بين هذين النوعين كالقمرء ونوع جامع بين الجميع غير مقيد 
بشيء بل هما بالسواء كرؤية الملاتكة للشمس. فإنهم لا ينظرون نورها أكثر ظهورا من 
النظر إلى ذاتهاء فكان التجلي للخليل القتلا في ظاهر الحكاية أنه مثل التجلي الكوكبي؛ 


ررم 2 


إلى أن قال #وَجَّهْتُ وَجَهِىَ لِنَدِى فر لسوت والْأرْضَِ»*2. فحصل له الصعق 


(1)في س: [والمحق]. وقد مرّ شرح هذه المصطلحات. 
)22 الأنعام. الآية 9, 


163 





بالنظر إلى التجلي المطلق بعدما ارتحل عن المقيّد. وقيل نه عرف المشهود الشهود أو 
مع الشهود. وإنها أراد بهم هى'!' السلوك الذي هم من أهله البداية من التجلي المقيد 
ترتيباً للسلوك لأهل درجتهم. 

فإن قلت: لم يذكر سلوك إبراهيم» ويشير إليه» وإنما خصٌ موسى بالصعق. فالجواب 
لإضافة مجيء موسى لربه [16و] إليه بقوله تعالى 8 وَلَما جَ مُومَئ لِمِيمَِنًا 224 و 
را مو كات إلى االةاقالى الرلاعل كرا و5نوه , رتفي مذكرت الصكوت 
وَل رض (2). 

فإن قلت: كيف ساير في نظمه بسير موسى القتلاء ولم يشر بسلوك إبراهيم وهو أتم في 
حق السلوك المحمدي وهو مشير إلى السلوك المحمدي بنظمه؟ فالجواب: تأدّيا كما 
ذكرناه ولئلا يوهم أنه لا مبدأ له إلا تلك المرتبة فهو مشير إلى سير النبي بما يأتيه» وبما 
أبداه في الذي يليه من المرتبة وأصحابه الذين ذكرهم لعامة السالكين, فكأنه ذكر سلوك 
الجميع على الإطلاق؛ لأنّه يأتي بسير النبي المحمدي فيما يأتيه بعد ذلك مما يدل على 
أنه هو المطلوبء وبذلك يدل على أنه هو المقصود. وإنما لم يبدأ به هو تأدّباً واتكالا على 
فهم السالكين أنَ المراد المقام المحمديء وأنه مراد في أول بدايته قبل أن يريد فلا يقدح 
ذلك في نظم الناظم فيما حكى عن مقالة الحالة المشيرة إلى هذا السلوك بلسان حالهاء 
فافهم. 

قال: 

3 حَهَوَيْعَبْرةٌ تقثبةوجوى تعث نه حدق أدواؤها” بن “أودت 

يقول: إن هواي الكتديد المفتت كيدي الذي كنت أكسسه فعبرتي ودموغي هي اننم 
عليّء أي تفشي سرّي على ما فيه من قوة الحبّء ونيران جوى لم يزل يزيد. وعبرتي تزيد 
فيظهر تكاثر دموع العبرة قوة ازدياد حرارة جوى. وأن كلما زاد الطمع والرجاء نيران فرط 
الحبّ أثارت عليه نيران بعد الوصال فعظمت عبرتي بذلك. وتكاثر دمعها فالعبرة تزيدء 


(1) كذافي الأصل و[س]. ولعلها [أهل]. 
(2) الأعراف. الآية 143. 
(3) الأنعام, الآية 75. 


ونار الجوى تزيد حتى بلغ الحال كما قال: 

3 - فطوفانٌ نوح عند توحي كأدمعي وإيقادٌ نيران الخليل كلوعتي”'' 

يقول: فإن قيل: وما المراد بهذه المبالغة في الفناء وفناء الجسم بالنحول, وكثرة الدموع 
وإيقاد نيران المحبة؟ فأقول: لوجوه: 

الأول: أن الناظم لم يرد بهذه المعاني نفسه. وإنما هو كالمحكي عن قول الحالة 
المخبرة عن ذلك» ومثله عن قول حال المقام المحمدي 2 مخبراً للسالكين إلى الله 
تعالى بقوة المحبة والإخلاص لله تعالى لمن يشاء السلوك إليه بما أحبّه له أن يسلك إليه 
به من منهاج دينه القويم» وصراط حبه المستقيم. وما هو واجب في حقٌ الله تعالى» وحال 
مقام النبي عي وحال مقام كل عابد لله تعالى؛ وحالة كل شيء في الوجود. والحالة بنفسها 
تدل على جميع العباد. وجميع الكائنات وكل عبد من عباد الله تعالى بلسان الحال أَنّه لو 
أغرق جميع الوجود إلى العرش المحيط بأدمعه عبرة وخوفاً من سخطه. أو طبق الكون 
نارا من نار محبته واشتياقه وشوقه إلى رضا ربّه عنه.» وفنى مرات كثيرة بعد الحياة بعدد 
ذرات لمكو كاذ ذلك قلياد د عدر سات واتفي الله تعاكل ونش اأرسدود عاد 
ك3 كث رلا بع ١‏ 

وإذا كان الأمر هكذا ففي الحقيقة إن قطرة دمع من خشية الله تعالى من عبده المؤمن» 
ولمحة نار شوق منه إليه على الإخلاص هو أعظم عند الله تعالى من طوفان نوح» ومن 
نيران الخليل عليهما السلام» بل هما أعظم من ماء يغرق الوجود؛ ومن نار تطبق العالم 


كله لقوله تعالى في تعظيم التقى: 8 إِنَا عَرَضْمَ الْأَمَائَةَ عل لوت وَالْأرْضٍ وَالْيَبَالٍ نابي 


ع حت لس سه سر حي سر ل عر سب ع عر جم لراخه عي 


أن حملن وَأَسْفَقنَ ينها وحَلها آلِإنسنٌ 2 التقي المؤمن. وأمَا الكافر فلم يحملها مع [16ظ] 
هذا التعظيم له مإِنَهكانَ ظَلُومًا جَهُولا ”0 لم يأت بها إباءة عصيانء وإنما المراد: لم أخلقها 
فاهمة عاقلة جميع أنواع العبادة ودقائقها مثل الإنسان. وإنما خلق لها من المعانى بقدر ما 


(1) في الديوان: [وطوفان] بدل [فطوفان] وأثبتنا ما في الأصل بسبب الالتحام الذي أدّته [الفاء] مع البيت السابق. 
وهو مقصد الشاعر. وفي الديوان: [كلوعتي] بدل [كزفرتي]. وأثبتنا ما في الديوان منعا للإيطاء إذ سترد [زفرتي] 
في البيت الرابع عشر التالي. 

(2) الأحزاب. الآية 72. 

(3) تتمّة الآية الكريمة السابقة. 


165 


تؤدي له الطاعة الواجبة عليهاء فكل شيء هو في الحقيقة يعبد الله فيما تعبّده. ولكن دل 
بهذا ما خلقتهما إلا أجل وجودكم. وخلقت وجودكم لأجل عبادتي؛ فالإنسان أفضل» 
واوا ا و لمر ير روا 21 
هو؛ لأنه رُفع فوق الكائنات فأسقط نفسه من فوقها نازلاً متعمداً فما أجهله. وأظلمه. 


ع 
- 


واقبحه. 


والوجه الثاني: أنَّ المقصود بالنظم إنباء ما تنبىء به الحالة من المقصود بإيجاد الوجود 
وأنه المقصود به السلوك ممن لزمه السلوك إلى واجب الوجود. وملك الملوك بإخلااص 
المحبة. ومن عادة العرب الابتداء بالتشبيب!!)» وتعظيم التشبيب تعظيم للمقصود به ذكره. 
فيلزم الحالة أن تأتى في تشبيبها ما هو فوق هذاء والحالة لها قدرة على أقوى من هذاء 
ولكنَّ الناظم ليس له قدرة على الإنباء عنها إل على قدر فهمه من مقالتها. 

فإن قلت: كيف يمثّل صفاته الذميمة بفنائه وهو يقول: أرنى نظرة؛ أو أسمعنى قول 
[لن] فإني أفنى بذلك. أيستعار هذا للصفات الذميمة» وإنّ منها فيه بقية وتفنى بعد ذلك 
بذلك؟ 

أقول: ليس الاستعارة لها هي» وإنما استعارة ذلك لذاته» وأنّه يريد أن يتجلى له من 
جمال المحبة الإلهية والحضرات الإلهية ما يدهش عقله فيجذبه إلى استغراق المشاهدة 
فيصفى ذاته وأعماله لقوة حبّه إليها من كل دَنَس وعيبء ويشتغل بغيرهماء فهو يذكر فناء 
صفات نفسه بفنائه في حبٌ ربّه. فالروح والنفس يفنيان عنه بمشاهدته جمال الله عن 
شهود غيرة:وكدكان الذفاناء والحعد والأعفناء اللطفة امتعارهها :ليكو لالذنوب 
والصفات الذميمة يفنيان بطاعتهما للروح والنفس الفانيين بحب الله تعالى حتى يصير 
الكل نور الكمال لله تعالى. 

فالمراد بالاندكاك: جبل العقل بالمشاهدة ليندك بها جبل جسد الذنوب» وجسم 
الصفات بذهابهما أصلا بقوله: أنظرنى وأسمعنى خطابا من العقل وإلى العقل. ومهما 


(1)يقول ابن قتيبة الدينوري: «... وسمعت بعض أهل الأدت :يذك أن مقصد القضيد إنما ادا فته بذكر الذيارء 
والدمى. والآثار. فبكى. وشكاء وخاطب الربع ... ثم وصل ذلك بالنسيب ... لأنْ التشبيب قريب من النفوس. 
لائط بالقلوب». الشعر والشعراء. :75-74[١‏ وهذا هو نظام القصيدة العربية القديمة كما هو معروف. 


اندهش الحجر من المرء بهيبة أو بحبّ انجذبت الأعضاء إلى ذلك» واشتغل الحجر 
وجميع الأعضاء بمن ن أدهشه؛ وذهبت كل صفة وكل مشاهدة كانت في غير مَنْ أدهشه. 
وفي غير ما أدهشه إلا ما أدهشه. ويصحٌ حينئذ أن يستعار للأعضاء أنّها كلها مشعرة بحبّه 
أو بهيبته» ولا ينكر شعورها فإِنَ المرء متى اندهش من هيبة ملكء أو بحت محبٌ لاقاه 
فتراه يرتعش جميع جسده من ارتعاش عقله؛ ويتلجلج لسانه في الكلام» وإذا كان قد يكون 
هذا في بعض الناس لمشاهدة بعضهم. فما ظنّك إذا تجلى الله بعظمته. أو بمحبته؛ أو 
بهيبته على عبد من عبيده كما تجلى الله بقدرته على موسى ايثا على الجبل فخْرٌ موسى 
صعقاًء فاعرف ذلك. 

والوجه الثالث له مثال فيهم؛ لأنّ صفات نفوسهم الذميمة منها يجب أولا فناء أفعالهاء 
وما تابعوها لقوله تعالى: #وَأما مَنْ حَاتَ مَقَامْ رَيهِء و َتهَّى النفْس عَنِ الوك ع فَِنَّ انه هى 
لْمَأرك4”!' وهو الفناء الأول ولكنّا فيها هي بمنزلة الأجساد الكثيفة ثم فناء [17و] 
الصفات بالتجرّد عنها أصلاً. وهو الفناء الثاني» وهو بمنزلة فناء الأجساد اللطيفة» وذلك 
أن فناءها غير لازم إذا لم يتابعوهاء وإنما هي من طريق التصوف بفنائهاء والثالث: فناء 
الإرادة» والمحبة؛ والمشيئة في غير ما يحتّه الله زيادة فوق الواجب عليه. وهو الفناء 
الثالث وهو بمنزلة فناء الإحساس؛ لأنّه لا يحسّ في نفسه حتى فيما يصيبه من ألم حبا 
لزواله لقوة حبه في الله تعالى. 

والرابع: الاستغراق في مشاهدة تجلي حضرات الله من تجلي المقيّد صاعداً إلى 
تجلّي المطلق فيكون حيئئذ بمنزلة الفناء الكلي حتى العقل والإدراك؛ لأنه لا يشاهد إلا 
ما يشاهده فقد فني عن جميع الكائنات: ولم يلتفت إليهاء وهنا وإن كان لا يدوم بأحد ثابتاء 
فإنّه قد يكون في الناس أهل هذا السلوك ويختلف مقامه فيهم» ومنهم مَنْ يكون كذلك 
مع الله ويردّه إلى خلقه للأمر والنهي كالأنبياء» ومن بعدهم بعض الأولياء كمن ما يشاء 
الله من الصحابة. 


والوجه الخامس”: أن إشارة الحالة بهذه المقالة إلى السلوك المحمدي ومن بعده من 


(1) النازعات. الآية ا4. 
(2) في الأصل و[س]: [الرابع] بدل [الخامس ]ء» وهو من خطأ القلم. 


مراتبه نازلاً» وسلوك النبي في الحقيقة أعظم من هذا كلّه. 

والوجه السادس”: أنْ الله تعالى خلق الإرادة» والمحبة» والمشيئة» والعلم» والحكمة. 
والسمع؛ والبصر؛ والجمال؛ والحسنء والإحاطة بمعرفة الأشياء» والقرة» والقدرة» وكل 
صفة تدل على صفة من أوصافه التي يريد الباري تجليها إلى خلقه. وأودع ذلك في هذا 
الجنس المقصود بإيجاد جميع الوجود لأجله فالله له الجمال؛ وله ذات. وله في وصفه 
إرادة» ومشيئة» ومحبة. وهو قدير» وعليم» وحكيم» وعدل. وله أفعال» وجعل عبده العاقل 
جميع هذه الصفات وهي غير صفات الله تعالى» فقدرة الإنسان ليست كقدرة الله؛ لأنها لا 
تمائلها في القوة؛ بل هي لا تشبهها في شيء؛ وكذلك علمه. وإحاطته. ومشيئته؛ وكذلك 
جميع صفات الله الحق هي بخلاف صفات الخلقء. فدل شي أن هذه الصفات الدالة 
على صفاته هي من أحبّ الصفات إلى الله تعالى أودع بعضها في الحيوان. وأكملها في 
المتعبدين ولكن لا تتجلى كلها إلا بالعلم والتعليم» ودل على أنه بكل صفة من صفات 
العبد المتقي هي من تجلي صفاته تعالى عليه هي أعظم من جميع الكائنات. 

(ححان): 


فالحالة تارة تنبئ عن الله. ومحبة الله؛ وتجليها في كل شيء في الوجود؛ إذ لم يوجد 
شيء في الوجود إلا بمحبّة الله في إيجاده كذلك. وتارة تخبر عن أحوال المحبين وتجلي 
محبة الله لهم فيهم؛ وفي أي شيء من الوجود. وتارة تنبئ عن كمال السالكين إلى الله 
بالمحبة وإخلاصها في العمل لله أنهم أشرف مافي الوجود. وتارة تخبرهم أنْهم لو فعلوا 
ا ل ا 0 
بالصفات أو تجلي الحقّ في أعمال الحق'"' فهي تارة امورو وان مااراار 
على الأحوال» إلى غير هذا من المعاني؛ ولذلك اشتقت العبارة والأمثال لأهل النظم 
وي ا ل ل د 
كذاء وهم يعنون تارة هو الله تعالى» وتارة محبته» كقول ابن العباس مخبراً عن نبأ الحال 


(1) في الأصل و[س]: [الخامس] بدل [السادس ]» وهو من خطأ القلم. 
(2) كذا في الأصل و[س]. ولعلها: [الخلق]. 


المخبر عن الله: [أنا الموجود أطلبني تجدني وإن تطلب سواي لا تجدني]!!)» وهو [17و] 
ترفك بذلك الله قال كذ لقان الفارضى :هو متعزو غد مقالة البخالة رلسان خالها فى هذا 
الطريق» وتخبر تارة عن مقالتها في نظرة أهل الحبّ إلى المحبوبء وتارة إلى حضرة 
أفعاله.» وتارة إلى حضرة أسمائه» وتارة إلى حضرة محيّته وإرادته فى الأفعال» وتارة فى 
سكرتهم في ذلك. وتارة في كمال السالكين. وتارة إلى حضرة الشهادة» وتارة إلى حضرة 
المقال»"وتارة إلى متعقيرة الخييئ الذي الا يعلمية إلة الله عالق إلى عتر هلا المعات) كنا 
قال مخبراً عن مقالة الحالة المنبئة عن أحوال السالكين والسلوك المحمديء والمكاشفة 
لهم بأوضح عبارة وأفصح كلام أنْهم لا يبلغون حىٌ واجب الله ولو كانوا كما أخبرتكم. 
ولايبلغون وصف كمال سلوك أفضل السالكين إلى الله وإن مثلته لهم على قدر ما تحتمله 
عقولهم من أمثالهاء وإن مثّلت لهم كما أخبرهم عن مقالي مَن أخبرهم!" عني. 

قال: 

4 - ولولا زفيري أغر قتنيّ أدمعي ولولا دموعي أحرقتنيّ زفرتي 

يقول: لولا تكافيء دموع عبرتي ونار شوقي لأفناني أحدهماء وإِنْما بقي لي بقدر ما 
أسمع الخطاب ب [لن]» أو أنظر نظرة واحدة. 

قال: 

15 - وحُحزنيَ ما يعقوبُ بَتَ أقله وكل بلا أيوب بعضص بليّني 

يقول: بيان: المعنى لو أصابنى كذلك فى حبّك. وفى الحقيقة أن ذلك قليل من 
الورصف في المقام المحمدي غْه. 

قال: 

6 - وآخر ما ألقى الأؤلى عشقوا على ال ردّى بعض ما لاقيتٌ أوْلَ محنتسي 

يقول: إنَّ جميع ما لقيه الأولون من أحوال العشق وبلائه» وسقمه إلى أن انتهى بهم إلى 
الردى. أي الفناء والموت هو أول ما لاقيته أنا من بلائه» قال: 


(1) ينظر موسوعة | لحفني» ص974) وموسوعة العجمء ص954. 
(2) في س: [غيرهم] بدل [أخبرهم]. 


جِ 


ل سيت اذ الدليل تأؤّهي لآلام أسقامي بجسمي أضرّت 

8 - لأذكره كربي أذى عيش أزمة 2 بُمنقطمي ركب إذ العيسٌ زرَمَّتِ 

يقول: ولو سمعت أذن الدليل تأوهي, أي أنيني فإنّه ذكر العبرة» والزفرة الأنين الذي 
من لوازمهماء فذكره هنا بمثل ركب غابوا في فلاة» وانقطع عنهم الزاد والماء؛ وانقطعت 
أعلام الطرق وليس في تلك الفلاة ماء وقد أشرفوا على الهلاك هم وإبلهم. وأمسى عليهم 
الوقت وناموا قليلاء قاموا للرحيل» وزمّوا العيس. أي الإبل بالشدّ عليهاء أو زمّها بخطامها 
وهي ترعى وهم يبكون ويتضرّعون إلى الله تعالى بأرفع أصواتهم. ورقٌ قلب الدليل لهم 
الذي بسببه كان غيابهم. ويقول: ولو سمع هذا الدليل أنيني وما نحل جسمي وضرّه من 
نيران الجوى قبل وقوع هذا الأمر عليهم لاستحقر ما هم فيه وعليه» ولذكر كربي والأذى 
الذي أصابني عيش أزمة؛ أي حياة الشدة المنقطع عن وصول مطلوبه. ولذكرهم بذلك أنه 
أصيب أحد بمثل هذا المصاب ولكنّه أشدّ مما أصابكم حتى يخفف عنهم ويطمعوا في 
بقاء الحياة. 

قال: 

9 - وقد برّح التبريحح بي وأبادني وأبدى الضَّنا مني خفيّ حقيقتي"" 

يقول: وقد برّح. أي اشتد الحرق بيء وأباد. أي أهلك جسمي كله فلم تبق منه بقية 
أصلاء وأبدى الضناء أي مرض الحب مني كل خفيّة لما خفيت عن الرقيب من أصحابي 
الذين كانوا يشربون من كأس التجلي المقيّدء وأنا سكرت بنظرة من حضرة التجلي 
الوجداني العقلي المطلقء ولم يعلموا ما أخفيته عنهم» فلما نحل جسمي [18و] وذهب 
ولم يرني رقيبي عرف أنَّه قد بلغ بي الحب ما بلغ فانكشف له ما كنت أستره منه بجسمي 
الذي يراه. 

قال: 

0 - قَنَادَمْتُ في سكري التحول مُراقبي بجملة أسراري وتفصيل سيرتي 


يقول: نادمتء والنديم هو الذي يكلمه مَنْ صحبه في وقت شراب السكر قبل الشرب». 


(1)في الديوان: [حقيقة] بدل [حقيقتي]. 


10 


بسماعى لكلامه مما يخبر به عن صحبى وأنا أنادمه بحالة حالى. 


قال: 

1 - ظهرتٌُ له وَضفاً وذائي بحيتٌ لا 2 يراها لبلوى من جوى الحبٌ أَبْلّتِ 

يقول: هو ما قلناه. ثم قال: 

2 - فأبدث ولم يَنْطقْ لساني لسَمْعه ١‏ هواجسٌ نفسي سِوّ ما عَنْهِ أَخْمَّتِ 

يقول: أبدت. أي أظهرت له نفسي عن سر حقيقة أمري التي أخفته عنه ولم أطق أن 
أنادمه بالقولء وإنما أنادمه بسماع هواجس نفسي له مما يتحدث عني» وعن أسراري. 

قال: 

يقول: وظلت: أي وصرت لفكري. أي لأجل ما أدركه في فكري من نظرة الحضرة 
وما أصابني فيهاء وتلاشى بها جسميء كأنَّ أذنه. أي رقيبه. حَلّد: أي أذن خلد. وهي فأرة 
خلقت ليس لها عين» وهي حريصة على الاستماع'"". 

تدور به: أي بما أحاط به فكري عن رؤية العين أغنت. أي أغنته سماع أذنه كالخلد 
على تطلع حقيقتي بسماعه أنيني؛ وهو يريد أن يحيط بما أنا سكرت به. وإِنّما خصص 
لفظة [يدور] عن لفظة [يحيط]؛ لأنه دارة تحيط بالظاهر والإحاطة تحيط بالباطن والظاهر 
وهو لم يُحط بباطنه. 

قال: 

4 - وأخبرّ مَنْ في الح عَنَيَ ظاهرا بباطن أمري وهو من أهل خبرتي 2 

يقول: ولما تلاشى جسمي وعرف أنَّ الحبّ أبلاه مني أخبر مَن في الحت, أي الأهل 
وهم أصحابه في السكر بباطن أمري من الحبّ والجوى. وبلائه» وهواي. وكان صحيحا 


(1) في العين» ص2!8: «الخلد ضرب من الجرذان مي لم يخلق لها عيون. واحدتها خلدة. والجميع خلدان». 
(2) في الديوان: [فأخبر] بدل [وأخبر]ء و[خبرة] بدل [خبرتي]. 


قال: 

5* - كأنَّ الكرامَ الكاتبين تَنَرَّلّوا ‏ على قَلْبِه وَحْياً بما في صحيفتي 

يقول: كأنَ الكرام الكاتبين» أي الملائكة عليهم السلام الذين يكتبون عمل المرء. 
تنزلوا على قلب رقيبي فعرف حقيقتي حين تلاشت صورتي فعبّر عن فنائي وقوة حبي» 
وعرفني أنِي سكرت بما لم يسكر به هو ولا أصحابه فكأنه اطلع على عيبي ولكن لم يعرف 
حقيقة الذي نظرته فسكرت به. 

قال: 

6 - وما كان يدري ماأجِنُ وماالذي حَشَاي من السرّ المصون اكت 

7- فكَشْفٌ حجاب الجسم أبْررَ سرّها به كان يتور له من سريرني 

يقول: وما كان رقيبي ونديمي يدري ما أجنّء أي أخفيه عنه. وما الذي في حشاي من 
السرّ المصون من حبّه وبلائه وعنائه أكننته عنه» ولكنّ كشف حجاب الجسم., أي لكن لما 
كان ينظر إلى جسمي لم يعرف حالي فلم يزل يتناقص بالنحول حتى لم يَبْقّ منه شيء يراه 
عرف الحقيقة وأني تعديت طورهم من أول نشوة سكرت بها. 

قال: 

: - وكنث بسرّي في حُفْةٍ وقد خَقَمه لِوَمْنٍ من تُحوليّ أنتي 

يقول: ثم تزايد بي الحال في انكشاف أمري بأنين كنت أهذي به في المحبوب من غير 

قال: 

9 - فأظهرني سُقمٌ به كنت حَحافيا له والهوى يأني بكل غرببة 

يقول: أظهرني لرقيبي سقم الحبّ الذي كنت له خافياًء وهذا آخر البلاء والفناء في هذا 
الطور الأول الحتى. 


(المرتبة الثالثة من الطور الأول الحبي): 
قال: 


30 - وأفرط عى حب تلاشتك لمسّه الجادنت سنن كالمدامع نَمَت 


ال 


يقول: وأفرط بعد ذلك. أي اشتد وأسرف, والفرطة [ ]ل ولكق الهراد: 
وأسرف اشتداد حرارة نيران حبّي حتى تلاشت لمسّه. أي لأذاه» واللمس الطلبء. والمس 
الأذى فيما يستعملء وأما هما في المعنى متقاربان. أحاديث نفسي التي نمَّت على أنه لم 
يبق مني غير هواجس النفس بذهاب الأنين كما نمٌّ علي الدمع من قبل كذلك هواجس 

قال: 


1 - فَلَوهَمَ مكروهُ الرّدى بي لمادرى مكاني ومن إخفاء حبك حُفيتي 


بلك 


يقول: وصرت في حالة لا أحسّ بشيء من هواجس وخواطره ولا أحسٌ بنفسي ولا 
بوجودي فخفيت حتى عن نفسيء وعن حبك خفيت أيضاًء فلم تّدر نفسي بحبّها لك 
فلا جرم. ففي هذه الحالة خفيت عن الرقيب وعن مكروه الردىء [والردى] الموت» 
ومكروهه سكراته؛ وألم القتل» أي لو طلبتني شدة سكرات الموتء وألم القتل» وألم 
الإحراق بالنار لما وجدني ذلك الألم؛ أي لم أحس به لقوة شوقي إلى تجلي الأسماء 
باستتاره عنّى تارات. وتارة يتجلى لي بعض منها فيزعجني الاشتياق» فالشوق'*) طلب لقاء 
المحبوب. والاشتياق طلب الوصول إليه بعد النظر إليه ليت تجليه له. كما قال: 

2 - ومابين شوق واشتياق فَنِيست في تَوَلَ بحَظر أو نجل © بحضرتي (7) 


يقول: صرت فانياً في سكرة بين شوق إلى لقاء المحبوب. وهي نظرة حظرة تجلي 


مه 


(1) في الديوان: [ُيّر] بدل [حبَ]. 

(2) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتهاء ولعل رسمها يوميء إلى: [التعدمة]. 

(3) في الأصل و[س]: [تدري]. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط من س. 

(5) في الأصل: [والشوق]. وما أثبتناه من سء وهو أليق بالسياق. 

(6) في الأصل و[س]: [تجلي]. 

(7) في الديوان: [بحضرة] بدل [بحضرتي], وما في الديوان أصوب: لأنّ الحضرة ليست له. 


103 


04 52 2 8 
الأسماء بتَوَّل عني لحظرء أي لمنع عن النظرة إن خفيت عليّء وبين اشتياق مني نظرت 
إليهاء إلى وصالها. 

بيان: 


اعلم أن الارتباط الحاصل بين الأمرين لظهور كمال متيقن؛ ومظنون متعلق بذلك 
الظهورء ولهذا الارتباط مبدأء وهو الميل إلى ظهور المذكورء والطلب المتعلق بالمحبّ» 
والمنبعث منه. وله نهاية متعلقة بالمحبوب وحاصلة من قبّله وهو امتناع ذلك الظهور 
لأجل مانع عليه ما به إلى المباينة والامتياز بين المحبّ والمحبوب, وله وسطء ودفع ذلك 
الامتناع بالميل إلى دفع ذلك المانع. ولكل واحد من هذا المبدأء والوسطء والنهاية حكم 
وأثر خاص ظاهر في المحبء فحكم المبدأ رجاء وانبساط وتوقّع لذّة وحكم النهاية حزن 
غالب. وهم دائم متلف كالعشقء وهو نبت يجفف الشجره وبهذا الحكم يسمى عشقاء 
ووسطه حركة مزعجة؛ وحرقة متلفة إلى لقاء المحبوب والنظر إليه فإذا تجلى له من بعيد 
أو قريب» ولم يكمل التجلي زاد فيه طلب تمام التجلي والقرب معه وهو الاشتياق. 

ولذلك قالوا: الشوق يزول بلقاء المحبوبء. والاشتياق يزيد يقول: فنيت بين هاتين 
الحالتين مع تولي الحضرة عني منعت. وهو معنى حظرت فلج بي الشوقء ومع التجلي 
الحضرة يزيد اشتياقي بالنظر إليها لطلب تمام التجلي''). 

قال: 

3 - ولو لفنائي من قَنائك رد لي فؤاديّ لم يرغب إلى دار غربة 

يقول: [19و] قد بلغ بي الفناء إلى أن التحقت روحي بعالم [المثال]2) الأول الذي 
فيه الأرواح قبل الأجسام بألفي عام فيما يروى عن النبي ## أنه قال كذلك. ثم خلقت 


(1) هذه تفرقة دقيقة بين [الشوق] و[الاشتياق] تشير إلى علم الشيخ الواسع. وتغلغله الدقيق في دروب الحقيقة. 
ومسالكهاء فقد سئل الأستاذ أبو علي الدقاق عنهما ففرّق بينهما وقال: الشوق يسكن باللقاء. والرؤية» والاشتياق 
لا يزول باللقاء بل يزيد ويتضاعف. ومن هنا توججبت الدقة في فهم [المصطلح] فهر رفيع المعنى؛ ضيّق الدلالة: 
ينظر عن هذين المصطلحين موسوعة الحفني. ص 818. وموسوعة العجم. ص !!5, وما بعدها. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط من س. 

(3) يوضح د. محمد مصطفى حلمي هذا الأمر بقوله: «.... رأينا أن أخصٌ ما تمتاز به الروح سبقها في الوجود على 
البدن. فهي موجودة في عالم الأمر قبل أن يوجد البدن في عالم الشهادة. وهي مستقلة في حبّها للذات وفي 


14 


الأجسام فى عالم الشهادة. ونزلت فيه الروح فى هذه الدار الجسمانية. وأفنى حبى فيك 
حتى بقيت الروح وحدها ورجعت إلى عالمهاء فلو رَدٌ فؤادي وهو الروح لفنائي والفناء 
-بكسر الفاء- ما امتد مع الدار من حول الدارء فلو ردّ فؤادي إلى فنائي إلى داري من 
فنائك. أي من دارك عالم المثال وهو العالم الأول» لم يرغب فؤادي إلى ذلك؛ لأن 
جسمي دار غربة لها؛ لأنها لم تكن فيه من قبل» وإنما جاءت إليه غريبة زائرة فلم تستلدٌ 
دار الغربة عن الوطن الأصلى. 

قال: 

4 - وعُنوانٌ شاني ما أبنّك بَمْضَه | وما تححته إظهارهُ قَوْقَ قدرتي 

يقول: وعنوان كنال ظاهر إليك. وما أبقّك بعضه. أي والذي أتكلم به بحضرتك 
هو بعضه. واستعار لما يبتّه بعنوان الخط ليدل على أنما هو في والج الخط ما يزيد على 
العنوان. 

قوله: ما تحته» أي وما تحت العنوان فى باطن الخط هو فوق قدرتىء أي ليس لى قدرة 

قال: 


معرفتها استقلالاً تاماً عن البدن وحواسه؟ ينظر ابن الفارض والحبّ الإلهي ؛ ص259. وعالم المثال هو التطور 
بأطوار مختلفة: وهو الذي تستنيه الصوفية بعالم المثال» وبنوا عليه تجسّد الأرواح وظهورها في صور مختلفة 
من عالم المثال. ينظر موسوعة العجم. ص 603. ويبدو أن هناك تأثيرا أفلاطونياء ومن بعد هذا أفلوطينياً في هذه 
المسألة. فنرى أفلاطون في محاورة (مينون) يشير إلى أنَّ «الفضيلة هي المعرفة عن طريق تذكّر الروح لما كانت 
تعلمه في العالم العلوي قبل هبوطها إلى العالم المادي"؛ ينظر النقد الأدبي الحديث, د. محمد غنيمي هلال؛ 
ص 32. ويقرّر أفلوطين في (تساعياته) أن «النفس الشريقة السيدة. وإت كانت تركت عالمها العالي» وهيطت إلى 
هذا العالم السفلي؛ فإنها فعلت ذلك بنوع استطاعتها وقوتها العالية لتصور الآنية التي بعدها ولتدبّرها»» ينظر 
أفلوطين عند العربء د. عبد الرحمن بدوي. ص84. ويرتفع جورج طرابيشي بهذا الرأي إلى أرسطو نفسه؛ ينظر 
نقد نقد العقل العربى.ء ص833. وبهذا المعنى تأتى القصيدة المنسوبة إلى ابن سينا ومطلعها: 
ميطت اليك من المحيل الأرفسع علزذدراء ذات تعنتزز وتملع 

أقول: تأتي هذه القصيدة بهذا السياق من حيث نزول الروح من عليائها لتلتحم بالبدن. وينظر كذلك كتاب د. 
محمد عابد الجابري (تكوين العقل العربى). ص172. وما بعدها الذي يتحدث فيه عن تأثيرات (هرمسية) فى 
هذه المسألة. وهي محتاجة إلى فضل نظر من حيث إنها تيار شائع في الفكر الصوفي لا يأخذ الشيخ ناصر وحده 


به. 


نا 


- 


وة - وأشْكتٌ عجرا عن أمور كثيرة بنطقيّ لن تُحصى ولو قلتُ قلت 

يقول: وأسكت عن تعداد أمور كثيرة مما بي من عجائب المحبّة» وما تصنع بأهلهاء وما 
صنعت بي لن يحصى بنطقيء ولو قلت بتعدادها قلت. لأنْ إحصاءها لا يمكن. وبتعداد 
بعضها يوهم أن ذلك حذهاء وأراد في الباطن ما يشاهده من عجائب جمال الحضرة لا 

قال: 

6 - شفائيَ أشفى. بل قضى الوجدٌ أن قضى وَبَرْدُ غليلي واجدٌ حَحرَّ غلتي 

يقول: شفائيء أي أول حبي الذي فيه شفائي» أشفىء أي قارب هلاكي به. وذلك قوله 
تعالى: «وعل سما جِرّفٍ هار .)1١4‏ بل بمعنى: لكن قضى الوجد. أي وفا الحبّ عهده 
على المحبين إن قضى. أي إن أهلكء. وأمات. وقتل. 

وبرد غليلي والغليل ألم به يقوى العطش بقوة حرارته» وبرده تبريده بشرب الماءء وأراد 
بشرب الماء هنا الحب الذي فيه شفاه. 

كول وري قوة عطي عرقي كر ماء الفة واج أن وس رراذة حد عليه 
أي مزيد حرارة عطش مرضيء وإذا كان الذي يبرد هو الذي يزيد مرضه فالموت أروح 
له. 

قال: 

7 - وبالىَ أبُلى من ثياب تجَلدي به الذاتثٌ في الإعدام نيطت بلزّةاة) 

يقول: وبالي: أي قلبي, أبلى: أي أخلق, والخلق هو القديم السريع الضياع من ثوب 
وغيره.» وقال هنا: من ثياب تجلدي. أ تصترى» واستعار للصبر اسم الثناي»؟ لأنه من 
لباسه أيضأء ولكن قال: قلبه أخلق من ثياب تصتري؛ بل: بمعنى لكن. الذات: هى النفس 
والروح. 

نيطت» أي علقت بلذة الإعدام 5 الموت والهلاك والقتل والفناء. وكل هذه إشارات 


(1) التوبة. الآية 109. 
(2) في الديوان: [بلذتي] بدل [بلذة]. 


إلى إرادة فناء كل حجاب مانع عن تجلي جمال الحضرات الإلهية بالمحبة الإلهية. 
واعلم [أن]'!' المحبة التي تكون بالمرء إذا كانت لا تطلب إلا الله تعالى بالإخلااص 
إليهه وصدقت في الطلب والعلم والعمل فهي المحبة الإلّهية؛ لأن المحبة الإلهية© تطلق 
على معنيين: 
و لا 


[و1دظ] ال ويدعو العين ل ولخي الم 0 الله 59 5 اله 
هي خلق من الله تعالى» وهو نور المؤمن. ويصح أن تنسب إلى الله تعالى فتسمّى المحبة 
الإلهية. وهى تطلب الزيادة من المحبة التى أوجدها فى عباده الأنبياء والأولياء. وبحرها 
اسار كي لح ا مر ابكرم 
اوعريا اسح اومان ور ن: أحدهما له. والأخرى صفة لذاته والكلام في 


قلت: لقوله تعالى: لوَتمَحْتٌ يِه ين روج 04. وقوله في عيسى إِنَّه: « وَحكَلِمتهُ, 
لْقَهآ إِلَ م وَرُوحٌ مِنَهُ 48 فنسب ذلك إليه. وجعل عيسى كلمته. أي آيته. فدل على 
أنَّ كلّ شيء في الوجود هو كلامه. وصح أن الكلام على معنيين: أحدهما صفة لذاته. 
والمعنى الثاني نسبي إليه» وبهذا التوحيد تتضعضع حجّة مَن قال كتب الله غير محدثة؛ 
لأنها كلامه. 

والكتب ليست هى صفة ذاته» أي لو كانت صفة ذاته لثبتت أنّها هى الذات» تعالى الله 
علو كبير أ كذلك إذا تكلبيت | اللسنان بكلام فهو حلام الات الألسانية. ولك هى لا كله 
بالحروف. فكان صفة ذلك الكلام من أفعالها ليس ذلك الكلام صفة ذاتهاء بل هو صفة 
لذات ما هو فيه معناه» والمراد بذلك أنه صفة ذات المذكور المراد بذلك الكلام فافهم» 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. وبها يستقيم الكلام. 

(2) مر الحديث عن المحية الإلهية. 

(3) الحجرء الآية 29. 

(4) في سورة النساء: 7١‏ قال تعالى: هنما الْمَسِيحٌ عِسَى أبن مرج رَسُوف أله وَححَلِمنْهُ: ألقنها إل ممم وَروحٌ مَنَهُ ». 


فإِنَ الأشياء تضاف إلى الله تعالى بالنسب لا بالصفة له. وصفته لا يصحّ أن يكون غيره. 
ولا موصوفاً بها غيره. والكتب هي غير الله وموصوف ببعض كلامها غير الله فذلك غير 
صفة اللهء ولاهي صفة الله. ولا هي الله تعالى» فافهم ذلك'). 

قال: 


8 - ولو كوشِفٌ العُذَّال بي وتحقّقوا 2 من اللّوح ما متّي الصبابةٌ أَبِقَّتِ 

9 - لما شَاهَدَتْ متي بصائرهم سوى 20 تَخلل روح تخت أثواب مَيتَ 

يقول: وفني كل جسد وجسم مني وحسقء ولم يبق إلآ نفس روحانية» وروح نورانية. 
ولو كوشف العوّادء أي الذين يأتونني يعودون مرضي وسقمي لما رأوا شيئا أبدآء ولو 
كوشفوا من اللوح المحفوظ” وهو عالم الأرواح» وتحققوا ما منّي الصبابة أبقت إذ ليس 
لهم حيلة أن يعرفوني إلا من اللوح» واللوح وإن كان لا حيلة لهم ليعرفوني فإني أشتر ترط 
وأقول لو أمكنء ولكنّه لا يمكن وإنما هو مبالغة لما شاهدث مني بصائرهم, أي أعينهم 
سوى تخلل روح تحت أثواب ميت. 


وكل هذا أراد به طهارة نفسه» وروحه. وإحساسه من جميع الأغيار حتى رجعت في 
الطهارة كما كانت قبل نزولها فيه من اللوح المحفوظ. فافهم. 
قال: 


0 ل لسو اه 7 
0 - ومُئْدَ عفا رسمي وَهمْتٌ وهَمْتٌ في وجودي فلم تظفر بكونيّ فكرتي 


(1) يلص الشيخ ناصر هنا تلخيصاً مفيداً ما اشستجرت حوله الآراء قديماء وألفت الكتب في مسألة [خلق القرآن]. 
أهو قديم أم محدث؛ ويتبين رأيه بوضوح. وقد فصل د. مبارك الهاشمي الحديث في هذه المسألة؛ وبين رأي 
الإمام السالمي فيهاء وهو يقترب كثيرا مما أخذ به الشيخ ناصرء ينظر الإمام السالمي وآراؤه في الإلهيات؛ د. 
1 ميارك الهاشمى» » ص154. وما بعذها. وينظر كذلك كتاب (الإخلاص) للشيخ ناصر نفسه. ص 225 وما بعدها 
ففيه تفصيل مفيد. 

(2) اللوح هو الكتاب المبين محل التدوين والتسطير المؤجل إلى حدّ معلوم؛ والألواح عند القوم سبعة منها اللوج 
اع سام امر د امبسم امه حسام 
ص933. وما بعدهاء وموسوعة العجم. ص 815. وما بعدها. 


يقول: ومنذ عفا: أي اندرس رسميء أي وجود'') تركيبي» وَهمْت: من الهيّمان بحبي؛ 
م خش 5 . . 0 .6.5.2 8 5 5 ع ع عِِ 5-6 
وَهمْت: أي غلطت في وجودي فلم تظفر فكرتي بكونيء أي بوجوديء أي أراد أن ينكر 
وجود نفسه أنه موجود هو أم غير موجود. أو أراد أن يرى وجودة وذلك غلط منه فى 
فكرته؛ لأنه صار كما كان لا وجود له فلم تظفر فكرته بكونه أنه لا شيء ولا وجود له. 


وده كلها إلن قطهين الشسن :نرانة 'الجيسة الاليية و الاتدهاش. برؤية تمان كمال 


حضرات الله. 

واعلم أن المشاهدة على غير قوة المحبة الإلهيّة قليلة الجدوى كما باجتماعهاء فافهم 
ذلك. 

[20و] قال: 


يقول: وبعد فحالي: أي وحالتي بعدها قائمة بنفسها على حبّها فيك أي روحي هي 
على حبك لم يفنها ذلك بهذا الفناء حتى ترغب في الرجوع لأجل وجود المحبة؛ لأن 
المحبٌ لا يرغب بُعدأ عن محبوبه» ويتنتي: ودليلي على ذلك سبق روحي وقيامها حك 
في عالم المثال هي قائمة بنفسها قبل نزولها ب: نتن أى بعر كنب سهان 0 

(وهذا آخر الفناء فى الطور الأول الحبى وآخر مرتبة الآخر)؛ وقد بيّنا لك أنَّ الأصل 
المراد لب قار اك اذ أفعال الشئن يصفاتها الذميمة» وفناء صفاتها الذميمة, ثم فناء 
الإرادة» والمحبة» والمشيئة في محبة الله وإرادته ومشيئته حتى لا يحب إلا ما أحب فعلا 
ولا كوناء ولا ونا ولا ناف ولا يكت فل تنسة إزادة لمعنه غزدها كؤنه الله لهااهه خير 
أو اذى[ أو موه وعدلك دن أعماله الهو :دعل بزنه ]ضارا رمق إلى اللكوزوانه لو يل 
الأمربه ما بلغ لم يكن إلا قليلاً في حقٌّ جناب الله تعالى من العبد لله» وأمَا هو عند الله من 
عبده فقليله أعظم وزنا من وزن جميع الوجود. ومن بعد النهاية رجع إلى مراتب الأطوار؛ 


(1)في س: [وجودي]. 

ال ا ا 2 العترقية» والبقطه الضبح با عير لرسوخ قدمه في هذا المجال. ومفاده 
أن محبة الله هي حال قامت بنفسها. : تلقتها الروح قبل أن تهبط إلى البدن. وهي لم تكتسب عن أي طريق من 
الكسبء ينظر تفصيل هذا في كتاب ابن الفارض والحب الإلهي. د. محمد مصطفى حلمي؛ ص172. 


109 


لأنه قدر على المخاطبة بعدما انتهى إلى درجة لا يقدر على الأنين» وفي ذلك مثال قوله 
تعالى: «انَصْتَعرٌمِنْهُ جَلُودُ ارين يتوت ريه ثم تَِينُ جُلُود هُمْ وَفلوبُهُ إل وك له 11). 

(بيان في الإفاقة في السكر والرجوع إلى مراتب الطور الأول الحبي): 

قال: 

2- ولم أحك في حبك حالي تبرّماً ‏ بها لاضطراب بل لتنفيس كربتي2) 

يقول: وما أبتّهِ بين يديك وإليك بما لا قيت من آلام الحبّ وشدائده لم يكن ذلك تبرماء 
أي لم يكن عن سآمة. ولا لأجل اضطراب منيء أي تردّد إلى إرادة وميل إلى السلوان» 
وإنما هو لتنفيس كربتي معك بإظهاره إليك؛ لأن كتمان السر بنفسه شديد تعبه وألمه. 

بيان: 


اعلم أنّا قد ذكرنا أنَ المحبّ في ترقي محبته في مَنْ يحبه في مراتب أطواره لن يتتخلص 
بالكلية من أحكام كل طور كلي منها إلآ أن ينتهي به الحبّ إلى آخره ثم يرجع به إلى أوله 
مرات كثيرة» وذلك لبقايا خفيّة منه في دقائق ذلك الطورء وما تحقق فناؤها كما يشير إلى 
ذلك فيما بعد قوله: 

ولم يَبْقَ 0 دونها ما ركبته وأشهد نفسي فيه غير زكية'"ا 

أي غير نقيّة من بقايا دقائقه لم أَفْنَ) فيها كما سيأتي بيانه في محله. 


ومن جملتها تألم المحب من آلام الحب وأسقامه. وطلب الخلاص من كربهاء وإرادة 
الخلاص لأجل ذلك الهلاك؛ فهذه الإرادة لأجل حصول اللذة بالراحة منهاء وذلك من 
بقايا طلب حظ النفس وغايتها أن لا يريد إلا ما يحب المحبوب» وهو من طلب حظها 
لسع لذتها بذلك. 


(1) الزمره الآية 23. 

(2) في الأصل: [أو] بدل [بل]؛ وأثبتنا ما في الديوان لتلاؤمه مع الشرح. 

(3) لم ندخل هذا البيت ضمن الترقيم العام إذ ساقه المؤلف على سبيل الاستشهاد. وسيتوقف عنده ثانية في موضعه. 
ورقمه ضمن التسلسل (202). 

(4) في الأصل و[س]: [أفنى]ء وما أثبتناه أصوب. 


ولما انتهى إلى آخر هذا الأول الحبّي رجع إلى مرتبته الأولى من ذكر التألم» والتضججر 
من البلاء» ثم يترقى ويذكر أن ذلك البلاء بعده من الإنعام على سبيل التهتك في المحبة» 
ويروم أداء شكرهاء ثم يترقى إلى ذكر إخلاصه في المحبة» وأنْه لا يريد بها سوى مَنْ أحبّه 
ثم يترقى إلى ذكر ثباته في الحب. وأنَّهِ لا يغتره شيء» ولا يرغب عما يحبّه الذي هو يشير 
إليه؛ ثم إلى أنه هو غاية مرامه. وفي هذا لا يبقى فيه إلا إحساسه. ثم إذا تخطاه إلى الفناء 
لا يعود. 

فانظر هذا من أبياته التي تأتي تراه كذلك مربّباً فيها'"» وقد أظهرت لك أنَّ هذا كله 
إشارات [20ظ] ورموزء وإظهار حكم في فناء صفات النفس وفناء إرادتها. 

قال: 

43 - وَيَحْسْنُ إظهارٌ التجلّد للعدا وَيَقْبِحُ غيرٌ العجز عند الأحبّة 

يقول: ويحسن إظهار التصبر بالكتمان على ما فى المحبّ من التعب والبلاء. وشدة 
الآلام للأعادي لئلا يشمتوا بهء وأما عند محبوبه فلا بأس فهو غير قبيح إذا كان على غير 
معنى العجز أي الملل وطلب السلوان. 

واعلم أن قولنا: محبوبه نفي الله التنزيه أولآء وإن جاز بمعنى التوسع في اللغة» ولكن 
نحن لم نرد بهذه الكلمة في الله. وإنما أردنا بذلك المثل في المحبّ والمحبوب. ثم ينقل 
المعنى لا الكلمة إلى الله تعالىء فإنّه على هذا الوجه يليق لقوله تعالى: اله فور السَموتٍ 
وَالْرْضٍ مكل روه 4 وفي الحقيقة إِنْ معرفة الله تعالى وظهور معرفته في الكائنات أعظم من 
أن يو ضفو بالترؤة لآنها أكسل برهانا من العد 0 

وأعظم بور في الوجود نور الشمس» وهو أجل وأعظم فضرب مثا" بالشمس» ثم 
بالسراج وهو أقل من الشمس تمثيلا حكميا بالغا إلهيا في القرآن العظيمء والنبي الكريم» 
ومافي القرآن العظيم من العلم, ومثالا لصدر النبي» وقلبه. وعقله» وعلمه؛ وإيمانه» ومثلا 
لكل مؤمن» وضرب بالزيت مثلا للعلم الإلهي الحق من دينه. والسراج مثلا لنور الإيمان. 
(1) يرجى ملاحظة هذا الترتيب المنهجي الذي أخذ به الشيخ ناصر نفسهء وهو ينطلق فيه من فكرته الأولى عن 

القصيدتين كليهما من حيث أنّهما بناء فكري واحد وهو ما أشرنا إليه سابقاً. 
(2) هذا ورع شديد من الشيخ ناصرء وتوق حذرٌ منه لئلا يخرج ولو قلامة ظفر عن التوحيد الخالي من أي شبهة. 


181 


والفتيلة مثلاً للعقل المضيء بنور الإيمان والعلم» والزجاجة مثل القلب الجسماني 
المركب فيه العقل» والمشكاة وهي كرّة في الجدار مثلاً للصدرء وتحت ذلك علم جمّ 
شرحناه في كتابنا [كتاب الإخلاص بنور العلم والخلاص من الظلم]'!' شرح أبيات قالها 
الشيخ الفصيح المنطيق حميد بن محمد بن رزيق؛ فصح أنه يجوز ويحسن أن تقول لمن 
تخاطبه فى حبّ الله جل وعلا من علامات المحبّ لمحبوبه أن يكون كذا كذا0, وأنت 
تدك المحوت اللذيوإنما #ريدنيه غير تمقلا» وكذلاك لو قال إن من قلات 
المحب فى صحة هوى محبوبه كذا وكذاء وكلمة الهوى لا تحسن فى الله. ولكن تحسن 
فى غير الله» ويكون ذلك بمعنى المثل. حتى أن يجوز ويحسن لمن يخاطبه فى حب الله 
تعالى أن يقول له ليس هذه من صدق تمام المحبة بالكلية؛ لأنّ من علامات المحبة إذا 

شغف المرء بأهله بقوة هواه أن يكون كذا وكذاء وأنت بعدك لم تبلغ هذه المرتبة. 
ولذلك اتسعت العبارات لأهل السلوك" إلى الله تعالى» فتراهم يذكرون حب النساء. 

وحبّ الأماكن» وحبّ الناس بعضهم بعضاًء ويرومون بذلك المثل في حب الله تعالى 

أنه كذلك صدق المحبة في الله تعالى؛ وما داموا يريدون به المثل فيصم لهم ذكر الهوى 

والعشق. وإذا أرادوا به الله تعالى نزّهوه عن كلمة العشق والهوى. 

ل ا ل ا ل 
في المثل في غير الله ما شء شئت ممّا جاز» وإن كان المراد بالمضروب به المثل في حب الله 

(0) ينظر كتاب [الإخلاص] للشيخ ناصرء ص 596. وما بعذها. 

(2) الشيخ حميد بن محمد بن رزيق بن بخيت بن غسان النخليء ولد سنة 1/98 للهجرة. وتوفي سنة 1290 للهجرة. 
مؤرخ. شاعر. ملم بفنون مختلفة. ينظر عنه بحث د. سعيد الهاشمي. ومقدمة تحقيق سلك الفريد. 10/1. وما 
بعدهاء وقد أشرت إليه في المقدمة باعتباره أحد تلاميذ الشيخ ناصر. 

() في س: [كذلك]. 

(4) يعالج الشيخ ناصر كن في هذا الموضوع قضية هي من أعقد قضايا الشعر الصوفي وهي الرموز. والإشارات 
في شعرهم, ولذلك نراه يت يتبنى الرأي الذي يذهب إلى ضرورة فهم العبارات على غير ظاهرهاء وأنّ «الإشارة 
سبيل الصوفى في إلى ضر أذواقة ومع تتقاتم عوة ليش هن أهل الذو نا المع فاته لله لو افطل الوب 
العبارة فعبّر في صراحة ووضوح عن أسراره وحقائقه. لكان في ذلك ما يحنق عليه الناس ... وقد تبيّن أن شعر 
ابن الفارض الذي يتغنى فيه الحب. ويصف الخمرء لا يصع أن يؤخذ على ظاهر ألفاظه. وَإِنّما يجب أن يلاحظ 
فيه عامل التلويح والإشارة». وهكذا فهمه الشيخ ناصرء ودعا إلى الرضا بهذا الفهم. ينظر ابن الفارض والحب 
الإإلهي د. محمد مصطفى حلمي. ص 153. وينظر كذلك شعر عمر بن الفارض. د. عاطف جودة نصرء ص122. 
وما بعدها ففيه تفصيل عن هذه الرموزء. والإشارات. 


152 


فلا بأس وافهمء كقول ابن الفارض: 

هو الحب فاسلم بالحشاما الهوى سهلٌ 2 فما اختاره مضنى به ولها'' عقل 

فهو متكلم في حقيقة الهوى في كل شيء لم يقصد به الباري أولاء وإنما قصد حقيقة 
الهوى في كل شيء. ثم يقصد بذلك بعد قصده في كل شيء أن الحبّ في الله كذلك؛ كما 
أن الهوى في غيره كذلك» فيقيس الحبّ الذي يحسن إلآ أن يسمى حباً فيه لا هوى ولا 
عشقاً بالحب لذ يخس أن يسَمى فيه هوى:وعشقا إِنَّهَ كما أن صدق الهوئ فى [921] 
هذا المخلوق كذلك صدق المحبة في الله. فافهم. ْ 

وافهم أننا أحببنا في الله اقتصار التسمية في ذلك على المحبة» وأخخرناها في المثل 
الذي يمكن فيه إرادة'2» غيره؛ وكذلك لفظة المحبوب لا نريد بها إلا مثلاً لا تسمية لله 
تعالى بذلك» وإن جازء وكذلك الشوق إِنَّما نريد به مثلاً في كل شيء لا تخصٌ به في ذكر 
اللارئنواة عاذ غير الذاك ثانا فن طظلعة اللة ضزل بوعل والجكل تتايكرن ميرفياء 
وقد يكون عمومياء فالخصوصي ما يضرب به مثل في شيء مخصوص. والعمومي ما 
كان بمعنى كل لا يخصٌ به الباري جل وعلاء وما كان الكلام يتوجه إلى معنى كلء. ومثاله 
أن الحبٌ والهوى من المحبّ في المحبوب أن يكون كذا وكذا فهو بمعنى كل» وفي مثل 
ابولق كان« الجر انيه لبر سيدانه واثمالن: نه يكن ذلك ماد وريه المدل بنفيته 
إلى الله تعالى بالتنزيه» ولو لم يرفعه الناظم بلفظه ما لم يرفعه تخصيصا لله بمثل لا يليق 
والآكيى كزلك: 

وذلك مثل قول القائل: فتى فى هواه عن سواه له به» فأحلنا لفظة [هواه] إلى الحبّ فى 
الله فكتبناه: فتى حبّه فيه إليه له به إذا كان القائل بذلك من أهل الاستقامة في الدين. ١‏ 

والحب. والهوىء والعشق كله من معنى واحدء ولكن بالتوجّه بالمحبة في الأشياء 
تكرت نكاما دلت أستمانها اشرق ونان ترضيف الست لقني الله كال بسك 
هوى وحباء فإذا توجهت إلى المحسوسات. وقويت حركاتها في النفس وطلبها بمحبوبها 
27 ز 2 2 2 000 ص 185. ومن الملاحظ 


أن المؤلف يسوق بيت ابن الفارض على سبيل الاستشهاد كما صنع في واحد من أبيات التائية الكبرى كما سبق. 
(2) في الأصل: [رده]ء وأئبتنا ما في س. 


سمي عشقأء وإن توجّجهت المحبّة لله» ولما أراد الله أن يحبه عبده ذات ذلك الشيء لم 
يْسَةِ(1) إلا حبّا على حال لا زيادة على ذلكء كما أنَّ حب الله لا يسمى إلا حباً لا غير: 
وحبّ العبد لما أراد الله تعالى أن يحيّه من صفات الله وملائكته» ورسله. وأنبيائه 

فإن قلت: إن المال والنساء وعشقهن مما لا يكرهه الله تعالى» فأقول: ليس المراد 
ذلك وإنّما المراد حب الشيء لحب الله لذات ذلك الشيء؛ فافهم. 

فعشق الشىء لا يكون لحبّ الله لذات ذلك الشىء. فإِنْ الأهل لو عشقها زوجها 
لقوة اجتهادها في الإخلاص لله تعالى حتى صارت وليّةَ في حكم الظاهر فولايته لها 
ليس هو حقيقة عشقه لهاء فالعشق لحب فى النفس وولايته لها هى الحب لله لحب الله 
لذات الأعغمال التى ظهرت منها التى هى كريمة عند الله تعالىء وهى التى يحتها للمرء 
أن يخلص له فيهاء فأعمالها في حكم الظاهر هي التي أحبّها أن يعملهاء ويخلص فيها لله 
تعالى؛ فمحيّة الله لذات الشىء هى محبته التى أحب أن تكون هى محبة عبده؛ فإذا كانت 
محبة العبد هي محبة الله في ذات الشيء لم يجز أن تسمّى هوىء ولا محبة الله. ولا محبة 

قال: 

4 - وَيَمنمُني شكواي حُسْنُ تصبري ولو أشكو ما بي للأعادي لأشكت 

يقول: ويمنعني شكواي للبلاء والآلام التي أجدها عن الأعادي وهم اللائم» والواشي 
لحبّهم لي شدة البلاء. 

قال: 

45 - وعُقْبى اصطباري فى هَوَاكَ حميدةة 22 عليك ولكن عنك غَيرُ حميدة2) 


يقول: [21ظ] وعقبى: أي وعاقبة اصطباري» أي تصبري في هواك - بكسر الكاف - 


(1) في الأصل و[س]: [يسمّى]. 
(2) في الأصل و[س]: [وعقب]. وأثبتنا ما في الديوان. وهي أليق بالسياق, ينظر الديوان. ص89. 


أي فى حبّك. ومراده تلك الحضرة. وإِنَّما قال هواك؛ لأنَّه ضارب مثلاء والمراد بالمثل 
الحضرة فلذلك تساهل بلفظة هواك وعاقبتها فى حبّك حميدة عليك؛ أي معك. ولكن 
بمعنى وإنما عاقبة الصير عنك غير حميدة. 

قال: 

6+ - وماحل بي من محنة فهي مِنْحَةَ | وقد سَلِمِتُ من حل عَفَّدِ عزيمتي") 
بلاء» وإنّما البلاء والمحنة إذا انحلّت عقد عزيمتي عن ثبات حبّك في نفسيء وإرادة زيادة 
الحبّ إليك. وإذا سلمت من الانحلال عقد هذه العزيمة مني فيك فلا أبالي ببلاء ولا ألم 
بل كله نعمة فى حق جنابك. 

قال: 

7 - وكلّ أذى في الحبّ مك إذابدا ‏ جَمَلتُ له شكري مكان شّكيتي 2 

يقول: وكل أذى لحقني بسبب اجتهادي لمحو صفات نفسي لمخالفتهاء ومحو إرادتي 
في حبّك عن حبّك لي إذا أظهر حبّك بالإعانة» وبتجلي الحضرة؛ ورقيتي فيها إلى تجلي 
محبتي أن تزول عنّي حظوظ نفسي ولو وجدت في ذلك. ولولا حبك لي ما قدرت على 
إزالة» ذلك الذي كرهته فى نفسى بحبّ منك. 

قال: 

8 - نَمَمء وتباريحٌ الصبابة إن عَدَتْ على من النعماء فى الحب عدّتى 4) 

يقول: نعم وتباريح: أي شدائد شدّة الصبابة» إن عَدَثْ: أي جاوزت الحدّ بشدتها على 
فإني أعدّ ذلك في الحبّ متي فيك هو عدّتيء أي الذي أتقرّب به إليك فهو من آلات 


(1) في الأصل: [فهو] بدل [فهي]؛ وأثبتنا ما في الديوان للإشارة إلى المنحة. 
(2) في الديوان: [فكل] بدل [وكل]. 

(3) في س: [إزالت]. 

(4) في الديوان: [عُدّت] بدل [عُذَّتي]. 


القرس» وهو معنى العدة؟ لأني أعدّه من أكثر النعمة علىّ؛ لأني أستلذ البلاء وآلام!'! الحبٌ 
فيك وبتلك اللذة أتقرب إليك حتى أبلغ الوصال. 

قال: 

9+ - ومنْكِ شقائي بل بلائيّ مِنَةٌّ ‏ وفيك لباسٌُ البؤس أَسْبِعّ نعمة2) 

يقول: ومنك: أي الحضرة وما أجده من الشقاء؛ أي التعب والبلاء فى حبّ النظر إليك 
مع الحرمان هو منك مئة لى» أ نعمة أ ذلك البلاء لا الحرمان» وفيك: أي التعب 
والبلاء من الحبّ فيك هو أسبغ نعمة» أي أوسع.ء أي أكبر نعمة. 

قال: 


3 


60 - أرانيّ ما أوليته خَيْرَ قلية قَدِيمٌ ولائي 8 فيك من شر فتية 


يقول: أراني: أي أنظر نفسي أن ما أوليته» أي الحضرة. أي وليتني إِيّا وهو قديم 
ولائي. أي قديم حبي في العهد القديم عند خلق الأرواح قبل خلق الأشباح» أي أوليتني 
قديم حبي في العهد القديمء وأوليتني إياه في عالم تركيبي هو خير قنية» أي المال» ومن 
أسمائه الخير أي خير خير» أ أفضل شبى ع وكذلك نجاتى من شر العذال. والواشين» 
واللوام وهم شر فتية لي إذ لو لم تمنعني عن اتباعهم قوة حبّك الذي هو أصله منك. ومن 
نظري إليك وانكشافك في بعض جمالك ليء ولو لم تكشفي لي شيئا ربما ملتُ. ولكن 
هذا خير فضل منك لي. 

قال: 

51 - فلاح وواشس: ذاك يُهدى لغرّة ضَلالا وذا بي ظل يهذي لغيرة 

يقول: تمنهم لاح: ومراده هنا اللائم له ومراده الذي 15 في توحيد رته. ومالوا 
إلى التشبيه» وأنكروا حبّ الله تعالى» والواشي: أي النمّام في هذا الموضعء وهو الذي 
لم يضل في التوحيد. وإِنَّما أنكر المحبة» فهذا يلومني بحتّى فيك لإنكاره جمال [22و] 
(1) في الأصل: [والألم]؛ وأثبتنا ما في س. لتلاؤمه مع السياق. 
(2) في الديوان: [لباسي البؤسٌ] بدل [لباس البؤس]. 


156 


بالنميمة على غيره بخلافى له. واعتقادي خلاف اعتقاده. 

قال: 

2- أخالف ذافى لَؤْمهعن تُقَى كما أخالف ذا فى قومه عن تقيَة(!) 

يقول: أخالف المشبه في توحيد الله عن تقى» أي عن تقوى, كما أني أخالف هذا عن 
تقية» أي تقية عن اتباعه» والتقية عن اتباعه أصلها من التقى أيضاء ويصمّ أنه يخالفه بكتم 
الحبٌّ عنه» ويظهر له غير الحب خوفاً من أن ين به. والحب من سنّته الكتمان لئلا يكثر 
الصادون عنه عليه أو أله الفترة عنه بكثرة العذل» وإن كان الصادق الحبٌّ لا يرده 
العذل واللوم» ولكنّ المحب إذا قوي حبّه خاف كل شيء يكدر الحب أن يكدره. 

ولما فرغ من ذكر آلام الحب وبلاياه. وأنه إن كان ذلك بلاءً فإنه في حقٌّ محبوبه عطاياء 
شرع إلى درجة أخرى في ذكر ثباته كما بِيّناه في مبتدأ الرجوع. 

قال: 

ذَ5 - ومارَّد وجهى عن سبيلك هَؤْلُّما لقيتٌ ولا ضرَاءَ فى ذاك مَسَست 

يقول: ومارة: أي وما صدء وجهي: أي توججّهي وقصديء عن سبيلك: أي عن السلوك 
في طريق محبتكء. هول ما لقيت من محن الواشين واللوام والعاذلين»؛ وشذة بلاء الحب 
ا ا ال ا 1 
أنه أراد لم تردني عن ذلك أهوال, ولا ما م - متعر هن السؤاءه كل ذلك لم يرد ىعن 
التوجه إليك. 

قال: 

4 - ولا جِلّم لي في حَمْل ما فيك نالني بؤدي لحمدي أو لمدج مودّني 

يقول: ولم أستحق قى مدحي بالحلم فيما تحمّلته من الأذى من سبب محبتي فيك مما 
(1) في الديوان: [أحالف] بدل [أخالف]. وأثبتنا رواية الأصل لتلاؤمها مع الشرح. 


(2) في س: [يأتم] بدل [ينم]. 
187 


نالني من شدَّتهاء ومن أذى الواشين والعذال واللوام؛ يؤدي بهذا إلى حمدي: إلى الثناء به 
على أَنّي حليم. ولا إلى ثنائي بكثرة محبتي وإخلاصها؛ لأن ذلك كله إنما تحتمله لنظرة 
أريتنى إيّاهاء فكان ذلك منك لى بذلك. 


قال: 

55 - قَضَى حُسيُك الدّاعى إليك احتمالما ١‏ حَصَضْتٌ وأقصى بَعْدَمابَمْدَ قصَّنى 

يقول: قضى: أي حكم على جمالك؛ يخاطب الحضرة - بكسر الكاف - الداعي 
إلى إلى التوجه إلى هذه الطريقة الحبيّة هو حكم على احتمال ما قضيته مما لاقيت من 
العدة والتلاء وعدوت يوان ذلك قليل فى حقٌ جمالك وما شاهدته. وأين نظري أنا 
من جمالك وتعداد محاسئه المطلقة؟! فهى أقصى: أي أبعد من بعد قصّتى منها وقصص 
جميع الكائنات» فلو قضت جميع ذرات الوجود كل ذرة تقصّ صفة عن جمالك منذ 
كوّنها الله تعالى إلى أن يكون كما كانت لم ينته!' إلى إيضاح ذرة من بيان جمالك. 

[نجبان ]0 


قال: 

6 - وما هو إلا أن ظَهّرْتَ لناظري بأكمل أوصافٍ على الحْسْن ونث 

7 - فحلّيت لي البلوى فخلّيت بينها وبيني فكانث منك أجملّ حليّة 

يقول: وما هو: أي وليس السبب في ذلك إلا أن ظهرتء أي الحضرة. أي تكشفت 
ببعض جمالك لناظري بأكمل أوصاف على الحسن أربت؛ أي على الحسن المخلوق 
أربت أي زادت على الحسن المعروف إلى الجمال المطلق التوحيدي. فحلّيت: -بالحاء 
المهملة والتاء المكسورة- أي فجعلت لي البلوى في الحبّ حلوة عذبة» ويحتمل أن يكون 
مراده فحلّيت» أي فأنزلت ليء أي إلى البلوى؛ فخليت: -بالخاء المعجمة- فتركتيني بيني 
وبينهاء أي ولما أظهرت لي شيئاً من جمالك؛ وحلّت لي البلوى تركتني وبلائي بهاء وبَعُد 


(1)في الأصل و[س]: [ينتهي]. وما أثبتناه أصوب. 
(2) ما بين المعقوفين في س فقط. 


بعد ذلك عن ذاتي تجلي [بيان]!!) جمالك في الوقت. فكانت منك أجمل [22ظ] حلية» 
أي [أحسن حلية]22؛ أي تلك النظرة وبلواها لا يُعد عن رؤيتهاء فافهم. 

قال: 

8 - وَمَنْ يتحرّش بالجمال إلى الردّى <ح أرى نَفْسَه من انْمَس العيش ردت 

يقول: ومَنْ يتحرّش: أي ومن يعرض نفسه إلى التلذذ بالجمال؛ ويطلبه بقوة الحب». 
أرى: أي أنظر نفسه أنها من أنفس. أي أوسع العيش» أي الحياة؛ ردّت: أي ردّت من سعة 
الحياة إلى ضيقها الهلاكى» وقد مضى تفسير التحرّش أنه صيد الضبّ بحيلة معروفة» 
وأراة: ومن يَحوضن نيه ليضاه بلحت #الجمال ختى يكون نقبوضا فقد تعرهن لحمل 
البلاء والهلاك. وذلك على قياس الضبٌ المصاد المقبورض. وإلا فهو فى الحقيقة معه أن 
ذلك فيما بينه وبين محبوبه هو لذة الحياة» فافهم. 

قال: 

9 - وَنَفْس ترى في الحبّ أن لا ترى عَنا متى مات صدّت للصبابة صصدّت 

يقول: إِنَ الحبّ مطية العناء ومنشأ البلاء ومورد القناء» فمن لم يجد في نفسه في حبّها 
العناء أي المحبة ومقات 1 اليلاء ولم يورده [موارد] الفناء ولم يزل حكم التمييز بين 
المحبّ والمحبوب والمباينة الثابتة بينهماء ولم يَتَجل لها شيء من الجمال متى تصدّت». 
أي تعرضت للصبابة» أي لطلب الهيّمان فى المحبّة بالمحبة» ضُدَّت: أي رُدّت عن ذلك» 
وهذا يدل على أنّْ مَنْ لم يعرف أبواب الحبّء وكيفية الدخول منهاء والنظر إلى الجماللات 
المطلقة لم يحبّء ولم يقدر على السلوك بالمحبة فينكرهاء وسيأتي بيان ذلك. 

قال: 


0 - وماظَفِرَتُ بالود نَفْسٌ مُراحة 22 ولابالولا نَنْسء صَمَا العيش وَدَّت() 


مر 


(1) ما بين المعقوفين في س فقط. 

(2) ما بين المعقوفين في س فقط. 

(3) في الأصل و[س]: [ومقاسات]. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط من س. 

(5) في الديوان: [روح] بدل [نفس ]» وأثبتنا ما في الأصل لتلاؤمه مع الشرح. 


189 


يقول: ولل”!) ظفرت بالحبّ من كانت نفسه مراحة من عنائه وبلائه وفنائه» ولا ظفرت 
بالولاء» وهو أول الحب. فإِنْ مبادئ الحب مقرب. ووسطه موصاء وانتهاؤه موجد. أي 
لا يرى نفسه إلا صاحبه. وتسقط الأثنينية كما حكي عن رجلين تحابا فسقط أحدهماء 
وواس: الأخر ينت هه قال اكول لكر : وما اتلك ؟ ففال كعريت رك ح لنت انك 
أني. فلا ظفرت حتى بأول الحب نفس ودّت صفاء العيشء أي الحياة» أي أبقت من طلب 
الباقدة خرن الكت ل رفي لم الأ هه تمدق اعمال الأذق وافاكه والعيات وغير 
ذلك. وقال في لاميته: 

هو الحب فاسلم بالحشاما الهوى سهلٌ ‏ فما اختاره مضنى به وله عقل 

أي لم يختره مُضنى وله عقل لنفسه. إنما المختارون له هم الذين أضناهم, وفنوا 
عقولهم فيه وفي التلذذ به وفي بلائه» أو لغير التلذذ به» وإنما حبَا للمحبوب لا غير 
فالذي بقي له عقل ولم يَمْنَ فيه فليس هو بمختار له إِنْما المختار له هو المضنى الذي لم 
يبق لنفسه عقلا يحسن به. فافهم. 

قال: 


5 من اه م 0222 اهم 3 
7- وأينّ الصفا؟ هيهات من عيش عاشق وَجَنْة عدن بالمكاره نحخحفت 


يقول: وأين الصفا: أي الراحة» من عيش: أي في حياة عاشق» وأطلق اسم العشق؛ 
لأنه لفظ بياني عمومي في كل عاشق لم يخصٌ به الله تعالى» وكذلك هو في المخلوقين 
كما ذكره. ويكون الحبّ وصدتقه في الله كذلك. ولا يحصل الصفا لمن طلبه لعزّته فهو 
محفوف بهاء كما أن الجنة لعزّتها حُمْت بالمكاره. كذلك الحب في الله تعالى محفوف 
أولاً بصفات النفس الذميمة» وطلب إرادتها وفكرها وخواطرها في المكنونات دون 
النظرء واستغراق الفكر في آلاء الله تعالى» فافهم, فإن هذه كلها إشارات برمز حكمي 
إلى فناء جميع ذلك في الله تعالى» وذلك من أصعب شيء على المرء؛ لآن ترك المألوف 


(1) في س: [وما] بدل [ولا]. 


قال: 

2 - ولي نَفْسٌُ مُحرّلوبذاتٍ لهاعلى2 تَلَيكِء ما فوق المنى ما تَسَلَّتِ 

يقول: [23ظ] للحضرة المتجلى له بعض جمالها: إِنَّ لى نَمْسَ حر لا ترقٌ» أي لا 
تستعبد لأمثال هذه الحظوظ(!) والاماقة وما وراءها 100 دلت أانت لي انننا 
فوق المنى من اللذّات والحظوظ© والأماني الروحانية مثل العلوم» والمكاشفات. 
والمشاهدات بما وراء العلوم الكونية إلى غير ذلك؛ على أن أتسلى عن حبّي فيك» وطلب 
القرب منك ما أردت ذلك, ولا سلاني ذلك الأماني. 

قال: 

3 - ولو أَبْعدَتْ بالهجر والصَّدٌ والقلى وَقطع الرجا عن حُلَتي ما تخلّت") 

يقول: ولو أبعدت شاهدة الحضرة الإلّهية بالهجر والصدّ والقلى» وأراد بعد طرق 
الوصال بالهجر فلم يرد هنا في الباطن هنا بهجرها له ولكن بعدها بالهجر لكل شيء 
سواهاء وكذلك بالصدّ عن كل ما لا تحبّه والقلى لكل شيء لا ترضاه له. 

وقوله: وقطع الرجاءء ففي ظاهر لفظه: إن بعدت هي بهجرها له وصدذها عنه وقلاها 
له وقطعها رجاءه تمثيلا بالناس بعضهم في بعض. وفي الباطن: وإن بعدت عن المشاهدة 
بهذه الموانع والحجب الحاجبة له حتى صارت لصعوبتها في زوالهاء مع أنها لا تتجلى إلا 
برفعها كأنّها - أي الحجب - قاطعة للرجاء ولكنها مع ذلكء وإن كانت كذلكء فلقوة حبه 
لا ينظر صعوبتهاء وما تجلت عن خلتي: أي ذهبت من مجاورة فؤادي وحبيء ولا أبالي 
بجميع ما أراه من البلاء في صلتها بل أراه أحبّ شيء وألذ شيء. ولو جاءني خطابها [بلن 
تراني] إذ ليس كل قاصد ليراهاء ولكن صدق المحبة أن يحب ولا ينثني. 

قال: 

4 - وعن مذهبي في الحبّ مالي مَذْهِبٌّ إن لت يوسا نه فارقات: ملت 


-. 


(1) في الأصل و[س]: [الحضوض]. 
(2) في الأصل و[س]: [الحضوض]. 
(3) في الديوان: [بالصد والهجر] بدل [بالهجر والصد]. 


يقول: لأنّه ليس لي مذهب أقصد به إليك إلا بكمال صدق الحبء ومتى مِلْثّ عن هذا 
المذهب فارة فك( بلعى» أى ديت ومذاهبن: 

قال: 

65 - وإن فَطرثُ قلبي سواك إرادة على خاطري سهواً قَضَدٍ قَضْيِتٌ 5 

يقول: ولو خطرت في قلبي خطرة في ذكر غيرك سهوا مني لجعلت ذلك ذنبا في حق 
المحبّة لي فيك تعظيما لشأنك» ولقضيت, أي ولحكمت بردّتي» أي برجعتي عن ذلك 
حكماً حبياً عليها. 

قال: 

66 - لك الحكمٌ في أمري فماث شت فاصنعي ُلَمْ تك إلا فيك لا عَنْكِ رغبتي 

حل لك لك ل كل أعري نما قت فاصنعي, أي الحضرة؛ قَلَْ يِكْ إلا فيك 
محبتي لا عنك. أي لا لغيرك» ولم ‏ َْقّ لي إرادة إلآ أنت فاحكمي بما شئت. 

واعلم أنَّ التجلي له مراتب: الأول الذات. فأما في الله فلا تتجلى حقيقة الذات» ولا 
يرف ذات الله إلا هو. ولكن تجلي 7 تحقيق الذات الذي يصحّ تجلي تحقيق وجودها فهو 
تجلي الذات في حق المخلوقين» وتجلي حقيقة النظر إلى ذاته لا يصحت وأمًا إلى تحقيق قو 
وجود ذاته فهو يصح. والتجلى الثانن الصفاتى. والععا © الثالث الفعلى» در 
الرابع التجلى الجامع للتجلى التحقيقى لوجود الذات. والتجلى الصفاتى. والفعلى. 
والتجلي في عالم الغيبء. والتجلي في عالم الإرادة» والتجلي في عالم الأمرء والتجلي 
في عالم المثال.» وهو اللوح المحفوظ. والتجلي في عالم الشهادة. هذه تجليات الحق. 
والتجلي الآخر الحق في عقل الإنسان. هذه المراتب التي يصمٌ التجلي منها عليه. 

وَمَنْ 8 شهد منها وانكشف له من حضرة ذلك التجلي طلب المحبة لا محالة» ومن كان 
ا و ا ا ا 1 


(1) في الأصل و[س]: [فارقة]. 
(2) في الديوان: [لي في سواك] بدل [قلبي سواك]؛ وأثبتنا ما في الأصل لتلاؤمه مع السياق. 
(3) في الأصل و[س]: [وتجلي]. وأثبتنا [التجلي] لتلاؤمه مع السياق. 


ولم يجد كتبه مشروحاً فيه آيسه طلبه حتى يذهب حيّه منه» وإن وجده مشروحاء ولم 
يفهم له لم يحبّ ذلك الشرح. وإن كان له قوة فهم وأبهره قوة تدقيقه في ذلك الكتاب 
فإنه [24و] يعشق التوغل فيه» ويتسلسل حبّه إلى الذي شرح ذلك العلم فإن [كان]!'' بعيد 
الغور. كثير التوغل وهو يفهمه. ولكن لم يُحط حفظه تماما فتراه يستغرق جميع أوقاته 
فيه» وربما يكره الليل لما يشغله عن استقصاء ما فيه؛ ويحبّ شارحه لا لصورة صوّرها 
من جمال ذات الشارحء ولكن لما أبداى ولو أنه فهّمه [فيه]2) معلمه أحبٌّ معلمه لأجل 
ذلك لا لصورته؛ فصمٌ أنَّ طريقة الدخول في حب الله هو التفكر في آلاء الله إذا طلبت 
نفسه» وإن لم تطلب فهي محجوبة كما أنه لو أتى لطالب هذا العلم علما عسيراً فهمه غير 
الذي طلبه؛ فلو كان لفهمه قوة يقدر بها على فهمه أن لو جمع همّه من اجتمع فيه حبّه 
لفهمه ولكن لعسر فهمه ولإعراض حبّه عنه. ولو فكر فيه لم يدخل حبّه في قلبه. ولا ينظر 
إلى جماله. ولو كان في الحقيقة أجمل من الذي طلبه فيكون بينه وبينه حجاب عن تجليه 
بالجمالء فافهم. فقد أوضحت ذلك من يمكنه الدخول والسلوك إلى الله بطريق المحبة 
و[من]" لا يمكنه» وكيفية الدخول. والحجب المانعة» والسبب الباعث إلى إنكار 
المحبة» والسبب الباعث إلى التجلي الجمالي من الكمالات. والسبب المانع فلا ينكر 
إلا مَن كان محجوباًء وأخبرتك بأنَّ الحبٌّ قد يكون لغير تصور الذات» وقال النبيف: 
[تفكروا فى آلاء الله ولا تتفكروا فى الله]*)» فالحب ظاهرة حجة وجوده فى الله تعالى. 

(بيان فى مخاطبة الحضرة المت لمتجلية له بالقسم): 

ولمَا كان أعظم قربة إلى الله صدق المحبة إليه بأداء واجبهاء ولا تصدق إلا يتمام 
إحكام, أي إتقان أمورها حلف بها الشيخ. 

قال: 


7 - ومُحْكَمُ حب لم يخامزه بيننا ا 0 وقحل ع أليّة 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 

(2) مابين المعقوفين ساقط من س. 

(3) مابين المعقوفين ساقط من س. 

(4) ينظر موسوعة الحفني. ص686. وموسوعة العجم. ص 188 . 


يقول: أقسم بمحكم الحبّء والمحكم هو الذي لا يجوز عليه خلل. لم يخامر ىق 
لم يخالط بيننا تخيّل نسخ. أي لا تصور الحالة بيننا شك أنه عقد الحبّ يخلله نسخ. 1 


إنساخ وزوال» وهذا خير: أي أفضل أليّة» أي يمين. 

فإن قيل: كيف جاز له القطع على هذا؟ قلنا: لأنه منبىء عن حال سيرة [النبي 2١1]‏ ف 
فهو يخبر عن حاله. ولا شك أنه كذلك» وقسم بحقيقة ذات الحب. 

قال: 

8 - وأخذك ميئاقٌ الولا حيث لم أَبِنْ عظيدر لنس النفسن ف قن طيشي 

يقول: ونحن في صلب آدم اللكلا. وحكمت لنا بحكمه أَنّا مؤمنون طائعون لك لقولك: 
لقنا بم 2# أي أولياءك ة في الرضا عنهم ذرياتهم. فكنا في الحكم موّ مين بإيمانه. 
ولقول النبية: [كل مولود على الفطرة]”"' أي على فطرة إيمان أبينا آدم» وإنما الطفل 
والصبي قبل بلوغ الحكمء يهوّدانه وينصًرانه ويمجسانه في الحكم الظاهر لا في حكم 
الآخرة أبواهء فصار كل مَنْ يبلغ الحلم غير متعبّد بشيء وهو في حكم السلامة إلى أن يبلغ 
الحلم» فإما أن يضيع وإما أن يصلح وقال النبي 25 [كل ميسر لما خلق له]!). 

يقول: 

وكل هذا الحب مني لم يكن أصله إلآ منك لي. وقد سبق لي حكمك في حكم أخذ 
الميثاق الأول على آدم وذريته أنهم في حكمك من لم يُضع فهو عهد لجميع ذريته. وكان 
هذا قبل أن أبنْ» أي أظهر بمظهر لبس النفسء ولباسها الجسد. في فيء: أي في جسم طينتي» 
استعار للجسم اسم الفيء ومعناه؛ لأنه لايكون إلاامن جسد بريء تمييزاً, بين الأجسام اللطيفة 
والأجساد الكثيفة» ثم كل هذا أيضاً كان في عالم المثال منك ليء فإنَ ما كان في عالم المثال 
محبّا كان في عالم الشهادة محباء ثم كان منك لي هذا التجلي. والمحبة في عالم الأمرء وفي 
عالم الإرادة وفي [24ظ] علمك بي بداية» فمحبتي لك من محبتك ليء وقد خصصتني بهذا 


(1) ما بين المعقوفين ساقط من سء ‏ 

01 2 لع اس ص جرع لمع رس جرس لخر ير 9 لمعي إلى #ليومورم 
(2) الطورء الآية 21, والآية هى: وَآلدِينَ !اننم دِيم بإيمن للَفْنَابِي ريت ». 
(3) صحيح البخاريء الحديث 1358. وصحيح مسلم. الحديث 2658. 
4 صحيح البخاري. الحديث 6506 وصحيح مسلمء الحديث 47 


في مجمل السالكين بالمحبة وإخلاصها إلى الله تعالى. 

(بيان): 

وأما في الإشارة إلى السير المحمدي فالحالة تدل عليه بأكثر من هذا أنَّ أصل المحبة 
والإرادة من الله تعالى ليعرف. والنبي أسبق الخلق بالمعرفة إلى الله تعالى فهو أسبق 
الخلائق محبة للهء وأسبق الخلائق محية من الله له لا أسبق فى علمه فإِنْ نفسه عالمة 
كو وين يناي و بجا اسيق ان الا .. ْ 

وإذا كان هكذا فأصل العهد أخذ على ذرية آدم بالإيمان على مَنْ ضيّع إِنَّما هو محبة 
الله للنبي» ومحبة الله لآدم؛ وتعظيمها له إِنّما هو لعظمة محبة الله للنبي ولأجله خلق. 
ففي الحقيقة يتسلسل التكوين أنْ النبي 2 هو أب جميع الوجود؛ لأنه لق الوجود لأجل 
المعرفة بالله» وأعظم العارفين بالله النبي 8 فكان لأجله إيجاد الوجود. وما وجد الوجود 
إلا بالمحبة» أي بالإرادة لإيجاده؛ والمحبة في النبي اللا أفضلها وأجلّهاء فكان النبي هو 
الأب لآدم في المعنى الحقيقي» وهو ابنه الو الخروجي إلى عالم الشهادة!!) فلا 
غرو أن نبأ الناظم عن نبأ الحالة المنبئة عن حالته أنها تقول: 

ومحكم حب لم يخامره بينا ١‏ تخيل نسخ وهو خير أليّة. 

وأخذك ميثاق الولاء: وهو الحبّ الأول القديم والمتسلسل في الرُنَبِه حيث لم أَبِنْ 
بمظهر لبس النفس في فيء طينتي. 

فإن قلت: كيف لم يقسم باسمه؟ فالجواب أنْ القسم بالمحبة ما يدل على المحبة 
والتعظيم. والقسم بالاسم ما يدل على التعظيم والثاني مراعاة”) للكلام» والثالث ليدل 
على نفسه تعظيم المحبة له جل جلاله. 

(بيان): اعلم أنْ الله تعالى ذكر الميثشاق والعهد في مواضع من كتابه» كقوله 


(1) وقفنا عند هذا الموضوع فيما سبق؛ ومعه الحديث المنسوب إلى الرسول ت#: كنت نوراً وآدم بين الماء والطين» 
وما يضاف هنا ذهاب د. الحفني في موسوعته. ص 6555. إلى أن هذا الحديث موضوع. مع حديث طويل فلينظر 
هناك, وينظر كذلك الصلة بين التصوف والتشيع. د. كامل الشيبي. 73[1 و401. وهو ينقل نضًا للحلاج؛ و394[1: 
وهوينقل نصا لذي النون المصري بهذا المعنى. 

(2) في الأصل و[س]: [مراعات]. 


5-5 
- 


تعالى: ف( وَإِْأحَذا فك ورَعَسَا َقَكم آلظُورٌ 4'''» وقوله تعالى: لوَِذْ مان لعن 


ا 1# عل خ##ي ا بل ع 2) 


مَِفَهُمْ ولك ومن وج وَإِبْرسِمَ وموم وَعِسَى أبن مرجم آنا منهُم ما عَلِيِظًا 

وظنَ بعضهم أن أخذ الميثاق لعامة المؤمنين قوله تعالى: لوَإِذْ أَحَدَ رَيْكَ مِنْ ب ادم 
من ظهُورهر دريب وَأَشْبَدَه عل أَنشِهمٌ أَلْسَتْ بين قَاُوأ بل سَهدناً أنت تَمُولوأ يوم الْقِيَمَةٍ إن 
كنا عَنْ هذا غَفِْينَ 0#. 

إن الله تعالى أخرج من بني آدم ذريته في ظهور آبائهم في جميع واحد مثل الذرّ) 
وأشهناهم ألست يربكم؟ قالوا: بلىء أي أنت وبناء:ولو قالوا: نعم لكفرواء لآنّ بلى تأتي 
جواباً لإثبات المستفهم المراد إثباته؛ ونعم تأتيى جواب نفي للمستفهم فيه, ثم عاهدوه 
إذا ردّهم إلى آبائهمء وإخراجهم بعد ذلك ليؤدوا له الطاعة» وأنَّ الله تعالى يؤاخذهم 
بذلك العهد وتلك الشهادة. 

والصحيح أن تلك الشهادة إِنّما هي شهادة عقولهم التي لا يصح معها شك أنْ الله 
تعالى ربّهمء والأخذ هو الإخراج» وهو إخراج كل ولد من ترائب أمهء وصلب أبيه في 
وقت خروجه وبلوغه الحلم» ووجوب التعبّد بمعرفة الله تعالى فهو مأخوذ بالشهادة لله 
أنه ربه» ومأخوذ باعتقاد الطاعة لله» فإذا عرف ذلك فقد شهد. فإذا اعتقد فقد عاهد, وإن 
لم يهتد إلى الاعتقاد» ولم يَنْو الخلاف. وكل شيء لزمه أذَّى فهو في الحقيقة معتقد. وقد 
ثبت له إيمان أبيه آدم وأمه حواء لقوله تعالى في حكم ذريته أولياءه: لقنا . بوم دَرَييْم 4 
فقد عاهد الله آدم لأن يعبده ويرضى عنه فهو عهده عليه» وأنَ لذريته ماله من الرضا مَن لم 


(1) البقرة. الآية 63. 

(2) الأحزاب. الآية 7. 

(3) الأعراف. الآية 172. 

(4) يسمّي البلاغيون ودارسو الإإعجاز هذا النوع من الاستفهام استفهاماً تقريرياء وحقيقته أنه استفهام إنكار. والإنكار 
نفي» وقد دخل على النفي. ونفي النفي إثبات. ويقول الزركشي في البرهان. 32412 ما نصّه: «واعلم أن في 
جعلهم الآية/ ألست بربكم/ من هذا النوع إشكالاً؛ لأنه لو خرج الكلام عن النفي لجاز أن يجاب بنعم. وقد 
قيل: إِنّهم لو قالوا انعم' راوها لطب ول الاافي الات ولوالم جد ننه القعر هاما لا اميت 
الجواب. إذ لا سؤال حينئذ؛؛ وهو يقترب مما ذهب إليه الشيخ ناصرء وهذا يشير إلى قراءات الشيخ الواسعة 
في علوم القرآن الكريم» وينظر عن هذا النوع من الاستفهام معجم المصطلحات البلاغية» د. أحمد مطلوب. 
190/1 وما بعدهاء ففيه تفصيل مفيد. 


يضيّع واجباً لا يسعه. أو يركب محرّماً لا يسعه. وذلك معنى قول النبي © [25و]: [كل 
مولود على الفطرة] أي على فطرة إيمان أبويه آدم وحواءء وإيمان النبي نوح عليهم السلام 
وعلى فطرة إيمان أبيه الذي من صلبه ما لم يبلغ الحلمء وبعد بلوغه. كذلك ما لم يضيّع 
ذلك. ثم قال: (وإنما يهودّاه وينصراه ويمجساه أبواه)» أي في الحكم الظاهر في أحكام 
الدنيا دون أحكام الآخرة. 

والوجه الثاني أن عهد الله القديم على عباده العمومي هو خطابه لهم أني ما خلقت 
الجن والإنس إلا ليعبدون» فإيجادهم لأجل العبادة من حين إيجادهم في عالم الأمرء وفي 
عالم المثال» وفي عالم الشهادة. وفي عالم الظهورء وأن ذلك كله لم يكن إلا لأداء العبادة 
ولزومهاء فالعهد واقع عليهم من حين الإرادة» والعهد هو ما يعهده على عباده. ولعباده من 
البيان والشروط التي يشترطهاء والميثاق الشديد عليهم فيما ألزمهم إياه وجوباًء والغليظ 
التوعد على مَن خخالف ذلك. فكان عهد الله وميثاقه عمومياً وخصوصياً على كل متعتد 
يتعبده به على الخصوصء وعهد العبد هو اعتقاده لله» وعهده الثابت له من إيمان أبيه إن 
كان مسلماً عهد أبيه النبي نوح اكنغذ. وعهده الثابت له من إيمان أبيه آدم وأمه حواء. 

(بيان): 

قد أخبرتك أن [الله]!!» أفاض على [بعض ]21 العباد بعضاً من جمال صفاته التى هى 
المحبة. والإرادة. والعلم إلى غير ذلك. فمن تت صفاته وكمل جمالها بلغ ما خلق 
لأجله» وإن ضيّع صفة من التخلق نحقيقة الججمال الكوني المفاض من صفات مما لا 
يسعه ضل وقبح. وأبعده الله تعالى. 

ابا 0 

فإذا عرفت ذلك فاعلم أَنّه لا ينال المرء من هذه الحياة فيها إلا ما سبق له في علم الله 
تغالىء لا أنه تجبره غلى فعل ما سبق فى غلمه:فيهة ولكن سبق علمه أن نفسه تحب 'كذا 
وتكره كذا من ذات نفسه. ومنهم من كشف الله تعالى جماله في الحضرة في عالم الدنيا 
(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 


(2) ما بين المعقوفين ساقط من س. 
(3) في س بياض. 


كالأنبياء؛ ومنهم من لم يكشف [طور]!) جماله إلا في الآخرة والحالة تكلم بالعموم 
في أهل الإخلاص على الحقيقة عَبَد الله بالمحبة لله التي هي محبة الله في السلوك من 
كل سالك. وفي السلوك الأعظم المحمدي. لا أنها تروي أنْ النبي كذلك يقولء وإِنْما 
تروي وتحكي صفات سلوكه إلى الله وسلوك من هو دونه» وهم الصحب الذين ذكرهم 
الناظم. 

فإن قلت: إِنَّ كثيراً يحب الله ويعبده وهو على غير الهدىء ولم يدر نفسه كما قال 
تعالى: #وهز حسَبونَ أَنهُمْ حسِئُونَ نع 22(4. 

فأقول: ليس المحبة النافعة محبة العبد لله وإنما المحبة النافعة محبة الله تعالى للعبد» 
فإذا كانت محبة العبد لله هي محبة الله له لا غير تم له الجمال» وإن كان محبة العبد لله 
وهى غير محبة الله له فليس هو بشىء» ومحبة الله لعبده التى هى محبة العبد لله لا غيره 
هي موافقة العمل إليه بالذي يحبّه له. ومنه وإن خالف فقد اكتفى بمحبة نفسه لله وهو 
الهوى: واكتفى بها عن محبة الله جل وعلا؛ لأنّ محبة الله هي محبة كمال العبادة بوجهها 
لا تخلّل فيهاء ولأجل ذلك خلق» ف فصحٌ أن النبي عي وكلّ مخلص لله تعالى في سلوكه 
إليه إنَّما انجذب إلى الله تعالى بمحبة له في العهد القديم الأزلي» فلا غرو إذا بانت الحالة 
عنه وعن حبّه لله وحبّ الله له في العهد السابق القديم فقالت على لسان الناظم: وأخذك 
ميثاق الولاء؛ أي الحبّ الأول القديم. أي لم تلزمني محبتك وطاعتك. وتجعلني من 
جنس المتعبدين في العموم لجملة السالكين. وجعلتني في حقّ السلوك المحمدي أول 
المقربين251ظ]. وأول منظور إليّ» ولأجلي كوّنت جميع الوجود. وألزمتني السلوك إليك 
قبل أن أبن أي أظهر بمظهر لبس النفسء ولبس النفس هو الجسم والجسد. 

وفي فيء طينتي: استعار للجسد اسم الفيء ومعناه؛ لأنْ الفيء» وهو الظلء لا يكون إلا 
من جسد يستر الشمس؛ أي هذا الحبّ كان منك لي في العهد القديم وإن كان الله تعالى 
لم يوجد الكائنات إلا لأجل المعرفة به ولأجل إخلاص العبادة له. وإخلاص المحبة 
له بمحبته له» وكان النبي الكت هو أعرف العارفين» وأول السالكينء وأول منظور إليه 


(1) في س: [ظهور]. 
(2) الكهف» الآية 104. 


ولأجله وجد الوجودء فلا غرو فهو على هذا هو أبو آدم وحواءء؛ وأبو جميع الوجود على 
الإطلاق» ولإيمانه كان حكم ذرية آدم على الإيمان إلآ مَنْ ضيّع شيئاً منه بعد ما وجب 
الإيمان لذريته إنّما هو لأجل محمد هل ولا غرو أن قالت لسان الحالة المنبئة عنه: 
بمحكم حب لم يخامره بيننا - تخيّل نسخ وهو خير أليَة 
وأخذك ميثاق الولا حيث لم أبن بمظهر لبس النفس في فيء طينتي 
فافهم ذلك. 

قال: 


69 - وسابقعَهْدِلميَحُلْمُذْعَهِدْنُه ‏ ولاجيق عَقْدٍ لم يُحلَّ بفترةا" 

يقول: وسابق ذلك2) العهد القديم الأزلي الذي قذرته لي. وفدرتني لالت اق لم 
أنقضه مذ عهدته. أي ألزمتني إياه منذ خلقتني لأجله في العهد الأزلي الغيبي. ولاحق عقّد 
بعدما أظهرتني في عالم الشهادة لم يحلء أي لم ينقض بفترة عن السلوك إليك. 

قال: 

00 - ل أنوار بطلعتاء النى ل حتها كل اندوز ' اده ا" 

يقول: وأقسم بسابق العهد إلى آخر بيته» وبمطلع أنواري» وبتجلي ظهور ذات وجهك 
لتفمئلك فإن المطلع المراد به هنا ظهور وجه الذات» وذلك معنى قوله: لطلعتك» أي 
لذاتك التي لبهجتهاء أي لجمالها المطلق الحقيقي كل البدور استسرّتء والإسرار 
الإخفاء. واستعار بالبدور النجوم والكواكب والشمس. والمراد بذلك أنوار العقول. أي 
اختفت عن جميع الكائنات فلا تتجلى لشيء أبدا إلا [لذاته]) جل وعلا. 

قال: 


(1) في الديوان: [جلٌ عن حل فترة] بدل [لم يحل بفترة]. 

(2) في س: [لك] بدل [ذلك]: ولا معنى لها. 

(3) في س: [كالبدور] بدل كلّ [البدور] وما أثبتناه رواية الأصل والديوان معاً. 
(4) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


109 


1 - وَوَضفٍ كمال فيك أحْسَنٌ صورة وأقومُها في الْخَلْقٍ منه استمدّت 

يقول: وأقسم بوصف الكمال الذي هو أحسن صورة: وأقومها في الخلق منه استمدت» 
أي وبوصف كمالك الذي خلقت على صفتها آدم اطكلا من جمال ذاته ووصفه بما 
وصفت به نفسك أنّك مريد. وتشاء؛ وتدبّره ومتكلم؛ وعليم؛ وقدير» ومحيط؛ وله صفة 
العدل» والسمع» والبصر إلى غير ذلك من صفات الله تعالى» فإنَّ جميع الكائنات لم 
يخلق لها ذلك من صفات الله تعالى إلا الإنسان» والعباد أهل العقول» فصحٌ أن احنية 
صورة وأقومها في الوجود مَنْ هو على صفات الله تعالى» ولذلك قيل فيما يروى عن 
النبي: [إِنَ الله تعالى خلق آدم على صورته]”) فظن كثير أنه خلق على صورته؛ أي على 
صورته آدم التي خلق فيهاء وهذا يصمّ إذا كان على وصفه الصحيح أنه على صورته. أي 
على صفاته تعالى من السمعء والبصرء والعلم, والقدرة إلى غير ذلك» ولم يقل كصورته؛ 
لأن صفات العباد ليست هي كصفات الله ولكن مستمدة منهاء وصفات العباد مخلوقة 
مجموعة في الشخصء وصفات الله ليست كذلكء ولم يقل على صفاته لثلا يوهم أنه 

وأمَا الصورة [26و] فمعلوم أن الله تعالى لا يوصف بالصورة. فعدل إلى المفهوم عن 
المشتبه 288. 


قال:* 


(1)فى س: [كمال]. 

(2) صحيح البخاري: الحديث 3326: وصحيح مسلم. الحديث 2841: ويقول النووي شارح صحيح مسلم: «.... 
وهذه الرواية ظاهرة في أن الضمير في (صورته) عائد إلى آدم. وأنَ المراد أنه خلق في أول نشأته على صورته التي 
كان عليها في الأرضء وتوفي عليها وهي: طوله ستون ذراعاً؛ ولم ينتقل أطواراً كذريته. وكانت صورته في الجنة 
في جورت في الأر لم رار وار كلاف الملل والقيسلء 51/1 وفيها مزيد من التخريج. وإحياء علوم 
الدين» للغزالي. 2/ 168» ويقول جورج طرابيشي إن هذا الحديث «أحدث انقساماً عميقا في صفوف المتكلمين» 
والمتصوفين» وحتى المتفقهينء وكان أبرز مظاهر هذا الخلاف الاختلاف على العائد في ضمير (الهاء): أهو لله 
أم لآدم نفسه» في كلام طويل ينظر هناك في كتابه وحدة العقل العربي الإسلامي» ص244, وما بعدهاء وواضح 
أن الشيخ ناصر في تأويله في المتن يجنح إلى نفي (الصورة) عن الله تعالى نفيا للتجسيمء وهو يقترب ممّا ذهب 
إليه ابن طفيل في كتابه (حي بن يقظان). ينظر ص64. وينظر كذلك موسوعة الحفني. ص656. وفيها حديث 
طويل. والصلة بين التصوف والتشيع؛ د. كامل الشيبي؛ 1/ ١5اء‏ وفي (بحار الأنوار) للمجلسي. 14/4ء وما 
بعدها حديث طويل عن هذا الحديث. 


0ظ20 


2 - وَنَفْت جلال مك يَهُذُبُ دونه عذابى ويحلو عنذه و َدُلَى 
يقول: وأقسم بنعت جلال: أي بوصف تجلي جلال جلالك» يعذب: أي أستلذٌ دونه 
أي أقلّ ما أستلذه أشد عذابي: وتحلو قتلتى: أي إلى قتل مرات كثيرة؛ ومراده الفنا الحبّى. 


والتجلي على وجوه”": تجلي الذات للذات؛ وتجلي الصفات للذاتء وتجلي أنوار 
الصفات في عالم المثال» وفي عالم الأشهاد. وتجلي العقل الوجداني بما تجلى في 
الوجود من الصفات تجلّت له من الوجود. أو من صفاته وأفعاله واجب الوجود؛ لأنَّ 
منهم من شهد الله والوجود معأء ومنهم من شهد الوجود وشهد به واجب الوجود. 
ومنهم من شهد الله وشهد به الوجود. ومنهم من شهد الله ولم يشهد الوجود بل فني في 
حته. وأنَّ الفناء قد أخبرناك به مراراً أن المراد به بعد فناء الصفات التي أشرنا إليها وهي 
الصفات الذميمة النفسانية» المرتبة الآخرة فناء المحبة والإرادة والفكرة فى صفات الله 
تعالى وأفعاله» لا في مشاهدة ذاته. والدليل على صححة مضا وراك أن لجرو قد ار فى طروي 
وهو يفكر في أمر فيغفل أنّ معه أصحاباً” أبداء ويغفل عن كل ما يمرّ به في طريقه وإن 
كُلَم ل يسمع في أول مرة» وهذا مُشَّاهد كثير» فكيف ينكر من يفكر في آلاء الله» وإحسانه: 
وكرمه؛ ولطفه. وجلاله» وعظمته ويترك التفكر في الذات. وقد قال النبي ##: لنشفكوذا 
0 الله ولا تتفكروا في الله]# وقالتغال #الكتور ونه جلو ادن موت 
يهم ثم تين جَلُود هُم وَمُلوبْهَةَإِلَ ذِكْر آله 514 وقال تعالى: #وَإِدَا سَحِمُوأ مآ أَنِلَ إِلَ الرَسُول 
د نِيضُ مرك الذّ مع ١#‏ 6 فمن يجد من نفسه في ذكر الله وذكر آيات الله هذه 
الصفات وقد ذكرها فلا غرو إن أنكر طريق المحبة وفناء الفكر فيهاء فقسم هذا يتجلى كل 
جلال الله تعالى الذي لا يمكن تجليه للسالكين إليه. ويعذب معه كل عذاب» ويحلو كل 
قتلء أي فناءء أو القتل نفسه. أي الموت إن اختار الله له الموتء وقد ذكرنا لك أنَّ هذا 


(1) ينظر عن [التجلي] ووجوهه: موسوعة الحفني. ص678. وما بعدهاء وموسوعة العجم. ص .16١‏ وما بعدهاء 
والشيخ ناصر يلشخص وجوه التجلي هنا تلخيصا جيداء يشير إلى سعة اطلاعه. 

(2) في س: [صفة]ء وما أثبتناه من الأصل. وبه يستقيم المعنى. 

(3) فى الأصل و[س]: [أصحاب]ء وفوا أضتواكية: 

(4) مر تخريج هذا الحديث. 

(5) الرّمرء الآية 23. 

(6) المائدة, الآية 83. 


أكثره غالباً في البناء عن السلوك المحمدي. 

قال: 

73 - وسبٌ جمال عدك كل مليحة به ظهَرتُ للعالمين وتمّت!) 

يقول: وأقسم بسر جمالك الفعلي الذي تجلى بفعلك عن كل صفة مليحة حسنة 
ظهرت للعالمين» وتمّت بأكمل صفاتها الجمالية فصارت به مليحة. 

وأعلم أن الجمال: والبولذل والكمال يطلق على معان» فالجمال يطلق على لطف 
الله تعالى وعلمه وحكمته. وكل صفة حسنة؛ والجلال يطلق على [كل]77' صفة عظيمة» 
والكجال لكام التجمال والجلوله وك والعد مهنا سجن ل الزيجر دقائه وستض انهه 
والجمال والجلال والكمال الذاتي لا يتجلى إلا لله تعالى. 

والجمال الآخر تجلي جمال الله فى جمال الإيجاد. وهو جمال لا يتناهى حدّه في 
علمه؛ لأنه خلق الجمال وهو قادر [على]” ترقيه بلا نهاية في قدرته. فهو يقسم بجمال 
الله الذي تجلى في علمه من الجمال الإيجادي الذي في علمه أنه لا يتناهى في قدرته 
لإيجاذه فدل على أن نْ حقيقة تمام إيجاد الكمال ليس هو هذا المحدود والمعروف؛ لأنّه 
متناه» وقدرة الله على تحسينه بأكثر من ذلك لا نهاية لها كذلك نهاية ذلك لا نهاية له. 

فإن قلت: إِنّه قال: عنك [26ظ] فنقول: مراده وبسرّ جمال أخبرت عنك كل صفة 
مليحة تمّت في العالمين أن نهاية قدرتك ليس هو هذا الذي تمّت به حسنهاء فهو يقسم 
بذلك الجمال الذي يتجلى في ذلك الذي يخبر أنّه وإن تمت صورته فجمال فعلك فيه 
على ترقيه غير متناه» كذلك كمال المخلوقات وجلالها في الحقيقة لا نهاية له في علمه 
وقدرته؛ لأنّه قادر بلا نهاية على أن يجعلها أكمل وأجلّ وأجمل من هذا الذي ظهر في 
الوجود بجماله؛ وظهر بكمال قدرته وكمال صفاته» وتمّت في الوجود على الحدّ الذي 


(1) في الديوان: [ملاحة] بدل [مليحة].ء وما أثبتناه يتلاءم مع الشرح. 

(2) ينظر عن [الجمال] و[الجلال] و[الكمال] موسوعة الحفنى.؛ ص207, وما بعدهاء و706 و928. وموسوعة 
العجم. ص250: وما بعدهاء و248, وما بعدهاء و799, وما بعدها. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء وأثبتنا ما في س. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. وأثبتنا ما في س. 


أراده الباري فيهاء فافهم, فإنّه عسر الفهم وقد كرّرت عليكء. والتكرار يفقه الحمار!!). 

والمثال في ذلك أن النار لها حدٌ في حرقها في الوجود وقوتها لا نهاية لهاء كذلك كل 
جلال'2 وكل جمال؛ وكلّ كمال ظهر في الوجود خلقاً حسناً له نهاية في الإيجاد وليس 
له نهاية في القدرة على ترقّيه من ذلك. وهذا ممّا يدل على أن صفات كل عبد من عباد 
الله التي أفيضت عليه من فضل الله على صفاته سبحانه وتعالى لا نهاية لها في ترقيها في 
قدرته» وإن تمت صفتها في الكون فليست هي في الحقيقة نهاية تمامهاء وبهذا يُستدل على 
لاسن وار نام طابر حي اناو ١‏ منعات دأ يداء لاتدك تغط إلا خدرها اعطى» 
وأتمَ الوجود كمالاً [وجمالاً]4) النبي فححيية © ع وهو آخر العجل الإيجادي في 
الحسن والكمالء لا حدّ القدرة على الترقي من الله. فإنَ التحديد في ذلك كفر, ولأنّه إذا 
لم يتجلٌ" له جمال الله في الإيجاد ِلآ أنِّ هو النهاية في الحسن لكان ذلك هو الضلال؛ 
لذن الايجاد يدل غلن أن اللهاتغاان لقدوقةة هذا ول علن أن هذا هو تهابة الست قن 
قدرة الله تعالى. وبهذا يُستدل على أنه اعترف نفسه بالقصور عن الجمال» والكمال 
المظاق :الإدناع :فك نى تخل :عمال الله قن ذللق نو كسان مال الله لذاتة. 

قال: 

4 وَحُسْن بهتُسبى اللّهى دلني على هَوَىٌ حَسْكَتْ فيه لمرّك ذلتي 

يقول: وأقسم بحسن به تُسبى النهى: أي تؤسر فتؤخذ الى أي العقول, دلني: أي ذلك 
الحسنء ومراده بحسن تجلي الحضرات وجمالهاء أي دلني على هوى. أي على حبّ حسنت 
فيه ذلتي لعرِّك -بكسر الكاف-., أي لعزتك فإنك عزيزة» ولعرّك العزّ المطلق. ولذلك صار 
تذللي في حبك حسناء ولا حسن في غير حسنك؛ لأنّ كل حسن فعلى الحقيقة هو غير حسن 
لكين مالك 


(1) هذا تعليق مستغرب من المؤلف. يدل على ضيق صدر. وبرم بمن يوججه الكلام إليه. 
(2) في س: [حال]. 

(3) في الأصل و[س]: [صفاتا]. 

(4) مابين المعقوفات ساقط فى س 

(5) ما بين المعقوفات ساقط في س. 

(6) في الأصل و[س]: [يتجلي]. 


فإن قلت: كيف قال أولاً عن الحسن جلّتء وهنا قسم به؟ 


فنقول: هنالك معروف أنه مراده الحسن الإيجادي القابل للترقي حتى إن ترقيه بلا 
نهاية؛ لأنه في الحقيقة ناقص إذ لم يكن مترقياً إلا ِمْوَق له وأما الحسن المطلق هو الذي 
لا نهاية له وهو كمال جمال [جلال الله]!!)» وجماله. وكماله. ولذلك قال: 

5 - وَمَعْنىٌ وراءً اشن فيك شَّهدثَه به دق عن إدراك عَيِنِ بصيسرة 

يقول: وأقسم بمعنى ما وراء الحسن الذي شهدته. أي الذي لا يشهده أحد سواكء أي 
لا يعرفه أحد سواك» ووراء الحسن هو الجمال المطلق؛ لأنّ كمال جمال صفات الله لا 
نهاية له ولا يعرف حقيقة في وصفه في كمال كلّ صفة إلا الله تعالى؛ وَإنَّما هذه صفات 
اللمؤصيلة إلى سحقئقة صقا وحقيقة كمالها له يعطلها إلا هل 


والمعنى يقول: وأقسم بجمالك وكمالك الذي هو وراء الحسن الإبداعي غير 
المتناهي !2 في قدرتك علما تعجز عين بصيرتي عن تجلّيه؛ لأن جمالك وكمالك المطلق 
الذي لا يتجلى إلا لذاتك تعجز عين بصيرتي عن رؤيته. وإني أقسم بمعنى هذا الحسن. 

واعلم أن للعقل ثلاث عيون: الأولى المدبرة [27و] وهي مثل الساحر تخيّل الأشياء 
القتحة عريكة واقل تعليت السجد رمن الشيطان ورف تخ ةا 


والثانية!”»: العين الغريزية محل النظر إلى العلوم» وتتخيّل لها تارة مثالات الحقء وتارة 
مثالات خيالية» وهى بمنزلة الملك والسلطان وهى أقواهنٌ أمراء وكلٌ واحدة منها لا تدعو 
إلى حبّ الله. 


والثالغة: البصيرية وهى الداعية [إلى]© الله تعالىء ولا تغلط أبداء وهى بمنزلة 
النبي [صلى الله عليه وسلم]” والرسول من الله تعالى إلى هذا الملك. وهذه المدبرة 


(1) في س: [جلاله]ء وسقطت كلمة [الله]. 

(2) في س: [الغير المتناهي]. 

(3) ينظر كتاب (الإخلاص) للشيخ ناصر. ص578, وما بعدها ففيه تفصيل مفيد عن هذه العيون. 
(4) في س: [تخيّله]. 

(5) في س: [الثالثة ]. وهو سهو من الناسخ. 

(6) مابين المعقوفين ساقط من س. 

(7) مابين المعقوفين ساقط من س. 


الساحرة» ومن أطاعها فقد أطاع الله. ومن عصاها منهما فقد عصى الله. وفيها تتجلى 
محبة الله تعالى إذا أطاعها(! الآمران: الملك والساحر منهماء وتحت ذلك علم جم وقد 
شرحناه في كتابنا الإخلاص بنور العلم والخلاص من الظله©. 

فأشار هذا أنه دق عن عين بصيرته هذه التي لا تغلط في الدعاء إلى الله تعالى؛ لأنّها 
كر شع الاتجتونه اروك بال ولك 3 عله ذوى متضنوينة فين الخلظطه ولذلك احترز بذكرها 
عن الغريزية والمدبرة» فافهم. 

(ربيان): 

وهذا أعرٌّ ما قسم به. وحاصله معنى واحد أنه لا محبوب له غير هذه الحضرة التي سكر 
بأول نظرة إليهاء والدليل كل ذلك ما سيأتي بيانه. 

قال: 

6 - لأنت مُنى قلبي وعَابةُ مطلبي 2 وألهى مرادي واختياري وخيرتي”" 

يقول: لأنّك أنت. أي الحضرة مُنَىء أي غاية ما يتمناه قلبي» وأنت غاية مطلبي ونهاية 
مرادي واختياري. أي ما أختاره. وخيرتي: هو غاية الخير لي فإِني قد اخترت أكمل خيرتي. 


قال: 


7 - خَلعتُ عذاري واعتذاريّ لابسّ ال خلاعة مسروراً بِخَلمي وخلعني 


واه 


٠ 0‏ ف اكه ع ءًّ ِ 
8 - وَخلع عذاري فيك فضي وإن أبى اق ترابيىت قومي والخلاعة سنتي 
يقول: ومع أنك [أنت]1" أماني [قلبي ]1 وغاية مطلبي» ونهاية مرادي فليس لي حب 


(1) في س: [أطاعاها]. 

(2) يكرّر الشيخ ناصر الإشارة إلى هذا الكتاب» وأشرنا فيما سبق إلى الموضع المقصود في الكتاب. 
(3) في س: [بالتوفيق]. 

(4) فى الديوان: [بغيتى] بدل [مطلبى]. 

(4)ها بن لمكو فات سافقلة فوا بير 

(6) مابين المعقوفات ساقطة من س. 


غيرك» أي الحضرة. فإنى جئت إليك بشدة حبّى وقد خلعت!!) عذاري, والعذار: الحبل 
الذي تقادٌ به المطية» وتزمّ به عن مرادهاء ويجعل مع أنفها وما دار بوجهها إلى حنكهاء 
وخلعه رفعه عنها حتى تسير على هواهاء فكذلك أنا رفعت عذاريء وهو حبّ كل شيء 
غيرك من كرامات وحظوظ وإرادات لنفسى التى هى قيد وحجاب عن النظر إليك» مهما 
أي كل خخطرة [تخطر] لي من ذكر غيرك فتمنعنى عن رؤيتك يسبب ذلك فتركت 
الخطرات المانعة بيني وبينك التي يجب [بها]!) الاعتذارء» وجئتك لأستاء أي متخلقا 
بالخلاعة مسروراء أي فرحاً بخلعي. أي بزوال الخواطر القلبية عن ذكر سواك؛ وخلعتي: 
أي وبلبسى بهذا التخلق بين يديك إذ حصل لى تتّسر هذا الذي هو غاية منى قلبى. 

ويمكن أن يكون معنى خلعي رفعي كل حجاب يحجبني عن رؤيتك -بكسر الكاف-. 
وخلعتي: أي ارتفاعها عني؛ لأنه يمكن أن يدوم هو”*) رفعها فلم يساعده الحظ فهو مسرور 
بإرادته وبتيسير ما أراده. 

وخلع عذاري: أي رفع الحجب. والزمامات الحاجبة بيني وبينك. وهي خطرات ذكر 
كل كت ماسر اك روظلته [كل ريه ستواك ]"الوظات كن شه عد فك »وفك النظر 
إليك. هذا فيك هو فرضيء أي مذهبى ودينى فى مذهب الحبّ فى واجب حقّكء. وإن 
كان غير فرض منك على فإِنّي لا أريد أن ألتزم غير هذا فيك» والفرض مراده الالتزام 
لا اللزوم الشرعي. وإن أبى اقترابي قومي. وإن كره قومي هذا المذهب من أهل العبّاد 
والزهادء وقولهم إنك ترضين عنهم بدون هذاء وقولهم باللوم [27ظ] فَلِمَ الانتهاء إلى 
هذا المقام؟ وما الفائدة فيه؟ فَأَبَوّه لشدته عليهم؛ ولم ينجل لهم بعض ما تجلى لي من 
جمالك فيعرفون أنّهم لو بلغوا ما بلغوا لكان ذلك في حقّك قليلاء فاستكثروا أمرهم 


(1) في س: و[قد جعلت خلعت عذاري]ء وهو سهو من الناسخ. 
(2) ما بين المعقوفين ساقط من س. 

(3)مابين المعقوفين ساقط من س. 

(4) في س: [وهو]. 

(5) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 

(6) في الأصل ول[س]: يتجلى]. 


وحبّهم فيك. واستخموا بمن خلع عن نفسه كل لحظة وخطرة في غيرك ولوّموا كل من 
تحمّل البلاء إلى الوصل إلى هذا المقام معك, وأمّا أنا فليس لي غير الخلاعة» أي رفع 
كل خطرة تخطر لي في ذكرك وحبّك ومشاهدته. 

قال: 

9 - وَليسُوا بقومى ما استعابوا تهتكى فأبدوا قلي واستحسنوا فيك جفوتى 

يقول: تقديره: والذين استعابوا تهتكىء والتهتك فى الحب تفتّت الكبد بالحبّ فأبدوا 
لي قلى: أي بغضا وكراهية» واستحسنوا فيك جفوتي فليسوا هؤلاء بقوميء ومراده هنا ليسوا 

قال: 

0 - وأهليّ في دين الهوى. أهله وقد رَضْواليَ عاري واستطابوا فضيحتي 

يقول: إن هؤلاء المترسمة الظاهرية الذين لم يفارقوا النواميس الظاهرية ما لم يفارقوا 
ذلكء ويترقوا عن حضيض التقليد» ولم ينطلقو'') عماهم فيه من التقييد» ولم يدخلوا في 
منهاج الحب. ولم يخرجوا من مضيق النفس إلى فضاء القلب العين البصيرية ليسوا بأهل 
مذهبيء وإنما أهلي [آي21) أصحابي أهل الحب فيك الذين هم فنوا حظوظ" أنفسهم. 
وإرادتهم في إرادات الله» وأفنوا فكرهم, وحبّهم في الله ربهم. أي محبتي سلوك طريقهم. 

قال: 

1- فَمَنْ شاء فليغضبٌ سواك فلا أذى إذا رضيث عنى كرامٌ عشيرتي 

يقول: فمن شاء فليغضب علي بسبب7”' سلوك طريق" المحبّة إليك من اللوام 
والعذال» وليؤذونى بما شاءوا من أجل ذلك فلا أذى إن رضيت عنى أهل التوحيد. 
والمحبة الصادقة بشهادتهم علي أني قد تعدّيت درجاتهم إذا كان المراد به السلوك 
(1) كذا في الأصل و[س]: ولعل [يطلقوا] أصوب لتلاؤمها مع السياق. 
(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


(3) في الأصل و[س]: [حضوض]. 


(5) في س: [طريقة]. 


المحمدي. وإلا فقد صرت من جملتهمء وهم أهل الطريقة المستقيمة في ذلك. 
ويحتمل أيضا أن يكون أراد كرام عشيرته!!) الحضرات المتجلية له واستعار اسم 
العشيرة للقرابة» ومراده القربة» ومراده بالقرابية والقرابة اتصافه بصفاتها حتى ترضى عنه 
الحضرات المتجلية إليه. 

قال: 

2 - وإِنْ فَنَنَ النساك بَعضُ محاسن 2 لديك فكل منك موضعٌ فتنتي 
يقول: وإن يكن بعض النسشاكء أي العتاد فتن أي كان سبب حيّه فيك تجلى بعض 
محاسن من صفاتك مثلاً أنّه نظر إلى عظم لطفك. أو قهركء واقتدارك» وبطشكء أو عظم 
وفعالك من رفع أو خفض لي أو لغيري وعرّ وذل» وإجراء مصائب. وبلاء كله افتتن به في 
بَكَ؛ لأني أرى ذلك كله محاسناً رؤية مشاهدة لتحقيق» لا عن تصديق واجب كون ما 
أحببت كونه أنت -بكسر التاء-؛ لأنّْ الخطاب للحضرات. وما لا تحبينه أنت فلا أحبّه. 

قال: 

3 - ومااحترثٌ حتى اخترتُ حُيك مَذْهبا فواحيرتي لو لم تكن فيك خَيْرتي 
يقول: وما أنا متحيّرء أي وما أنا تائه متردّد فى الأمر. وما إن عرفت الحقّ حتى اخترته 
لفان فيكف مذه] وعواحتف» وتنا قال تنك لأقامة الوزن وللفرقنية خطات المذكو 
الطريق ولا السلوك إلى أي جهة. 

(بيان في رد جواب [الحضرة]'2 المتجلية المخاطبة بهذا الخطاب بلسان حالها إلى 


(1) لعل ابن الفارض كان ينظر إلى قول الشاعر: 
إذا رضيت عني كرام عشيرتي 
فمازال غضبانا علىّ لثامها 
أما التأويل الذي يسوقه الشيخ ناصر فهو داخحل ضمن كلام القوم البعيد. 
(2) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


المحبٌ المخاطب): 

قال: [28و] 

4 - فقالت: هوى غيري قَصَّدتٌ ودونه اق تَضَدْتٌ 2 عن سواء مححختى 

يقول: لما قصصت لها أحوالي في الحبّء. وقسمت لها به في صدق مححيّتي لهاء 
وأخبرتها ما أصابني قالت: انتبه فإنّك لو نظرتَ نفسك وأحوالك؛ وعرفت طرق المحبة 
وصحّتها لنظرت أنك قد صاحبتٌ غيريء وكل ذلك إِنّما هو لغيري لا لى أناء وهو نفسك» 
وإن فنيتها فإنما هو للدّة وقعثُ لك في نفسكء وكلما انتهيت إليه رُمْتَ به نيل نهاية ما 
اشتهته نفسكء وهذا هو الطور الأول الحتي, فافهم. 

قال: 

5 - وَغَرَكحَتَى قلسّماقّلت لابساً ‏ به شَيِْنَ مين لبِسٌ نفس تحتنت 

يقول: وقالت لي: وغرّك بعد معرفة ماهية حقيقة المحبة لنا عنك حتى قلت ما قلته من 
معاني هذه الأبيات» وهو شين في حقّنا وَمَيْنّ أي غير صحيح في صحيح محيّتنا لبست عليك 
نفسك التي تمنّتء ولو انكشف لك الحق في صدق محبتك لنا لعرفت نفسك أنّك جئتنا لابسا 

قال: 

توق التي الأوطار آنتتيك طامنا ,قسن “قدت «طووه ميدن 

يقول: وقالت: وأمسيت طامعاً في أَنْمَسء أي أوسع. الأوطار: الحوائج المهمة؛ بنفس 
تعدّت طورها: أي جاوزت مرتبتها في مطلبها فتعدّت. أي جاوزت الحدٌّ. أي جنتٌ تطلب 
مرتبة عظيمة بنفس هى بعيدة التناول منها فتعدذت بهذا الطلب. 

قال: 


7ه فذكيف , بحي وهو لح 97 خلة تفوز بدعوى» ومو أقبح خلة 


(0) يريد ب[شين مين] سوء الكذب. 
(2) في الديوان: [وكيف] بدل [فكيف] و[هي]بدل [زهو]. 


يقول: وقالت: فكيف تطمع بحتّي» وهو أحسن خلة -بضعٌ الخاء-. أي وهو أعظم 
والدعوى أقبح خلّة. أي صاحبء أو أقبح خصلة, أو أقبح خلل في الحبّ. 

قال: 

8 - وأين الشّها من أكْمَهعَنْ مراده سَها فا لكن أمانيك غَرّت 

يقول: وقالت: وأين السها: وهو نجم من بنات النعش, عن أكمه: وهو المولود أعمى. 
عن مراده: أي عن النظر إليه» سها: أي غفلتء عمها: أي بقيت متحيرا تائهاء ولكن غرّتك 
أماني نفسك فلم تنظر إلى حقارة منزلتك. وإلى عظم درجتي التي جلت عن أن توصف 
بالحسن المعروف مع الناس. بل لها الحسن المطلق الذي لا يعرفه إلا هو جل وعلا. 

قال: 

8ك نقيت تقاف قط كلك دونه على قَدَّم عن حَظها ما تخطت 

يقول: وقالت: إِنَّك قد قمت مقاما خط قدرك عن بلوغ هذه الدرجة التي طلبتهاء وقد 


ع # 


أبدا. 

وهذا مقام منزّه عن مشاركة أحد من الخليقة فيه» فلا يصلح إلا لمن فارق كل شيء 
ما سواه؛ فلا يشاركه حتى يلحظه خاطر من نفسه لنفسه. ولا لغيره. فأين أنت عنه؟ وأين 
الواصل إليه بهذه الشروط؟ 

قال: 

0ه - وَوْمْتَ مراماً دونه كم تَطَاوَلَتُ 2 بأعناقها قوم إليه نَجَُدَّتَ 
يقول: وقالت: ورمت: أي طلبت مطلبا دونه أي دون هذا المطلب لأنك أنت 
[تطلب]!!» الحضرات المطلقة. وغيرك2؟ طلب الحضرات المقيّدة» وتطاول بعنقه إلى 
نيل حضرة منهاء فجذت: أي فقطعت, وهذا حال من طلب بالتمنى» أو طلب من غير 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


أبواب الدخول. وذلك حال من طلب السلوك إلى الله بطريقة المحبة في تصوّفه. ولم يدر 
الأبواب فلم يقدر على الولوج. 

قال: 

1 - أنِيتٌ بيوتاً لم تُتَلْ من ظهورها وأبواها عن قَرْعَ بنك سُدَّتٍ 

يقول: وقلنا له: أي قالت الحضرات للذي طلب حيّنا وتجلينا عليه؛ وتطاول بعنقه إلى 
الوصول لحصن منيع عزيز النَّيل: [28ظ] أتيتَ بيوتاً: ضَرَبٍ مثلاً للحضرات الإلهية؛ لم 
تنل من ظهورها: أي من أطراف أسوارها وجدارها من أعلى ومن أبوابها قد سَدَت عن 
مئلك» وهو خطاب للذي لم يبلغ درجات المشاهدة بالتجلّيء وهم الذين جُذَّت أعناقهم 
عن الوصول إليها. 

قال: 

2- وبين يَدَيْ نَجُواك قَدَمتَرَخْرُفاً ‏ ترومٌُ به عِرَّا مراميه عَرّتِ 

يقول: و قب له افا للذق تدك ضف وقدَّمتَ بين يدي نجواك زخرفآء تروم: أي 
تطلب به عرّاً لمحبتناء عرّت أن تنال بما قدّمته وظدنته مَنْحاً منك لناء وإخلاصاً في محبتناء 
وهذا البيت والذي قبله ليس هما خطاب لهذا الفاني بحتّه؛ لأنه إذا كانت الإشارة إلى 
السلوك المحمدي فلا يليق هذا الجواب بمقامه. ولكن هذا في خطاب الفاني بحبه. 

قال: 

3 وَجِنْتَ بوجه أبيض غَيْرَ مُشْقطٍ ‏ لجاهك في ذَارَئِْكَ خَاطِبَ صَفُوتي 

يقول: قالت: رمت مراماً عزيزاً عظيماً بدعوى من محبتك لي. وإنَّك قد أبلاك الحب 
فأضناك وجئتنا بوجه أبيض. 

ومن علامات أهل البلاء والنّصَب تسوّد وجوههم من قوة أثره فيهم» وأنت غير كتيب 
ولا حزينء بل جئتٌ بوجه فرح غير مسقط لجاهك. أي تطلب لنفسك الحظ بهذا الحبّ 
والراحة واللدّة في داريك: دار الدنيا ودار الآخرة» وهذا معنى قولهم: إن بعض الناس 


يعبدون الله تعالى خوفاً من النار طمعاً فى الجنة!!). وهي المرتبة الأولى» وهى مرتبة عامة 
المؤمنين» وبعضهم ليعطي الربوبية حمّها من عبوديته له لا لخوف من نار ولا لطلب جَنَّهَ 
بل لا يحب إلا رضاه. وهي المرتبة الثانية»؛ وهي مرتبة العلماء أهل الشريعة الذين هم 
كذلك صفاتهم, أو العباد القفاصدون كذلك. 

وكأنَ جميع ما مضى من النظم إشارة إلى المرتبة الأولى» ومن بعد جواب الحضرة 
إشارة إلى المرتية الثانية» والمرتبة الثالثة كذلك مثل الثانية لكن باستغراق الفكرة 5 في حب 
الله حتى تفنى إرادتهم ومحبتهم وفكرتهم في حبّ الله وإرادته. وهم أهل التصوّف2), 
فافهم. 

قال: 

4- ولو كُنْتَ بي في ُقّْطة الباء حَفْضَةَ رُفمتٌ إلى ما لم تَتَلّه بحيلتي'”) 

5 يحيك ترئ أن لأ خوئ هنا عددته وأنَْ الذي عددته غير عدّتي" 

يقول: ولو كنت بي: أي لو عرفت أن جميع ما بك من حبّ ولذة به» وما ذكرته من تصبّرك 
على بلائه» وتيسّر الفناء لك الذي أردته. وانبعاث إرادتك إلى طلب ذلك رأيته أن ذلك كله كان 
فيك ومنك بي؛ أي مني» وبإعانتي لك» وهو معنى قوله: : ولو كنت بي من نقطة الباء خفضة؛ أي 
معنا بوه ورأرة كل شويبي» وقد ذكرنا بان معائ :ذلك صر الكنات» 

وفيه إشارة إلى الاستعانة للمكاشفات بالاسم الخماسى المخصوص للمكاشفة 
بخاصية فيه كذلك. وفيه إشارة إلى باء [بسم الله الرحمن الرحيم] وإلى أنه باء استعانة» 
استعانو به باسمه القاصدون إليه» فاستعانوا بالله» وبالاسم الأعظم لوصول أعظم منزلة 
عظمت في قلوبهم, فعلموا أنّها لا تنال بالاستعانة بالاسم الأعظم عليهاء فلو عرفت أن 
ذلك كله بي» ومني. واستعنت باسم الله على ذلك لعرفت الحقيقة» ورفعت إلى المقام 
(1) وهذا هو الذي حاولت رابعة العدوية تجتّبه بغية الوصول إلى مرامهاء ويتجلّى هذا في قولها: «ما عبدت الله خوفاً 

من الله فأكون له كالأمة السوءء إن خافت عملت» ولا حباً للجنة فأكون كأمة السوء إن أعطيت عملت؛ ولكتي 

عبدته حبا له وشوقاً إليه»» ينظر موسوعة الحفني. ص232. 
(2) هذا هو منتهى مقصد الشيخ ناصر تتائة للوصول إلى هذه الدرجة الرفيعة» وهي درجة قليل واصلها. 


(3) في الديوان: [ بحيلة ]يبدل [ بحيلتي ]. 
(4) في الديوان: [أعددته] بدل [عدّدته]. 


الذي طلبته. وأما أنت فنظرت كل ذلك أنه كان منك لناء وأنه إخلاصٌ فى محبّتناء وحسب 
بعدده إلينا تذكرنا به كالمستكثر ما أهداه» وصحيح الحبّ أن لا يرى نفسه. ولا ما أصابه 
شداء وال ترق عند ورلا ناو شدنة[8دو] ولو فى هدوذراك الوجردوفتاء الضاف وعدي 

قال: 

6 - وَنْهْسحُ سبيلي واضحٌ لمن اهتدى ولكتها الأهواء عت فأعمت 

يقول: وقالت؛. أي الحضرات الإلهية لهذا المحبّ الفاني حته فيها بقوله: ونهج. أي 
وسلوك طريقي واضح لمن اهتدى أن صحيح المحبّة من المحبٌ لمحبوبه هو أن لا يطلب 
له لنفسه حظأ أبداء ولكن ما الأهواء» أي محتّات النفس لحظوظها عمّت عامة الخلق 
فأعمت فأسترت طرق الحقّ عليهم. 

قال: 

م 2 2 52 

7 - وقد آن أن أبدي هواك ومَنْ به ضناك بما ينفي ادّعاك محبّتي 

يقول: وقالت: وقل أن 0 حضر وفت إبذاء. 5 إظهار هواك. ومزيد ضناك» أ 
تعب حك بما ينفى ادعاك محبتىء وأنّك فى الحقيقة محبٌّ لغيري. 

وقال: 

8 - حَليفٌ غَرام أنتّ. لكن بتَنْيِه وإبقاك وَضْمَاً مك بعضٌ أدلتي 

يقول: قال: نعم أنت حليف غرام» أي شدّة حب لكن بنفسه. أي لكن أنت محبٌ 
اناف لأترف :ظليت البعنت: للذة تريوقا الشمكام و ابقاكه وه عقن أدلى انلف مث 
فتك لاتق تذعر ما أضصابك مو اللا والضاء والقاةء وقظر لقيك أفعالاً وميا 


استكثرتهاء ولم تنظرها إلآ منك. 
“+ 6 كا 


(1) في س: [وقد]. 


الباب الخامس 


في إخلاص المحبّة للمحبوب. وتجريد النفس عن الأغيار. وعن النفس براية المحبة 
الإنهية والمكاشفة للحضرات الإلهية الجميعة بالطور الثاني الحبّى. وبيان تجلّى [بالحاء 
المهملة]'!) الذات الإنسانية بصفات الله تعالى بلسان المقام الأحمدي 000( 

قال: 

9- ولم تَهوّني مالم تكن في فانياً 2 ولمنَفْنَ مالم تُجتلى فبك صورني” 

يقول: وقالت الحضرة الإلهية بلسان حالها: لم تهوني, وأراد معناه الذي هو الحبّء 
أي لم تحبّني ما لم تكن فيّ فانياً لا فيك» وأما أنت الآن في مرتبة المحبّ لنفسه؛ لأنّ كل 
[م1]" لَّحقّك من تعب الحبّء وتحمّلت شدائده فإنّما هو حب لنفسك؛ لأنّه لأجل بلوغ 
ما أحيّته نفشك. 

وأما محبتك لي هو أن يكون حبك لا لأجلك. ولا لأجل شيء غيريء فانياً عن كل 
شيء [هو]”؟ غيريء ولم تَمْنَ ما لم تجتلٍ أي تظهر فيك صورتيء أي صفاني» وذلك معنى 
قولهقتة: «إن [الله]”) خلق آدم على صورته»؛ ظَنَّ كثير من الناس أنه خلقه على صورته؛ 
أي على صورة آدم [التى هي صورته. أي آدم القننة:]). ولو كان المعنى كذلك لكان هذا 
من تحصيل الحاصل”). 


(1) ما بين المعقوفين موجود في الأصلء. وليست زيادة من المحقّقء وكذا كل ما سيأتي إلا ما نْبّه عليه. 
(2) في الديوان: [مالا] بدل [ما لم]. 

(3)ما بين المعقوفين زيادة من عندنا يستقيم بها الكلام. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(5) ما بين المعقوفين ساقط من س. 

(6) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 

(7) مر تخريج الحديث. 


215 


نسساق: 


إذ كل شيء خلقه الله على صورته ليس آدم ولا ذريته مخصوصون بهذه الخاصية. 
وإنما المعنى هو ما أشار إليه الناظم؛ لأنَّ العلم بالله تعالى» والعلم بذات المرء التي هي 
روحكة ا ونشسة وعفلة قاطي المرء المكافتك أن للكاتا له تو ]210 يمرك نذانه 
الهو وإن لك :ذانا روخافة» ولك 'لا ترئ ؤلا يعرقها ]لا الله تغالى» وذات للم 
افا الله تعالى!* التي هي أسماء ذاته: سميع» بصيرء قدير لم يزل متكلماء وأنت من 
أسماء ذاتك: سميعء بصيرء قديرء متكلّم. والله يريد» وأنت تريد, والله يفعل ما يشاءء 
وأنت لك اخختيار في القدرة: لا في التفويض تفعل ما تشاء في بعض الأمور. وستى الله 
تعالى لمظاهر فعله كما فى مظاهر تمل دات الشرء #تعظما لشأت المرء 0 
هسم حرشا إن لَه سي به بَصِيِرٌ 2704. وقال تعالى: #إتجرى ب عي 40#. وقال: سَلمُ مولا 


عي حمسي مسي عليه 


مَن رب بَحيِمٍ ١#‏ ”» وقال: ##يد د أله هوق أَيدِيِيم #" » ومظاهر أفعال ذات الإنسان [29ظ] 
الأذن للسمع والعين للبصرء واللسان للقولء واليد للقدرة» ومعلوم أنَّ الله تعالى لا 
يوصف بالعين» ولا بسمع الأذن. ولا النطق باللسانء ولا اليد التي هي الكف. وكذلك 
ذات المرء ذاتها قادرة» وسميعة» وبصيرة» ومتكلمة» وإِنّما هذه مظاهرها في هذا الهيكل 
الإنساني. وكذلك كل شيء من جميع الوجود هو هيكل كلي لمظاهر فعل ذات الله فيها 
وبهاء فكلها سممٌ له. وكلها كلام له. وكلها بصرٌ له. وكلها ظهور قدرة له؛ فكل شيء 
مك الهو سح رد حازم وسيم :اضر رقا لاوإر كات ران ذال وج 
الحال: وَتضّر التحال» والقذرة على ذلك تدلذلة الحالة فإنها شعن أخطات الله :وترئ 


(0)هابين المعقوفين ساقط من س. 

(2) ذات الله سبحانه عند القوم غيب الأحدية» لا تُدرى بمفهوم عبارة» ولا تُفهم بمعلوم إشارة» وليس لذاته في 
الوجود مناسب ولا مطابق ولا مناف ولا مضاد. ينظر موسوعة الحفني». ص 2753 وفرّقوا بينها وبين [ذات إلهية] 
وهي من مراتب الوجود المعتر عنها ببعض وجوهها بالغيب المطلقء وبغيب الغيب لصرافة الذات المقدسة عن 
سائر النّسبِ والتجليات؛ ينظر موسوعة العجمء ص358. ونرى الشيخ يترّيث. ويدقّق في كلامه كلما استقبل 
جديا متملقا بالتدق اله توف] من وبورعا. 

(3) المجادلة, الآية 1. 

(4) القمرء الآية 14. 

(5) يسء الآية 58. 


(6) الفتح. الآية 10. 


أمره» [وتذعن لأمره لقوله تعالى: #لَوْ أل مَدَاالُْرََانَ عَلَ جَبَل لَرَيتَهُهْ حَشِعًا مُتَسَدعًا 
مَنْ](') حَسْيَةَ آنَّهِ 28#). وكذلك أنت لك هيكل هو مذعنٌ لأمر ذاتك يسمع خطابها 
فيتحرك بإذنها وأمرهاء ويسكن بأمرها من غير أن يأمره بحرف ولا بصوت. فإذا تجلّت 
صفات الله كلّها فيك فالله عادلٌ في ملكه. فكن عادلاً في ملكك الذي هو هيكلك. والله 
كاملٌ في كل أمر ونهي وتدبير [فكن كاملاً في كلّ أمر ونهي وتدبير» ولا كمال إلا أمره 
ونهيه وتدبيره فاتبع أمره ونهيه وتدبيره] والله منرّه عن كل ما لا يليق بصفاته لذاتهى 
ولأفعاله» فكن أنت منرّهاً عن كل ما لا يليق بذاتك من صفاتك وأفعالك. ولله الضَفات 
العليا فاصقل مرآة ذاتك حتى تتجلى فيها علم صفات الله تعالى فكن حليماً؛ حكيماء 
سميعاء بصيراء علياء قَوَيأ عليماء شكوراًء إلى غير ذلك ممّا يمكن أن تتخلّق بمعناه من 
معاني أسمائه. والله يرى كل شيء في الوجود هو تسبيح الله» ويسمع تسبيح كل شيء. 
فاخرق حجب الأشهاد حتى تنظر كل شيء يسبّح الله» ويحمده. ويشكره. وكل جزء من 
أجزائك» وكلّ قرّة من قواك فيتحد [علمك]*) بالوجود» وعلمه بما علمت أنت علما 
واحدّء ويتّحد حينئذ كمالك بكماله في علم ذلك على التخلّق بالكمال في كلّ شيء؛ 
لأنَّ أصل كمالك أن تكمل ببعض”” كماله ولا يصمٌ إلا الاتحاد بأن يكون كمالك في 
العلم به هو كماله في العلم» ويكون كمالك من كماله؛ لأنه لا يصحّ أن يختلف علمك 
به وعلمه بنفسه في ذلك العلم الذي علمته. وأما أنه هو أعلم بما لم تعلمه فهذا لا 
يخالف كمالك كماله؛ لأنَّ ذلك لم تعلمه؛ وإِنّما يخالف كماله كمالك. وكمالك كماله 
في العلم به. وفي مشاهدة الوجود إذا كان علمك به بخلاف علمه بنفسه. وهذا باطل لا 
يصمٌ. فإذا رأت نفسك الوجود. ونفسك كلها تسبيح, بعين المشاهدة. واخترقت الشهود 
بالنظر فيهاء أوليس فيها إلى صفات المشهود في كل ذرّة. في كل لحظة صار نظرك. 
ونظر الله إلى ذلك» في ذلك واحدء وقد اتصفت ذاتك بصفاته إذا كانت ذاتك في غاية 


(10)مابين المعقوفين ساقط من س. 

(2) الحشر. الآية 21. 

(3)مابين المعقوفين ساقط من س. 

(4) في الأصل و[س]: [عملك]. وجاء في هامش س: العله عملك. وأثبتنا [علمك] لتلاؤمها مع السياق. 

(5) في س: [بعض]ء وهو ما لا يجوزء إذ يفهم منها أن كمال السالك يكمل كمال الخالق وهذا ما يفهم منه تقص 
كماله تعالى الله عن ذلك علو أ كبيرء وجاءت نسخة الأصل لتضع الأمور في نصابها. 


الجمالء والكمال فى كل شىء. وحيتئذ تجلت صفات الله فى ذاتك. وكنت مرآةً لتجلى 
صفاته. ورأيت نفسك وجميع الموجودات مرآةٌ لتجلي الله» فقد صار علمك في جميع 
الوجودء وصار الوجود تحت دائرة ملكك؛ وكنت المتصرّف به بالعلم؛ وكله ملك لك 
إذ لم يُخلق إلآ لأجلك لتراه كذلك» وقد أحطت علماً بجميع الوجود. وإذا كنت تراه 
0 ع جورت رما 1 
إذا أضاءت بكمال الله وجماله وجلاله» وتخلقت بصفاته. ولا تضىء إلا بأنوار [30و] 
العلم بالله» وبأنوار محبّة الله يتجلى من عين'!' روح المرء المقابلة لعالم الغيب فيحترق 
بها عيني النفس عالم الشهادة والملكوت والجبروت حتى يلتقي نظرها هي والروح 
إلى عالم الغيب. فانظر إلى عظمة نور علمه بذات المرء»ء وإلى كرامة الله للإنسان» وإذا 
تجلّت عليها صفات الله تعالى والعلم بالله» والتكمّل بكماله صارت باقية خالدة لا يفنيها 
الموت. وإن ماتت وصار كمالها يلا نهاية؛ لأنها ترى الله تعالى أنْ كماله”) بلا نهاية؛ 
الله الذي هو غير مخلوق؛ فلأجل ذلك استحق ى أن يكوت مخلّداً في التعيم الخالد أبد» 
لأنّ ذلك الكمال الإلهي هو يبقى فيه أبداء فلو نظر الإنسان إلى عجائبه لكان هو الآية 
الكبرى في الوجود. وأنْ جميع الوجود يمكن أن يكون ملكا له. ويكون هو في الأرض» 
والسموات» والعرش. واللوح. والملكوت والجبروت بالعلم» كما أن الله تعالى في 
السمواتء. والأرضء أي علمه. ويكون علم الله في ذلك هو العلم به هو علم عبده 
هذا المكاشّف الذي كاشفه. ويكون الله فى السموات والأرضء وعبده فى السموات 
والأرضنىة وله قلك] لسع نوالا رشي وعينة 11123 7االف لمر ادو ل عن نين 


)فوس [غير]: 

(2) عالم الشهادة مرقاة إلى عالم الملكوت. ويعبّر عنه بالدين؛ وبمنازل الهدى. أمَا عالم الملكوت فللعبد فيه اختيار 
ما دام في هذا العالم. فإذا دخل عالم الجبروت صار مجبوراً على أن يختار الحق. وأن يريد ما يريد. ولا يمكنه 
مخالفته أصلا. ينظر عنها موسوعة الحفني. ص703,. وموسوعة العجم. ص 601) وما بعدها. 

(3) في س: [كمال]. 

(4) مابين المعقوفين ساقط من س. 

(5) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


غير تشبيه في شيء» ولكن هذا هو عين التوحيد. لا عين التشبيه لتعلم أن الله غنيَّ عن 
السموات والأرضء وإِنّْما كوّن'') الأكوان لأجلك, لأجل العلم به. ولا يصحّ أن يختلف 
علمك به الذي تجلى به في السموات والأرض. وكشفه لك عن عمله بذاته وبصفاته. 

وليس المقصود من كلامنا هذا أَنّكْ تكون عالما بجميع علمه بالسموات والأرضء ولا 
علمه بكل ما أودعه في ذلك من العلمء بل المقصود العلم بالله تعالى لا غير. 

والعلم الذي علمتّه أنت. لا العلم الذي خفي عليك. فالعلم الذي علمته أنتَ من العلم 
به هو الذي لا يختلف. والكمال الإلهي هو كمال صفاته. وأفعاله» وكماله أنت هو العلم به 
بكماله وبصفاته» فصار كمالك كماله. ونور علمك به الذي نقّبٍ العوالم كلها هو من نور 
علمه به فإذا صرتٌ هكذا كاملاً فى كلّ شىء فقد تجلّت صورته فى صورتك. أي صفاته 
فى #اللتموشو لدي اررق لاطت وود كرود باعل لكو القرل فى هذا المعو رن ناا 
يتضح لك فتسيء إِمّا به. وإمَا بنا ظنّء فافهم ذلك37). 

قال: 

0 - قَدَعْ عَنكَ دعوى الحبٌ واد لغيره فؤادَك وادفغ عنكُ عَيِّكَ بالتتي 

يقول: وقالت: فإذا كنت على هذه الصفة» وأنت تدّعي أنّك محبٌٍ لنا فَدَعْ عنك هذه 
الدّعوى» واصدق القول هو خير لكء وأمًا انظره بالكشف إِنَّه صحيح. 

لغيره: أي لغير الذي ادّعيته أنّه إليه فؤادك, وادفع عنك غيّك: أي زيغك عن طريق 
الحبّء بالتي هي أحسن حتى تظفر بمنهاجه وتأتينا منه» وهو أن لا تُرد به لنفسك في شيء 
فخ الأخوال أسلف واذالا .ب تيك | ماد فعياة أن قرف عند سحي وولؤ توا »وهو الطوق 
الثاني من الحب. 


وهذا آخر بيان الطور الحبّى الذي هو من أوله إلى آخره فى الحقيقة يطلبه المحبّ 


(2) يلاحشظ هذا التوقى :وال عراز لتلا تدش الوحتدانية الصافية:'وهوما أخرنا اليدسابقا. 
(3) هذه إشارة ضرورية من الشيخ ناصر لثلا يقع القارئ في الوهم. ويظن الظنون. فالكلام يحتمل وجوها يحرص 
الشيخ على توضيحها جميعا خشية التوجّه إلى وجه واحد. 


لأجل حبه لنفسهء وللّذة يريدها منهء وبهء فافهم ذلك!!). 

بيان في الطور الثاني الحبّي وبيان مراتبه ودرجاته: 

اعلم أنَّ في هذا الطور تحيل المحبّة المحبّ!2) إلى وجه المحبوب من الحضرات 
الإلهية من أوَّل طوره إلى ثانيه ووسطه بسبب فنائية الأحكام الامتيازية عنه» فإذا أفاق 
من سكره الأول الذي هو آخر الطور الأول. وانكشف له صحة ما نادته به الحالة الدّالة 
عليه [30ظ] على صدق المحيّة كما قد عرفته بعض الحضرات الإلهية التي تجلت له. 
وسكر بهاء أصبح معاديا نفسه وجميع حظوظها ولذّاتها المتعلقة بغير المحبوب فيراها 
حجبا مانعة عن كمال الصفاء المؤدّي إلى وصال المحبوب» فيقول: سبحانك قد وجب 
علي أن أنرّهك عن مشاركة غيرك في حبّك. ما أكبر ضلالي فيما كنت أراه أنه حب لك» 
نقد تك إليك:عن: طنب لذة قبى)» :وعن'طلب شىء لأخل تس :وعدا الطون ايضا له 
[ثلاث]1") مراتب: حكم له مبدأء له حكم ظهور علوم يحكي واليانات: وفراسات. 
وأسرار عرفانية. 

شيان: 

وحكم وسطه مكاشفات» ومشاهدات إلهية ربانية» ومعاينات حقانية. 


وحكم آخره فناء في فناء عن كل قيدء وما يقابله من الإطلاق وغيره؛ أي فلا يدري 
[ أن ]41) في حكم الإطلاق» ومحو 2 تجلي وجوب وجود الذات». أما تجلي الذات 
فمحال ولكن تجلى وجوب وجود الذات. ثم يترقى الحبّ [بالمحبت]! من كثرة نسبتّئ 
المحبّة والمحبوبية. والظاهرية والباطنية إل وحجدلة المحبٌ الموجود إياهماء وحكم 


(1) في س عبارة تأني بعد [ذلك] هي: [المحبٌ إلى وجه المحبوب] ولعلّها مقحمة إذ يتتهي هنا الطور الأول ليبدأ 
الثاني كما في الأصل . 
(2) في س: [إلى المحبٌ]. 
(3) في س: [ثلاثة]ء وفي الأصل: [3] هكذا. 
(4) ما بين المعقوفين ساقط في س. 
(5) في س: [بالمحيوب]. 
20 


الحضرة الجمعية الذاتية» أي تجلّى وجوب وجود الذات فتشغله عين الحبّ عن كل 
الأشياء إلىَ]1''؛ يشير إلى عين هذا المقام؛ والطور في الحبّ الوصفيء وقال مجنون7): 
[شغلنر حيّك عنك]. 

وقال بعض قومنا: إِنَّ الفناء له ثلائة وجوه: الأول: الوصفى. والثاني: الأثري, والثالث: 
الع: للك 


وطريق التحقّق! بالفناء الأول الوصفى هو التحقّق بالمراتبء والمقامات,. والأحوال 
الإسلامية» والإيمانية كالتوبة يمحو بها كل ذنب حتى يفنىء ولا يبقى [منه]) له بقية» 
ثم المحاسية. والمراقبة» والمجاهدة» والورع. والإخلاص. والصدق. والزهد. وتحقق 
دقائقهاء وحقائقهاء وخفاياها. 

والوجه الثاني الفناء الأثري» وهو فناء الصفات الأصلية عن المحبّ بباطن التحقّق © 
بمقام الثقة» والتوكل؛ والتسليم. والتفويض. والرضاء ومحقّقاتهاء ومتمّماتها. 

وأمَا [الفناء] الثالث العينى هو استهلاك المحبة. والإرادة» والمشيئة» واتخاذهما 
بمشيئة الله ومحّته» وإرادته فلا ينظر لنفسه حت شيء. ولا بُغض شيء أبداً إلا ما أحبّهى 
ولاخ ةلد لاعن وها أزاذف.وشاءه وأحته. وفناء مشاهدته فى الحضرات الرحمانية. 
والإلهية فلا يريد إلأ وجهه. ولا يرى إلا وجهه. أي وجوب وجود ذاته. فيكون كما حكي 
عن النبى 265): «فإذا أحبيته كنت سمعه؛ وبصره. وعقله. فبى يبصره وبى ينظرء وبى 
يسمع. وبي يعقل» وبي يبطش». 


(1) ينظر عوارف المعارف. شهاب الدين السهرودي. ص 239. 

(2) المجنون هنا الذاهل عمّا حوله يسيب التدله بالحب الإلهى. والانشغال بطلب المقامات. 

(3) توقفنا عند الفناء فيما سبق. ويفصّل الشيخ ناصر هنا الحديث عنه. وعن وجوهه بحيث يصل بها إلى سبعة. 
(4) في س: [ال2 لتحقيو ل 

(5) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 


: ١] احعنان‎ 


وأقول 5 الفناء على سبعة وجوه.ء وإليها إشارات رموز الناظم بالفناءء والنحول» 
والتلاشى كما ذكرناه؛ وقد ذكرناه أولآء وإليك تفصيل الفناء أيضاً فنقول: 

الأول: فناء اتباع النفس هواها بالتوبة» والتخلص من كلّ ما فعلته محرّمً2» أو 
تركت واجبا محواً كليا حتى يتخلص من كل ما عصى الله فيه؛ وفيه فناء الخروج من 
المكروهات. 

والثانى: فناء صفات النفس الذميمة. 


والثالث: فناء النفس في القيام بجميع الواجبات» ويلحقها المندوبات» والإخلاص في 
ذلك. وفناء كل ما يليق بها في العملء وواجب تركه منهاء أو مكروه؛ واستتمام كل شيء 
من ذلك بتمام الإسلام» والإيمان» والإحسان.» والورع. والزهد. 

والرابع: فناؤه في استتمام الرّضاء والتوكل» [31و] والتفويضء والرضاء وما أشبه ذلك. 

والخامس: فناؤه فى الّضاء والتسليم. وما أشبه ذلك. 

والسادس: فناؤه فى المحبة. والفكرة. والمحتّة. والإرادة. والمشيئة. 

السابع: فناؤه في مشاهدته لحضرات الله تعالى» وفناء كل حضرة!؟) تخطر بباله سوى 
الله تعالى» وما يحبّه له أن يخطر بباله. 

ولعلّ هذا المقام لا يصله دائماً إلا الملائكة» والأنبياء» وأعظم الخلائق حضوراً مع الله 
تعالى؛ وأشدّهم مشاهدة لربّه النبئ عْيَك وأمَا على غير الدوام فإِنْ الأولياء تجلي حضرات مع 
ربّهم, [ولعل]* أهل العلم بالشريعة» والحقيقة» والتصوف يجعلون أوقاتا لله تعالى يناجون 
ربّهم فيكاشفهم الله تعالى بما شاءه من حضراته. و[وأما النبي 6 فقد أخبر عن نفسه فقال: 


(1) مابين المعقوفين ساقط في س. 

(2) في س: [محرمات. أو ترك واجبا... إلخ]. 
(3) في الأصل و[س]: [حظرة]. 

(4) في س: [ وبعد]ء ولا معنى لها. 


تنام عيناي ولا ينام قلبي ]!'). وقال ثت: [وإني ليغان على قلبي حتى لا ينام وإن نامت عيناي] 
2 وقال النبي 8: [ما فضلكم أبو بكر بكثرة صوم. ولا صلاة» ولكن بما وقر في قلبه]!2. 
وقال النبي ف حاكياً عن الله تعالى إِنّه قال في كلّ سالك لله إلى هذا المقام الأعظم الحبّي 
الفنائي: [إِنْه لا يزال عبدي يتقرّب إلى حتى أحبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به» وبصره 
الذي يبصر بهء وعقله الذي يعقل به. ويده التي يبطش بها]ء ومعي!' أنْ مراده سبحانه وتعالى 
أنه يكون ذلك كله بمحيّة الله» أي على ما يحته مته؛ لآنْ حركات العبد إِمَا أن يكون بمحبة 
نفسه. أو بمحيّة الله تعالى. وكذلك”) سكناته. فإذا كان على غير ما يحبّه الله فليس ذلك 
بمحيّة الله. وإن كان على ما يحبّه منه في كل حركة. وسكنة منه فهو بمحيّة الله تعالى؛» وإذا 
ثبت أنه بمحبته لله صار به يسمع, أي لا يسمع إلآ ما يحبّه له سماعه. وكذلك النظرء والعقل 
فلا يقبل عقله إلا ما يحبّه له أن يقبله» وكذلك البطشء والحركات» والسكنات. ولمًا كانت 
الحضرات لا تتجلى تماماً التجلّي الإطلاقي ما كان المرء فى حين استغراقه وفناء حبّه فيها 
إلا أن يتجلّى في حين ذلك كلّ خطرة تخطر بباله؛ لأنّه متى كان في قلبه ذكر شيء فلا شك 
أنّه [فى حين ذلك]©) محجوب عن المشاهدة لقوله تعالى: # مَاجَعَلَ اله لجل من قبن في 
جوف 2704, ولكن مع قرّة الحبّ وإن كلم الناسء وكلموه. فإنَ قلبه» وذكره لا يحول عن مَنْ 
يحتّه. هكذا المعروف حتى في الناس بعضهم في بعض. ولمّا كانت الحالة منبئة عن المقام 
الأعظم المحمدي» وهو المقام الأعلى من مراتب المقام السابع من الفناء'؟؟ مع حضوره في 
المقام السادس. والخامس. والرابع» والثالث فهو في مقام الجمع 7 وفي كل مقام فله 
(1) ما بين المعقوفين ساقط في سء والحديث في صحيح مسلم. رقم 763. 
(2) صحيح مسلمء الحديث 2702. وإحياء علوم الدين. الغزالي؛ .311[١‏ 
(3) الحديث في صحيح الترمذي في النوادر» وينظر إحياء علوم الدين؛ الغزالي» 231١‏ ففيه الحديث وتخريجه. 
(4) في س: [ومع]؛ ولعل معناها: ما أراده. 
(5) في سن:اتكررت [وكذلك] مدّتين: 
(27) الأحزاب. الآية 4. 
(8) وهي الوجوه التي تحدّث عنها فيما سبق. أي وجوه الفناء السبعة. 
(9) مقام الجمع هو مقام مَنْ غرقوا في بحار الأحدية» ولم يشهدوا سوى ذات الله تعالى الأحدية التي هي كالبحار» 

وهو مقام عالء مرتفع المنزلة» ينظر موسوعة العجم. ص923. 

223 


على الدرجات. مع أنه في [الطور الثالث في كل]'!' مقام؛ لأنّنا قلنا إن جميع أعمال العباد 
لله بطرق الإخلاص هم على ثلاثة أطوار خافوا من النار» وطمعوا في الجنّة!©. 

وطور تحققوا الأمر فهم يعبدون لأداء حقّ الربوبية من عبوديّتهم لله. 

وطور كذلك. ولكن مع قوّة الحضورء والمشاهدة لله بصفاته. وفناء إرادتهم» ومحبتهم. 
ومشيهم إليه. 

وطور هم كذلك. ولكن جذبوا إلى الله فأريد. وأقبل أن يرادواء وهذا هو المقام 
الأعظم في كل مقام. وفي كل حضرة من حضرات الله تعالى. 

واعلم أنَّ حضرات القرب من الله تعالى تختلف» وبعضها أقرب من بعضء والحضرة 
التي هو طلب وصالها إلى الله من التي هو فيها. 

فالأول مرية سحت لفسهة وهذا [831]مزيد :فحت لتحيوية» لآ لنسة: 

والغالة!0 الآنية بعد هذه. مراد مجذوب محبوبء وهو الطور المحمدي الحقيقي» 
فافهم [ذلك]01. 

قالت الحالة المنبئة عن هذه الحضرة الثانية عن هذا" المقام المحمدي. وأنَّهِ مَنْ كان 
كذلك مع الله فهو قليل في حقّ واجب الله جل وعلاء فقالت منبئة عن الحضرة المتجلية 
لهذا المحبّ الفانى في حتّه إليها بلسان الناظم. 

قال: 

1 - وَجَانبُ جَنَابَ الوَضْلء هبهات لم يكن ١‏ وهاانتٌ ححيٌّ إن تكن صادقاً مت 

يقول: وقالت الحضرة: وعلى أحوالك هذه فهيهات أن تصل إلى بصدق المحبة» إذ 
ليست كذلك صححة صدقهاء فابعد عن جنابي جانباًء فإنَّ الوصل بهذه الأحوال لم يكن 


(1)مابين المعقوفين ساقط من س. 

(2) وهو أدنى الأطوار وقد مر بنا حديث رابعة. 

(3) سقطت الحضرة الثانية من الأصل و[س]. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل والزيادة من سء ومرّ شرح [المريد] و[المراد]. 
(5) في س: [هذه]. 


214 





أي لم يحصل كونه؛ وها أنت حي بإرادتك المّحيَّهٌ منكٌ لناء ولنا إليك لنفسك. أي لم تمن 
حتك لنا؛ لأنّ الحيّ نقيض الفانى فإن تكن صادقاً أمت إرادتك لنفسكء وأخلصها لناء 
قال: 

3 - هو الحبٌ إن لم تقض لم تَفْض مأربا من الحبٌّ فاختر ذاك أو خَلُ حُلّي 

يقول: وقالت: هو الحب الصحيح إن لم يَفضء أي بالموت والفناء لم يقض من قضاء 
المآرب. أي لم يَمْضِ لك حاجة في وصول مارمئّه؛ إن لم تفن طلب حظوظ نفسك به لم 
يَقْضٍ حاجة من المحبّ [بكسر الحاء]”!' أي المحب. والأول بالضمّ وهو الححبء فاختر 
ذاك: أي الفناء فى حبّى لأجل محبتك لىء لأجل محبتك لنفسك. 


وقوله: ذاك إشارة» أي الطريق الأبعد القريبة فى الذكرء فإن قدرتٌ على ذلك فهو الحبٌ 
الصحيح الذي تبلغ به وصالي بالتجلّي إليك. وإلآ فَخَل: أي اترك خلّتي. أي صحبتي. 
بيان في جواب المحب الفاني بالحضرة القريبة بابتداء الدخول في أول الطور الثاني 


3 - فقأ قلت لها روحي لديك وتَبْضْها إليك. ومالئ أن تكون بِقَئة بقنضتي 2 

يقول: فقلت لهاء أي لهذه الحضرة القريبة: روحي لديكء وذلك لمّا فنى حبّه أولا فى 
طلب وصال هذه الدرجة من حضرات القربء وكانت مرتبة أدنى من التى طلبهاء وإِنْ 
تلك مريدٌ محبّ لنفسه. وهذه مريدٌ محبٍّ لمحبوبه. ولم يَبْقّ منه في فنائه في الحضرة 
الأولى» وطلبه لهذه الآخرة إلآ روحه لأنّه فنى منه [ ]0 وجسمانيته. وإحساسه. ولم يَبْقَ 
إلأروحه. 

وقد أغلمتك أن هدم إشارات إلى فتاء أوضناف مرانى وذرجات فن الفناء» فقال لهذم 


(1) ما بين المعقوفين موجود في الأصل. 
(2) في س: [إليك]. ولا يستقيم. 
(3) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 


يكون قبضها وفناؤها بيدك, لأنه اتكشف له الحقّ إن أضافه ذلك إلى نفسه خطا في طلب 
هذه الدرقة كما أختر كه فاغد فب رذلك: 

قال: 

4 - وماأنا بالشَّاني الوََاةعلى الهوى وَشَأني وفآء تأبى سواه سَجّيني 

يقول: وقلت: وما أنا بالشأني بهمز الألف: أي وما أنا بالمبغض للوفاة على الهوى. أي 
على حتك. بل هذه محبّتي إن أفنى في حبّك حبّا لك لا لي؛ وشاني بغير همزة: أي وحالي 
وطبعي الوفاء بما أقوله وسجيّتي تأبى سواه؛ أي [سوى]'!' الوفاء» ولاسيما في حقّك. 
وهذا ناكد ليالعة فى اقرهالطلت: 

قال: 

5 - وماذا عَسَى عني يُقال سوى قضى 20 ثُلانٌ هوى مَنْ لي بذا وهو بغيني 

يقول: فإذا أنا مِتّ في حبّك بحتّك ما عسى أن يقال إل مات فلان من قوة الحبّ بمدح 
أو للومء وأنا لا أبالي بهذاء وهذا من أعظم يد إلىّ» أي كرامة معك لي إن أفنيتني بحتّك. 
وهو بغيتي, أي مرادي الذي طلبته. وأحببته» [31و] ورغبت فيه وإليه» قال: 

6 - أَجَلُ. أجلي أرضى انقضّاه صَبابَةَ ولا وَضل إن صحّحت لحك نشبتي 

يقول: أجل: أي نعم إلا أنَّ [أجل] في التصديق أجود. و[نعم] في جواب الاستفهام 
أجود للنفي. و[بلى] للإثبات في الاستفهام!”. 

أجل أجلي: أي انقضاء أجلي أرضاه. أي أحبّه أن يكون من صبابة» أي من محبة فيك 
ولك. ولو لم أدرك الوصال إذا صحّحت نسبتي لحتتكء أي إذا كنت أنت المتولية فنائي 
بمحبتك. ولو قضيت أجلي قبل الوصال؛ لأني لا أحت إلا ما أنت قد أحببته لي. 

قال: 

7 - وإن لم أقْرٌ حَمَّاً إليك بنشبَة لعرَّتها حَسشبي افتخاراً بتهمتي!") 


(2) مر الحديث عن هذه الأدوات. 
(3) في الديوان: [بتهمة] بدل [بتهمتي ]. 


يقول: وإن لم أفْرْ حقاً بالوصال إلى تجلّيك عليء وقربي منك لبعد النسبة بيني وبينك 
لعرّة نسبتك إلى العظمة والجمال المطلقء ونسبتى إلى الذل والحقارة» فحبى بتهمة؛ أي 
والمحبة منك إلى وصالي إليكء أو إلى تجلّيك فأموت وأنا تاهمٌ نفسي بالوصالء وبلوغ ما 
طلبته ورغبت إليه. 

قال: 

6د ودون اتياسى إن تَضَيك ان فنا - ٠‏ أسات. “تقمن: «الشتهادة؛ كدت 

يقول: ودون اتهاميء أي وإن لم أتهم نفسي بالوصال فأنا أحبّ ما تحتّينه أنت لي. فإن 
أحببت أن تفنيني بحتّي لك. وحتّك لي؛ ومتّ على أسى. أي على حزن من قوة طلب 
وصالك فما أسأت بإفنالك روحى فى حبّكء بل قد بلَغتنى الدرجة العليّة التى هى الشهادة 
بقتلك لي. وهي أعظم منزلة في الشهادة. 

قال: 

ك2 ا 9 2 0 

9 - ولي منك كاف إن هدرت دمي ولم أعدذ شهيداء علم داعى منيتى 

يقول: وكاف لي: أي ويكفيني منك إن هدرت دميء أي إن أجزت قتلي؛ لأن الدم 
المهدور هو الذي لا دية فيه ولا قصاصء ولا يكون كذلك إلا فى محل جوازه. أي إن 
أجزت قتلي بغير قصاصء ولا تفويض حقٌّ منك لي يكفيني أن أكون قتيلاً بحتتك لي. 
وحتي لك ولو لم أعدّ شهيداً؛ لأنَّ الشهداء ضوعف لهم الجزاء في الآخرة: وأنا يكفيني 
متك غلك ين أن الذاقى إلن مين داف ان ه.وعلمك زذلك هو العرضن السطلوت: 

انبا ]01 


ومراده بما تضمّنته هذه الأبيات ترك الحظوظ الوهمية من أعلى مراتبها إلى أدناهاء 
وهي نيل درجة الشهادة» ولوازم كمالاتها مع أهل المحبة. 


قال: 

0 -ولم تسوّروحي في وصالك بَذلها ‏ لديّ. لبَوْنِ بين صَوْن وبذلة 

يقول: إِنْ روحي حقيقتها لك. وقبضها بيدك؛ وأنا ليس لي فيها شيء. ولو كانت لدي 
أي هي لي وقبضتها بيدي لم أرها شيئا أصلاً حتى أكون قد بذلت شيئاً إذا بذلتها في 
وصالكء لبَؤن: أي لفؤق ما بين الصَّوْن والبذل؛ فإنْ البذل أفضلء وأقرب من الصَّؤْنء 
ولكن كيف أبذل شيئاً أصله ليس بشيء أصلاً. 

قال: 

1 - وإنّي إلى التهديد بالموت راكنٌٌ ومن هَوْلِه أركانٌ غَيريَ هَدَّت 

يقول: وإني إلى التهديد: أي الهدم بالموتء راكن: أي مائل بقوة المحبّة» ومن هول 
الموت أركان غيري: جميع البرايا هدّت. أي انهدمت أركانهم بالموت. وأنا أهوى أن 

قال: 

2 -ولمة ٠.‏ بالقثل نه نَ بل لها ب 5 إن أنت أتلة . ع 3 

يقول: وإن أنت قتلتني بالمحبة فلم تسعفي نفسيء أي لم تأخذ نفسي على غير طريقة 
العدل. بل ذلك منك لها به بالقتل [31ظ] تسعفى: توافى مطلوبها منك الذي غاية مناها إن 

قال: 

3 - فإن صَحٌ هذا القَألُ منك رَفَغْتتي وأعليت مقداري وأغليت قيمتىي 

يقول: [وأنا أتفاءل بهذا الفأل» وذلك أن الناس إذا]''' أهمّهم أمر تفاءلوا بخيره؛ وإن 
كآن شرا تفاءلوا يرؤالة»:وأناها كدت أتفاءل إلا أن أمونف يتن للك وإن تفتليتن [أنت] 
2 حبّاء وإن صم منك هذا الفأل لي فقد أعليت مقداري إلى كمال هو خير كمال؛ وإلى 
شرف هو أعظم شرف للخلقء وأغليت قيمتي؛ لأني أرى نفسي ليس بشيء أبداء فكيف 
(1) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


228 


يكون لها قيمة حتى أنَّ الواحدة من الذرّ عن مثقال الذرّ هو شيء؛ ونفسي ليست بشيء 
أبداً أصلاً» وإن قتلتيني أنت بالمحبة لك فأكون حينئذ عظيم القيمة أوازن الوجود المكوّن 
لعتر الشادة كله عددك ومعاف:» 

قال: 

4 - وَهَاأنا مُشتدع قَضَاك ومابه رضاكء ولا أختارٌ تأخير ملكي 

يقول: وإذا كان الأمر كذلك فها أنا مستدع قضاك: أي أدعوك وأسألك أن تقضي على 
روحي بالفناء إن كان رضاك ذاك منيء ولا أختار تأخير مدّتي إن لم تختاري أنت تأخيرهاء 
وإلآ أنافهًا أختار لفسن شيا إلآها تحتازينة أنت لئ. 

قال: 

5 - وَعِيدٌك لى وعدٌ. وإنجازهُ منىّ ولىّ بغير البعد إن يُرْمٌ يَثْيِتَ 

يقول: وعيدك: الوعيد لا يُستعمل إلا للتوعّد بالشرّء كما أن الوعد لا يستعمل إلا لوعد 
اليد 

يقول: إَّ وعيدك لي بالقتل والهلاك هو وعدء أي خير ونعَم. وهو أفضل الكرامات 
منك ليء وإنجازه منئ: أي وتمام قضائه منك لي هو منائيء والإنجاز دفع العطاء مأخوذ 
من الجائزة» وإنّي وليٌ: أي محب على كلّ حال إن يُرْمَ بكلّ شيء من المصائب وغيره 
غير ما يبعدني عنك فإني ثابت على الحبّ. 

فإن قلت: كيف استتى البعد إذا رُمى به أنه لا يثبت عليه محتّأء والمحبوب يفعل 
قبنز أحقه كفنا شاع والأعلة غرة مصحت وقلذاق أيانا تدل على ذلك قولةة ولو نت 
بالصدّء والهجرء والقلى إلى آخخر البيت. وقوله: وإن فتن النشاك..؟ فالجواب: إِنْ مراده 
هنا أن يُرْمَ بالبعد إذا كان الرامي له غير محبوبه بل شيء من صفات نفسه إذا رمته بما يبعده 
عن محبوبه. فافهم. 


قال: 


6 - فَْقَدْ صِرْتُ أرجو مابُخاف نأسعدي به روح مَيِت للحياة استعدّت 

يقول: فقد صرت بهذه الإرادات أرجو واجب ما تخافه الناس وهو الموت. والقتلء يا 
روح ميت بالحبّ استعدَّت للحياة الأبدية إذا مت قتيلةَ حبٌ فاستعديٌ به. وذلك عبارة عن 
فناءطلب متضرض !0 النفين للنقين» 'لآن الميت لا يطلت شيعا أوبير عي لها إلا خياته 
الأبدية فى الآخرة إن كان من السعداءء كذلك الفناء فى حبّ هذه الحضرة القريبة الإلهية 
ف العتتةاسى الحا نن اندها والآخرة. وإلى 5507 صار يطلب الفناء الحقيقي» 
والفوز بالحياة الحقيقية عند أهل التصوف©). 

قال: 

7 - وبي مَنْ بها نَافَسْتُ في الحبسالكا سَبِيلَ الأُولَى قبلي أبواغير شرعتي 3 

يقول: وبي: أي أفدي بيء أي بروحي. مَنْ بها نافست في الحبٌ: أي التي لأجلهاء 
وهي الحضرة القريبة من الحضرات الإلهية التي أردت أن أفنى بحبّي لهاء سالكاً سبيل 
الأولى: أي الأولين الذين هم نافسوا في هذه الطريقة من قبلي» وأبوا أن يسلكوا غير 
شرعتي: أي غير هذه الشريعة من شرائع الحب التي أنا قاصدها وطالبهاء وهم صنفان: 
صنف سلكوا شرائطه حتى فرّغوا جهدهم. ولم يفوزوا بنظرة من جمال تجلي الحضرات 
الإلهية الصفاتية بحقيقة النظر إليهاء واستنشقوا هبّةَ من [32و] نسيم عناية الجذبة ففازوا 
بهاء وأدركتهم المنية. وصنف دونهم. وهم دون الجذبة. وصنف آخر أدركتهم الجذبة 
وماتوا قبل أن يتمّوا شرائط سلوك المحبة» فذكر في هذا البيت الصنف الأول. وفي هذا 
الذي يأتي الذي بعده الصنف الآخر كما تراه. 


قال: 


انوس لخدن عارك 

(2) هذا معنى منتشر بين الصوفية: يقول الجنيد مثلاً: إنَّ الحيّ مَنْ تكون حياته بحياة خالقه لا مَنْ تكون حياته ببقاء 
مكلت ون ركد نا ووي ةا ء تيه فا تنه فق وق جهناته و02 كاتنت بعداتة مداق ساد ب نه يد و قانف لاثم 
يصل بذلك إلى رتبة الحياة الأصلية». ينظر موسوعة الحفنيء ص728: وجعلوا الحياة خمسة أنواع أعلاها هو ما 
أشار إليه الشيخ ناصره ينظر عن هذه الأنواع موسوعة العجم. صص309. وما بعدها. 

(3) في الديوان: [بالنفس] بدل [في الحبّ]. 


21210 


8 - بكل قبل كم قتيل قَضَى بها أسئ لم يَفْرْ يوماً إليها بنظرة 

يقول: وكم قتيل قتلتيه بحتّك؛ وبحّه لك فقضيت عليه أسى. أي حزناً لم ينل نظرة 
منك» وكم فعلت كذلك بكل قبيلة هي لك, أي أهل جماعة حبّك فهم غير واحد؛ لأنّه كم 
قتيل» وعظم الأمر. وكم فعلت كذلك بكل قتيل. 

ومن عادات نظمه أن يراعي به شروط أهل البديع فانظر فيهء فَإنّنا لم ننبّه عليه؛ أن 
مرادنا الاختصار لإيضاح المعاني بأوجز لفظ لا غير فافه.!". 

قال: 

9 - وكمفي الورى ملي أماتثُ صبابةٌ 2 ولو تَطَرتْ عَطفاً إليه لأخيت 

يقول: وكم في الورى مثلي من أهل الحبّ أماتته في سلوكه إلى وصالك صبابة» أي 
لماه ص م ترك الصك سم 
أحكام السلوك. 0 الاك ترقا وبين 15 0 00 

قال: 

0 - إذاما أحلَّتُ ني هواهادمي ففي ذُرى المرٌّ والعلياء قدري أحلّتَ 

يقول: إذا ما أحلّت دمي أي سفك دمي جعلته حلالاً لها. أي أحلّت قتلي في هواهاء 
5 حبّهاء فقد أحلتني؛ أي أنزلتتي ذروة العز والعلياء» ىق أحلتني أعلى درجات العر 
والعلياء فى حق أهل حبهاء وذلك غاية مطلبى. 

قال: 


(1) هذا نظر نافذ من الشيخ ناصر في أساليب العربية» وبلاغتهاء وقد التفت كثير من الدارسين المحدثين إلى هذا 
الجانب في شعر ابن الفارضء فنرى د. محمد مصطفى حلمي يقول: «... ولعل أظهر ما يمتاز به شعر ابن الفارض 
من الناحية الفنية هو الإسراف في الصناعة اللفظية» والإغراق في المحسنات البديعية»؛ ينظر كتابه ابن الفارضء 
ص83 . ويقول د. عالت ده ضر" ... وفي شعر ابن الفارض نزوع حاد إلى التنميق والزينة. وشغف بالبديع 
لم يخل معه بيت من مجانسة: أ أو تورية؛ أو مقابلة». ينظر كتابه شعر عمر بن الفارض. ص150 . وعد لهذا 
الموضوع فصلا كاملاً في كتابه. ويلظر كذلك الشعر الصوفي حتى أفول مدرسة بغداد. عدنان حسين العوادي. 
ص223, وما بعدها. 


231 


3 - لَعَمَرَى وإن أتلفت عمرئ بحتها رَبحتٌ. وإن أبلت حشاى أبلت 


يقول: لعمري: أي أقسم بعمري أَنْ الذي ذكرته في البيت المقدّم صحيح. وإن أتلفت 
عمري:أي حياتي بحتّها فهو الربح الذي أنا طالبه. وإن أبلت حشاي: أي هتكتهاء أبلت: 
أي أشفتنى, فالأول من بلى الثوب إذا صار تَلقاء وأبلت من بلى المرضء إذا برىء» أي 


اح 


ومن هنا إلى اثني'2) عشر بيتاً سيذكر فناء صفاته الشهوانية» والحظوظ النفسانية ثم عدم 
ظهور شيء منها عليه. 

قال: 

2 - ذَللْتٌ بها في الحيّء حتى وَجَذْني ١‏ وأدنى مَنال عندّهم قَوقَ همّني 

يقول: ذللت بها: أي بلغت الغاية في الذلة» وبالضمّ نقيض العرّة» وبالكسر نقيض 
الصعوبة» أي بلغت في اللين للمطاوعة, والتذلّل لها حتى ظن الحيّء أي أهله - وهم أهل 
هذه الطريقة - أَنّي كل ما أناله من الكرامات التي هي أدنى منال عندهم فوق همّتي زيادة 
عمًا أريده» أي هو غاية مطلبي. وليس الأمر كما ظنّوه بي وقوله: حتى وجددُني: خطاب 
للحضرة القريبة» وجدته من الوجد الذي هوا" فوق الشوقء والمعنى ذللت بقوّة حبّي 
بهاء أي بالحضرة حتى وجدتني, حتى أحرقتني نيران شوقي إلى وصالها وأنا من بين 
عشيرتي أهل الحبّ معهم, وظنّوا بي أنْ أدنى مطلب منها هو فوق همّتيء وأنّه يكفيني منها 
ذلك. وأنا لا أطلب منها إلا البلوغ إلى الغاية التي يمكن الوصول إليها. 


قال: 


(1)مابين المعقوفين ساقط من س. 
(2) في الأصل و[س]: [اثنا]» وما أثبتناه أصوب. 
(3) تكوّرت [هو] مرتين في س. 

(4) تكررت [وصالها] مرتين في س. 


مر لهاس 0 ِ 8 0 2 0 
3 - ومن درجات العرٌ أمسيتٌ مُحُلدا إلى دَرَكات الذل من بعد تَخُوئ (1) 


يقول: وقد كنت قبل وصولي هذا المقام في حال سلوكيء. وبدايتي طاهرا بكثرة 
الورع» والمجاهدات, والأخلاقء والعلوم؛ والأعمال القلبية» والغالبية على ظنّ أنّها 
وسائل لحصول وصولى إلى هذه الدرجة القربية 321 ظ]» وكانت لنفسى فى ذلك نخوة. 
أي تعظيم وتكترء أي أراها بعين التعظيم والرفعة والشرف. وأني في أعلى درجات العنّ 
فلمًا انكشف لى الحقٌ فى طريق الحتّ أنزلت نفسى من درجات العرّ التى ظننتها عرًا لى؛ 
وَإِنّما هي غاية العرّه وانكشف لي غاية العرّ في درجات هي أعلى من هذه. وهي دركات 
الذل وَالبدَلل بالمحتّة. وفتاء جعيع الصفات الذميمة النفسانية» والإرادات لهاء والمحيّة 
لشيء لغير المحبوب. فأمسيت مُحُلداء أي مائلاً عن هذا النظر لنفسي إلى المنظر إليها 
بالذل» وإنزالها أسفل دركات© الذلء وإلى سلوكها طريقة المحيّة» والفناء عن النظر إلى 

قال: 

4 - فلا باب لي يُعْشى ولاجّاة بُرتجى22 ولا جَارَ لي يُحمى لِفَفْد حميني” 

يقول: وأمسيت لا باب لي يغشى: أي لا أحد يأوي إلى بابي» ولا لي جاه مع أحد؛ لأني 
صرت كأني لست بشيء لمّا أنزلت نفسي منازل الذل والحقارة» ولا لي جار يحميني لفقد 
حميّتي. أي لعدم حميّتي لنفسي عن الذل؛ لأني أنزلتها أسفل منازل الذل حتى لم ينظرني 
أحد أنَى شيىء أبدا لحقارتى» ومراده لا يغشى بابه» أي باب نفسه من روّيته أعمال نفسه. 
ولا جاه أي لا يطلب حظأ لنفسها ولا جارء أي ولا صفة من صفات النفس لها تدبير» 
وتأخير [في]!) نفسي من العزمء والتوكل والتفويضء والإرادة» والمحبة؛ بل رجعت ذلك 
كله إلى الله تعالى ما يشاء ويختار. ولم يكن لنفسي عن التدبير إلا ما يأمرني به ويحبّه لي 


(1) هناك بيت في الديوان يسبق هذا البيت هو: 
وأخملني وهنا خضوعي لهم فلم يروني. هواناً بيء محلا لخدمة 
وسيأتي هذا البيت بعد قليل» ورقمه [125]. 
(2) في س: [درجات]. 
(3 )فى الديوان: [بى] بدل [لى]. 
(4)اما ين الفيكونن ساقط ل بدن 


فجمع في هذا البيت ما ذكره في كل بيت قبله. وذلك أنَّ أصل الفناء ثلاثة ثة'!»: فناء صفات 
النفس الذميمة بزوالها بالكلية» والثاني فناؤه في تكميل الأعمال الإيمانية» وزوال ما لا 
يليق بمقامات أعلى المقامات القربية» والثالث فناء الإرادات والمحبّات. فافهم فقد كررّنا 
عليك أن هذه الاغتارات كلها باطدها غير طاهرغاء :وأن النقضود هو عا كرويا: 

قال: 

5 - وأخملني وَهْناً ضوعي لَهُم فلم 5 مواناً بي محلا لخذمتي©) 

يقول: وأخملني: أي أسقط اعتباري وسمعتي. وَهْناً: أي تهاوناً بي لحقارتي لأجل 
خضوعي لهم أي حبّه» ومراده [هناأ© إراداته» ومحبّاته فإنه لشدّة خضوعه لهم أي 
أعطاهم إرادات محبّته لمحبوبه وخضوعه فله معارضتها عن مرادهاء وكذلك تفويضه 
ورضاه وتسليمه حتى صار معهم كأنَّه ليس بشيء» والذي ليس بشيء لا يكون أهلاً لأن 
يخدم ويكرم. 

قال: 

6 - كأن لم أكن فيهم خطيراً ولم أَزَّلْ لديهم عقير! في رخائي وشدّتي 

بقولكائى :اك اك عي خطرراء اي فتريناً موقل أن أرق الدل»والتد انهو العرف 
الأعلى حين كنت في نخوةٍ بأعمالي الظاهرة الإيمانية» وكنت بذلك مع نفسي. ومعهم 
خطيراً بتلك الأعمال حين صرت معهم حقيراء ولم أزل أزداد معهم حقارةً» وهواناً حتى 
صرت معهم ليس بشيء. فلا ينظر إلى إرادتي. ولا محبتي. و لا مشيئتي» وجميع صفات 


لو وده ادري ورقان ميد ل عدي قب مون د دالقان وشزمة 
وصار عندهم تسيا منسيًاً؟! 


قال: 


(1) في س: [وذلك أن أصل ثلاثة فناء ... إلخ]. 
(2) في الديوان: [لخدمة] بدل [لخدمتي]. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


7 - ولو قيل مَنْ تهوى؟ وصرّحت باسمها لقيل: 6 أو منّه طيِف جِنَّة 

يقول: ولمَا صرت عندهم حقيرا مهانا ليس بشيء. فلو قيل: مَنْ تهوى؟ على سبيل 
الاستهزاء لجلال عظمة الحضرة القربية الإلهية» فإذا صرحت باسمها لقيل لى من شدة 
حقارتي: وعظم جلالها أنْ به كنى -بكسر الكاف [33و] وتئوين بالفتح-. هي علة يهذي 
فيها المرء كالمعارض من الجن أو مسّه طيف, أي خيال جنّة من الجنّء وأراد لقيل له: 
إناهذا مجدرن 

ويحتمل له وجه آخر أنّه لقيل بها كني» أي كناية لئلا يقال لك إِنّك صخيف!!) العقل. 
أو مسّك طائف جنّة» فافهم؛ لأنّ الحقير معهم إذا طلب العظيم الخطير يستضعف الناس 
عقله حتى يقال إِنّه لا يقول هذا إلا مجنون لا عقل له. 

قال: 

2 0 2 0 ٌ 0 

8 - ولو عر فيها الذل ما لذ لي الهوى ولم تك لولا الحب في الذل عزتي 

يقول: ولو عر فيها الذل: أي لو لم يوجد الذل ليء أي لو لم يحصل وجود الذل ما لل 
لى:هؤافاء أ تيا ولولآ وجوه الحت وحخصوله».ووجزة الذل وحضولة مق المح 
للمحبوب لم تك لي عرّة في الذل» ولكن حصلت عرتي في وجود ذلتي لمحبوبي؛ وهي 
التى تمنّيتّهاء أي الذلة» وبوجودها وحصولها لى بلغت منائى؛ ومراده محيّة التذلل» والذل 
فى محبوبه فكيف يكرهه؟ 

قال: 

9 - فحالي بها حَالٌ عقل مدلّه ‏ وصحةٌ مجهود وَعِرٌّ مذلةا 

ع و 5 عِِ 

يقول: فصار حالى بهاء أي الحضرة. حال مَنْ عقله عقل مدله؛» أي مدهوش متحيّر» 
وصحتي صحة المجهود. أي المريض الذي يترقب الناس موته في كل حين» هله 
حالة صحتىء وأا عرَّتى فهى عرّة مذلول مهان حقير لا ينظر إليه أحدء ومراده ما قلتاه 
(1) كذا في الأصل و[س] بالصاد. ويريد [سخيف]. وهي من ظواهر الإبدال الصوتي المعروفة؛ وينسبها سيبويه 

(الكتابء. 381[4) إلى بني العنبر. وهم من بني تميم. وجاءت عليها إحدى القراءات القرانية في قوله تعالى: 


اخ سس سل ره 


« كنم مُسَافوْنَ إِلَ آلْمَوتِ» [الأنفال: 016 قرأت (يصاقون). ينظر سرّ صناعة الإعراب. ابن جني» 212[1. 
(2) في الديوان: [بعقل] بدل [عقل]. 


محبّته وإرادته ومشيئته لا ينظر إليه. ولا يُلتفت لديه''» بل هي كالمدهوشة مع محبوبهاء 
والمريضة التي لا تريد شيئاً بين يدي العالم بهاء أي محبوبهاء وذلتها كذلك بين يديها لا 
يقدر على أن يطلب شيئا ولا يحبّء فصار جميع أمرها إليها تجرّدت من إراداتهاء ومحبّاتها 
ا متخي وبين المراد امار كبر عري1ا ليه إلا نكر 0 برية اذه لا 
هي تريدء ولا تحب محبته إلا ما هي أحيّته. ولا تشاء مشيئة إلا ما هي تشاءء فافهم ذلك. 
[تحان) 2 


واعلم أن التفدع العلينة نخررها و تقواع 01 :زه ثاقة ووه كلكقة> والويغة الأول 
مما يلي كثرة عالم الطبيعة لتدبير الصورة العنصرية البدنية؛ والوجه الثاني ممّا يلي عالم 
الأرواح للاستكمال والاستمداد. فتستمدٌ من النفس المطمئنة الوجدانية التي هي أ 
وباطنهاء وهي تستمد من [باطنها الذي هو الروح الروحانية» وهي تستمد من كلتيهما من 
صورتها في الوحدة التي هي اللوح المحفوظ. وهو يستمد من]”) موجده إِما بواسطة 
العلم المعنوي الأعلى» وإما بلا واسطة. 

والوجه الثالث مما يلي السرّ الوجودي المضاف المفاض بطريق المدد كلّ أنَّ على 
جسمه المستمد ذلك السرّ من الوجود المفيض الظاهر في القلب النقيّ التقىّ بعد ظهوره. 
ويعينه عند حقّه طهر النفس من أوزار أحكام وجهها الذي يلي عالم الطبيعة» والمراد بهذا 
أن عيون القلب كلما فنت فكرتها في حضرات الله تعالى» وشاهدت جمال صفاته وأفعاله» 
وفنت إرادتها في إرادته» وانجلت الأغيار منهاء وَصَمْت الأعمال الإيمانية العدلة» ورققت 
ولطفت ورجعت إلى لطفها الحقيقي. ولطفت أنوار عيون عقلي وسرّهاء والمستمدٌ من 
عالم الأرواح اللوحي. ورجعت أنواره على أنواره من عالم المثال أشرقت أنوار محيّة الله 
فنينا |غة واتجحدى حفيا]لى ذللك أكتر و ادت المحكة مو واد القوق إل مراك الفرتت 
ودرجاته» وإلى المشاهدة إلى الحضرات الإلّهية» وعظم التمّني؛ لأنّه كلما شاهد شيعا 


()قو سس زرنه]. 

ها بين الشف فين اتناف مر هى: 

(3) النفس الملهمة هي التي قال تعالى فيها: #فَأَهْمَهَا وها وتَقْوِهًا» [الشمس:8]. لبعدها عن مقام الثبوت والتمكين. 
ويلزمها الاجتهاد. والتصفية. وجعلها بعضهم ذات سبع مراتب. ينظر تفصيلها في موسوعة العجم. ص986. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


2136 


محويا ان بوضالة والوصال حضرات القرب بلوغها بالعمل. وصار حضرات التجلي 
بزيادة الإشراق فافهم, فإِنّه سيذكر فيما يأتى من الأبيات في هذه المعاني. 

قال: 

0 - أسَيَتُ تُمني حُبّها النَفْسُ حيتٌ لا رَقَيِبَ حجى. دا لسرّي وخصّت 


يقول: [33ظ] أسرت تمئي: أي أخفت النفس تمنّى حبهاء ومراده بالنفس هنا هو 
الروح؛ وهما العقل؛ أي صارت النفس تتمتّى حبّهاء أي حبّ حضرة المحبوب من حيث 
لا يدرك العقل ماهية هذا السرّ الإلهي لأيّ شيء خصّت به. فإِنَّ الله خلق العباد وهو عالم 
بالمطيع, وبالعاصي بلا بداية في علمه. وليس للعقل مدخل في علمه السابق» ولا التفكر 
فيه على الحكم؛ لأنّه يتنهي به إلى التفكر في الذات؛ كذلك تمي حتّي نفسي لهذه الحضرة 
الإلهية» وسريان ذلك لسرّيء أي لعقلي سراء أي خمّياء وتخصيصي بذلك فهو سرّ خمّي 
في عالم البرزخية''' قبل كون الكائنات. 

قال: 


- 
ع 


131 - وَأَشْفَفْتُ من سَبْر الحديث لسائري تَعْرتٌ عن سرّي غسارة عَبْرتي 

يقول: ومن قوّة حتي» وشدّة تمتي وصال حضرة محبوبه لشدّة صفاء الروح» وأعمالها 
كما هي في عالم المثال قبل حلولها فى الجسد المستمدٌ وجوده من العالم اللطيف قوة 
ذلك التمني في جميع سائري في السمع. والبصرء واليدء والأعضاءء. فصار كل شيء 
وك ١‏ 3 5 2 , د 
مني يتمتّى حبّها لرجوع كل شيء مني إلى عالمه الأول الصافي [من]” النسبة الترابية» 
والجسمية [لجسميته ]1 كما هو في عالم المثال من قبلء وإِنْما ظهر في عالم شهادتي 
حديثاً وهذا الحديث صار هو ذلك القديم من انكشاف سير هذا السرّ الإلهي في جسمي 
حديثا في سائر أعضائي فتظهر ما بي في كل عضو من أعضائي» فتعرب: أي فتبين» ويظهر 
من سرّي: أي من حبّي» وتمئّي كل شيء من أعضائي. ذلك عبارات عبرتي: أي عبارات 


) البرزخ هو الحائل بين الشيئين. ويعبّر به عن عالم المثال. أي الحاجز بين الأجساد الكثيفة وعالم الأرواح 
المجردة. يعني الدنيا والآخرة» ينظر موسوعة العجم؛ ص 143؛ وموسوعة الحفني. ص 677. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من سء وبها يستقيم المعنى. 

(3) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من سء وبها يستقيم المعنى. 


كل عضو من أعضائي عن أحوالي» والكتمان واجب عند أهل الحبَ"!". 

قال: 

بالط تنعيى عد تنش فيانة ٠:‏ ' :وفيت "فى إعفانته ادق لبن 

يقول: وصار كل شىء منَى يغالط بعضه بعضاء أي كلّما كاد البعض منّى أن يظهر ذلك 
التمنّىء وذلك الحبّ على البعض الآخر مئّى. وأشفق فى ظهوره عليه غالطه بالكتمان» 
وأنه على غير تلك الأحوال» وجعلت مَيْنى. أي عدم صحة ذلك. والمين هو الكذب» 
ومراده هناء أي وجعلت عدم صحة ذلك مع حضرة المحبوب صدق لهجتيء أي قول 
لساني» ومراده وصحة قول لسان كل شيء مني إِنْما هو مع الحضرة في الظاهر لغيري 
بخلاف ذلك لشذة الكتمان. 

قال: 

113 - ولمَا أَبَتْ إظهاره لجوانحي ا فكري. صِننُّه عن رويتسي 

يقول: ولمّا أبى كل شىء منى أن يظهر ما تمنّاه وأحيّه وفناء مشاهدته. وحضوره فيه 
فكري. والبديهة: الفجاءة وهي أول وهلتهاء كتمت ذلك عن بقية أعضائي. وأرواحي. 
وأنفاسى» صتتهء أي السر عن رويّتى. والروية الفكرة الصائبة» كذلك صنت الس عن 
كل شيء مني عن الآخر حتى عن فكرتي الصائبة؛ فصار كل شيء مني تجلى له سرّ من 
جمال الحضرة من الحضرات الإلهية» وفني بحبّهاء وتمنى وصالهاء وأشرق عليه سر 
المحبّة من الحضرة:؛ ونورهاء وكتم بعض سرّه وأحواله عن بعضي مححبّة لها » وتعظيما 
لجلالها لم أكشف بعضي على بعضي. ولمّا كانت الفكرة قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم. 
فتارة يستعملون أهل التصوف هذه القوة العقلء وتارة النفس. ومرّة الروح. وطوراً السرّء 
(1) من شروط القوم التي يأخذونها على أنفسهم الكتمان. وترك البوح. ولا يعني هذا ترك الكلام جملة بل اتخاذ 

الرمزء والإشارة منهجا لهم. ومن هنا نفهم قول أبي علي الروذباري من أنْ علمنا هذا إشارة فإذا صار عبارة 

خفي», ولذلك كثرت (المصطلحات) في نثرهم وشعرهم وهي محتاجة إلى أناة وتدبّر كما نراه عند الشيخ ناصر 

مثلا. 
(3) في الأصل: [عن بعض محبتي لها]ء وما أثبتناه من س. وهو أليق. 

2138 


وتارة الأنانة!!» وهي الهيئة الاجتماعية في اللوح المحفوظ التي هي نسبة الجميع إليها 
على السواء؛ ومراده ب(صِنْتّه) هنا سرّه الوجودي كما قال: 
4 - وَيَالَفْتٌ في كتمانه قنيسينُه تمك كثمىي ما إلى أَسَبَت 
يقول: [34و] وبالغت في كتمانه: أى السرّ الإلهي عن كلّ بعض متي عن بعضي. 
ونسيته. وأنسيت كل شيء مني [كتمه]2 فصار معه منسيّاء أي صاحبه من بعضي ما إلىّ 
أسرّت. أي ما أفاضت إلىّ من سرّهاء أي الحضرة الإلهية فانصبٌ في أسراري من آثار 


رحمانية» وأقسام [ 3 اانا أشغلنى عنى» وعن كل ما يبدو منّْى» قن 
عن النظر إليه. ثمّ رجع يتكلم بلسان الجمعية والأنّانية. 
قال: 


5 - فإن أن في غرْس المنى سجر العنا قَلْله نفس فى مناها تعلي 01 

يقول: رار ذى انرو احج رالرسر تي ارش ]1 القن وجيت 
تعبت» ونصبت لله تعالى فى مناها وصال قربه إذ ما وجدت الكائنات». ولا وجدت نفسى 
إلا لأجل ذلك؛ فكلّما كان التعب أعظم وأشدّ في الشوق كان ذلك إلى الله أقرب» وهذا 
معنى قولهم: مَنْ كان مع الله كان الله معه. ومَنْ كان لله كان الله له!©). 

قال: 

6 - وَأحلى أماني الحُبٌ للنَّّس مَاقَضَثْ 2 عَنّاها به من ذكرها النفس أَنْسَتٍ(” 


(1) الأنانية» وتسمى الأنينية أيضاً وهي الحقيقة التي يضاف إليها كل شيء من العبد كقوله: نفسي وروحي وقلبي 
ويدي. وتكون حقيقة القائل بها غير الحقّء ومن هنا ذهب الشيخ ناصر إلى نسبة الجميع إليها فهي موجودة عند 
الكلء ينظر عنها موسوعة الحفني. ص654. وموسوعة العجم؛. ص98. 

(2)مااين المعقؤفين سافط موس 

(3) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 

(4) فى الديوان: [ثمر] بدل [شجر]. 

(5)اقا مو الحمقر قرح سافط هو ع رهن كالمة ذال 

(6) هذا قول مأثور يتردد في كتب التصوف كثيرء ويريدون به التوكل الصافي من الشوائب على اللهء وإسناد الأمور 
إليه تعالى شأنه. 

(7) في الديوان: [به مَنْ أذكرتها] بدل [به من ذكرها النفس]. 

239 


يقول: وأحلى: أي وألذَ ما في الحبّ للنفسء ما قضت: أي قضت. أي انقضى عناها به 
إلى أن وصله وصال حضرة محبوبه التي من وصفهاء أي الحضرة إذا ذكرتها نفس إنساني 
ذكر وصالها جميع منائي وعنائي وبلائي. وما أجده من العناء» أي التعب حتى لا أحسّ 
بألم الموت مع ذكر وصالها فهي أحلى الأماني الحب فيهاء وأحلى كل الأماني بلوغ المنى 
فيها ومنهاء وهو البقاء الحقيقي الذي معناه هو قوله تعالى فيما يحكى: [فإذا أحببته كنت 
سمعه؛ وبصره. فبي يبصر. وبي يسمع. وبي يعقلء وبي يبطش]ء وهذا معنى قوله آنفاً: ولم 
تهوني ما لم تكن في فانياء ولم تَفْن ما لم تتجل'') فيك صورتيء وفي هذا الفناء يذهب 
العناء © فَإنّه لا آثر بعد العينء ولا خبر هنالك» ولا كيف ولا متى: ولا أين.(3) 

قال: 


7 - أْنَامَثْ لها متّى عَلمِنَ مُراقباً خواطرٌ قلبى بالهوى إن ألَمَتَ 

بقول: إن ألمّت بتجليها على قلبي بأنوارهاء وعلى كل عضو من أعضائي أقامت لي 
منها رقباء هى خواطر قلبى بالهوى. أي الحبّء وسمّاها خواطر قلبية؛ لأنْ مبدأها من 
القلبء وفيه يتجلى قبل تجليها على الأعضاءء ولأنَّ القلب هو سلطان الجوارح. 

والمراد بالمعنى أَنّه لا تتجلى الحضرات الإلهية على شيء من أعضائي وعلى القلب 
إل وارسلتة رفاء متها يزيد ونها قزة تب واتشاق: :وكمال فى كل ذلك يف كانت 
الأعضاء تتحرك. وتسكن بالله.» وبمحتته. ومشيئته» وإرادته» فبي يسمع. وبي يبصر إلى 
آخره؛ وإرسالها ذلك لثلا يدخل عليها داخل سواها إذ كانت هي المتولّية أمرها في هذه 
الدرجة لقوله #6: [ليس أحدٌ أغير من الله» ومن غيرته حرّم الفواحش ]. 

قال: 

8 - فإن طرَقّتْ سِرَّا من الوّهُم حاطري 2 بلا حاظر أطرقت إجلال هيبي 

يقول: فإن طرقت: والطارق السالك في الليل» فإن طرقت خاطري سرًاً: أي خفته من 
(1) في الأصل و[س]: [تتجلى]. 
(2) في الأصل و[س]: [الفناء]. وهو ما لا يستقيم. وأثبتنا [العناء] لتلاؤمه مع السياق. 


(4) صحيح مسلم. الحديث 2760. وصحيح البخاري. الحديث 5220 و 7403. 


الوهم. [والوهم]'' يتمثل على الحقّ وهو على غير الحقٌّ بلا خاطرء [أي بلا خاطر ]20 
منها أطرقت» أي نكست رأسي إجلالاً من هيبتها؛ لآنَ الوهم يصوّرء ويكيّف. ويحدّد. 
وعظمتها منزهة عن التحديد. والتكييف. والتقييد» بل لها الجمال المطلق الذي لا يعرف 
ذات حقيقة كمالها إلا الله تعالى؛ واللة تعالى منرّه عن إدراكه بحقيقة الإدراك فلا يعرف 
هو إل هو وهذا صحيح التوحيد. 

قال: [35 ظ] 

9 - ويُطَرَفٌ طرفي إن هَمَمْتٌ بنظرة ١‏ وإن بُسِطْتْ كقّي إلى البسط كُقَّتِ 

يقول: ولما انصبغ جميع ظاهريء وباطني. وصفاتي الأصلية» ومظاهرها بحكم 
التجلي المحبوبي بوصفه وصفاته. وصرت بحيث لم أشاهد شيئاً إلا وأشاهد الشاهد 
والمشهود. والفاعلء والمفعول إِيّاه بلا شهود مغايرة وغيرته. أي لا أرى الشهود ثم 
المشهود. بل أرى هذا في رؤية هذا معاً في حال واحد لا جَرّم فكلّما هممتٌ أن أنظر إلى 
غير تلك الحضرة بطرف [طرف]1" عيني» أي يقصر [طرف عينيء أي يقصر ]!!) عن رؤيته: 
وإن بسطت كفي إلى البسط بالفعل كف عنه كفي, أي منع كف يدي عن أن أفعل من غير 
ما يكون الله المتولّي ذلك منيء وذلك لأنّه صار في حالة مع الله كما قال: [بي يبصر 
وبي يسمع» وبي يبطش ]» فلو همّت إحدى جوارحي على فعل شيء مُنعتَ كرامة من الله 
تعالى» والمراد: إن يفعل””) شيئاً على الغفلة ذكّرتها الحضرة بالرقباء الذين أرسلتهم إليه 
وإلى أعضائه. 


قال: 


2 8 0 
0 - ففي كل عضو فى إقدام رَغْبة ومن هَببة الإعظام إخجامٌ رهبتي 


(1)ها بين المعقوفين ساقط في س. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط من س. 

(4)هما بين المعقوفين ساقط من س. 

(5) في الأصل و[س]: [إن يفعل على شيئاً]. وما أثبتناه أليق. 
241 


يقول: فصار بما أرسلتم إليَّ من الرقباء على فكري. أو عقليء وأعضائي!!' حين تجلت 
عليها بصفاتها في كل عضو إقدام رغبة إليهاء ومن هيبة التعظيم إحجام: أي انصراف عن 
كل شيء سواها رهبة من غيرتها من الأغيار» وهيبة عن الإقدام إليها بغير إذن منهاء قال: 

1 - لفىّ وسَمعي فيّ آثارٌ رحْمَة عليها بَدَثْ عندي كإيثار رَحُمة 

يقول: لفيّ -بتشديد الياء وكسرها من غير تنوين-» معناه لفمي؛ وإنَّما قال: لفيٌ 
مراعاة لشروط تركيب الكلام مع أهل" البديع في مقابلة فِيّء يقول: وإِنَّ لفمي 
ولسمعي. وفيّ: أي وفي ذاتي؛ أي عقلي» وروحيء ونفسي. وجميع أعضائي, لأنْ كلمة 
[فِيَ] تع الكل [154]؛ آثار رحمة: أي مراحمة من الواردات علىّ من حضرة المحبوب 
من قوة الرغبة» ومن الهيبة» والرهبة» والدهشة:؛ أو ما يصيبه من ألم الحبّ يوم سلوكه من 
طرد وإبعاد» وتطمّع وإياسء وقد جمع بقوله ذلك جميع ما يرد عليه من سببهاء أو من 
جنابهاء أو من إفاضتها عليه. أو من تجليها عليه. 

وقوله: عليه بدت. أي هذه الأعضاء مني. وأرواحي. وأنفاسي» وعقلي. وقلبي؛ وهي 
عنديء وعند كل شيء مني كإيثار رحمة؛ أي كالتفضل على بأعظم رحمة منهاء وقد تكون 
المراحمة بين أعضائى. وكتمان بعضها على بعضها بما يُرى عليها من جناب الحضرة 
الالهية. 

قال: 

2 - لسَانيَ إن أبدى إذا ماتلا اسمّها له وَضْمَه سَمعي وما صَمٌ يَصْمُتَ 
ثلاثة وجوه: إِمَا لوجود هيبة مانعة له عن السماع لوجوب ذلك في الحضرة أن لا يصغي 
هذا إذا أبدت لهذاء ولكن قد يكون ما لم يأت دليل على المنع منها إليه» والثاني إذا لم يكن 
منها رقيب مانع. والثالث حكم الدليل المانع يقول: فإذا لم تصمّ أذني باحد هذه الثلاثة 


(1) في الأصل: [وأعضاء]. وفي س: [واعطاء]ء وما أثبتناه أليق بالسياق. 

(2) في س: [مراعات]. 

(3)[أهل] ساقطة في الأصلء وأثبتناها من سء ويقصد الشيخ ناصر هنا بقوله: (... مراعاة لشروط تركيب الكلام مع 
أهل البديع) تحمّق الجناس التام بين (فيَ) الأولى ومعناها (فمي).؛ و(فيَ) الثانية ومعناها (في ذاتي). 


الوجوه فإذا تجلى على لسانى من واردات الحضرة الإلهية» وأراد أن يتلو اسمهاء أي يذكر 
اسمها فإنّه يصمت لعلمها بغيرتها على ذلك. أي الحضرة من بعض الأعضاء على بعض. 

قال: 

: : 

3 - وأذنيَ إن أهدى لسانيَ ذكرّها 2‏ لقلبي فلم تستعبد الصَّمْتَ صَمّت!!) 

يقول: وكذلك أذنى إذا أراد لسانى أن يهدي ذكرها لقلبى» أي يرسله هدية للقلب [لأنَ 
القلب2 هو بيت تجلى صفات الرّب» ولم تستعبد أذني الصمتء أي لم تَنْقَدا“ له بل طلبت 
الإصغاء صمَّت الأذن. أي منعت عن سماع ذكر لابق بأحد الوجوه الثلاثة [36و] ظهور 
الغيرة عليها من الحضرة الإلهية»؛ ولرقيب مانع منهاء أو لهيبة وتأدب. 

قال: 

4 - أَعَارُ عليها أن أَهِيمّ بحُبَها وأغترف مقداري فأنكدٌ غيرتى 

يقول: ولرؤيتي لنفسي بالحقارة أغار عليها أن أكون أنا الهائم بحتّهاء والطالب لوصلها 
ثم أعرف مقداري أنه لا وجود لي أصلاً في الكون فكيف يغار مَنْ لا وجود له فأكون 
بقوان: أغان هو عينتة أوونت و كفهاة لآتى شيرقل علتها القت لف جردتو اناالا 
وجود ليء وهذا بلسان الجمعء ثم رجع إلى لسان التفرقة» أي الإنباء عن كل شيء فيه 
وجده من مقام الحجابية!" في هذين البيتين كما ترى. 

قال: 


(1) في الديوان: [ولم يستعبد] بدل [فلم تستعبد]. 

(2) مابين المعقوفين ساقط من س. 

(3) في الأصل و[س]: [تنقاد]ء وما أثبتناه أصوب. 

(4) مرٌ الحديث عن (الجمع) و(التفرقة). 

(5) الحجاب والحجب انطباع الصور الكونية في القلب لأنّها مانعة من قبول التجلي الإلهي. والحجاب هو الذي 
يحتجب به الإنسان عن قرب الله. وقد يكون ظلمانياً بتأثير ظلمة الجسم. وكلّ المدركات الباطنة من النفس 
عن الله تعالى» فحجاب النفس الشهوات» وحجاب القلب الملاحظة فى غير الحق ... وهكذاء ينظر موسوعة 
الحفني. ص716. ْ 


أ 


5 - قَتَخْمَلسُ الرُوحٌ ارتياحاً لها. وما برّىء نفسي منْ توقم و" 

يقول: ولمًا تجلى لكل شيء مني من جمالهاء وكتم بعضي عن بعض لغيرة منهاء أو 
لهيبة» أو لرقيب منهاء وكانت في العقل ثلاث2) عيون» في كل عين أمر ومريد وطالب» 
أحدهما المودع في العين البصرية وهو بمنزلة النبيَ المعصوم من الغلطء وهو الداعي 
إلى الله والثاني المودع في العين الغريزية وهو بمنزلة الملك المتصرّف الآمر الغالب» 
والثالث المودع في العين المدّبرة وهو الآمر بالسوء”» وبهذا التجلي من الحضرة لكل 
شيء منّي تختلس الروح. وهي العين البصيرية ارتياحاًء أي تختطف بهذا التجلي نشاطاًء 
وانبساطاً في طلب الوصالء وتجلي جمالها المطلق فرحاًء وسروراً بذلك؛ لأنَّ ذلك 
هو غاية مطلبهاء ولكن ما أبريء نفسي المدبرة» والغريزية أن تكون فيهما بعض بقية من 
توهم منيتيء أي وما أبريء ذاتي كلها من التوهمء أي من ظنّ شكي من قبل نفسي المدبرة 
والغريزية أن يكون فيهما بقية من تمي طلب حظ لهما غير هذا المطلب فليست على يقين 
وتحقيق من كلّ شيء منّي من قبلهماء وهذا لازم أن يتّهم العبد نفسه بغير التزكية؛ ولأن كل 
واحدة صارت لا تنظر, ولا تعرف جميع ما عند غيرهاء فافهم. 

قال: 

6 - يراها على بُعدٍ عن العَيْنِ ممعي بطيفٍ ملام زائر حين يقني 4 

يقول: ومسمعي [قد]” يرى الحضرة الإلهية على بعد من رؤية العين إذا طاف عليها 
طائف ملام من ملوم لي بحبّي وفنائي. وإرادة قتلى في حب حضرة المحبوب. فأراها 
بسماع ذكرها بالملامة من غير رؤية العين. 

7 - فَيَغْبِط طرفي مِسْمَعي عِنْدَ ذكرها 2 وَتَحْسِدٌ ما قَْتنّه مني بَقيني 


يقول: وإذا رأى سمعى بعد فنائه من التجلى ما يرقيه إلى مرتبة الفناء كنت سمعه 


(1) في الديوان: [مُنية] بدل [منيتي]. 

(2) في س: [ثلاثة]. 

(3) ذكر الشيخ ناصر هذه العيون فيما سبق. 
(4) في الأصل و[س]: [يقضتي]. 

(5) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


الذي يسمع به بدرجة النقاء بعد الفناء» وكنت بصره الذي يبصر به في مرتية الفناء فيغبط 
مسمعى عند ذكرها طرفى» والغبطة: الانبساط» والنشاط فى الطلب على قوة لذّة فى 
النعمة طمعا أن يرقى إلى الدرجة التي بلغتها الأذن من مرتبة البقاء بعد الفناء» وتحسد 
بقيتي التى لم تنته') إلى هذه الدرجة الذي أفنته» وركته درجة البقاء» وهى تجلّى صفاته 
الباقية عليهاء ومراده الأذن» أى فازكل شيو عانيدا للأادنه أ طالباً أن يكون مغلها 
فق درجتها من غير تمدٌ © لزوال ذلك عنهاء فَإِنّ الحدسد يطلق على تمتّى زوال النغمةء 
وانتقالها إليه» وهذان الوجهان مذمومان. 

والثالث أن يتمئّى أن يكون مثله. وأن لا يزول ذلك عنه» وهذا الوجه يسميه أهل 
التصوف الغبطة”*) فافهم. 

[بيان]!0: 


في وجوه [36ظ] الفناء أربع مراتبء ثلاث تعمّى ورابع يختصٌ به النب #» ويترتب 
على كل مقام منها حكم من البقاء الحاصل من حضرة من الحضرات الكلية» وهي 
[حضرة الظاهر] وحضرة الباطن» وحضرة الجمع بينهماء فتلك ثلاث مراتب. أمّا 
المرتبة الأولى من الفناء فهو السفر الأول©. وهو سفر النفسء وهو فناء النفس بجميع 
صفاتها العارضية الطارئة عليهاء من مراتب الوجود المفاضء وجميع صفاتها الأصلية 
المستصحبة لعين وجودهاء والصادرة عنه» والبقاء الذي يترتب على هذا الفناء هو التحقّق 
بظاهر الوجود الموصوف بالرحمانية» والفناء منه بحكم وحدته الحقيقية المنسوبة إلى 
أسمائها الحسنى. وهو ظاهر اسم الرحمنء واسمه الظاهرء وهذه الحضرة سفر الروح» 


(1) في الأصل و[س]: [تنتهي]. 

(2) في الأصل و س: [تمني]. 

(3) لم أجد (الغبطة) في معاجم المصطلح الصوفي التي بين يدي. ويشرحها الكاشاني شرحاً لغوياً يقترب من شرح 
الشيخ ناصر لهاء وهو قوله: «الغبطة تمني النفس حصول نعمة حاصلة للغير مع عدم تمني زوالها عنه». ينظر 
كشف الوجوه الغر» 1/ 127. 

(4) مابين المعقوفين ساقط من س. 

(5) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(6) وقف الشيخ ناصر عند مراتب السفر في بداية الكتاب. وقد مرّ الشرح هناك. 


أعني حضرة اسمه الظاهر يعبر عنها باصطلاحهه!'!) بمقام الجمع؛ وعالم الحقيقة. 

وأمّا المرتبة تبة الثانية فهي فناء الروح وصفات حقيقتهاء وخصائص عالمها المتعلقة بها. 
والغالبة عليهاء والبقاء الذي يترتّب على هذا الفناء هو التحمّق بباطن [الوجود]!© وغيبه 
في سابق علمه الأزلي؛ لأنَ الوجود موجود في علمه الأزلي بلا نهاية كما هو في عالم 
الشهادة» ويعبّر بهذا البقاء بالتحقيق بحضرة الغيبء والباطن» وجمعه. 


والمرتية تبة الثالثة سفر الجمعء وهو الفناء في حكمئ الظاهر الوجوديء والباطن الغيبي» 
والبقاء المرتّب فى هذا الفناء عن التحقّق بحكم حقيقة حقيقة [النور]” البرزخية» والإنسانية. 
والجمعية التي خلق آدم عليهاء وعلى صورتهاء وهو المعبّر عنه مع أهل التحقيق بقاب 
قوسينء أي إِنَّ الله تعالى رتّب فيه صفات) تدل على حقيقة صفاته. ويتخلق بتلك 
الصفات من صفاته فيخلع عليه من أنوارهاء وما يصير أقرب الأشياء إليه رضاء ومحبة لا 
مسافة» تعالى الله عن ذلكء. ويقال لها حضرة جمع جمع الجمع" وفيها يلتقي رؤية الروحء 
ورؤية النفس فيكونا مرآة لتجلي صفات الله تعالى» ويعبّر عن جميع مقامات البقاء بعالم 
الحقيقة. وحضرة ة الجمع» ولكن لا يقال جمع الجمع. ولا قاب ووم ا إلا المقام 
النالث» 


وأما المرتبة الرابعة وهو السفور الرابع فهو مقام النبي 5 وهو: (أو أدنى)280 أي 


(1) يريد باصطلاحهم أي المتصوفة:؛ ومقام الجمع مرّ شرحه. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 

(4) في س: [نُم] بدل [تعالى]؛ ولها وجه في القراءة هو أنّ الله هناك في [قاب قوسين]؛ ركب صفات فيه إلى آخر 
ار 

(5) في الأصل و[س]: [صفاتا]. 

(6) حضرة الك و شي ا وج ص256. 

)قات قوطي مأعرد من قولة نمالو «ثم دنا فتدلى. فكان قاب قوسين أو أدنى». النجمء ؛ الآية التاسعة. وفي 
مصطلح القوم هو مقام القرب الأسمائي باعتبار التقابل بين الأسماء في الأمر الإلْهي المسمى بدائرة الوجود 
كالإبداء. والإعادة. والنزولء والعروج. والفاعلية» والقابلية: وهو الاتحاد بالحق مع بقاء التميّز. ينظر موسوعة 
العجمء ص 0742 وموسوعة الحفني. ص 901. 

(8) وهذا أرفع من المقام السابق» أي (قاب قوسين) بسبب شدة القرب. 


وأدنى من حضرة قاب قوسين, ويقال لها حضرة أحدية الجمع'"» ولا يقال لشيء 
من المقامات بهذين الاسمين حضرة أدنى من قاب قوسينء ولا أحدية الجمع إلا لمقام 
النبت !2 . 

زنيان]: 

وفي هذه الأبيات السبعة يعبر عن هذا المقام الأول من البقاء المعبّر عنه بعالم 
الحقيقة» وحضرة الجمع مندرجاً في درجاته التي هي ظهور شيء من حكم التفرقة كما 
ذكرنا في الأعضاء. وفي كلّ شيء منه ثم انتفاء ذلك عنه شيئاً فشيئأء وذلك بسبب تحقّق 
السائر فيه بكل ما يشتمله اسمه الظاهر من كليات الأسماء إلى أن يتحمّق بجميع تلك 
الكليات» وحينئذ ينتهي آخر هذا المقام الذي هو تمام غلبة الوحدة الحقيقية على الكثرة 
النسبية الأسمائية حيث تحقق من مركز دائرة اسم الظاهر الذي جميع توابعه بالنسبة إلى 
ذلك المركز سواءء فاعلم ذلك. 

أقول: فإن قيل: كيف تتحقّق الكثرة فى الوحدة؟ وما المثال فى ذلك؟ فأقول: إِنَّ 
الإقسان: ]ذا راق سعاا ترط :إلن عنميع امجارو انإنه راز هنك حمل انايد ذلك 
بعقله. كذلك المثال في أسماء الله فإذا نظر إلى معانيها فإِنّه يتحمّق ذلك منها جملة 
واحدة. وكلها تنتهي إلى شيء واحد هو المسمّى بهاء فافهه!©. 

قال: 


8 - أممْتٌ إمامي في الحقيقة والورى ورائي وكانثُ حيتُ وَجَهتٌ وجهّتي*) 


. 


(1) ينظر عنها موسوعة الحفني؛ ص630-629. وموسوعة العجم. ص15. 

(2) هذا احتراز مهم من الشيخ ناصر حين يجعل هذا المقام خاصاً به و لئلا يلتبس الأمر على أحد فيظن أنَّ بمكنة 
غيره الوصول إلى هذا المقام. وهو يستند في هذا إلى الآية الكريمة في سورة النجم. 

(3) يتابع الشيخ ناصر في تأويله للكثرة مع الوحدة ابن الفارض من حيث قولهما بوحدة الشهود لا بوحدة الوجود. 
ووحدة الشهود هي الفناء عن كل شيء سوى الله فأصبح المتصوف لا يشاهد في الوجود غيره. وهي تختلف 
اختلافاً جذرياً عن وحدة الوجود. ومن هنا أخذ بها ابن الفارض والشيخ ناصر كلاهماء ينظر عن رأي ابن 
الفارفن كن وجزة العتهر د موسوعة الحقى عن لق كبا قر سها تويلا و حيه ويطتى دلمن فى كانه 
ابن الفارض:«ضن 313 وما بعدها. ْ لك 

(4) في الديوان: [فالورى] بدل [والورى]. 





يقول: [37و] أممت: أي قصدت أمامي, أي إلى ما أنا قاصد إليه في سلوكي في 
الحقيقة إلى حضرة المحبوب بحكم الحضور من التفرقة بحكم الشرع في جميع الأعمال 
لت ل ال ل ل ا 
ودعائه فهو متوجه إلى حضرة هذا الجمع؛ لأنَّ حضرة الجمع حقيقته هو العلم بالله. 
وفك كر ضرف إلى لعل بابل تقال وى متك بجوي 1 كل اعمال إن حقارة 
باطن تلك الحضرة الأحدية المنزّهة عن الإدراك والإحاطة» فلمًا كانت جميع ما سواها لا 
أنظر إليه ولا أنا مستقبل إليه فقد صم أنْي أينما وجّهت فهي وجهتي, أي مقابلة وجهي. 
ثم ذكر هذه الحضرة. 

قال: 

9 - يّراها أمَامي في صّلاتيّ ناظري ١‏ ويَمَهَدُني قلبي إمامم أتمتي 

يقول: لما تجلى حضرة المحبوب. وأقام في قلبيء وسرّي أثر تجليها في جميع 
صفاتي» وأعضائي حتى انصبغ كل واحد مني من سرّها وتحلمهاء وبوصفها بحيث لا 
ترى العين إلا إياه» ولا تسمع الأذن إلا نداه» وذكره» واسمهء فلا جرم ففي صلاته لا ينظر 
إلا إيَاها فهو متوججه إليها لله. 

وقوله: ويشهدني: أي ويريني قلبي بتجلي هذه الحضرة التي هي قبلة لكل عبد عابد 
لله وهي الحضرة [الواحدية الحقيقية أَنّي مام للأئمة» ولكلّ متوجّه إلى الله تعالى؛ لأنَّ 
التوجّه في الحقيقة إلى الله هو إلى هذه الحضرة]"' المتجلّية على قلبي التي أنا متوجّه 
إليهاء وهيى حضرة العلم بالله ومشاهدته بصفاته. 

قال: 

0 - ولاغروى أن صلى الأنام إلىّ أنْ 0-0 بفؤادي وهي قبل قبلسي 


يقول: ولا غروى: ولا عجب أن صلى الأنام إليّء أي أن توججهوا بقلوبهم إليّ» أي إلى 
المتجلية 2 على قلبي. [وهي قبلة قبلتي. أي قبلة توججهيء فلا غرو أن توججهوا إلى التي هي 


)اين االمسقوفين مكتريا في الهانشن في من. 


متجلية في]1'' قلبي وأينما توججه. توجه إليها إن توججه إليّ» أو إلى أي شيء كأن لم يرها إلآ 
هيء يعني غروىء أي لا عجب أن بلغوا هذا المقام» وتوجّهوا في صلاتهم لا توجّجه الوجوه 
الملزومين أن يتوجّهوا بها إلى الكعبة» بل توجّه القصد والاعتقاد والإخلاصء والمحبة 
والفناء إلى القبلة» وهي الحضرة التي تجلت بقلبي. أي وججهوا في ذلك بقلوبهم إلى مَنْ 
توججّهت إليه. فلا غروىء أي فلا عجب فإنّه هو التوججه المقصود الشريف. 

قال: 

وكُلٌ الجهات الت نحوي تَوَجَهَثْ 0 بما كم مِنْ نُشكِ وَحجٌ وَعْمْرةٍ 

يقول: وصارت جميع الجهات الست من القبلة التي هي الكعبة من جميع الكائنات 
هي توججهت نحويء أي إلى وجهتي التي توجهتٌ إليهاء وهي حضرة الله؛ لأنَ كل شيء 
من الكون هو متوجّه إلى الله تعالى» إلى حضرته هذه. وكذلك أنا متوجّه إليهاء وكل 
عبد متوجّه إليها بما عملوه من الأعمال الإيمانية التي لزمهم أن يستقبلوا بها بوجوههم 
إلى الكعبة» وغيرها من الأعمال. وكلها في الحقيقة» فالتوجّه بها إلى هذه الحضرة وهي 
متجلية في كل شيء بالدلالة» وقد تجلّت بقلبي بالحضور والمشاهدة. فافهم. ولا تظنّ 
أنه يعني نفسه. بل يعني الحضرة؛ حضرة الله تعالى. والمتوجّه للحضرة متوجّه إلى الله. 

قال: 

2 - لها صَلّواتي في المقام أقيمها وَأَشْهدٌ فيها أنها لي صَلَّتاة 

يقول: صلواتي التي أقيمها في المقام» أي مقام إبراهيم الا وهو ما دار بالكعبة موضع 
الطواف لهاء صلاتي هنا السلام؛ ؛ بمعنى إلى إليها أوجّه صلاتي. أي إلى حضرة الله التي 
أشهد بهاء وتجلت على قلبيء وسرّي فيه. وفي جميع أعضائي سرُّها حتى صار كلّ عضو 
مني بي يسمع؛ وبي يبصرء وكذلك بي يصليء ولأداء حقّ الربوبية [38ظ] لي من عبوديتي 
له كانت العبادة» والصلاة التي صليتها في الحقيقة من تلك الحضرة فرضا علىّ؛ وبإعانتها 
لي فهي منها لي. أي لأجلي كانت فرضاً وإعانة ونفعاًء ففي الحقيقة إِنَّ الله هو الفاعل إذ 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س 
(2) في الديوان: [بالمقام] بدل [في المقام]. 


هو الموفق» وهو المكوّن العامل والعمل العدل. ونفع ذلك راجع إلى العامل فهي مخلوقة 
له أي لأجله تكميلة بأداء ما هو واجب عليه لله» والله غنّى عن ذلك» [فكل ذلك]!!) 
لأنه توجّه إلى الله إلى كان علمه فى ذاته فهو متوجّه إلى جهته. وفى الحقيقة إلى الله تعالى 
الذي تجلى علمه في ذاته لقوله تعالى: «ما وسعني سماواتي ولا أرضيء ووسعني قلب 
عبدي المؤمن72. والوجه الآخر: في العقل'”) عين بصيرية» وهي الروح بمنزلة [نبيَ]/* 
لذ يذعن إلا إلى الله تعالى. وهي 10 إلى الله [ تعالى. وعلى العين الغريزية» 
والمدبرة الإذعان إليهاء والتوجحه إلى جهتها 4 دهعهاء وألك تمام إلا بهاء وشيٍ متوجهة ة إلى الله](60) 
الذي تجلى عليها علمه فيهاء فهى كأنّها متوججهة لله. إلى جهتها؛ لأنَّ الله الذي تعبده هو 
الذي تجلى علمه فيهاء فافهم. 

قال: 

ع ع ما واس اعد إن حَقيقيِه بالجمع في كُلَّ سَجْدة 

يقول: كلكا فرعتن الليكي سدور وسكي العا اكور كيالت أو 
هو وحقيقته. أي أنوار كماله. أو العلم وهو حضرته؛ لذنها فيه؛ أو لأنها كانت بإعانتها 
ا ل ل ا 
وبي يصلي. والمصلي ساجد إلى حقيقته بالجمع» فمقام الجمع هنا البقاء بعد فناء النشئس 
الذي هو الفناء الأول وبقاء الجمع بتحقيق عين حقيقة الوجود الظاهر بالإفاضة من أنوار 
الصفات الأسمائية كذلك في كلّ سجدة منّي فعلاء ومنها إذ هي بها لولاها لم تكن ثمَّ 
صلاة. ولا حجّ ولا نسك, ولاعمرة. والمثال في ذلك لو أن ملكا أمر أستاذا [ 9 
للبناء أن يبني له بيتا في موضع عيّن موضعه. وأتقن كيفية صورته. وأنفق الملك على 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(2) مر تخريج الحديث. 

(3) فى س: [إِنَ فى العقل عين]ء والصواب عيئا 
(4كماسن القعقر فون مالظ فى فى 

(5) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(6) ما بين المعقوفين كلمتان لم أتمكن من قراءتهما. 


بنائه النفقات العظيمة. وعبده يبنى البناء حتى أتمّد وأحكم صناعته. وتشبيده بالعشسك 
فيصم أن يقال إن هذا البناء بناه الملك الفلاني لنفسه. أو لأحد من خدمه. ويصح أن يقال 
هذا بناه هذا الأستاذ من خدمة للملك. أو لنفسه لأجل أن نفعه رجع إليهء كذلك الصلاة 
والعبادة على المجازء والحقيقة على هذا المثال يصمح القول فيها كذلك. فافهم. 

قال: 

4 - وما كانّ لي صَلَى سواي ولم تكن صَلاتي لغيري في أدا كل ركعة 

يقول: وفي الحقيقة لم يصل0!) لي أحد غيري؛ لأنّ تلك الحضرات وإن أوجبت على 
وصار فرضاء وأغائثتني» فهي فارضة علىّ وعلى غيري» ومعينة لي ولغيريء فالتي أنا 
مات يار ع واو اي 1ا ل ا لا لغيري 
لقوله تعالى: #مَنْ عَْيِلَ صَليِحًا فَلِنَفْسسدء 2#) #ومن سَكْر فَإِنَمَامَفكرُ لَِفْسِهء 7#). وكذلك 
توجَهى إلى ذاتى» 0 0 اله المتجلية فى ذاتى؛ لأنَّ عند أهل الصوفية أنَّ الذات 
هى نور العمل إِنّما سواه كان عدما محضا وإن كان في الحقيقة هو غير عدم» ولكن 
فى مقابلة هذا النور الذي به يعبد الله تعالى» ويعدمه تفسد عليه العبادة بإفساده صاحبها 
لهاافيكون باطلاًء'وتلك الذات التورائية هى التى عرقت البارى حق المعرقة وتوخهيت 
لأجلهاء ويكون التوجّه [39و] هى الدليلء والتوجّه إلى قَصُد الدليل ليدله إلى المطلوب 
الوايى عليه تفيلية» واحق كذتاك الحطراه العقاقة فتن الحفيقة أن االغيف يفيل 
بعبادته الذات لا الصفة» ولكنّ الصفة هي الدليل على معرفة الذات فإذا لم تعرف الصفة 

بيان : هذا آخر نس فر النفسض: ومن بعده سفر الروح: 

قد ذكرنا أنَّ السفر إلى الحقٌّ على [أربع]*؟) مراتب: الأول من النفس إلى الحقّ بحكم 
(1) في الأصل و[س]: [يصلي]. 
(2) الجائثية. الآية 15. 
(3) النملء الآية 40. 


(5) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


251 


الحبّ لأجل التحمّق بحقيقة الاسم الظاهر وأسماته الكلية الأصلية نحو السميع والبصير»ء 
ونحوهماء وهذا آخره. 

والثاني من الروح إلى الحقٌّ بحكم الحبّ لأجل التحقق بحقيقة الاسم الباطنء 
والأسماء المختصّ به نحو السلام» والقدّوس ونحوهما. 

والثالث من التقيّد بأحد هذين الاسمين إلى ظاهر الحضرة الإلهية الجامعة بينهما 
بالذات. 


والرابع سفر النبن 2# وهو من ظاهر الحضرة الإلهية إلى باطنهاء وهذه الحضرة 
المحمدية هي المقصودة بنظم الناظمء ويتكلم بلسان حالها عن كيفية السلوك إليها من 
بداية السفر الأول إلى الثاني إلى الثالث. ثمّ إليهاء وإن كان لا يصلها إلا النبي #. 
نحان]: 


ولما انتهى هذا السَّفْر الأول تفرّع بسيره ف في الروحء وإزالة الأحكام الخلقية عنها بحكم 
الحب». وذلك أنه لمّا رجع من هذه السفرة أحسٌ بستر رقيق» وحجاب شفاف من أحكام 
خلقية الروح فتوجّجه إلى الحب مستعيئاً به فأجابه الحبّ أنْي قد فرغت من هذا الشغل قبل 
إحساسك بإِنَّيتك حيث كنت معدوماً في حضرة علم ربّك. وعند مبدأ قدومك إلى عرضة 
الكونء وتعلّق وجود المفاض على حقيقتك. والمضاف إليهاء وبروزك به في عالم الأمر 
والأرواح حيث لا ظهور للصور وعوالمها أصلاء فتقدّم وأقدم على السيره فأقدم وتقدّم 
واخرق ذلك الستر الرقيق الذي تجده فيك بقوة عزمك القوي. فلمًا تقدم بقوّة الهمّةء 
وتعارض العزم لكن براية الحبّ» وكمال تأثيره فيهما فحينئذ انهتك الستر فرأى أن عرى 
عقد هذا السترء والحجب كانت مسترخية بيد الحبّ عند عقد فأحببت أن أعرف قبل 
ظهور حقيقته» ثم انجلت بيد الحبّ عند العهد الثاني» عند إرادة الإيجاد ثم انحل منها 
شيء عند ظهوره في عالم الأمرء وهو عالم الأرواح. ثم أفنى كل ما لم يكن مع الوجود في 
عالمه ثابتا من الصفات الأصلية» والتحق بالروح من أحكام المرتبة الخليقية» والأوصاف 
الكونية المختّصة بالروح. ومن أدنى غبار خفيف خفيف شتت يتشبّت بأذيالها من أحكام باقي المراتب 
عبد الك يلايد بن التدييي وها ال معط يلاطيا دكا رمد 
التوجه إل الحتت بقوّة العزم» والهمّة بحكم الحبّ يغني الحبّ جميع هذه العوارض 


22532 


التي لم تكن ثابتة مع الوجود. وتمّت في عالمه فاضمحلت. وانهتكت الحجب والأستار 
الكليّة. وفى الأبيات الآتية يذكر هذه المعانى كما ترى. 


ارت يري يد 


فى السفر الثانى.» سفر الروح براية المحبّة الإلهية. ومشاهدات الحضرات الباطنية 
الأسمائية الإلهية بلسان المقام المحمدي 55ه: 

قال: 

5 - إلى كُمْ أواخي السَّثْرٌ؟ ها قد هتكه 2 وَل أواخي الحُجب في عَقّدٍ بيعي 
الحجب المانعة عنّى عن ذلك» وعن تجليها [39ظ] وأنا كلما هتكت حجاباً رأيت حجاباً 
مانعاً فكأنّه استطول مدّة قطعها وكثرتها فقال: إلى كم أواخي؟ أي كم من الحجب لم 
وَل مقازياً نهنا كلفا بهاء مشغولا بيا؟ وكلماع كت اغوة ضفان» خلال عندة النة: 
وأخوته التى عقدت بيعة نفسيء. وروحي لها على ذلك. وظننت أنّى قد هتكته. ولم يَبْقَ 
غنوه راف محا ار 

قال: 

6 - مُنِحتٌ ولاهايوم لايوم قبل أن بَدَث ل عبق العَهْدَ فئ: أوليني 1) 

يقول: إلى كم هذه الحجب أقطعهاء وقد عقدت هي بيعتي لها بخرقهاء وزوالهاء 
ومنحتني بقبول العقدء وزوال الحجب هي يوم لا يومء أي في العلم الأزلي قبل إرادة 
الإيجاد وقبل العهد منها على في الإيجاد عند الإيجاد الذي هو عالم الأمر أني لم أخلق 

قال: 

7 - قَبِلْتٌ هواها لا بسَمع وناظر ولا باكتساب واجتلاب جل 


(1) في الديوان: [عند أخذ العهد] بدل [لي عند العهد]. 


يقول: فدلت هواها: أي حبّها لا بسمع مني عن لسان حالها ولا نظر ولا باكتساب ولا 
باجتلاب حيلة» أي ولا بطبع في النفس» بل كرامة في علم الغيب الأزلي أنّي كذلك لها 
محبة» وهي كذلك لي حبّء ولم يزل الأمر كذلك إلى أن ظهر وجودي فكنت كما في سابق 
علمه الغيبي الأزلي. 

قال: 

8 - وَهِمْتُ بها في عَالم الأمر حيتٌ لا ظهورٌ وكانثُ تَشُوتي قبل تَنسأتي 

يقول: وَهمْتٌ بحبّها في عالم الأمر باتحاد الأرواح قبل الأشباح لما خلقت روحي 
قبل خلق جميع عالم الشهادة مع خلق الأرواح في اللوح المحفوظء فهامت بحبّها لهذه 
الحضرة الباطنية الغيبية كما سبق في علمه الأزلي أنها من أهل حبّها فكانت في الحقيقة 
نشوتي» أي سكرتي بحبّها قبل [نشأتي. أي]!! قبل ظهوري في عالم الشهادة كما كنت 
كذلك في عالم الغيب قبل ظهوري إلى عالم الأمر. 

قال: 

9 -فأفْنَى الهوى مالم يكن نَّمْباتياً ‏ هنا من صفات بَيَِنَا فاضمحلّت 

يقول: وأفنى الهوى. أي الحبّ كلّ ما لم يكن َم باقياء أي ما لم يكن فيها حالاً من 
الصفاتء أو مجتلباء ولم يكن أصله من صفاتها في عالم الأمر باقياً إلى الذي هو من صفة 
بقائها الحقيقي فاضمحلتء ورجعت كما كانت في عالم الأمرء وذلك بانتكشاف حقيقة 
الحضرة العلمية الأزلية الغيبية» وتجليها على الروح» وانكشاف حقائق باطن الوجود في 
الحضرة العلمية» والمعنى أنه متى غاصت الفكرة فيهاء وفنت في حبّ النظر إليها ذهب 
كل مكون في الكون من عالم الأمرء وعالم الشهادة وتوحدّت بوحدتها فيها. 

قال: 

0 - وألفيتٌ ما الْقَبِتُ عنتىّ صادراً إللن. ومني وارداً ببصير ني 22) 

يقول: فألفيت -بالفاء- أي فوجدت ببصيرتي المضافة إلى عين وجودي لا إلى روحي 


(1)ما بين المعقوفين ساقط في س . 
(2) في الديوان: [فألفيت] بدل [وألفيت]» و[بمزيدة] بدل [ببصيرتي]. 


وعقلي هو ما ألفيته. أي هو الذي طرحته عنّى ما كان عن روحي وصادرا من حقيقتي؛ أو 
ما كان عليها واردا ممّا هو حجاب مانع عن التجلّيء وقوله: ما كان صادراً إليَء أي الذي 
صدر من صفات حقيقتي هو في الحقيقة وارد إليهاء وما كان واردا إلى بصيرته فهو في 
الحقيقة صادر منها وعنهاء إذ الكل في الأصل قبل نزولهاء أي الروح في عالم أشباحي 
ليست من صفاتها كذلك. وكل ما ألفيته ليست من صفاتها في عالم الأمرء ولا في عالم 

قال: 

1 - وَشَاهَدْتٌ تفسى بالصفات التى بها 2 تَحَجيْْت عنى فى شهودي وحُجبتى 

يقول: وشاهدت نفسيء, أي ونظرت نفسي في علم الحضرة الغيبية الأزلية التي كانت 
ولاشيء معهاء ولا يعرفها أحد إلآ الله تعالى فهي [40و] محجوبة عن معرفتهاء ومعرفة 
صفاتها فنظرتها في شهودي [لهاء وفي]!!) شهودي في عالم الشهود. وفي حال [احتجابي 
عنها]) وحال احتجاب جميع الأشياء المكونة بعدم كونها بصفاتها كذلك أني لم أزل 
كذلك قديماً في علم الله بلا بداية»؛ وكذلك جميع صفاتي قديمة أزلية في علم الله بلا 
صفاتك الذي نور لا كالنور مثل سمعي وبصري. وإرادتي وحياتي» وعلمي وحبي» 
المخلوقة لي الدالة كل صفة على صفات الله من أن يكون مثلهاء أو على شبهها في شيء 
تغالى الله غلوًا كبيرا. 

قال: 

2 - وإنّي الني أَحْبَيُها لا محالةً وكانت لها نفسي عليٍّ مُحيلتي 

يقول: وإني أنا تلك النفس التى شاهدتها في عالم الغيب في العلم الأزلي» وهي 
التي أنا أحببتها اليوم حيث أردتها أن تكون فانية بحبّها لتلك الحضرة المحبوبيّة» وتبقى 
بصفاتها التى هى صفات البقاء لها من صفات الباقى» وكانتء أي تلك الحضرة العلمية 
الأزلية التي نفسي معها أزلية في علم الله محبّة لها هي المحيلة» أي المخولة على تلك 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 


النفس إلى جسدي في عالم الشهود. وتحويلها نفسي على هو تحويل لها [لا1'' عنها؛ 
لأتي صرت في الصفاء والبقاء كما كان كنت في العالم السابق الأزلي. 

قال: 

3 - فَهَامَتُ بها من حَيِثُ لم نَدْر وهي في شهودي بنفس الأمر غير جُهولة 

يقول: [فهامت بها: أي بحب الحضرة المحبوبية في عالم الأمر]2) من حيث لم تدر 
وهي في شهودي: أي في عالم شهادتي, بنفس الأمر غير جهولة: أي غير جاهلة اليوم 
بحقيقة الأمر أنّها كذلك كانت في عالم الأمر هائمة بحبّهاء وكذلك هي في العلم الأزلي 
قبل كونها لا تدري بذاتهاء واليوم بذلك غير جاهلة أنّها كذلك. 

قال: 

4 - وقد آنّ لى نه فد ما تلك كه مُخمَلاٌ وإخفال قا لمكت يشعلا ك لتشطم 

يقول: ولمًا تجلت لى الحضرة مئّى©» الظاهرة والباطنة» ووصلت مرتبة بقائهما بقدر 
استعدادي لقبول ذلك. لا كل التجل» ولا كل البقاء فقد آنء أي حضر أن [أفصّل ]1؛) شرح 
ما أجملت فى هذا السلوك؛ وإجمال ما فصّلته. والمراد الإيجاز المخبر» قوله: بسطاء أي 
شرحا لبسطتيء أي لتحقّقي علما وعملا ووصولا لأهدي إلى الطريق» وأحدى حداء 
المحقيقة من أولهاء وه الحضيرة المي الكولية الازلية في تلالة أريات: 

قال: 

2363 أناة اتخاذي خُبّها لاتحادنا نوادرٌ عن عاد المحبّين كَدَتَ 

يقول: أفاد: حبّها لى وحبّى لها اتحاد. أي فى المحبة لها بما هى تحبّه» وليس المراد 
غير الموافقة غير :ومؤافقة عتقاتن :نطفاتها» ولكو هن غير اتتعادها يق 4 لأن قات 
حبّها وصفاتها هي مباينة لصفاتيء إذ لا يصمح اتحاد صفات الله تعالى بصفات المكونات» 


(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من سء و[لا] هنا ذات دلالة مهمة في السياق. 
(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(3) في الأصل: [ولمًا تجلت لي الحضرتان الظاهرة .... إلخ]؛ وأثبتنا ما في س لتلاؤمه مع السياق. 
(4) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


وهذه من نوادر عادة الاتحاد بين المحبين فافهم. فإنّهم قد يتحدّون في التشابه بالأوصاف». 
وهذه الحضرة منرّهة عن ذلك!'). 

قال: 

6 - يشي لي بيّ الواشي يي إليها ولائمي عليها بها د يدي لديها تصيحتي 


يقول: وكان قبل وصولي إلى هاتين الحضرتين: الظاهرية والباطنية من النفس» ومن 
الروح يشي: أي يريد لي الواشيء والواشي معروف أنه هو الذي يسير تارة مع المحبّء 
وتارة مع المحبوب بما يفسد عليهما ألفتهماء وأمًا اللائم فأكثره يلوم المحبّ على حبّه في 
محبوبه يريد أن يصدّه. كان هذا في بداية أمري. ولكن لما سبق في العلم الأزلي أنِي ممّن 
يحبٌ هذه الحضرة ذكرهما لها في معرض اللوم والوشاة يبدي بها نصيحتي لديها كان 
يحثّني إلى قربهاء ويرجعني إلى حبّهاء وإلى السلوك إلى وصالهاء والسفر عنهماء و 
أوصافهما؛ لأني حينما ذكراها همت في حبّهاء ورمت القصد إليها فكانت نصيحتي في 
عذلهما [40ظ] ولومهماء ووشاتهماء فافهم. 

قال: 

167 - كاوها كرا رها اسلفة فلن وَتَمْتحني برًا لصدق المحبّةاةا 


يقول: ولمّا تجلت لي الحضرتان”/ في مقام الجمع بالتجلي المطلق على ذاتي؛ أي 
نفسي فأوسعها ذلك التجلي أي أوسع النَّفْس والروح معاء وذكرهما هنا بمعنى واحد'”)؛ 
لأنّهما في مرتبة 0 » شكراً: أي رضا وقربة» وتجلياً وكرامة» وظهور محبّة» وتجليات 
علوم تحقيقية في تحقيق إلى النظر إلى الحضرتين» وتمنحني: أي تلك الحضرة الجمعية 
ل ل بي و لان 


(1) مرّ الحديث عن [وحدة الشهود] التي يقول بها ابن الفارض. ويشرحها الشيخ ناصر هنا تفصيلاً. 
(2) في الأصل: [وما أسفلت]. وما أثبتناه من س وهو يتلاءم مع الديوان. 

(3) في س: [المحتّتي]. 

(4) في الأصل و[س]: [الحضرتين]. وما أثبتناه أصوب. 

(5) مر الحديث عن [النفس] و[الروح]» والفرق بينهما. 

(6) في الأصل وآس]: [الحضرتين]؛ وهي كالسابقة. 


تكله وإفاقينة متفائق: البقاء الفؤداق البح الى تحت فى إتاهاكونا النلفيك 01 من 
المدة من تباعدها عن تجليها لي» وتقريبها إيَّاي ما كان منها ذلك قلى أي غير محبة» 
وإنْما ذلك هو عين محبّتها مثل محبّتها لوصاليء فهي بخلاف أهل الحبّ في الأغيار؛ 
لأنها لو كان ذلك منها عن قلىّ لي لما وصلت إليها إذ بها كان وصولي إليهاء وكذلك أنا 
قد شكرتها على جميع ذلك كما هي قد شكرتني على جميع ذلك. وفي الحقيقة هي شاكرة 
نفسها بشكري لها لأنَّ شكري لها كان منها إلى فافهم. 

[بيان]: 


ولمّا كان السلوك إلى الله بهذه المحبة هي وسيلة إلى الله تعالى» وقد أحيّها وجب 
على مَنْ سلكهاء وعلى شروطها وجوب استحباب لا إلزام؛ بيانها لمن رام السلوك إلى 
الله بهاء وكان فى المستحبّ أن يذكر أول السلوك. لا أوّل سلوكه ليدخل الطالب إليه من 
باب بدأ الناظم بأول السلوك منيئاً عن قول الحالة المنبئة عن ذلك بلسان الحال لطالب 
السلوك بواشي روحه. ولائم نفسه. ولو لم يكن هو قد وقع عليه ذلك منهما فإنَّ حالة 
المزة هي كذلك غالبا فافهم, فإنَّ الحالة مرادها أن تنبيء عن سلوك النبي 28 ولكنه 
هو لم يبدأ من أوله؛ لأنّ الغالب في الخلق غير الأنبياء أن يكونوا مريدين» والنبي غة 
والأنبياء مرادون» ولكنّه لم يصح للطالب السلوك إليه معهم في زمرتهم إلا من أوله إلى 
أن يصل بعض حضرات تهم التي تجلت لهم. 

[بيان]: 

اعلم أنَّ الحجب الحائلة بين النفسء. وبين تجلي الحضرات الإلهية» والقربية إليها 
تنقسم إلى قسمين: أحدهما الصفات وطلب الحظوظ. والاستبقاء بها والاشتغال بها. 
والثاني تعلق النفس بذلك. وذلك على نوعين: نوع متّصل بالشخص كالأكل والشرب 
والنكاح» وغير ذلك من اللذات الحسنة؛ والنوع الثاني منفصل عن الشخص كالجاه. وحبٌ 
المال» والمُلكء وأمثال ذلك من اللذات» والحظوظ الوهمية كالعلوم» والحرف!". 


(1)في الأصل: [وما أسفلت] ٠‏ وما أثبتناه من س. 
(2) يلمس الشيخ ناصر هنا موضوعا أثيراً دائراً في التراث الصوفي طالما وقف عنده أعلامهم شارحين؛ ومقسمين 
هذه الحجب أقساماء وداعين إلى تجتّبها كي يتمكن السالك من قطع الطريق. والوصول إلى الغاية المبتغاة, وهم 


0ظ20 


والترك لهذا القسم الأول» ونوعه الأول. والصفات» وطلب اللذّات الحسية يسمّى عند 
أهل الصوفية في اصطلاحهم توبة!""» وترك القسم الثاني ونوعه؛ والإعراض عنه يسمّى 
الزهد©» وباقي المقامات الإيمانية والإسلامية كلها فروع» ومقامات. ومتمّات لهذين 
عنهما إلى مراتب؛ ودرجات الفقر”) جامع لدرجاتهاء فإِنَّ الفقر إلى الله هو القربة إليه 
وهو الموصل إلى عقي ال ريو والداعي إليهاء فصار من أكبر الأسباب الموصلة إلى 
تجلى الحضرات التوبة الزهدية» والزهد فى الأغيار» والفقر إلى الله الملك الجبّار» ولمّا 
كان لا يصح كون التوبة عن النظر إلى الأغيار والزهد وتحقيق الفقر إلى تبدّل النفس 
وصلها عن ذلك. أتى الشيخ بهذه المعاني في هذه الأبيات. 

قال: 

8 - تَقَرَبْت بالنَّفْس احتساباً لهاولم أكنْ راجيا عنها ثواباً فأذْنّتٍ 

يقول: [41و] تقرّبت بقتل نفسي احتساباً لهاء أي لصلاحها متبدّعاً كالمحتسب الناظر 
للصلاح بغير طلب أجرة على فعلي ذلك منهاء ولم أكن راجيا عوضاً عنها ثوابا؛ لأني لم 


في ذلك يبرزون [احتراق] ذلك السالكء و[قلقه] الدائم بغية التغلب على تلك الحجب وخرقهاء وهي عملية 
دونها مشاق وأهوال. 

(1) التوبة أول مقام من مقامات الانقطاع إلى الله. وأول مقام من مقامات السالكين؛ ووصفها الثوري بقوله : هي أن 
تنوب عن كل شيء سوى الله تعالى. وجعلوها أقساماً نحو توبة الإنابة» وتوبة التائب. وتوبة نصوح. ولهم فيها 
كلام خصب يطولء ينظر عنها موسوعة العجم. ص 211, وما بعدهاء وموسوعة الحفني. ص 695. وما بعدها. 

(2) الزهد هو خخلوّ القلب عمّا خلت منه اليد. والفرق بينه وبين الفقر هو أنَّ الفقر يمكن وجوده بدون الزهد كأن يترك 
الفقير الدنيا بعزم ثابت إلآ أنَّ ميله إليها لا يزال باقيأًء والزهد أيضاً يمكن وجوده بدون الفقر كأن يزهد الشخص 
في الدنيا رغم إقبالها عليه وتقتدي الصوفية بالرسول محمد فيك باعتباره ذروة الزهد والزاهدين, وللقوم كلام 
طويل في الزهد وأقسامه. والزاهدين وأنواعهم ينظر فى موسوعة الحفني. ص870. وما بعدهاء وفيها أن الزهد 
من مقامات اليقين التسعة. 

(3) الفقر: لعل هذا المصطلح من أظهر الدلائل على خصوصية الألفاظ عند الصوفية؛ ونهجها نهجاً خاصاً بهم 
ينفصم عن الدلالة اللغوية المعروفة» فحقيقة الفقر عندهم ليس هو الفاقة والعدم. بل هو الفقر المحمود الثقة 
بالله تعالى؛ والرضا بما قسم. أو هو وقوف الحاجة على القلب؛ ومحوها إلى كل أحد سوى الرب على حدّ قول 
السهروردي. كما جعلوا الفقراء أقساما ومراتب. ينظر موسوعة الحفني. ص902 وما بعدهاء وموسوعة العجم. 
ص 717. وما بعدها. 


261 


أنظر نفسي أنْي تقرّبت في حقٌّ هذه'!؟ الحضرة المحبوبة بشيء فلذلك لم أرحٌ بها عنها 
ثواباً ولم أرد منها أجراً على احتسابي أيضأء وبقتلي لها على هذه الصفة أدنت أي قربت» 
والمراد أنها قربتها الحضرة القربية» والحضرة المحبوبية» ومراده هنا مرتبة التوبة» أي 
أفنيت صفاتهاء وطلب حظوظها الحسيّة» ثم انتقل إلى مرتبة الزهد في الأغيار. 

قال: 

9 - وَكَدَمتُ مالي في مآليّ عاجلاا ‏ وما إن عساها أن تكون مُنيلتي 

يقول: وقدّمت بالبذل مالى من الحظوظ عن جاه ومالء وما كان لى فى الكون من 
حظ فتركته عاجلاًء زهداً فى طلب مآلىء أي العاقبة فى الدنيا للوصول إلى الحضرة: 
ولعاقبة الآخرة للفوز بالقرب» وبتجلي الحضرة المحبوبية المتجلية على في الدنيا فإنّه 
كما تتجلى فى هذه الدنيا كذلك تجليها فى الآخرة لا غير» وما لا يمكن تجليه فى الدنيا 
كالذات كذلك فى الآخرة» وليس فى نفسى أنه عسى أن تكون تلك الحظوظ التى تركتها 
طلباً للوصول إلى الحضرة المحبوبية في الدارين أنّها يبذلها قربات منيلتي ذلك؛ لأنّي لا 
أراها شيئاء ولأني بذلت شيئا. 

قال: 

6- وَخَلفَتَ خَلفي رؤيني ذَاك لفيا ولحت براض أن تكونّ مطيّتم 

يقول: وخلفت خلفي رؤيتي ذاكء أي الذي بذلته فلم أنظر أنّي بذلت شيئا من أداء 
طاعة: ولاها تركته لأجلها زهداء ولست براض أن تكون مطيتى التى توصلنى إلى الحضرة 
برؤيتئ إلى أعمالى: ومراده أنه كذلك ينبغى أن يكون السالك» وله مغنى آخرء ولست 
براض أن تكون نفسى مطيّتى, أي أن أكون أنا السابق لهاء بل مراده درجة قوله: «توليت 
أمره» وكنت سمعه. وبصره.» ولسانه» ويده» فبي يسمعء وبي ينطق» وبي يبطش» فيكون 
حينئذ مجذوباًء فافهم. 


قال: 


(1) في س: [تقربت في هذه الحضرة]. 


31 - وَيَتَمتُها بالقَفر لكن بِوَضْفِه غْنَيتٌ فألقيِتٌ افتقاري وثروتي 

يقول: ويمّمتها: أي قصدتهاء أي الحضرة الإلهية الجمعية بالفقرء أي بالافتقار إليها(!) 
لكن بحقيقة وصفه. ومَنْ أخلص لله تعالى بحقيقة الافتقار بلغ إلى الوصول لا محالة؛ أن 
حقيقة الافتقار إليه أولاً بالأعمال أن لا يخالفه فيما أحبٌ أبداًء ومَنْ خالف في شيء لم 
يكن مفتقراً إليه فى ذلك؛ لأنّه كأنّه اغتنى برأيه عمّا أحتّه الله إليه فأحتٌ هو غير ما أحبثٌ 
فلم يكن إليه مفتقراً. 

والافتقار الثانى افتقاره إلى إيجاده. وإذا قصده بحقيقة الافتقارين» كما أنه لا يمكن 
إيجاده إلا به» كذلك كان افتقاره إليه في كل أمر. 


وقال: 


وبهذا السلوك إليهاء أي الحضرة في الافتقار غنت؛ لأنى غنيت عن كل شيء فلم 
أحتج إليه سواها فألقيت فقري وثروتيء أي لم أنظر إلى نفسي أني يمّمتها بفقري» ولم 
أنظر ثروتي وغنائي بذلك؛ لأنَّ كل ما أفعله لا أراه شيئاً أبدأء ويصح أن تكون الثروة نظرة 
إلى الأغياز 2. 

يقول: فألقيت نظري إلى فقريء وإلى غنائي بذلك. وإلى الأغيار كلها فيكون معنى 
الثروة: الغنى» والمراد بالغنى استعارة إلى الكثرة» [وتلك الكثرة]!” في رؤيتي ليس بشيء 
داه والآأول أوججة فى تفسير البيت: 

قال: 


2 - قَأَنِْتَ لى إلقاءٌ فَقَريّ والغنى فضيلة قصدي فاطر * شت فضياتي 


يقول: فأثبت لي إلقاء: أي ترك رؤيتي إلى فقري. وإلى فناها - بإلفاء - رؤيتي فقري 
فضم لة فصدي إليها 3 فضيلة [1 دظ] 5 عظيمة. ولكن كذلك طرحت 1 فضيلت 3 أي كذلك 
تركت رؤيتي لهذه الفضيلة» وهذا كله مراده ترك رؤية استعظام الأعمال في حقّ الله 


(1) هذا هو المعنى الجوهري للفقر الذي يقصده القوم» وهو ما وقفنا عنده سابقاًء ويجليه الشيخ ناصر هنا. 
(2) هذا معنى عميق للثروة يؤكد ما سبق. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


تعالى» والنظر إلى أنّه لا حول عن معصية الله ولا قوة على طاعة الله إلا بالله العلي 
العظيم. إذ الكل فيه فضل على السالكء. فأيّ شيء منه على الحقيقة إذا كان كل ما فعله 
إليه من شيء يحبّه منه بإعانته» والألم يقدرء وقال تعالى: #حَلَفَكْروَمَاتَكَمَنونَ 21١4‏ وإذا 
كان العمل الخيّر من الله. ومن العبد فعل» فهو خخالق الفاعل» وبإعانته تعالى لعبده أقدرها 
العبد. قال الله تعالى: [يا داود اشكرني» قال: يا ربّء وما شكري لك وشكري لك هو 
كذلك منك لي فضل كذلك بلا نهاية. قال: يا داود يكفي ذلك منك مع العمل منك بما 
أحبء وترك ما أكره]©. 

قال: 

3 -فَلاعَ لاحي في اطراحي وأصبحت2 ثوابي لاا شيئاً سواها مثيبتي 

يقول: فلاح: أي فلمح نور فلاحي في اطراحيء أي في ترك رؤيتي لأعمالي” بنظر 
الاستعظام إليها في حقّ جناب الله تعالى» وأنَّ شيئاً كان متي» وبي وأنّ كلّ ذلك كأنّه 
ليس بشيء؛ وأنّي لم أعمل بعدُ عملاً كما ذكرت لي سابقأء وأن لا ترى ما أعددته؛ وأنّ 
الذي أعددته غير عدّة فأصبحت بهذا السلوك ثوابي هيء أي ثوابي [توالي]**) تجليها علي 
وتقريبي إليهاء ولم أكن بشيء سواها مثيبة لي» وذلك هو الذي طلبته منها. 

قال: 

6 ول هالا نو لبها دل من به ضل عن سبل الهدى وهي دل تاك 

يقول: وظلت: أي قصرت في خلوصي من جميع الأغيار إليها مجرّدة كما كانت في 
عالم الأمرء أي وصارت نفسيء وروحي فانية عن جميع الأغيار كما كانت قبل نزولها في 
الجسد في عالم الشهادة, لأنّها لم تدنس بها إلا بعد نزولها في عالم هيكلهاء أي جسدها 
وصورتهء وكل ذلك كان بهاء أي بسببهاء أي بسبب حبّها لي وحبّي لهاء وبإعانتها لي. 


(1) الصًافات. الأية 96. 

(2) القول في عوارف المعارف. ص 236. 

(3) فى س: [الأعمال]ء وما في الأصل أَوْجَه. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. وهي هناك مكتوبة في الهامش. 
(5) في الديوان: [إليها] بدل [عليها]. 


وأصبحت أدل عليها بهاء أي على الاستعانة بها أدل كلّ به'!) أي بنفسه وبإرادته» وبرؤية 
أعماله» وبحجب الأغيار عنها إِنّما هى للمرء به عن سبل الهدى, أي هداهاء وهي دلت: 
أي وهي دلتني عليهاء فالدلالة منها عليهاء وبها كان الوصول. 


(1) في س: [أدل كل مَنْ ضل به أي بنفسه]. 


الباب السابع 


فى الحث على السلوك, وفيما يستحبٌ له أن يتجرّد منه براية المحبة الإلهية بلسان 
المقام المحمدي 5ه: 

ولما بين غاية السلوك؛ وفوائد الوصولء وتكلم في الترغيب فيه؛ وما ينبغي أن يكون 

96 - تل لها عدن ترائة تغطيا” “ناتك مدن تنبين. برهن تطية 

لماه ا ل وس ا ل ييه 
ار جع فأصلح ما يقي وفاتك من الإصلاح. وتاب للمقام معن بعد ذلك وأسوع الرجعة. 
وكذلك أنا أقول لك إِنّك حل لي؛ أي اترك لها يا خلّيء أي خليلي؛ مراقك: أي إرادتك 
اتركهاء وإليها معطياً قيادك من نفس مطمئنة: أي ساكنة إليها غير ملتفتة إلى غيرهاء منقادة 
لأمرها من غير عناد لهاء ولا رؤية لأعمالك. 

قال: 

6 - وَأمْس خَليَاًعن حظوظك واسْمُ عن عفيفك واقث بعددذلك تثدن1" 

يقول: وأفْس خلياً: أي خالياً عن حظوظك عن طلب شيء لنفسك؛ حتى نفسك لا 
تريدهاء واسم: ارك عل حسمت ا 
ا ل ا ا 


(1) في الأصل و[س]: [حظيظك]. وما أثبتناه أصوب. 


207 


قال: 


7 - وَسَدّدْ وقارب واعتصم واستقم لها ييا إليها عن إنابة مُخبت 


و 
8 - وَعَدُ من قريب واستحب واحتسب غدا أ كسمه عن ساق اجتهاد بنهضة!!) 


يقول: سدّد: أي الزم الصواب في كل أمره وتقرّب إلينا في كل لحظة؛ واعتصم بناء 
واستقم إليناء والزم الاستقامة علماً واعتقادأء وعملاً وتركاً وقولآء واستجبٌ لما أردناه 
منكء. وأنب إلينا: أي ارجع إلينا إنابة» أي رجوع مُخحبت أي [ ]21 وعد : 
أي وارجع عن قريب» أي عن سرعة كما وصلت إليناء وتحقّقت أمرناء واستجب لما 
نأمرك به من السرعة» [واجتنب غداً: أي اجتنب التسويف في اليوم إلى غد فلا تقل 
بالقول أو بالفعل أو بالتواني غداً لا اليوم]!7» عن ساق في الاجتهاد بنهضة:. فإِنّك غداً لا 
تدري حالك. ونظرة منا إليك» ونظرة منك لنا تكفيكء وربّما بتأخير ساعة تفوتك تلك 
النظر 5 لأن جلك ل بيذيك. 

قال: 

-179 وَكُنْ صارماً كالوقت فالمَْتُ فيوعسى2ح2 وإيَاكٌ علي فهي أخطرٌ عِلَةِ 

يقول: وكن صارماً: أي سيفاً ماضياًء أي اقطع به كل ما [لا]© يليق بسلوكك إلى 
الحضرة الإلهية» وكل حجاب مانع. كالوقت: كماضي الوقت. فإِن كل جزء عشر جزء 
لمحة من الوقت تمضي بأسرع من لمح الطزف ولا تعود. كذلك في تخلصك عنك؛ وعن 
كل شيء سواهاء أي الحضرة: فإِنَّ المقتء وهو الإفساد في التأخير؛ لعسى غداً ابتدىء. 
ولعلّي غير اليوم؛ ولعلّ غداًء ولعلَّ لا تدرك, ولا تصل. ولعلٌ يصل بغير سلوك. وعسى 
ذلك وهذا هو أخطر علة؛ أي أخوف علة» والعلّة قد يراد بها ما يوجب الحكم بوجودهاء 
ويرفع لعدم وجودهاء وذلك مع أهل المنطق. والعلّة مع أهل الطبّ التي يعتل بها غير 


(0) في الديوان: [واجتنب] بدل [واحتسب ]ء وفي س: [بنهظة ]. 

(2) ما بين المعقوفين بياض في الأصل و[س] بمقدار كلمتين. وهذا من غريب الاتفاق. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(4) ما بين المعقوفين غير موجود في الأصل و[س]ء وأثبتناها لتلاؤمها مع السياق. ولا يستقيم الكلام إل بها. 


الصحيه'! والمخطرة هى المخوف الهالك منهاء أو بسبيهاء وفى الوجهين المراد هذا 

المعتنق : 
قال: 

0 - وَقُمْ في رضاها واسعَ غَيْرَ مُحاول نَشَاطا ولا تُخْلدْ لعز مُمَوّت 

يقول: وقم: أي انتبه من نوم غفلتكء. واستيقظ2» من رقدتكء وانهض من قعودك. 
واسْعَ: أي واقصد رضاهاء أي الحضرة المحبوبية» والمراد برضا حضرة الملك هو القصد 
إليها والتأدّب بآدابهاء والمقصود بذلك رضا الحضرة. والتأدب بين يدي الملك ليرضى 

عنك الملكء ولا تحاول نشاطأً: أي لا تؤخر القيام تحاول له وقت نشاط تجده في نفسك» 

كذلك إذا وتجدت من نفك في حيدك غير قوق التشاط الْذلكَ فلا تؤخرة محاولاً فتىء 

وقته إليك عسى أن لا يأتيك. ولا يزيدك التمادي إلا ضعفاء والمراد بالنشاط قوة الرغبة» 

والضعف ضعفهاء ولا تخلد: أي تقيه© ثابتاً لعجز مفوت على التمادي لداعي عجز 

مفوت لك السعيء والقيام إلى ما لم تخلق إلا لأجله يدعوك داعي عجزه عن ذلك. فإِنّك 

ما لقت إلا للسعي والقيام إلى عبادة الله تعالى. 
فإن قيل ما الفائدة في الخطاب للتأنيث؛ ولم يأته صريحاً في الله تعالى» وإِنّما يأتيه في 

الحضرة؟ فأقول: مراعاة لأسلوب العرب في الحبّ”" أنه أعظم شرفاً أن يكون في النساء 

(1) يتنقل الشيخ ناصر بين مصطلحات العلوم ليبن الفروق بينهاء فالكلمة واحدة غير أن دلالتها في علم هي غيرها 
في علم آخرء فالعلة في المنطق هي السبب. والفاعل الأول كقول بعض الفلاسفة: إن علل العالم القديمة البادية 
أربعة وهى ي: الهيولى. والصورة. والعلة الفاعلة. والتمام» فهذه أسباب لهذا العالم» وتكوّنه على حدّ قوله. أما في 
الطب فهي المرض والداء. ومن هنا كثرت الكتب الطبية التي تحمل عنوانات مثل: العلة. أو العللء أو العلل 
والدواءء وهكذاء مما يشير إلى الأمراضء وطرق علاجهاء فالشيخ ناصر يفرّق بينهما وفق دوران الكلمة في علم 
بعينه. وهي تفرقة لازمة غايتها الإيضاح. وإن كان المعنيان كلاهما صالحين في هذا الموضع كما يقول. 

(2) في الأصل و[س]: [واستيقض]. وما أثبتناه أصوب. 

(4) هذا تدقيق من الشيخ ناصر في معرفة أساليب العرب في كلامها ليس بغريب عليه فالغزل العربي برمّته منذ 
الجاهلية وحتى العصر الحاضر وصف لعلاقة بين الرجل والمرأة» مع تنوّع تلاوين هذه العلاقة» وموضوعاتهاء 
أمَا ما طرأت على هذا الغزل بعد هذا من غرض هو الغزل بالمذكر فهو مستجلب وافد على الطبيعة العربية» 
وشعرها كليهما من ثقافات أخرى نجمت بعد التلاقح الحضاري الكبير الذي وقع بين العرب. وغيرهم من 





من الرجال لشرف النكاح وفضيلته. فإنَّ الرجل إذا تغزّل بقوة الحب في رجل مثله أنكر 
مع العرب مما يتغرّل به في النساءء ولمّا كان أعظم في التأنيث التغزّل بالحبّ خاصة؛ كما 
أنَّ التغرّل بالشجاعة في الرجال أعظم درجة من التغرّل به في النساء» ونظم هذا الرجل في 
حب الله تعالى فلا غرو وجب في حقٌّ جناب الله تعالى أن يسلك به الدرجة الأعلى في 
الأسلوب تعظيما لله الملك العظيم؛ ولا يصح أن يسلك به [42ظ] كذلك إلا في حضراته» 
ودرجات قربه وصفاته» وما كان من القول في صفة الموصوف أو في حضراته. فهو في 
الحقيقة راجع إلى ذاته تعالى» وقال الله تعالى: #والشّجَرة الملعونة في الْفَرءَان #(1), واد 
بذلك صاحب الشجرة مولا نظن أن المرأه أن يغيد يناده الضفة دن الذات.فإن حترقة 
العبادة لوجه الله تعالى» أي ذاته جل وعلاء والمراد برضا حضراته والإقبال إليها هو إلى 
ملك الحضرة. فافهم ذلك. 

قال: 

31 - وَسِرْرَّمَاوانهض كسيراً فحظّكفي2 البطالة ما أخحرتٌ عَرْماً لصٌحْبَةة) 

يقول: وَسِرْ: أي واسلك زمناء أي مثقلا بما تحمّلته من كثرة العلوم؛ وكثرة ما محمّلته من 
الكمال» ومن المحبة الإلهية» وانهض بقوة عظيمة كسراء أي منكسر القلب هر الخصوم 
والخشوع, وما حملته كالذي يمشي كسيراً لكثرة ما حمله غير طائق فى على المشي. فحظك 
في البطالة: أي وخذ حظا عظيماً فشرّ البطالة فيما أخّرتء أي في الذي أخرته عن نفسك. 
أي في الذي وجب تركه في واجب المحبة لصحبة» أي لصحة الصحبة ووجوب صفاهاء 
فكن قوي العزم في السلوك إلى كثير البطالة فيما لاا يوجب القرب. فافهم. 


قال: 


الأمم. وهو مما أفاضت المصادر القديمة» والمراجع الحديثة في الحديث عنه. ويأتي الشيخ ناصر لير صد هذا 
الأمر. ويجعل منه حقيقة واقعة سندها الشعر نفسه. 

(1)الإسراى الآية 60. 

(2) هذا لون بلاغى يسمى [إيجاز الحذف]؛ وهو من باب حذف المضاف. وبقاء المضاف إليه يدل على المحذوف. 
كقوله تعالى: (واسأل القرية) أي أهلهاء ينظر معجم المصطلحات البلاغية؛ د. أحمد مطلوب. 1/ 353. 

(3) في الديوان: [فحظك البطالة] بدل [فحظك في البطالة]. 


2 - وَقَدّمْ وأقُدِم ماكَمَدْت لهمعال خحَوالف. واخرج عن قعود التلفت!!) 

يقول: وقدّم أولاً ترك الذي قعدت له. أي وقفت إليه مع الخوالف. [أراد الخوالف]2) 
كل شيء لا يوجب القرب إلى هذه المقامات الكمالية» أو الوقوف مع ما صارت دونه من 
المقامات, أي قدّم ترك البطالة بالوقوف فيها مع أهلهاء وأقدم بقوة عظيمة إليناء واخرج عن 
قعود: أي قعودك فى التلفّت بالنظر إلى الأغيار» فالمحبٌ ليس له قرار فى مرتبة [بل كل 
مرتبة]) يرقاها طلب أقرب منها كذلك بلا نهاية» فقالت له الحضرة: فحظك يكفيك من 
الوقوف في وقوفك عنّا فيما أجزت من المراتبء أو أتحرت الوصول إلينا بوقوفك سائراً في 

قال: 

3 - وَل بسيِفٍ اَم سوفّ فإنْ تَجُذْ ‏ تجذ تَمّساً فالس إن مدت جدَّتِ 

يقول: وَل بالجيم والذال المعجمة وفتحها وتشديدها: أى واقطع لسيف العزم 
[سوفاً] وأراد بسوف التأخير» فإن تجدّ: أي فإن تقطع تجد دبالكم والدان المههلء» 
هما نَمَسَاً -بفتح النون والفاء والسين: أي سعة؛ فالنفس وهي ذاتك إن جد أراد إن جذّت» أي 
تلفت غرن هيز انها وطرانهاا وهو اها تند كت جبالال المؤملات؛ أي جدّت في السلوكء 
وأسرعت إلى ما يراد منهاء فافهم ذلك. 

قال: 

4 - وأقبل إليها وانْحُها مفلا فقد ‏ وَصَيِتَ لنُضحي إن قَبِلْتَ وصيّني 

يقول: وأقبل بقوة العزيمة إليهاء وانحها: أي واقصدهاء مفلسا: أي خلياً من الأغيار 
كلها ليس في قلبك شيء منهاء ومفلسا من رؤيتك ورؤية أعمالك. ومن رؤية كل شيء 
سواها فقد وصيت. أراد بوصيت بمعنى وصلتء وأراد معنى وصلت بمعنى جمعت؟ 


(0) في الديوان: [: وأقدم وقدم] بدل [وقدم وأقدم]. و[قيود] بدل [قعود]. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في سء والخوالف: خالفة» وهى مَنْ تخلف عن المجاهدين من الضعفة كالنساء 
والعيان زهو نظ إلى قوق تا د« ضشوا يأك مرا الخزالي ولي عل فلريين كورلا انمه رمت 64[ التورة 
7 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


لأنّ الوصل'!) جمع بين واصل وموصولء أو بين موصولين» أي فقد جمعت لك بيان 
السلوك وشروطه لنصحيء. يذل نصحي: أي إعذاري وإنذاري لك وتحريضيء» ووصيتي 
عليك إن قبلت وصيّتي فقد فزت بالسعادة الأبدية في الدنيا والآخرة. 

قال: 

5 - فلمِيَئْنٌ منهاموسرٌ باجتهاده ‏ وعنها به لم يَأ مُؤْئِرُ عُسرة 

يقول: لما كانت حضرات القرب إلى الله تعالى من عباده على تفاوت» وكل حضرة 
تال بوجه من السلوك إليهاء وهذه الحضرة لا تُنال إلا بهذا السلوك. وذلك حقء وقد قلت 
لك في وصيّني إليك. ونصحي لك أن تقصدها بالإفلاس من رؤية شيء من الأغيار حتى 
غن نفسك» وعن رؤيتك لأعمالك كانها لبتن يشي في عق انهاه إنه كم من امححت 
رامها ورأى كثرة أعماله في اجتهاده. واستعظم ما كان من جنابه إليهاء فلم يَذْنْ منها: 
أي لم يقرب إليها هذه الحضرة» وإن قرب إلى حضرة هي دونها [43و] فإِن المراد هنا 
هذه الحضرة» موسراً باجتهاده: أي بكثرة اجتهاده من الأعمال مثل عامة أهل الإسلام 
المخلصين إلى الله بأداء الواجب وترك المحرّم, وما قدروا عليه من المكروهاتء والعمل 
بما قدروا عليه من المندوبء. والوسائل الشرعية الخفيفة عليهم. ولم يتخلصوا من رؤية 
الأغيار» ورؤية نفوسهمء ورؤية أعمالهم إليها مفلسين من كل شيء سواهاء فهم وإن بلغوا 
الحضرة الأولى من القُرب فإنّهم لم يدنوا إلى هذه الحضرة. ولم ينأ عنها مَنْ أتاها كاملاً 
بأداء الطاعة» وهو مؤثر العسرة؛ أي مختار الإفلاس بعد ذلك من كل شيء سواهاء ولأجل 
ذلك أمرتك أن تأتي إليها به. 

قال: 

6 - بذاك جرى شَرْط الهوى بين أهله واطائفنة ِالعَهْدٍ أؤقَث قوفت 

يقول: بذلك: أي بهذه الشروط جرى بين أهل الهوى. أي أهل الحبّ فى كمال صدق 
المبحج من النيحك لميحبوية أن لابأئيه الاأكائلا لأرما للانتقامة الى أراذها من محيريه: 
وأن يكون مع ذلك مفلساً خالياً باله من كل شيء سوى محبوبه حتى لا يذكر الحضرة ولا 


(1)فنَ بن [الوصوك): 


غيرهاء وإن كان هو قاصداً إليهاء وإنّما في قلبه ليس شيء غير ذكر المحبوب'» وطائفة 
وقّت بهذا العهد الذي عاهدوا به أنفسهم بوفاه» وعهدهم هو قوة عزيمتهم التي أضمروها 
للسلوك في ذلك أنهم لا يرجعون حتى يصلواء أو يموتوا) قبل الوصول. فوفت: أي 
فوفوا بالعهد فووا بمرادهم وبما أحبّوه وقصدوه. 

قال: 

7 - متى عَصَّفَتُ ريح الفّنا قَصَمَتُ أخا غنا ولو بالققد عبت. لريتعة 


يقول: متى عصفت ريح الفناء: أي هبّت بقوة ريح الفناء» أي النظرة إلى كثرة الأعمال» 
ورؤيتها بعين الاستعظام لهاء أو كثرة الرؤية إلى الأغيار» قصفت: أي كسرت أخا عناء» 
أي صاحب العناء.ء أي صاحب التعب بالعناء فيها عن الوصول إلى هذه الحضرة كما 
قالت: كم تطاولت أعناق إليها فيجَذَّت قبل الوصول إليناء ولو هبّت بالفقد لربت» أي 
لرفعت من الربوة التي هي الارتفاع؛ ومراده بالفقد الفناء عن كل شيء سواهاء وقيل: متى 
ريح الغناء» -بالغين المعجمة- كالأول» ولكن هنا مراده عدم الاحتياج» أي لم يحتج 
إلى شىء سواهاء والغنى بتلك الحضرة الجمعية» وتجلى قوله تعالى: «لولاك ما خلقت 
الكؤن» عليه قيانن] وا مشمناك 1لا الس حا لكي لمكا قلطن اتنا ريا ار زا 
الثروة بذلك الغناء الحقيقي أيضاًء فلا يرى ذلك الفناء أيضا لتعاظم المحبّة عليه» ولو هتّت 
بالفقد: أي بفقد رؤية ذلك الفناء بها لَرَبَتْء أي زادت مرتبة قرب أيضاًء فافهم الفرق بين 
الوجهين. 

قال: 

واعدى شيف السيار انها مُدى القطع ماللوَّصْلٍ في الحبٌ مُدَتِ 

يقول: وأغنى يمين: أي يد يمين يكون أن تكون كل ما تراه أنّه يسارء أي غنى لها بذلك 
من الأغيار الذي هو في الحقيقة ليس بغنىء أو تراه غنى من الحضرة الحقيقية حتى فيما 


(1)في س: [محبوبة]. 

(2) في الأصل و[س]: [يصلون أو يموتون]. 

(3) في الديوان: [غناء]ء بدل [عنا] و[بالفقر] بدل [بالفقد]. 
(4) يعني الاستغناء. 


يُفُاض عليه من صفاتها أن يكون جزاؤهاء أي تلك الأشياء التي يراها غنى» أي مُدى القطع. 
أي سكاكين القطع؛ ما للوصل: أي ما دام يقطعها للوصل مدة؛ أي أسباب الحبّء والتوصّل 
به إلى ما هو أقرب من تلك الدرجة ممذة له بترك رؤيته إلى ذلك الغنى فإنّه يترك رؤيته. ولا 
يقف عن قطع الأسباب المانعة له إلى زيادة القرب ما دامت الزيادة ممدّة له بقطع ذلك بلا 
نهاية حتى يفني روحه ملك الموت. 


قال: 

ركف اه 4 : 55 58 0 5 20 
9 - وَأخلص لها واخلصٌ بها من رُعونة اف تقارك من أعمال بر تزكت 
يقول: 


[43ظ] وأخلص لها بالطاعة» وتخلص لها من كلّ شيء سواهاء وأخلص بها لأنّه لا 
يصمٌ إلا بها في كلّ عمل تحبّه منك. وأخلص بها: أي برؤيتها من رعونة؛ أي من إعجابك 
برؤيتك افتقارك. أي من رؤيتك لخلوّك من كل شيء سواها حتى من أعمال برّ تزكّت. أي 
خلصت إليها من كل شيء سواهاء فلا تنظر إلى افتقارك إليهاء ولا إلى أعمالك؛ ولا إلى 
اق رياه لل الى ايلع ا كن كله 

قال: 


0 ير ل 5 
0ظ1 - وَعَاد دواعي القيل والقال وانجٌ من عوادى دعاو صدقها ل سمعه 


يقول: وعاد: والمعنى أراد ترك القيل والقال» أي اترك كل قول يوقفك عن السلوكء 
واترك الالتفات إليه. وان عن عوادي: أي كل ما كان من عوائده الصدود عن قصد السبيل 
من الأشياء التي لا تدعوك إلآ إلى أعمال إذا نظرتها بعين اليقين وجدتها دعاوى» وصدقها 
قصد السمعة والشهرة والرياء والإعجاب'!)» والمعنى صدقها: أي حقيقتها يؤول كذلك 
فدعها عنك. وكذلك الوقوف في أحد المقامات فإنها عند الحضرة الأعلى إذا قصدتهاء 
ووقفت مع هذه فإنتها تكون معها قصدك لها دعوى أيضاً. 


(1) أسهب الغزالي في الحديث عن هذه المطالبء أي السمعة. والشهرة؛ وطلب المعرفة بين الناسء وذلك في كتابه 
إحياء علوم الدين» ينظرء 3/ 274, وما بعدها. 


[قال]7": 
71 - فَألْسَنُ مَنْ يُدْعَى بألْسَن عَارف 6 فإن عبرت تلك العبارات كلت 


يقول: فاقصد إلى هذه الحضرة المحبوبية» وخلٌ عنك كلّ ما يمنعك عنهاء ويشغلك 
بشيء تحبّه دونها فإنها هي المحبوبة التي لها الصفات المحبوبة في الحقيقة» وعلى 
الحقيقة التي ليس مثلها شيء محبوب لا في الدنياء ولا في الآخرة. فَألْسّن: جمع لسان 
مَنْ يدعى إلى معرفتهاء وإلى وصفها إذا وصفها مَنْ هو أَلْسَنْء أي أفصح عارف بها من 
الواصلينء إليها فإنه لراراد ان يعرعن حتينتها ني أرضاتها مويه عانم الأضاع 7 5 
عالم المثال؛ أو عالم المعاني؛ أو عالم الأمرء أو عالم السرّء أو عالم الغيب فإنّ عبارته إن 
عتبرت تلك العبارات؛ أي الصفات الني لها كلّت عن إدراك حقيقة وَصَيها ذان نبال كيان 
صفائها وكمال جمالها وجلالها لا يحيط به إلا الله تعالى؛ لأنّه لا يعرف حقيقة وصف الله 
تعالى إل هو. وإن نحن عجّرنا عن صفاته بصفاته الحقّ فإنّها موصولة إلى حقيقة وصفه. 
ولكن من حيث لا يحيط بحقيقة ذات كمال الصفات كما هو يعلم صفاتهء ويرى كماله 
وجلاله» جل وعلا. 

قال: 

2 - وَمَاعَنْه لم تُفْصِحْ فإنّك أَهْلَهُ رافك غريك فيه إن فلك فاطانت 

يقول: وإن علمت بعبارتك أنك لم تقدر أن تفصح عن حقيقة كماله وجلاله وجماله 
في عبارتك عنه» وذلك أنَّ حقيقة جلال جماله» وكماله ليس كما أنت عتّرت عنه؛ وأنّه 
لا غرفت تع ضفانةاللسالا تو ايك أهلةه أى اها لمي هه :ومين أهل زمه إن 
ظَننتَ أنك قد أحطت بعبارتك في وصفه. وأنْ ذلك هو غايته فلست من أهل المعرفة به. 
فأنت غريب, أي أنت في غير وطنك؛ لأنَّ وطن وجودك يدل على أن كمال الله لا يحيط 
بحقيقته إل هو فقد سافرت من وطنك الصحيح إلى البُعد عنه في صحّة التوحيدء وعن 
دلالتك؛ لأنك أنت آن, أي قريب. أي دلالة ذاتك قريبة إليك. إلى تصحيح الح منها.ء 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س. 
(2) في الديوان: [عُبرت كل] بدل [عترت تلك]. 
(3)م,ٌ الحديث عن هذه العوالم»ء وللمزيد ينظر موسوعة العجمء ص600. وما بعدها. 


وقريبة [إلى الله](!) بتسبيحها للهء ووصفه بصفاته؛ وأنّه لا نهاية لكماله» وأنّه لا يحيط 
بكماله إلآ هو. وكذلك بجميع صفاته؛ فدلالة ذاتك ومعانيهاء ودلالة جميع الوجود 
ومعانيه واحدة قريبة إلى الله بالتنزيه [لله]2 والتسبيح» والشهادة له بالعجز عن إدراك 
معرفته» وعن الإحاطة بمعرفة حقيقة جماله وجلاله وكماله» وإذا كنت كذلك فأنت غير 
محقّق بالتوحيد فاصمت عن العبارة. 

وله وجه آخر في معناه أنك [إن]!*) اشتغلت بتدقيق [44و] معرفته وأنت غير سالك 
حته» فأنت غريب عن وطنك الذي أنت قريب من الوصول إليه بتلك المعرفة؛ لأنّ تحقيق 
المعرفة أن تقصد بها إليه. والصمت) أولى ما بك» ولكن قد يكون لطلب جاه إذا ظَنّ أنه 
هو الأمدح له. 

قال: 

3 - وني الصَّمْتِ سَمْتٌ عِنْدَه جَاهُ سكة 2 دا عَبِدّه مَنْ ظنه خََيِرَ مُنكت "ا 

يقول وفيه تقديم وتأخير: وإنّي أمرتك بالصمت في العجز عمّّا لا تحيط به والصمت 
على وجوه وقد يكون في بعض وجوه الصمت سَمْتٌ؟ أي قصدء عنده: أي بصحبة 
جاه أي طلب جاه. مُسكة: أي بقية مأخوذ من معنى التمسك ببعض الشيء؛ ويمكن أن 
يكون تقديره: وفي بعض الصّمت قصد بصحبة بقية من طلب بجاه متمسّك في طلبه لجاه 
من هذا القصد. ومَنْ كان كذلك فقد غداء أي أصبح عبده؛ أي عبداً للجاه من ظنّه. أي 
ذلك القصد والطلب والسعى لثباته فى السكوت أنه يصير بذلك» أو قد صار بذلك خير 
مكف إن اند تبتكف عل هذا تعد ار كلاه عير بيك امبرل أله كلماكان 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

30 1م ون المققو قناقن مر 

(4) الصمت من آداب الحضرة؛ وهو لا يختصّ باللسان لكتّه على القلب والجوارح كلّهاء وهو من الصفات الواجب 
توافرها في السالك. ومن المأثور عند القوم: صمت العوام بألسنتهم. وصمت العارفين بقلوبهم. وصمت 
المحتين من خواطر أسرارهم؛ ينظر عن الصمت موسوعة العجم. ص550. وما بعدهاء وموسوعة الحفني. 
ص835 

(5) في الأصل: [سمعت] بدل [سمت]. ولا يستقيم؛ وهي [سمت] في س. والديوان» ينظر. ص107. 

(6) في الأصل: [سمعت] بدل [سمت]. ولا يستقيم؛ وهي [سمت] في س. والديوان» ينظر. ص107. 


276 


السكوت أكثر فهو'!) أهيب له مع الناس طلباً للجاه لا لله تعالى» وكان سكوته خوفا أن 
يفتضح مع مَنْ هو أعلم منه. فكل هذا من الرياء به. وطلبه لغير الله جل وعلاء وإِنَّما أمره 
بالصمت في سلوكه إلى الحضرة الجمعية التي انتهينا بالوصف إليها؛ لأنّ الكتمان أسلم 
له ولكن يكون ذلك الصمت لعماه عن رؤيته عن كل شيء سواهاء ويكون مع ذلك كما 
قال. 

قال: 

4 - فكنْ بَصَراً والظر. وسمعا وَع. وك لساناً وقلّ فالجمعٌ أمُدى طريقة 

يقول: فكن مع صمتك عن كل شيء سواها لعدم رؤيتك إلا إياها بصراً ببصرهاء 
وانظر بهاء وكن سمعا بسمعهاء وع قولهاء وكن لسانا: أي ناطقا بكلامهاء وتكلم بهاء وقل 
فالجمع أهدى طريقة: ومراده وقل بلسان حالها حال سلوكك إلى هذه الدرجة التي هي 
الجمع» أي فناء النفس وفناء الروح منهما إلى حضرة الظاهر من غير الوجود بفناء النفس» 
وإلى حضرة الباطن الغيب الأزلي بفناء الروح. وهي الحضرة الإلهية الجامعة للحضرتين» 
أي حضرة الروح» وحضرة النفس» فحضرة الظاهرية الشهود به وحضرة عالم العلم 
الغيبيء ومعنى عالم الغيب هو العلم الذي لم يتجل بالشهود المقدّم ذكر ذلك حتى يكون 
كما قال: «فإذا أحيبته كنت سمعه. رتهرن ولجائب وزادوو حون ربعيو وبي يبع الريك 
ينطق. وبي يبطش». أي بإرادتي» وبمحبتي فلا يفعل إلآ ما أحتّه أن يفعله فكأنّه هو الفاعل 
حيث أراد فعل هذا به» فحينئذ بهذه الصفات لا نهي عن كلام ولا نطق» ولا سمع ولا أمر 
بصمت؛ لأنْ ما كان من ذلك فبمحيّته وإرادته. 

قال: 

5 - ولا تَتبع مَلن سَوَّلَثْ نَفْسْه له قصَارث له أثَارةٌ واسْتّمرّت 

يقول: كن كما قلت لك ولا تنبّع مَنْ سوّلت له نفسه إمَا لإعمال المعصية, وإمَا قعدت 
به بعد كمال الإيمان الواجب عليه عن الارتقاء إلى هذه الدرجات فصارت له أمّارة إمَا إلى 


(1) في س: [ أنه كلما كان لعله السكوت السلوت أكثر فهو ...] ولا معنى لها. 


المعصية. وإمًا إلى التقاعد'!) عن الارتقاء بالوسائل التى لا يهلك المرء بهاء واستمرّت به 
كذلك. فالنفس الأمّارة بالسوء هي الأمارة بالمعصية. والأثارة بالتقاعد هي التي تعاجزه 
عن كثرة التعب بطلب الارتقاء الذي لا ينال إلا بأشدّ بلاء لها؛ لأنها لم تزل تطلب الراحة 
التي هي في الحقيقة ليست هي راحتهاء وتنفر عن بلائها الذي فيه حقيقة راحتها. 

وقذ ذكر أولاالتقنن التطيعنة [وهناةىالتفسس الأعارةوسية» بعلشين النفسن اللوامة 
ليجمع في نظمه المراتب؛ ولم يزل يذكر مراتب التصفية]7) تارة بترك المحرمات [44ظ] 
وتارة بترك المكروهاتء. وتارة بإخلاص أركان الإيمان الشرعية الواجبة والمندوبة» وما 
شاء الله من الوسائل, وتارة كذلك بهذه الوجوه الخمسة بمعاملة الحقيقة» وتارة بعلم 
المكاشفة الواجبء. والمستحيلء والجائزء وتارة بفضائل التصوف بطريقة التجريد وتنوير 
النفس المجرّدة: وتارة بطريقة المحبّة والفناء فيهما شيئاً فشيئاً [ترتيباً]' محكماً بنظم 
أكمل فيه أنواع البديع» وعلم المعاني؛ والبيان» وانظر إلى كثرة استعماله لمجانسة الكلام» 
ولو قال قائل: إن شرح كل بيت من نظمه يحتمل [أن يكون]*) كتاباً واسعاً لكان صادقاء 
وإِنّا أوجزنا خوف الملل ولأنّا لم نطلب بهذا الإيضاح ليكون كتابأء وإِنّما جعلناه تذكرة'”) 
لناء فافهم دلك: 

قال: 

6 - وَدَمْ م عداها واعْدٌ تَفْسَكَفهي مِنْ 2 عداها وَمُذّ منها بأَخْصَنٍ 4 

يقول: ودع ما عداها: أي ما عدا الحضرة الجمعية, واعدً©» نفسك: أي وجاوز 
نفسك. وجاوز جميع الأغيار إليهاء ويمكن أن يكون أراد واعدٌ من العدو في الحرب. 
وأراد بذلك: وعادهاء وخاصمها فهي من عداهاء أي من أعدائهاء أي هي عدوّة لهاء 


() في س: [الفناء ] بدل [التقاعد ]ء ولا معنى لها هنا. 

(0مابين المعقوفين ساقط في س. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(4)هانتن المعتوفي باقط ف شر 

(5) يردّد الشيخ يدنه هذا المعنى في ثنايا كتابه. وهذا من تواضع العلماء فيه. وإلآ فهو كتاب فيه من شروط الكتاب 
النصيب الأوفره وقد وقفنا فيما سبق عند ولع ابن الفارض بالبديع. 

(6) في الأصل و[س]: [وأعدوا]. 


2/8 


أي الحضرة. ويمكن أن يكون أراد: وجاوز كل شيء سواها حتى نفسك؛ لأنّها هي من 
سواهاء وَعُلْ -بالذال المعجمة: أي واستعذ منهاء أي نفسك. بأحصن جنّة: وهي الترس» 
والمراد بأحصن وقاء. أي حصن يقيك عنها. وليس هو غير مخالفتها وفنائها حتى عن 
رؤيتهاء وعن رؤية كل شيء سوى الحضرة المحبوبية الجمعية. 

قال: 

7 - فَتَفْسيَ كائث قبل لوَامَةٌ منى أطثها عقت أو أعين" كانت قطي 

يقول: كن كما أمرتكء وإن رأيت نفسك أمّارة بالسوء. أو أمّارة بالتقاعد عن طلب 
هذه المرتبة القريبة؛ وكذلك كانت لوّامة» واللوامة هي المطيعة لله. وقد تعصي تارة» 
ومتى عصت لامَتْ نفسها وبادرت إلى التوبة» والمطمئنة: أي الساكنة الثابتة التي 
تجاذبها إلى رغبة المعصية أصلاء ولكن قد تكون مطمئنة بإخلاص عامة المؤمنين» 
أو بإخلاص زقّادهم في الحلال, أو بإخلاص العلماء بإخلاص عامة المؤمنين بزهد 
الحرام والمكروهات» أو بإخلاص زهادهم في الحلال إلا ما لابدّ منه. أو بإخلااص 
العلماء بإخلاص أهل الحقيقة المتصوفين بالتجريد, أو إخلاصهم بإخلاص أهل الحقيقة 
المتصوفين بطرق المحبة ودرجاتهاء فهذه ستّ مراتب'2» وكل مرتبة هم على تفاوت في 
درجات تفاوتهم. ثم كل مرتبة منهن إِمَا مريد محبّ لنفسه. وإِمّا مريد محبّ للمحبوب 
لا يشركه فيه غيره حتى المرء نفسه فهي مرتبة أعلىء وإمّا مراد هو في هذه المرتبة الأعلى 
فتكون مراتب الإخلاص كل منها على ثلاث بثماني عشرة!" مرتبة» وفي كل منها بمعنى 
غير اللازم نفس أمّارة على تقاعده بالأدنى عن الأفضلء. ولوّامة فيما علت فيه؛ ثم نزلت 
فطلبت الرجوعء ومطمئنة لا تريد النزول» وليس المراد أنها ساكنة لا تطلب الأعلى فإنّها 
تكون بذلك حتى في المراتب العليّة» وهو مشير إلى جميع معاني ذلك. 

قال: 


8 - قَأَوْرَدْتَهاماالموتٌُ أيْسَبْ بَعْضه وانفشياة يفا كون فرسم 


(1) في الديوان: [تُعْصّ] بدل [أعص]. 
(2) ينظر موسوعة الحفني. ص 633. ففيها حديث عن مفهوم ابن الفارض لا وخللاص. 
(3) في الأصل و[آس]: [ثمانية عشر]. 


2109 


يقول: فخالفتها وأوردتها ما الموت أيسر بعضه: أي أوردتها شدائد السلوك؛» وتحمّل 
بلاء ما أقاسيه ما كان ألم الموت وشدّتهء أيسر: أي أهون تعبأ من بعض شدائد ما أوردته 
إِيَاها وحمّلتها بلاءه وأتعبتها فيه كي تكون مريحتيء أي كي أفنى بحبٌ [45و] الحضرةء 
ولآ انر سواه فسيية أكون قد يلغت الخاية :فى الرائحة» لأن وضبال أحة ىه إل الذئ 
إذا وصلته أسكر بالنظر إليه» [ولا أنظر]'!' شيئاً سواه هي حقيقة الراحة» وقوله يطابق 
المعنى الظاهر؛ لأنَْ مخالفة الهوى. والخروج من الأغيار هو أشدّء أي أعظم من شدّة 
الموتء إذ شدّة الموت لا تبلغ رضا المحبوب مع المعصية» ومخالفة النفس» وجلاء كل 
ذرة من الأغيار يستوجب بها زيادة القرب» فهي أعظم من جميع شدائد الموت. 

قال: 

9 كتاكت زنقيا نلك تحت له متى وإن خَفَفتٌ تَنها تأذت 

يقول: فعادت: أي فرجعت نفسى اللوامة بالنزول عن مراتب الدرجات العليّة. وأراد 
بالّوامة التي تلومه بالعذل عن طلب ذلك؛ وصارت مهما حُمِّلته - ما لم يُسء!2 فاعله - 
أي مهما حُمّلته؛ أي عمل ذلك الأمر الثقيل عليها عمل مما يجب لها أن تعمله. أو ترك 

0 ع 

ما هو ثُقل عليها تركه ممّا يجب لها تركه. أو جلاء ما ثقل عليها جلاؤه حتى تصير صافية 
كما هي في عالم أمرها قبل أن تتدنس بنزولها في عالم هيكلها”'. وهو صورة الشخص 
حُمَلتهء أي ذلك التكيف مني لهاء وإن خففت عنها ذلك التحميل بطلب الأخف في ظاهر 
الأمر تأذت بذلك مني لما نظرت إلى كمال التكليف على جميع ذلك إلى أن تصل إلى 
حضرة محبوبها. 

قال: 

0 - وَكَلَّْتُها لا بل كَمَا كفْلتٌ قيامَها بتكليفها حتى كلفتٌ بلقي 


(1) مابين المعقوفين ساقط في س. 

(2) في الأصل و[اس]: [ب شن 

(3) يكرّر الشيخ ناصر هذا المعنى مرات؛. وهو - بلا شك - متابع فيه المقولة الشائعة عن نزول النفس من عليائها 
لتلتحم بالجسد. وتبدأ بهذا دورة جديدة حين ترغب النفس وتنزع للرجوع إلى عالمها الأصليء ولن يثّم هذا إلا 
بطريق السلوك وهو ما نحن فيه. 


2020 


يقول: وكلفتها السلوك: أي وحمّلتها مشقّته. ثم استدرك وقال: لا بل كفلت قيامهاء أي 
ضمن لي قيامها بتكليفهاء أي بتحميلها مشقّته بحبّها لذلك فهي كفتني بذلك عن أن أكون 
نشخلا لبامشقة؛ انها هى سارف قرية الطلت واليدة والح ة وى علقت أ ولعت 
حباً بكلفتي؛ أي بولوعي حباً بذلك السلوك أي كفاني حتّها إلى السلوك عن أن أكون أنا 
المحمّل لها حتى كلفت. أي حتى صرت شديد المحبة للسلوك بكلفتي» أي بشدة محبّتي 
إلى تلك الحضرة بشدة ولوعي إلى مقاساتي أنواع الحبّ في ذلكء وكثرة الولوع في حبٌ 
ما يقرّبني إليهاء ولم يزل يذكر مرتبة مرتبة صاعداء ومن النفس الحيوانية ثمّ الإنسانية ثم 
الروحانية» ومن النفس الأمّارة إلى اللوامة إلى المطمئنة كما قال: 

1 - تَأَدْمَبِتٌ في تهذيبها كلَّ لذَة بإبعادما عن عَادها فاطمأنّت 


يقول: وأذهبت في تهذيبها: أي تأديبها في طريق سلوكها كل لذة هي لذة في حقٌ 
غيرهاء وكلّ لذّة بعد ذلك من كرامتها بعدم رؤيتي إلى تلك الكرامات سوى إرادة الوصول 
إليهاء وزيادة القرب منها أنداء وبإبعادها عن عادها: أي عاداتهاء وأراد تذلك ترك ما لو 
فاتها من قبل أن يتمكن حبّها إلى السلوك حتى اطمأنت» أي سكنت إلى ترك ذلك» وإلى 
السلوك بأحد اجتهادها للوقوف لها أبدا عن التقى حتى تصلء أو تموت قبل أن تصل» 
وكل ذلك مقبول منها. 

قال: 

7 و كي سول كو با عاركتة. ‏ واشهذ هن كه عند كت 

يقول: 

ولم يَبْقّ هول: أي أمر صعب السلوك في قطع هذه الطريق هو دون الوصول. 
أي قبل وصولها إلى المرتبة التى تصير بها نفسا [مطمئنة]!' إلأ وتحمّلته» وكلما وصلت 
إلى مرتبة من ذلك أشهدت نفسيء أي أنظرها فيه أنها غير زكية بذلك» أي غير مطمئنة. 
كما قال: 


(1) ما بين المعقوفين مطموس في الأصلء والزيادة من س. 


203 - وكل مُقام عن سلوك قَطْمْتُه عُبوديبّة 51 بعبودتي'!) 

يقول: وأنا مع ذلك في سلوكي على هذا الوصف كل مقام من مقامات السلوك في 
عمل ما أحبّت لي عمله. وفي ترك ما أحبّت لي تركه [45ظ] ولم أرَا) فيه نفسي زكيّة 
أخلصت فيه عبودية لهاء أي أردت به أداء حقّ عبوديتي لها لوجوب ذلك على عبوديتي 
لهاء وقد حقّقتها: أي تلك العبادة» بعبودة منّي لها: أي بمعرفة متي أنّي أعبدها عبادة حقا 
[ورقًا]7. واحتياجاً إلى غير ولك 

قال: 

4 - وَكُنتٌ بها صبّاً قلّمائركتٌ ما أرادت أرادتنىي لها وأحببت 

يقول: وكنت بها: أي بالحضرة الإلهية الجمعية المقدّم ذكرهاء صبا: أي محباء فلما 
تركت ما أرادت أن أتركه. وهو كلّ شيء سواها إلآ ما يقرّبني إليها لا غير أرادتني وأحبتني 
وتجلت إلىّ. 

قال: 

5 - قَصِرْتٌ حبيباً. بل مُحبَأًلئَفْسه 2 وليس كَقَول مَرّ: تَفْسي حبيبتي 

بقول:'فسرية وموك 01 لضفي السرفة اللاهريةتوالاملية القميةة وتحليها 
عليّ فانيَ النفس والروح معا في عالم الغيب وعالم الظهور معاء حبيبا لها: أي هي المحيّة 
لى» أي الحضرة الكمالية؛ لأنى كنت كما أرادتنى وهو الكمال. 

لمن لى لز لجامف تازت ع م لاخو 
كمال تايزه نلق تلم وحت إلا كماله» نهر قد الح كباله الاي عله كسالا والنته: 
وانّحدتٌ بكماله وبحتّه» فكانت محتّتى ومحبّته لى واحدة» وكمالى وكماله الذي جعله 


(1) في الديوان: [بعبودة] بدل [بعبودتي]. 
(2) في الأصل و س: [أرى]. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

)04( في الديوان: [أريد] يدل [أرادت]. 
(5) في س: [بوصلي]. 


لي كمالاً في تدبيره واحداًء فافهم. 


قال: 

6 - خَحرَّجْتٌ بها عَنَي إليها ولم أَعَدْ إلىّ ومثْلي لا يقول بِرَجْعَة 
يقول: خرجت بها: أي ذهبت وسرت وسافرت بنفسي عنّى. أي عن صفات نفسي 
وحظوظها'''. وعن كل ما ورد إليها من غيرها إليهاء أي إلى الحضرة الجمعية التي هي 
الكمال؛ ففارقت الأغيار ونفسي وكل شيء سواهاء ولم أعد إليّ: أي ولك أريجم يقد ذلك 
إلى نفسي؛ لأنّ صفات نفسي صفات الفناء ولها الصفات الفانية» وقد تجلّت بصفاتها 
الباقية» فإنّي بحب الفناء من تحلى بالبقاء. لا بل مثلي, أي مَنْ صار في منزلتي هذه لا يقول 
برجعة, أي لا يتمنى ولا يريد الرجوع. ولا ينثني برجعة لما رأى وتحقق. 

قال: 

يقول: ولما خرجت أولا إليهاء أي إلى الحضرة بنفسي عن نفسيء وتجلي بعض 
جمالها عزلت نفسي التي خرجت بها أولاً إليها عن ذة نفسيء أي عزلت هذه النفس أيضا 
التي خرجت بها؛ لأنْ الأول معناه الخروج عن النفسء »أي عن أوصافهاء وهذا خروج 
ا جد رع ا ا و لي 
عر يي ا اي 
فانية حتى عن ذكر نفسهاء أي نفسه. 

قال: 


2 3 54 و 1 2 
8 - وَغيّبت عن إفراد نفسى بحيث لا ير احمنى إبداء و صسى بحضرتى ”!ا 


(1) في الأصل و[س]: [حضوضها]. 
(2) هناك بيت بعد هذا البيت في الديوان هو: 
وأشهدت غيبي إذ بدت فوجدتني 
2153 


- 2 7 1 55 5 5 5 0 ل 00 5 

يقول: وغيّبت: أي وفنيت عن رؤيتي إفراد نفسي فلم أرَ نفسي أني أفردتها عنهاء 
وصرت بحيث لا يزاحمني نظري إلى إبداء وصفي بحضرتيء أي إلى ظهور وصفي لي 
أنّي بحضرتي بهاء أي صرت بحيث إِنَي لا أرى نفسي أنْي أرى الحضرة المتجلية علىّ 
وإنى قد صرت بوصفى كذلك. 

بيان: 


ويغك أن تخلصن من القبوة» وحعت الأغبارة وتخصّض بأنواز الوحدة» وإطلاق 
البقاء ببقاء حضرة الرحمن والودود شرع بذكر ما تحمّق من الحضرات الظاهرية والباطنية 
والجمعية بينهماء ليكون ذلك سبباً باعثاً للترغيب وللحتٌ على السلوك الأول. وما تحقّقه 
سق اللفسن: 

قال:[46و] 

08 وَعنا أننا أبدئ في اتشادي منداي الت انتهائي في تواضع رفعتي'"'' 

يفول وفية تقديم وكاس ولقديرةة وها آنا اند اي انقو وأكدفي وان ترفيا 
للسالكين بياناً في اتحادي بالحضرة الجمعية الكمالية الاتحادية التي أصير فيها: بي يسمع 
وبي نيصر وبي ينطق» :وني يبطئنء وأنهي اننهاتي في تواضع رفعتي: أي أنهي نفدي أن 
تطلب نهاية في ترقي القرب؛ لأن ذلك من سوء الأدب في كمال المحبة؛ لأنْ المحبّ لا 
يطلبء ولا يرغب للقربة نهاية» وإنما أنهي انتهائي في تواضع رفعتي. فمتى نظرت نفسي 
أنى قد أكملت مراتب القرب واكتفيت بذلك دل على نظر نفسى بالرفعة» وصار لحبّى فى 
الطلت حت ولعي الواهم عن رقعتى هله افاكوق كال بعد لم اشيج ابد 00070 

والاتحاد له معنيان!”»: أحدهما علم الله به في حضرة غيبه الذي لم تزل ذاته به عليمة. 


هتالك إياها بجلوة خلوتي 
تمرك بيك كنل مكية المسلبيل ورفعة][ 04 ]يوق المز اك ومنت ]ندل لس 

(1)هكا اعتلاف درسب الأننات عقا هرقن الديواف وسيرد هنا اليك بعد عليز #ورعمهقى الديراة [013]: 

(2) يدم الشيخ ناضر للاتحتآد ثلآئة معان كما سترى؛ وهو في جميعها بتبغد أي فكره ولوكانت قريية مما يذه 
إليه القائلون بالاتحاد بمعناه الآخر. وهو تصيير ذاتين واحدة, أو حالة صوفية تسقط فيها الاثنينية بين المحبّ 
والمحبوب. ومن الممكن القول إِنَ ابن الفارض والشيخ ناصر كانا يريان أنْ الاتحاد لا يبتعد عن كونه حالة نفسية 
تعرض للسالك في سلوكه. ويتكشف فيها الحجاب عن نفسه فيشهد أنْ المحبّ عين المحبوب. والمشاهد عين 


والثانى محبّته للكمال الذي هو عنده كمال لعبده فتتحد محبة العبد ومحيّة الله» وكمال 
موصوف به ذاته إذا تنوّرت به ذات العبد فافهم. 

قال: 

0 - جلت في تجليها الوجوة لناظري< ففي كل مَزْئينٌ أراها برؤيتي"') 

يقول: جلّت: أي كشفت وأظهرت في أول الاتحاد الحضرة الظاهرة في تجلّيها على 
عين حقيقة الوجود. وجلت منه غطاءه وحجابه المانع عن رؤية عين حقيقته لناظريء ففي 
كل شيء مرّ بي من عالم الشهادة أراهاء أي قد تجلت . أي الحضرة في كل شيء من حقيقة 
عين الوجود برؤيتي عيني حقيقة خصّصها لئلا يوهم برؤية الخيال في المنام أو غيره» بل 
أراها في اليقظة!2)؛ لأنَّ النائم بغفلته محروم عن رؤيتها. 


واعلم أنَّ الناس على أربعة أقسام لشطرين: مسلم في حكم الظاهرء ومشرك» والمسلم 
على ثلاثة أقسام: منافق كافر مستحل بتأويله خلاف دين الله تعالى» ومنافق منتهك لما 


والمسلمون المخلصون لله تعالى على أربعة أقسام, منهم مَنْ شهد الوجود.ء وعرف 
الله تعالى بالتصديق» وبعض التحقيق من شهود الوجود. وأقبلوا على الدنيا بالحلال» أو 
زهدوا حلالهاء ولكن ليس لهم فَهُم أكثر من ذلك». وهؤلاء في نوم على طاعة الله تعالى؛» 
وبعضهم أنكر المحبّة من الله لعباده» وأنكر محيّة العبد لله. وقال معنى قوله تعالى: 
ومحيوته: بيهم 30#. أي يحبّونه بأداء الطاعة» ويحبّهم بالإعانة والثواب» وأنّه لا تصح 
المحبّة من العبد إلا في المصوّراتء وتعالى الله عن ذلك» والداعي لهم إلى هذا الإنكار 


المشهود. ومن هنا جاءت المعانى الثلاثة التى ساقها للاتحادء وليس فيها ما يشير إلآ إلى هذا الذي ذكرناف 
ينظر عن الاتحاد موسوعة العجم. ص6. وموسوعة الحفني. ص628. وابن الفارض. د. محمد مصطفى حلمي. 
ص 290. : 

(1)هنا اختلاف أيضا في الترتيب» ورقم البيت في الديوان هو [214]. 

(2)في الأصل و[س]: [اليقضة]. 

(3) المائدة, الآية 54. 


عدم معرفتهم بحقيقة المحبّة» وعدم دخولهم فيهاء وجهلهم بأبوابهاء وقد أوضحنا ما يدل 
على نقض كلامهم مما أوردناه مثلاً في طالب العلم أنه يصحٌ بغير [تصوير]''" الذات. 

والناظم احترز عن أهل هذه الفرقة بقوله: برؤيتي» أي برؤية اليقظة المنسوبة إلىّ؛ لأنَّ 
رؤية المنام ليست هي في الحقيقة رؤيتي الحقيقية2. 


والقسم الثاني شاهدوا الشهود. وهي الموجودات. وشهدوا وجوب وجود ذات 
الحنّ في كل شيء. وتجلت لهم صفاته في كل شيء شهدوا وجوب وجود ذاته فيه فهم 
يشهدون تحقيق حقّ الذات لا الذات بنفسها فإنه مما لا يمكن شهودها. ولكن 
شهود حقّ الذات في ذات كل شيء؛ وحقّ الصفاتء وإلى هذه الحضرة أشار الناظم 
ببيته هذا. 

والقسم الثالث شهدوا المشهود أولاً» ثم شهدوا به الشهود كما أخبر الله تعالى عن النبي 
إبراهيم اكنل [46ظ] بقوله: فلمًا رأى النجم. ثم القمر ثم الشمسء ثم [توجه] إلى الله 
فقيل: إن عرف الله بذلك””). وكذلك أصحاب أهل الكهف عرفوا المشهود بالشهود. وقيل 
إِنَّهَ عرف الله تعالى أولاً قبل معرفته بالشهود. وإِنّما أراد بذلك ترقّيهم بالاحتجاج عليهم 
حتى يعرفوا المشهود بالشهود, إذ لم يكونوا من أهل المرتبة الأعلى؛ وهذا هو الأليق 
بإبراهيم الفلا. 


والقسم الرابع: شهدوا المشهود قبل الشهود. وبقوا يترقون في درجات المشاهدة؛ ولم 
يرجعوا إلى الشهود. والناظم بدأ بالمرتبة الثانية» وهم أهل اليقظة بالنهوض إلى السلوك 
إلى حضرات ملك الملوك بطريق المحيّة» والتجريد. وإنه صار يرى الحضرة في كل 
شيءء وهو في مرثبة إذا فني بحبّها فهي حبيب نفسه؛ لأنّ محبته للحضرة المحبة له هو 


(1) في الأصل: [تصور]ء وأثبتنا ما في س لتلاؤمه مع السياق. 

(2) هذاما أشرنا إليه فيما سبق. 

(3) هذا هو جوهر الفرق بين ابن الفارضء والشيخ ناصرء وبين الفرقة الأخرى. 

(4) في الأصل: [التوجه]ء وأثبتنا ما فى س لتلاؤمها مع السياق. 

(5) ينظر الشيخ ناصر إلى قوله تعالى: ظقَلَماجَنَّ َل 20 ككبا مَالَ هذا رن لمآ كل قَالَكة أحِبٌ الآليت 07 كلما 
را الْصَمَرَ بَاْضًا فَالَ هَدَارِقَ قَلَما أَقلَ مَالَ لين لّمْ مَيِفِ رن لأحكُورك ين الَو الصَّآلِينَ :180 قَلَمَارَا ألقّمْس بَازْضَةٌ مَالَ هذا 


م 01 م 


5 1 1 7 مرا مم 0 2 ع سار عر م تر # 
َي هلدا حبر علَمَآ أفلت مَالَ يفَو إِفِ برت سَمَا مروت 407 الأنعام 78-76. 


متحت نقيلة) لأنه إذا اح ما كه فيى تكة هوه فيو إن رزاع شهودزى نفتنه لقرله جال : 
(ما وسعني سمواتي وأرضيء ووسعني قلب عبدي المؤمن)'". 


اضننان | 

ثم إلى الحضرة الغيبية. 

قال: 

211 وا شْهِدْتٌ غيبي إذ بَدَتْ فَوّجدتي هالك إياها بجَلُوة حَلُووَاةا 


يقول: وأشهدت: ولم يقل وشهدتء أي وسلكت بها إلى الحضرة الغيبية بعد ذلك» 
غيبي: أي وغيبت روحيء وهي غيبة في حضرة غيبي» إذ بدت: أي إذ تجلت. فوجدتني 
هنالك إياها:أي هي وجدتني في الحضرة هنالك؛ أي في عالم الغيبء بجلوة [بالجيم]: 
أي بانجلاء كل شيء كرات اد ره [بالخاء المعجمة]ء وهو الخلاء من اتحاد 
شيء في غيب الله تعالى على ثلاثة*) وجوه: علمه بصفاته التي لا يعلمها إلا هو؛ لأنّه لم 
ينكشف من صفاته إلآ قطرة» أو ألف ألف جزء من قطرات”") من بحرء أو أقلّ من ذلك بلا 
نهاية» وأكثر من بحر بلا نهاية» وعلم ذاته» والثالث علمه وقدرته على إيجاده للأشياء بلا 
نهاية التي لا يوجدهاء وعلمه للأشياء التي يوجدها فعلمه بالأشياء وصورها على أوجد 
صورها التي يوجدها هي التي تسمّى بالشؤون عند أهل التصوف. وما كوّنه فهو على 
مثال علمه بتلك الأمثال التي ليوجدها عليهاء ولذلك” قيل إن معنى قوله غك: إِنْ الله 
خلق آدم على صورتهة» أي إِنَ الله تعالى خلق آدم على صورة آدم التي هي له صورة 


(1) مر تخريج الحديث. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط من س . 

(3) في الديوان: [خلوتي] بدل [خلوة]. 

(4) في الأصل: رسمت ثلاثة هكذا: 3» وفي س: رسمت كما في المتن. 

(5) في س: [ قطرة]. 

(6) شؤون جمع شأن وهو لكل تجل من تجلياته سبحانه حكم إلهيء ولذلك الحكم في الوجود أثر لائق بذلك 
التجلي. واختلاف الوجود. أي تغيّره في كل زمان. إِنّما هو أثر للشأن الإلهي الذي افتضاه التجلي الحاكم على 
الوجود بالتغيّرء ينظر موسوعة الحفني. ص 805. وموسوعة العجم. ص 487. 

(7) في س: [وكذلك] بدل [ولذلك]. وما في الأصل أليق. 

(8) مر تخريج الحديث. 


في عالم الغيب التي يراها الباري سبحانه وتعالى قبل أن يخلقه؛ لأنه في علمه الأزلي 
ليس هو إلا صفة في علمه سبحانه وتعالى» ولو ثبت شيئاً لغبت شيئان قديمان» ويثبت 
قدم الكثرة التي يعلمها الله تعالى جل وعلاء ولا يصحّ أن الله تعالى لا يرى [الأشياءء 
ولا مثالاتهاء ولا صورها إلا حين صوّرهاء وليست هي في حيّز ذلك غير علم» وصفة 
في علمه؛ إذ لا يصحٌ إلا غير ذلك]7'"» وهو الذي أبدع علمها ومثالاتهاء ولا يوجب بهذا 
أنّه كان غير عليم بهاء وإنما رأى مثالاتها حين إبداعها في الأزل؛ لأنه عليم وقدير» ومتى 
شاء قدّره؛ فافهم. [يقول: وأشهد غيبي؛ أي صفتي التي أنا في تلك الحضرة ليست بشيء: 
وأنا في علم الغيب]1©. 

قال: 

2 - وَطَاحَ وجودي في شهودي وَبِنْتُ عن وجود شهودي مَاحياً غَيِرَ منت 

يقول: ولمّا انتقفلت من حضرة نظري إلى عين الوجود. ورأيت فيه وجودي. وأشهدت 
غيبي حضرة الغيب طاح في هذه الحضرة؛ أي سقط نظري!/" عن رؤية وجودي. وشهودي 
في هذه الحضرة التي لا وجود لي فيهاء ويحتمل أنه أراد: وطاح بمعنى: وانتقل من هذه 
الحضرة» ونزل وجوده في شهودا*» حضرة الغيب؛ لأنّه موجود في علم الله به أزليء ثم 
قال: وبنت: أي وفارقت نظري عن رؤية شهودي. أي ولم أرَ ني قد غبت عن وجودي. 
ولم أدر” بشهودي أنّه طاح في هذه الحضرة: وأنّي في حضرة الغيب» [47و] كل ذلك 
لم أنظر إليه ماحياً غير مثبت» أي قاصداً محو ذلك منّي غير مثبت عليّ؛ وفوقي في درجة؛ 
ولامثبت علىّ رؤيتي في شيء أبدا سواهاء ولم يزل يترقى في درجة درجة؟)» وبمحو 
رؤيته عن رؤية ترقيتهء وعن رؤيته أنّه فيها كما قال: 


(عنابالقمقر كين ساقم[ سو سن: 

(2) مابين المعقوفين ساقط من س. 

(3) في س ترد كلمة [روية] بعد نظري. ولا موجب لها. 
(4) في س: [شهوده]. 

(5) في الأصل و[س]: [أدري]. 

(6) في س: [ولم يزل يترقى درجة]. 

(7) في الأصل و[س]: [وبمحي]. 


3 - وَعَاَفَْتُ ما شامّدتٌُ في مَحُْوشاهدي 2 بمُشْهده للصّحو من يَعْدٍ سّكرتي 

يقول: وعانقت: أراد بذلك» واتصفت بالصفاتء ما شاهدت في محو شاهدي: أي 
من محو وجودي يوم لا وجود لي. ولا وجود لليوم. بمشهده: أي بعلم غيبته للصحوء أ 
قاصداً درجة الصحو بالتحلي بصفاتهاء من بعد سكرتي: أي من بعد غيبة رؤيتي عني أنّي 
قد اتصفت بتلك الصفات طلباً للصحو بالحضرة الجمعية الإلهية» والعلم الأزلي”'". وأراد 
بذلك أني صرت كما أنا في علم غيبه» وأني لأتصف كذلك بما هو في علمه. 


(1) في الأصل: [الأزكي ]. وأثبتنا ما في س لتلاؤمها مع السياق. 
2039 


اليباب الثامن 


في مرتبة الصحو بعد المحو. ودرجة التمكين بعد التلوين!!» وحضرة الجمع بلسان 
المقام المحمدي 255: 

قال: 

4 - قفي الصَّحوبَدَ المَخْولم أ غَيرَها وذاتي بذاني إذ تخلت تجلّت!2) 

يقول: وفي الصحو: أي وفي حال مشاهدتي في صحوي بعد المحو لكل شيء غير 
الله من عيون الروح والنفسء ولم أكن غيرها: أي الحضرة؛ إذ لا يجوز أن يكون غيرها 
[لأن ذلك شك في العلم بالله تعالى» وكذلك حضرة الجمال والكمال يجوز أن تكون 
غيرها]!2 وذاتي: أي وحضرة مقام كمالي إذ 5500 أي ظهرت بذاتي» أي بحجري » 
تجلت: أي ظهرت من حجب ظلمتها متلوّن أن الذات معهم هي حضرة الكمال الإلهي 
الموصوف به ذاته» وحضرة الكمال الإلهي المنسوب إليه لتدبير الله المرء لتكميله به عليه 
فهي الذات مع أهل هذا العلم اصطلاحاًء يقول: وذاتي. أي وكمالي الكمال الإلهي الذي 
جعله كمالا لذاتى به تكمل ذاتى التى هى روحه ونفسه بعدما محوت الأغيار عنها إذا 
0 اق أنوار الكمال بذاتي» 5-0 أي ظهرت وأشرقت» فافهم. 

قال: 

00 5 ووم 1 7 راس وي . أو سه 

5 - فوصفي إذ لم تدع باثنين وَصفها وَهيئتها إذ واحد نحن هيّئتي 

يقول: فوصف ذاتي بهاء وكمالها بهاء ووصف حضرة الكمال. وحضرة العلم بالله تعالى. 
وهي حضرة الكمالء فإنَ حضرة الكمال والجمال بجمع جميع الحضرات في التسمية: إذ لم 
(1) مر شرح هذه المصطلحات فيما سبق. 


(2) هناك بيئان بعد هذا البيتَ فى الديوان مر سابقاء وقد أشير إلبهنما فى موضعهها: 
(3) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


تدع باثنين: أي إذ صرت أنا هي» وهي أناء فوصفي وصفهاء ووصفها وصفيء وهيئتها إذ صرنا 
نحن واحد هيآني» وذلك أنْ كمال ذاته بتنوّرها بكمال تدبير الله لهاء وكمالها باتصافها بالعلم 
بصفات الله الذي هو الكمال المطلق فاتحد الكمال بالكمال. والمحبة بالمحبة» وكانت محبته 
لذلك الكمال بمحيعه!!) الله وعلمه بالله؛ وعلم الله بنفسه. وكمال الله. والكمال الذي كمل 
به هذا هو واحد لا غير فافهم فإنّه يتكلم في حضرة الإيجاد. [وحضرة الإيجاد] 2 تأتي على 
حضرة الغيب”» وعلى حضرة التكميل بالكمال» فافهم. 

قال: 

6 - فإن دُعِئِثْ كنت المجيبّ وإن أكُنْ 2 مُتَادىٌ أجابَتْ مَنْ دعاني وَلبَِت 

يقول: وصرت في حضرة الاتحاد بالكمال الإلهي. فإن دعيت: أي نوديت مرتبة الكمال 
كنت المجيب أناء وإن أكن أنا المنادي!* أجابت هي مَنْ دعانى ولتّت؛ لأنى صرت أنا هى 
وهي أناء وأراد يذلك أنْ الله تعالى لم ينجل 80 ا عذال الموصوت ان وكمال 
تدبيره إلا ليتكمّل به عبده الذي تعبده بعبادته. وإذا اتصف به صار هو الكمال الإلهي الذي 
جعله كمالاً في علمه وحكمته ومحبته ومشيئته. واتحد الكمال بالكمال» وصار الإثنين©) 
ولعو اء أن للك تكد وله مسي بولك إزاكة وله له [إذادة [و انق تنظ كال اليا 
وهو يرى كمالاً حقيقياًء فإذا خرجت منك إلى محبته وكماله وإرادته]”'' ذهبت الإثنينية 
وصحّحت الوحدة!*) والاتحادء وتجلى الكمال التي هو في علم ذات الله كمال على ذلك. 
وصارت كاملة بالكمال الذي تراه ذات الله كمالاء فافهم ذلك. 


(1) في س: لمحبته]. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط من الأصلء وما أثبتناه من س. وبه يستقيم الكلام. 

(3) ينظر عن حضرة الغيب؛ موسوعة الحفني؛ ص720. 

(4) في الأصل: [المناد]. 

(5) في الأصل و[س]: [يتجلى]. 

(6)[الاثنين] هنا مصطلح وليس تثنية الواحد. وإلآ كان من الواجب أن يقول [الاثنان] لكونها اسم [صار] المستوجب 
للرفع» فالائنين مرفوعة بالضمة باعتبارها مصطلحا يراد بها الإثنينية التي سترد. 

(7) ما بين المعقوفين ساقط من س. 

(8) هي وحدة الشهود لا الوجود كما بيّنا سابقا. 


قال: 
7 - وإن نَطَقَتْ كُنْتٌ المناجى كذاك إن قَصَضْتُ حديثاً إنْما هى فضت 


يقول: وكذلك إن نطقت فإني أنا المناجي لها بذلك النطقء أي الحضرة الكمالية التي 
المسحييافة | اوداق قار إلى إرعاء نميه وكززات د سيمت بان 
نما هي قصّت!): أي [قصّته] 2 ويشير هذا إلى قوله تعالى على لسان نبيه ف أنّه قال: 
(لايزال عبدي يتقرّب إليّ حة را ا ا يك 


يبصر به ولسانه الذي ينطق بهاء وبذه التي يبطش بها)0, أ يكون ذلك على محبتى 
وإرادتي أن أسدّده حتى لا ينظر إلآّما أحبُ النظر إلبه. ولا يسمع لما أحته أن يسمعه. 
ولا يتكلم إلا بما أحبّه له أن يتكلم به. ولا يعمل عملاً إلا ما أحبه له أن يعمله بتوفيقي إليه. 
وقال النبي #ت: (إذا أخلص العبد لله أربعين صباحاً أجرى الله ينابيع الحكمة على 
قلبه)!27. ولا يسمّى العلم حكمة إلا مَن أتقنه علما وعملاء كالعالم بصور أمثال الحروف 
الحسنة إذ رأى صورها فمثّلها في نفسه فهو عالم بعلم تجويد الحرف» ولا يسمى 
حكيماً فيهاء فإذا أحكم تجويدها علماً و'7) عملاً سمي حكيماً فيهاء وأشار النبي فنك إلى ما 
يستعين به أهل التصوف في سلوكهم باسم ذي خمسة أحر ف عمّي الغالب في الناس عن 


(1) في س: [قصّتي ]. 

(2)مابين المعقوفين ساقط من س 

(3) مر تخريج الحديث. 

(4) في س: [تدبير] بدل [رياضة]. 

(5) تنظر الرسالة القشيرية» 44712. وفيها أنْ هذا القول لمكحول. 

(6) في س: [الحروف] بدل [الحرف]. 

(7)في س: [و] بدل [أو]. 

(8) الاسم ذو الخمسة الأحرف هو [الله]ه ويسمى أيضاً الاسم الأعظم. والأصل في [الاسم] عند الصوفية ليس هو 
اللفظ بل ذات المسمّى باعتباره صفة وجودية كالعليم والقديرء ومن هنا صار الاسم الأعظم هو الاسم الجامع 
لجميع الأسماء. وهو ما شرحه الشيخ ناصر في المتنء ينظر موسوعة العجم. ص59 وموسوعة الحفني» ص638. 
ومن المتصوفة من يريد بالاسم الخماسي م ا ل لل ا 
موسوعة الحفني. ص 944 وموسوعة العجم. ص 850: ومن المفيد أن نضيف هنا أنْ هذا الاسم ذو تاريخ معرق في 
الفكربن الصوفي والشيعيء إذ ترى المغيرية مثل. وهم من الغلاة أنَّ الله تعالى لما أراد خلق العالم تكلم بالاسم 


3ظ2 


معرفة كميّتهاء وذلك أنهم هم على صفاته فإن أول!!) مشاهد على قيومية الله تعالى وغناه 
عن خلقه. وافتقارهم إليه؛ وإلى حديثه. وفردانيته» وصمدانيته. وإلى أن جميع الأعساء اننا 
هي عنه» كما أن جميع ما سوى هذا من أنواعه هي منه» وهو لطيف روحانيء نوراني يدل 
على عالم الغيب وعالم المثال. وما بعد جسماني نوراني يدل على صفاء [الأعضاء]!2) 
بالأعمال لله بدينه. ورابعه كأوله يدل على تجلي العالم الغيبي على هذا العالم الجسماني 
تجلي الأول في الثاني””) المودع فيه الذي هو بمنزلة الروح العقلي النوراني. والخامس يدل 
على لطافة المركب فيه هذا الروح الغيبي في هذا القلب الجسمانيء اللطيفء الروحاني؛ 
ويدل الخامس على الروح, والثالث على النور الإلهي المتجلي في هذا الخامس العقلي 
المركب في هذا الجسم اللطيف. والجسد الكثيف النوراني بالأعمال النورانية» فإذا نظروا 
الو ا ل ا 
أي الحروف حققوا به لاي يستحق العبادة إل هو.]*' وإن نظروا بذلك مع أوله وثانيه ورابعه 
المخفي مع كمال الاسم نفوا كلّ ما وجب عليهم نفيه» وأثبتوا ما يجب عليهم إثباته» وإن 
نظروا بالاسم أربعين صباحاً أجرى الله ينابيع الحكمة على قلبه. وقد ذكره الدراك «ثا 
وقال: إن الأصول لابدّ أن يتعلمها من مواضعها الصحيحة فإنه لا يكشف إلا الفروع» وقد 
1 
نظر به سنة فأعطي سره.ء ونظر به الجنيد ثلاثين سنة فبلغ ما بلغ» وبسرّه بلغ» والذي ما 
بلغه من العلم؟) وبذلك أخبرني» وبه علمني رحمة الله تعالى» وكذلك أسماء الله تعالى 


الأعظم. ينظر الملل والنحل. 1ه وأنَّ الصوفي | براهيم بن أدهم تعلم هذا الاسم من الخضر. » ينظر الصلة بين 
التصوف والتشيع؛ 1/ 138» وفيه» 391[1: أنَّ ذا النون المصري كان مطلعاً على اسم الله الأعظم. وكذلك الحلاج» 
.403[١‏ ومثله حاتم الأصم. ا[536» وغيرهم. مما يؤكد تغلغله في تلك الأوساط. وانتشاره بينهم. 

(10)فى س : [أوله]. 

اماي امقر فيل لاف ين 

(3) في س: [الثالث] بدل [الثاني]. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في سء ويتحدث الشيخ ناصر هنا عن أنّ حذف أحد الحروف من الاسم لا يؤثر فيه بل 
يظل على حاله؛ وهو يقترب ممّا ذهب إليه الطوسي في كتابه المع في قوله: (اسم الله الأعظم هو: الله؛ لأنه إذا 
ذهب عنه الألف يبقى [الله]» وإن ذهب عنه اللام يبقى [له] فلم تذهب الإشارة؛ وإن ذهب عنه اللام الآخر فيبقى 
[هاء] وجميع الأسرار في الهاء؛ لأن معناه: [هو]ء ينظر موسوعة العجم. ص 59. 

(5) ينظر إحياء علوم الدين. .20[١‏ وهناك خبر الجنيد الاتي. 

(6) في س: [العالم] بدل [العلم]. ويتحدث الجنيد - كما ورد في الإحياء عن السري السقطي شيخه. ويدعو له 
بالرحمة. 


[لها]'!' أسرار عظيمة» سرّ كل اسم في معناه. ويطلب كل معنى من معاني الاسم. وقد 
قيل: إن كلّ اسم من أسمائه تعالى موكّل به مَلّك يذكره دائماًء لا يذكر الله تعالى إلا به؛ 
بإفدكاة "ا بععن المادتظه يدكرود الله للك وعيرهة اولان عو :لوهذ كانه 
معن عر ذكر هنون إلى [8وو] الغرشالمخطة فإذا تلؤة العد كذلك داكما نل فقون عل 
جمع همة إِمَا باللسان وإما بالقلب» وهو أعظم مرتبة» وإما بالحضور والمشاهدة» وهو 
أعلاها درجة» فإنه يصعد منه نور إلى السماء حتى يتصل بذلك الملك فإذا اتصل به أعطاه 
تصريفه. فإذا قال للشىء: كن فكان. وقال بعض العارفين لأحد من أهل الطلب: ألا أدلك 
على سرّ عظيم؟ فقال: اق فال له: اتل7 اسم الجلالة ذا الأربعة الأحرف بلا ياء النداء 
على شروط الرياضة بالخلوة» وامتناع أكل ذوات الأرواح وما خرج منهاء واعتزل عن 
احامن واات كي ارقا ا ريا رحا ين المشواي لحان كز ارس إلى ب الاي 
لولاه لنال سرّه كل من سلك هذا السبيل» ولكنه حجاب لا تنفع الخلوة به إن لم يَحْل 5 
فكره! ليه وقذّل من الأكل والنوم ما استطعت فإنه تتكشف لك كلما غطت عليك سئَة؛ أو 
غشيك نوم عجائب الأرض» وفي السبع الأخرى ينكشف لك عجائب الهوىء وفي الثانية 
عجائب السماوات» وكأنّك ترى في سنتك أو نومك الملائكة؛ ثم إذا بلغت صاعدا انتهيت 
إلى ملك موكل به ليس معه أحد غيره» ويعطيك سرّه. والتصريف في الوجود. وإذا قلت 
للشيء: كن فكان. وأصل السّنة لحظة عين من النوم» ولكن نحن أردنا بها النوم قاعدا غير 
مضطجع. وربّما رأى في اليقظة””) ما لا يقدر أحد أن يصفه إلآهوء وكذلك كل اسم يتلوه 
المرء» ويواظب عليه تجلى له سرّه وتصريفه. وأما أهل التصوف فلا يريدون الكرامات» 
ولا يلتفتون إليهاء وإن تجلّت لهم بذلك الاسم الخماسي الذي يستعينون به على ترك 
المألوفات فإنّهم يقطعون به الحجب في أيام قليلة ما لا يقدرون عليه في سنين عديدة 
بخاصية في صروفه؛ لأنه يجذبهم على مثال حروفه وإن نظروا بأوله. وآخرون بَعْد عنهم 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء وما أثبتناه من س. وبه يستقيم الكلام. 
(2) [كان] ساقطة في س 

(3) في الأصل: [اتلوا]. 

(4) في الأصل و[س]: [يخلوا]. 

(5) في الأصل و[س]: [اليقضة]. 


255 


كل ما أرادوا بُعده وإن نظروا بآخره؛ وأوله عكساً قرب إليهم''' ما أرادوا قربه وتقريبه» 
وشاهدوا به الحضرات كأنها تخاطبهم, وإن نظروا بآخره شهدوا محبوبهم في كل شيء» 
ثم فني عنهم كل شيء إلا وجهه وصفاته جل وعلاء وقد أشرت إليه قبل هذاء وأوضحت 
الاسمء وأشار إليه الناظم في نظمه. وأشارت به الحالة المخاطبة بلسان حالها إلى السالك 
الأول في أول بدايته إليهاء فافهم ذلك. 

قال: 

8 - فَقَدَُرُفِمَتْ تاءٌ المخاطب بيننا 2 وفي رَفْهاعن قُرْقَةالجمع رفعتي2) 

يقول: فقد رفعت تاء المخاطب بيئنا: أي صرت بحيث أناء والحضرة الكمالية لا يقول 
أحدنا تلصاحبه إلآ: أيا أناء ليا أنت: وكل هذه إشارات إلى اتحاد الكمال فى كل شىء 
وقوله عن فرقة الجمعء أي قولها: هي لي يا أنا وأناء أقول لها: يا أناء ليس المعنى أنّا نقول 
ذلك بالقول دون المعنى» بل هو ابتعاد مني عن فرقة الجمع؛ أي اجتماعي بها اتحاداً كليا 
لم يبق اثنينّة بيني وبينها في شيء أبدأء فصرثُ أنا هي وهي أنا من الحضرة الغيبية» وقوله: 
وفي رفعتها: أي التاء في هذا الموضع المراد به ضمّهاء لا زوالها كما في أول البيت. 

قال: 

9- فإن لم يجو رؤيةالتين واحداً | حجال ولم ييِتُْ مد التتبتات 

يقول: وإن لم يجوّز رؤية الاثنين واحداً حجاك: أي عقلكء. ولم يغبت في عقلك صحة 
ذلك لبعد التغبت: أي لبعد إدراكك الفهم في ثبوت ذلكء. حيث إن ذاتي تجلى عليها كمال 
الله الموصوف به ذاته فتنوّرت به ذاتي» وكمال تدبيره فتنؤرت [48ظ] بكماليته» وقوله: 
لكر لك امو ركنت فجيعة الذي يسمع به. وبصره الذي يبصر به. ولسانه التي ينطق بهاء 
ويده الذي يبطش بها» فكماله هو الذي كملت به فى كل شىء. 


(2) في الديوان: [الفرق] بدل [الجمع]. 
(3) في الديوان: [تثنبت] بدل [التثّت]. 


قال: 

0 - سأجلو إشارات عليك حََفَيّة ‏ بها كعبارات لديك جليةا' 

يقول: سأجلو أراد سأوضح وأكشف. إشارات عليك خفية: أراد هي خفية عليك. 
أو هى من الأمور الخفية بها كعبارات. أي بها ينجلى عنك رَيّن الشك؛ لأنّها مئل عبارات 
لديك جلية: أي مثل العبارات الجليّة لديك» أي فى حق فهمك. 

قال: 

1 - وأغربٌ عنها مُغْرباً حيث لات حي ل بتبيانئ: سَمَاع ورؤية 
لبس: أي حيث لا حين لبسء والتاء استعملت زيادة فيهاء يقول: حيث لا يلتبس عليك 
ذلك فى حين إتيان برهانى لك. وذلك أنى آتى بيان ذلك بتبيانئ: أي بتبيانين أحدهما بيان 
سماعء والآخر بيان رؤية تراها برؤية نفسك. 

قال: 

#2 و 7 م 5 

2 - وأنِْتٌ بالبرهان قَوليَ ضَارباً ‏ مثال محقٌّ والحقيقةٌ عمدتي 

3 - بمَتبوعة يُنِْيِكَ في الصّرع غيرُها على فَهُمها في مسّها حيث جُنَّت4) 

يقول: وأثبت بالبرهان قولي: أي على صحة قولي ضاربا مثال محق» وعمدتي [في كل 
أمر ]© على الحقيقة» أي على الصدق. سأضرب المثل بالمتبوعة. أي المرأة المغلوب 
على فهمهاء أي على عقلهاء فى مسّها: أي جنونها حيث جُنَّتء أي إذا داخلها الجنون. 
وتكلمت بجنونها فإنَّه ينبؤك بلسانها وأنت تسمعه غيرهاء وهو الحيّ المداخل لها فتراها 
هي هيء وهو فيهاء ولا تراه منهما شيئان وشخصان في شخص واحد في الرؤية» كذلك 
تولية الله تعالى على عبده بتوفيقه له؛ وتسديده وعصمته. مع أنَّ كلّ شيء أصله في الكون 
(1) في الأصل و[س]: [سأجلوا]؛ وهي كذلك في الديوان. ولعلها من الخطأ الطباعي. 

(2) في الأصل و[س] : [سأجلوا]. وهي كذلك في الديوان: ولعلّها من الخطأ الطباعي. 
(3) في الديوان ع ا ل ا ا ا وي 


(4) في الديوان : [فمها] بدل [فهمها]ء والرواية هنا أَوْجَه لتلاؤمها مع المعنى العام للب للبيت. والسياق معا 
(5) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


227 


ناطق عن الله. أي بقدرته وحكمته. ولكن جعل الاختيار للعبد» فإذا فني اختياره وحبّه 
في محبة الله واختياره له. تولّى أمره. وعصمه من حيث لا يدري لقوله تعالى: # وَالْدِينَ 
جَْهَدُواأ فينًا ينهم سبلن 0174, وذلك علق قوله: بي يسمع» وبي يبصرء وبي ينطق» وبي 
يبطش كما ترى المعارض بالجنّ تراه أن المعارض هو الفاعل لذلك. وإِنّما هو المعارض 
له كذ لك توقيق اللةاللمرءفافهج؛ 

قال: 

4 - وَمِنْ لَْمَةِ تبدو بِقَيرٍ لسانها عليه براهينٌ الأدلة صَحَت 


يقول: وقد تبدو: أي تظهر بكلام وأخبار لا تعرفه التي دخلها الجنّي فيصّح ما يقوله 
الجني فيدل بالبرهان الصحيح أنه عن!*) غيرها. 

قال: 

5 - وفي العلم حَقا أنَّ مندى غَريب ما سَمعتَ سواها وهى في الحسيٌ أَبْدَتَ 

يقول: وتقديره» وثبت حقاً في العلم» أو وثبت في العلم حقا أن مبدى غريب ما سمعت 
من الكلام والعلم واللغة التي لم تكن تعرف ذلك من قبل ولا من بعدء وذلك أكبر شاهد 
على أنه عن" غيرهاء وأنه من الجنى المعارض لهاء وهى فى الحسّء. أي فى حاسة 
السمع. وحاسة الرؤية أنّها هي أبدت ذلك لا غيرها. 

قال: 

56 للردوائسنا انك أسبحت ولهدا منازّلة ا تاكن عن حقيقة 

يقول: وتقديرة ولو امكيف واحداة ول اعسةا ف :مرثة الاتساواكاء انبعت واجدا: 
أي أصبحت وكمالك وكماله. وعلمك به وعلم نفسه به في ذلك العلم. ورؤيتك للأكوان 
علما بهء ورؤيته هو فيها فى رؤيتين: أنت وكمال تدبيره لك الذي هو كمال فعله التدبيري 


(1) العنكبوت. الآية 69. 
(2)[عن] ساقطة في س. 
(3)عن] ساقطة في س. 
(4) في س: [الويجاد]. 


واحداً متحداً بكماله» ومتحداً بحضرة الكمال الإلهيء وكنت به في كل شيء. منازلة: 
أي [49و] مصادقة, ما قلته عن حقيقة: أي ما ذكرته عن علم الحقيقة. واعلم أنَّ ما يتجلى 
للمرء في سلوكه إلى الحضرة التي هو طالبها ممّا يقرّبه إليهاء وهو بعد غير تام يخلو من 
غيرها فهو يسمّى عندهم [تدلي]'''. وإذا تجلى له ذلك. وهو في حين الخلوة بها عن 
غيرها فذلك [التجلي ]2 معهم هو [المنازلة]7© في اصطلاحهم. 

7 - ولكن على الشسرك الكّفيَ عكَفْتَ لو عَرَفْتَ بنفْس عن هدى الحقٌّ ضَلّتِ 

يقول: ولكن يبقى الاتحاد وبقاؤك على ثبوت الإثنينية في كمالك, وكمال الله 
على الشرك الخفيّ عكفت بنفس عن هدى الحق ضلّت؛ لأنّ كمالك هو العلم به متى 
ذاتك مرآة لصفات الله لا يتجلى فيها غير العلم بالله. ولا يتصف إلا بالكمال الإلهي فقد 
نفيت الإثنينية» وأثبتٌ الاتحاد؛ لأنَّ كمالك بالعلم به ومتى خالفت علمك به علمه بنفسه 
أشركت الشرك الخفت؛ لأنك وقعت فى الشك بهء وحينئذ وقعت الإثنينية؛ لأن الكمال 
باق على أصله أنه كمال» وأنت ليس بشيء أصلاً بل صرت” باطلاً» وضلالاً بعيداً. 

قال: 

8 - وفي حُبّه مَنْعَرَ توحيدٌ حبّه ‏ فبالشِرْك يَصْلى منه نار قطيعة 

بقول: وتقديره: وفي حُحبّه بضمّ الحاءء؛ مَن عرّ: أي مَنْ امتنع عن توحيد حبّه. أي امتنع 
مَنْ [يجوز]؟ وحدة حتّه وحب عبده. فتكون المحبة محبة واحدة» فبالشرك في محبة الله 
ومكحة لجنيا بيعكة د القوال لد عله رعماة ققد تعلق بار النطفه أي بالق 


(1) التدلي نزول المقرّبين. ويطلق بإزاء نزول الحقّ إليهم عند التداني؛ موسوعة العجم ص 171. ومعجم الشرقاوي. 
ص 75 ومعجم أبي خزام. ص 59. 

(2) مر شرح [التجلي]. 

(3) المنازلة: إرادة الح في النزول إلى السالك. ويجعل في قلبه طلب النزول عليه فتتحرك الهمّة حركة روحانية 
لطيفة للنزول عليه فيقع الاجتماع به بين نزولين: نزول من السالك عليه قبل أن يبلغ المنزل. ونزول منه إلى 
السالك. أي توجّجه اسم إلهي قبل أن يبلغ المنزل» فوقوع هذا الاجتماع في غير المنزلتين هو المنازلة» ينظر 
موسوعة العجم. ص944. 

(4) في س: [الإيجاد]. 

(5)[صرت] ساقطة في س. 

(6) في الأصل و[س] الكلمة غير معجمة هكذا: [يحوز]؛ وقد اجتهدت في [يجوز] اعتماداً على السياق. 


2039 


قال: 

9 - وَماشَانٌ هذا النَأنَ منكٌ سوى السّوى2 ودعواه حقاً عنك إن تُمْحٌ تت 

يقول: وما شان: أي وما قبح, هذا الشأن: أي الأمر العظيم منك» سوى السوى: إلآ 
بوت الغيرية. ودعواه!!): أي ادعاؤه منك» أ الكمال 8 أن تلمح 2) عنك» أي تمحي 
ضفاتك) .وما تحلى غليها من الأغيان ختا إليهاء وتتكتل ,كمال ويمخيته» وتكوك مراة 
لصفاته فتتصف صفاتك بصفاته» أي متنورة بالعلم به متخلقة بالكمال العقلي الذي هو 
الكمال الإلهي الذي جعله هو الكمال لك فأظهر جميع الوجود علماً به. وأظهر كمال 
صفاته. كل ذلك لأجلك لتتكمّل ذاتك بذاتك لا غير» فهذا وجه من التأويل. 

والوجه الآخر أنه أشار إلى حضرة الغيب أنك كنت لا شيء في حضرة الغيب غير علمه 
بك. وهو الذي أوجدك علما مثالياء ولا يوجب أنّه أوجد علمه. ولكن لا يصح أن يكون 
كنت مثالاً وهو عليم به فيكون مثالك قديماً أزليً» وهو لم يزل به عليماً فهذا ما لاايصحٌ 
الوصف به لله تعالى فإنه شرك خف والحقّ فى ذلك أنَّ الله تعالى أول بلا بداية» وعلمه 
في كل شيء وبكل شيء أزلي»؛ وكان الله ولا شيء معه. ولا مثال ولا وصف ولا صفة؛ 
وبالجملة كان الله ولا شيء معه حتى الشيء غير ذاته وصفاته فهذا هو التوحيد اللازم, 
ومن توحيده أنه مريد» ويشاءء ويحبّء وإرادته» ومشيئته» ومحبته وهي إرادة أزلية لم يزل 
بهاء لم تزل نفسه. أي ذاته عليمة بما سيجده من الأشياء التي لم تزل نفسه عليمة بهاء 
وهي لا شيء إلا علمه بهاء فهي لا شيء؛ وهي في علمه أنْها ستكون شيئاء ويراها قبل أن 
تكون غير شيء كما يراهاء وهي شيء, ولا يصمح أن يقال إن الذي يراه فيها هو مثال لها 
ليكون الباري أزلياء والمثالات أزلية فصححّت الوحدة لله تعالى مع وجود الوجود في 
علمه لا مثالا ولا خيالا إلا علمه به» وهي شؤون الغيب. أي علمه بهاء ولا يصح أن يكون 
علم الله الذي هو من وصفه أن نفسه عليمة أن يكون هو شيء غيره فيكون حالاً فيه وبه 
(1) في الأصل جاءت [ودعواه] مرتين. 
(2) في الأصل و[س]: [تمح]. 


(3) في الأصل ول[س]: [قديم أزلي]. 


2300 


يعلم, بل نفسه عليمة» ولا يصمٌ أن يكون عليماً؛ لأنَّه عليم بالمعلومات [49ظ] فهو عليم» 
والمعلومات مخلوقات هو خلقها فقبل أن يخلق العلم. والمعلومات هو العليم الحكيم» 
فكذلك هذا السالك المتكلم الناظم عنه بلسان قول حالته إِنَّه موجود في العلم الأزلي 
علمه؛ لأن الله تعالى لم تزل به. وبصفاته. وبما يفيضه عليه من أنوار صفاته» وأن يكون 
سمعّه؛ وبصرّه. ولساتّه. والمعنى أن يتولى أمره بالتسديد والإعانة» عالما كما كان في 
عالم الغيب لإيجاد' '' فهو موجود في علمه الأزلي؛ ولا وجود له في حين وجوده ولا أنه 
صفة حالّة في نفسه تعالى الله عن ذلك؛ ولا شيئاً منفصلاً عنه جل وعلاء بل هو ليس بشيء 
في حين ذلك» وهو شيء. أي وجوده في علمه نفسه الذي من وصفه أنّه لم يزل عالماً به. 
ولا يصح أن يكون عالماً بغير شيء؛ فإن فني هنا كلّ شيء سوى الله تعالىء فإِنّه هو الأول 
الأزلي الذي كان ولا شيء معه فهذا نفي الإثنينة» والكثرة» وبقي حلول عاله'2 الأشياء 
التي ستكون بإيجاد الله لها في نفس الله. أي ذاته. وتصحيح توحيد الله إذ جعلته واحدا 
ولا شيء معه. وهو باق على وحدانيته فإنه لم يزل واحداء ولا شيء معه. ويبقى كذلك 
واحداً ولا شيء معه. ولكن المراد بالأول كان الله ولا وجود لشيء من الوجود معه. 
وبعدما أوجد فهو واحد, لا شيء معه حتى الوجود؛ لأنّ الوجود إِنّْما هو باق على وجوده 
لإبقائه هو إياه» وإلآ فلا وجود لبقائه إن فعله. ومتى لم يفعله لم , يكن:وليين كالباتئ مت 
لم يَئْن لم يكنء ومتى بنى كان؛ لأنَّ البناء بعد بناء الباني له لم يحتج إلى الباني لبقائه 
وهذا في حين إيجاده له هو كائن» وفي حين تركه إيجاده له لم يكن فهو يضمحل بالترك, 
بل أقرب في الوصف أن يقال مثل الكتابة في الماء ففي حين الكتابة فيه ينشق الماءء وفي 
حين الترك يضمحل. وإذا كان الأمر هكذا - وهو لاا شك - فالله تعالى باق على وحدانيته 
وار عرة انه عا عو نك لتونوا لمكو له روه كا ور ا لي كي الل لا ده 
منه» وإن كان من الله لذلك العمل خخلقاء ومن الغبد فعلاً فإنّهِ يجوز أن يقال إن ذلك الفعل 
هو فعل الله؛ لأنّهِ بمشيئته» ومحبته» وإرادته كان ذلك من العبدء والعبدء وما عمله مما 
يحبتّه له هو من فعل الله فصحّ أنَّ حقيقته كما قال عن الله تعالى رسولهق: (كنت سمعه. 
وبصره. ولسانه). وما سبق له في الحضرة الغيبية أنه يكون كذلك فهو هو ذلك. وهيء أي 
(1) في س: [علماً كما كان في عالم الإيجاد]. 


(2) في س: [علم]. 
301 


الصفات التى سبقت له فى الحضرة الغيبية هو لا غير» فهذه معانى الوحدة فى التوحيد» 
وفى الحضرة العلمية» وفى المحبة. والمشيئة. والإرادة من المحبٌ والمحبوب واحدة. 
والمحبّ محبوباء والمحبوب محبّاء فافهم ذلك. 

قال: 

0 - كذا كُنْتٌ حيناً قَئِلَ أنْ يُكُشَفَ الغطا من اللّبسرَ لا أنفك عن تنُوية 


يقول: كذلك كنت حيناً في علم الحسنء أي يوم لا أنظر إلا إلى عالم المحسوسات» 
قبل أن يكشف لي الغطا برايتي إلى عالم الحضرة:» والغطا: هو النظر إلى عالم الحس» أي 
عالم الشهادة. لا أنفك من اللبس: أي من التباس الأمر الصحيح علىّ: عن ثنويتي أي عن 
نظري إلى الإثنينية» وملتبس علي الحق فيّ» وثبوت وجود''! الوحدة حتى انكشف الغطاء 
إما غطاء العجز عن إدراكه معنى الوحدة في التوحيدء وإمّا غطاء ثبوت الوحدة في الحضرة 
العلمية وهي من التوحيد. 

وإمَا غطاء ثبوت الوحدة في الحضرة العلمية وهي من التوحيدء وإمّا غطاء ثبوت 
الوحدة فى المحبة» والمشيئة» والإرادة فى الاتحاد بالكمال. فأمّا فى التوحيد وفى 
اللحغيرة فتن لكي ناز 48 المع والاناهة لبالةة تن التق #الغايية #الكطاء هر 
رؤية كل شيء سواها. 


[50و] قال: 


عا خا 


1 - أروحٌ ِعَفْد بالشّهود مُؤلفي وأغدو بوَجدٍ بالوجود مُشتّتي 


يقول: أروح: أي أمسيء بفقد: أي بفنائي؛ بالشهود: وهي الموجودات ف" لكن أراها 
علما إلهيا تسبيحيا فإني بها أرى* حضرة جمعيء فذلك الفقد مؤلفي بها: أي بحضرة 
جمعي. وهي حضرة الروح. والنفس في رؤية الله تعالى بصفاته لأكمل ذاتي بكمال الله 
(1)[وجود]ساقفطة فى س. 
(1)2في] ساقطة في س. 
(1)3فيَ] ساقطة في س. 
(4) في الأصل جاءت [أرى] مرتين. 


وأغدوا'': أي وأصبحء استعار المساء لحضرة. والصباح لحضرة [أعلى وأجل ]21 [على 
واجد]!؟ بوجد: أي بحبّ الحضرة الغيبية» وحضرة الجمع بحب بالوجودء مشتتى :أي مفوق 
بينى وبينه لقوته» أي الحبء واستيلائه علىّ. 


واعلم أن لكر مر سرت هذه المنظومة معنيين: أحدهما ظاهر جسدانيّ في علم 
الظاهر الجلىّ من علم الحقيقة وعلم التصوف. والآخر باطن روحاني في علم الباطن 
الخفيّ من علم الحقيقة والتصوف بعلم الباطن الخفيَ» وعلم الكشف التوحيدي الباطن 
الخفي. 

وقد شرح معانيها الباطنة الخفيّة تلميذ تلميذ الناظم” فكان هو أصح التأويل فيها 
ولها؛ لأنه أخذ معانيها عن شيخه. وشيخه عن الناظم بنفسه. ولكن حيث كان المقصود 
بالنظه!؟) من المعاني [إلى علم باطن خفيّ لا يدركه إلآ أهل التصوف بالباطن الخْفْي, لا 
جَرَم صار المقصود به النظم من المعاني])؛ وعبارة الشارح لها كلاهما بعيدان عن إدراك 
مقصودهما على عقول من سلك مسلكهما في التصوف. وصار علمهما: الناظم والمعبّر 
له. ذاك في نظمه. وهذا في شرحه له لا فائدة للمبتديء الطالب للسلوك, فلم يَصر كلامها 
دليلاً له عليه» ومّنْ وصل إلى مرتبتهماء فهو غير محتاج إلى ما أبدياه فلأجل هذا أثبتٌ من 
نظمه معانيه الظاهرة التي هي كالجسد مما نظمته من علم التصوف الظاهرء وعلم التوحيد 
الظاهر معهم ليكون وسيلة إلى فهم معانيه الباطنة» والسلوك بها إلى الحضرات الإلهية. 
وليس في القصد من رسم تحت كل بيت من هذه المنظومة من التعبير له متنا لاح لي من 
معانيه الظاهرة ليكون كتاباًء وإِنّما رسمته كذلك تذكرة لنفسي لما أتذكره من معانيها” 


(1) في الأصل و[س]: [وأغدوا]. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(4) لم نستطع تبيّن المقصود ب [تلميذ تلميذ الناظم] لأسباب شرحناها فيما سبق. 

(5) في س: [المقصود به الناظم]. 

(6)مايين التعقزفين سافط فى من 

(2) يعيد الشيخ ما ساقه في موضع سابق من أنه لم يرده كتاباً بل تذكرة لنفسه. ونحن نعيد بدورنا ما قلناه من أنه كتاب 
فيه من آيات الكتاب الشيء الكثير. 


2303 


وأظتّه أنه كذلك أراد به الناظم» والمعبر لنظمه. ولكن طلبني بعض من الأصحاب أن أجمع 
ذلك له فكان كما تراه ويتميعة: كاب إيضاع نظم السلوك إلى خضرات ملك الملوك”'. 
والمراد بح بجمع الحضرات احتراز عن الوقوف عن السير دائماً بالسلوك من حضرة [ إلى 
ل 

واعلم أنْ الأنبياء لا يسمّون صوفيين؛ لأنهم مرادون إلى هذه المراتب والدرجات». 
والصوفي هو المريد الواصل إلى مراتبه. فافهم ذلك. 

قال: 

2 - يُفَرَقي لبي التزاماً بِمَحْضَرِي ويجمغني سَلبي اصطلامَاً بغيبتني 

يقول: يفرّقني عن حضرة الجمع لتّي: أي عقليء التزامال"؟ بمحضري: أي التزام رؤيتي 
بحضرة شهودي ل: لنفسي. ولجميع الموجودات في الحضرة الظامرلك وس لي 
المي ور ل اا 

بغيبتى ا ل ا ع ل ا ا 0 1 


والمراد بتتخصيص الذي هو يراه؛ لأن علم الله ورؤيته للأشياء علم توحيدي لا يشبهه 
أحد في شيء». وإنما المراد أن العلم لا يختلف, ولا يجوز أن يختلف علم المرء بالله. 
وعلم الله بذلك العلم بنفسه. وإلآ كان شكا في الله تعالى. 

قال: 

213 - إِحَالَ حضيضي الصَّحْوّ والشّكرٌ مَعْرجِي إليها ومحوي مُنْنهى قَابَ سذرةاكا 


يقول [50ظ]: وكنت إخال: 5 يتخيّل لي في ظنيء أو منتهى قاب سدرة: أي منتهى 


(1) هذه فائدة جليلة حين يكرّر المؤلف عنوان كتابه بنفسه. وقد رأينا العنوان نفسه في بداية الكتاب. وهي تسمية لا 
يداخلها شك. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(3) في س: [إلزاما]. 

(4) في س: [نفسي ] بدل [بغيبتي ]. 

(5) في الديوان: [سدرتي] بدل [سدرة]. 


قربي الذي أنزل فيه؛ وهو حضيضي: أي نزولي فيه لا نزول مرتبة» ولكن نزول مقام يكون 
فيه» والسكر معرجي: أي مصعدي'!! إليهاء وكذلك محويء فأجهدتٌ نفسي في محوي 
لقوة السكر بحبّها دوما لأنتهي إلى مرتبة الصحو التي هي سدرة منتهى قربي وكمالي؛ 
وهي درجة جمع الجمع, فافهم. 

قال: 

4 - فلما جَلَوْتٌ المَيْنَ عنى اجِتَلئِنتى 2 ومنّى العينٌ بالعين قدت 

يقول: فلما جلوت الغين: وهو السحات 2 وجلاؤه إزالتى وقوله: عنى» أن أكشقب 
الغطاء عن ذاته. اجتليتني» بفتح التاء: أي كشفت عني الحقيرة الحمع مدنا : أي متئج 
بعد السكر. وهي حضرة جمع الجمع. وحضرة الوحدة. وفناء الإثنينية» والكثرة الوجودية. 

وبإفاقتي بعد سكرتي بحبها في الحضرة حقّقت الوحدة حين تحققت بها متي العين» 
أي القوة البصيرية من عقلي, بالعين قرّتء أي بحقيقة ذات الحضرة» وصحة الوحدةء 
قوّت: أي شهدت. والمراد وشاهدث منى عينى عينَ الحقيقة فى وحدة التوحيد. وفى 
وحدة الحضرة. [وفى وحدة]! المحبة. ويحتمل: وبالعين» أي وبعين الحقيقة استقدت 
فيها بالتمكين*'» وكنت في حال التلوين”” بمعرفتي فيهاء ويحتمل قرّت من قرّة العين» 
وهو ماء بارد يخرج منها مع قوة الفرح, كما أنه يخرج منها ماء ساخن في الحزن. فيقال 
للدمع الفرحي قرّت العين [وقرة العين]؟' محبة الفؤاد. وكل ذلك يصمح في التأويل. 


6 6 4 


(1) فى س: [مقصدي] بدل [مصعدي]. 

(2) ينظر العين للخليل: ص619) وفيه: الغين: السحابء يقال غينت السماء غَيِناً: وهو إطباق الغيمء وكلّ ما غشى 
شيء وجه شيء فقد غين عليه. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(4) مر شرح [التمكين]. 

(5) مرّ شرح [التلوين]. 

(6) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


الباب التاسع''' في السفر الثالث 


سفر يجمع النفس والروح معأ إلى حضرة - جمع الجمع الظاهرية والباطنية مع بلسان 


المقام المحمدي ظة. 
قال: 
5 - وَمِنْ قاقني سُكراً غَنِيت إفاقةً لذا فَرْقيّ النائي فجمعي كوحدني'” 


يقول: ومن فاقتي: أي ومن صحوي في حضرة الجمع أوجبت عليّ سكراً؛ لأنّني غنيت 
إفاقة: أي وجدت غنىء أي راحة إفاقة وصحوء لذا فرقي: أي لطلب فرقي النائي؛ أي!3) 
فراق هذه الدرجة التي صحيت من السكر فيها إلى جمعه النائي وهو الأبعدء وقيل 
[بالثاء]!* المثلثة» والمعنى متقارب» فجمعي كوحدتي: أي فيكون جمعي بهذه الحضرة 
كوحدتيء كحضرتي بالمقيّدات التي لا تسمى حضرة الجمع بل هي حضرة الوحدة المقيدة 
جمع الحضرة التي أنا أطلبهاء ولو لم أُضْحٌ'” في هذا ما فقت لطلب الأعلى التي جمع 
0 فيكون جمعي كوحدتي: أي نظري إلى الحضرة الظاهرة» [والحضرة]' الباطنة 
براية النفس إلى الظاهرة» والروح إلى الباطنة» والرؤية إليهما معا في الحضرة الغيبية 
الروحية» والحضرة الكمالية الويجادية. 
قال: 


2 وى برس 26 2 7< هه . 
6 - فجاهدٌ تشَاهدٌ فيك منك وراء ما وَصَفْتٌ سكونا عن وجود سكينة 


(1) في الأصل: [السابع]. وما أثبتناه في س. وبه يستقيم الترتيب. 

(2) في الديوان : [الثاني] بدل [النائي] وسيتكفل المؤلف بالإشارة إليهاء وفيه: [لدى] بدل [كذا]. 
(1)3[أي] ساقطة في س 

(4) [بالثاء] ساقطة في س. 

(5) في الأصل و[س]: [أصحوا]. 

(6)[الحضرة] ساقطة في س. 


يقول: فجاهد تشاهد منك فيك: أي إذا شئت الوصول إلى هذا المقام فجاهد فيك» 
أي نفسلك» أ اجعل هذا الجهاد فيك فإِنّك تشاهد منك. أي بنفسك. وهذا عند أهل 
البديع يسمّونه اللف والنشر''' في التقديم والتأخير وراء ما وصفت [أي فوق ما وصفت] 
© لك ممّا شاهدته بنفسيء ولا يريد بمعنى وراء ما أحطت به أنا سكوناء أي اطمنانة أي 
تمكناً عن وجود سكيئة؛ أي تمكداً صادراً عن وجود سكيئة: والمراد هنا بالسكيئة الثبوث» 
والصحو بعد السكرء ولكن قد يسكر بذلك الصحو إن شاهد مرتبة أعلى ذ في القرب فيكون 
لقصو إلى النو ام كر ووني يسا نوس رسعها فرق فد الأ زر يه يَضْحٌ لم ينظر 
فيكون له وصف آخر أنَّ صحوه في سكره. وسكره في صحوه؛ كما صحٌ وصفه كذلك في 
البداية» فهو في ترقي كل درجة من درجة أخرى كذلك في وصفه. 

[51و]قال: 

7 - قَمِنْ بَعْدِماجامَدْتُ شَاهدتُ مَشُهدي 2 وهاديٌّ لي إيايّ بل بيّ قُدوتي7) 

8 - وبي موقفي لابل إليّ توججهي كذاك صلاتي لي ومني كمي 

يقول: ولما قاله معان باطنة. ومعان ظاهرة. فأمَا ظاهرها فلها وجه في الحق. يقول: 
فمن بعد ما جاهدت شاهدت مشهدي: أي صفاتي أنَي ما ُلقت إلا مرآة لتجلي كمال 
الله تعالى» واتصف بكماله الصفاتى والعقلى؛ لأنَّ حقيقة فعله الكامل كله إِنّما هو لتكمل 
الذات المتعبّدة بمعرفته وعبادته. ا حر التجلي بالكمال لأجل ذاتي. فذاتي وهي 
حقيقة ذاتى فأناهى وهى أنا؛ لأنّها كمالى. وهى الهادي. أي المهدية لى إياي, وأراد المهدية 
إناعا: وإدما قال اتا سيك هلها ذاه وزتما حملي ذائه أن الله تال تجلى بها لتكمل 
بها ذاته [فلما اكتملت بها ذاته]» صارت تلك الحضرة ذاته كأنّه أثبتها همي. وطرح سواهاء 


(1) اللف والنشن ويشين أيضا! الطي والنشرء وهو أن تلف شيئين ثم ترمي بتفسيرهما جملة» ثقة بأن السامع يرد إلى 
كل واحد فيها ماله كقوله تعالى: #وّمن رَحْمَيَهِ ٠‏ جَصلّ لكل الكل وَالنهَار إتَسُوا فيه هومن فَضْلِهِ .» فألقى الليل 
والنهار أولاً وجعل الأول للسكونء والثاني لطلب الرزق» وكذلك ابن الفارض حيث ألقى المجاهدة والمشاهدة 
أولاً ثم أتى بالسكون للأولء والسكينة للثاني؛ ينظر عن هذا المصطلح معجم المصطلحات البلاغية؛ د. أحمد 
مطلوب. 72/3: وما يعدها. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 

(3) في الديوان: [قدرتي] بدل [قدوتي]. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


وأراد بذلك أنه إذا لم تكمل الذات بها يراهاء أي ذاته. في حقٌّ رؤيته لها أنها لا شيء. 
وقوله: بل بي قدوتي يحتمل وجهين: أحدهما بي» أي بسعيي لثلا يُبطل الأسباب والاختيار 
للمرء؛ لأنّه يقول تعالى: (لا يزال عبدي يتقرب إليّ) فكان التقرب سبباء والثاني قوله: بي» 
أي بهاء وإنَّما أضافها إلى نفسه لأنّها كماله» وبتجليها عليه كان اقتدؤاه. وقوله: بي؛ بمعنى 
وفي موقفي إشارة إلى الوقوف في جبل عرفات. بل بمعنى: وكذلك إلى توجهي إشارة 
إلى التوجه إلى الله تعالى كذلك في صلاتي. ومني كعبتي: وأراد بذلك معنيين أحدهما: 
أن النفس مأمورة أن تأتمّ بالروح اتنماماً في التوجه إلى الله تعالى. وفي الصلاة وفي كل 
عبادة؛ لأنَّ طاعتها بالله طاعة اللهء وعصيانها معصية الله تعالى؛ لأنّها محل تجلى نور محبة 
الله البح الإلبية»ولاايميع إلا التوسعه إلنهاء:والمعتى الثائن أن التوسة إل اللهتالن ويفق 
المتجلي علمه بمرآة العقل» وفيها تجلي صفات الله» ونور محبته. وأوامره. ونواهيه التي 
هي الكمال فإليها التوجه؛ وفيها القبلة: وفيها يتجلّى المعبود لقوله: ما وسعني سمواتي ولا 
أرضيء ووسعني قلب عبدي المؤمن؛ فليس الله في جهة يتوججه إليها عليهاء وإِنّما التوجه 
إليه خالصاً وهو التجلي لمرآة العقل؛ فكانت هي قبلة التوجه. فافهم. ولمّا أخبر بما شاهد 
أمر بالسلوك إليه المستعدة قلوبهم إلى قبول ذلك, والاقتدار عليه بقوة عزائمهم. 

قال: 

9 - فَلاتَكُ مَفْوناً بحجك مُمْجَباً بنفيك موقوفاً على لَبِس غرّة'' 

يقول: فلا تَكَ مفتؤناً: أئ .مشعوفا يخبك بقوة المحة والرضا لمخاسة أفعالك 
الحسنة. معجبا بنفسك: أي حيث أعجبتك نفسك على اقتدارك على أعمالك, موقوفا 
لا تروم الترقي بالصعود إلى المراتب العلية» واقفا على لبس غرّة. أي فذلك الوقوف هو 
وفوف غرّة لبست عليك. 

قال: 

0 - وَفَارقَ ضَلالَ القَرْقِ فالجَمْعٌ تح هُدَى فرقة بالاتحاد تَحدَّتِ 


يقول: وفارق ضلال الفرق: أي جرّد نفسك عن كل شيء يضلّك عن الوصول إلى 


(1)فى الديوان: [بحسشك] بدل [بحبك]. وفى هامش الديوان أنها إحدى القراءات للبيت. 


مرتبة الاتحاد. ويحجبك عنها إلى أن تصل مرتبة الجمع. ومن بعدها مرتبة الاتحاد. 
ويحجبك عنها إلى أن تصل مرتبة الجمع؛ ومن بعدها مرتبة الاتحاد بالحضرة الكمالية 
بالتصفية من الأغيار التي تكون أنت في كل شيء من صفاتك هيء وهي أنت. وذلك 
بحيث أن تكون روحكء. ونفسك كما كانت في عالم الغيب قبل نزولها بجسمك كما في 
اللوح المحفوظ خالصة مجرّدة من نظر الأغيارء وإن نظرت إلى الأغيار» ونظرته علما 
توحيدياً فهو النظر الكمالي أيضاًء وهي مراتب الجمع؛ لأنَّ الله أحب وجودها شهوداً له 
على العلم به. ونظرها كذلك من الكمال الإلهي الذي جعله كمالاء فاعرفه. 


316 


الباب [1:'ظ] العاشر 


في الجمال الإلهي والمحبّة الإلهية» ومحبّة المشاهد إليه بالمحبة الإلهية بلسان المقام 
المحمّدي فة. 

قال: 

1 - وَصَيَحْ بإطلاق الجمال ولاتَقُلٌ - بتقييده مَبِلاا لرُخُرفٍِ زينة 

يقول: وكل بالاعتقاد. والقول. والعمل. والسلوك. وفوة العزيمة: وشدة المحبة» 
والإرادة في العلم» والتوحيد بشبوت الجمال المطلق لتسلك إلى رؤيته؛ لأنَ مَنْ أنكر شيعا 
لم يطلبه» ولم يرغب إليه» ولذلك قال: ولا تقل بتقيبده» أي ولا تقتصر على القول فيه إِنَّ 
القول التكو دن السمال هو النقيد ظيورة قن الأ حسناء الفزاعر هدها لأاغتر فإن ولاك اوس" 
في المعرفة» وهذه الفرقة هم الناكرون محيّة الله تعالى للعبد. ومحيّة العبد للهء وأنَّها لا 
كرون تن السنة الاتلى اليكسؤوساكة :انا بيحنة العن لله فين عياواقه لله ودرته ا لحن 
ومحبة الله لعبده كرامته له» فهؤلاء من أهل التقييد. وهم الذين لا يرومون الترقي في 
قربات الله بالمحبة والحضور إليه» والمشاهدة لحضراته فرضوا بمقامهم لرضاهم عن 
أنفسهم بأعمالهمء وقناعتهم في حق جناب الله تعالى» ذلك رؤيتهم لأعمالهم أنَّ ذلك 
منهم في حقّه كثير» والله يقول: #وما هدرو أنّهَ حَقَّ هدرو .21١#‏ ولذلك قال: لزخرف زينة» 
زثن لك الشيطان: أو سك ذلفه أو لرعر فزينة أئ عه سك وزيت أن المسة لسن 
بشيء. وليس لله جمال محبوب. 

قال: 

2 - فكل مَليح مُحُشئّْه من جمالها ‏ مُعارٌ له أو حَُشِنٌ كل مليحة 

يقول: فكل مليح ظهر حسنه من جمالها: أي من جمال الحضرة الفعلية الحكمية 


(1) الأنعام. الآية 91. 





الإلهية الكمالية» ومن جمال المحيّة الإلهية معادله منها؛ لأنّه كان بتدبير جماله. وكمال 
الإرادة الإلهية وهى المحبة» ولكن الإرادة تقضى إرادة ظهور كل ما فى اختيار المرء من 
غير ار كتروبو انا لمخة يتقيض عم أل هذا انعد امتطلاحا بعس ادال فى كل 
شىء. وقوله: أو حسن كل مليحة: أي [حسن] كل صفة مليحة فإنّما كان حسن تلك 
العيقة 1 وذ لاق لقتعي ارك | لحف لفيدتورة م لهدة اسل جف الكتوان روزا سبال الخال 
الإلهي؛ لأن كل 5 1-0 تعالى فهو جمال» وكمال [لا محالة. وجمال وكمال]3) 
حكمة الله مطلقة غير مقيدة» ولا متناهية» وكل ما يظهره في الوجود من الكمال. والجمال 
هو مقيّدء ومتناه وفي قدرته» وحكمته لا نهاية له» ولكن تجلي صفاته لا نهاية لكمالهاء 
وى كداف تجلى يناك اليه الكائل فكرن يتفلا كمال 11" تهارة اله 
قال: 
43 - بهاتَبِسُتبنى هام بل كل عاش كمجنون ليلى أو كثر عرَّة 
4 - فَكلٌ صا منهم إلى وَضْففٍ مُحنسها بصورة شن لاح في خسن صورة” 
45 - وما ذاك إلآ أن بدت بمظاهر2 فظنوا سواها وهي فيهم تجلت 
يقول: بها: أي بجمال تلك الحضرة الجمالية» الحكمية» الإلهية المراد إظهارها في 
الوجود وجوداً لتجلّي جمالها فيه» بها هام حا وعشقاً قيس بحب لبنى» وهو اسم امرأة. 
بل كلّ عاشق إِنّما عشق محبوبه بتجلّي جمالها في مظهر محبوبه» كمجنون بحب ليلى. 
أو كثير؟) -بتشديد الياء» والمثنّاة التحتيّة وكسرها- اسم رجل هام بحبّ عرّة اسم امرأق 
ففي الحقيقة كل مَنْ هام إنما هام منهم؛ صبا إلى وصف حسنها إذ تجلّت له بصورة سن 
لاح له في حسن صورة. وما السبب في ذلك إلا أن بدت أي تجلت له بمظاهر. أي 
(0) في س: [لمحبة]. 
(2) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(4) في الأصل: [له] ولا معنى لهاء وأثبتنا [لا] لتلاؤمها مع السياق. وفي س: [متصفاً بكماله نهاية]. وهي عبارة 
2 لها ] ندل [خشها] و[مت ]ندل [حين 1 وفي هامش الديوان أنّها إحدى القراءات للبيت. 


(6) كثيّر هو الشاعر الأموي المشهور. 


بأشخاص يظهر منها لهم في الصورة الجميلة» فهي تظهر وهم [52و] محجوبون عن 
معرفتهاء فصار قصور عقولهم عن إدراكها مُحجباً لها لا هي محتجبة: وإِنّما كان ذلك كأنّه 
حجاب لها عن عيونهم؛ وعقولهم إل عقول أهل التحقيق؛ فكما ينظرون بعقولهم أن ذلك 
اللون الحسن المشوب بالحمرة ظهر في بشرة هذه الصورة إِنْما هو حسن الدم؛ وجمال7'' 
الحياة الذي هو مادة الحياة حين رقّت البشرة» كذلك يرون أن كل جمال وحسن ظهر في 
مظاهر تجلّى الجمال إِنّما هو من تجلّى جمال الحضرة الجمالية» الحكمية» الإلهية. 


قال: 
ب ار على صِيِغْ التلوين في كل تزرة 
يقول: بذاثك. أي : تجلت وظهرت باحتجاب واختفت بمظاهر: هو كما ذكرناه على 


صيغ التلوين» في كل برزة: أي في كل”) ظهوره؛ ومراده على صيغ التلوين» أي على 
ألوان أصباغ كثيرة الأنواع في تلوّنهاء وإنها ظهرت في حمرة الذهب. وبياض الفضة؛ ونور 
الشمسء وضياء النار. وأصباغ الأشجار» وألوان الناس أهل الجمالء. [كل]!) على قدر ما 
تجلّت فيه فصار محبوباً على قدر تجليها للعاشق لها. 

قال: 

7 - ففي النَّضْأَةِ الأولى تَراءَثْ لآدم بِمَظهر حوًا قبل حُكم الأمومة 


- 


8 - فَهَامَ بها كيما يكونَّ بهاأبَا ١‏ وِيَظهَّرَ بالرّوجين سر البنوّة 
#ر 0 ع 0 م 
9 - وكان ابْتدا حب المَظاهر بَعْضَها لبعض ولا ضذد يصد ببغضة 


يقول: ففي النشأة الأولى الإنسانية التي لأجلها أوجد الله جميع الموجودات؛ ولوجود 
النبي محمد كل منهاء وهو الحبيب الأعظم الذي خُلق لأجله كل شيء #ثراءت أ حلت 
لآدم في مظهر حوّاء قبل أن يعرف أنه المراد بحبّها لأجل خروج النسل منهماء وبظهور 
الجمال التدبيري الإلهي في مظاهر نسله في الحبّء والجمال يخرج الذرية» فوجد آدم 


(1) في س: [وحال] بدل [وجمال]. 
(2)[كل] ساقطة في س. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 





حبّأً في نفسه إليها من حيث لا يشعر. وكذلك ليخرج منه المحبوب الذي لأجله وجد 
الوجود 0 وكان حب آدم [هو]''' ابتداء حب مظاهر تجلي الحضرة الإلهية المحبوبية 
الجمالية. ولا ضد له -بالضاد المعجمة- يصذه -بالصاد المهملة- سغضة: اق لعيق له 


من ضذ يصذه عن حبها ببغضه. 
قال: 


0 - وما بَرَحَتُ تبدو وتَحْمَى لعلة على حَسَب الأوقاتٍ في كلّ حَقْبَةٍ قب 

1 - وَتَظهِرٌ لِلفُسَاقٍ في كلّ مَظهر كن رصن في اد سك ينين 

2 - ففي مَرَّةِ لبنى وأخرى بُثِيئة ١‏ وآونة | تدعى 2 بعرَّةَ عرّة 

53 - وَلَسْنَ سواهالا ولا كن غيرّها وما إن لها في حسنها من شريكة 

يقول: ولم تزل تخفى في المظاهر تارة» وتظهر أخرىء وتظهر للعشّاق من اللبس: 
أي من الححجب في أشكال بديعة كلما كان الشكل أقرب إلى صفات كمالها ظهر جمالها 
فيه أكثرء ففي مرة تراءت في لبنى من النساء لمن عشقهاء وأخرى في بثينة» وتارة آونة 
تُدعى: أي تنادى. بعزة عرّة: أي يا عرّة بعزّتك في طلبه لرؤية جمالها لها منهاء وليست في 
التععيقة مدو اماد ى لحف 2 لأ رن لق عي رلك فده الوا عر اغب هاماي لكل جلها 
على اختلاف صور الأشكال المتجلية فيهاء وهي ليس لها شريك في جمالها وحسنها؛ 
لأنّ كمالها في حضرة!2 علمه تعالى وحكمته وقدرته؛ [52ظ] وجمال حكمته لا شريك 
لمؤتدييو كلم جما لبانولا ريك له: كاققه لا نهازة لناذله الجمان المطلو» ركل نال 
ظهر فهو من جمال فعلهء فافهم. 

قال: 

4 كذاك بِحُكم الاتحاد بحسيها ‏ كمالي بَدَثْ في غيرها وثَريَتِ" 

يقول: كذلك بحكم الاتحاد في حسني وجمالي! بجمالها أو حسنهاء أي الحضرة 
(2) في س: [الحضرة]. 


(3) في الأصلء و[س]: [كذلك] بدل [كذاك]. وما أثبتناه من الديوان؛ وبه يستقيم الوزن. 
4( في سس [وجمالها] بدل [وجمالي ١]‏ وما أثبتناه من الأصل يتلاءم مع السياق. 


الجمالية هو جمال واحد وحسن واحد. بدت: أض ظهرت جمالى وكمالى» ولم يقل 
أبدت؛ لأنّه جعل جمالها وجماله. وكمالها وكماله واحدا فى غيرها من'1) المظاهر لها. 

قال: 

5 - بَدَوْتُ لهافي كل صَبٌ ميم بأيّ بديع سه وبيّة 

يقول: بدوت: أي أظهرت لهاء أي الحضرة الجمالية؛ في كل صب متيم بأي. أقٍِ 
بشكل بديع حسنه وجماله وبأية صورة حسنة بديعة الشكل؛ لأنّ الجمال معناه واحد وهو 
الذي ظهر في صورتيء وأعمالي؛ وصفاتي بحكم الاتحاد إذا صار كلّ شيء مني جمالاًء 
فذلك الجمال الذي كنت مظهراً لها تظهر فيه هو الجمال الذي ظهر في غيريء أي غيرهاء 
أي الحضرة الجمالية المطلقة. 

بيان فى معنى 27 الاتحاد: 

اعلم أن من المعاني ما لا يُفهم إلا بمقدمات, والاتحاد'» والمطلقء والمقيّد 
والمظاهر لا تفهم معانيهاء ما هي في اصطلاح المتصوفين. أما الاتحاد فله معان» وعلى 
أحوال كثيرة» ومنها اتحاد المزاح كامتزاج ماء قراح بماء قراح» ومنها اتحاد الشبه في الصورة 
والشكلء فالاتحاد فى الصورة مثل ماء بماء شبيه له. واتحاد الصورة الشكلية مثل أن يدور 
دائر بين بآلة واحدة/ لم يغيرها بشيء, ولم يرد أهل التصوف هذه الوجوه. ومنها اتحاد 
فى الوصف بالاتصافء. ومنها الاتحاد فى المعنى» وهذان الوجهان هما المقصودان. وما 
اتحاد الشيء بالتجلي في المرآة فلم يرده أهل العلم إلا مثالاً لا حقيقة» ولكن احتاجوا إلى 
وصف كمال الله بصفاته. وتجليها على ذات المرء مبالغة في التحقيق أنْ علمها بالله العلم 
الحق هو كذلك غير مختلف,. وكذلك للمطلق معان منها مطلق باتحاد”" المعنى كالمحبة 
من الناس معناها واحد. وكذلك الجمال والكمال معناهما واحد. وظهوره فى الأشخاص 


(1)1من] ساقطة في س. 

(2) فى س: [سفر] بدل [معنى]. ولا معنى لها. 

(9امة الحديك عن [الاتحاد]: 

(4)فى س: [واحد] بدل [واحدة]. 

(5) المطلق هو الكلّي العقلي لا يكون إلا في الأذهان لا في الأعيان والمطلق لا بشرط وهو الكلّي. ينظر موسوعة 
العجم. ص 989. وسيشرح الشيخ ناصر [المقيد] و[المظاهر] في ثنايا حديثه الآتي. 





مقيد بها ويقابله قبح» والجمال المطلق الذي لا يتناهى'!' في صفته ولا في أوصافه. وهو 
كمال الله وجماله؛ الذي لا نهاية له. فإذا فهمت ذلك فاعلم أن جميع محبّات الخلق 
بعضهم لبعض هي في الحقيقة متحدة محبة واحدة ذ في المعنى. وإن أمكن أَنَ الله خلق في 

كل شك فض عر التدة الى خلتها قي الأعر نإ مف المدية كلها فق واحد 
متحدّ اتحادا كلياًء وإن اختلفت أحوالها في المظاهر التي تظهر فيهم؛ فصارت المحبّات 
هي محبة واحدة في المعنى» فيقال في اتحادها في المعنى المحبّة المطلقة» وظهورها في 
كل شحصن وو اطي الها طهر تتاف التقادة بظهورها في شخصه دون غيره فهي تظهر 
بالتقييد» وأما هي أصلها فمطلقة» وكذلك الإرادة» والمشيئة» والعلم» والسمع. والبصر 
كل واحد من ذلك هو مطلق في المعنى. وظهوره في الأشخاصء وهي المظاهر مقيّداً 
ظهوره فيهاء وأصلها مركبة فيه لتطلب المحبة الإلهية» والكمال الحقيقي حتى تتحدّ 
بمحبة الله» وبكماله الحقيقي الذي جعله كمالآء أو تتنور بنور كماله الذي لا يتناهى!2, 
فمن صَرّفها عن المقصود بها فإِنّما ذلك إفسادها بنفسه لهاء وإلا فهي كذلكء والجمال 
إنما ظهر في الوجود ليشهد به جمال الحكمة الإلهية الفعلية في تدبيره لا ليشهد الجمال 
قيه اانه فين افر رد امه سحي ماعن ركه ادحوم الله لمعه 
[53و] فإنّه ليس على الله حجاب, فاتحدت معنى المحبة من جميع الأشياء واتّحد معنى 
الكمال» وكذلك الجمال هو في الحقيقة مطلق؛ لأنه لا يمكن أن يكون الجمال شيعا هو 
على غير معناه نقيضاً له. وما كان على معناه فهو هوء وكان مطلقاً هذا المطلق في المعنى. 
وأمًا المظلق الحقيقئ فهو الذي يكون فى مقابلته مطلق المغى :مقيداً؛ لأنله لا نهاية فى 
الاتعاف لاني الكدر سين الكوان الالقي العو ويك 4 ذانور تجن براقا أن يوق 
به على !4 أفاضه على ذاته التي أضاف صفات ت دالّة على صفاته كالسمع. والبصر. 
والكلام. والقدرة. والعلمء والعدل. زكر علق تجلوب يها علو الرعجرة ل ضر ذانها 


(1) في الأصل و[س]: [لا يتناها]. 

(2) في الأصل و[س]: [لا يتناها]. 

(3) في الأصل و[س]: [شيء]ء وما أثبتناه أصوب. 
(1)4مَنْ] ساقطة في الأصل. وما أثبتناه من س. 
(5) في الأصل و[س]: [يتجلى]. 


[إلا لتكمل]'!' بها الذات التي هكذا صفاتهاء وهي الذات الحجرية» ولأجل تكميلها بها 
أوجدها وأوجد جميع الموجودات. فإذا اتحدت به واتصفت قد اتحد كمالها بكماله2)؛ 
لأنّها لا كمال لها إلا أن يتّحد بذاتها ذلك الكمال الإلهي» واتحاده بكمال المحبة وجمال 
الكمال الحقيقي اتحاد المحبّة مطلقاء وبالجمال مطلقاً من حيث [ظهر في ]3 المعنى لا 
في الاتصاف. وذلك حيث كان جمال كمال الحكمة الإلهية أن يظهر جمال التدبير في كل 
شىء فى المحبة» وفى المظاهر من الصورء وفى المثالات» وفى الخيالات» وفى الأعمال» 
زفي الصتاك: وفي وكير لمات والمشيئات حتى في عمل الكافر الكفرء فإنّما 
تجلّى له الجمال التدبيري الإلهىء وفى ذلك العمل ابتلاء من الله فأحيّه. وكفر به عن قصد 
تإراف» وقلدتياء الله تعالى »روطو لجلا لله فى لكان ان انيه وو باط قر ادحا 
فيبتعد» وجعل له قدرة يمكنه أن يصرفها عن أتباعه؛ وأظهر كفره الباري جل وعلا بظهور 
هذا الجمال التدبيري وأظهر له بقدر [ما يقدر]) أن يخالف فيه هواه أن لو أراده ولكن 
في علمه تعالى أنّه ليخالفه عن رغبة واختيار منه. فكان الله تعالى بهذا التدبير الجمالي فيه 
هو المظهر منه ما في نفسه من حيث لا أنه أراد وأحب أن يعصيه. كلاء ولكنّه سبحانه جل 
رعلا بها عله جنال قدي أله د وحميية فو غلفة إلا الى كرورم ايعان زا مره تاريما 
أمر به غيره» وبما نهى عنه غيره» وهداه إلى الجمال والكمال المطلق. وتجلى له الجمال 
في الخيالات التي هي في الأصل قببحة كما يتجلى ذلك لغيره فيخليه عن نفسه فلم يخله 
بل اتبعه. فصار جميع اتحاد الوجود في تدبير الله تعالى جمالاً مطلقاً”). وحيث ما تجلّى 
الجمال فهو جمالء فكان من الجمال المطلق أن يظهر في الصور في صورة الحمار على 
صورة الحمارء وفي الإنسان على صورة الإنسان. وفي الدنحل على صورة النحل. وفي 
الكرم على صورة الكرم؛ وفي الذهب على صورة الذهب. وفي القار الأسود على صورة 
القار. وفي الكفر على صورة الكفر فيهلك به من هلك”)؛ لأنَّ الكفر خلق من الله تعالى. 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(2) في س: [كماله] بدل [كمالها]» وقد سقطت [يكماله]؛ وما جاء في المتن أكمل. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط فى الأصل. والزيادة من س. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في من 

(5) في الأصلء و[س]: [جمال مطلق]؛ وحقّهما النصب لكون [جمال] خبر صارء ومطلق نعت له. 
(6) في س: [فهلك به وملك]. 


ومن العبد عمل؛ ولو قيل: إن خلق الكفر ليس في حسن التدبير في الوجود لكان ذلك من 
الغيب في تدبير الله تعالى» وتدبيرُه كله حسنء والجمال هو الحسن فصمٌّ أن كل شيء 
في الوجود إِنّما ظهر فيه صورة الجمال؛ والحسن المطلق التدبيري المعنوي. وظهور له 
عد قور امقيوي محدياه يوق عل الله رترت كر ران انهاية فهر ايشا فطلو بلا نياب 
وأصل ظهوره هو كمال وجمال عمومي للكلء وإنما يحجب عنه حجبه'!) عن نفسه؛ لأن 
حكمة التعبد للكلٌ من المتعبدين» وما ظهر من الجمال في المظاهر» وتجلّى على المحبة 
فهو يظهر بعضه للطائع والعاصي فيضل بتجليه عليه [53ظ] في بعض المظاهر بعضهم. 
ويزاد به قربه الله تعالى بعضهم فيكون حبجة على العاصي. وأصل ظهور جمال الحكمة 
في ظهور المحبّة. والجمال المعنويء» والجمال الظاهر في الصور والخيالات ليترقى!2) 
بذلك إلى العلم بالله تعالى» لا ليعصي الله بهما وفيهماء وما أفيض على ذات حجر المرء 
من الصفات الأربع. وتوابعها التي هي أفضل ما أفيض على الوجود يسمى في اصطلاح 
أهل هذا العلم بالمضاف إليه كالسمعء والبصرء والقدرة» والكلام. والإرادة» والمحبّة. 
والمشيئة» وأعماله. وأفعاله. واعتقاداته» وما يفاض عليه من الجمال كأنوار محيّة الله له 
من الجمال”" المطلق, وكالتوفيق والتسديد إلى غير ذلك» فهو المسمى عندهم بالمفاض» 
فإذا جلّى مما أضيف إليه حتى بلغ به في التصفية إلى الجمال. والكمال الحقيقي الذي 
هو أحبّ الأشياء إلى الله تعالى» وأكملهاء واتّحدت إرادته في كلّ ما أضيف إليه بإرادة 
الله تقالو وضع متهي اللدامفل (قنمير دوقم رقي "1 الله فار اك لاما 
النثهر الننها إن اللس وا كياليا مجو هر أكمليا عمه عله أو عفاد بزعلا تدر قاذ عن 
هو علمه بذاته بذلك العلم غير مختلف. فذلك هو الاتحاد مع أهل هذا العلم'7» وليس 
المعنى أن إرادة الله الموصوف بها ذاته صارت هي إرادة هذه الذات الموجودة؛ بل صار لا 
يحت إلآ ما يحته الله له أن يحته: ولا يريد إلأأما يريده© الله به ومنه؛ ولا يشاء إل ذلك فققد 


(1) في س: [مَنْ يحجبه]. 
(2) في الأصل و[س]: [ليرّقا]. 

(3) في س: [ومن الجمال وكانوا من محبته الله من الجمال]. 

(4)[بمشيئة] ساقطة في س. 

(5) هذا هو معنى الاتحاد الذي يلح الشيخ ناصر عليه. وهو مبّرا من الشرك؛ خال من الالتحام الذي يقول به غيره. 
(6) في س: [وما أريده]؛ ولعله يريد [ما أراده]. 


التحق يعالمه الأول فى الصفات» وذهبت الأغيار عنه؛ وأفاض عليه الجمال المطلق» 
والمحبة المطلقة العمل وإذا كان معنى الشنال و0 ومعنى المحبة وآسذاء الث 
ذلك فلا غرو» أن قال حال السالك الواصل إلى مرتبة الاتحاد بالكمال التدبيري: إِنَّ 
ذلك الحبّء. وذلك الجمال الذي ظهر لادم بحوّاء هو الكمال والجمال؛. والحبٌ الذي 
هو حتّى وجمالى؛ لأن جمالى من جمال حكمة الله. وذلك كذلكء والجمال الإلهى غير 
مكلا تناه سفيك النقاد ولا له رجي ليا لآ جمالة الجيال التطلق الذى ا 
تضاد فيه» ومتى تجلى الجمال على المحيّة مالت إليه فإن كانت الذاث المُحَبة محتجبة 
على التحقيق حالت إلى حبٌ المظهرء وإن كانت تشاهد التحقيق مالت إلى حبٌ مظهر 
السحمالة فصحٌ أَنْ حقيقة الجمال هو جمال حكمة الصانع لا غي لقي وذلك مثل الصانع 
من الناس إذا صنع صنعة مبهرة للعقول بحسنها فقد تجلى جمال حكمته فيهاء فمنهم مَنْ 
عشق الصنعة» ومنهم من أحبّ جمال حكمة الصانع فتراه يجتهد في تحصيلها في ذاته» 
وأحبّ الصانع لكماله وجمال حكمته؛ فإذا عرفت ذلك. اتتضح لك أن الجمال الإلهي 
حقيقة واحدء وأنّه هو المتجلي في المظاهرء وأنَّا) هذا السالك هو المتّصفة ذاته به علما 
وعملاً» وأنّه ليس شيء محبوب في الحقيقة غيره. 

قال: 

6 - وَليْسوابغيري في الهوى لتقدّم ‏ عليّ لِسَبْقِ في الليالي القديمة» 

يقوق# إن الجمال يق اليا وصيالة المتفقو ولسوا أي العاشسقين شروى عستراة 
أو تهالكوا في الهوى فيمن تهالكوا فيه حب وهوى وإن كانوا مضوا قبل أن أحل في ذاتك. 
وأكملها فلا حبَة لتقدمهم؛ ولأجل سبقهم عليّء أي على ظهوري فيك وعليك في الليالي 
القديمة؛ فإني أنا الذي ظهرت في كل جميل حسن فالذي ظهر لازم في حوّاء؛ وكل جمال 


(1) في الأصل و[س]: [واحد]ء وما أثبتناه أصوب. 
(2) في الأصل و[س]: [فلا غروي]. 

(3) في الأصل: [إلى غيره]؛ وأثبتنا ما في س لتلاؤمه مع السياق. 

(4) في الأصل و[س]: [وائّضح لك]ء وبالواو ولا يستقيم الكلام لكون [اتضح] جواب الشرط. 
(5) كتب الناسخ [وأنَ] في الأصل مرّتين. 

(6) في الديوان: [سواي] بدل [بغيري]؛ وفي هامش الديوان أنها إحدى القراءات. 


فى محبة وفى مظهرء فأنا الجمال الظاهر؛ لأنّى الجمال') الإلهى» وأراد بذلك الحتّ على 
التكميل. وتوحيد جمال تدبير الله تعالى. 

قال: 

7 - وماالقَّومٌ غيري في هوايّ وإنّما ‏ ظَهَرْتُ بهم لِلْنِسِ في كل هيئة 

[54و] 258 - ففي مرّة قيس وأخرى كثراً وآونة أبدو بجَميل بينة2) 

يقول: بلسان حال الجمال الذي اتحد به. وهو الجمال المطلق المتجلّي في المظاهر 
وما القوم الذين هم هاموا في هواي؛ أي الجمال المطلق غيري؛ أي ليس هم غيري؛ وإنْما 
أنا الذي ظهرت بهم في الوجود صورة؛ أو صفات كالليرا"» آي للشكل مشكلا فى كل 
هيئة» أي في كل صورة؛ وهيئة حسنة في المحبة؛ ؛ ففي مرة ظهرت حواء وآدم؛ وفي مرة 
ظهرت قيساً محياً لمحبوبته» وكثيّراً لمن هواهاء وآونة جميل وبثينة» فأنا أتصور لهم جمالاً 
ومحبة؛ لأن جميع صور الوجود صورتيء وظهرت بذاتك لا بصورتك مع أن صورتك 
ظهرت بهاء ولكنّ الكمال في ظهوري كاملاً”) بذاتك؛ وانكشافي إليك حقيقة في كل 
شيء يرى الله. وجمال فعله فيه وأمّا ظهوري في المظاهر يضل بها أهل العمىء ويهتدي 
بي أهل الهدى فكن أنت أناء وأنا أنت» وكلّما رأيت الله. وجماله في كلّ شيء علمأ وعملاً 
فقد عظم جمالك فلا تقنع بالدون والكثير مبذول إليك. 

قال: 


9 - تَجَلَيّت فيهم ظاهراً واحتجبثٌبا ١‏ طناً بهم فاغجب لكشف بسْثْرة 


يقول: مخبراً عن الجمال المطلق: تجليت فيهم ظاهراً بالاتحاد. وظهور الصورة» 
وحسن تشكلها إليهم. واحتجبت باطنا بهم: أي لم يعرفوني أني أنا واحد أظهر لهم لا 


(1) في الأصل و[س]: [جمال] بدل [الجمال].ء وما أثبتناه يستقيم به الكلام. 

(2) في الأصل و[س]: [أبدوا]. 

(3) في س: [وصفاً] بدل [صفات]. 

(4) في س: [باللبس]. 

(5) جاءت [كاملا] منصوبة باعتبارها خبرا للفعل الناقص [صار] المحذوف أي تقدير الكلام: ... ولكنّ الكمال في 
ظهوري صار كاملا بذاتك ... 


غيريء وإن اختلفت أشخاصهمء فاعجب بكشف هو ظهوري لهمء وبسترة: وهو اختفائي 
ان أنا لغيرئ ذلك المشكن على صوو شقى: 

قال: 

0 - ون وَهُم - لاوَهْنَوَهْم - مظَاهِرٌ لنا بتجلَّينا بحب ونَضَرْة 

يقول: وهّن: أي المظاهر المعشوقات» وهم : أي العاشقون. لا وَهَنّ -بتسكين الهاء 
وفتح النون -؛ أي قول لا هَزْل فيه أنّهِم. وهم مظاهرء أي خيالات مظاهر بتجلّينا بحب. 
ونظرء أي بتجلينا في الحبّء وفي النظرة فلا تعرض إلى حب المظاهر عن الجمال الظاهر 
الحقيقي فاشتغل بالتخلّق بالكمال» والجمال الظاهر في المظاهر. ولا يحجبك المظاهر 
عن رؤيتها أن ذلك أنا لتعرف جمال الله في كلّ شيء علما وعملا. 

قال: 

1 - فكلٌ فنى حُبٌ أناهووهي حب ١‏ ب كُلَّ فنى, والكلّ أسماء لُبِسَةٍ 

يقول: على لسان الجمال المطلق وعن لسان المتّحد به؛ فكلٌ فتى حُبّء أي صاحب 
حب -بضمٌ الحاء- أنا هو ذلك الفتى وأنا الحب لا غيري. 

قال: 

3 - أَسَام بها كنت المسقى حَقيقة وكنث: لنن: البنادي بس تَخفت 

يقول: إن ظهوري في المقيّدات وهي المظاهر والأسماء التي سُمّيَت بها تلك المظاهر 
من كل شيء ة في الوجود إنما أنا الظاهر في ذلك؛ وتلك الأسماء إنما هي أسام. أي أسماء 
كنت أنا المسمّى بها حقيقة» أي في الحقيقة» وكنت بظهوري في الوجود إِنّما ظهرت لي. 
أي لنفسي لا غير» وأحببت نفسي. ٠‏ أي ذاتي بنفسء “وكات تحدفه أى مسترت الى ل 
تظهر لأكثر الناس غالبا آنْي أنا ذلك. 

قال: 

3 - وَمَازْلُتُ إيَاها وإيايّ لم تَرَلْ ولا فرق بل ذاتي لذاتي أت 


يقول: بلسان الحال المتحد بالجمال: وما زلت إيّاها: أي حضرة الجمالء وإياي: أي أنا 


321 


هي وهي أنا منذ اتَصفت بها في عالم الغيب. عالم المثال» وكذلك في ظهوري انتهائي من أن١١)‏ 
أكون كما كنت جمالا في عالم المثال. ومتى انتهيت إلى ذلك فقد انتهيت إلى درجة جمالي. 

وقوله: ولا فرق: أي لم تزل هي في محبّة. وأنالم أزل لها محبّء ولا فرق: يحتمل أنه 
أراد: لا فرق بين محبتي لها في شيء؛ ومحبتها لي» فصرت أحبّ ما تحبّه علماً وعملاء 
ويحتمل: ولا فرق» أي بمرتبة الجمع وهي النظر [54ظ] إلى الله تعالى برؤية الروح 
من جهة الغيبء. ونظر النفس إلى الله بالشهود حتى تخرقها إلى عالم الغيب. ويلتقي 
برؤية الروح فهي مرتبة الجمع؛ وهي آخر مرتبة السالكين غير النبي عت وقوله: ذاتي 
[الذاتو اح يرد إراصر كد لكاو حاتي ا وا يلار بالل اد 
إل لأجل ذاتي ]21 فقد صرت أنا ذاتهاء وهي ذاتي حبالا رفحة انبا هي أحيّت ذاتها 
فقد أحبّتني إذ أنا ذاتها واعلم أنّ هذا من حيث الاتحاد بشرط هو صحيح كما قلناء؛ لأ 
حقيقة المحبة قد قلنا لك إِنَّها في الحقيقة واحدة. وكذلك الجمال؛ والجمال محبّ 
نفسه. حتى إِنَّ الفرد إذا أحب ربّه فقد أحب نفسه؛ لأنّ الله يحبّه» ولكن لا يصح في 
تحقيق المحبّة وكمال جمالها المطلق إلا الخلوص فيهاء والإخلاص فيهاء فإذا أخلص 
المرء فقد التحق بعالم المحبة المطلقة الجمالية التي ظهرت في الوجود. فإن قلت: 
كيف تختلف المحبة والجمال في الأشخاص وإرادتهم» وأنت [تقول]! بالوحدة. 
وأنَّ الكمال فيهن هو التحاقها بعالمها الأول وبحضرتها الأولى» وقد يكون في معاص» 
ويكون كاملة» وكذلك الجمال كيف يتصور لبعض أهل الحب حب الكفر والشرك بالله 
تعالى» وأنت تقول بالوحدة؟ فأقول: قن ذكرنا أن خققة مد السحة وفعت نى الجمال 
لا يمكن إلا أن يكون كل منهما هو جامع لجميع أنواع الحبّ ولا يختلف. وجامع 
لمعنى الجمال معاني الجمالء وإِنَّما مثال الحب أو الجمال مثال الشمس التي تدخل 
في المصابيح من البيوت» فيمكن المرء أن يقابلها بأشياء منوّعة بالأصباغ فيظهر في 
السواد لون السواد» وهو إشارة إلى هقايلة المتخبة الكفر والمغضية لله تغالى + والجمال 
قد تجلى في خيال ذلك الكفر في النفس فرآه حسناء وهو على خلاف ما رآه. ويتجلى 


(1) في س قبل [أن] هناك [مَنْ] وسقطت [أن]. ولعلّ الكلام يستقيم في إثياتهما جميعاً. 
(2) ما بين المعقوفين سافط في س . 
(3) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء وما أثبتناه من سء وبه يستقيم الكلام. 


312 


له الحسن في خيال المعصية» والحَسّن ينهاه أن يحتّه» ويميل إليه» ويأمره بمحبته في 
أعمال الطاعة لله تعالى» ويقول له بلسان حاله: إنَّ ظهوري”" هنالك فتنة فأغمض عَيْئَىَ 
قلبك عن رؤيتىء. وانظرنى من الأعمال الصالحات» ومثال تجليه بالشمسء والثوب 
الأسود فإنّه كان مجيجوبا عن رؤيته في ظلمته فلما تجلّت عليه الشمس» ونظر أسود 
أعجب ناظره؛ وقد يمكن أن يلوّنه تجلي الشمس في أحمر. [وأخضر]» وأبيض. 
ومرآة حتى ينظر الشمس منها فتشرق في البيت من حيث لا ترى به الشمس من كوّ 
البيت» ويرى من تلك المرآة فكذلك تجليها فى الأعمال المستعدة لقبول ذلك» وقد 
يختلف صفاء المرآة وصفاء الألوان وكدوراتية فكذلك المحبة المطلقة والجمال 
المطلقء وتجليه وظهوره في مظاهره؛ وقد تظهر المحبة من أناس في شيء من الدواب 
التى لا يحبه© غيره كالحمر الأهليات والكلاب والخنازير أكثر مما يحبٌ صورة 
حجنن ادكه موري ا انانف 1 

فبهذا يصحٌ أنْ جميع إيجاد الوجود إِنّما تجلى ظهوره من الجمال المطلق والمحبّة 
المطلقة؛ ولأنه كله موجود بمحبة الله لإيجاده. والجمال في إيجاده فصار الجمال في 
الموجودات, وهو الجمال الذي جعله الله جمالاً. وعلم به في العلم الأزلي؛ لأنّ جميع 
فعل الله حسنٌ وحمدٌ وثناء» ولا يكون حمد. ولا حسن إلا جميلا فصارت التسمية لفعل 
الله أنه جمالء وكان بالمحبة والإرادة» فافهم. 

قال: 

4 - وَلَيِسَ معي في المُلِك شَيةٌ سواي وال ل لم تَخْطد على المعيّتي 

يفول شرا تناك هال اهمال الالين الكزلى لصيو بره ند اسان بعلن 
هذا المتصف به انالا ذكر علامه التدبيزي الالون اتقل إلى الجهال الموضوات بد 
ذاته مخاطبا للمتّحد به قال: وليس معي في الملك شيء سوايء والمعيّة لم تخطر علىّ 
[55و] الالمعية. الألمعية: الذكاء والعقول. وهذه الحضرة الجمالية المطلقة» والمحبة 


(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 
(3) في س: [يحبّها]ء وما أثبتناه من الأصل . 


المطلقة التي علم الله أنهما سيوجدان قد كان الله ولا شيء معه. [ومعرفته بأنه لا شيء 
معه غير موجودة إذ لا وجود لعقل ذكي يعرفه أنه كان الله ولا شيء معه]!!' بل كان غير 
عرو ف لقوله 35 يقرا خن ؤت أله قال (كنت كرا لج أعرفة تأحبيث أن أعرف) تكات 
هذا الجمال في علم الله [شيئاً]'2» وهو لاشيء» وهو شيء. أي عالم به الباري» ولاايصح 
أن يقال إِنّه كان علماً””) علم به الباري [فيكون ذلك العلم أزلياء بل إنما يجوز أن يقال لم 
يزل الله به عالماء وأنْ نفسه عالمة بذلك. لا وهو علم علمه الله تعالى]*) فيكون حالا 
فيه بعلمه لهء تغالى الله عن ذلك علوا كبيراء بل ثرك التفكر هنانك أولى للمرء خوقاً أن 
يضل لقولهة: [تفكروا في آلاء الله ولا تنفكروا في الله تعالى]/7)» ويمكن أن يكون أخبر 
بالجمال المطلق» والمحبة المطلقة حين أظهرها الباري في الوجود فيقول مخبراً عنهما 
بلسان الحال» وعن نفسه لاتحادهما به أنّهِ ليس في الوجود. وهو عالم الملك في الوجود 
سواي. أي كنت لمحبة الله جمالاً مطلقاً في كل شيء من الملكء أي الوجود. وليس 
معي شيء سوايء والمعيّة لم تخطر على الألمعية» وذلك في عالم المثال» وهو اللوح 
المحفوظ فإنَ العقول في ذلك العالم لم تُخخطر المعية» أي لم تخطر عليها معرفتها لي 
أنّي معي شيء. أو غير معي شيء. فإِنَّ العقول) لم تدرك هذا الإدراك إلا حين ينزل إلى 
مظاهرها. 

واعلم أن المحبة يتربّى!' بها المرءء وكل حيوان منذ يوم يخلق» فيحب الغذاء اللبني. 
أولاء أو غير اللبن من بعض الحيوانات. ثم أمّه ثم مَنْ قاربه من أب أو غير أب» وكذلك 
إن أرضعته غير أمه أحبٍّ الذي أرضعته. فاعتبر بذلك. فالمحبّة وتجليها إثما هى تتجلى 
من عالم الجمال» ومن الحضرة الجمالية» أي حضرة الحسن المطلقء فافهم. 1 

قال: 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 
(3) في س: [عالما]. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(5) مرّ تخريج الحديث. 

(6) في س: [القول] بدل [العقول]. 

(2) في الأصل و[س]: [يتربًا]. 


5 - وَمَذي يدي لاأنّ تفسي تَحَوَفَْ ١١‏ سوايّ ولا غَيْري لخير تَرجَتٍ 

يقول: بلسان حال الجمال الإلهن مخيرا ع جمالة التدبيرق للشتححيديه: وعذدئ يدى: 
أي جميع ما أظهرته في الوجود هو 5 جمال تدبيري إليك وفيك ولأجلك. وظهرت لك. 
لا أن نفسي تخوّفت سوايء ولا غيري لخيرٍ ترججت: أي لم أظهر لك [جمال]'" الكرامة 
لتعينني على شيء تخوّفته» ولا راجيا نفعا وخيرا انتفع به» إنما هي كرامة محضة خالصة 
لك. 

قال: 

6 - ولا ذل إخمال لذكري تَونَمَتْ ولا عر إقبال لشكر توحّمت2) 

بقولة و يوت نشفات ورك لتو خنع ذل بال لذكري يوحت تقيني كذلك آذ 
الأعمانة وحن لفان الدكر يشو جرع نو قدت تقيتي ذلك ذل لوي ولا ع فيا 
لشكر توحّحت: أي ولا توحّحت بإقبال عرّ علىَّ لشكر الناس ُعمى كان تجلي ظهوري. 
وظهور كرامتي؛ وإرادة الكون ليعبدني. وإِنّما كله لأجلك؛ ولتكميل ذاتك؛ وكرامة مني 
لك. ومحبة مني إليك. ولا يضرني كفرك وإن كنت لا أرضاه لك. ولا تنفعني طاعتك 
ولازداد عرّا ولا حمدا في صفاتي [وكمالي]» وجماليء والمراد بذلك أن تعلم أن تكوين 
الكائنات من الله لم يزدد بها حمداً في وصفه ولا ثناء ولا كمالاآً؛ لأنَّ له الحمد والكمال 
ولو لم يخلق. فافهم. 

قال: 

7 - ولكن لصَّدٌّ الصَدَّ عَْن طعْنه على ملا أوليائي المُنْجدين بنجدتي 


يقول: ولكن ظهرت بجمالي وصفاتي» وكمال تدبيري في كل ذرّة من ذرات الوجود. 
لصدّ: أي لمنع الضدء أي العاصي الذي علمته في علمي الأزلي أنه يعصيني عن طعنه على 
أوليائي المنجدين بنجدة من أهل الصذ. 5 الأعداء. 


(1)مابين المعقوفين ساقط من س. 

(2) في الديوان: [لشكري] بدل [لشكر]. 

(3) في س: [... ولا إقبال عن الشكر]. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 


الباب الحادي عشر!!) [55ظ] 


في الرجوع إلى الشريعة التي لا يح كمال الحقيقة إلا به21', وهي الحقيقة أيضاً في 
حين المكاشفة بلسان المقام المحمدي ظة. 
قال: 


8 - رَجَمُتٌ لأعمال العبادة عَادَةٌ وأغددتٌ أحو ال الإرادة عذتى 


يقول: مخبراً عن الجمال الحقيقي المطلق: رجعت عن كشف ظهوري في مظاهر الصور 
إلى مظاهري في أعمال العبادة؛ لأني كل ظهور ظهرت فيه إِنّما'”) ليقام الحججة على إيجاب 
العبادة لله تعالى» وللدلالة على معرفة الله تعالى. وفيه يتجلى كمالي وجمالي لكن في 
الأعمال التي أحبّهاء وهي مظاهري الكمالية؛ وإليها سلك من رام السلوك أولاً إليّ؛ وليكن 
كما قال المتحدّث”! إليّ بالحقيقة: رجعت لأعمال العبادة عادة: أي التي قد عملتها أولاء 
ولزمني أن أعاودها وأعتادهاء وأعددت أحوالي: أي وجعلت الإرادة: أي صدق”© الإرادة 
[عدتي هي ]7 التي أعتدٌ بهاء والعدّة هي كل ما يتوصّل به إلى بلوغ الإرب كالسلاح؛ والعيش 
للحربء وجميع ما يحتاج إليه. 

قال: 

9 - وَعُذْتُ نُكي بعد مَنْكي وَعُدْت من خَلاعة بَشطي بانقباض لعفة( 


(1) في س: [العاشر] بدل [الحادي عشر]. 

(2) هذا هو جوهر سلوك الشيخ ناصر ينه ومَنْ معه من أهل السلوك العمانيين: الشريعة مقرونة بالحقيقة» وليس 
هناك من حقيقة بمعزل عن الشريعة» وقد شرحنا هذا في المقدمة. 

(3) في س: [فإنما]. 

(4) في س: [المتحد]. 

(5) في س: [قصد] بدل [صدق]. 

(6) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. وما أثبتناه من س. 

(7) في الديوان: [بعفة] بدل [لعفة]. 


يقول: وعدت -بالدال المهملة- بنسكي: أي بأدائي لمناسك العبادة التي وجبت علىّ 
في الشريعة فعلاً وتركأء أو ما هو مندوب فعله أو تركه أو اعتقاده. وما در ا 
الوسائل» وهذا مما يدل على أنّهِ مَنْ لم يخلص في الشريعة مما لا يسعه إلآ الإخلاص فيه 
منها فلا حقيقة له» ومَنْ لم يخلص في الحقيقة مما لا يسعه إلا الإخلاص فيه فلا شريعة له 

' | مع 

وما بعد ذلك وسائل منهما وفيهما وسائل وقربات» وهذا ممّا يدل على أن الفاني بحب الله 
لا على ما يتوقمه الجاهلون أنهم يسكرون حتى لا يفيقون لشيء. فلو كان المعنى كذلك 
لما فاق لأداء الصلوات وترك المحرمات. وإِنّما الفناء فناء الصفات الذميمة» وتجليها 
بالكمالات الإلهية التي جعلها الله هي الكمالات في عباده. ثم فناء الإرادات» والمحية» 
والمشيئة حتى يسطع'!' في قلبه» لا يحب إلا ما يحب الله له أن يحبّه. ولا يريد إلآ ما يريده 
الله له أن يريده» ولا يشاء إلا ما يشاء الله له أن يشاءه فتكون المشيئة فى كل شىء يخطر 
غلن قلتتو المحيد و الإ رافه وف كل ها تجو الله بامنه كاه عن الله بعال وكذلك 
فناء رضاه وتوكله. وعزيمته وثقته إليه» ثم يفني فكره في أوقات معلومة بذكره لله تعالى 
بصفات أفعاله الحسنة فيه» وتارة بالنظر إليه بصفاته. فإِنّه لابدٌ أن يفنى بذكره حتى لا يشغله 
شاغل» ويجد في نفسه لذّة مناجاته حتى إِنَّهِ لو نودي في ذلك الحال لما سمع. وهذا ممّا 
لا ينكر كما متّلناه أولاً فيمن وقف يفكر في شيء فإنّه قد يغفل عن كلّ شيء» والناس في 
ذلك على تفاوت» وهو مع ذلك لا يغفل عن أداء كل ما لزمه؛ لأن ذلك لا يدوم في الدنيا. 

بيان: في معنى!”' رؤية الباري في الدنياء والآخرة: 

وهذه هي رؤية الله تعالى لا غير فإنَ الله لا ثُرى ذاته. ولكن يُرى بالصفات, وهذه الرؤية في 
الآخرة هي التي يرون أهل المحبة”" بها ربهم دائماً لا يزول عنهم. والمراد بها قوة الحضور مع 
الله تعالى» والمشاهدة له بالصفات لا بالذات» وقد قال الشيخ”) أبو نبهان: 

تجلّى ظههوراً بالصفات لقلبه؟) 


(1) في س: [سطع]. 
(2) في س: [ معقود] بدل [معنى]. 

(3) في س: [الجنة] بدل [المحبة]. 

(4)[الشيخ] ساقطة في س.ء وأبو نبهان هو الشيخ جاعد َدَنَهٍ والد الشيخ ناصرء وقد ترجمنا له في المقدمة. 
(5) في س: [لذاته] بدل [لقلبه]ء وهو صدر بيت من قصيدته الشهيرة [حياة المهج ]. وتتمته: 


ففي الآخرة لا تزول مشاهدة الله تعالى بالصفات من العقول أبدأء كما أن النبي ف لا 
تزول رؤية الله تعالى عنهء وحضور عقله مع الله تعالى فهو يراه أي حاضرٌ عقله مع ربّه 
دائماً أبدأء ويشاهد صفاته, لا ذاته لقوله : (لست كأحدكم. وإِنّي ليغان على قلبي حتى 
[تنام عيناي ولا ينام]!! عقلي)7). فرؤية النبي إلى ربّه بالحضور والمشاهدة بصفاته [في 
الدنيا هي مثل حضوره في الآخرة» ولا يبلغ أحد مبلغه [56و] في قوة الحضورء وكثرة 
مشاهدته بكثرة صفاته]/3. ومن بعده الرسل أولو”" العزم وهم نوح. وإبراهيم» وموسى. 
وعيسى عليهم السلام؛ وهم خمسة بالنبي فت ومن بعدهم الرسلء. والملائكة؛ والأنبياء» 
وأمّا في الآخرة فكلّهم لا يغفلون عن ذكر الله لا باللسان”” وإِنّما يرون صفات الله تعالى 
بالقلوب وقوة الحضورء ومن هنا ضل مَنْ ضل فأنكر الرؤية بعضهم. 


وقال بعضهم بالرؤية؛ ودانوا برؤية الذات» وهو الذي لا يصح. ولا يحل القول به. فإنَّ 
الذات لا يراهاء ولا يعرفهاء [ولا سيراهاء ولا سيعرفها]؟ إلا الله تعالى» لا نبي ولا مَلكء 
ولا شيء أبداً على حال. وذلك من المحالء والقول به ضلال على كل حالء وإن كان 
هذا الذي قلناه يصحٌ في الله تعالى فلا يكون معنى [ذلك]** قوله تعالى: وج يمضه 
507ل ريما نار 004. فإِنَّ المراد هنا: إلى رحمة ربّها ناظرة» والقول المحكم في توحيد 


الله تعالى أَنّهِ يوجد كما وصف به نفسه بقوله: # لا تُدَرِكُهُالأبصدر وهو يدَرِكَ الأتصر 
وَهُوَ أَللْطِيفٌ أَكَبِيرٌ #. وذلك في الدنيا والآخرة» والمعنى أنكم نزّهتموه عمًا هو ليس 


إلى طورهاء فاندك في نورها سهبا 
وفي شرح القصيدة: [لذاته]» كما في سء ينظر شرح حياة المهج» تحقيق د. صادق إسماعيل. ص27. 
(1) ما بين المعقوفين ساقط في س . 
(2) مرٌ تخريج الحديث؛. ويضاف هنا الرسالة القشيرية؛ 207[1. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 
(4) في الأصل ول[س]: [أولي]؛ وما أثبتناه أصوب. 
(5) في الأصل: [بالسان].؛ وما أثبتناه من س. 
(6) ما بين المعقوفين ساقط في س. 
(7)[كل] ساقطة في س. 
(8)[ذلك] ساقطة فى الأصل. والزيادة من س. 
(9) القيامة. الآية 22. 
(6)10 الأنعام. الآية 103. 


من صفاتةف فلا تضفوه بكلّ ما يُدرك بالبصر فإنَّ الله تعالى ليس كذلك» وكذلك كل ما 
تتوهونه!» بعقولكم. فإنّ الله ليس كذلكء وقوله لموسى: لان َي 24) جواب قاطع 
له في الدنياء وقوله: #وَلكن أنظر إل الْجَبَلٍ قَإِنِ آَسَمَّهَرٌ متكا مزق رق 230 ولم 
يستقر الجبل فدل على أنه لن يراه*» جواب له ب [سوف] للمستقبل» و[سوف] من كلامه 
يأتي لمستقبل الدنيا والآخرة. 

وبالجملة فالقول بثبوت رؤية الله تعالى إلى الذات من أحد من خلقه مستحيلء» 
ومحال. وضلالء ومَنْ دان بذلك فهو دائن بالضلالء ومَنْ قال ذلك واعتقد' فهو قائل 
ومعتقد للضلال الذي لا مخرج له على حال2. 

فإن قلت: فما معنى قول ابن الفارض: 

وإذا سألتك أن أراك حقيقة فاسمح. ولاتجعل جوابي [لن ترى]7) 


هل يحتمل له وجه حقٌ؟ فأقول: إِنه يحتمل أن يكون أراد رؤية غير الذات» وإنما أراد 


رؤية تحقيق وجوب الذات» وتحقيق الصفات لله تعالى التي هي صفاته؛ وأمّا تحقيق 
صفاته فكذلك هيهات أن يراهاء وأما تحقيق وجوب ماله من الصفات فهو الحق الذي 
لابدّ أن يتحققه كلّ متعبّد» وبالحقيقة إِنَّ إدراك العجز عن الإدراك هو الإدراك» فإذا عرف 4) 
الله حق المعرفة فقد رآه حقيقة؛ لأنَّ تلك الرؤية التي عرف بها الباري بصفاته» ووجوب 


(1) في الأصل و[س]: [تتوقموه] بدل [تتوهمونه]. 

2( الأعراقه: الآية 143. 

(3) الآعراف» الآية 143. 

(4) في الأصل و[س]: [لا سيراه]؛ وما أثبتناه الصواب. 

(5) فى س: [ومَنْ اعتقده]. 

(6) هذا هو الرأي السائد الذي تأخذ به الإباضية في هذا الأمرء ومن البدهي أن يشدّد الشيخ ناصر في توضيح رأيه 
فيه. وفي هذا يقول سماحة المفتي الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: (وذهب إلى استحالة الرؤية في الدنيا والآخرة 
أصحابنا - الإباضية - وهو قول المعتزلة ...)؛ ينظر كتابه الحق الدامغ. ص32 وبنظر كذلك كتاب عزة محمد 
عبد المنعم زايد (رؤية الله تعالى بين المثبتين والنافين) ففيه تفصيل مفيد. 

(7) هذا بيت من قصيدة عدّتها أحد عشر بيتا لابن الفارض. مطلعها: 

زدني بفرط الحبّ فيك تحيّراً | وارحم حشا بلظى هواك تسقرا 
ينظر ديوانه» ص 231. 
(8) في س: [عرفت] بدل [عرف]. وما في الأصل الصواب. 


ماله من الصفات» ووجوب وجود الذات هي حقيقة الرؤية الصادقة» وما تخيّل [له]1" أنه 
رأى الذات فهي رؤية كاذبة فليست هي رؤيته!2) بالحقيقة» فعلى هذا الوجه يحتمل حقه 
أنّه لم يُرد الذات» ولو أراد لم يرد إلا أن يرى ما يوجب وجود الذات لا يرى الذات. ولا 
حقيقة الصفات؛ لأنّ صفات الله تعالى لا نهاية لها لقوله 8: (اللهم إِنّي أدعوك بكل اسم 
سمّيت به نفسكء واستأثرت به في علم الغيب معك)» وصفات الله تعالى لا نهاية لها 
فكيف يعرف ذلك أحد غيره. 

وقوله: فاسمح ولا تجعل جوابي لن ترىء أي وإذا سألتك أن تكشف مني حجب 
الغفلة عن معرفتك, والحضور في ذكرك فلا تجعل جوابي [لن ترى]» أي لا أعينك على 
زوال الغفلة منك» أي لا تكلني على نفسيء فرؤية الباري بحقيقة الرؤية هو تحقيق معرفته 
بالحق. لارؤية الذات» فافهم. 


ولنرجع إلى تأويل تمام بيته من قوله: وعذت إلى نسكي التي هي أقسام العبادة» ونسكه 
هو العمل بها أي وعذت إلى الأعمال الشرعية التي لا56[1ظ] يصمّ السلوك إلى الله 
تعالى بالحقيقة إلا بها معهاء وذلك بعد تهتكي في المحبة التي ذكرتها في سلوكي من 
غير أن ينقص مني تهتكي. وعذت -بالذال المعجمة- أي واستعذت من خلاعة بسطي. 
أي واستعذت من انخلاعي إلى بسطي بالتساهل فيها. أي ل اعم ).فيه إلا جما هد 
أكمل وأحت إلى الله تعالى» لانقباض بعمّة: أي مائلاً إلى الانقباض عن البسط الذي هو 
التساهل بغير الأفضلء والأعدل في كل شيء منهاء بعفة: أي بعفاف. أي بكمال ورع. 
وعفة ووهده وتقوى بتقنقة وتيا ذكرث اللازمات والمعدونات اتقل إلى الوسائل: 


قال: 


(1)1له]: ساقطة في الأصل. والزيادة من س. 
220 في س: [رؤية] بدل [رؤيته]. 

(3) في س: [ولقوله] بدل [وقوله] وهو تحريف. 
(4) في س: [لها] بدل [بها]ء وما في المتن أوجه. 
(5) في س: [الأعمال] بدل [لا أعمل]. 


0- وصّمْتٌ نهاري رَعْبَةٌ في مثوبة 2 رَأَحْبَِيتٌ ليلي رَهْبِةَ من عقوبة 

7 - وَعمّرت أوقاتي بورد لوارد وصَّمْت لسَمْت واعتكاف لخرمة 

2 - وَبنْتُ عن الأوطان هجرانَ قاطع 2 مُواصلة الإخوان واخُتَرتُ مُزلتي 

يقول: وصمت نهاريء وأحييت ليلي مع رهبة من عقوبته'!"» أي غير آمن من سخطه 
مع رجائي لثوابه. والسمت: القصد. وبان عن الأوطان: أي فارقهاء وعمر أوقاته بورد: أي 
بالدعاء لوارد» أي لطلب واردات ترد علىّء وهي نفحات القرب. وانفتاح أبواب المحبة» 
ودل على أنه لابدّ في السلوك إلى الله بالمحبة [من أذكار يتلوهاء أو شيء من أسماء الله 
تعالى» وأسرع شيء في التجرد عن الصفات النفسانية» وانفتاح أبواب المحبة]" إلى 
الله تعالى بخاصية في الحروف هي خمسة أحرف تركيبها على صفات السالك الواصل 
الكامل محمد كل وهو اسم عظيم ذو الخمسة الأحرف بحرف خفي فيه عن أكثر [العوام 
كما أن اسم محمد ظاهره أربعة أحرف. وباطنه خمسة فيه اسم خفي عن أكثر العامة][2) 
من الناس كذلك ذلك الاسم وقد مضى ذكره وشرحه. ولابدٌ منه لأهل السلوك' فإنه 
به ينفتح لهم ما لا يعرفه إلا هم ويتكلم بالحكمة من الكلام في علوم لا يفهمها غيرهم. 
وهذا النظم منه. وإنما نحن فسرنا منه معانيه الظاهرة الجسمانية والجسدانية» وتركنا 


المعانى الروحانية. فافهم ذلك. 
قال: 


3 - ودققكُت فكري في الحلال تورّعاً | وراعيتٌ في إصلاح قُوتيّ قوّتي 

يقول: واجتهدت في تدقيق معرفة الحلال والحراه”” لثلا أدخل في شيء من الشبهات 
تورعاء وراعيت في إصلاح قوتي الذي تحتمله معدتي. وقوّتي في العمل بالوسائل» وهذا 
حدا الميزان العدل في الزهد الحلال في التقرب إلى الله بالوسائل بعد إحكام اللازم 


(1) في س: [عقوبة] بدل [عقوبته]. 
(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(3) ما بين المعقوفين مكتوب في الهامش من الأصل. 

(4) مرّ فيما سبق اختلاف الأقوال في هذا الأمر. واستقرار الشيخ ناصر على أن هذا الاسم يراد به (محمد) 8#. 
(5) في س: [... في تدقيق الحلال معرفة والحرام]. 

(6) في س: [أحد] بدل [حد]. ومافي الأصل أليق. 


وقد أحكم العمل في كل شيء على الاستقامة» وأمر بالاستقامة في كل شيء. 

قال: 

4 - وَأَنْقَفْتٌ من يسر القناعة راضياً من العيش في الدنيا بأيسر بُلَعةِ 

6 وعدت تفن بالرياقة ولعي «إلتن مشن ناخ الفراتة غطت 

يقول: ولما أدّيت ذلك وفرغت”'! مما لزمني؛ واستحبٌ لي أن أعمله لم أترك ما كنت 
عليه بل مع عملي بالشريعة فإني عامل بالحقيقة» وذاهب إلى كشف ما جب العوائد 
غطت. والعوائد هي المألوفات من جميع الأغيار. 

قال: 

6 - وجوّدت في التجريد عزمي ترّهداً 2 وآثرتٌ في نسكي استجابة دعوتي 

يقول: وآثرت نسكى استجابة» والدعوة: 5 أدعو بالذي يستجاب به الدعوة» وهو 
الاسم الأعظم. هكذا ذكره تلميذ تلميذ الناظمء وهو أعلم بمراده. وأنه استعان على سلوكه 
بالاسم الأعظم., أي أعظم الأسماء التي يفتح بها أبواب هذا السلوك» وهو [57و] الاسم 
الخماسيء أي خمسة أحرفء. وهو مخصوص لأهل السلوك إلى حضرات الله» ويفتح 
بخاصيته دون غيره ما لا يفتح بغيره. فافهم. 

وذكر هنا طريقة التجريد. وبالاسم يتجرّد بسرعة؛ فلذلك لم يُطل القول فيهاء والمراد 
تجريد النفس من صفاتها ومألوفاتهاء ولكن بالاسم الأعظم تشتغل النفس بما يتجلى لها 
من حضرات الله تعالى فتشتغل النفس بما تراه فتتجدّد عن صفاتهاء ومألوفاتها بذلك 


الحال. 
قال: 
7 - متى حَلْتٌ عن قولى: أناهيّ أو آَكلُ 2 - وحاشا هُّداها - أنّا في حَلّتَ 


يقول: متى حلت: أي انصرفت عن قولي: أنا هي. وهي أناء أي حضرة كمال صفات 
الله تعالى» واتصافي بكمالهاء أو أقل إِنّها فيَ -بفتح الياء- حلت: وحاشا هداها أن 


(1) في س: [وعرفت] بدل [وفرغت].؛ وما في المتن أليق بالسياق. 


يختلف فيكون على غير ما تجلّت به. وحاشا أن أدّعي حلولها بذاتي إلآ حلول علم بها لا 
غير» فافهم. 
ذاتى تعالى الله!!»» وكذلك محبة غيري حيث قالت بمحبتى أنا التى تصوّرتُ لمجنون 
ليلى» ولكثتر عزة؛ لا أنَّ محبتهم انتقلت في ذاتي أناء وإنما قولي ذلك لاتحاد المعنى في 
المحبة فهي شيء واحد في المعنىء والمثال في ذلك مَنْ أخذ كف ماء وقال: من هذا جعل 
الله كل شىء حىء [وليس المراد الماء الذي بكفه]2, فافهم. 

قال: 

8 - ولسشتٌ على غيب أحيلّك لاولا على مشتحيل وجني شا لت 03١‏ 

يقول: ولست أحيلك على غيب منيء بل على حقيقة؛ لأني قد تحقّقت ذلك. ولا 
على مستحيلء ولا على جبلّة واجب سلبهاء أي لازم نفيهاء بل أدلك على الحق الذي قد 


- 


عيحفقنة . 

قال: 

9 - فكية ٠‏ وباسم || قٌّ ظَلّ تخلقو رد ا الك لال مُخيفتي !4 

يقول: وفيه تقديم وتأخيرء وتقديره: كيف تكون أراجيف أهل الضلال مخيفتي؛ أي 
مخوفة بي عن سلوكي إلى هذا المقام» وقد تخلقت باسم الحقء وتحقّقت الوصولء 
ومَنْ شاهد كيف يقبل قول مَنْ عاند فى إنكار ما شاهدء وما نطقت به من معانى الوحدة 
والجمع. وأنّي لم أرد بتجلي حضرة ذات المحبوب على قلبي. ولاذات صفاته؛ فإِنّ ذلك 
كلّه باطلء فالله لا تحلّ ذاته في شيء؛ ولا يصمّ أن يوصف بالحلول. ولا صفاته تحل 


(1) في س: [الله تعالى] بدل [تعالى الله]؛ وما في المتن الصواب. 

(2) ورد ما بين المعقوفين في س: هكذا: [والمراد من ذلك الماء الذي بكفه]. ولا يستقيم الكلام به. بل يستقيم بما 
ورد في الأصل . 

(3) في الديوان: [موجب] بدل [واجب]. 

(4) فى الديوان: [وكيف] بدل [فكيف]. و[تحقّقى] بدل [تخلقى]؛ وفى هامش الديوان أن [تخلقى] إحدى روايات 
كفي وانعية من الميخطرظات: ان ١‏ 


فى شىءء وكل ذلك لا يجوز اعتقاده؛ ولا أن عين حقيقة الوجود أنا هى. ولا هى أنا على 
الحقيقة؛ وإِنّما المعنى على غير ما تتوقمه. وقد ذكرنا ذلك ومقّلناه بالمحبة؛ وأنى هو 
بمثل آخر بجبريل اكفلا. ونزوله على النبي #6 على صورة دحية. 

قال: 

0 - وهذا دحية وافى الأمينّ نَبيّنا بصورته في بَدْء وحي التّبوةا!) 


رن ف كال لتر ل و ع ولق ار 
ع كاذ لحي كس 


قال: 
1 - أجبريل قل لي: كان دحيةٌ إذ بدا لميْدي الهدى في صورة بشرية 


2 - يرى ملكا يوحى إليه وغيرّه يرى رجلا يرعى لديه بصحبتي ”ا 


قول؛ أخويل كانكدنة" إذ بداغلن صورت؟ أو هل تجلّى فيه نزولآء أو صار هو 
حقيقة؟ وهل يجوز لمن رآه من أصحابه؛ وظنّه أنه دحية أن يشهد به أنَّ هذا دحية؟ فكان 
مع أصحابه هو دحية. ومع النبي 8 هو غير دحية؛ فانّحدت أشكال الصورتين على صورة 
واحدة في التساوي في الشبه. كذلك تجلى كمال الله. والعلم به بذات المرء هو حلول 
فنا كاثير احجان 3امد فيو الا ان هفات انديع وعلة تفل بذاث العزثت كما ان 
جبريل لا يحل فى صورة دحية [57ظ] فالاتصاف بكمال الله مثل اتصاف جبرائيل فى 
صورة ذخ ويلك لصوو شاع اضر #وسية متققق كذك املك بالعلن الله ساك 


(1) فى الديوان: [وها] بدل [وهذا]. 

(2) ينظر صحيح البخاري» الحديث 50: وصحيح مسلم: الحديث في كتاب الإيمان. 

(3) بين هذين البيتين بيت ثالث في الديوان هو: 

وفي علمه. عن حاضريه. مزية 

بماهيّة المرئيٌ من غير مرية 1 

الا ا و 
تتمثل في صور مختلفة» وأتى رسولَ الله فيلك جبريل الفلا * في صورة دحية الكلبي» وفي صورة أعرابي». وينظر 
الهامش ففيه مزيد من التخريع : 

(5) في س: [تحكي] بدل [تجلى]. 


ذاتك صفات الله حقيقة من غير حلول فى ذاتك؛ لأنَّ الخلاف شك فى الله. 
قال: 
3 - ولي في أصحٌ الرؤيتين إشارةٌ 2 تُنرّه عن رأي الحلول عزيمتي"' 


يقول: ولي في أصح الرؤيتين: أي رؤية جبرائيل الغَنيلا في صورة دحية» ورؤية دحية بنفسه 
إشارة تنرّه الباري سبحانه وتعالى في تجليه على مرئي العقل عن رأي مَنْ قال بالحلول» 
عزيمتي: اك اعتقادي وعلمي؛ لأنه لو كان جبرائيل [حل]2 فى دحية [لم 0 دحية فى 
ذلك الحين, فافهم. 

قال: 

4 - وفي الذّكُر ذكرٌ اللّس ليس بمنكر ولم أغغدٌ عن حُكمئ: كتاب وسنة*) 

ع كه . 00 2 ٠.‏ . 2 0 8 

يقول: وفي الذكر: أي القران العظيم ذكر اللبس ليس بمنكره ولم أغد: أي لم أجاوز في 
حكمئ وعلمي عن حكمي كتاب الله وسئّة نبيه #» والتلبيس”' مع أهل البديع أن يذكر 
المدح والذمء وقال تعالى: #تُودى أن بورك من ف الثَارٍ وَمَنَ حَولَها وسبحن اله رب الْعلِينَ 1604 


ص 


وقال تعالى: دووف من شلطي الود الْأيسِ في الَو الْمَكَةٍ من السَّجَرَةَ أن يمور إِفْت 
نا أسّهُ 774 فظاهر ملتبس أنّه سمع من الشجرة النداء من الله تعالى إِنّي أنا الله هذا في 
تأويل”" القوم في هذه الآية» ويحتمل أن يكون المراد هنا بالنداء الإلهامي بمعرفة ربّه 
بظهور برهان ربّه في تلك الشجرة. ويخلق الله له صوتا يناديه. أو ينزل عليه جبرائيل 


(1) في الديوان: [من أتم] بدل [في أصخٌ]. و[عقيدتي] بدل [عزيمتي]. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(4) في الأصل و[ض]: [أعذو]. 

(5) التلبيس: ويسميه البلاغيون أيضاً [المحتمل للضدّين]. وهو - كما ذكر الشيخ ناصر - أن يكون الكلام محتملاً 
للمدح والذمَ احتمالاً متساوياًء ومنه قوله تعالى: لإتَلََ لَأتَ الْسَلِيمُ أَلَِيدُ 4 [هود: 87] إذا جعل هذا من باب 
التهكم به والازدراء عليه كان ذمَاء ينظر معجم المصطلحات البلاغية» د. أحمد مطلوب. 3/ 228. 

(6) النملء الآية 8. 

(7) القصص. الآية 30. 

(8) في س: [التأويل] بدل [تأويل]. وهو تحريف واضح. 


فيكلمه من حيث لا يراه. فإن قلت: كيف يخلق الله صوتا يكلمه. أو جبرائيل» ويقول له: 
إني أنا الله وكل ذلك هو غير الله؟ فأقول: يجوز على معنى الإرادة أنه يريد به الذي أرسله 
إليه كما قال ابن العباس'١)‏ في منظومته: 

أنا الموجود فاطلبني تجدني ‏ وإن تطلب سواي لا تجدني 

إلى آخرهاء فهو مخبر عن الله لاعن نفسه. ومن هذا الوجه سمي التلبيس كذلك قوله: 
أنا الحضرة المحبوبية» والحضرة المحبوبية هى أناء وأنا عين حقيقة الوجود. وأنا الظاهر 
في كلّ مظهر من الوجوده فإنما هو لتوافق المعتى؛ والمراد بذلك حضرة الجمال الالمي 
التدبيري الظاهر في كل شيء» وسمى نفسه به لاتحاده [به]2)» وإن كان هو قد اتحد 
ببعضه فالمعنى كله واحدء فإِنَ الماء من جميع الأنهار هو الماء القراح. وهو واحد بالاسم 
والمعنى والحقيقة» ولكنّ ذات ماء ذلك النهر فى الحقيقة هو غير ذات الماء الجاري 
في هذا النون الاج بور ذلك اذه شو التهب ميك كان سما ولع وت 
وفي الحقيقة أنَّ هذا الذهب هو غير ذلك في الشخصية:؛ فيصحٌ أن تحكي عن شيء من 
الذهب أنْ هذا الذي كسا الملوك» وعمّر المدن» وجيّش الجيوشء وجذب جميع العقول. 
وذلك الذهب الذي معك. وتصفه بهذا الوصف أخرجته بنفسك من معدنه» أو عملته 
بالحكمة الصادقة الصحيحة فيه لم يستعمله إنسان في شيء أبداء فقولي: أنا هي. وهي 
أناء أي الحضرة الجمالية التي في علم الله أنه يظهرها في الوجود وجدها من هذا الوجه. 
والاتحاد بها هو الاتصاف بصفاتهاء والحضرة الجمالية التي هي وصف لذات الله تعالى 
فدلك لا تجليء ولا تظهر إلآصفاتها بالصفات الدالّة عليها التي أوجدها الباري دلالة عليها 
لتوحيل : بحقيقة التوحيد, ومعرفته حقٌّ المعرفة التي أرادها الباري أن يعرفوها بها لا غير» 
وهذا أعردا اله المريدين القاصدين إلى الله تعالى» وآخر قسميه. فالقسم الأول الذي 
تجلّى لهم أولا عذاب النار فخافوا فأنهضهم إلى لح عا لضي دوف الداز:غلئ 
أنفسهم, أو تجلى لهم نعيم الجنة فطمعوا به. وأنهضهم الطمع والرجاء إلى الإخلاص لله 
تعالى» وذلك مقام عامة [58و] المؤمنين الناجين؛ وله في الذكر الحكيم ذكر قوله تعالى: 


(1) في س: [عباس] بدل [العباس]. 
(2)[به] ساقطة في س. 





* كلالْوْ تَمَلْمونَ عِلْمَ ليقن "2 لَرَوْتَ ألْحَحِيِمٌ 1# بعقولكم. وتخوّفون بها نفوسكم 
ثم لَرَوْيَا عي الْبَقِينِ 2# في الآخرة لتعرفوا عظم كرامتنا ممّا نجيناكم عنه. وهذا 
المقام هو له حضرة قريبة من الله تعالى» وهي الحضرة الأولى للمؤمنين؛ وهم على 
والمقام الثاني هم الذين عرفوا الله حقٌ اليقين أنه مستحقٌ للعبادة» وواجبة عبادته» ولو 
لم يأتهم منه إيجاب» ولم يجعل جنة ولا نارأء ولا نَشْراً3) بعد حشر الموت لرأوا بعقولهم 
أنَّ اعتقاد طاعته لازمة على كل حالء فهم يعبدونه لإعطاء حقٌّ ربوبيته لهم من عبوديتهم 
له. لا لخوف من تارء ولا لرجاء جنة. ولكنهم موقتود أن جزاءه الجنة لمن أطاعه#. 
والنار لمن عصاه لا محالة شاؤوا ذلك أو لم يَشَؤُوه مع أنَّهِم لا يشاؤون. ولا يحبون ولا 
يريدونء إلآ ما أحب وأراد وشاء أبداً. وهذا هو الجمال والحسن المطلق الذي علم الله 
أنه سيوجده. ويظهره ذ في الوجود. وهو الجمال المحبوب. وفي هذه الحضرة يصحٌ القول 
لساك و الحم وحم الج وبوالنا عننة فافهم ذلك. 
والمقام الثالث: المرادون وهم الأنبياء والرسلء والملائكة» وهم أعلى درجة. فإنّ 
هؤلاء من أول كونهم معصومين'؟ عن الزيغ بمدد من الله تعالى بمحبته لهمء وقد يكون 
بعض الأولياءء أو كل الأولياء في الحقيقة مرادين؟ قإنه نه لو لم يكن في علمه تعالى أنّه 
ليكون من أوليائه» ويسدّده ويعصمه وإلا فلا قدرة له على الوصول إلى رضاه إذ لا حول 
عن معصية الله. ولا قوة على طاعة الله إلا بالله العليَّ العظيم. ولكن مَنْ لم يكشف له 
الغطا عن نفسه لنفسه ولا لغيره فلا يعرف أنه مراد [أو مريد]”2, ومَنْ نزل فيه وحيء أو 
سمع فيه من قول النبي أَنَّ فلانا من أولياء الله تعالى صم مع ذلك النبي» ومع ذلك الذي 
أخبره به وسمعه من لسانه إلى أذنه أنه من المرادين» [وكانت ولايته حقيقة» وصحٌ أن 
(1) التكائر, الآية 5. 
(2) التكائر. الآية 7. 
(3) في الأصلء [ولا نشر]ء وما أثبتناه من سء وبه يستقيم الكلام. 
(4) في س: [أعطاه] بدل [أطاعه]. وهو تحريف. 
(5) في الأصل و[س] 1[ تعضوعون]وما ابعناءيتلاعم مغ قوانين ن النحو. 
(6) في الأصل و[س] : [مرادون]. وما أثبتناه يتلاءم مع قوانين ن النحو. 
(7) ما بين المعقوفين ساقط في س . 


يقول: التنكا؛ لأن الظففلا بعد الموت إخبار عن الله بالقطع]''' أنه عليه سلام الله في الآخرة. 
راناجه ورجع أل نير سدس عاط لا لمعي ار اللا ال ا لا 
تصحٌ ولايته بالحقيقة إلا للذي سمع النبي بنفسه ولو شهر بعد ذلك من قوله أو قول غيره 
معه. وإِنَّما تكون ولايته بحكم الظاهر من قبل صحة الشهرة إذا كانت على وجه لزومها 
باثنين» أو على الاستحباب بالواحد الثقة» والولي في شهرة الخبرء وهذا المقام الثالث 
أهله فيه على تفاوت لا يحصي درجات تفاوتهم إلا الله تعالى. 

بيان: 


وقد ذكرنا أنَّ السفر إلى الله تعالى بوسيلة المحبة هو على أربعة أقسام, وأنّ السفر 
الأول سفر النفس إلى الحضرة الظاهرة التي هي عين حقيقة الوجود. والسفر الثاني ©) 
سفر الروح إلى الحضرة الباطنة العلمية الغيبية» والسفر الثالث سفر النفس والروح من 
جهة الجمع أنهما بمعنى واحد في عالم المثال إلى حضرة الجمع بين الحضرة الظاهرة 
والباطنة. وإلى حضرة الاتحاد. وهو فتين الشالكينة الى الله تعالى كأولي العزم من 
الرسلء ومَنُ شاء الله من الأنبياء عليهم السلام» وهي حضرة قاب قوسينء والسفر الرابع 
سفر النبي 6 من حضرة الاتحاد إلى حضرته التي خصٌ بها من جميع سائر المخلوقين؛ 
وعى حقيرة الأحدية» و حضرة [أو أدنى] في عبارة أهل التصوف في التسمية اصطلاحاً 
لا أنَّ معنى آية القرآن كذلك فافهه! قيزولة أن قزيه كذلك بالمنافة تعالى اللهاعن ذلك 
علوًاً كبيراًء ولكن تجوز الاستعارة في حق جناب الله ليُفهم بها توحيده [58ظ] كما 
قال مخبراً عن ربّه أنّه قال: (لا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه فإذا أحببته 
كنت سمعه الذي يسمع به» وبصره الذي يبصر به)»؛ وفي رواية (ولسانه الذي يتكلم به)'4), 
وفي رواية (ويده التي يبطش بهاء فبي يسمعء وبي يبصرء وبي يتكلم. وبي يبطش»)») 
والمعنى أنْي أسدّده. وإلا فمحال أن يكون سمعه سمع الل والكو يرسل عليه نورا 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س 

(2) في س: [الثالث] بدل [الثاني]» وما أثبتناه من الأصل يستقيم به التسلسل. 

(3) مرٌ شرح هذا كله فيما سبق. 

(4) في الأصل: [التي] بدل [الذي]. وما أثبتئاه من سء وفي الأصل و[س]: [بها]» وأثبتنا [به] لكون [اللسان] 
مذكرا. 


يهديه به( ويسدّده به ويعصمه عن الزيغ؛ ولو ترك عصمته طَرْفة عين؛ أو أقل لضل 
في الحال. فجميع أولياء الله إِنّما وصلوا إلى رضائه بعصمته. ولكن لم يكشف أنّ 
فلاناً معصوء'” إلا مَنْ أراد أن يظهر كالأنبياء والملائكة, ومَنْ أنزل فيه بيان ذلك لقوله 
تعالى: 9 وَأَلَِنَ جْهَدُوأ يما 34 بما أمرناهم [به]!4 امتثالا. وتركوا ما نهيناهم عنه ما 
كان في حمّهم ضلالاء وتقرّبوا إلينا بالوسائل طلْمبَدِيتهمْ سبَلنَا 974 أي لنبيّن لهم الحق. 
ونوفقهم على عمله؛ ونعصمهم من حيث لا يعلمون عن الضلالة» ثم قال ف تمام 
الرواية التي أخبر بها عن ربّه أنّه قال: (ومَنْ تقرّب مني شبرا تقرّبت منه ذراعاء ومّنْ تقرّب 
مني ذراعاً تقرّبت منه باعأء ومن أتاني يمشي أتيته أهرزل)ة والله تعالى في الحقيقة منزه 
ع التقرّب بالمسافة» وبالمشي. فافهم لثلا تضلل أهل العلم من حيث 5 فلا تَقُدم 
وهذا مبتدأ سفر النبي #6 [بالمحبة إلى ربه]9. 


(1)[به] ساقطة في س. 

(2) في الأصل و[س]: [معصوماً]. وأثبتنا [معصوم] لكونها خبر أنَّ. 
(3) العنكبوت. الآية 69. 

(1)4[به] ساقطة فى الأصل. والزيادة من س. 

(5) العنكبوت,. الآية 69. 

(6) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


الباب الغائم (1) عشرء [زوهو الحزء الغثالث من الكتاب](2) 


في سفر النبي كت بالطور الثالث الحبّي حبّ المرادين. وهو السفر الرابع إلى الله 
تال ».وليه يان سنن التونحيت والمعرنة المختصضن بها رسول الله 8 يلسان كاله 
ومقامهظة. 

قالت الحالة مخبرة عن قول الحضرة المحبوبية الاتحادية؛ ومناداتها للسالك7) 
الأكرم 8 معبّرا عن قولهاء وقول السالك بلسان الحال. 

قال: 

5 - مَتَحْيُكٌ عِلْماً إن ترد كُشْمَه رد بان .واتترع في اتباع يعت 

يقول: قالت الحضرة المحبوبية الاتحادية إن لك عندي علماً منحتك إياه وإنه [آلك 
في]* العلم السابق الأزلي لا أخصٌ به أحداً غيرك؛ لأنّك اليوم أقرب كل شيء أوجدته 
إلى يحنة وم كلك الأقماء لا لكحللفه فإن ترد كشفه: أي ذلك العلم, قَرِدْ سبيلي 
الوارد القاصد إلى ورود الماءء واشرع في اتباع شريعتيء وهو الدين الذي أنزله الله تعالى» 


ويعبّد به عباده. 
قال: 
6 - فَمَنْبِعٌ صدّاء من شراب تقيعه لدي. فدعني من راب بقيعة 


يقول: فدونك شرابا من شراب ماء نقيعة» والنقيعة ما خرج من الماء من باطن 


(1) في س: [الثالث] بدل [الثاني]. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(3) في الأصل: [للسالكين]. وأثبتنا ما في س لتلاؤمه مع السياق. 
(4) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(5) في س: [و] بدل [من ]ء ولا يستقيم الكلام بها. 


الأرض» 5 شرابا من العلم الباطن مسعه» وهو صذاء. أي ينبع صدّاء من الماء. والصذاء 
هو الماء الذي يكون على وجهه غشاوة صافية يضرب بها المثل'!' أنه لن يمسّه أحد غيره؛ 
لأنه لا يكون صدَّاء ما مُسنّء فهذا هو الخاص لكء فدعني فاترك سراباً بقيعة الأولى - 
بالنون- وهذه- بالباء- أي هيهات أن تكون معي على شكء وريب» وخيال تخيّل لك. بل 
ترى حقيقة العلم الحقيقي؛ والتجلي [الحقيقي ]2 بالصفات [لا] بالذات ليس كغيرك 
يروننى من مكان بعيد؛ لأنك بالمحل المكين خاصا. 

قال: 

7 - ودونّك بَحرأَحُضْيُه وَقَفَ الألى 2 بساحله صَوْناً لموضع حُرْمَتي» 

و 

يقول: لمّا نادته بادر إلى الإجابة حين وقع الدعاء» وكشف له بحر العلم الخفي. وقالت: 
دونك بحرأ من العلم العظيم خضته: أي قد خضته بإجابتك لي وكشفي لكء ومبادرتك 
إلى خضوضه”" فإنّه يمرّ فيما تأمره به أسرع من لمح الطرف؛ لأنّه أقوى الخلائق [59و] 
إلى الإجابة والسير؛ لأنه هو المراد بأن يكون أقرب الخلق إليهاء ودل بقولها: فرد 
وأشرع. ودونك إلي أن قالت خضته بفعل الماضي”' على أنه خاصة في حين الأمرء ثم 
عظمت حرمته على غيره دونه”» وقف كل من سبقك مولدا بساحله لموضع حرمته؛ أي 
عظمته وعرَّته لا أخصٌ به أحداً إلآ أحبٌّ الخلق إلىّ» وأجلهم عندي» وليس ذلك أحد 
غيرك» وهذه الحضرة الإلهية وهي حضرة أولي العزم من الرسل ومنتهى وصولهمء وهذه 
الحضرة هي الجامعة لجميع الحضرات والأسمائية» ومنها سفر النبي 8 إلى حضرة 
أحدية الجمع؛ ولما كان الأولياء غالبهم ينظرون إلى البحرء وبعضهم يشرب منه. وأما 
(1) المثل هو: ماء ولا كصّداء. يضرب مثلاً للرجلين لهما فضل إلآ أن أحدهما أفضلء. وصداء ماء للعرب ليس لهم 

أعذب منه؛ ينظر عن المثل» وقائله» جمهرة الأمثال» لي هلال العسكري» 24/2 
(2)[الحقيقي] ساقطة في س. 
(1)3لا] ساقطة في الأصلء والزيادة من س.ء وبها يستقيم الكلام. 
(4) في الأصل و[س]: [الأولى]ء وما أثبتناه من الديوان. وبه يستقيم المعنى. 
(5) في الأصل و[س]: [خضوضه:]. ولعله يريد [خوضه]. 
(6) في الأصل: [المعاصي] بدل [الماضي ]» وما أثبتناه من سء وبه يستقيم الكلام. 
(7) في س: [على غيري دونك]. / 
(8) هكذا في الأصل و[س] بوجود [الواو] قبل [الأسمائية]. ولعل حذفها أفضل على اعتبار أن [الأسمائية] صفة 

للحضرة» وسترد هكذا بعد قليل أي: [الحضرات الأسمائية]. 


الأنبياء فيستخرجون الجواهرء وأما النبي يَكِيْدِ فكالعالم بخواص الجواهر وأسراره'. 

قال: 

8 - ولا تَقْرَبوا مَالَ اليتيم إشارةٌ ‏ لكفٌ يدٍ صُدَّثْ له إذ تَصدَّتِ 

يقول: وقالت الحضرة الأحدية المخصوصة بالنبي يلي كل من طمع إلى الوصول 
إليها من الأنبياء نادته: لا تقربوا مال اليتيم» أي لا تقربوا مقام النبي الذي ينشأ يتيماً إشارة 
إلى النبىيَكييه والنهى إشارة لكف يد صدّت عن تناول الشىء ما ليس له. إذ تصدّت: يعنى 
إذا تعرضت بالطمع إلى الوصول إليه» استعار هذه الألفاظ لصدّه عن وصولها. 

قال: 

9 - ومانال غيري منه شيئاً سوى فت 2 على قدَّمئْ في القبض والبسط مافتي 

يقول: وقالت الحضرة الأحدية: وما نال منه: أي مال اليتيم؛ لأنها أشارت لهم بالرمز 
لمال اليتيم» فقال: وما نال منه شيئاً غيري أناء وسوى فتى على قَدَمَىْ القبض والبسط ما 
فتي» ومعنى ما فتي: وما انفك وما برح؛ ولم يزل سوى في المعنى ما برح في جميع قبضه. 
أي سكونه وبسطه. أي حركاته وأعماله الألى» وبإرادتى ومشيئتى. والمعنى أنه ما وصل 
إلى هذا المقام. ولا نظره أحد إلا النبي كَثِيةِ الذي جميع حركاته وسكناته بالله ولله. ولا 
يغفل عن الله طرفة عين» وكل مَنْ أراد أن يصله رد وقوله: غيريء أي لا يدرك رؤيتيء أي 
هذه الحضرة» غيري» وغير فتى واحد وهو النبي كَلل. 

قال: 

0 - ولانمَض عن آثار سَيري واخش غَب نْ إيشار غيري. واغش عَيْنَ طريقتي 

يقول: وقالت الحضرة المحبوبية للنبي 45: ولا نَعْشَ -بالعين المهملة- ولا 
تعرض عن آثار سيري» أي عن شريعة سلوكيء أي السير والسلوك إليّ. واخش: أي 
وحَف غين -بالغين المعجمة- أي حجاب إيثار غيري» أي محبة غيري؛ واغشٌ -يالغين 


(1) هذه صورة فريدة يرسمها الشيخ ناصر هناء ومكمن فرادتها في ذلك التتابع الهادىء في المراتب: النظرء فالشرب. 
فالجواهر» فسبر هذه الجواهر. ولكل مرتبة دلالة خاصة:؛ وعمّق منها اتكاء الشيخ ناصر على التشبيه الذي وقع 
موقعه فجاء متلاحما مع ذلك التتابع فانتج الصورة بهذا النمط الفريد. 


303 


المعجمة- : أي أقدم. وادخل. واسلك عين -بالعين المهملة- طريقتيء يقول: ولا تعرض 
عن آثار شريعة السلوك إليَ؛ وخف حجب محتات غيري» وأسلك عين: أي ذات» أي 
حقيقة طريقتيء أي الطريقة التي توصلك إلى وصولي. 

واعلم أن حضرات القرب من الله ليس هو قرب إيصال ومسافة» وإنّما هو قرب محبة 
وتعظيم وتكريم وتفضيل على غيره. وقربة في الحضرات الأسمائية» والصفاتية تجلي 
صفات الله عليه أكثر من تجليها على غيره بالكثرة» وقبول عقله لقوة صفائه» وقوة حضور 
ذكر عقله مع ربّه» وعظم نور محبة الله على أعماله مما لا يبلغ مبلغه أحد في ذلك» وفي 
جميع صفاته فهذه هي صفات القرب من الله فاحذر أن تصل» وتصوّر خيالات باطلة» 
واعلم أنَّ النبي لا شك أنه أعظم الخلائق جلالة» وأعظمهم عند الله محبة» وأعظمهم 
قربة» وأكشفهم مشاهدة لكثرة صفات الله» وأعظمهم حضوراً مع ربّه فلا غرو أن نادت 
مرتبته [59ظ]ء وحضرته أن لا مبلغ إلى هذه المرتبة إلا النبي المصطفى. 

فإن قلت: لم أعلم الفرق بين الحضرات الإلهية» فأقول: إِنَّ المثال في ذلك مَنْ 
حضر عقله بالفكر إلى قوة الله وجلالة عظمته ولطفه بقدر عقله» ومثال مَنْ يرى مائة 
لكل ألف صفة من صفات الله تعالى في كل [شيء]!!' لحظة قد أدهشه جلالة كل صفة 
من صفاته إِمَا بتجليها في الوجود. وإمّا بحضور عقله مع صفاته وأسمائه. أفلا يكون 
بين ذلك فرق؟! فإِنْ كثيرا من عوام المؤمنين البُله المخلصين لله تعالى لا يعرفون غير 
أنَّ الله تعالى حقّء وأنّه هو الذي خلق كل شيء, ولو قيل [له]2): إِنَّ الله حي لا يفهم 
معنى الحياة» وظنّها كحياتهء وقال: لا يجوز أن تصفه أنْ الله حي؛ لأنْ الحيّ الذي يأكل 
ويشربء ويعلم أن الله باق» أول كل شيء. لا أول لأوليته» وآخر لا آخر لآخريته؛ وأمثال 
هذه الصفات الجليّة عرفها بالسماع من حين نشوة في حال السبات» ولم يتحمّق معرفته 
بالكشف الحقيقي. وهؤلاء يسمّون في مصطلح الصوفية أهل التصديق» والمحقّقون 


(1)[شيء] ساقطة في س. 

(1)2له] ساقطة فى س. 

(3) أهل اعد ودوك ايها أهل التقليد. وهم ثلاثة أصناف: الأول: قلدوا آباءهم. والثانية قلدوا علماءهم. 
والثالثة قلدوا أنبياءهم. ومعرفة هؤلاء خبرية؛ ينظر موسوعة العجمء ص1!8.ء وموسوعة الحفني. ص657. 
ويسمّيهم أهل العموم وهم العامة. 


هم أهل التحقيق'! فشتّان بينهما2'» فحينئذ قد أوضحت لك معاني الحضرات الصفاتية» 
والحضرات الإلهية» والحضرات الفعلية بالإجمال والتفصيلء فإنَّ مَنْ غاص فكره 
في أفعال اللهء وأدهشت عقله فهو [في]) الحضرات الفعلية» ولا يرى ذلك إلآ في 
الوجود. والحضرات الصفاتية ة إِمَا أن يتجلّى له بالفكرء ويغوص بالتفكر» في صفات 
الله كالسميع؛ والبصير. والأحد. والواحدء وكل اسم له أو صفة» أو فعل له حضرة. 
أي معان عظيمة» ولا نهاية لكماله في كل صفة له جل جلاله”. وأمّا حضرة الذات. أي 
حضورك مع ذكر الله من غير أن تذكر شيئاً من صفاته في ذلك الحين» بل لم يذكر عقلك 
إلا الله فقط فهي حضرة الذات. ويصم بحضور” مع الله من غير أن يذكر في حينه ذلك 
شيئاً من صفاته. وكلّما أحضر قلبك مع شيء من أسمائه؛ أو صفة من أسمائه فهي حضرة 

ولك الاسم ويلك القن وان حضو ععلكبم معنى !7 الألوهية فهي حضرة الإلهية» 

وإن لم يحضر عقلك إلآ مع الله تعالى من غير أن تمثّل» ولا تخيّل فهي حضرة الذات. 

وفى الحقيقة لا يشاهد أحد الذات» ولا يشاهد حقيقة كمال الصفات؛ لأن صفات ذاته 

عن داك «الد ير طااهواين عاك الشواده اسن شام زوز قشرة )ارجا كلا 
وسمعء. وبصرء وحكمة. ورحمة» وحياة» وغير ذلك. فإِنّما هو خلق من خلقه. فكما لا 
يراق اهل ؤاتة و لأ يعر ف لحن ذاقة» كذ لك اوري أحد كمال صناتة ]لا بتك ما تتجلى له 

منهاء وإن رأى المحقق أَنْ الله عليم» وحكيم, وقادر فإِنْ علمه لا يشبه علم المخلوقين. 

ولا قدرته تشبه قدرة المخلوقين» وكذلك كلامه لا يشبه كلام المخلوقين» وليس المعنى 

المالا وليه قن القو قدي ليس هو دك المخلوقين بالحروف. والكلام المؤلف 
اليه رانرب راحالك مدر ل عا شر دوي 
الحفني. ص 657. 

(2) هذه خاتمة ذات دلالة نافذة» أي ما أبعد أولئك عن هؤلاء. ولا ريب أنَّ الشيخ ناصراً يجعل أهل التحقيق في مرتبة 
أعلى. وأسمى من أهل التصديق لسلوكهم طرقاً مغايرة» ونفاذهم إلى أعماق لا يستطيع أهل التصديق الوصول 
إليها. 

(1)3[في] ساقطة في س. 

(4) في س: [... ويغوص به بالفكر]. 

(5) في س: [وعلا] بدل [جلاله]. 


(6) في س: [الحضرة] بدل [بحضور ]. 
(2) في س: [معاني] يدل [معنى ]. 


المنظوم؛ لأنَّ الله تعالى لم يزل متكلّماً ولو كان بالحرف [ ]27 لم يزل يقرأء ويؤلف 
النظم بقوله: كن بل كلامه هو دلالته على نفسه. كما أنَّ الوجود لم يزل متكلماً بتوحيد 
[الله]'2) منذ كوّنه الله تعالى. 

فإن قلتَ: فإذا كنا لا نعرف الحقيقة فإنَا لم نوحده بالحقيقة» فأقول: إِنَّ جميع هذه 
الصفات التي جعلها الله لعباده دلالة على صفته هي موصلة إلى تحقيق معرفته؛ لأنه أخبر 
عن نفسه أنه سميع. وأنْه عليم بحقيقة صفته هي كذلك؛. عرف الشاهد لله بذلك معنى 
ذلك أو لم يعرفه» ولا نقول إِنّه لا يعرف الله أنه عليم ما معناه. ولا سميع أنه لا يعرف أحد 
معناه» فليس المعنى كذلك. وإِنّما المعنى أنَّ كماله في صفته بأنّه [60و] عليم» وكمال 
إلآهوء وهو يرى أن كماله في كل صفة لا نهاية له؛ لأنّ كماله في ذلك بلا نهاية [له]©. 
والمثال في ذلك لو قبض أحد مثقال ذرة من الهواءء. أو لم يقبض بل نظرء وفكر أن الله 
تعالى لو هدم السمواتء. والأرضء والعرشء وجميع ما خلق. وجرّأها أجزاءً على هذه 
الذرة هل يقدر أن يجرّئ هذه الذرة بعد أجز اء جميع [ذلك]1*' على هذه الذرة؟ فإن قلت: 
نعم» وهو الحقء فتقول لك نفسك. وثمّ كل من تلك الأجزاء التي يقسمها كذلك بعدد 
ذرات الوجود جميعاًء ثم كلّ ذرة كذلك. وثمّ جرى'" بلا نهاية فأين عقلك يشاهد تلك 
القدرة إلا بالإقرار بأن الله على كل شىء قديرء لأنا فرضناه كذلك بلا نهاية فى أبد الآباد 
مع أنَّ ذلك التجزيء يكون في كلّ لحظة كذلك. ويبقى ذلك التجزيء على كلّ لحظة 
إلى يوم القيامةء ولا مدة, لا نهاية لها أبدأء فحيتئذ يتبين لك أن مشاهد كمال كل صفة لا 
الصفة؛ أن قونا: نعم إن ذلك قادر بلا نهاية, وهو على كل شيء قدير» وصفٌ محقّق فيه 
تا لاني لال را إن صفات الله دالّة على حقيقة وصفه. وكفى بها معرفة له. 
وشهادة له على حقيقة حقيقة وصفه. ولو لم يشاهد بحقيقة تخحقيقة الكمال» وكف يكاهن خققة حال 
(1) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 
(1)2الله] ساقطة في س. 
(1)3له] ساقطة في الأصلء وما أثبتناه من س 
(4)[ذلك] ساقطة في الأصلء والزيادة من س. 
(5) في الأصل و[س]: [جرا]. 


لا نهاية له إلا بالإقرار أَنّهِ لا نهاية له. فيكون ذلك هو الوصف الح فيه؛ لأنّه كذلك هو فى 
الحقيقة» فافهم ذلك. فالنبي فك مثلاً يشاهد قدرته في تجزيء ذلك برؤية الحق كما نراه 
نحن أنه يقدر أن يجزئها إلى أجزاء تضل فيه عقولناء ثم بعد ذلك تذهب عن العقول رؤية 
تكشف صغر الأجزاء فى هوية لا تدرك أن ترى شيئاً فلا تشاهد القدرة على تجزتها على 
مالا تراه فيشهد العقل بالإقرار بعد ذلك أنه قادر بلا نهاية لا بالمشاهدة: والنبى 2# [يرى] 
(!) صغرها بعد ذلك. ويرى قدرته بالمشاهدة على قدر ما يرى صغر الأجزاءء ولا يتعدّى 
طوره أحد في رؤيته لصغر تلك الأجزاء. ثم يذهب بعد ذلك عقله عن تكييفها فيشهد له 
بالإقرار أنّه قادر على ذلك كذلك بعد ذلك بلا نهاية في التجزيء وفي المدة» فصحٌ أن 
كمال صفات الله إِنّما تُعرف بالإقرار في مواضع» والمشاهدة في مواضعء وكل ذلك حقٌّء 
ومتى كان بالمشاهدة فهو حضور عقله فيه» وهى حضرة من حضرات الله تعالى. 

فإن قلت: وهل يعلم الله لقدرته في ذلك نهاية؟ فنقول: إِنْ نفسه عالمة أنّها لا نهاية 
لقدرته فى ذلك أبداء وهو يرى قدرته أنّها لا تهاية لها فى ذلك؛ وغيره أبداء ولا يجوز 
التفكر بعد ذلك فيما يضل به المرء. وإنّما كشفنا هذا ليتضح لك ما قلناه. 

واعلم أنّما قلنا هذا التجزيء إِنَّما هو ممكن في قدرة الله فأما هو في تدبيره في الوجود 
فإنّه قد جعل لكل شىء حدّاء ومقداراً فإنّ تجزيء تلك الذرة ينتهى إلى اضمحلالها حتى 
لا تكون شيئاً فى الوجود أصلاً فتلتحق بالجريء الذي لا يتجرّأء كما ترى السحاب فإنه 
بتجزئه يتلاشى» ويذهب وجوده. ويبقى مثالا لا يتجزأ؛ لأنك إذا مئّلته بعين عقلك لم 
يتجرّأ ذلك المثل. ولو جرّأته لكان كل جزء هو مثل غيره. فافهم ذلك. 

ولنرجع إلى النظم في مخاطبة الحضرة القريبة المختصة بالمقام المحمدي. 

قال: 

1 - فُؤْادِي ولاها صاح صاحي الفؤادفي 2 ولابية أمري داخلٌ تحت إمرتي 

يقول: لما خاطبته الحضرة بما ذكره؛ وذكرناه تكلم هو فقال: فؤادي ولاها: أي أحتهاء 
(1)[يرى] ساقطة في س . 


(2) في س: [إلى] بدل [في]. 
(3) في س: [لا شيء] بدل [يتلاشى ] وهو تحريف. 


يا صاح: أي يا صاحبيء وأنا [60ظ] صاحي الفؤاد: أي حاضر العقلء لقوله تعالى: #ما 
َاعَ البِصَر وَمَا طق طىّ ."1١4‏ وقال: ا لَمَد رأَكمِن ايت رَيْهِ يه لكريم 24 في ولاية أمري: أي عقلي 
وضاحوو ورك لز الات تيوه وحققتم ولو لمر ره إلى مقامةداخل تحت زمر 
أي ولايتي وملكي. فإن كان مراده: فؤاده فمعناه أني أعطيت أمر عقلي» فهو داخل تحت 
ملكي وولايتي لا يروع بكل ما يراه ويشاهده. وإن كان أراد أصحابه السالكين سلوكه 
الذين ناداهم بلفظ الواحد المنكر بقوله: يا صاح.» منكرا ليكون كل من سلك سبيله هو 
صاحبه. وهو في ملك أمره لقوله تعالى: #أطِيعُوا اله وأطِيعوا السَموَلَ 3204), وقوله تعالى: (من 
لاسو تن قل إن كُدسّمٌ 
يصون الله اعون يبك يد #(ذا. 

قال: 

2 - وَمُلْكُ معاني العَشْقٍ مُلكي وجندي ال معاني وكل العاشقين رعيّتي* 


يقول: وكل ملك معاني العشق: أراد به هنا قوة الحبّء ولم يرد بلفظ العشق الاستعارة؛ 
لأنّه لا يجوز في الله وإِنّما هو استعارة [» ولم يرد بلفظ ]7 لمعنى قوة الحب. يقول: وكلّ 
معاني نهايات [المحبة]'* لله تعالى التي لا يبلغ إلى درجاتها أحد غيري هي ملكي؛ أي قد 
وليت إياها دون غيري؛ فإنَّ كل ما بلغوه من المحبة لله ومن الله لهم فإِنّما هي منهم أقل 
من بدايتي» وأقل مقا اغطو ا حمينا من :سح اللف لي لقره تعالى: # قل إن كنس تجو أله 
َأعُون بتي أنه ". وجندي المعاني الحقيقية وهي الشريعة» والحقيقة؛ والطريقة بأكمل 
الأوصاف. ولا يصل إلى حضرة من الحضرات إلآ باتباعي فيها والسلوك إليها بهاء فكان بهذا 


(1) النجم. الآية 17. 

(2) النجم.ء الآية 18. 

(0) النساى الاية 59. 

(4) ما ساقه المؤلف ليس آية» والآية التي في معنى ما ساقه في سورة النساءء الآية 80 وهو قوله تعالى: من بطع 
أَلرَسُولَ مَمَدْ أطَاعَ شه وَمَن نول هنآ أَرْسَلسَكَ عَلَيِهمَ حَفِيظًا 4. 

(5) آل عمران. الآية 31. 

(6) في الديوان: [معالي] بدل [معان]. 

(7) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 

(8) [المحبة] ساقطة في س 

(9) آل عمران. الآية 31. 


الاعتبار كل العاشقين لم يرد بلفظة العشق هنا العشق, وإِنّما استعارة» وإشارة إلى مَنْ قوي 
صفا حبّه في الله تعالى» فهم رعيتي لأنّهم أتباعه. 

قال: 

9 فك الحُبّهاقدينتُعبحك معن يراه حجاباً فالهوى دو رنيتي 

يقول: فتى الحبّ: أي يا صاحب الحبّء ها: أي أحضر سمعك لما أبيّنه لك أني قد 
بِنْت عنهء أي فارقته» بحكم من يراه حجاباً: أي شغلاء فالهوى: أي صار الهوى دون 
رتبتي» يقول: إنَّ قوة الحب قد تسكن متى شاهد محبوبه حتى يشغله عن سماع كلامه. 
وغير ذلك مثله في المظاهر بعضهم لبعض. وكذلك قوة الفكر في صفات الله تعالى 

الفكر حتى عن بعض الصلوات. والمثال في ذلك [أن]!! مَنْ كانت فكرته 

في تدقيق شيء من علم التوحيد الذي هو أعظم شيء؛ وحضر وقت صلاة. ربّما أنه 
يشغله ذلك فيغفل» وكذلك الفناء بالمحبة» وَإِنّما هذا َكَل وأما أنا فصرت كأني لا أحسٌ 
لمحبتي لقربي من الحضرة. والمثال في ذلك أنه قد يحبّ ولده حبّاء ولا يعرف محبته له 
وقوتهاء ويظنّ أنه لا يحبّه كثيرًء فإذا مرض أو غاب تعب تعبا عظيماًء شديداًء وكانت له 
زوجة يرى نفسه أنّهِ يحبّها حباً عظيماء فلما مرضت لم يتعب كما تعب من ولده فصحٌ أن 
تكون قوة حب وغير شاغلء أما ترى إلى الزليخا لم يشغلها حبّ يوسف عن النظر إليه» 
وشغل النسوة اللاتي قطعن أيديهن فغابت إحساسهن حتى عن رؤيته2» وبقيت الزليخا 
ثابتة على المحبة» ولم يكن حجاباً لها فصاحب هذا المقام كذلك يقول: إن الحبٌّ 
الشاغل الحاجب عن رؤية تجلي الحضرة الأحدية المحبوبية لا يغيب عقلي عنها؛ لأنَّ 
ذهاب العقل عن الرؤية حجابء وهذا كله ضرب مثالات وليس المراد [بها]© إلا أنه 
أعلى المراتب محبة لله. فيصورها مثالاً في الأشخاص بأعلى مقاماتها فيهم ذلك فيما 


(1)1[أن] ساقطة في الأصلء وما أثبتناه من س 

(2) ينظر الشيخ ناصر هنا إلى قوله تعالى: وَل سو فى ةمرت المي مود فده عن تَمْسِهِ. هد حَمَمَهَا با إِنَا ها 
فى صَكلٍ ين :5 فَلَمَ سَعَتْ يِحَكْرِهِنٌ أَرَسَلَتْ إِلَتبِنَ َأَعْتَدَتْ لَنَّ مكنا وَائَت كل وعد تلق بيقن وا القع عقيل هذا 1 
ميم وَعَطَمْنَ دين وقْلنَ حش ين مَا هَنذَا مرا إِنْ هَدَا إل لكريم 7 5 قال مَدَِكُنَ أرِى لَْتَن فيه 4 صدق الله العظيم 
[يوسف:30-32]. 


(3)[بها] ساقطة في س. 


قال: 
4 - وَجَاوَرْتُ حَدّ العشى فالحبٌ كالقلى وعن شأو معراج اتحاديّ رحلتي 
يقول: 


[61و] وجاوزت حدّ العشق: أي الحبّ المعروف مبلغه في النهاية» والكمال إلى 
الحبّ الذي لا يعرفه الناس حتى صار ذلك الحبٌ الذي هم يحبون به معي هو والقلى 
بالسواءء. أراد آني أرى ذلك الحبّ في حقٌ هذه الحضرة والجمال حبّي لها هوء والقلى 
لها بالسواء؛ فلا أراه حباً أصلاً في حقّهاء وفي كمال حبّي أرى أن ذلك الحب قلى في 
مقابلة حبي» وفي مقابلة ما يستحقه من المحبة» أو أرى حبّي في حق ما تستحقه كأنّه(") 
قلىء وكانا بالسوىء قوله: عن شأوء أي عن غاية حضرة الاتحاد رحلتىء والشأو: السبق» 
والجامهنا القاقة ارق لجو حل رمن عله المتضرة إلى متقريرة أحدية الخد و المخراج 
الترقي. وقد مضى سابقا بيانه» فالمعراج الأول سفر النفس عن حظوظها وصفاتها إلى 
الحضرة الظاهرة من اسمه الظاهرء والمعراج الثاني سفر الروح بفناء الإرادات والمحية 
والمشيئة إلى ما يحبّه الله له وهي حضرة الباطنة الغيبية من اسمه الباطن» والمعراج 
الثالث سفر الروح والنفس'2 معاً إلى حضرة جمع الجمع. وحضرة الاتحاد؛ والمعراج 
الرابع سفر النبي 6 إلى الحضرة المختصة بمقامه. فافهم. 

قال: 

5 - فَطْبْ بالهوى نَفْسا نقد سدْتٌَ أنفس ال عباد من العٌُبَاد في كل أْمَةِ 

يقول: فنادته الحضرة المحبوبية فطب بالحب [نفسا]) الذي جل حسنه وجماله 
وكماله عن أن يحيط به بشرء فهو بالنسبة إليّ الحب المعروف جل عن أن يوصف بالحبٌ 
المعروف. قد سَدْتَ أنفس العباد [من العتاد]*) في كل أمة؛ لأني قدّمتك عليهم. فأنت 


(1) في س: [كان]ء ولا يستقيم بها المعنى. 

(2) في س: [والنفوس] وما ورد في المتن أليق لتلاؤمه مع [الروح]. 
(3)[نفسا] ساقطة في الأصلء والزيادة من س. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


ملك العباد من العبّاد المخلصين إلى'' الله تعالى» وأهل المحبة لي. قال: 

6 - وَفُرْ بالعلا وافخرْ على ناسك علا بمظهر أعمالٍ وَنَمْس كت 

يقول: وقالت [الحضرة]1©: وفز بالعلا وافخر على كل ناسك علا أيٌّ سما بمظهرء 
أي بإبدائه إل أعمالا”) خاصة صحيحة؛ ونفس تزكّت: أي تطهرت. فإِنّك أعلى من كل 
عبد تقرّب إلى وكل هذا تلطفاً به منهاء قال: 

7 - وَجْرْمُنْقَلآلوحَفَطَفٌموكَلاً بمنقول أحكام ومعقول حكمة 


يقول: وَجَْرْ: أي وجاوز كل شيء سواي سالكا طريقي مثقلا ثقيلا غير ملتفت إلى 
شيء غيري؛ ومثقلا بكثرة ما ملت من العلوم؛ وتجليته من الحلم واليقين» ومثقلا برزانة 
العقل؛ ولو خف: أي ولو استخف به. أي بما حملت طفٌ. والطفٌ الزيادة القليلة» والمراد 
ا ا ل ل 
ع حا رك رطرط وقسل رو فيط الل يا و ار تل لاد 
قال: 

8 - وحزبالولاميراث أَرْفععارفف 2 غدا همّه إيثارَ تأثير همّة 


يقول: وقالت له: وَحَرْ: أي واجمع همتك. بالولاء: أي بالمحبة مني لك ميراثاً يا أرفع 
عارف بيء وترك تنوين [ميراث] ضرورة؛ واستعار كلمة الميراث للاستحقاق له به دون 
غيره» أي هبة مني لك فتكون أنت القائم في الأرض الآمر بأوامري والناهي لما تيت عنه 
فلا شريك لك في جلالك وجمالك وكمالك. وكن أرفع مَنْ غداء أي أصبح, همّه إيثار: 
أي مقدّماً في محبته على كل شيء تأثير الهمة في السلوك إلىّء وفي قتال أهل الشرك 


(1) في س: [الحبّ] بدل [إلى]. 
(2) في الديوان: [بظاهر] بدل [بمظهر]. 
(3)[الحضرة] ساقطة في الأصل. والزيادة من س. 
(4)[كل] ساقطة في س 

(5) في الأصل و[س]: [أعمال]؛ وما أثبتناه أصوب. 


والتفاق حتى تكون كلمة الله هي العلياء وكلمة الذين كفروا السفلى؛ وفي كل ما أحبه 
له أن يفعله. وأشدّء فإني قد اخترتك لأشدٌ العبادة. ولأعلى مقام [61ظ] من قربيء قال: 
9 - وَبِهُ ساحباً باسحب أذيال عاشق بوصل علا أعلى المجرّة جَرّت 
يقول: وقالت له: وَتهُ: أي وتكترء ساحبا بالسحب: أي بالهواء. أي عند السحاب فوق 
الخلقء أذيال عاشق: أي قويّ المحبة» وقد قلت لك: لا يصحّ أن يراد به في الله» ولا في 
أنبيائه» ولا في ملائكته وأنه لم يُرد به إلا معناه فاستعاره كما يُستعار غيره من الألفاظ 
في التمثيل في صفات الله تعالى مما لا يراد بها كذلك. وقوله: بوصل: أي بطرق وصل 


موصلة إليناء علا: أي سما طرفه على المجرّة وهي سماء الدنياء أي وامش متكبراً على كل 
محبٌ لجلالتك بحبي لك ساحبا أذيال الحب» يستعار ذلك في المعطي الحبٌ قياده بغير 


محل متكبرأء فيقال: سحب أذيال الهوى. كذلك كن أنت بلا خجل فإن الملك إذا قدَّم 
أحداً على جميع الرعية تكبّر عليهم لشرفه عليهم. ؛ فلعظم محبتي لك'"'؛ ولعظم جلالي 
وملكي أنت الأولى أن تكون أكبر الناس» وأنت الملك فيهم, فلا تصعّر خدّك لهم إلا بالتي 
هي أحسنء وليس المراد أن يتكبر عليهم التكتر المنهي عنه معهاء وإِنّما يتكرء أي يكون 
كبيراً فيهم؛ وملكاً وسلطاناء وأن يكون فظأء غليظ القلب على من عصاء وأرقٌ وأرحم 
الخلق لمن أطاعء فافهم ذلك. 

قال: 

0 - وَجَُلْ في فنون الاتحاد ولاتَحدُ 2 إلى فئة في غيره العْمِرَ أَقْنَتَ 

يقول: وَجُلُ بصفات ذاتك فى فنون الاتحاد بالمحبّة» والاتصاف بالكمال الأعلى. ولا 
تعذ ليو لاجم إل نكة فو عير انبفالعيرة ناه وزة كان قد سك الااو من باللوارة 
فإِنَّ درجتيء وحضرتي لا تُتال بذلك؛ لأنَّ تلك درجات أخرى» وأهليتك أنت إلى مقامي 
وحضرتي. 

قال: 


1 - قَواجِدٌهالجمٌ المَفيِرُوَمَْتَدا 2 ه شرضمةٌ حُحجتُ بأبلغ حُجة 


(1)1[لك] سافطة في س. 


يقول: وقالت له الحضرة الاتحادية: فواحده الجمّء أي الجمع الغفير؛ أي الجماعة 
من الناس»ء ومَنْ عداه: أي ومّن كان دونه فهم وإن كانوا كثيرين فإنّهم بالنسبة إلى الواصل 
إلى مرتبة الاتحادية بمنزلة الشرذمة القليلة» وإن كانت قد حبجت بأبلغ حبة» أي قضت 
فروضهاء وما ألزمتها إياهم من الأعمال بأبلغ حجّة في الدين» أي بأصحٌ دين موافق للحق» 
والمعنى أنْ الواحد الواصل إلى مرتبة الاتحاد هو مثل الجماعة؛ فهو واحد عن مائة ألف 
من أفضل العباد» والألف ومائة”!' الألف من غيره في الفضل هم أدنى من الواحد الواصل» 
فافهم. 

قال: 


2 8 


2 - فقت بمعناه وّعش فيه أو قَمْثْ معتاة واتبع هد فيه افيت 


5١ 


لمانا 


يقول: وقالت له: فمتّ -بفتح التاء وتشديده- أي فتوسّل إلينا بمعناه في الاتصاف 
والتخلق, والمعاني) الموصلة إليناء وعش فيه طول حياتك» أو فمتء والمعنى: وَمْت 
من الموت. والألف من [أو] زائدة كقوله تعالى: # قَابَ مَوْسَيْنِأَْأَدْنَ #. فالمراد: وأدنى على 
التحقيق لا على الشك. تقول: ومتّ به معنّىء والمعنّى العاشقء. والمراد هنا معناه لا لفظه. 
أي فمتّ بقوة المحبة» واتبع أمة: أي فرقة فيه أمَّتَء أي قصدت رغبة في وصالنا. 

قال: 

3 - وأنت بهذا المجد أجدرٌ من أخي اج تهاد مجدٌ عن رجاء وخيفة 

يقول: قالت الحالة المنبئة له عن قول الحضرة له لما قالت له: واتبع أمة أمّت محبتي 
إلى كان يأمرها بذلك كأنّه لم يكن بذلك [إلا أمأ]'2' لا إماما فيه. قالت له ما يدل على أنه 
هو إمام السالكين إليه بالمحبة» وأنت بهذا المجد: أي الشرف الأعلى من مقامات المحبّة) 
أجدر: أي أحرى وأحقٌ به من أخي اجتهاد. أي من صاحب اجتهاد مجدّ. أي قوي السلوك 
إلينا بالإخلاص بموافقة الحقّء والاستقامة في كل ما يحبّه له أن يعتقده أو يعمله. أو يتركه 
معتدلاً في رجائه لرضانا عنه. وفي خوفه من سخطنا عليه» أنت أشرف وأعظم ممّن كان 
(1)1مائة] ساقطة في س. 


(2) في س: [والمعنى] بدل [والمعاني]؛ وما جاء في الأصل أليق. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


معنا من الأولياء بهذه المنزلة. 

قال: 

[304]962 - وَعَئِرُ جيب مر عِطفَِكٌ دونّه بأهنى وأنهى لذة وَمسرَّة 

يقول: وليس عجيبا هر عطفيك. يستعار هرّ العطفين على قوة الفرح بالفخر بالمحبة 
[من المحبوب]!١»‏ والتخلق ظاهر بأخلاقهاء تقول: وليس عجيبا منك ذلك» أي ليس 
بجنون منك إذا أصبحت مفتخراً بأهنى لذّة وأنهى. [أي ليس]2 وأنت في غاية نهاية 
المسرة بمحبتي لك. وبتجلي جمالي عليكء وبقربتي لك عن جميع الموجودات. فأنت 
أحقّ بالفخر وإظهاره في جميع الوجود [على جميع الوجود] وتبليغ ما أمر به في 
الرسالة. 

قال: 

5 - وأوصافٌ مايُعزى إلبه كم اصطفتُ مسن الناس مَنْسيا راكنا اميك 

يقول: وكم اصطفت أوصاف ما يعزى [إليه: أي ينسب1/ إليه إلى مام اتحادي 
وولايتي؛ والمراد بولايتي -بكسر الواو- من ولي الأمرء أي توليت أمره من الناس منسيّاء 
أي كان غير منظور إليه قبل أن تصطفيه صفات حضراتي القربية كالأنبياء الذين كانوا 
يحرثون الأعمال التو لا ينظر إليها كرعى الغنم والحدادة» فاسيمية: أي فأغلت أنتما و 
بشهر نه ولي كان أو رسولا أو نبياًء فَعلاً في الوجود فخره وانتشر في العالمين العلوي 
والتبقلى انيه و لو لا ضفات قر وولاض لأمزة لكان تمتها لا باكر 

قال: 

6 - وأنتٌ على ما أنت عنّيّ نازحٌ وَليّسن,. اللريا” اللشرى بقريبة 

يقول: وقالت [له] الحضرة المخصوص بها التي هي أقرب إلى الله من التي هو في 
(1)ما بين المعقوفين ساقط في س . 
(2)مابين المعقوفين ساقط من س. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط من س. 


(1)5له] ساقطة في الأصل. والزيادة من س. 


ابتداء أمره فيهاء وهي حضرة الاتحاد التي إليها ينتهي السالكون: وأنت على ما أنت فيه 
من درجات القرب. عني نازح: أي بعيد وليس الثريا للثرى بقريبة: أي إِنَ رتبتك أعلى من 
التي أنت فيها فارتفع منها إلى ما أنت له أهل» وهي حضرتي أنا. 

وقال: 

7 - وطورّك قد بُلَّْمَهِ وَبَلَمْتَ فو قَّطورك حيشْالّمِسُلمتَكُظَنَّتَاا 

يقول: وقالت له: وطورك: أي وأعلى مقاماتك مأخوذ من جبل طور سيناء إذ تصعّده 
موسى الكلفكلا. قد بلغته: أي قد بلغتك معرفته. وهديتك للسلوك إليه. وقد بلغت فوق طورك؛ 
لأن الطور لابدٌ أن يكون له أول ووسط وغاية» فقالت: وقد بلغت غاية طورك في هدايتي 
لك على سلوك وصاله؛ وبلغت بك إلى حيث النفس لم تكن ظنّت أنها ستبلغ إلى ذلك؛ 
لأنّك بلغت إلى مقام لا يدركه عقل؛ ولا خطر على قلب بشرء ولا سيخطر عليه قلب 
بشر بلا غاية أبداً إلآ أنت في كلّ صفة من صفات جمالك وجلالك وكمالك الذي أعطي 
الخلق أهل الكمال كلهم من بعض ما أعطيت أنت. 

قال: 

8 وَحَدَكُ هذاعندهقفَْمَنْهلو 2 تَقَدَنْت شيئاً لاحترقتَ بجذوة 

يقول: وقالت له: وهذا حدّ وصولك ووصول المخلوقينء. ولا أحد وصله غيرك. 
وقفعتله-فلو تقدامك عتنه قينا قلا5 لالشترقت بيجدوة وه -قنسن الناره ولمع لو 
عاك لاق عنقا ارت طايك ورك ليو لدان للك بوالجاذ ل كمال 
والكشف. ؛ أكثر مما أنا كشفت لك لم يحتمل عقلك. وذهبت وتلاشيتء وانظر إلى 
موسى كيف خخرّ صعقاً لمَا تجلت له قدرة الله تعالى على الجبل فجعله دكأ وانظر إلى 
إبراهيماة: كيف لما رأى الطيور التي ذبحها أحيبت بقدرة الله كاد أن يخر صعقاء وانظر 
إلى عزير لما رأى الحمار وقد صار رميماً يحيا بين يديه أدهش ذلك الأمر عقله ولبّه» ومن 
العجائب أن هؤلاء يرون خلق الله تعالى من السماء والأرض وما بينهما وما فيهما ولم 
يخرّوا صعقينء ولا أدهشهم ذلك» وأدهشهم وانخرّوا صعقين بآيات أدنى من ذلك» ولم 


(1) في الديوان: [فطورك] بدل [وطورك]. 


يه عقا مونني | لكلا بآية العصا وهي آية عظيمة وانخرٌُوا بها صعقين [62ظ] السحرة إذ 
تجلى لهم جلالتها فانخرٌوا ساجدين لله تعالى» وحُحجب الآخرون بحجب الهوى فصحٌ 
أنَّ على جميع الخلائق محجباً عن النظر إلى تجلي صفات الله تعالى؛ وأنه متى كاشف الله 
عبده بشيء من تجلي صفاته في أفعاله اندهش'!! وصعق. ولكل حال مقام. ولكل مقام 
رجالء وما منّا إلا له مقام معلوم؛ وحق مقسوم؛ وأمر محتوم والله تعالى لا تتجلّى 
ذاته» وَانَمَا تتجلى صفات أفعاله. وصفات ذاته في أفعاله سبحانه جل وعلا. 

قال: 

9 - وَقَذْري بحيتٌ المرءٌ يُنْبَط دوه ١‏ سُمُوَاً وقدري فوق قدرك غبطتي”) 

يقول: وقال له مقامه الأعلى المخصوص به من مقامات القرب: وقدري: أي وجلالتي 
وكمالي ومنزلتي» بحيث يغبط السالكون» سمو : أي ارتفاعاً إلى دون مقاميء يغبط: أ 
يفرح فرحاً عظيماً بوصوله إلى ذلك المقام الذي هو دون مقامي في المرتبة نازلاء وقدري: 
أي وقدر غبطتيء أي قدر الغبطة بمقامي فوق قدركء أي فوق ما يكفيه عقلك؛ لأن عقلك 
لا يحيط بمقدار غبطتك بي إلآ بعد الوصول؛ لأنه لم يخطر على عقلك. وليس في عقلك 
وسع إلى معرفته قبل وصولك إليه. 

قال: 

0 - وكل الورى أبناءٌ آدمَ غيرَ أل بَّبِي خَُرْتُ صَحُوٌ الجمع من بين إخوتي 

يقول: وقالت الحالة المنبئة من قول حالة النبي ملك وانتهائه في مقاماته واعلم أنَّ كلّ 
الورى أبناء آدم؛ غير أنْي حزت: أي جمعتء صحو الجمع من بين إخوتي: أي الأنبياءء 
أي ني لم أصعق بتجلي حضرات صفات الله تعالى على مما هو أعلى مقاماً لم يحتمله 
الأنبياء من مشاهدته فإنّى أنظر أكثر مما نظروا من كمال جلال جمال جلال الله تعالى من 
لقانةه رضكات ألفاله. 


(1) في الأصل و[س] هناك [واو] قبل [اندهش]ء ولا موجب لها. 

(2) أثبتنا ما فى س لاستقامة المعنى. إذ جاء في الأصل: [. ا ا 
(3) في الديوان: [لكن] بدل [وقدري]. 

(4) أثبتنا ما في سء إذ ورد في الأصل [السلوك] ولا يستقيم المعنى بها. 


356 


قال: 


شو 
ات فتشقن كلمن وقلبق هما بأحمدت رؤيا مُقلة أحمدية 


يقول: وسمعي كليمي -بكسر اللام وتشديده- أي سمعي بخطاب حضرات الله تعالى 
هو يكلمني فأقول بما سمعته؛ وهذه إشارة إلى تصحيح التجلي من غير حلول؛ لأنْ السمع 
والبصر والفؤاد كل منهما يكلم اللسانء وقلبي منبيء عنه لساني بأحمد: أي بأشرف. رؤيا 
مقلة: أي مقلة عين أحمدية» وهو محمد 28 وأحمدية أفضلية» يقول: أتكلم بما رأيته 
بعين بصيرتيء وعين قلبي. وسماع أذني بأفضل رؤية وأصّحهاء وأصدقها لقوله تعالى: 
م لَمَد رمن ايت رَيْدِ الجر 4: وقال تعالى: لإمَارَامَ ألَْصَرُ وبا طق 4 وقال: لما كدب 
لْمُوَادُ مَارََىَ ,"1١‏ ولولا عظم ما رآه ممّا تزيغ به الأبصار ما أثنى عليه بثبوت عقله مع ذلك. 
وفي الحقيقة لم يثبته إلا هو. 

قال: 

2 - وروحيّ للأرواح روح وكل ما ترى حَسَناً في الكون من فيض طينتي 

يقول: وروحي روح لجميع الأرواح؛ وكل جمال في صورة فهو من قبض طينتي» 
وأراد من جمال ثر كيبي؟ لاتدتهق تحطيقة المثمال الويجادي» وإذا كان هو أصل الجمال 
فيصحح أن يقال كل جمال فإنّما هو من جماله؛ إذ لو أخذ إنسان كف ماء قد خرج من 
باطن الأرض في حين أخذه فيصم أن يقول: إن هذا هو الذي جعل الله به كل شيء حيّا 
في العالم السفلي. وإشارة إلى الماء [مطلقاء وأنّه لولا هذا لم يبق شيء حي في تدبير 
الله تعالى الذي أراده أن يكون كذلك في الناميات» مع أن ذلك]2) الماء الذي هو فى 
كفّه لم يحي الله به شيئاًء وأما قوله: فهو روح للأرواح فلوجهين: أحدهما أنه هو حقيقة 
الجمال والكمال القربي بالصفات. والأعمال إلى الله تعالى» وكلّ الخلق دونه» فصار 
كل من تخلق بكماله كان كاملا من مَلك ونبي ورسول ووليَء فهو روح الأرواح؛ لأن 
روح الروح هي الطاعة» والتخلق بكمالهاء وكل الكاملين فإنما هم قد أخذوا [63و] بعضا 
(1)النجم:11616:17. 


(2) ما بين المعقوفين كتب في الهامش في الأصل. 


الطاعة» ومعاني الإيمان» ومعاني التقوى واحدة. والوجه الثاني ما يروى أن أول ما خلق 
الله نور محمد 5 وأقام يعبد الله تعالى ولا شيء في الوجود غيره؛ ثم أوجد منه جميع 
الموجودات والعباد. وأفاض على من كان في علمه أنَّه من أوليائه"'! نوراً من نوره فك 
ومترا عن أسزارة فهو قربه ذلك النو و يكلف إلى اللهتعالىئ يذلك النوي وهذاعمكن: 
والأول مشاهد صحته بالعقل!2 فافهم ذلك. 


قال: 
3 - فَذَرليَ من قبل الظهور عرفته خصوصاً ولي في الذرّ لم تَدْر رفقتي!” 
يقول: إذا شئت أن تصفني فلا تصفني بما اتصف به غيريء» ولا يوصف ظاهريء. 
ولكن إن شئت أن تعرف حقيقتيء فَذَّر لي أي فدع لي من الصفات ما عرفته قبل الظهور 
في عالم الشهادة الذي هو عالم ظهوريء وقبله الذي عرفت فيه حضرتي يوم كنت نوراً 
لا كون معي. فلا حجاب يحجب ذاتي عن رؤية ربي بالصفات لحظة. وكان كل شيء 
من نور فكذلك باطني!*) مع حضرتي؛ لأنّي لم أظهر لنقصان مرتبة» وفي ذلك المحل 
لم يدر أي لم يعرف شيئاء رفقتي: كالأنبياء والرسل والأولياء في الذراري. حيث هم 
في جملة الذرّ من ذرية آدم لتلا مأخوذ من قوله تعالى: # وهو الى دراه في الْأَرْضٍ 
َه ا وقال بعض المتأولين: يعني في الذرّ: لوَإدْ أَحَدَ رَيْكَ مِنْ بف اهم 
مورهر ذَرِيَكوم وَأَشْبَرَهْ عل أَنشِبهم أَلسسْتْ 8 لقَانوا ]9 بق 4. وذلك أنه أخرج من 


(1) فى س: [أولياء الله]. 

(2) هذا تحرّز دقيق من الشيخ ناصر حين يقول: والأول مشاهد صحته بالعقل اعتماداً على التجربة, والمخالطة: أمَا 
الثاني فهو رواية بمعنى أنه من المنقول لا المعقول. أي إِنّهِ (خبر) يحتمل وجوهاء فإذا أخذ به قوم أنكره آخرون. 
ببنما الأول قضية عقلية قائمة على التجربة نسبة الصواب فيها كبير كبيرة جداء ولعل هذا التحرّز من آثار ثقافة الشيخ 
المنظقية الفلمفية مها. 

(3) في الديوان: [وبي لم تدر في الذرّ] بدل [ولي في الذرٌ لم تدر]ء وفي هامش الديوان إشارة إلى هذه القراءة. 

(4) أثبتنا [باطني] من س لكونها أليق بالسياقء إذ هي [باطن] في الأصلء ولا يستقيم بها الكلام. 

(5) المؤمنون. الآية 79. 

(6)[قالوا] ساقطة في الأصل . 


صلب آدم جميع ذريته مثل الذرّء وأشهدهم على أنفسهم بذلك. وشهدوا أنه هو ربهم 
أنه إن أعادهم إلى صلب آدمء وأخرجهم من آبائهم هل يعبدونه؟ فقالوا: نعم» فهو 
يأخذهم [بذلك]') العهد. ونحن نقول إن التأويل الصحيح لهذه الآية أنه أخذهم من 
ظهور آبائهم كما قال تعالى» كل أخذه من ظهر أبيه فأخرجه في حين خروجه إلى الدنياء 
وركب فيهم العقول الذكية التي لا يصح معها إنكار معرفة الله تعالى فأشهدهم بتلك 
العقول حين تعبّدهم ببلوغهم الحدّ الذي يجب عليهم فيه التعّد فعرفت الله يقيناء ولو 
أنكروا بألسنتهم: وعلموا أنه ما خلقهم إلا لعبادته وطاعته فألزمهم اعتقاد أداء الطاعة كل 
دترا با اللعيد ذلك دوو مودعم اليل مود هر علييم: ا أي 
المتعبدين منهم بما لا يسعهم إلا أداءه اعتقاداً أو عملاً أو تركاء وقد مضى بيان العهد 
وأقسامه ما فيه كفاية» وأما ما خصٌ به قبل ظهور آدمء وقبل ظهور الخلائق” كلهم مما 
يستحق أن يوصف به فعلى وجهين: إمكاني» ومشاهدء أما الإمكاني فهو ما ذكرناه مما 
يروى أنَّ الله تعالى أول ما خلق نوره؛ وبقي دهراً قبل أن يخلق الدهر يعبد الله تعالى» 
وأفاض عليه ما سيفيضه عليه في إظهاره إلى عالم الدنياء وخلق الله تعالى منه جميع ما 
ل ل ل ا ا 
وهو الكمال والجمال المطلق الوجودي فهو كالبحر في المثلء وجميع ما أعطي 

في الركتز دكن الموعتص امن لكي وبر الشجان يحقن تون ناه لتر بهن الأرن 
والاقلاءة روهت وه من أجزائه. فإن قلت : كيف يكون غيره من أجزائه ؟ أليس ذلك ممّا 
ينقص من أجزائه؟ فأقول: لم يفهم المعنىء والمثال لمعنى ما أردناه أنه لو كان بجمال 
الجمال. وجمال الكمال”" هو أن يتعبّد المرء بألف ركعة فهو منتهى الكمال فافترض الله 
على كل امريء ركعة ركعة» وبعضهم أكثر إلى عشرء والنبي © افترض عليه ألف ركعة 
أفلا يكون هو الغاية في الكمالء وما بقي كل تكمّل ببعض كماله الذي هو تكمّل به كله 
وهل كان ذلك من نقصان أجزائه. وهذا مشاهدة صحته. ولا يصمٌ إنكاره [63ظ] 


(1) [بذلك] ساقطة في س. 
(2) في س: [... وأما ما خصٌ به ظهور آدم؛ وقبيل ظهور الخلائق]. 
(3) في س: [ كمال الجمال؛ وجمال الكمال]. 


نهم يكونون بذلك [متكمّلين]'1) ببعض كماله. وأنَّ كماله ذلك الذي جعل!) في ركوع 
الركعات هو سرّي فيهم إذ عملوا بيعض ما عمل هو مايسة يستحق!" به الكمالء فافهم ذلك. 
وكلمة [ذر لي]: أي اترك لي» ويذر مضارعه. ولا يستعمل ماضيها فاعرف ذلك. 

قال: 

4 -ولاثشمني فيهامُريداً فمن دعي مُراداً لها جَذْباً فَقيِرٌ لعصمة 

يقول# بولا مسن لها هريندا: أي آنا فى مرمكة المرادييق) الستوين لا 
المريدينء الطالبين؛ ومن دعا مراداً لها" إلى الحضرات) الإلهية بالمحبة 
الالهية جديا أي مجذوبأء كان فقيراً لعصمة: أي يحتاج إلى أن يكون مؤيّداً بالعصمة 
ومن لا يسمى [معصوما لا يسمّى ]© مراداًء ومن كان معصوماً في الحكم الظاهر كان في 
الحكم الظاهر مراداء وَمَنْ كان في الحكم الظاهر لا يسمى معصوماً فلا يسمى مراداء وأا 
في الحقيقة فكل ولي لله تعالى فهو معصوم؛ لأنّه لم يبلغ درجة رضاه إلا بتوفيقه سبحانه 
وتعالى» فافهم. 

قال: 

5 - وَألْغْ الكنى عني ولاتَلعُألكَناّبها ‏ فهي من آثار صيغة صنعتي” 

يقول: وألغ: أي ؤاتزك» عنى: أي في تسميتي» الكنى: آي التكنية في الدعاء وفي 
ل ا و ل ل لل ل 
آثار صنعة صنعتي؛ لأنّالقاهر م آنا صنعة حسن صنعيهأي هو ولد موه سه من 


(1) في الأصل: [متكلمين]. وما أثبتناه من س: يتلاءم مع السياق. 
(2) في س: [جعله] بدل [جعل]. 

(3) في س: [لا يستحق] بدل [يستحق ]. 

(1)4لها] ساقطة في س. 

(5) في س: [الحضرة] بدل [الحضرات]. 

(6) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 

(7) في س: [صبغة صبغتي]؛ وفي الديوان: [صيغة] بدل [صنعة]. 


23060 


م ار ل ل ل ا 
0 ار الول لد ا 11) 

قال: 

6 -وعن لقَبي بالعارف. ارجع فإنترىال0 2 تَنَابْرَ بالألقاب في الذكر تُنقَّت 

يقول: ولا تلقبني بأسم العارف» والفطن. والمتفطن. والأستاذء وأمثال هذه الألقاب 
التي هي قصور عن وصفي بمنزلتيء فإن العارف والفطن يوصف به من هو دوني منزلة» 
وقد سحت التنانز: بالالقات: بأنينا تمقةة أي تهلك صاحبهاء والمقت الذنب الممقوت 
فإن كنت ترى ذلك في الذكر في غيري فكيف بي أنا. 

قال: 

7 - وَأْصغْرٌ أتباعي على عَيْنِ قلبه عرائسش أبكار المعارف رقت 

يقول: كا اي في المخلصي للاتمالى الرانساغين » والح يضري 
00 من الأوضاف الكمالة وم برق 
العادات ما يدهش العقول. فما قولك فيمن لا يحيط بوصفه فى الكمال إلا الله تعالى. 

قال: 

8 - جتَى تَمَرَ العرفان من فرع فطنّة زكا باتباعي وهو من أصل فطرتي 

يقول: جنى ذلك المتبّع لي ثمر العرفان: أي المعرفة بالعلم الحقيقي والعمل الديني 
الخفيء من فرع فطنة: أي من فرع ذكاء عقل ذكيء أي ظهر باتباعي» أي بسبب اتباعه لي 
فصار منوّر العقلء. وهو: أي ذلك النور والعلم والإيمان والحبّ في الله. هو من أصل”*) 
خلقتى: أي أنا أصلى مخلوق من ذلك النور الذي تجلى له فى عقله وإيمانه [وحبه لله 


(1) النورء الآية 63. 
(2) في الأصل: [أفضل ]؛ وأثبتنا ما في س لتلاؤمه مع السياق. 


رئه](!). 

قال: 

9 - فإن سيل عن معنىٌ أتى بغرائب عن الفهم جلّت بل ع-[ن الوهم دقّت]!2) 

يقول: [64و] فإن سيل -بغير همزة- أي فإن سئل ذلك المتبع لي الذي أفيض عليه من 
نوري وكمالي عن معنى من معاني العلوم أتى!" فيها بغرائب من حقائقها عن الفهم. جلت: 
أي أفهام العامة جلتء أي تعالت بجلالتها أن يفهموها أو تدركها عقولهم وأفهامهم. بل!*) 
عن الوهم دقت: أي ومع ذلك فهي عن أن يراها الوهم دقت عليه فلا يراهاء والوهم هو ما 
تراه العين المدبرة» والعين الغريزية من الخيالات التي تحسبها حقأء وهي غير حق. يقول: 
دقّت أن يراها الوهم بل تراها العين البصيرية التي لا ترى إلا”) الحق, وإن رأت غيره عرفته» 
ولا مجال للوهم فيها. واعلم أنه لا يقدر أن يفرق أحد بين الوهم الخيالي؛ والحق المثالي 
إلا الأنبياء في كل شيء. وإن قدرت عيون العقل في بعض الأمور. وانظر إلى ابن عباس 
حين رأى صحة ما أري إيَّاه من الاختلاف. فلما أرسل به وعرف الحق عرفه أنه كان عن 
ذلك منه خيالا لا مثالا ولو لم يرسل. ويوضحون له ربما أنه بقي فيه إلى آخر عمره. ولا 
يضرّه ما لم يُدِنْ به أو يخطيء من قالء أو عمل بخلافه بدين» فصحّ أنْ العلم الديني الخالي 
من الوهم هو الدين الذي جاء به الأنبياء من عند ربهم. والمحمّون هم المتمسكون بف 
وإنما لم يأت الأنبياء لقوة نظر عيون عقولهم. ولصفاء الغريزية» والمدبرة البصيرية منهم» 
وكمال ولايتهم ولاية تامة» وأمّا غير الأنبياء والبصيرية لا يتخيل لها شيء. وإنَّما يتمثل لها 
الحق. ولكن لضعف عين الغريزية وعين المدبرة قد يتراءى للغريزية على البعد خيالاات 
يظنها حقًا وليس كذلكء وأما المدبرة فكذلك وهى بنفسها تخيّل الأشياء خيالات حسنة» 
وهي قبيحة في النفس قد تعلمت من الشيطان ذلك وصادفته؛ وهو تجلى لها إلا مَنْ عصمه 
الله وتولت عينه المدبرة الساحرة» وعينه الغريزية التي هي كالملك العين البصيرية التي 


(1) ما بين المعقوفين خرم في الأصل بسبب تآكل في أطراف الورقة: وما أثبتناه من س. 

(2) ما بين المعقوفين خرم في الأصل بسبب تآكل في أطراف الورقة. والزيادة من س. والديوان. 
(3) في الأصل و[س]: [أتا]. 

(1)4بل] ساقطة في س. 

(5) في س: [بها] بدل [إلا]. 


هي كالنبي والرسول ولاية تامة» فإنّه يسلم من الهلاك لا من اندفاع الوهمء وقد ذكرنا أن 
للعقل ثلاث عيون: المدبرة» والغريزية» والبصيرية فيما سبقء وكرّرنا عليك هناء فهذا نوع 
من النهي عن التسمية به والنوع الثاني عن التصريح بالوصف كما قال: 

0 - ولا تَذْغني فيها بنعت مقرّب 20 أراه م ليمع فوق جريرة'" 

يقول: ولا تدعني فيها: أي لا تنادني ولا تصفنيء فيها: أي في حضرتي التى خصصت 
بها وفي أوصافيء بنعت: أي بوصف مقرّب فإِني أراه. أي معنى المقرّب. بحكم الجمع. 
أي الاتحاد في المحبة فوق أيٍّ زيادة جريرة» أي جراءة على بذكري بأقل ما أنا فيه؛ لأن 
ذلك نوع وى التحير والتصكير) وتتريل المرفع ندم عن شرفه محال فيه؛ لأنّ معنى القرب 
من كان بعيدا فقربء أو بغيضاً فودّ» أو بعيداً فوصلء ولست كذلك. 

قال: 

1 - فوصليّ قطعي واقترابي تباعٌدي وودّيّ صدّي وانتهائي بدايني 

وقول عدن ا تزليان ليقع انسل موسو الوح« الارة يخيفة ا اله الم 
اا اداه جالها إلى أنااون خضرة ونقام وضفاك تغط بها علنكن خاي الله 
تعالى؛ لأنّي في كمال مطلق لا يقابله صدّء ولا يكون معه في تلك الحضرة إلآ صُدَّء فأنا 
في كمال لا تحيط به الأفهام؛ والوقوف عن تكييف وصفي أحرىء وفيك مثال لهذا في 
واحدة منها تعرفها من عقلك مما تشاهده به هل يوجد فيها صفة القرب والبعد. فالقريب 
والبعيد في المشهودات لعقلك كلها بالسوى. وإن شئت بيان صحة ذلك فانظر هذه 
المعاني المقابلة للكمال بالنقض. [هل توجد مع أهل الجنة]* فيما بينهم» أو من الله 
لهم. ؛ أو منهم مع الله تعالى؟ هل يوجد فيهم البعض. والأبعاد. وبداية معرفتهم بالله؟ 
وهل يزدادون في كلّ لحظة علماً بالله دائماً؟ هل يزدادون علوماء أو قربة من الله تعالى؟ 
أو هل يقال إِنَ اليوم فلان [64ظ] عرف كذا كأن لم يعرفه» أو فلان قرب فلانا أو أبعده, 
أو اليوم أحبّه أو أبغضه. أو ابتدأ بالقريب له وللمحبة له؟ فكل ما يضاد الكمال بنقص فلا 
يوجدء وإن عرفت الأسماء فلا يوجد معانيهاء ولا تكون لها معان إلا الكمال. فإن قلت: إن 


(1) في الديوان: [يوماً] بدل [فيها]. و[فرق] بدل [فوق]. 
(2) ما بين المعقوفين من س لوجود تآكل في طرف الورقة في الأصل. 





[معانيها]!'» موجدة في أهل النارء فتقول: نعم" بعضها كالكراهية والقلى للعذاب. 
وأما الحبّ والغعضب [والتقريب فلاء كما أَنْ الغضب. والكراهيةء والقلى. والعداوة. 
والبغض ١]‏ والحسدء والطمعء كل هذه معانيها لا توجد في أهل الجنة حتى لا يوجد فيهم 
لأهل النار بعد استقرارهم في الجنة؛ لأنَّ ذلك لو وجد فيهم لكان شغلاً شاغلاًء وإن كانت 

جودة منهم لأهز النارء ولكنَّ لها لذة عظيمة فى 5 فقد صحٌّ أنها قد استحالت 
بركود ميم ااغل الحاو ولحي لها بل فيه اذى #ازييم 6 : 
معانيها عن معانيها في الدنياء وصح أن هذه صفات ركبت في الإنسان لأجل التعبد. ولكل 
مثال. فانظر إلى المغناطيس وجذبه للحديد هل فيه نفس تحبٌّ؟ ولو كان ذلك كذلك لم 
يقدر أن يجذب بححنة» لأن الحبّ لا يجذب». وهل عنده حب الحديدة وبغضه سواء؟ 
فافهم ذلك. وإذا كان أهل الجنة في قرب من الله جل وعلا ليس لهذه الألفاظ معان غير 
الكمال فيهم فما ظَنّك بمقام قرب هو أعظم من ذلك؟! أفليس الأحرى أن يوصف بهذا 
الوصف الذي وصفت به نفسي كتة؟ [الوجه الثاني]*' في تأويل قوله ذلك له مثال ظاهر 
فى الشريعة. إلا أنه لا يخصّ به النبى #8 وذلك أن وصله إلى تحقيق وصفه هو معرفته 
بالعجز عن إدراكه» وهو انقطاع علمه فيه» وقربه تباعده: وهو أن يعرفه أنّه ليس كمثله شيء 
فلا يوصف بصفات المخلوقين التي هي فيهمء فتباعد وصفه عن وصفه. ووصفه بصفاته 
الح هو قربه» ووه له صذه عن تكييفه. وإيضاح الحى له. وصذه عن كل عمل لا يليق به 
وانتهائه هى بداءة كماله؛ لأنَّ الله قادر على أن يزيد كماله بلا نهاية. 

[والوجه الثالث]1” أنَّ جميع هذه الصفات العرضية المركّبة في الإنسان أو العارضة 
له التي تعرض له تارة» وتذهب تارة من محبة» وإرادة» ومشيئة» وكلام» وسمعء. وبصر. 
وعلم. وحكمة. ومحية. وبغض » وقلى» وغضب» وابتداء. وانتهاء إلى غير ذلك. كلها 
الباري منرّه عن أن يوصف بهاء فإن علمه. وحكمته. وإرادته» ومشيئته» ومحبته هى على 
خلاف ما فينا نحن. فإِنْ نفسه عليمة» وحكيمة؛ ومريدة» ولا يصحٌ أن يوصف الله تعالى أن 
له نفس تارة تحب وتارة تبغض. وتارة تكره؛ وتارة تبتديء بالتقريب. وبالأمر» ويزيد حبّه 
(1)[معانيها] ساقطة في س. 
(2)[نعم] ساقطة في س. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 
(4) ما بين المعقوفين بياض في س. والزيادة من الأصل . 
(5) ما بين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل . 


230604 


في المرء أو ينقص. فإنّه مئرّه عن حلول الأعراض فيه أو حلوله في الأعراض والجواهر 
فدلٌ على أن محبة الله وغضبه لا'') على المفهوم, فغضبه جزاؤه» ومحبته رضاهء ورضاه 
لا على المفهوم. ومحبته إرادته. وإرادته [لا]!* على المفهوم كما هي فيناء فإن قلت: إِنْ 
المحبة غير الإرادة؛ لأنّ الله تعالى أراد أن يظهر في الوجود من سبق في علمه أنّه ليعصيه. 
وأراد أن يظهر ما سبق فيه علمه ليعذيّه بالاستحقاق؛ لأنَّ علمه بالعاصي أنّه عاص في 
الاتتحتاق شراء عد ووه عضياتة فن الونهوك ين الإيجاة ولا يحبد ولا ببحت"منه 
المعصية؛ قلنا: أراد وأحبٌّ في وصف الله سواءء ومن هنا تبيّن أنَ الله تعالى محبته على 
غير المفهوم؛ لأنّه لا يحب المعصية» وأحبٌّ ظهورها منه هو لا يحبّهاء وهو غير مغلوب 
في فعله. ولا في وجودها؛ لأنّهِ هو الذي خلق المعصية فأحبٌّ وجودها بالإيجاد. وهو لا 
يحها فافهم؛ فإنّه يتكشف لك الحق أن محبة الله لا على المفهوم. وقد قال النبي 28: 
[65و] ربّي زدني فيك تحيّراا 7 والعجز عن الإدراك إدراك, وتفكروا في آلاء الله ولا 
تتفكروا في الله. وإذا ثبت هذا فقد صح أن النبي © في مقام كشف الحق في تحقيق 
صفات الله بأكثر الخلق؛ لأنّه أعلم الخلق بصفات ربّه الملك الحقّء وأمّا كمال الله 3 
في كل صفة فلا يراه أحد إلا هو جل وعلا؛ لأنّ كماله بلا نهاية؛ وقد أشار في النظم أنّ 
حالة التوحيد أشارت إليه أن قف هناء ولا مجاوزة لك إلى ما وراءه» فافهم. 


قال: 


و 
٠.‏ س ه سي ثير 2 ٠‏ َك 2 5 
2 - وفى مَنْ بها وَرَّيتَ عني ولم أرذ سواي خلفت اسمي ونعتي وكنيتي 


(1)1لا] ساقطة في س. وبوجودها يستقيم الكلام. 

(1)2لا] ساقطة في سء وبوجودها يستقيم الكلام. 

(1)3لا] ساقطة في الأصلء والزيادة من س 

(4) في الأصل و[س]: [عاصي]ء وما أثبتناه أصوب. 

(5) نظر ابن الفارض إلى هذا (الحديث) في واحدة من قصائده فقال: 

زدني بفرط الحبَ فيك تحيراً 

وارحم حشا بلظى هواك تسقرا 

ينظر ديوانه. ص 231, والتحيّر من مصطلحات الصوفية كأنهم بنوا هذا المصطلح على ذلك الحديثء والتحير 

عندهم منازلة تنولى قلوب العارفين بين اليأس والطمع في الوصول إلى المطلوب والمقصد. ولا تطمعهم 
في الوصول فيرتجواء ولا تؤسّيهم عن الطلب فيستريحوا فعند ذلك يتحيّرون؛ ينظر موسوعة الحفني. ص 679. 
وموسوعة العجم؛ ص 169. 


365 


يقول: وفى مَنْ: أي وفى التي بها ورّيتء أي ورّيت بهاء أي أشرت إليها بقولي: ولا 
ااعني ديا اديه الفيعيرة. اكد »تلمك ناي نباي ركلتي أي اعرف 00 
تكريمها التي لم أعرف مبلغ فضلي معهاء وتركت الاسم والنعت» أي وصف نفسي 
وكنيتي خوفا من أن أكون قد نقصت ثناء نفسي على نفسي عن الرتبة التي أنا فيها معهاء 
فأكون كالذي هو غير شاكر وغير معترف العا وذلك نقصان وصف في حق المنعم 
المحبوب. ولم أجد بهذه الحضرة سواي؛ لأنّي خصصت بها عن جميع المخلوقات ر7. 

قال: 

قت قث إلى عالحوةة و تق لان وَضْلق مقرل .«العوانن..شلنت 

يقول: 

وسرت إلى ما دونه وقف الألى'" كالأنبياء والرسل من مقامات القرب بالعلم والعمل. 
والاتصاف بصفات القربء وغير الأنبياء من ضلّتء أي حارت عقولهم بحجب العوائد 
ضلت: أي أظلمتء أو حادت عن طرق هذا المقام» أو مقامات الأنبياء» إذ كان المشار 
بهذه الإشارة غيرهم ممن هو محجوب عن تجلي حضرات الله تعالى» والعوائد: هم 
المعتادون» أهل الحجب بألفة مشاهدات الآيات حتى صارت غير مدهشة لعقولهم. 
أوَّما ترى إلى آيات الأنبياء كنار الخليل» وريح هود وصاعقة عاد وناقة صالح. وجمال 
يوسف. وعصا موسىء وتفجيرها للصخرء وشقّها للبحر وانقلابها حية: وعَؤْدها عصا 
كما كانت» وطوفان نوحء ولين الحديد لداود. وحسن صوته*'» وملك سليمان» وآيات 
عيسى!) عليهم جميعاً السلام؛ كيف أدهشت عقولهم هذه الآيات مع نظرهم إلى آيات 
السماء والأرض مما هو أكبر آية» ولم يدهشهم شيء منها؟ كل ذلك لألفتهم بها كذلك 
لو أن إنساناً أخلص لله أعماله جاء الناس يشكون القحط في بلدهم., وقالوا له: ادع لنا 


(1)1أي] ساقطة في س. 

(2) في س: [المخلوقين]. 

(3) في الأصل و[س]: [الأولى] وما أثبتناه من الديوان. وهو أصوب. 

(4) في س: [صورته] وهو تحريف. 

(5) هذه معجزات أولثك الأنبياء عليهم السلام مبسوطة في القرآن الكريمء والشيخ ناصر ينظر إليهاء ويفيد منها اتفاقا 
مع منهجه العام باعتماد الحقيقة على الشريعة. 


ربّك أن يسقيناء أو يخصب بلدنا فيدعو الله تعالى فيستجيب له في الحالء. وينزل الغيث 
القويء فيأتوه مرة أخرى ويقولون له: قد خفنا على بلداننا الغرق فادع''؟ ربك يرفعه 
فيرفعه في الحال حين يدعو لأدهشهم ذلك الحال. واندهش هو لعظم كرامة الله تعالى 
إليهه وخبّ ساجداً شكراً لله تعالى» ولم يدهشه عظم كرامة الله تعالى له في الوجود. 
وما أمدّه من نعم تنوّر عقله» وينمو بها جسده. وتتلذذ بها نفسه» ويعده بقربه وإكرامه في 
الآخرة» فصح أن الحجاب عن تجلي عظم كرامة الله تعالى إِنّما هو الألفة بهاء وكذلك 
كما عفان ودعالةه ومل حلك إلى الله تعالى وظروة المضحة والاسلذمن الله تغالن ليفط 
الر لاق حنيا عم ع ذظة الاقم للق و احا نيط | عقله ]1 إلن قال الله وك انف 
وهو يتلو الاسم الأعظم خماسي الحروف فإنَّ الله يكشف عنه حجاب الألفة فيما شاء 
من الأفعال والصفات والكرامات» وتأتيه حالات يمكن أن يصعق معهاء فذلك غير منكر 


2 ل ل 
. 


أنّه يمكن وجوده. ولا يدوم عليه لقوله تعالى: #تْمَمَعِرَ مِْهُ جِلُود الْذِينَ عسوت رهم ثم 
ين جُنُودهُم وولوبهمِْكَ ذكْر لل 74 ومن لم [يكن]** تنبعث فيه ومنه المحبة لله تعالى» 
وكان مشغولاً بحجب العوائد؛ ولو تلي الاسم فلا يتجلى له [به]!؟) شيء [65ظ]» وانظر 
إلى الناس كيف منهم من يجد في المناجاة لله تعالى لذة عظيمة فتراه لا يفتر عن المناجاة» 
ومنهم من لا يجد في قلبه لذلك لذَّة» وهو من المخلصين لله تعالى» وقد قيل فيما يروى 
عن الله تعالى أنه قال: إذا أقبل العلماء على غيري بحبهم فإنْ أدنى ما أصنع بهم أن أنزع 
من قلوبهم لذة مناجاتي» يعني إذا كانوا من المخلصين لكن قد حجبتهم عن لذة مناجاته 
التلدّذ بما لو فاتهم الجلالية» فافهم ذلك. 

قال: 

4 - فلا وَضْفَّ لي والوَصْفٌ رَسْم كذاك الاس 2 مُ وَسْمٌ فإن تُكني فكنٌ أو انعت 


يقول: بعد أن أقول فى إعراب هذا البيت لإقامة وزنه» وصحة النطق به هو أن تلحق 


(1) في الأصل: [فادعوا]ء وما أثبتناه من س. 
(2)[عقله] ساقطة فى س. 

(9) لز مز لكيه 133 

(4) [يكن] ساقطة في الأصلء والزيادة من س. 
(5) [به] ساقطة في س. 


بآخر كلمة (كذاك) لاما ساكنة هي أول لام من كلمة (الاسم) فيكون ذلك اللام الساكن 
هو آخر المصراع الأول ثم يبتدىء بالمصراع الثاني بلام مفتوحة من كلمة الاسم ثم 
بألفه المخفوضة. ثم بتسكين السينء ثم بضمّ الميم من الاسمء وإشباعها حتى تصير واواء 
وكذلك يشبع خفض الميم من كلمة (وسم) حتى يصير ياء» وكذلك وكني كلمة أم» لكن 
يشبع خفظها لإقامة الوزن» لفظ كلمة كذلك هكذا كذا لكل» وتسقط الألف من الاسم 
فتكون هكذا (لاسم)» فافهم ذلك. 

وأما المعنى فيقول: ولا وصف لي يعرف حقيقة كماله به(!"» والوصف رسم يؤدي 
إلى الحقيقة لكنه من حيث لا يدرك؛ وكذلك الاسم. وإن سمّيت باسم مدح يراد به مدحي 
مثل!2) محمد أي محمود في كل شيء. أو حامد لله في كل شيء. أو أحمد. أي أحمد 
الخلائق لله تعالى؛ وأكملهم وأفضلهم فهذا موصل إلى حقيقة وصفي؛ ولكن لا يعرف 
ولا يحيط بكمالي في الحمد, ولا معنى ماهية كمالي ومنتهاه؛ نبينٌ ولا ملك. ولا نفسي 
تحيط بذلك. فإذا تحققت ذلك بي فإن شئت بعد ذلك فسمّني بما شئت من أسماء الثناء 
اللائقة أو تكن تريد أن تكتيني» فكنَّ؛ وانعت: أي وصفْني إن تكن تريد أن تصفني في كل 
شيء من ذلك بما هو لائق؛ لأنّك قد تحقّقت بي أنّي على غير ذلك الوصف المفهوم من 
تلك المعاني. وأنا على غير ذلك المفهوم. 

قال: 

5 - ومن أنا اها إلى حيث لاإلى عَرجتٌ وعطرتٌ الوجودٌ برجعني 

يقول: ومن مقام هذه الحضرة القريبة المخصوصة. أنا إيّاها: أي أنا لها دون غيري 
في العلم السابق الأزلي, ثم في الوجود المثالي» ثم في الوجود الشهودي كما تردّت إلى 
الوجود عرجت إليها إليَ حيث هي لا إلى غيرها في الحال؛ وعطرت الوجود برجعتي من 
تلك الحضرات الغيبية لإملاء الوجود كمالاً ونوراً؛ لأنَّ حقيقية وجودها هي تمام كمال 
الوجود. إذ [/لا]1 يتم كمال جمال اتحاد الوجود إلا بإيجاد أكمل الوجود. وهو معنى 


(2) في س: [ثم] بدل [مثل ]. 
(1)3لا] ساقطة في الأصل و[س] وما أثبتناه يقتضيه القصر الذي أراده المؤلف. 


(وعغطوتك) وار انا كنيو فنص الراقت العاملة لاني با ظهان الدعرة والشريية وكين 
أهل الكمال بهاء وأنا في حين رجوعي عنها غير سائر عنهاء بل هي عين المسير إليها. 
ومسيري إليها هو عين وقوفي فيهاء والمعنى في ذلك: أنْي وإن رأيتموني مثلكم أقاتل» 
وأتكلم. وأنكح. وآكل وأشرب. وأجالسكم فإنْ كل هذا لا يشغل عقلي عن حضوره 
مع الله تعالى طرفة عين» فحضوري في الخلوة» وفي الملاء وععيحه لد نوريء ولا 
شيء غيره في الوجود؛ لأنه وجد قبل إيجاد كل موجود تعظيما لي» فكل ذلك سواء في 
معيورئيت الله لبيك في الحقيقة عاحدى: ْ ' 

قال: 

6 - وعن أنا إيَاي لباطن حكمة وظاهر أحكام أقيمت لدعوتي''' 


يقول: وإن رجعت من مقام حضرتي المخصوص بها في الأزل وعالم المثال إلى عالم 
الشهادة؛ أنا إياي: أي هي لي على الخصوص.ء فليس ذلك رجوع عن صفاتيء وخروج 
مني عن تلك الحضرة. وإِنْما هو عين مقامي فيهاء وإِنْما كان خروجي لباطن حكمة. 
وهو إظهار ما سبق في علم الأزل» ولظاهر أحكام أقيمت: وهي الشريعة» لدعوتي: 
أي لأدعو © بها الخلق إلى الله [66 و] ليثيب من كان علمه الأزلى مطيعاً له؛ لأنَّ الملك 
الحكن لاو لك نوي اناف عله كلها لكلا أن بكاقدة ولا لاهن وراء دن فرت 
مفسدا عاصياً إل أن يبعده ويحاربه. 

قال: 

7 - فغاية مجذوبي إليها ومنتهى مراديه ما أسلفت من قبل توبتيا” 

يقول: وغاية مجذوبي: أي جذب نفسي [لنفسي]4» إليها: إلى تلك الحضرة القريبة» 
وأضاف الجذب إلى نفسه إشارة إلى عظم إجلالها له. وأنّها أعطته تصريف نفسه. 
وتصريفاً في الوجود كالملك الذي يولي أحداً فيما شاء بولاية تزيد على جميع من ولآه. 


(1) في الديوان: [أقمت] بدل [أقيمت]. 

(2) في الأصل و[س]: [لأدعوا]. 

(3) في الديوان: [ما أسلفته قبل] بدل [ما أسلفت من قبل]. 
(4) [لنفسي] ساقطة في الأصلء وما أثبتناه من س. 





ولمعنى آخر فيه إرشاد أن في ذات المرء المتعبّد قوة الاختيار يقدر أن يسلك أيّ الطريقين» 
وهل ارو على من اعتقدسات الاختبار من الجعائ نين يفت إنهه تر كرا بعض العنادات 1" 
فكرْ في كلام هذا الناظم فإِنّك لم تجد فيه خللاً وإن اختل معك فإنّما هو خلل في فهمك 
عن معاني إرادته فافهم. وكذلك النبيظتة لذاته اختيار» ولكنّه لم يتولها من الاختيار إلآ 
ما اختار الله تعالى لها فاتخذ اختياره باختيار الله جل وعلاء وقوله: ومنتهى مرادّيّه بتثنية 
مراد: أي مرادي» ومراد جذبي هو ما أسلفت. أي المقام الذي أسلفته قبل توبتي» أي قبل 
رجوعى من الحضرة الأولى التى كنت أعبد الله فيها قبل إيجاد الوجود فى تلك الحضرة 
قبل ظهوري في الوجود هو متتهى مرادي؛ ومراد جلي نر اكير حت وإرادة جذبه 
انتتغار قود اللنظلة فافهم ذلك. 

قال: 

8 - ومني أَوْجّ السابقين بزعمهم ‏ حضيضش ثرى آثارٍ موضع وطأني 

يقول: ومني أوج: أي كمال ارتفاع كمال جمال!2 السابقين من الرسلء والأنبياء» 
والأولياء» بزعمهم: أي يشهدون بذلك علماً حقيقياً أنَّ حضيضء أي أنرّل وأسفل ثرى هو 
التراب الثري بالماء آثار موضع وطأتي. أي أثر موضع نعالي التي أطأ بهاء أي الوصول إلى 
هذا التراب» والأخذ منه. والتخلق بأخلاقه هو غاية كمالهم في الكمال ما بقي في النعال فهو 
مثل كمال الرسل والأنبياء» وما كان في الأرض قد سقط من النعال هو كمال الأولياء أهل 
الفناء بحب الله والإخلاص له في كل ما يحبّه» وما كان تحت ذلك لم يعلق بالنعال هو مثل 
جمال المخلصين من عامة المؤمنين» ومَنْ لم يتل من آثار وطأته فهو مبعود من الكمال ولا 
إيمان له. وإِنَّ من آمن وعمل صالحاً وهو مفسد بغيره ولغيره من أركان الإيمان, فإِنّ ذلك 
تراب من غير وطأته فلا ينفعه. وكذلك إذا ضيع في آخر عمره فإِنَ تلك الأعمال هي من غير 
أثر وطأته في المثال» فافهم. 

قال: 
(1) كلام الشيخ ناصر هنا يعمّق من اتجاهه العام في اعتماد الحقيقة على الشريعة بحيث لا تسقط العبادات أبداً حتى 

لمن وصل أعلى المقامات. وفي هذا ردّ على مَنْ ذهب إلى إسقاط التكاليف. أو بعضها في حالات معينة. وهو 


ما ينفيه الشيخ ناصر بقوة. 
(2) في س: [جلال] بدل [جمال]. 


300 


9 - وآخرٌ ما بعد الإشارة حيث لا تَرقَي ارتفاع وَضعٌ أوَلِ خطوة 

يقول: وآخر مراتب السالكين حيث الإشارة لهم لا يتجاوزوا مثل ما قال أولا: طول 
ُمَربُوأْ مَالَ ألْسِتِيِِ 174 فذلك المقام حيث لا ترقى ارتفاع أحد من الأنبياء» والرسل هو 
أول وضع قدم وضعته في سلوكي إلى الله تعالى فذلك قوله: أول خطوة منه إلى حيث لا 
ادري وصفه. 

قال: 

0 - فلا عالم إلا بِقَضْليَ عالمٌ ولا ناطق في الكون إلا بمدحتي" 

يقول: فلا عالم بالعلم الحق إلا بفضلي عالم, ولا ناطق في الكون إلا بمدحتي: أي 
إلا ويشهد لي بالثناء» وأشار بالعالم والعلم؛ لأنَ الوجود أصله قبل إيجاده وهو معلوم 
في علم الله الأزلي فلفضل العلم. ومن وصف الله تعالى أنه لم يزل به عالما كان العلم 
هو أشرف صفة. والعلم الموجود هو المعلومات التي لم يزل الله بها عالمأء وكان أعظم 
الموجودات علما” هو النبي#؛ وجميع الوجود لقطرة من بحر علمه؛ كما أنه أعظم 
الكائنات كمالآء وجميع الكائنات إِنّما كمالها قطرة من بحر كماله ولاسيما أنه صجٌ له أنَّ 
كل عالم هو شاهد بعلمه [66ظ]. وكل مدح في الوجود إذ لا مدح فيه غير العلم» وهو 
فرع من أصلهقة فصار كل مَنْ مدح شيئاً على صفته من المدح فهو مدح له في وإذا كانت 
هذه صفات مكرّن لا كمال له إلا بغيره» فذلك من الكفر في صفات الله تعالى» أي أعظم 
ثناء على النبي مت وأكمل كمال إذا وصف به الباري جل وعلا فهو كفر؛ لأنّ الله تعالى 
كباله الا يجوز أننيكوة سكم لاح إذااوضك أنه هو المككن لكواله كان كقراء لأنه 
يكون بهذا الوصف أنه خالق نفسه وكيف يخلق من هو غير موجود. تعالى الله عن ذلك 
علوا كبيراً. 

قال: 
| 


1 - ولاغَرْوَ أنْ سُدْتٌ الألى سبقوا وقد تفككت من طه بأوثق عروة 


(1) الأنعام, الآية 152. 
(2)في الديوان: [فما] بدل [فلا]. 
(3) في س: [عالما] بدل [علما]. 


يقول: ولا غرو أن سدت الألرط) الذين سيقونى: أى ضرت سيد الأنبياء والرسل 
والوجود جميعاء وقد تمسكت من معاني طن نا أراد السورة» وإما معاني الطاء والهاء: 
فأما عند تلميذ تلميذ الناظه2 أنَّهِ أراد معاني الطاء والهاء'") وأنَّ طه اسم النبي ين؛ وللطاء 
معان جمة منها الطاهر والطيبء والهاء فيها إشارة إلى اسم الإشارة هو المعنى هو الله وهو 
الآخرء وهو الموجود في كل شيء علمه وتدبيره» ولا يوجد في شيء» وهو الذي لا يعرف 
هو إلا هو وقيل طه حرف قسم قسم بهماء وبفواتح السور إشارة إلى علم سرّ الحروف*, 
وعظمة أسرارها وخواصها فتبّه على ذلك» والكل متوجّه إلى الح ومعنى تمسكه بالطهارة 
التي كان عليها حين وجد قبل جميع الوجود فلم تتغير صفاته بإيجاده في الوجود بما تغير 
به غيره من المخلوقين بالعوائد والمألوفات؛ أو بما فيهم من الصفات. بل قد صرت في 
هوية اسم الإشارة من حيث إِنْي لا يعلم بكمالي إلا هوء فأكمل وصفي به كما تكمل وصف 
أولياء بصفاته التي لا يصحّ أن يتخلقوا بهاء ولكن بصفات مخلوقة خلقها لكمالهم؛ دالة على 
صفاته كالعلم على العليم» والحلم على الحليم إلى غير ذلك» فقد تمسكت بمعاني/؟ طه 
بأوثق عروة أني على العهد القديم» ولذلك سميت طه. وإن كان المراد بالقرآن لقوله تعالى: 
«طه 00 مآ أَنرَلنا عَلَيَِكَ الَْرءَانَ لِتَمْهَّ 45 أي لا لتصير على خخلاف ما كنت عليه من 
قبل» وكلمني بالقرآن الذي هو كلامه ووحيه وتنزيله الذي هو أفضل وأعظم آية في الوجود. 
فكان خلقي على وصفه. وكما لا يحيط فكرا عقل ولا عقول الخلائق كلهمء كمال الخلائق 
كلهم كمال فضل القرآن العظيم» ومعاني أسراره وعلومه فكذلك لا يحيط بوصفي, وعلمي. 


(1) في الأصل و[س]: [الأولى]ء وما أثبتناه يتلاءم مع السياق. 

(2) مرّت الإشارة إليه 

(3) في س: [والطاء] وهي من زلآت اليراع. 

(4) علم سرّ الحروف: يشير الشيخ ناصر بهذا إلى [الحروفية]؛ وهم فرقة من الصوفية؛ أطلقوا عليها هذا الاسم بسبب 
المعاني الصوفية التي وضعوها لحروف الهجاء. وما يتركب منها من كلمات؛ ينظر موسوعة الحفني» ص 2718 
ويستندون في تأويلاتهم إلى أنَّ الحرف هو اللغة» وهو ما يخاطبك به الحقٌّ من العبارات على حدّ قول ابن عربي» 
ينظر موسوعة العجم. ص 280» وفي كتاب (الصلة بين التصوف والتشيع) للدكتور كامل مصطفى الشيبي مبحث 
طويل مليء بالفوائد عن (الحروفية)؛ وأعلامهاء ونشأتهاء وتطوّرهاء وأهمّ كتبهاء ووقف عندها الشيخ ناصر نفسه 
في كتابه (الإخلاص)»؛ ويصف هذا العلم بأنه «علم شريف قد عظمه الملك اللطيف. وأشار إليه في كتابه العزيز 
في فواتح بعض السور منه»؛ ينظر ص199.» وما بعدها. 

(5) في س: [بمعنى ] بدل [بمعاني]. 

(6) طه؛ الآيتان الأولى والثانية. : 





وفضليء وكمالي في ذلك؛ لأنْ القرآن خلقي. وكفى بذلك دليلاً على فافهم. 

قال: 

2 - عليها مجارَيٌ سلامي لأنها حَقيقكٌ منّي إلفن تبحية 0 

يقول: عليها سلامي: أي إليها استسلامي» وذلك مجازي؛ لأنَّ الحضرة التي أسلمتٌ 
إليها ذاتي هي" فيهاء والحضرة في ذاتي فصار ذلك مجازي؛ لأنها: أي الحضرة في 
الحقيقة هى كمال ذاتى؛ لأنها صارت متصفة بكمالها فصارت منى تحيتى وإلىّ» أصل 
حضرة معرفة الله هي هي في ذاتيء وذاتي متّصفة بها؛ لأنّها صارت عالمة بذلك» فهي 
كاملة بذلك العلم» وليس الحضرة هي غير علم الذات بالله تعالى؛ فافهم. 


36 6 


(1) في الديوان: [وإِنّما] بدل [لأنها]. 


اليباب الثالث عشر 


فيما يذكر في مبدأ سيره في سفره الرابع المخصوص به من حيث نفسه. وظاهر 


وجوده براية المحبة بلسان المقام المحمدي عل للتحقيق بحقيقة التوحيد. ومعرفة') 
المتعلقين بحضرة أحدية الجمع لإعطاء حق الربوبية له من عبوديته لله ربّه. 
قال: 
ال 0 غرامي وقد أبدى .بها كل :درة) 
4 - ظهوري وَقَدُ أخفيتٌ حاليّ مُنْشِد نهنا «طريا” #والجال عه فيه 


بح لي اا 
حبي لهاء وقد أبدى بها: أي بحبها كل ذرة من أجزاء تركيبي؛ أي جسدي وجسميء وفي 
كل قوة من قوايء وفي كل صفة من صفاتي» وظاهري وباطني هو ظهوري!" كذلك إليها 
بقوة المحبة فهي تبلغ بحهاء وقد أخفيت حالي: أي حال ذاتي عن كل جزء من أجزائي؛ 
لأنّ كل ذرة مني مشتغلة بحبّها ولا تدري بحب غيرها منّي بلذّة كل لمعة تلمع لها من 
تجلي جمالها عليهاء وكذلك أنا بعقلي ورؤيتي لهاء وأردت أن أخفيها منشداً د 
بهاء أي بحبهاء طرباً: أي شوقاً وإن كنت لست في منزلة الشوق لوصولي إليهاء ولكن أريد 
أن أخفيها حبي لها بإنشاد أبيات فيها [أي]*) الحضرة طرباء أي حبا وشوقاًء لكنَّ الحال 
غير نخفية: أي هي التي أخبرت بعقلي ولساني أنّي كذلك مشغول بجمالها؛ لأنّي لم أقدر 
على الإنشاد شغلاء وهذه الأبيات التي قصدت أن أنشدها فيها وهي أبيا ت0 أخبرت بها 


(1)فى الأصل و[اس]: [والمعرفة]» وما أثبتناه أليق. 
(2) في الديوان: [نذرة] بدل [ذرة]. 

(3) في س: [ظاهري] بدل [ظهوري]. 

(4)[أي] ساقطة في الأصلء والزيادة من س. 

(5) ف ش: 21 .. وهي ستة عشر بيتأ أخبرت . 86 


الحالة عنى» وأما آنا فشغلت عن أن أقولها. 

قال: 

5 - بَدَثْ فرأيتٌ الحزمٌ في نمض توبتي وقام بها عند الثهى عدر محنتي 

يقول: ولما ظهرت محتتها في كل ذرة من أجزائي » وقواي. وظاهري. وباطني. 
وصفاتى» ورمت أن أخفى نفسى حبّه بالشوق والاشتياق بإنشاد الأبيات. رأيت الحزم 
في نقض توبتي: أي في نقض رجوعي عن إرادتي بالتخلق بمقام هو دون مقامي» وقام 
بها: أئْ بالنظر إلنها:عتد النهئ: أي عند عقلى؛ عذر محبتى: أي محبتى بهذه الإرادة. أي 
تركت هذه الإرادة التي لو علمتها لوجب الاعتذار إليها بمحبتها إليَ؛ لأنها لا ترضى لي 
بغير ما أنا أهله. وإنما تركت هذا باشتغالي بالنظر إليها فكان بها زوال عذر محبتي, فافهم. 

قال: 

6 -فمنهاأماني من ضنى جَسَّدي بها ١‏ أمانيّ آمال سَحَتْ ثم شحّت 

يقول: فمنها: أي من الحضرة المحبوبية الأماني» وأراد هنا بالأماني طمأنينة النفئس 
جسدي ومن]" نحوله بهاء أي بحبهاء ولكمال كل عضو بكمالها فإنّه لا يضنى؛ لأنه كلما 
كاد أن ينحل الحبّ جسدي تنبّه الكمال» وتلك الأماني, أي الطمأنينة هي أماني آمال؛ أي مع 
طمأنينتها وسكونها هي آمال إلى طلب مراتب أعلى ليست هي أماني سكون ووقوف عن 
التوعّد بالعطاء. ويؤمله به ولكنه قال سخت بكل أمانيهاء وبلغت الغاية» ثم شحَّت بما وراء 
ذلك لقولها: هذا حدّك فقف عنده ولا تجاوزء وما شحَت إلأعن محبة منها لى؛ فصار شححها 
سخاءً. وقطعها لي عن ذلك وصلاًء وبعدي عن ذلك قربآء وانتهائي هنالك ابتداء في حقهاء 
وصدّها لي من هنالك حبّا منهاء وصمٌ ما قلته. ولا من هذا الوجه أيضا. 


(1) في س: [وسلوكها]؛ وأثبتنا مافي الأصل لتلاؤمها مع السياق. 
(2) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 

(3) في الأصل. و[س]: [أعلا]. 

(4)[لي]: ساقطة في س. 


قال: 

7 - وفيها تلانى الجسم بالسقم صحة- لهه. وتلافٌ النّفْس نَفْسُ الفتوة 

يقول: 

وفيها: أي وفي حلهاء تلاف: أي تدارك الجسم عن تلاف. بالسقم: أ عرض الحب» 
صحة: أي من ذلك قوة على النظر والتجلي بصفاتهاء فليس منزلتي منزلة الذي ينحله الحب 
حتى يفنى جسله؛ لأنْ ذلك مما يضعف القوة عن أداء تحمل الطاعة, وأما أنا فالكمال 
لا يضني جسدي. وقد عرّفتك أن مراده بنحول الجسم هي زوال صفات النفس الذميمة» 
وفناء الروح» وفناء الإرادات» والنبي 5 مطهّر عن هذه فلأجل ذلك لم يغبت يثبت فيه ولم يصفه 
بالنحول. وقوله: له''؟: أي صحة للمرء وان الحا بجا وح المط درن لا وتلاف النفس 
في حب الله هو نة تسن الفتوة: أي هو ذات المروءة» وعين المروءة في حى غيريء وأما أنا 
فمرتبتي كما قلت وأخبرت,. فافهم. 

قال [67ظ]: 

8 - وموتي بها وَجْداً حياةٌ هنيئة وإن لم أمثْ في الحبٌّ عشت بغصّتي 

يقول: وموتي: هو الموت المعروف. بها: أي الحضرة المحبوبية» وجداً: أي حبّاء 
وموتي وأنا خالص لها وجداً بحها هي حياة هنيئة» وإن لم أمت في الحبّ عشت بغصتي: 
ولو أعلم أنّي لا أموت [وأنا على حبّها لكنت قد عشت بغصّتي, ولكتي قد علمت أنّي 
لا أمرف]© إلا وأنااغلن هتلاق بحي لباو كما لاشعتها ان وماد كر أن المرسعان 
محبتهاء وفي محبتها هي الحياة الهنيئة ذكر كيفية الموت فيها 

قال: 

9 - فيا مهجتي ذوبي جَوى وصبابة ويا لوعني كوني كذاك مذيبتي 

يقول: لما تحقّقت ت أنّها أحلام الموت في محبتهاء وعلى محبتها قلتٌ: فيا مهجتي: أي 
نفسيء ذوبي جوى: والجوى حرارة الحبّء وصبابة: وهي العشقء وأراد هنا معناه. أي 


(1)1له] ساقطة في س 
(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


توقب العحة شديرة نواء ولا تافل أن ينوك حجن تعامك لحك كقال ويا لوعي 
وهى المحبة اللطيفة المهيجة للشوق كذلك!!)» كونى مذيبتى. 

قال: 

0 - ويا نار أحشائي أقيمي من الجوى ١‏ حنايا ضلوعي فهي غيرٌ قويمة 

يقول: ويا نار أحشائي من الجوى: أي يا أيتها النار التي هي من الجوى. أي من حرارة 
الحبّ التى هى بأحشائىء, أقيمى حنايا ضلوعى بقوة منك وزيادة» فإنّها غير قويمة. بل 
صارت متهتكة بالحبّء وإذا كان قد تهتكت بالحب فكيف نار جواه يقوّمهاء إنما أشار 
بذلك إلى إهلاكها بها؛ لأنّه قد علم أنْ الزيادة لا تمكن إلا أن تميته وتهلكه. وإنما قال 
إخباراً عنّ اللذة بذلك. 

قال: 

1- وبِاحْسِنَ صبري في هوى من أحبّها 2١‏ تجمّل وكن للدهر بي غير مُشْمِتَ 

يقول: وقال لصبره حين أراد زيادة البلاء بحبّها: ويا حسن صبري في هوى من أحبها: 
أي في التي أحبهاء تجمّل علي بتمام الصبر إلى آخر الموتء وكن للدهر: أي وكن أيها 
الصبر لي معيناً مدة الدهر الذي أعيش فيه. غير مشمت بي مع الحضرة المحبوبية بوجود 
تحلة قال؛ 

2 - وياجلّدي فى حيث طاعات حبّها 2 تحمل عداك الكل كل عظيمة) 

يقول: وقلت يا جَلّدِي تصبر فى حبّ طاعات حبهاء تجمّلء أي أجملء أو احمل فى 
الصبر - بالجيم أو بالحاء - على أداء جميع الطاعة لها في جميع ما تحبّه منك. وبك. 
وفيك. فافهم. 


(1) في س: [وكذلك]. 
(2) في الديوان: [جنب طاعة] بدل [حيث طاعات]. 





قال: 

3 - وباجسديا : لمضني لبا ف لشفا ويا كبدي من لي بأن 006 

يقول: وقلت: ويا صبري المضنيء أي المريض بقوة جوى الحبّ تسل عن الشفا: أي 
ل اسع وا اس اد ال 0 
أنه 0 595 نفشسه ا البلا والأسقام + خاطب الأسقام» 0 

4 - ويا سقمي لاتق لي رمقاً فقد أبيث”: قينا" العنة 5 البقّة 


ذل 


يقول: وقلت لبلا(" سة سقمي الصوري والمعنوي: لا تبت لي رمقاء أي نفساء أبلى كل ذرة 

من أعضائي. وكل قوة من قواي فإنّي أبيت أن ترضى نفسي ذل البقية مني؛ لأني أرى كل 
ذرة مني لم يسقمها الحبّ فهي في ذُلْ؛ لأني أعلم أنَّ بقيا العرّ [أي بقاء العرّ لكل ذرة مني 
هو سقم بقوة المحبة» واللام من قوله لبقياء أي لأنّي أرى بقاء العرّء أو لعلمي ببقاء]©) 
العزء والكمال في السقمء ولمًّا خاطب الأعضاء أو الأسقام والبلاياء وخاطب الأسقام لتبلى 
أعضاؤه خاطب الصفات. 

قال:[68و] 

5 - وبا صحّتي ما كان من صحبتي انقضى وَوَضِلَك في الأحياء مَيْنأ كهجرة 

يقول: ويا صحتي ما كان من صحبتي انقضى؛ لأنْ الصحة إِنّما تصحب الحياة» وقد 
انقضت الحياة فلا يحلّ لك معيء ووصلك ميتاً في الأحياء: أي واقعا بين الأحياء. 
كهجرة: أي كهجرة وفراق وانقطاع وصاله؛ لأنَّ الميت لا يستفيد بوصال من وصله؛ ولا 
بهجران مَنْ هجره. وأنا كذلك في هؤلاء الأحياء» أي في جملتهم الذين هم في الحقيقة 
الأموات, وأنا في الحقيقة الحيّ الباقي فيهم, ثم انتقل إلى ما هو أخفى من الصفات. قال: 

6 - ويا كلّ ما أبقى الضنا مني ارتحل فمالك مأوى في عظام رَميمة 


(1) في الأصل و[س]: [المضنا] و[تسلى]. 
(2)يريد: [بلاء]. 


(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


يقول: ويا كل ما أبقى الضنا من حياة وقوى وإحساس. وهي من القوى, ارتحل فمالك 
ادوع" حل ماوك هيلك تطار ين الجنطاء وا أرقي رعو الاي لاا نبت عر رن 
أبداًء ثم خاطب ما هو أخفى مما خفي عنه. 

قال: 

7- وياماعسىم: مني أنادي توّهما بياء الندا أونستٌ منك بوحشة 


يقول: وقلت: ولما خفي على» وقلت توهماً عسى أَنَّهِ بقى مني شيء لا أعلمه. فقلت 
بياء النداء: وياما: أي الذي 5 لم يفن عنيء وأنا أنادي 0 لم أعرف نفسي بها 
دح شييس ب اوسا ل سا ل 

ل ل ل ال ل ل 

8 - وكلّ الذي ترضاه والموتٌ دوئّه به أنا راض والصبابةٌ أَرْضَت 

يقول: وكل الذي ترضاه لي وبي من البلاء وغيره» ويكون شدّته دونه أي أقل شدة منه. 
فأنا به راض!©: والصبابة: أي قوة الحب وشدتهء أرضت بذلك مني فيك؛ وقيل: إِنَّ معناه 
والموتك دوئها خائل بين رينلا أبلقة إلا إذاابسك:فأنااواغن بالعوت» وصيابي راضية 
بموتي لأجل رضاك عنّا فاقض“ علينا وتحمّل؛ وكل هذا معناه تسليم الأمرء واتحاد 
المشيئة» والمحبة. والإرادة» والرضاء أشار بهذه المعاني إليها بإشارات لطيفة. 

قال: 


9 - وَنَفْسيَ لم تَحِرْعَ بإتلافها أسى ولو جَرْعَتْ كانت بغيري تأسّتَ 
يقول: ونفسي لم تجزع حزنا بإتلافها حبّاء ولو جزعت لتأسّت بغيريء أي لاعتبرت 
بغيري الذين هم ماتوا بالحب. وعندهم أنْ أهنأ”) شيء هو أن يموتوا به. وما ماتوا بالحب» 


(1) في س: ليونتها]. 

(2) في الأصل و[س]: [يفنى]. 

(3) في س: [أرضى] بدل [راض]. 

(4) فى الأصل: [اقض ]» وأثبتنا ما في س لتلاؤمها مع السياق؛ وفيهما [اقضي]. 
(5) في الأصل و[س] : [أهنى]. 


300 


ولكن ماتوا بحبّ لذة الموت بالحبّ للمحبوب وإذا كان كذلك هو دون الذي أنا أحبّه من 
المقامات, أو بحبّ من أنا مظهرٌ من أول بدايتى عن حبه. فكيف بحب مَنْ هو المحبوب. 
ول الجهان) مقو رونا سيل إقام اعل الستاهون الخ اننا مز بعل ل اقل ل 
منه؛ لأنّه من المعلوم أنَ حب جميع المخلوقين على الإطلاق في كل ما أحبّوه لا توازن 
جزءا واحدا من عشر معشار ماثة ألف جزء من قطرة بحور حتّي فكان لي الحبّ المطلق» 
وما حتّهم إلا كمثقال ذرة من بحريء فأنا لا أتأسى في الحقيقة بأحدء وليس حبي مثل 
حب الخلق بعضهم لبعض؛ لأنّ حب الحضرات الإلهية ليس كحب الخلق من العبادء 
ولا يعرف ذلك إلا أهله؛ وأهله لا يعرفون كمالي فيه كما أنّي لا أعرف كمالي فيهم مع أ ني 
أعلم منهم جميعاً فيه قال: 

0 - وفي كل حي كُلّ حي كميِتٍ بها عِنْدَه كَثْلُ الهوى خَيِرُ ميد 

يقول: وفي كل حيّ: أي قبيلة من قبائل أنواع أجناس جميع الموجودات عن جميع 
الكائنات؛ كل حىّ منها هو كميت بين يديك؛ واستعار لكل شيء من الوجود اسم الحيّ؛ 
وهو اسم للقبائل والعشائر من الناس ولاجتماعهم بالسكنة؛ ثم سمّاه أنّ كل حيّ منها يدل 
على أن كل شيء هو حي بالإيجاد له من الله تعالى فهو بوجوده في عالم الوجود يسمى 
حيّاء وليس المراد حيّابالحياة التي تعرف [68ظ] بالإنسان الحيّء وهو الروح التي بذهابها 
شرت دري رجدلاك حي الجرات :ولا كيان تجار لحرو يها عله تعره ب البراد 
حياة الفطرة. أي الإيجاد. أ أو بالوجود فإِنَ الله تعالى حيّء أي موجود باق'!", والميت من 
الحيوان هو حيّء أي موجود في الوجود. فكان تقدير البيت: وكل حىّ؛ أي وكل شيء 
هو موجود في كل قبيلة من أنواع أجناس الموجودات هو كميت بين يدي المغسشّل؛ بل 
هو أكئرُ إذعاناً واستسلاماً لأمرك» وكلّ موجود فهو محبّ لله تعالى؛ لأنّه محتاج إلى 
بقائه'2) في الوجود بمدده؛ عرف أنه محبّ أو لم يعرف. لأنّ الكل مستسلم لأمره. وكل 
[حيَ» أي وكل]1" موجود بهاء أي بحب الحضرة المحبوبية» عنده قتل الهوى خير ميتة 
أي موت الحبّ والمحبة خير ميتة؛ لأنّ كل شيء في الوجود يعلم أن تنقله من كون إلى 


(1) في الأصل و[س]: [باقي]. 
(2) في س: [ محتاج بقاءه]. 


(3) مابين المعقوفين ساقط من س. 


كون هو موت له من حياة الكون الأول. وحياة له فى الكون الثانى» وكذلك تنقّله من حال 
إلى عاك ويغنوة أن للك هو الك لان تسر الله قال كله جما نبو كه شرك ذلك 
يعلم أنّه يكون بمحبتك وإرادتك؛ فالكل بين يديك كالميت»ء والكل يرى أن ذلك من 
محبتك وكمال التدبير» فكيف أنا أكون أكره الموت وتبدل الأحوال؛ وما كان حبّ جميع 
الموجودات إلا من قطرة بحر حبي؟! وما أدركتهم العناية من حبك لجميع الوجود إلا 
قليلاً من عظم محبتك لي فأنا أحرى بجميع الوجود بالرضاء والإرادة من المحبة لما تحبه 
ونرضاه وتريده. 

قال: 

71 - تَجَمَعت الأهواءٌفيهافماترى 20 بها غَيِرَ صَبٍّ لا يَرى غَيْرَ صَبْوةٍ 

يقول: تجمّعت محبات جميع الكائنات فيهاء أي في الحضرة المحبوبية؛ فما ترى شيئا 

في الوجود غير صب بها: أي إلأ وهو صبٌ بحبّهاء والصبٌٍ هو المائل بقوة الحبّء لا يرى 
كر سي قور مدير أي غير الحت» والمراد كل شيء في في الوجود هو محبّ للحضرة» 
والهّ إليهاء لا يرى شيئاً إل جمالها لقوله تعالى: إدَإن ين عَوْءٍ إلا ب يرو 0114, يقول: 
وكلالاك ا عراتر ترات لم كدلك [ركل ]ا بعرو ير درانت وجتودي اعقلم بين بتعتات 
أجزاء جميع الوجود. وهذا حقّ يقين» فافهمه. 

قال: 

2 - إذا أشفرت في يوم عيد تزاحمتٌ على حسنها أبصارٌ كل قبيلة 

يقول: [إذا سفرت: أي إذا تجلّت. في يوم عيد: أي يوم الاجتماع مثل اجتماع العوالم 
والأشياء كلها في عالم المثال؛ ثم في عالم الأشهاد. وإن تقدم بعض إيجاد الشيء على 
البعض فهو في الحقيقة اجتماع تزاحمت على نظر جمالهاء وكمال حسنها أبصار كل 
قبيلة]'7؟ من أنواع جميع الكائنات» والمراد بكشف هذا كله أنّه هو أعظم من الكل حبّا 


(1)الإسراء الآية 44. 
(2) مابين المعقوفين ساقط في س 
(3) مابين المعقوفين ساقط في س. 





وانقياداً واستسلاماً وطاعة وإقبالاء وإذا كانت الكائنات هكذا فما وصفك بمن لم يُعط "١‏ 
من هذا الكمال إل ذرة من ذرات كمالى ما يزيد على عدد ذرات الوجود. 

قال: 

3 - فأروانحهم تصبولمعنى جمالها ١‏ وأحداققهم من حسنها في حديقة 

يقول: فأرواحهم: أي كل شيء من الموجودات» أو العياد على الخصوصء يقول: 
تصبو: أئ تميل بقوة الحب لمعنى جمالهاء [ومعنى جمالها]2: أى معانى صفات 
جمالهاء وأحداقهم, أي ونظرات أعينهم كأنّها في حديقة من لذَّة النظر إليهاء فهي تقتطف 
ثمار الأنسن» وتحتن أنواز القدمن. 

قال: 

4 - وعنديٌ عيدي كل يوم أرى بها جمالك محيّاها بعين قريرة 

يقول: وعندي: أي معيء وفي نفسي أنْ عيدي أن حقيقة سروري هي يوم أرى بها 
جمال محيّاها: أي أرى بهاء يمكن أنه أراد بهاء أي برؤيته» أو بها بالحضرة؛ لأنها لا ترى 
إلا بهاء جمال محيّاها: أي حُحسن وجههاء أراد بالوجه هنا ما تجلى له من جمالها؛ [69و] 
لأنَ كمال جمالها لا نهاية له فلا يُرى كله. وقوله: بعين قريرة: أي بعين مسرورة آمنة من 
الرجوع عنهاء والخروج من حضرتها إلى غير ذلك. 

نان ]1 : 

إن جميع مظاهر الوجود منها هيئات كالزمان» وأقسامه. وأحوال. وصفات». وأجسام. 
وكل شىء فى الوجود بعضه مقبل على الله بالمحبة أكثر من بعض. إما بهيئته. أو بصفاته. 
أو بأحواله. أو بالحال من ذلك. وإمّا بجسمه. وكلها كان أعظم عند الله تعالى من ذلك 
فهو أحبّ إليه» ولذلك فضّلت الأشياء بعضها على بعض. كليلة القدرء ويوم الجمعة» 
وشهر رمضان. وأيام الحج. وأوقات الصلواتء ويوم العيد. ومن الصفات كأعمال الدين 


(1) في الأصل و[س]: [يعطى]. 
(2)ما بين المعقوفين ساقط في س. 
قبن ]لل لهات 


الحنّ. والصفات الدّالة بمعانيها على صفات الله كالسمع. والبصر"'». والذي تحل فيه 
المعرفة كالعقل» والمساجد للعبادة مثل مكة. والمدينة» ومسجد الأقصىء وبقية المساجد 
إلى غير ذلك» فاستعار هذا الناظم هذه الأشياء التي هي أقرب إلى الله تعالى» وقربها من 
الله ليبس شيء هي غير تعظيم الله تعالى» ومحبة الله إياهاء أكثر من غيرهاء فافهم. 

قال: 

5 - وكُلٌ الليالي ليلةٌالقَدْرِ إن دَنَتْ كما كل أيام اللقا يومُ جمعة 

يقول: وكل الليالي إن دنت بتجليها علي فيها فهي معي ليلة قدري التي عظمها الله 
تعالى لي كما عظم ليلة القدر في الأيام؛ لأن في تلك الأيام قد بلغت القدر العظيم كما 
أن كل أيام اللقاء [هي]”' يوم جمعة؛ وهي يوم عظيم عظم الله قدرهاء وأنا يوم جمعتي 
العظيمة عند الله تعالى هي يوم جمعتي. أي اجتماعي بهاء أي الحضرة التي خصصت بها. 

قال: 

1د وس لياس نه ع ونه على بابها قد عادَلَتُ كلَّ وقفةٍ 


يقول: وكل سعي لها: أي لأجلها من السعي الذي تحبّه هو ححّ كما يتوجه إلى الحجّ 
لأجل الفضيلة» فجميع السعي بترك العوائد» وجميع أنواع العبادات هو حجّ. أي مثل 
التوججه إلى الحج الذي يقصد به القبلة أي [هي]* أي القبلة في الحقيقة» وكل أعمال 
الحج وغيرهاء والتوجه إلى الكعبة يراد به التوجه إلى هذه الحضرة الأحدية» والواحدية 
والمراد به أن يقصد به وجه الله [تعالى]71. به: أي بالسعي. أو بحجّ التوجّه إليها من الأجر 
العظيم في كل وقفة على بابهاء أي باب هذه الحضرة:؛ استعار اسم الباب لما يتجلى منها 
من الجمال والكمال والجلالء قد عادلت فى الفضل' كل وقفة من الوقوف فى جبل 
عرفات كل وقفة من الوقوف على باب الحضرة؛ أي وقفة واحدة تعادل كل وقفة وقفها 
(0) في س: [كالسميع والبصير]. 
(2)[أن] ساقطة في الأصلء والزيادة من س 
(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. 
(5) [تعالى] ساقطة في س. 
(6) في س: [بالفضل]. 





الخلائق منذ خلق الله آدم القنلاء وحج البيت إلى يوم الحشرء ولما ذكر ما فضل الله تعالى 
من الزمان اعترافاً بفضل الله. فضلّ الله» وحبًا لما أحبّه انتقل إلى ما فضّله مما يشتمل 
على الزمان والمكان, ثم تخلّص إلى ذكر الأمكنة ليعطي كلّ شيء حقّه نظراً إلى ما أحبّه 
جل وعلاء وهو رّه. 

قال: 

7 - وأ بلاد الله جَلَّتُْ بها فما اراك وفي عيني حَلَتْ غير مكة 

يقول: وأ بلاد الله: أي وأيٌ بلاد الله تعالى؛ - جَلث: -بتشديد اللا وفتحة وتسكين 
التاء- | أي عظمت بهاء أي بتجليها على رؤيتي فيها فما أراها إلا وفي عيني حلت -بالحاء 
المهملة- أي حَلْت رؤيتها في عيني بسبب تجلي جمالهاء أي الحضرة عليّ فيهاء فلا أراها 
غير مكة» أي لا أنظر إلا إلى مكة التي هي أعظم بلاد وأحبّها إلى الله تعالى. تم إنن كذللك 
أرى تلك البلد مكة» وصارت كل بة بقعة تتجلى لي فيها هذه الحضرة ة هي مكة» فافهم. 

قال: 

2358 - وأي مكان ضمّها حَرَمٌ كذا أرى كل دار أوطنت دارٌ غربتي!) 

يقول [70و]: وكذلك أيٍّ مكان نظرت إليه رأيته مظهراً لجمال هذه الحضرة؛ فلم 
انظن أن إلن الفكات و لما ر آرت كلوز جما نيالك قد وذللك عق قر له [قهها في 
حرمٌ عظيمء وكما أن مجمع الحرم الكعبة التي هي القبلة التي عليها التوجّه بالصلاة”", 
كذلك أرى ظهور جمال الحضرة هى قبلتى التى عليها التوجه. وذلك المظهر الذي ظهر 
يوالها عر لقزلتيي كذاكل دار اوقلت شحض] معكلفا بأخلان الكمال رابك كمال 
تعجليا زذلك الفحسن: :وكا أرق نقد تداق داز غرقى» أى الجدينةة وسكاها جار 
غرية؛ لكان كن عانم المفال او هر قري لآم ققاة لفسال بورهو لكر لكرج ديا 
ويسكن غيرهاء وفي نسخة0): (دار هجرتي) وهو أصحّ معنىء والأول أغزر في المعنى. 


)في الديوان: [هجرة] بدل [غربتي]. وسيشير إليها المؤلف فيما بعد. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. 

(3) في س: [في الصلاة]. 

(4) إن هذا يشير إلى أن الشيخ تتدئة كان يقرأ في نسخ مختلفة للتائية: وهو يتخّر من بينها. 


وبرؤيتي لشخصء. ورؤيتي إلى المدينة إِنْما أرى في الحقيقة تجلي الحضرة علىّ في 
نفسيء وفي بلادي» وفي غيري؛ لأنّي لست كغيري يشغلني الوجود. بل لا أنظر شيئاً إلا 
وأرى تجلي عظمة الحضرة وجمالها وكمالهاء فلا تظنّ أني لا يحضرني الحضور إلا 
بمفارقة الأغيار» فأنا في مقام الجمع ليتم بي كمال الوجود؛ لآنه إذا لم يكن كذلك لم يتم 
كمال الإيجاد بالنهاية في مبلغ غاية الكمال؛ ولا يمكن ذلك إلآ أن أكون أنا. 

قال: 


5 


9 - وماسّكتنه فهو بَنِتٌ مقدَّسٌ | بُِقَرَّة عيني فيه أَحْشَايَ قَرَتَ 

يقول: وما سَكنته: أي وكلٌ موضع هو مظهر لجمالها وحسنهاء وتجلّى لي ذلك منها 
فير ا بارع نر لازي مير ب وه عدا تو بتك ماسر ار كك اعسات 
لا أميل عنه قوله: : بقرّة أعيني: : أي بسبب أنْ عيني قرّت بهء أي سَرَّت بالنظر إلى جمالهاء 
فلا يحلو لها غيره» وكلّ هذه المواضع الفاضلة إِنَّما هي بالنسبة إلى غيري معيّنة مزه كد 
في مواضع مخصوصة بجهات دون جهات, وكذلك الأيام والليالي مقيّدة بالأزمنة كليلة 
القدرء ويوم الجمعة» ويوم العيده ومكة والمدينة» والمسجد الأقصىء وأما في رؤيتي 
حمر فى كن ع دعن الإطلق كل الأبافو بر كل الجر اقيم لهي كذلك ليله قد 
ويوم عيدء ويوم جمعة» ومكة. ويثربء وكعبة» وقبلة» ومسجد أقصىء فافهم ذلك. 

قال: 

0 - ومسجد الأقصى مَساحبٌ برُدها وطيبي ثرى أرض عليها تمشت" 

يقول: ومسجد الأقصى: وهو البيت المقدسء مساحب بردها: أي موضع جر 
أذيال ردائهاء والمراد بذلك موضع تجلي كبريائهاء وذلك أنْ المسجد الأقصى كالعين 
الروحانية لجميع أقطار الأرضء وبيت المقدس الذي فيه هو مثل البصير الذي به ينظر 
إلى الحضرات الظاهرية» والأرض المقدسة أعلى روحانية من جميع روحانية الأرضء. 
وأمّا مكة فهي أكمل جمالاًء وأجمل كمالاًء وهي بمنزلة عين العقل التي ينظر بها جمال 
حضرة الجمع؛ ومكة بمنزلة بصيرتها التي ترى بها حضرة جمع الجمع. وأنا أعلى درجة؛ 


(1) في الديوان: [ومسجدي] بدل [ومسجد]. 


356 


لأنّي أرى هذه الحضرات كلها في كل شيء» فمتى نظرت شنيئاً جلث لي جميع هذه 
الحضرات في هذه وغيرهاء فأشاهد برؤيتي ما لا يشاهد بهذه فكان تجلي الجلال لغيري 
برؤية بيت المقدسء وتجلي الجمال والكمال برؤية مكة. وبيت الله الحرام على غيري 
أكثر من تجلي هذه في غيرهاء وأما أنا فتتجلى جميع هذه الحضرات في هذه وغيرها من 
دون'!' تمييز» وقوله: وطيبي ثرى أرض: أي وثرى أرض طيبة» وهي المدينة» وإنما حذف 
الهاء لإقامة الوزن وقوله: عليها تمشّت: أي تمشَّت عليها الحضرة المحبوبية» أي في 
تجليها اتختار لها ينه المعى لتحلول الى فيهاء.وأصيسان المرتطي لقره قا ساك 
غك اللداتعاتى أنهاقال: [من أنانى يفقت أنه اهوول] !7ل وخليها تمشت ايضا يمك أنه 
عنى [70ظ] نفسه بتجلي جمال فعلها فيه» أي تمشَّت صفة فعلهاء واتصاف الماشي اطفة 
بضنانها:الأنه كو أغظم مظهر تجنمالها الإبجادى في الوحوة. ٠‏ 
قال: 


1 - مَواطِنٌ أفراحي وَمَرْبا مآربي وأطوارٌ أوطاري ومأمنٌ خيفتي 

يقول: فكانت هذه الأزمنة» وهي الأمكنة المفضلة» وكلّ وقت؛ وكلّ موضعء وكلّ 
شيء مواطن أفراحي. ومربأ: بالهمزة» وإنما حُذفت لإقامة الوزن أي وزيادة مآربي؛ 
أي حوائجيء ومراده: وبها كان زيادات حوا- نجي إلى الترقي في درجات مقامي بتطلعي 
على كباني لأنار يه إل كال الى بال كر الاتى كلما عر قت مدر لتق نيع الخضيرة رليات 
معها حبّاً؛ لأنّي ازداد بذلك معرفة بجلال كمال كرامتها لي فأكون بذلك أَشْكرٌ له وهذه 
إشارات إلى الشكرء وشكر الشكر بالتلويح لا بالتصريح؛ فإن لكل إشارة معنى في 
الشريعة؛ والحقيقة تلوح عليهاء وتعظيماً لما عظمه الله محبة الله تعالى» وقوله: وكات 
هذه أطواري: مراتب ودرجات» أوطاري أئ حوائجي. ومأمن خيفتي؛ ؛ لأنه تهات 
يشغلني شيء عن رؤيتها لما كان عليّ أمان من انحرافي إلى رؤية غيرهاء ولولا هذه أيضاً 
لد ل لآنغيري لايكشف له القناع الأبغنائه عن الأخياره وأنا لانُحججب 


(1) في الأصل و[س] من تمميز. 
(2) مرَّ تخريج الحديث. 


قال: 

2 - معان بهالم يدل الدَّمْرٌ بيننا ولا كاذنا َف الزمان بفرقة 

يقول: فكانت هذه الأوقاتٌ المفضلة, والأمكنة المشرّفة» وكل شيء من الموجودات 
مغان بهاء أي منازل تتجلى بها بالصفات على كل ذرة فّ» وعلى كل قوة مني. وعلى كل 
صفة مني لم يدخل الدهره وتصرفاته بينناء أي لم يحجبني عن رؤيتها تصرّف الدهرء 
وكيف يقدر أن يحجب ما هو أدقٌ من الذرّ الطائر في الهواء على أعظم نورا" : فى الوجود. 
ولا كادنا صَرْف الزمان بفرقة» وجمع بنون الجمع [كادنا] تعظيماً لنفسه. والمراد بتعظيم 


نفسه تعظيم الحضرة لا غيرها؛ لأنّه إذا عظم ما أنعمت عليه» فقد عظم المنعم ولاسيما إذا 
لم يرد به نفسه. وإذا عظم نفسه فله لتحقّقه بمحبتها منه كذلك؛ فليس له أن يحبّ إلا ما 


تحب كما قال الله تعالى ‏ وَإِنَكَ مَل خُلْقِ عَظِيِوٍ 24 فهو عالم بنفسه مع ربه؛ فافهم. 
قال: 
3 - ولاسَّعت سَعت الأيامُ في شَسَّت شمْملنا ولا حكمئت فينا الليالي بجفوة 
4 - ولا صبّحتنا النائباتٌ بنبوة ولا حدّثتنا الحادثاتٌ بنكبة 
5 - ولا شّنَّعَ الواشيي بَصِدٌ وجفوة ول أدعك اللاحي بين وسَلوة 
بول كر هنا ان قر ولي جد الود زا س عع )لاا تر 4 الى مال سك 
يرجف قلوبنا اللاحي العاذلء ببين: أي بفرقة وسلوة. 
قال: 
6 - ولا استيقظتٌ عينٌ الرقيب ولم تَرَلْ عل بها فى لحني عنمن .رفيشي 
يقول: وما استيقظت عين الرقيب: وأراد هنا بالرقيب كل شاغل يشغله عن محبويه. 
وجميع الكائنات كل شيء هو مثل النائم بين يدي. ولم يستيقظ شيء من الوجود يشغلني 
طرفة عين» بل لم تزل عيني؛ أي ذاتي هي رقيبتي: أي رقيبة لي محبّة مني أن يكون رقيباء 
فهي رقيبتي عليّ لأهيم في الحبّ لكن بها لا بغيرهاء ويمكن أن يكون أراد بها في الحبّ 


(1) في س: [نار] بدل [نور]. 


(2) القلمء الآية 4. 


بالتلذذ برؤيتها فى الحبّء وهذه إشارات إلى المراقبة عن الغفلة طرفة عين» قال: 

7 - ولا اخمُصٌ وَقّّت دون وقت بطببه بها كل أوقاتي مواسم لنت 

يقول [71و]: ولا اختص وقت دون وقت بطيبه: أي إِنَّ هذا وقت أطيب من هذاء بل 
كل أوقاتي مواسم لذتي بهاء أي كل وقت هو وقت حضور تلذذي برؤيتي إليهاء والتلذذ 
بهاء قال: 

6 نهتارق أصيل كل إن تكفيك أوائله منها ‏ برد ) تحيتى 

وفي نسخة'!) أخرى يقول: 

وليليّ فيها كله إن “تتسيفت أوائله منها سرد تحيّتي 

فصرت في أوقاتي بها كأحسن ما يكون منهاء فنهاري أصيل كله. والأصيل وقت 
مما أصابهم من حرّ النهار في شدّة الحرّء ويقول: وإِنّما إن تبسّمت علي بأوائله» أي النهار 
برياح رد تحيّتي من قولك: التحيات المباركات لله والصلوات. فإنّه يكون نهاري. وإن 
اشتدٌ حرّه فلا أرى شدّته مع تجليها عليّ. ولم يرد هنا إذا حصل الشرط بل الشرط حاصل. 

قال: 

ا ولتت قهنا كله تففة 111 يرق 'لن متنا ف قوت سند 

يقول: وصار ليلي فيها: أي في حبّهاء ورؤيتي فيهاء أي إليهاء كله سحر إذا سرى: أي 
هبّت منها عَرْف نسيمة» أي رائحة ريح منهاء وكل ذلك مراده إذا تجلت على كل عضو 
من أعضائه. وخصٌ السحر من الليل؛ لأن أول الليل يثقل عليهم ليلهم. ويشتدٌ عليهم 
حوّهء فإذا جاء السحر في زمن الحرّ برد عليهم الوقت». وهبّت عليهم رياح لطيفات 
البرودة» يقول: أنا إذا سرى لي من ريحها شذا طيب من أوَّل ليلي يصير كله لي سحرا 
في اللذة؛ إذ لا لذة لي بشيء إلا بها. وخحصٌ بذكر الليل؛ لأنْ النهار يستعار معهم لتجلي 
الحضرة الظاهرية. والليل يستعار إلى الحضرة التي تضل عقول الخلق عن إدراك 
مشاهداتها إلا النبى كي من حضرات الكمال. 


(1) هذه إشارة أخرى إلى تعدّد النسخ التي كانت بين يدي الشيخ يختار منها. 


قال: 

0 - وإن طَرَقَتْ ليلا تُشهري كلّه 2 بها ليلهٌ القَذْرٍ ابتهاجاً برَّزْرة 

يقول: وإن طرقت بتجليها علىّ ليلا من أول ليلة من الشهر فإن ليالي شهري كلها تكون 
ليلة القدر ابتهاجأًء أي فرحا بزورة منها إليء استعار اسم الزورة إذا تجلت عليه مرة بعد 
مرّة؛ هذا لو كانت ولم تتجلّ على بجمالها إلا في هذه الأوقات» فكيف وهي قد تجلّت 
على كل ذرة من ذراتي وقواي وصفاتي في كل حين ولمحة وأقل من ذلك؟ 

قال: 

1 - وإن قَرْبَتْ داري فعاميّ كله ربِيعٌ اعندالٍ في رياض أريضة 

يقول: وإن قربت داري: أراد وإن تجلت بذاتي فهي كأنّى في الحقيقة داره» فعامي 
كله: أي سنتي كلها يكون معي فصل ربيع اعتدال في رياض. والرّياض هي الكثيرة الماء 
والخضرة. والأريضة كذلك إذا كانت الأرض الخضرة الكثيرة الماء» كثيرة السعة» حسنة 
الاستواء» عجيبة الاخضرارء وانتظام الأشجار على الأسلوب العجيب الغريب الذي لا 
يمل النظر من رؤيتها. 

قال: 

32 - وإن رَضِيَتْ عنّي فمُمريّ كله أوانٌ الصّبا طيباً وَعَضْرٌ الشبيبة 

يقول: وإن علمتٌ فى لحظة أنّها قد رضيت عنى فعمري كله أوان الصّباء وهو زمان 
شبابه الذي هن ألد ركان لقطيا: وهو أ ل بالبلوغ. وقوله: وعصر الشبيبة» أئْ 
يكون بتلك السّاعة كل العمر فى لذتى هو هذا العصرء والشبيبة هو ماء يظهر بالوجه 
المرهف» الحسن الوجة) البه البشرة» البالغ في الجمال لوناً في البياض والحمرة 
وامتلاء الوجه بالجسمء وصفاء الدم داخل البشرة كأنّه يُرى ذلك الدم من باطن البشرة 
له رائح عظيم. وغالبه يظهر بالذكور الذين هم على هذه الصفة دون الإناث. وإن ظهر 
بواحدة منهنّ دعيت بوحيدة العصرء ولا يدوم أكثر من سبع سنين بعد البلوغ إلى تسع إلى 


2330 


عشر. يقول: أنا معي كل شيء معهم ألذ شيء. وأطيب شيء أنا معي ذلك الشيء رؤيتي 
إلى حضرة المحبوب [71ظ]: وكل هذه إشارات إلى عدم الالتفات إليها طلبها لنفسه؛ أو 
التلذذ بها طرفة عين؛ وصَّرْف المحبة؛ والإرادة» والرغبة إلى الله تعالى. 

قال: 

3 - لئن جَمَعَثُ تلك المحاسن صُورة شَهِدَتْ بها كل المعاني الدَّقَبقَة!!) 

يقول: لئن: أي لأنه إذا جمعت تلك المحاسن: أي المظاهرء صورة: أي حقيقة واحدة 
رأيتها كلّها جمالاً إلهياً وتدبيرياء وكمالا إلهيأء وعلماً توحيدياء شهدت بها: أي بهذه 
الرؤية» كل المعاني الدقيقة في كل شيء؛ فإن كل ما تجلى من الجمالء والكمال في 
الوجود, فهو متجلٌ” في كلّ ذرّة» وفي كل معنى وصفة وهيئة. 

قال: 

4 - فَقَدجمَعَتُ أحشاي كل صبابة 0 بها وَجوىٌ ينيك عن كلّ صَبْوة 

كر ديت عفاي كر ,ضنالة أي ولو جمعت كل محتّات الكائنات محبة 
واحدة لم تكن إلآ مثل قطرة من يم محبتي بهاء وجوى فيهاء والجوى: هو التعب من 
حرارة الحبّء وأراد به هنا قوة المحبة لا غير» فأنا بحر الحبّء وما حل فيمن وفيما حل 
فيه منه إلا من قطرته» وإذا كان كذلك فبحر حبي ينبيك: أي يخبرك عن كل صبوة أنّها 
من بحر حبي, أي محبة كلّ محب إِنَّما هي من مظاهر بحر حبّي على معنى اتحاد المعنى 
هو أَنَّهِ كله يشتمل عليه اسم الحبء وأنا لي الحبّ المطلق فهو من صفاتيء وباتحاده في 
الاسم والمعنى يصحٌ أن يقال كل حب هو من حبّي. ومن مظاهر حبّي. وإن كان لكل شيء 
حب مخصوص به فإنَّ معنى المحبة واحدة كما متّلناه في الماء القراح إن أخذته في موضع 
فيصحٌ أن تقول: كل شيء حي جعله الله من هذاء والمراد به الجنس عموما لا ذلك الذي 
اغترفته» فافهم. 

عبان ]1 
(1)في الديوان: [شمل] بدل [تلك ]. 


(2) في الأصل و[س]: [متجلي]. 
(3)مابين المعقوفين ساقط من س. 


واعلم أنه لمَا ص أن كلّ شيء إنّما كان وجوده بإرادة الله. ولا يريد إلا ما يحته أن 
تكن قما كان قينا إلا متععة و ]زاف فإن:قلتك: إن المعصية كانتء. ولا يحتهاء ولا 
يريدها أن تكون من العاصين لله. قلنا: كيف يكون ما لا يحبّء ولا يريد ولو كان كذلك 
لكان مغلوباً فى ملكه تعالى الله'!)؛ بل خلق المعاصى فكان فى إيجادها بإرادته ومحبته 
وخلق العباد. ونهاهم عن المعصية» وأمرهم بالطاعة» وقد سبق في علمه من يكون عاصيا 
ومن يكون مطيعاء وأراد أن يكرم مَن علم به أنه سيطيعه» ويجاري من علم به أنه سيعصيه 
علما أزليا ينقطع فيه علم المخلوقين بالتفكر فيه» فأمر ونهى إرادة فيه ليظهر معصية 
العاصي من ذات نفسه. وطاعة المطيع من ذات نفسه. ويعين الطائع ويترك العاصي فلا 
يعينه؛ ولكن يسهل عليه بعض الأمور التي يريدها من العاصي ابتلاءً» كما يرى أصحاب 
هل أحبٌّ إظهار ذلك منهم الذي لا يحبه أن يفعلوه» وكذلك في جميع المتعبدين لقوله: 
#تبَلُوهم يمَأكانا يفسفُون 004. وبهذا يُستدل أن معنى محبة الله وإرادته لا على معنى 
محيتنا وإرادتناء فإذا تحققت تحققت أنَّ كل شيء إِنّما يكون بمحبة الله وإرادته فاعلم أن كل 
شيء هو مظهر لمحبته تعالى» وكل حسن جميل فهو مظهر لمحبة الله تعالى أن يكون 
على جمال كمال الصفاتء» وإن كان الجمال والكمال الذي يوصف به الباري هو غير 
هذا الجمال والكمال. ولكن جميع الصفات الحسنة» وكل الجمال؛ والحسنء والعلم. 
والحلم؛ والسمع. والبصرء والإرادة» والمشيئة والمخلوقات المركبة في المخلوقين. 
إِنَما هي دالأت على الله تعالى فكان الجمال؛ والكمالء والمحبة» والعلم؛ وجميع 
الصفات الحسنة هي على أربعة*) أقسام لوجهين: مطلقة ومقيدة. والمطلقة على ثلاثة 
وجوه: : أحدها يختص به الباري سبحانه وتعالى» في صفات”© ذاته أنه لم يزل موصوفا 


(1) الله] ساقطة في الأصلء وما أثبتناه من س. 

(2) في س السترن ]يد معي )ء و بنط لضي تافر ها إلى قوله تعالى: وَسَْلْهُمَ عَنِ ألْقَريَةٍ الى كانت حَاضِرَةَ 
البخر إذ ينَدُوت ف أَلسَنْتِإِذ تَأْمِهِمْ جما ته يوم ننه شرا دلوم اشر لاتابهد حك دكا لوهم 
يِمَاكانأ يفَسهُونَ #ى صدق الله العظيمء الأعراف» الآية 63 

(3) الأعراف. الآية 163. 

(4) في الأصل: [4] بدل [أربعة]» وأثبتنا ما في س للإيضاح. 

(5) في س: [بصفات]. 


بالصفات الحسنة. الواجبة في وصفه بهاء والوجه الثاني ما سبق في علمه”! أنه سيوجده. 
الوجه الثالث: ما أوجده [72و] مثالات؛ وهو المسمى عالم المثال» وعالم الأرواح» وهو 
المسمى اللوح المحفوظ. وهو المطلق الإيجادي!©. 

والوجه الرابع: هو علمه بما سيوجده مقيداً محدوداً. وفي علمه وقدرته أنّه قابل 
للزيادة بلا نهاية عما حدّده؛ فهو المطلق الذي لا يبلغه”' مخلوق؛ لأنَّ كلّ مخلوق لابدَ 
أن يكون في كل شيء له نهاية» وعلم الله وقدرته في زيادة ذلك له لا نهاية لهاء وهو 
عالم بتلك الزيادة» ويراها أنها لا نهاية لها في قدرته وعلمه. وما خلقه الله وأظهره في 
عالم الشهادة. وظهر ما جعله الله مظهراً له في الإرادة» والمحبة» والكمالء والجمال. 
والمثال» والصورة فإنّما كان بمحبة الله المطلقة الموصوف بها ذاتهء ولكن ظهر الذي 
ظهر فيه من المحبة إِنّما هو من المحبة المطلقة. الموجدة في عالم المثال التي هي معناها 
معنى واحد كأنّها بحر يفيض منه على المظاهرء وكل شيء أوجده الله في عالم الأرواح 
إنما يضاف إلى الله تعالى بالتمليك. لا أنها صفاته. فكانت هذه المحبّة وهذا الجمال 
الذي ظهر هو محبّة الله. أي محبة لله وجمال لله تعالى» ولكتّهما دالآن على محبة الله 
الع سوق بها اتنس وخدالة الحو ط وق 3 الموكر اله وك قوي ل كان له وق فت 
في النفس جمالاً وكمالاً وتعظيماً من الله تعالى كان في التذكّر به إلى صفات الله أكثر» 
وقد يقع تجلي بعض صفات الله بالتفكر لبعض الناس في غير الأعظم في ظاهر الأمرء 
وأما في الباطن فكل ذرّة في الوجود هي محل لتجلي الله عليهاء وفيها بصفاته من غير 
حلول فيهاء فإذا تجلت له جلال أو جمال صفة من صفات الله في شيء فهو مقيّد في 
حضرة تلك الصّفة» فإذا كان على صحيح العلم به في تلك الصفة» وغيرهاء وأدهشته 
عظمة الله بما رآه من عظمته في تلك الصفة فذلك نوع من تجلي الباري على قلبه بتلك 
الضّفة» ولا يمكن أن يتجلى له عظمة الباري بتلك الضّفة إلآ أن يكون في حين ذلك فانياً 


م 


ذكرُ عقله ورؤية قلبه عن كل شيء سوى ذكرها هي لقوله تعالى: * مَّاجَعَلَ أنه لرَمْلٍ مّن 


(2) مر شرح هذه المصطلحات. 
(3) سقطت [لا] في الأصلء وأثبتناها من س. وبها يستقيم الكلام. 
(4) في س: [في التمليك]. 


َلبَينِ في ووه 2174» ولا النبي محمد : [لست كأحدكم إِنَّهِ ليغان على قلبي حتى تنام 
عيناي ولا ينام قلبي]/2. وقوله تعالى # وَإِنَكَ لَمَلَ خُلْقٍ عَظِيوٍ 74 لأنَ له الكمال المطلق 
الإيجادي. وهو الذي قلنا به ما كان في عالم المثال من المعاني فهي المطلقة الإيجادية. 
فكل شيء حسن مطلق من الكمال الإيجادي فإنّما هو للنبي» وكل ما يظهر في غيره منه 
فإنْما بطبرايت نحن رجدره في عقيل إظي رفحي لحرن الو كز حي بيه كال اناك 
والخيل» والنخلء والشمس. والقمرء والجمال؛ والصفاتء والهيئات» وكل شىء حسن» 
وكلما كان أكمل وأفضل عند الله تعالى كان فيض الكمال المطلق الإبجادي عائة أكثر» 
ودل على محبة الله له أكثرء وكان التذكار به أكثر. 
[بيان]): 


وعيت كان كر تو [هو]”؟) مظهراً لتجلي محبة الله فيه. ولتجلي جماله وجلاله 
وكماله. وجميع صفاته التي يعقلها المتجلية عليه فيه اتسع لأهل الحبّ في الله الفانين 
عقولهم في التفكر في جمال صفاته وآلائه ومحبته؛ فكل شيء تجلى لهم ذكره مع قوة 
محبّتهم إليه. وأرادوا أن يتغزلُوا في ذلك صحٌ لهم؛ ولأجل ذلك اتسعت لهم طرق 
التشبيب في الله. وبهذا الاعتبار يفهم - جميع ما تكلموا به في حب الله بالتشبيب بذكر 
النساء» والرجالء والدعاة» والسالكين» والعاشقين فَإِنّهم قد يذكرون حسن امرأة وجمالهاء 
وصحيح المحبّة فيها أو لاء وهم يتذكرون بذلك محبة الله [تعالى]؟ وجماله. وكماله 
وحضراته؛ فتارة يصرفون الكلام إليه حين يتجلى لهم بصفاته في ذلك. وتارة يمرّون 
الكلام» والنظم في المظهر الذي تجلت فيه تلك الصفة؛ وتارة يتكلمون في المحبة» وتارة 
في السالك كان مخبراً عن نفسه. والمراد [72ظ] الحالة تخبر عنه بلسان حالهاء وتارة 
يتكلمون في السالك ويخبرون عنه. وتارة يتكلمون في الحضرات المختصة بوصف ذاته» 


(1) الأحزابء الآية 4. 

(2) مرٌ تخريج الحديث. 

(3) القلى الاية 4. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط من س 
(5) ما بين المعقوفين ساقط من س. 
(6) مابين المعقوفين ساقط من س. 


وهي صفات ذاته» وتارة في الحضرات الغيبية بما علم أنَّ سيوجده قبل أن يوجده. وتارة 
في المعاني المطلقة في عالم المثال» وهو العالم الإيجاديء والمطلق الإيجاديء والكمال 
المطلق الإيجادي. وتارة في المطلق العلمي في الإيجادي أنه لا نهاية له في علمه وقدرته» 
ولكنّه هو الآن غير موجود إِنّما هو علمه به فقط فهو كعلمه بالشيء قبل الإيجاد: وتارة 
يتكلمون في المظاهر. وهو كل شيء وجد في عالم الشهادة» فإذا عرفت ذلك فاعرف أنْي 
قد كشفت لك جميع معاني ديوان هذا الشيخ. وجميع الكلام الذي تكلم به أهل الحبّ 
في الله في هذا العلم إذا كنت ذا فهم قوي. وصح أنْ أكمل الوجود كله؛ وأعظمه مظهر 
محبّة الله تعالى النبي محمد 6. وأن كل جمال. وكمال» وحبّ» وعلم, وحلم» وصفات 
حسنة إِنّما هو من فيض بحر كماله في كلّ شيء من ذلك. وأنَّ إيجاد جميع الموجودات 
هو فيض بحر كماله. لأنه كان من الكمال إيجاد الوجود. وهو أكمل الموجودات فصح أنه 
كان إيجاده من فيض كماله فكيف يكون حجابا عن تجلي ربّه إليه بالصّفات. 

واعلم أن التجلي له مراتب على الخلق. وعلى النبي 28 لا يصمٌ لهم أن يجاوزوها 
لعدم طاقتهم. والمثال في ذلك أنه لما تجلى من كمال قدرة الله على موسى الفلا بالجبل 
فجعله دكا وخرّ موسى صعقاًء ولم يتجل له ذلك الكمال قبل اندكاك الجبل» إذ لو تجلى 
له لخر موسى صعقاً من غير اندكاك الجبلء والنبي # يرى ذلك التجلي وأعظم منه وعقله 
تحنم ويا كدت تقول لو ترك النبي ل في موضع خارج من السموات والأرضء وأراه 
الله الوجوة كله :نضيلة رواحدةويدلة تدرة الله على الوجهررد جا صو وا تداك د كه اير 
أما كان هذا التجلي أعظم من التجلي على موسى؟ فإن كان النبي 2# يحتمل ذلكء ولا 
يصعق فلابدٌ أن تكون له نهاية فى تجلى كمال صفات الله مما يصعق بهاء ولا يحتملها 
في :إيساد اللةالفدوفي العة الذي لآ يصعق يه وهر يري /قذزة الله فى .ذلك كذلاك كآنه 
قد اندك هو حدّه. وهي متتهى حضراته مع الله تعالى!')؛ لأنه كلّما كان عند الله أعظم 
تجلت به مشاهدة عظمته أكثر. وإذا كان هكذا في صفة واحدة من صفاته جل وعلا فأين 
القول بجميع صفاته. وصغائه لا نهاية لهاء فليس لها جميع؛ وإنّما المراد بالجميع هنا هي 
الصَّفات التي يمكن أن يتجلى على الخلق. وكلها يجمعها النبي غ. وما له من الصضَفات 


235 


بعد ذلك فليس لها جميع؛ فافهم ذلك. 

قال: 

5 - وَلِمْ لا أباهي كل مَنْ يدَّعي الهوى بها وأناهمي في افتخاري بحظوة 

يقول: ولم لا أباهي: من المباهات» كلّ من يدّعي الهوى: أي الحبء بها: أي بالحضرة 
الإلهية الأحدية. وأناهى فى افتخاري بحظوة من النهاية: أي أفاخر بالانتهاء إلى نهاية 
ترجا الت لأ الها سف ولا خط إلبها انعد عيوى :نوها فاخن سن الننيت الأملة إلا 
من بحر حبّي المطلق المثالي. 

قال: 

6 - وَقَدُنِلْثُ منها فوق ما كنثٌ راجياً 2 وما لم أكن أمَلتُ من قرب قربني 

يقول: وقد نلت: أي بلغت. منها: أي الحضرة من التجلي على بصفاتها فوق ما كنت 
راجياء ونلت من قرب قربتي إليها ما لم أكن أمّلته[ة7و]» وهذا معنى يستملحونه' أهل 
المآرب إذا بلغوا فوق ما أملوه ورجوه. وأما هو فمعناه أنّي بلغت إلى حظ عظيم» ومقام 
كريم لا علم لي بإحاطة وصفه. 

قال: 

7 - وأَرْعَمَ أنفَ البين لُطْفُ اشتمالها ‏ علي بما يربي على كل منيةا 

يقول: وأرغم فعل ما0. أنف البين: أي أنف الفرقة» وأرغمها: أي أسقطهاء ويراد به 
على كره المرءء يقول: ولطف اشتمالها عليّ: أي ظهور محبّتها على كل ذرة من أجزائي 
وقواي» وأحوالي وهيئاتي» وكل شيء مني مشتمل ظهورها عليّ فيه أي على ذات كل 
شيء متيء بما يربى: أي يزيد على كل منية تتمناه الخلائق» فأرغم أنف الافتراق هذا 
الاشتمال فلو جمع منا والخلائق كلهم مناء!) واحد لما كان إلا قطرةً من بحر مناء كل ذرة 


(1) في الأصل و[س]: [يستملحوه]ء وما أثبتناه أصوب. 

(2) في الديوان: [منّة] بدل [منية]. وهي إحدى القراءات كما ورد في هامش الديوان. 
(3) كذا في الأصل و[س]ء ولعلها [ماض]. 

(4) المناء هي المنى. 1 





مني يقربهاء وأنا مع ذلك بلغت فوق ما بلغ منائي؛ لأنَ منائي لم أعلم نهايته» فكيف لي أن 
أبلغ ما زاد على منائي؟ 

قال: 

8 - بها مِثْلّ ما أمسيتٌ أصبحتٌ مُغْرَما ونا مهفت تدمج الكشو انف 
أصبحت مغرماًء وما أصبحت لي فيه من الحب والتجلي والتقرب. وكشف حُسنها في 
جمالها وكمالها كذلك أمسيتء وأراد بذلك بلغت الغاية فى مرتبتى التى لا ارتقاء لى 
بعدهاء ولا زيادة لي منها على ذلكء وقدّم المساء في الأول على الصباح في إضافة حبّه 
لها؛ لأنَ المساء يدل على حضرة غيبه التي تظلم الفكرة فيه. وأصبح بعد الظهور في 
الوجود على ما في الحضرة الغيبية» وقدّم الصباح. وأخبر بالمساء في إضافة محبّتها له؛ 
أن الصباح كأنه أول ظهوره في عالم المثال؛ أو عالم الشهادة. وقدم الحت على الحسن» 
وفي الحقيقة أنَّ الحسن مقدّم إشارة إلى أنّ أصل الحبّ سابق له في عالم الغيب» وعالم 
المئال قبل ظهوره في عالم الشهادة» وفي العلم الأزلي لا يجوز وصفه بالتقديم والتأخير 
بل الكل باطل؛ لأنَّ الله لم يزل عالماً' بذلك بلا بداية في علمه به. 

قال: 

9 - فلو متحث كل الورى بَمْضٌ حسنها 2 خلا يوسففا ما فاتهم بمزيّة 

يقول: ولو منحت تلك الدرجة والمرتبة التي وصلتهاء والتيى جمالها الجمال المطلق. 
كل الورى: [أي العباد» بعض حسنها: هو أقل من عشر معشار مائة ألف جزء من مثقال 
ذرة الطائر فى الهواء. ما خلا يوسف الذي قد أعطته من جمالها ما قد أعطته. وفُرّق ذلك 
الجزء على جميع الورى]!" ما فاتهم وصف يوسف. بكل مزية: أي بكل صفة من جماله. 
وكل هذا مثالات لكشف فضل النبى عت وفضل السالكين سبيله من الملائكة. والرسل. 
والأنبياء» والأولياء» وطرح ما سواهم؛ لأنّ مَن لم يأخذ من كماله في أعماله لله تعالى كان 


(1) في س: [من] بدل [في]. 
(2) في الأصل و[س]: [عالم]. 
(3) مابين المعقوفين ساقط من س. 


337 


قال: 

0 - صرفتٌ لها كلي على بدء حسنها فضاعف لي إعسائها كل وَضْلَّدَا' 

يقول: صرفت لها كلي: أي كل جزء من أجزاء ذراتي وقوامي» على بدء: أي على بداية 
ظهور تجلي حسنها؛ لأنه لا يمكن إلا أن يتجلى البعض من الحسن والكمال لأنه لا نهاية 
له. فضاعف لي صرف نفسي وجزيئاتي إحسانها ولطفهاء كل وصلة: أي في كل لحظة 
تضاعف لي كل وصلة من وصالها في كل ذرة من ذراتي. 

فإن قلت: كيف يمكن أن يقول كل وصلة؟ فنقول: نعم؛ لأنَّ درجات الوصل والقرب 
من الله تعالى لخلقه لها نهاية ثم لا مجاوزة لهم إلى ما وراء ذلك» فيمكن أنه أراد كل 
وصلة وصلت به لغيره» وهو كذلك في الحقء ثم بعد ذلك في كل لحظة وصلت هي في 
العلم إِنّما هي رتبتي» وقد بلغ نهايته فهو في مرتبة لا ينقص بفعله. ولا يزيد بزيادة تفكرء 
فإن قلت: إِنْ النبي كت لم يزل يترقى» فأقول: نعم. هو في ظهوره كذلك. ولا يأتيه الموت 
إلا وقد [73ظ] بلغ طوره؛ وما كان له كذلك في عالم المثال» فهو في تلك الحضرة كذلك 
جملة» وليس هذا إلا بناء مما يضاف إلى نفسه أنّه هو كذلك يقول؛ بل حالته تخبر عنه 
والحالة يصحٌ أن تخبر عن البداية» وغيرها إلى النهاية» وعن الجمع؛ وعن كل شيء يدل 
عليه مجملاً أو مفضّلاً فافهم ذلك. 

قال: 

1 - يُشاهد مني حُستها كل ذرَةٍ بها كل طَرْفٍ جال في كل طَرْفَة 

يقول: كل شيء مني من ذرات وجودي وقواي يشاهد حسنها كل ذرة» أي في كل ذرة 
من ذرات الوجود. ومظاهرها إلى عالم المثال» إلى عالم الغيب حيث انتهاء حضرتي 
فيه» وقوله: بها: يحتمل أن يكون أراد بهاء أي يشاهد حسنها فيهاء أي ذرات الوجود فى 
عوالمهاء ويحتمل أن يكون أراد بهاء أي بها كانت المشاهدة وبتجليها على فيها. كل طرفة: 
أي في كل لمحة عين» ويحتمل أن يكون أراد بها متعلق معناه بكل طرف. أي بها كل» أي 


(1) في الديوان: [يد] بدل [بدء]. 





تحيّر طرفء أي نظر عين» جال أي سرح في مجالء أي في سعة مسارح في التفكر فيها 
فصارت كلمة بها متكررة فى هذه المعانى الثلاثة: الأول أشاهدها بهاء والثانى وأشاهدها 
بهاء أي فيهاء أي الموجودات, والثالث. وبها عجز وتحيّر كل حال بالتفكر فيهاء فافهم 
دللك: 

قال: 

2 - ويثني عليها فِيّ كل لطيفة ‏ بكل لسان طال في كل لفظة 

يقول: ويثني عليها: أي الحضرة؛ فيّ: بمعنى مني. كل لطيفة: أي في كل لفظة من 
التسبيح في كل لحظة» فافهم. 

قال: 

383 < ويشق رتاه نكل رقيفتة” إنها: كل انف تاشن كن حك 

ل ا ا 
القوة الشمّية مبالغة في صفائها للشّم. ويقول: بها: أي بروائحهاء كل: أي عجز عن إدراكها 
بالتحقيق في كمال حسن شذاها أنف ناشق كل هبّة» أي كل رائحة من الطيبء وغيره من 
مكان بعيد» وكل هذا مثالات فى صفات الجمال المطلقء وأنّك لا تدرك تحقيق كماله 

قال: 

4 - ور مُ مني لفظ ا كل بِضْعَة بها كلل ام فد سامع نضحي 
0 حا رقوان ز الل بح لان 
يتكرر اللفظء وسماع كل ذرة منه نداها وكلامها بلسان حالهنْ منهن» ومن كل ذرة في 
الوجود؛ لأن سمع العقل هو علمه بما يقول لسان حالة الأشياءء فإذا عرفها فقد سمعهاء 
(1) في الديوان: [وأنشق] بدل [وينشق]. 


319 


الشيء وعرفه فقد أبصره وسمعه؛ فيكون السمع العقلي بصراًء والبصر العقلي سمعاًء فإن 
قلت: قد يرى الشي ولا يفهم معناه فيكون قد نظر ولم يسمع لسان حاله. فأقول كذلك 
لم ير معناه فإذا فهم الشيء فقد رآه. وسمع لسان الحال فيه لا محالة» وقوله: بها كل: أي 
عجزء سمع سامع متنصتي: أي متنصّت بيء أي لا يسمع ما تسمعه أجزائي وإن كان قد 
أجهد نفسه في التنصت إلى استماع ما تسمعه أجزائي. 

قال: 

و - وَيَقُمِ مني كلّ جزء لامها بكلّ فم من لشيه كُلّ ثُبلة 

يقول: ويلئم مني: أي كلّ ذرة من أجزائي وقواي, لثامها: أي لثام وجههاء أراد أن كل جزء 
مني يشاهدها ويشرب [من شراب]1!' محبتها[74و]. ويلثم وجه المحبّة» ومراده هنا باللثم 
ليبن كيعا غير آتضال نظره إلى وخة ميحاستتها؛ لأن كل مع م معانية قن نخدت يعت 
الآخر كما صوّرناه في السمع والبصر من دلالات الأشياء. فكذلك يصحٌ أن يسمّى إذا عرف 
المرء الشيء أن يقال قد استنشق منه رائحة المعرفة» وقد سمع الحقٌّ فيه. ونظره؛ ولثم وجهه. 
والمعنى كله يؤوّل إلى أنه أدرك محبته فاتحدت المعاني في معنى الإدراك» كذلك اتتحدت هذه 
المعاني في معنى المشاهدة والمعرفة بالله تعالى. بكل فم: أراد أنَّ كل شيء في الوجود هو فم 
ناطق بالحضرة. وبالتوحد. وبظهور الجمالء والكمالء والجلال» وكل فمّء أي وكل شيء من 
الوجود هو لاثمٌ؛ أي شاهد بمعرفة الله تعالى» وبالمشاهدة له بحضرات صفاته. فلأجل ذلك 
قال: ويلئم مني كل جزء لثامها بكل فم؛ أي أشاهدها بكل شيء في الوجود. من لثمه: أي من 
مشاهدته وشهادته. كل قبلة: أي كل لثمة» أي شهادة منهاء وبكل مشاهدة منها؛ لأنّ الوجود 
شاهد بكل صفة لله تجلت فيه في كل لحظة, والنبي #دْ يشاهد كل شيء منه» ومن كل شيء 
من ذرات الوجود كشهادتهاء وما شهدت. أي وما عرفت إلا من فيض بحر مشاهدته» وعلمه 
نهي به تشاهد» أي بكماله؛ لأنّها من فيضه. وهو يشاهد منها وبهاء وليس المراد أنه يستدل بهاء 
بل لا يرى في شيء إلا تجلي الصفات فيه وبه. 

بيان: في عموم إطلاق هذا السلوك لكل سالك إلى حضرات ملك الملوك: 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س. 


فإن قلت: إذا كان هذا المقام مختصاً به النبي عت فما فائدته لمن بعده؟ وكيف يصحٌ أن 
يسلك فيه غيره؟ وما الفائدة في إطالة القول في إيضاحه؟ فأقول: لوجوه'': أحدها أن أهل 
التحقيق لا يقنعون في معرفتهم بالله وبالنبي عت بالتصديق دون التحقيق» والوجه الثاني 
أن التوحيد كشف تحقيق معرفة الباري فلا يصح إيضاح التحقيق إلا بالتدقيق» والوجه 
الثالث وإن كانت هذه مراتب النبى ## فإنّها طرق لطرق كل سالك إلى بعض المراتب» 
والدرجات» والحضرات» 5000 

فكل مَنْ انتصف بصفاته. وتخلق بأخلاقه أكثر كان إلى الله : ثم إليه أقربء والمثال في 
هذا السلوك أنْ كل مَنْ حضر ذكر الله تعالى فى قلبه لقوة حبّه فى كل شىء رآه فشاهد برؤية 
عن تابه عنام لاعن توعد بل نا سا نيان رك المظين اللذى هيل كاله المقرية 
الله حنمعا ) ورصر ا وضقلا» وكلاماء ولشساناء وشنيا »بوزاقندة وعم عاك المعرفة »واتتددت 
حواسه وقواه في معنى واحد وهي المعرفة والإدراك والمشاهدة؛ وعلى هذا القياس. 
وظاهر هذه الإشارات مدح النبي # وباطنها إشارات إلى السلوك» وفناء كل شيء في 
حب الله والنظر إلى كماله وجلاله وكماله. والنظر إليه بالصفات والأفعال وإلى محبته 
ولطفه وإحسانه مع تلاوة الاسم الخماسي الأحرف المشار إليه تلاوة بالقلب دون اللسان 
فإنّهِ أقوى. فإِنَ الله تعالى يشاهده إذا كان قوي المحبة ما لا يراه المشغولون بعالم الأشهاد 
الممججريوت يه وسو عام ردقا اله الداطم وراعاء» وز لم روكد فى لعن ره حت 
لله ورغبة فليس له من هذا القسم قسمء فلا ينكر ما ليس له به علم فإِنَ لكل مقام رجالا 
ولكلّ رجال مقاماء فافهم لثلا تظنّ أن هذا لم يرد غير مدح النبي عت؛ ولا كشف فيه سلوكه 
إلى ربّهء ولا كشف لسلوك غيره إلى حضرات الله تعالى فإنّه ليس كذلك. وقد نبّهِنّك على 
المطلوب. وإنّما يأتيه على سبيل الحكاية والرمز والإشارة ليكون النظم له حلاوة» وعليه 
طلاوة في قلوب السامعين تعظيماً لهذه [المقامات]2. 

واعلم أن كلّ [علم]” عند الله تعالى عظيم سحّر له إنساناً يحتّه ويتعلمه ويسلك فيه 
فيتناهى فيه إلى الحدّ الذي أراده الله تعالى أن [74ظ] يتناهى فيه فيظهره على لسانه أنه بأفصح 
(1) هنا خدذف تقديره: يعود السبب في إيضاحه لوجوه. ثم راح يسردها. 
(2) في س: [المناسبات] بدل [المقامات]. 


(3) في سس [أما] يذل [غلم] 


وأحكم حكمة في الفصاحة؛ فيصير في عالم الوجود معجزة لغيره من بعده إلى يوم القيامة, 
ولا شك أن هذا الناظم بهذا التظم في هذا العلم هو معجزة لجميع خلق الله تعالى ما خلا 
النبيغت ولكنّه لا يتكلم [إلآ]!) بالشعرء فلو أجمعت الثقلان أن يأتوا بمثله في قوة النظم في 
هذا العلم لعجزواء ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا2'. وإن كان يمكن أن يكون لا يصح إلآ أن 
يكون يمكن أن يكون. ولكنّه في مشاهدة تدبير الله تعالى أن العقول لم تزل تضعف. وقوتها 
تضعف» وعلمها وفصاحتها كذلك؛ وإن جاء أحد هو أعلم من هذا في هذا العلم فلابد أن لا 
تق له كلّ ما اتفق لهذاء وإن كان ممكناً كونه؛ وهذا قول ظني اعتباري بكل كرامة أكرم الله بها 
أحدا من خلقه في شيء قل أن يكون لغيره ولا نقول إلا بالإمكان, فافهم ذلك. 

قال: 

6 - قَلْوْبَسَطتْ جسمي رأت كل جوهر به كل لب فيه كلّ تَححَة 

يقول: فلو بسطت جسميى: أي حللته أجزاء إلى أن تصير الأجزاء لا يحيط بكنههاء 
وتطوريها إلا الله تمالن: رتراك قدت لنعها نون دلت اقحال لر أت تلك لجرا كل 
جوهر من ذرات الوجود, أي بالجوهر» كل قلب فيه كل محبة: أي في كل جوهر من ذرات 
الوجود. ولو كان فيه قد اجتمع كل قلب فيه محبّة» لرأت كل ذرة مني من تلك الذرات 
كل ذلك فيهاء فأقام كلمة [به] للوجهين: أحدهما به. أي الجسم المتجلي تلك المحبات 
بهء أي بالجسم., والوجه الثاني به أي بذلك الجوهر كل قلب فيه كل محبّة» فيكون فيه 
محبتان: محبة من ذات نفسه. ومحبّة جميع الوجود؛ لأنَّ ما فيه من حبٌ مفاض عليه من 


5 كد ك7 


(1) ما بين المعقوفين يخلو منها الأصل و[س]. وأثبتناه اجتهاداً لتلاؤمه مع السياق. 
(2) قد يبدو شيء من المبالغة في كلام الشيخ ناصر يدنه . ولا يمكن تفسيره إلا بشدة الإعجاب بابن الفارض0ء وشعره 
الذي تمكن من خلاله تبيان هذه الرحلة الطويلة لتحولاته السلوكية. 


الباب الرابع عشر 


في ذكره لما رآه في سير باطنه 558 ومبتدأ سلوكه الباطني إلى حضرة جمع الجمع 
الأحدي للحقيقة المحمدية. وفي المحبّة. والتوحيد, والمعرفة المتعلقة بهذا المبتدأء وفي 
مبتدأ تكوين جميع الكائنات من نوره الأول بلسان مقامه وكماله 4 ١‏ 

قال: 

7 - وأَغْربُ ما فيها استجذثٌ وجادلي 2 به الفح كشفاً مُذهباً كلّ ريبة 

8 - شُهودي بعين الجمع كُلَّ مخالفٍ 2 وَليّ اتتلافٍ. صَدَُّه كالمودة 

بقول: وأغرب ما فيها: أي الحضرة التي استجدّت. أي لما صرت جيداًء وجاد لي: أراد 
بما جَادَ له من العطاءء وقوله: الفتح: أي وجاد لي بالفتح؛ أي الكشف. وأرادني به» أي 
بالكشف والفتح. كفا كذهيا: أى مريلا كل ريبة» أي كل شبك وريت: 


شهودي , بعين الجمع. 56 مشاهدتي ؛ بعين الجمع. أى: لعي لعين الجمع. أو بحبّ عين 
الجمع إلى كل مخالف. أي متضاد في المفهوم كالصدّ والمودة والحسنء والقبيح المنظر 
لا القبيح : في الحكم فأرتني حضرة جمعي أنَّ كل ما في الوجود من تدبير الله هو جمال 
متحد ليس صورة الجميل بأحسن من صورة القبيح الصورة. ولا جمال المحبة أكمل 
من جمال البُغض والقلى؛ لأنه كله تدبير إلهي كمالي. ولا يصح في التوحيد الإلهي إلا 
كذلك. 

قال: 


و8 ]| حيّنتي اللاحي فمَار فلامني ومَام بها الواشي فحارَ برقبتي 


0 - فشكري لهذا حاصل حيث برها نذا واطبل والكل آثارٌ نعمتي 
فلامني بسبب محبته لي في ظاهر الأمرء وهام بها: أي بجمال المحيّة» المحبة الإلهية التي 
أوجدها الله تعالى» محبّة في الوجود وأكملني بها: وأفاضها من فيض بحري في كل شيء 
ا ا ا 0 0 
شاهد العدو والواشي ما شاهدت لما غمّاء فشكري للائم حاصل حيث يراها: أي محبته؛ 
لأنْ ذلك مقدار ما رآه عقلهى والوجه الآخر أنه لم يدر بالذي قد أردت أن أفني روحي 
ونفسي بمشاهدتي» وللواشي العدو شكري له حاصل حيث كان ظهوري. ومشاهدته 
لى» وأوامري ونواهيّ» حكمة فى إظهار ما يقليه'!» من العداوة لله تعالى فصار جمالى 
وكحال هذا لإظهار حتّه لله ليثاب بالاستحقاق في علم الله تعالى؛ وهذا الإظهار معصية 
ليُعذّبٍ بالاستحقاق في علم الله تعالى» كذلك في التوحيد الإلهي. 


قال: 
71 - وغيري عن الأغيار يُثنى وللسّوى بواي يني منه عطفاً لعطفتي2) 


يقول: وغيري عن الأغيار يثنى وللسوىء والأغيار هو شيء سوى الله تعالى» ويثني: 
أي يرجع عنها في سلوكه إلى حضرات الله بطريقة َه المشكة والفتاءعتها كلما تعلق شي 
متها به سات وخله وافن تنسة علطن هنها إل حضرة الظاهرية» و هي التي يشاهد فيها 
في كل شيء منها بالصفات لا بالذات» وقوله: وللسوى: أي [إلى السوى]١'‏ وهي حضرة 
جمع هذه الحضرة. والحضرة الباطنة التي لا يشاهد فيها الموجودات. فهي مرتبة الجمع 
بين راية النفس وراية الروح اللتين مرّ ذكرهماء ويثني منه: أي ويعرض من نفسه. وهو 
الفناء حتى عن النفس . عطفاً: أي ميلا وشفقة عن أن يحجب عن ذلك. لعطفه: أي لعطف 


(1) ترك الناسخان هذه الكلمة في الأصل و[س] بلا إعجام. وقد اجتهدت في قراءتها. 
(2) في الديوان: [على] بدل [عن]. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل. 


محبئه تجلت له فى تلك المقافات» أو لمحبة منه هو إلى تلك الحضرات» أو لعطفتق 
بالإضافة إلى نفس المخاطب. أي بعطفه من بحر حبّى. ومحبّة الله لي جذبته إلى ذلك. 
وقوله: سواي: أي إلا أناء فليس وصولى بالأغيار ولا بالفناء عنهاء بل أنا شاهد الحضرات 
وحقائق الموجودات؛ إذ الكل من بعض فيض حقيقتي وكمالي؛ فافهم. 

قال: 

2 - وشكري لي والبرٌ مني واصل إلىّ ونفسي باتحادي استبدت 

يقول: وشكري للاحي اللائم بظاهر حبّه إلىّ» وبرّي للواشي العدو واصل إلىّء أي 
راجع شكري وبرّي لهما إلى شكري لنفسي وبري لنفسي؛ لأني قلت إِنَ كل كمال في 
الوجود أصل بحره أناء وإنما أفيض على كل من أفيض عليه لإظهار ما يكون في اختياره 
من خير أو شر هو ثناءٌ على نفسي وبرّ بنفسي؛ لأنْ ذلك التدبير الإلهي هو من الكمال. 
وكل كمال موجد فمطلقه لي» ومنه أفيض على مَنْ أفيض عليه كما قلت. فافهم. 

وقوله: ونفسي باتحادي استبدّت: أراد انفردت به دون غيرها بجميع الكمالات التي 
أظهرها الباري سبحانه وتعالى» ولا شريك لي في مرتبتي» وفي موضع آخر استبدّت. أي 
تفْرّدت» مأخوذ من استبداد المرء برأيه إذا لم يَرْضٌَ إلا رأيه؛ لأني إذا شكرت ما فاض من 
لأنّهِ ليس لغيري كمال مطلق فيكون كمالاً لاتحادهما في المعنى فيرجع الكمالان بمعنى 
واحد هو الكمال لا غيرء ولا لأحد كمال مئل كمالى فيكون فضله مثل فضلىء. فدل على 
أن كل كمال هومن فيضن كمالى» وكذلك الجمال؛ والمحبة»والكسنة والشكر والبة: 
والإيمان» والتقوى. واليقين» وكل صفة. وهيئة» وصورة [ حسنة]!!). 

قال: 

3 - وَنعَأمورٌتَعَلي كذ كنْفسِرّها | يَصَحْو مُفيق عن سوائي تغطت2) 


يقول: [75ظ]: وثمّ أمور تم لي كشف سرّها: أي تحقيقهاء بصحو مفيق عن سوائي تغطت. 


(1) ما بين المعقوفين ساقط من سء والزيادة من الأصل. 
(2) في الديوان: [سواي] بدل [سوائي]. 


إذ روحه ويقيئه وعقله مستعدة على ذلك فشاهد [ما]!!) عن سواه تغطت» وهذا صحيح. 

آبيان] 

وقد قلنا: إن مراتب التلوين” أربع مراتب: الأولى مرتبة اسم الظاهرء وتجليات 
الأسماء المشتملة بمعناه من الأسماء الثبوتية كالخالق والرازق» وجميع أسماء الأفعال 
الدّالة على فعلهء وكلّ اسم يتجلى له منهاء ولم يحضره تجلّي الآخر فهو مقيّد بحضرته 
حتى يتجلى له جميع ما اشتمل بمعنى اسم الظاهر فيكون متمكناً فيه» ثم يتلوّن إلى المرتبة 
الثانية؛ وهي تجلّى حضرة اسمه الباطن؛ وما اشتمل بمعناه من الأسماء السلبية كالسلام. 
والقدوسء والعظيم. والكبير» والفرد» والوتره والغني. والعلي» ونحو ذلك التي هي 
أسماء ذاته» ولا تدل على فعل» وكل اسم تجلى له فهو مقيّد في حضرته الباطنية حتى 
يتجلى له في كل لحظة جملة ما اشتمل بمعنى اسمه الباطن فيكون في حضرة الباطنية 
فيتمكن بهاء أو يكون متلوناً بمطلبه المرتبة التي تليهاء وهي المرتبة الثالثة مرتبة الجمع 
بين تجلي الأسماء! المشتملة بمعنى الظاهر. والأسماء المشتملة بمعنى الاسم الباطن. 
وما لم يكن متجلياً له الكل في كل رؤية" يراها دفعة واحدة فهو متلوّن بمرتبة الجمع؛ 
فإذا تع ذلك فقد تمكن في مرتبة جمع الجمع؛ فافهم. ثم لا مجاوزة إلى ما وراء إلآ النبي 
فإنّهِ يرى هذه الحضرات كلها بأكثر منهم؛ ويرى حضرات خصّت به وجميع حضرات 
الله تعالى يراها مجملاً وتفصيلاً في كلّ ذرة من ذرات الوجود. وفي كل صفة» ومعنى. 
وحالة» وهيئة. مجملاء وتفصيلاً مع مشاهدة روحه لجميع حضرات الله أيضاً من عالم 
الغيب» وهو عالم العلم المتجلي به الله تعالى في غير الشهود من المحسوسات مجملا 
وتفصيلاء وهذه هي [مرتبة]7 أحدية الجمع المخصوص بها هنك فقد صح أنه يرى ما 
عطي عن غيره؛ فافهم. 

قال: 


(1) مابين المعقوفين ساقط فى سء والزيادة من الأصل. 

(2) مرّ شرح (التلوين) فيما سبق. 

(3) في الأصل [أسماء] وما أثبتناه من سء وبه يستقيم الكلام. 
(4) في س: [برؤية] بدل [في كل رؤية]» وما أثبتناه من الأصل. 
(5) ما بين المعقوفين ساقط في سء وما أثبتناه من الأصل. 


اتي سل 


4 - بهالم يَبِحُ مَنْ لم يبح دَمَد وفي ال إشارة معنى ما العبارةٌ حدّت') 

يقول: وإن لله علماً وسراً لا يكشفه لأحد من عباده. ثم إن له أسراراً لم ينضّها كشفها 
لمن شاء من عباده. وكشف لي إيّاها كلهاء ولا يجوز لي كشفهاء ولو جاز لي كشفها 
لأناس لافترض عليهم كتمانهاء وإن أوضحوها لأباح قتلهم» ولم يطيقوا كتمانهاء فقال: 
مَنْ لم يبح دمه: أي من لم يبح بها من نفسه سفك دمه هو الذي لم يبح بهاء أي لم 
يظهرها بهاء ومن أباح منهم بها فقد أباح من نفسه سفك دمه فكتمها الله عنهم لثلا لا 
يطيقوها رحمة بهم لثلا يبيحوا بها من أنفسهم سفك دمائهم فيكفرون بذلك؛ ويروى 
عنه عْبَكُ أنه قال0): أعطاني ربّي ثلاثة علوم: علم أمرت بكشفه وهو الدّين الحقٌء وعلم 
حيرت بِينَ كشفه وكتمانه وهو علم الحقائق. وعلم أخذ على العهد بكتمانه؛ وبيان كل 
ذلك فى الكتابء والمأمور بكشفه قوله تعالى: #لِظهرَهُ عَلَ أَلدِينِ كله وَلَوْ كر 
لْمُنْرِوْت 4. والمخر فيه قوله تعالى: « سَرُرِبِهِمْ َلِنَِا فى الْآقَاقِ وف أنميِم» 
فظاهره ظاهر معناه. وباطنه باطن معناه» والآخر مثل قوله تعالى: #وَنَفَحْتٌ إفِهِ من رو » 
« وَيَسْمَلُوتلك عَنِ ألروج © وغير ذلك فاعرفه. 

وقوله: وفي الإشارة معنى. أي إشارة لكل شيء أراد التجاوز إلى مرتبته مت جاءته 


سير * سا د مومس 


الإشارة لوَلَا نَمَرَبُوا مَالَ لبت 4 إن ذلك مقام ليتيم يكون نبيء ومعنى هذه الإشارة ما فيه 
عبارة على ما ذكرناه» وإنّها حَدَّت لكل نبي حدّاًء وأنَّ لي حدّاً أعلى من حدّهمء فلا بد وأن 
يكون لي فيه من المكاشفة ما ليس لهم. [76و]. 

قال: 

5 - وعنّيّ بالتلويح ما يغني ذائقٌ غنيّ عن التصريح 2 للمتعنت!* 


يقول: وعني, بالعين المهملة» وفتح الياء: أي وافهم عنّي بالتلويح ما يغني ذائق: أي 
معه ذوق من المعرفة والفهم. غنيّ عن التصريح للمتعنت: أي يفهم كلام المتعنّت. أي 


(1) في الديوان: [غطت] بدل [حدّت]. وفي هامش الديوان إشارة إلى هذه القراءة. 
(2) في الأصل و[س]: [منهم] بدل [بهم] وما أثبتناه يتلاءم مع السياق. 

(3) مر الحديث عن هذا الموضوع مع تخريج الحديث. والآيات الكريمات. 

(4) في الديوان: [يفهم] بدل [ما يغني]. 


المستخبر لعقل صاحبه بالتغابي هل يفهمهاء أراد البصير العارف الفهم الذي لا يخفى 
عليه التغابي بالرموز القريبة والبعيدة فاستحضر عقلا. 

قال: 

06 وَمَنِدأ مبداها اللذان تسسبا إلى فقي والجمعٌ بأ ا 01 

يقول: ومبدأ مبداها: أي الحضرة الظاهريةء اللذان تستّبا: أي مبداها التقّب 3 الله 
تعالى بالفرائض والنوافل» وهما السبب اللذان تسيّبا إلى فرقتي: أي إلى حضرات فرقتي» 
وحضرات الفرق هى الحضرات الظاهرية بمشاهدة النفس لها فى حقائق المشهودات» 
ويتكمل ته اراد ميذا مجداها اعمال العياكى والتعيقية باخسراف الكديوة [لن رون نحتاتتها 
أو الأعمال. وقوة المحبة» أو التصفية مطلقاً في كل شيء من أعمال ومحبة» والتعرض 
للمكاشفة فإنّه لم يذكر اللذين تستّبا في مبدأ مبداها ما هي إلا ليعم كل ما يحتملهء ولم 
يرد أن يعم ذلك إلا وقد رأى كثرة المعاني التي يصحّ أن يجمعهما إلى اثنين: علم وعمل» 
وهما اللذان تسببا. وقال: وحضرة جمع الجمع. وتجلي جمالها على ذاتي تأبى تشتتي؛ 
أي فرقتي عنها بوقوفي في حضرة الفرق؛ من شاهد حضرات الجمع لم يتمالك نفسه 
أن يقف في حضرات الفرق؛ لأنْ حضرات الجمع جامعة لحضرات الفرق» ولحضرات 
الباطنة» فاعرف أولاً اصطلاحاتهم في لغتهم, ثم افهم معاني كلامهم فإنّها كلها إشارات 
إلى علم التّوحيد”' لله تعالى بلسان المقام المحمدي كته. 

بيان [في]1"' تحقيق المعرفة: 

اعلم أنْ تحقيق معرفة الله تعالى تأتي على قسمين: قسم يختصٌ بصفات ذاته بلا 
مشاركة لمعناهء ومنها ما يشارك غير ذاته في معناه» وكل ذلك على تسع مراتب: المرتبة 
الأولى: معرفة الذات. وهي ذات الله تعالى» ولا يصحّ معرفتها لأحد في الدنياء ولا في 
الآخرة» ولا رؤيتها إلا هو فلا يعرف هو إلا هوء وتحقيق رؤيتها ومعرفتها هو إيجاد وجوده 


(1) في الديوان: [إبداها] بدل [مبداها]. 

(2) مايفتأ الشيخ ناصر يكرّر هذا الأمر حرصاً منه على فهم كلام القوم على وجهه المطلوب بعيداً عن الفهم الظاهري 
الذي يؤدي إلى التباس. واضطراب. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. والزيادة من الأصل. 


باقيأ سبحانه وتعالى!!)» والمعرفة بالعجز عن إدراك معرفتهاء ومشاهدة إيجاد وجودها في 
كل شيء أو بالتحقيق في غير شيء» والحضور العقلي بذكره سبحانه جل وعلاء والاسم 
العلم لهذه الذات هو اسم الله. وإن اختلفت لغاته وهو الاسم الأعظم فاعرفه. 

والمرتبة الثانية: الأسماء التفريدية» وهي أسماء الذات التي ليس فيها صفة زائدة ولا 
تعب زائد. وذلك مثل الأحد. والواحد. والوترء والفرد, والإله فإِنَ الله إله ولو لم يعبده 
أحد. وليس أنه كان له هذا الاسم لأنّه معبود أو أنه ليعبد. وهذه أسماء الذات» ولا صفة 
فيها زائدة عن تفريده وتحقيق ألوهيته إلا اسم الإله. فقيل: إن له معانيَء والصحيح ما 
قلناه: إن معناه الله لا غير. وقيل: معنى الإله العالم بكل ذي حقّ حقّهء كما أن معنى 
الرحمن المعطي كل ذي حقّ حقه حتى في ظهور صور الأشياء» وما لها من حقّ فإنَ 
الخيل كذلك حقها فى صورتهاء والحمار كذلك؛. وكذلك النبات» والحيوان» والمعادن؛ 
والعوائه نوها لواح جني المطقرق تراه راع 12د للذاك نونز ريد لقاتهوافتالف 
فإنّه واحد في ذاته» وهو واحد في صفاته وأوصافه. متفرّد لا يشبهه شيءء ولا يشبه شيئا 
في كل صفة من صفاته. 

والمرتبة الثالثة: أسماء الذات التى فيها صفة تخصٌ ذاته لازما يدخل فيها معنى غيره 
مثل أسمائه: الكبير» المتعال. العلن: العظيم. الغني. القدوس. السلام» الحيء الحميدء 
المجيد» الحق. الباقيء الدائم» الباطن. ذو الجلالء الأول, الآخرء العزيزء المتكبر. 

والمرتبة الرابعة: الأسماء [76ظ] الصفاتية للذات بمشاركة معان يدخل فيها غير 
الذات كالعلم السابق الأزلي بما سيوجده من الأشياء» وما لا يوجده. وذلك مثل العليم 
والسَميع» والبصير والرحمن. والرحيمء والقدير. والقادرء والمقتدرء والقويء والمجيد. 
والواسع؛ والرؤوف. والشاكر. والحليم. والقيوم؛ الشريع؛ الشهيد. الوكيل؛ اللطيف. 
الخبيرء الصادق, الكريمء المبين» الشديد. ذي الطولء. ذي القوة المتين» ذو الإكرام؛ 
المؤم: المهيهة. 

والمرتبة الخامسة: أسماؤه الدّالة على ثناء تدبيره من غير أن يدخل فيها تصريح معنى 
التدبير» وذلك مثل الحكيمء والبديع. 


(1) توقفنا فيما سبق عند هذا الموضوع. 


والمرتبة السادسة: أسماؤه التي يدخل فيها معنى المخلوقات من غير أن يدخل فيها 
تصريح كيفية الأفعال. وذلك مثل الرّبء والمالك'"» والمليك؛ والولي. 

والمرتبة السابعة: أسماء أفعاله»ء وذلك مثل الخالق. والرازق» والتواب» والكافى» 
والكق رارقا درن والنقورو هوا لفانقوو نو انظ دوا توقاي »«المقدكة الفط لقاع 
المحيى؛ المميت. البصيرء الحفيظ. الفعال لما يريد الخلاقء المنّان» الوارث» الباعث» 
لنياف الهاذئ» النفاع» الور القائرالر از قه الجيان الباري«المصر زو الحيدعه 
المعيد؛ فإن قلت: هل يسمى الباري بهذه الأسماء مثل الخالق» وما أشبه ذلك من أسماء 
الأفعال؟ فأقول نعم؛ لأنَّ الله لم يزل خالقاً لما علم أنه سيخلقه كذلك بقية أسماء 
أفعاله. 

[والمرتبة الثامنة] 2' فيما يختصّ بصفات أفعاله اللازمة لنفسه. ويدخل فيها معنى ما 
علم أنَّه سيوجده؛ وذلك مثل المحبة» والإرادة والمشيئة» والكلام. 

والمرتبة التاسعة: ما وصف به من جهة مخلوقاته إليه.» وذلك مثل المعبود. والمشهود. 
وما أشبه ذلك. 

بيان في مبتدأ الإيجاد بالنور المحمدي 25: 

اعلم أنَّ الله تعالى كان ولا شيء من الأشياء معه. وهو الآن على ما كان عليه من 
قبل» وسئل" النبي ل ما كان الله قبل الخلق؟ قال: كان في عميء وهو على ما كان 
عليه من قبل. نعم ولكن المعنى المفهوم أنَّه كان» ولا زمان» ولا وقت. ولا حين» ولا 
دهرء ولا يقال إِنَّهِ في ذلك الوقتء أو الدهرء أو الحين» وإن جاز القول بذلك فإِنّه لأجل 
المعرفة بوصفه. وإلا فالوقت مخلوقء والمكان مكوّن, والهواء موجد. والظلمة» والنور. 
والحركة» والسكون محدثان, ولا يعرف ما كان قبل الهواء الذي هو الجوّ فكيف يعرف 
ما كان عليه رب الأرضء والسمواتء وما هو عليه. وقال النبي يي حاكياً عن الله تعالى 


(1) فى س: [والملك] بدل [والمالك]. 

(3 ها برد اليجقوقين عرفا تن اللأمدا + والزيادة مام 

(3) ينظر تأويل مختلف الحديث. لابن قتيبة» ص 453. والعمي أو العماء سحاب كثيف مطبقء وقيل: شبه دخان. أي 
ليس معه شيء. وينظر الهامش ففيه مزيد من التخريج والشرح. 


الناقال كنت عير لم أعرف :تاحيك أن اغرك اتجلسن كلما عن أعرك )قن كانوا وو 
عرفونيء وإنَّما وقعت معرفته لمّا تجلّى بعلمه؛ ولا يسمى أنه تجلّى بعلمه ما لم يتجلّعلى 
فو غيرةة ولا شو وغوه لاهن للف ركونهبوفال الغ لجابز إن أل ها يلق 
الله تال لون تيرك | حابر ودج كل لله حدم الأقدء درظهورى ناد الذون فين 
الإيجاد''"» والمعنى في ذلك يتّضح بمعرفة ترتيب الإيجاد الإلهي على سبع مراتب: 
المرتبة الأولى: وذلك فيما قيل - والله أعلم - أنَّ الله تعالى لما أراد أن يُظهر أول 
وجود يوجده تجلى بعلم صفاته الذي أراد أن يظهره على خلقه من المعرفة به» وقد ذكرنا 
أنْ العلم بالله على معنيين: أحدهما علم صفات ذاته التي لا يشاركه أحد في معناها 
كالعظيم. والعليء والكبير وما أشبه ذلك. والمعنى الثاني علمه الذي لم يزل به عالما 
بما سيكونه من خلقه من أمثال وصور أشخاص ومعان إلى غير ذلك, فإن ذلك هو الذي 
أوجده مثالات ومعاني» وغير ذلك» وهذا العلم الذي لم يزل الله به عليما يسميه أهل 
[هذا]2 العلم بالشؤون". وعلم ذلك هو أوجده. ولا يوجب بوجوب ذلك أن يكون قبل 
أن يوجدها غير عليم بهاء ولا أنه ازداد بها علماًء ولا أنه حدث علمه بهاء ولا أنّهما كذلك 
كانت أمثالاً قديمة وهو عليم بها [27و] فإذا فهمت ذلك فاعلم أنه لمّا تجلى بعلم صفاته 
أوجد الله تعالى من نور العلم نورا عظيما برزخيا الذي هو بمنزلة الخلاء فلم يكن خلاء 
أبدا؛ لأنّه فيه نور العلم» والنور الموجد من نور العلم» وإنما قلنا بنورين؛ لأنّ نور العلم هو 
ذات العلم لاغير؛ والعلم بصفات الله غير موجد. ولا يجوز أن يكون محدثاء والنور الذي 
أوجده الله تعالى [من نور العلم هو أول ما تجلى الله تعالى]*) بعلمه عليه فكان هو أول 


(1) ينظر موسوعة الحفني. ص 986: وموسوعة العجم. ص 1000. وفيها: «النور المحمدي الشريف. وهو أول صادر 
عنه سبحانه. وإنما سمي أمرا؛ لأن الله أوجده بأمر (كن) من لا شيء بغير واسطة شيء». وأخرج عبد الرزاق هذا 
الحديث في مسنده. وتوقف عنده مرات د. كامل الشيبي في كتابه الصلة بين التصوف والتشيع. ينظر ا[74 و95! 
و 197 الهامش و394 و401. وينبغي ملاحظة ورود (ما) وليس (مَن) في الحديث ممّا يشير إلى العموم: الإنسان» 
والحيوان» والجماد. ولو وردت (مَن) لاقتصر الخلق على العاقل وحده. وهو ما لا يستقيم مع مقولة الخلق 
العام. 

(2) ما بين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل. 

(3) م الحديث عن [الشؤون]. 

(4) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل. 


شاهد لله بالعلم به وهو نور النبي محمد كيك وإِنّما قلناه برزخياً إذ لا يصح وجود شيء 
فإنَ نور العلم بخلاف الأنوار» ويمكن أن يكون التجلي بصفاته وبالعلم الذي سيوجده معا 
أو تجلى أولا بعلم صفاته. 

المرتبة الثانية: ومن تجلى اسمه الح الذي هو معناه الموجود فهو دال على تجلى 
وجوب الذات لا تجلى الذات» ومن تجلى اسمه الواحد وتنجلى ا اية السميع. 
والبصيرء والقدير» ولم يزل متكلماء ومن تجلي الإرادة فهي سبعة أصولء فمن أنوار هذه 
أوجد الله تعالى ذات العقل وأحديته» وسمعه. وبصره. وكلامه. وقدرته. وكان هو العقل 
الأول الكلي. وهو عقل القلم الإلهيء ونفسه. وعقل العلم بصفات الله تعالى» والعلم 
الذي سيوجده الله تعالى جملة واحدة من غير تفصيل مما تجلى به الله عليه» وكان للعلم 
ثلاثة أوجه: روح وهو ما يلي العلم» وذات» وهي ذات ونفس وهي مما [يلي]”') الإيجاد 
الذي سيوجده الله تعالى» ولا تظنّ أنَ تجلي الله تعالى بنور العلم مثل تجلي ضوء الشمس 
من الشمس. فإنَ ذلك ممّا لا يجوز القول به» ومن هذه الذات» والروح, والنفس ذات عقل 
النبي 3# وروحه. ونفسه. 

المرتبة الثالثة: ثم أمر الله تعالى القلم فقال له: اكتب. فقال: وما أكتب؟ فتجلى له 
بالعظمة. وباسمه العليم» وباسمه الحكيم فارتعد القلم هيبة. وفاض منه نفسه. وذاته. 
وروحه روحاء وذاتاء ونفساء وهو اللوح المحفوظ فليس اللوح هو لوح جسمي مبسوط 
كالسموات فيه كتاب. فهو في الحقيقة العلم الكلي الذي تجلى به الله تعالى»؛ وصار 
معلوماً في الوجود ثم تفصّل إلى معان ومثالاتء وهيئات. فظهر في عالم الشهادة كل 
شيء على ذلك المثال. وتجلى على كل مثل من العقل الكلي اللوحي من روحه. وذاته 
ونفسه ما يكون لشخصه في عالم الشهادة» [ولم يخل شيء له مثال في اللوح المحفوظ 
غير ممدود من عقله]”) في عالم الشهادة» مما يلي القلم وروحه. وممًا يلي المثاللات 
نفسهء وكذلك ما يتجلى لكل مثلء فالروح ممّا يلي القلم روحه. وما يلي المثالات نفسه. 


(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 
(2) ما بين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل. 


وكذلك ما يتجلى لكل مثل؛ فالروح ممّا يلي اللوح؛ والنفس ممّا يلي عالم الشهادة. 

المرتبة الرابعة: ومن تجلي عظمة الله تعالى على النور الأولء والقلم» واللوحء والمثال 
تولدت [حركة هذه الموجدات» ومن تجلي لطفه تولد السكونء ومن الحركة والسكون]7) 
تولدت بعد الوح المحفوظ الحرارة والبرودة» ومن تجلّي العظمة؛ واللطف عليهما فوق 
حركة النورء والقلم» واللوح؛ وسكونها زادت الحرارة من الحركة. والبرودة. والرطوبة» 
واليبوسة. وهو المعبّر عنه بالناسوت”)» وهي الطبيعة الكبرىء والحياة المتحركة التي 
بها كانت حركة الكون المتولد منه» وبحركته تتحرك السموات» وجميع المتحركات. ثم 
تعاظم اضطراب الطبيعة حتى تولد من الحرارة النارء ومن البرودة الماء» وهما بمنزلة الذكر 
والأنثى» ولكن ماء لطيف روحاني كما هو في رطوبة الهواء لا جسدانياء وكذلك النار كما 
هي في حرارة الهواء لا نارً لها نور بلاء واضطربت الطبّائع بحركة الطبيعة الكبرى» وتولد 
اليخار» والدخان» ولكنهما لا مثل هذا البخارء ولا مثل هذا الدخان771[1ظ]ء وصار الكون 
كله كذلك. فافهم. 

المرتبة الخامسة: ثم فتق الله تعالى الدخان والبخار سموات وذلك قوله: #السَّموْتِ 


1-7 ريق فَفَنَفهُمَ 33#) 


وَالأرض كاننا رقا ففئقنتهما 
المرتبة السادسة: ثم تجسد الماء» وتجسدت النار بين السماء والأرضء. واضطربتا 
توازة الطيفة الصتعرى لمن كن وز السطاء وا لأر عق رتت رك اهن اللليعة الو در 
اك سفانت علياء وتو لد عن ريه الجا والجال: والتحصضي: 000 
بحرارة النار» وحرارة الطبيعة الوسطىء. وحركات الفلك. وشرح ذلك يطول به الكتاب» 
وبتغير هذه الطبيعة الوسطى وقع التغيبر في العالم السفلي. 


(1)مابين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 

(2) سيقف الشيخ ناصر في موضع قابل عند (الناسوت)» وهو يتفق مع القوم كما تبتّن من شرحه في المتن من أن 
الناسوت هو عالم الشهادة أي الدنياء أو هو النشأة الإنسانية. أو المحل القائم به الروح» ينظر موسوعة الحفني؛ 
ص978. وموسوعة العجم؛ ص955. وقد وردت الكلمة في بيت للحلاج هو: 

تان تح الطسوجير تاسدوبسه سوس نالاههوتهالثشاقب 
ينظر ديوانهه ص291, والكلمة ذات أصل سرياني قديم يدل على هذا أَنْها مختومة بواو وتاء. ينظر التوزيع اللغوي 
الجغرافي. د. إبراهيم السامرائي» ص83. 
(3) الأنبياء. الآية 30. 


413 





المرتبة السابعة!'': ثم تولّدت المعادن. ثم النباتء ثم الحيوان. ثم الإنسان من الماء 
اللوح المحفوظ. وكذلك مراتب العقل الذي صار مدركا بأربع صفات: بالسمع والبصر. 
والقدرة» والكلام» وذاته ووحدته في كل شيء من سرّ سبعة الأصول التي ذكرناها. 
بيان: فى مراتب العقل المفاض على المظاهر الشخصية: 


المرتبة الأولى: هو ما أعطى كل جماد. وجسم لا يطلق عليه الفهم مثل السموات» 
والنجوم. والأرض. وكرات الهواء؛ والطبيعة الكبرى» والطبيعة الوسطىء. وغير ذلك. 
وهذا قد أفيض عليها بقدر ما تعرف الله تعالى كقوله جل ذكره #َمَالَ هَا وَللَأَرْضٍ أَْييَا طُوْءًا 
أو كَرَهَا مَالَتَ أَنَا طَأبِعِيسَ 24). قيل: قالتا بيان بالدّلالة فى خلقهما إِنّهما ذات على معرفته 
حقيقة لاعلى الكره. وإلا فهنّ فى الحقيقة غير دالآتء فلو قالتا كذلك لكفرتا؛ لأنّه جحود 
لتوحيد الله؛ وقيل: قالتا عن فهم لخطاب الله وقالا: بقول هو مخصوص في قولهماء ولا 
يعرف قول كل جماد إلا الله تعالى» ومن فتح له ذلك من عباده. 

المرتبة الثانية: ما أفيض على النبات من الحاسيّة, فإنّها أكثر من الجمادات؛ لأنَّها تسير 
بعروقها إلى حيث بحس [بالماء. ونسير بفرعها إلى حيث تحس بالصًفا]2 والشمس في 
الثنات الذي تحت الشمس والفضاء. فافهم ذلك. 

المرتبة الثالثة: الحيوانات» وهي أكثر عقلاً من غيرهاء ولكن لا تفهم معاني العلمى 
والعبادة» وعقلها قدر ما تؤدي به الطاعة لله تعالى. 

المرتبة الرابعة: عقل الإنسان. وأوله العقل الذي أوجب الله به التعتد على المتعبّد إذا 
قامت عليه الحبَّة بنزول شيء من التعبد. وأما ما دون ذلك فلاحقٌ بعقل البهائم أو ما 
دونه» وهذا بعض عبدٌ الله به وبعض عصاه به. 

المرتبة الخامسة: عقول العلماء المحقين» أهل الاستقامة في الكمال» ودرجاتهم في 
الغبادة شريعة» وحقيقة» وطريقة» ومكاشفة. 

(1) في س: [السابعة عشر]ء ولعلّها وهم من الناسخ. 
(2) فصلت. الآية .1١‏ 
(3) مابين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 


المرتبة السادسة: عقول الأنبياء» ودرجاتهم كأولي العزم من الرسلء وعقولهم ممدودة 
بعقل اللوح المحفوظه وأما غيرهم فعقولههم!! ممدودة بأمثالهم من اللوح المحفوظ. 
وهي المسمّاة بالكتاب في اللوح المحفوظ على قدر ما تجلى على مثاله من العقل 
اللوحي. 

المرتبة السابعة: عقل النبي #ت. وعقله. وروحه. وذاته. ونفسه من ذات وروح ونفس 
القلم الإلهي. فليس بين عقل النبي #نك وبين تجلي العلم الإلهي حجاب كوني كما يحجبه 
عن غيره عنه كما عقول جميع الخلق محتجب عن مشاهدة الله تعالى بحجب الأغيار» 
ولا يصمح أن يقال إِنَ الله محتجب. ولكنّ العقول محتجبة عن الله تعالى» ومن جلالهاء 
وَماهد الأكوان علما إلاهنا تحيدياء ققد كنت عن قله حجاب العقلة ولا كان 
النبي قت في ظهوره روحه مما يلي [القلم الإلهي الأول الذي تجلى به قبل أن يوجد كون 
غير نوره ونفسه مما يلي الموجدات]2)» وشاهد هذاء وهذا كالقلم فقد دار الدّور الأوّل؛ 
وكل نفسء وروح كشفت الغطا عن نفسها بالكلية فقد رجعت إلى دورهاء ولكنَّ أول 

بيان في التجلي الإلهي. وهو على سبعة أبطن. وسبعة أبواب: 

البطن الأول: وهم أهل العقول الذين فهموا الخطابء ولم ينتفعوا به. وهم الذين انفتح 
لهم باب واحد من تجلي علم الله الظاهر قدر ما يلزمهم به التعبد» وعصوا الله تعالى. 

البطن الثاني: وهم الذين انفتح لهم بابان من تجلي نور الله بالمحبة الإلهية» وحضرات 
التجلي من التوحيد. وهم أهل الإيمان» والاستقامة من أهل الظواهر. 

البطن الثالث: العلماء أهل الاستقامة في الدين فهم أهل الشريعة وما لزم"' من 
الحقيقة» وهؤلاء كالذي انفتح لهم ثلاثة أبواب: باب العلم بالله من العلم الجليء وعلم 
الشريعة» والجلىّ من علم الحقيقة. 

البطن الرابع: العلماء أهل الاستقامة في الشريعة | 58 من علم الحقيقة» مع التجلي. 
(1) في الأصل: [فعقلولهم]؛ وهو سهو من الناسخ. 
(2) مابين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل . 

415 


وكثرة الزهد مع ذلك». وهؤلاء كالذي انفتح لهم أربعة أبواب من معرفة الله» ومعرفة ما 
لله. 

البطن الخامس: هم العلماء المكاشفون بحقائق الموجدات بمشاهدة الحضرات 
الظاهرية» ومشاهدة الحضرات الباطنة إلى آخر مراتبهم» وهؤلاء كالذي كشف لهم خمسة 
أبواب» وإن كانت الحضرات كثيرة فإنّهم في البطن الخامس. 

البطن السادس: الأنبياء» وهم المشاهدون الله تعالى بحضرات الجمع. وجمع الجمع. 
وكل أهل مرتبة فلا يحصي تفاوتهم إلا الله تعالى. 

البطن السابع: المقام المخصوص به النبي قَآ. وهو مشاهدة روحه العلم بالله» ومشاهدة 
نفسه للوجود علماً إلهياً توحيدياً في حال واحد كما تراه الروح من غير شيء يحجبها [عن 
الله تعالى فيشغلها رؤيته» كذلك النفس.ء وإن رأت الوجود فلا يشغلها حاجب يحجبها 
ويشغلها]!') عن رؤيته علما توحيديا. 


واعلم أن في اصطلاح أهل هذا العلم في التسمية للروح والنفس أنْ الروح هي العين 
البصيرية» والنفس هي العين الغريزية» والعين المدبرة من العقلء. وأنْ الرّوح نظرها إلى 
عالم الغيب» ولم يذكروا إلى أن تنظر إلى عالم الغيب» وعالم الشهود. والحق في البحث 
ولكنّها تعرف الخيال خيالاًء والمثال مثالً2» والحق حقأء والباطل باطلاًء وتنظر إلى عالم 
الغيب» وعالم الملك. والملكوتء والجبروتء ولو لم يكن كذلك لم تهتد' إلى توقيف 
العين”/ الغريزية بالتوقف في الأمور التي رأتها العين الغريزية حتى يتضح لها الحقء ولم 
تهتد””' إلى ما تخيّله النفسء فتنهاهما عنه إذا أولياها أمرهماء ولمّا صم ذلك فيحتمل في 
التمثد أن تكون لها عينان» ولكن بهذا المثل يكون للعقل أربع عيون؛ وأكثر اتفاق أهل 
هذا العلم أن للعقل ثلاث عيون» فعلى مذهبهم بالثلائة فتكون العين البصيرية وهي الروح 
(1) ما بين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل . 
(2) في س: [والمثالات مثلاً] بدل [والمثال مثالاً]. 
(3) في الأصل و[س]: [تهتدي]. 


(4)[العين] ساقطة في الأصل. والزيادة من س. 
(5) في الأصل و[س]: [تهتدي]. 


416 


ينها البرالج كلها الم ابلح التي وتيا لافار اين لجاكاك كي امار 
إلى عالم! حار ما حم لظيواك را عرفا ا الم لوي و 
أنّها كما ذكرناهاء إذ لا يصمح في صحيح النظر إلآ كذلك. فافهه!'". 


والنفس نظرها إلى عالم المحسوسات» والمثالاات» والخيالاات» وسمُوا تلك بالروح» 


عر سرح قر 


وهذه بالنفس اصطلاحا لتفهم مايتكلم في كل واحدة منهن؛ وبقوله تعالى «ونفخت فيه 
لع عر 


ينروج 14 وطثل ألروحٌ من شر يق 34 وقال: في النفوس: فَطوَعَتٌ له نَفْسَهء 414 وقال: 
ولا ميم ع ريم وقال: كايا لش الْمظمَيئَهُ 5 نجه إل ريك رايد موي10 فد في 
عبد (50) ودشي جني ع 04 وقال: #إوَتَهى النَفْس عَنٍ هرك :0 إن ل المأرك )7 فلم 
يذكر الروح إلا بالثناء» وذكر النفس بجميع أقسامها؟) جل وعلاء فدل بذلك على أن تجلي 
علمه وأمره. ونور محبته على لوح الرّوح التي هي العين البصيرية إذا صدقت نيّة المرء في 
إخلاصه بها [79و] لله علماً وعملاً بالحق في كلّ شيء. فافهم ذلك. 


وكل متعبّد لزمه التعّد بعقلهى ولم ينفعه عقّله. وكان كافراً كف جحود. وهو الشترك 
الجلي وكان كافراً منافقاً منتهكاً لما يدين بتحريمه؛ أو مستحلاً بدينونة بتأويل وضلال لا 


(1) يقارن ما ورد هنا عن (الروح) و(النفس) بما ورد في كتاب (الإخلاص) للشيخ ناصرء ففيه تفصيلء ينظر ص 558, 
وما بعدها. 

(2) الحجرء الآية 29. 

(3) الإسراء, الآية 85. 

(4) المائدة, الآية 30. 

(5) القيامة» الآية 2. 

(6) الفجرء الآية 29. 

(7) النازعات. الآية 40. 

(8) وقفنا فيما سبق عند الفرق بين (الروح) و(النفس»).؛ وهنا يتحدث الشيخ ناصر عمًا يسمّيه أقسام النفس. إذ أوصلها 
القوم إلى تسعة أقسام. وهم يعتمدون في هذا التقسيم على القرآن الكريم خصوصا في حديثه المتكرر عن النفس». 
وممّا يجب ذكره هنا أن ابن سينا تحدث باستفاضة عن النفس وأقسامها وخصوصاً في كتابه (أحوال النفس)» 
وذلك فى القصل الثاتى مه وهو لفن تغريت القوض التفماتة على تسيل الاتصار )كما أن الفنانو ف انو باج 
أفرد هو الآخر كتاباً عن النفس هو (كتاب النفس) تحدث فيه بتفصيل عن ماهيتهاء وأقسامهاء وهما - بلا شك - 
يفيدان من كلام أرسطو عنها مع تطويرء وإضافة: ينظر عن هذا الموضوع موسوعة العجم. ص 969 وما بعدهاء 
وكتاب أحوال النفس لابن سينا بتحقيق د. أحمد فؤاد الأهواني. وكتاب ابن باجّة في النفس بتحقيق محمد صغير 
حسن المعصومي. 


417 


يسعه على حال» ويستحق به العقاب عند الله تعالى؛ وكان جاهلاً بالعلم الخفي من دين الله 
وتوحيده. أو عالماً بالغا غير قوي المحبة» أو قوي المحبة لله تعالى مكاشفاء فهؤلاء خمسة 
أقسام كلهم خليّون من تجلي نور محبة الله تعالى على عينهم البصيرية» وإن أحبوا الله 
وعبادته» وتحققوا معرفته فهم على خلافه فيما لا يسعهم يحبونه بحبّهم الحب الذي يحبّون 
به غيرهم غير الله فأحبّ هؤلاء الله تعالى ودينه ومعرفته بتلك المحيّة لا بمحبة الله فإِنَ 
محبة الله تعالى قد انسدٌ مصباحها من زجاجة العين البصيرية» وبقي عقله في ظلمة» وأصل 
المحبّة كلّها إنما حلَّت في ذات العقل لينهض بها الله فيشرق فيها نور محبة الله له وهي 
الكمال. فإِن الكمال الإلهي'!! على معنيين: أحدهما كمال صفات ذاته فهو كمال موصوف 
بهء وإذا علمه المرء؛ وتعّ كماله بالكمال الإلهي المنسوب إليه لا من حيث إِنّه جعله كمالاً 
للمرء فهو كمال إلهي؛ لأنه هو الذي جعله كمالاء وبكمال الله بالعلم بكماله وبمحبته 
وقولنا: إنَّ كل شيء من عالم الشهادة له من العقل ما تجلى على مثاله في اللوح المحفوظء 
لا يوجب أنَّ ظهور معصيته من قلة ما جعل له من العقل؛ لأنَّ كثيراً من جعل له عقلاًء علماً 


7# 
- 


عصى الله تعالى؛ وكثيراً من هو دونه عقلاً أطاع الله تعالى» فصحٌ أنَّ الطاعة على قدر تجلي 
نور محبة الله تعالى على العقل لا غيره وإنّها تقوى بقوة اليّغبة» والإخلاص في الأعمال. 
ومحلها في العين البصيرية المعبّر عنها بالروح. وأمّا العين المدبرة فقد تكون قوية في العلم. 
ولكن قد دنستها برَينها؛ لأنها هي القوية الغالبة القاهرة إذا لم تولها نفسهاء ومن بعدها العين 
المدبّرة التي هي كالساحرة. فهي مغلوبة تغلبها العين الغريزية فكانت الصور والأشياء كلها 
على ما في مثال اللوح المحفوظ؛ والأجسام كلّها من الجسم المطلق الكل من الطبيعة 
الكبرىء والأنفاس, والأمثال» والأرواح من مثال» ونفسء وروح اللوح المحفوظء وذلك 
من القلم؛ والقلم من النور» والنور من العلم» من تجلي الله تعالى به جل وعلا. 


نيان ا 


(1) الكمال: هو التنزيه عن الصفات وآثارهاء وكمال الله عبارة عن ماهيته» وماهيته غير قابلة للادراك» وليس لكماله 
غاية ولا نهاية. وكماله سبحانه لا يشبه كمال المخلوقات؛ لأنَّ كمال المخلوقات بمعان موجودة في ذواتهم. 
وتلك المعاني مغايرة لذواتهم. وكماله سبحانه بذاته لا بمعان زائدة عليه ينظر موسوعة الحفنيء ص 928) وينظر 
موسوعة العجم؛ ص 799, وما بعدها ففيها تفصيل. 

(2) مابين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل. 


فكان في الإنسان سر وجود علم جميع الكون السَفليء والطبيعة الوسطىء والسّموات. 
والطبيعة الكبرى, وسرّ اللوحء والقلمء والنورء وفيه سرّ علم الله. وركى يده ف الناء 
والطين» وركب عقله من ثلاثة أشياء: الأول العين البصيرية من روح اللوح المحفوظ من 
غير اختلاط بشيء من العوالم؛ فهي لا تحب إلا الله تعالى» ولا تدعو إلا إليه وليس لها 
جهة إلا إلى عالم الغيب؛ وهو عالم العلم المتجلي به الله تعالى على القلم. وعلى اللوح 
المحفوظ. وركب العين الغريزية من نفس اللوح المحفوظ ممتزجة [بعالم]1!'' الطبيعة 
الكبرى فهي تحث العلوّ إلى أوجهاء لا إلى ربهاء واللطائف من جميع الكون السفلي. 
وركب النفس المدبرة من النفس الكلية ممتزجة بلطائف الأرض. والطبيعة الوسطى. 
ونظرها إلى عالم المثالات» والخيالات» والمحسوسات إلا الرسل والأنبياء» وأمًا مأ 
سواهم فكما قلناء وكذلك الجنّ» ولكن لم تمتزج نفوسهم من لطائف الأرض إلا بعد أن 
صارت غذاءٌ للنارء ودخاناً لا يرى» فأقبلت بحتها على ما امتزجت بهء وانعكس أمرهاء 
فهي مثل نفس الإنسان فأوجب الله تعالى على مَنْ شاء من عباده عبادته لوجوبها عليهم. 
فمنهم من أطاعه وارتفعت روحه [79 ظ] ونفسه طاهرتين من تدنيسه لهاء ولكنّها امتزجت 
به لأنّها لم توجد بذلك؛ لأنَّ ذلك لم يكن من قبلهاء ورجعت إلى عالم مثالها في اللوح 
لتعلق حبها به؛ لأنّها خارجة منها الثلاثة العيون جميعاً: وهي العقل. وهي الروح. وهي 
النفسء وهي القلب العقليء أو في عالم مثالي تتجلى فيه تلك المثالات» ومّن أقبل إلى 
الله تعالى وخلصها مما امتزجت به التحقت بصفاتها كما هي في عالم مثالها قبل نزولها 
إليه من اللوح المحفوظ. ومّن دنّسها بفعله اسودت وكثفتء ولم تقدر على الصعود. 
وبقيت في مثالها الأسفل» وهو عالم السَجين» وهو عالم المثالات الأسفل. والدّليل على 
أن في العالم الأسفل الذي نحن فيه [عالماً مثالياً]2 أيضاً هو ما تراه بعينيك فيتمثل لك 
مثالا تراه بعقلك فلو لم يكن له في العالم السفلي مثال لم تره بعقلك فتبقى نفس الكافر 
في عالم السّجينء وهو عالم مثالات أهل النار» ومثالات الأشياء في غير اللوح المحفوظ. 
ومنه في غيره هو مثل المرأة لتجلي فيها تلك المثاللات» كذلك عالم السجين مثال تتجلى 
فيه مثالات أهل النار فيصير كل روح إلى مثل شخصها الذي كانت فيه إلآّ الروح الآمر 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(2) في الأصل و[س]: [عالم مثالي]ء وما أثبتناه الصواب. 


بالعين البصيرية فإِنْه في اللوح المحفوظ يفيض نوره مثل نور الشمس عليه من كوة بيت؛ 
فإذا عصى الله تعالى فكأنه قد سدّه عن نفسه. ومات وهو ليس فيه شىء. 

وأمّا المدئرة والغريزية فهما يبقيان» وهما نفسه التي تبقى في سجين. فافهم ذلك. 
فدل على أنه ليس اللوح المحفوظ. ولا في القلم» ولا في النور الأوّل إلا صفات الكمال 
الذي لا تضاد فيه كما وصفه الناظم ولا قبح» وإنَّما القبح كان من فعل الذّات حين حلت 
بجسدها فدنست نفسها بمعاصي الله تعالى»؛ وصمحّ أنه أصله ليس شيء في الوجود قبيح 
إلا هذا القبيح المقتح نفسه. وإلآ فجميع الموجودات مذعنة لله إذعاناً كلياً كاملاً كل منه 
بما تعبّده الله تعالى به إليه جل وعلاء وصحٌ أنْ كل ذات ترجع إلى محلها الذي هو لهاء 
فترجع أرواح الأنبياء في اللوح المحفوظ إلى مثالاتهم» ولكن مثالاتهم مقبلة إلى التفس 
روح القلم المقابل بجهته إلى جهة عالم العلم» ولذلك قال النبي غي: [استدار الكون]ء 
وكذلك أرواح ونفوس الكاملين الصّفات إلى مثالاتهم في اللوح المحفوظ. والمؤدّون 
الواجب هم كاملو'!! الصفات أيضاء ولكنَّ أهل الكمال على درجات». وذواتهم ترجع 
إلى مثالاتهم. ولمّا كان مقام النبي 2# وذاته من درجات حضرة أحدية الجمع. ولابد من 
ومشاهد حضراته إلى جمالها إلآ أن يجذبه إليها. فافهم. وانكشفت مرتبة كل قسم من 
المتعبدين إلى مثالهم» وانكشفت درجة المصطفى 6. فافهم ذلك ولأجل ذلك أخبرت 
حالته عنه بلسان حالها على لسان الناظم أن مبدأ بذأته تجلى حضرات الله. تجلي حقائق 
الكائنات اللذان تسببا إلى فرقتى. 

قال: 

7 -همامَعَنافي باطن الجمع واحدٌ ‏ وأربعة في ظاهر الَرْقٍ عدت 

يقول: هما: أي رؤية الحضراتء ورؤية حقائق الكائنات. معنا: أي مع رؤيته. وإِنّما 
جمع بنون التعظيم» في باطن الجمع واحد؛ لأنّه لا في الوجود إلآ الحضرات كما يراها في 


(1) في الأصل و[س]: [كاملون]. 


غير الوجودء فلا يشاهد شيئاً إلآ ويرى فيه صفات الله تعالى [30و] لأنّها كذلك حقيقتهاء 
وقوله: وأربعة في ظاهر الفرق عدّت: أي الأولى وحضرات الظاهرّية براية النفس. والثانية 
الحضرات الباطنية براية الروح» والثالئة حضرات الجمع وجمع الجمع براية النفس 
والروح معاء والرابع حضرات أحدية الجمعء حضرات النبي . وكلّ هذه الأربع هي 
حضرة واحدة جامعة لها وهي حضرة أحدية جمع الجمع فهي في هذه واحدة» وتفصيلها 
من غير هذه أربع» فافهم ذلك. 

قال: 

8 - وإِنّي وإيّاها لذاتٌ وَمَنْ وشى20 بها وَنَّى عنها صفاتٌ تَبِدَتِ 

يقول: وإِنّي وإياها: أي تلك الحضرة المتحدة فيها الحضرات الأريع!') لذات واحدة 
هي ذاتي» فحقيقة ذاتي وكمالها بهاء وبغيرها كمالها لا يعتبر به مع مقابلة كمالها في ذاتي 
التي كملت بها ذاتي فكان عالم العلم [ ]3 للروح. وشى بها الذي يريد 
التفرقة من الأربع الحضرات الأصولية التي ذكرناهاء ومن ثنى عنهاء أي اللاحي» وهي 
النفس التى هى ذاته إذ أرادت أن تلومه بمشاهدة ظاهر المظاهر فسافر بها إلى أن اخترقت 
الأكوان؛ وتلاقى رؤتهاء ورؤية الرّوح فقد صرنا جميعاً ذاتاً واحدة» وصفات اتحدت 
بكمال واحد الإلهي في حضرة أحدية الجمعء أو جمع الجمع في الابتداء» فافهم. 

قال: 

9 - قَذَا مظهرٌ للرّوح ماد لأفقها شهوداً غدا في صيغة معنوية””ا 

يقول: فلا مظهرٌ هاد للروح في أفقها: أي الروح العلمي الأعلى, وأفقها العالم النوري 
الأعظم. أي ليس بيني وبين عالم العلم مظهر يتجلى فيه العلم كما يتجلى في الشهود 
من الموجدات؛ لأنْ ما فوقه شهود غير العلم: يقول: فلا مظهرا يظهر لروحي هنالك 
شهوداً غدا في صيغة معنوية أرى شهود العلم. وحضرات الباري منهاء بل ليس بيني وبين 
الحضرات المتجلية في ذلك البرزخ شيء غيرها. 


(1) وهي الحضرات التي وقف عندها حين شرح البيت السابق. 
(2) مابين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 
(3) في الديوان: [صورة] بدذل [صيغة]. 


قال: 

0 - وذا مُظهرٌ للنّفس عاد لرفقها وجوداً بدا في صورة عنصرية!) 

يقول: وذا: أي الشهود مظهر للنفس حاد: أي سائق إلى أفقها: وأفقها رؤية المشهود 
بالشهود. وجوداً: أي الشهود, بدا في صورة عنصرية: أي مصوراً من الطبيعة الكبرى 
الناسوتية حتى كرد الشهود. وتلتقي برؤية الروح. وتتّحد الرؤيتان2) إلى حضرات 
أحدية الجمع» وهي نفس العلمء والروح الأولى روح القلم» وهما نفسء وروح النبي 
فت وهي النفس الأعظم [التي ف فهمت الكثرة وميزت كل شيء وحده مما سيكون في 
علم الله إلى يوم القيامة» ولم تزل]) إمدادها نازلاً إلى اللوح المحفوظ إلى الطبيعة 
العنضرية الكبرى إلى السشموات: إلى الغناضر الوؤشطى إلى الأرض إلى المولدات: إلى 
الإنسان» وهو آخر الدورء إلى رجوع كل شيء كما كان. إلآ ما لحق النفوس من الأدناس. 

واعلم أنا لم نذكر العرش/ [والكرسي لاختلاف الناس فيهماء فقيل: العرش هو العلم 
النوري الأولء وقيل: الوح وقيل: فلك أعلى الأفلاك كلها]””'؛ وكذلك الكرسي قيل كما 
قيل في العرش إلا قيل إِنّه فلك تحت العرش» وقيل العرش في صورة إنسان والكرسي 
فثه لراش ! وأما القلم فلا يضح إلا أن يكون على صورة النبي 6ذ؛ لاله مثالة الذي وجد 
عليه كما ذكرناء فافهم. 

قال: 


(1) في الديوان: [عدا] بدل [بدا]ء و[صيغة صورية] بدل [صورة عنصرية]. 

(2) في الأصل و[س]: [الرؤيتين]. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 

(4)العرش: هو كما ذكر الشيخ ناصرء ويضاف إليه أنَّ العرش هو مستوى الأسماء المقيدة. وهو مظهر العظمة. 
ومكانة التجليى. وخصوصية الذات» ويسمى - جسم الحضرة ومكانهاء ولكته المكان المنزه من الجهات اللست» 
وهو فلك يحيط بجميع الأفلاك المعنوية. والصورية؛ وأ سبغ القوم عليه صفات منها: عرش الحياة؛ وعرش 
رحماني؛ وعرش عظيم؛ وغيرهاء ينظر موسوعة الحفني؛ ص [87. وموسوعة العجم. ص633. وما يعدهاء 
ومعجم أبي خزام» ص127. 

(5) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 

(6) الكرسي: هو كما ذكر الشيخ ناصر. ويضاف إليه أن الكرسي هو موضع الأمر والنهي. وتجلّى جملة الصفات 
الفعلية» فهو مظهر الاقتدار الإلهي. ومحل نفوذ الأمر والنهي والإيجاد والإعدام. ومنشأ التفصيل والإبهام؛ 
ومركز الضرّ والنفع ينظر موسوعة الحفني. ص924. ومعجم أبي خزام. ص147. 


4012 


اس # 


1- وَمَنْ عرف الأشكال مئليّ لم يَشّنِ 2 دشِرْك هدى في رفع إشكال شُبهة 

يقول: ومن كان مثلي في رفع إشكال كل شبهة مشكلء أي عسر فهمه لهاء وعرف 
حقائق الأشكال: أي المثالات الحق اليقيني هيئة وصورة. لم يَشْبْهُ: أي لم يخالط نور 
عقله» شرك هدى: أق خيالات باطلة تتراءى له كأنها مثالات [80ظ] حتى كما يتصور 
لغير الأنبياء [على العين الغريزية والعين المدبرة ذلك وهو الوهمء وقوله: ومَنْ كان مثئلي 
شرك معه الرسل]!!١)‏ والأنبياء. والملائكة؛ لأن هؤلاء الذين لا يخالط عقولهم الوهم 
صلاً. وفي ذلك إشارة إلى أن الحق مع من هو متمسك بدينهم وشريعتهم إذا افترقت أمة 
كل تبن افاقهيم: 

قال: 


ل[ 
[ 


- م 


2 - قذاتي باللّذات خَصّت عوالمى بمجموعها إمدادٌ بجَمع وَعَمَّتَ 

يقول: فذاتى: أي روعي نسي باللنات: أي بلذة المشاهدة للحضؤزات أحدية 
الجمع؛ خصّت عوالمي: أي كل جزء من أجزائي. وكل قوة من قواي بإمداد كل جزءء 
وكل قوّة بمشاهدة جميع حضرات الجمع؛ وعمّت كذلك أعضائيء وهي عوالميء فافهم 
ولك 

قال: 

403+ - فَجَادَتْ ولا استعدادٌ كشب بِفَيْضها ١‏ وَقَبِل التهيّى للقبول استعدّت 

يقول: فجادت لى بتجليها علت؛ ولا استعداد: أي من غير استعداد.» كسب: أي اجتهاد 
متى بفيضها على ذلك الاجتهاد. وقيل: التهيىء منى للقبول بالجلاء استعدّت هىء وأراد 
أنها هي هيأتني للقبول» والاستعداد. ثم هي تجلت عليّ فيما هيأته مني لقبولها لتجليها 
قال: 

4- فبالئًفِس أشباحٌ الوجود تنقّمتْ < وبالروح أروامحٌح الشهود تَهِنَّتِ 

يقول: فبالنفس العلميّة» وهي النفس الأعظم نفس النبي 6ك؛ أي فيها أشباح الوجود 
بدليل قوله تعالى: اكتب ما سيكون إلى يوم القيامة فجميع الوجود من فيض هذه النفمس 
(1)مابين المعقوفين ساقط في س. والزيادة من الأصل . 


43 


الكبرى العلمية تنعمّت بمشاهدة الكمال الإلهي يشاهد بها تجلى صفات الله عليهاء 
وبالروح الأعظم العلميّة هي روحه هدك ليس بينه وبين النور الأعظم العلمي الأول مظهر 
إلا هوء وبه جميع الأرواح التي نظر بمظاهرهاء تهنّت بالنظر إلى تجلي صفات الله تعالى 
عليه من غير حجاب, وأيٌّ شيء أعظم لذةً من ذلك؟ فإن قيل: وما الدليل على أن روح 
القلم هي التي عقله. وعلى أنَّ نفسه. وعلى أنَّ ذاته هي عقل النبي غن ونفسه ذاته؟ فنقول: 
الدليل أنَّ النبي 6 أفضل ما خلق الله تعالى» ولا يكون أعظم إلا أن يكون أكمل من كلّ 
شيء؛ والقلم لما أمره أن يكتب دلّ على أنه عقل العلم وكتب ما علّمهء وعقله فلو لم يكن 
النبي كلّه منه لكان هو أكمل منه في هذاء فإن قلت: يدل على أن العلم هو النبي 2#, 
فنقول لك: كذلك القلم إذا ثبت ذلك ثبت أنَّه القلم لا غير ومثال عقل النبي ميل وإمداده 
بعقل القلم مثل كوّة الببت وإيصالها بالهواء» ومثال علم القلم؛ وعلم النبي فيك مثل تجلي 
ضوء النهار» والشمس من هواء ذلك الكوّء فعقله» وعلمه متصل بعقل اللوح. وعلمه. 
وهما شيء واحدء كما أن هواء الكوّة؛ والهواء شيءٌ واحد. ونور الحق ونور هواء الكوّ 
شيء واحد. كذلك هماء فافهم. 
قال: 


ع ل 2 
5- فحال شهودي بَئِنَ سَاع لأفقه ولاح مراع رفقَه بالنصيحة 


يقول: فصار حال شهودي بين ساع لأفقه. وهو العقل الأعلى؛ وأفقه عالم النور الأعظم 
العلمي» وبين لاح يجرّه إلى رؤية ما سفل منه» وهي النفس الأعظم ناظرة إلى الوجود. وما 
فيه من العباد. مراع لرفقة منهم النصيحة بأداء الطاعة لله بالإخلاص له بدينه» ولرفقه: أي 
أولياء الله تعالى: بإعداد النصيحة من نور نفسى. 

قال: 

6 - شهيدٌ لحالي بالسماع لجاذبي ١‏ قضاءٌ مَقرّي أو ممرّ قضيتي"' 

يقول: شهيد لحالي: أي لصحة حاليء بالسماع لجاذبي: أي لجاذبة الرّوح إلى فضاء 
مقري. وهو نظرة إلى النور الأعلى الأعظم الذي [81و] هو حقيقة نور تجلي صفات الله 


(10) في الديوان: [بحالي] بدل [لحالي]. 


44 


تعالى» ولجاذبة النفس الكلية ممرّ قضيتىء أي لممرٌ تكميلى باختراق الشهود إلى مشاهدة 
المشهود بالصفات» وكفى بالسماع دليلاً على ذلك» ومراده وكفى بسماع الذكر الحكيم 
وكتب اللهء فلو كان الداعى غيري» والمذكور غيري لكان ذلك هو الأفضل. 

قال: 

7 - وَيْنِْتُ نَفْيَ الالتباس تطابقٌ ال مثالين بالخمس الحواس المبينة 

يقول: ويثبت نفي الالتباس عما قلته لإظهار صحته أنّي كنتٌ ناظراً حاضراً إلى رؤيتي 
إلى أفقى الأعلى تجلى صفات الله. وتجلى نظري إلى حقائق الوجود كله فى حال واحد. 
تطابق المثالين بالحواس الخمس: وهى: البصرء والسمعء والذوق,. والشمء واللمسء فإذا 
عرفت صورة الشيء بالبصرء ورأيته بعين عقلك فأنت تراه بالعين» وترى مثاله بعين العقل. 
وترى مثاله في مكانين بعين العقل إن كنت رأيته فيهماء إذا كان المكانان متقاريين'' 
فالمثال الذي تراه بعين العقل هو من تجلّي مثاله في اللوح المحفوظ الذي هو عالم 
المثال؛ فلمًا صمّ اجتماع رؤيتين في شيء واحدء أمَّا خياله في موضعينء وأمّا هو وخياله. 
وكذلك رؤية المرء وظله يراهما في حال واحد كذلك رؤية روحي لعالم العلم؛ ورؤية 
لعالم العلم من جهة الشهود. وكفى بذلك ححجة على صحّة إمكان ذلك. فافهم ذلك. 

قال: 

8- وَبَيِنَيَدَيْ مرماي دونك سرٌ ما 2 تلقّه منها النَفْسٌُ سرًاً نألقت 
ما تلقّته النّمس منهاء أي من الرّوح فألقته سر من الحضور والمشاهدة وصدق المحبة. 
وعلاماتها صحة المكاشفة, وهو ما أبديه لك فى هذه الأبيات. 


بيان في آداب سماع الذكر الحكيم؛ وفي السماع: 


إعلم أنّا قد ذكرنا أولاً أنَّ للّات الحجرية أربع قوى» وهي السمع والبصرء والقدرة» 
والنطق. وهي التي بنى الناظم عليها منظومته. فقّوتان منهما يخرجان منها إلى المظاهر. 
وهي القدرة والنطق. وقوتان يجلبان إليها علم ما بان عنهاء وهما السمع والبصرء وقوة 
البصر أدل على رؤية الحضرات الفعلية المطلقة لإمكان رؤية الكثير منها فى لمحة واحدة 
بخلاف السّماعء فلذلك كان الابتداء بها أولى في الحضرات الظاهرية» ثم بدأ في السماع. 
وبدأ بالذكر الحكيم, كلام الله تعالى» قال هو ما تراه في هذه الأبيات. 

قال: 

9 - إذا لاح معنى الحسن في أيٍّ صورة وناح مُعنّى الحَرْن في أي سورة 

يقول: 
صورة: أي في أيّ شيء. وناح -بالنون- معنَّى الحزن: والمعنّى أصله العاشق, ولكن أردنا 
هنا بعضاً من معناه» أي المشتاق الكئيب الحزين في أيّ سورة من سور القرآن العظيم 
وأراد بناح, أي إذا تلا الحزين المحبّ المشتاق شيئاً من سور القرآن العظيم بصوت مذكر 
خاشع فإنٌَ هذا القوي الحب في الله المكاشف بحضراته لا يلتفت إلى صوت القارئ» بل 
كلام الله تعالى يراه كأنّه هو يخاطبه بذلك تهديداً في موضع التهديد. ولطفاً في موضع 
اللطف. فإذا كان قويّ المحبة والمشاهدة والحضور إلى عظمة الله فإنه يُخاف عليه 
الصعق» ومن صعق فغير منكور عليه إمكانه. قال الله تعالى رخ اعبتو بت 
لدَّمْع ممَاعَرَفومِنَ ألْحَقٌ "1١4‏ فإذا لم تفض عينك دمعاً فكيف تنكر المحبة ومكاشفة الله 
تعالى؟ 

قال [81ظ]: 

0- يشاهدُها فكري بطرْفٍ تخيّلي ويَسمعُها فكري بمسشمّع فطنتي 

يقول: يشاهدها: أي الحضرات بسبب سماعى لتلك التلاوة من كتاب الله تعالى» 
بطرف: أي بعين تخيّليء أي مخيّلاً أي أسمع كلام الله من الله. وهو الحقيقة كذلك من 


(1) المائدة. الآية 83. 


الله لا لأي أخيّل الصوت أنّه من الله» تعالى الله عن ذلك علوأ كبيرا» ولكنّي أسمعه منه 
وأنا فى حضرته. وحضرة عظمته. وهيبته هيبة مكاشفة تصعق منها النفوسء وترتعد منها 
الفرائصء وتقشعرّ منها الجلود, وتهتزٌ منها الأعضاءء ويتلجلج معها اللسان؛ فإن لم تجد 
في ذاتك كذلك فلست من الكاشفين» والدّليل أنك لو دعاك ملك ولم تعرف ما عنده 
لك من خير أو شرّء وأحضرتٌ بين يديه» وكان ذا هيبة عظيمة لوجدت ذلك فى نفسك» 
وأنت مع الله في حضرته دائماء ولكن غير مكاشف يجلاله؛ وجماله؛ وكماله. وهيبته. 
وعظمته» وهذا صحة الدّعوى. وبيانها بل مثالك مثال الملك البعيد عنه المعتقد طاعته. 
كذلك قلبك محتجب عن الله وعن مكاشفتك إليه» ومكاشفته لك لاحتجايك عنده 
أكثر مما يكاشفها به من أهل المكاشفة» فافهم ذلك. 
قال: 

١‏ 5 1 2 و 

71- ويَحضرّها للنفس وهمي تصورا فيحسبها للحسّ وهي نديمتي"!! 

يقول: ويحضرها: أي تلك التلاوة للنفسء ولم يقل للروح. لأنْ حاسية السمع وجميع 
الحواس هي آلات نظر النفس للمحسوسات. لا نظر الرّوح في اصطلاحهم. وقوله: 
وهمي: أي تخيّل تصور أن الله يخاطبني في حين سماعي لكلامه العظيم في حضرة 
عظمته وهيبته» فيحسبها: أي وهمي وتصوري لوصولها للحسّ. أي إلى حَاسَية عين نفسي 
أن الله هو المخاطب لى بذلك» وهى نديمتى: أي حاسيّة نفسى أو التلاوة» أي وإن كنت 
أكاد أن أصعق فإنّي من حتى لسماعه هي نديمتي, أي هي غاية لذة سماعي للكلام الذي 
لا يلذ لي سواه ولا يذهب بنومي سماع غيره من الكلام. 

قال: 

2- فأعجبٌ من سكري بغير مدامة وأطربٌ في سرّي ومني طريبتي””ا 
بل شرابي في ذاتي» وسكري. وكأسي. وخمرتيء وكرمتهاء وإنباتهاء وثمرتهاء وعصيرهاء 
(1) في الديوان: [في الحس ] بدل [للحس 1 و[فهمي] بدل [وهمي]. 

(2) في الديوان: [طربتي] بدل [ طريبتي]. 


47 


ودنهاء وعاصرهاء كل ذلك يكون في حال واحد في ذاتي؛ ومن ذاتي. ولذاتي؛ وأطرب: 
أي وأغرّد بالكلام المذكر المشوق. في سري: أي في ذاتي» وهي عيون حجريء ومن 
ذاتي طريبتي: أي تغريديء وكلام التغريد كما يغرّد البلبل فرحا بنعم الله تسبيحاً لله جل 
وعلاء وكل هذه استعارات لكثرة المحبة» وهذيان الذات بها هو طربهاء أو كلامها لا 
بالحروف ولا بالصوت, ولكن بقوة الطلب والجد في السلوكء فافهم. 

قال: 

3 - فيرقصٌ قلبي وارتعاش مفاصلي 0 ويصفق كالشادي وروحيّ قينتي'!) 

يقول: فيرقص قلبي: أراد فيهترٌ من قوة الحبّء وترتعش مفاصلي خشية من الله تعالى؛ 
ويصفق: والتصفيق ضرب الكف بالكفء ويضطرب كالشاديء وهو المعتّى بإنشاد أشعار 
المحبة» وروحي قينتي: مغنية لي» فهذه استعارات» والمطلوب أن جميع أنواع الحبّء وما 
يتولّد معه. وبه. وفيه من شرب أقداح خمرء وغناء» وطرب. ورقصء كله ذلك كان فيّ 
ومني وبي» ولكن لا على ما هو مع أهل الهوى. والعشق؛ لأنه قال: ويرقص قلبيء ما قال: 
وترقص رجلاه. ويصفق قلبه لايداه. وروحه مغنية له لا لسانه» فدل على أنْ كل ذلك معنوي 
لآ صوريء فافهم. 

[2 8و ]قال: 

4- ومابَرِحَتُ نفسي تَقوَّتٌ بالمنى وتنحو القوى بالضَّعف حتّى تَقَوَّت!2) 


يقول: وما برحت [نفسي]: أي لم تزل نفسيء تقوّت: أي [تتقوى])» بالمنى: أي 
برجاء الترقي إلى الزيادة» واستعار اسم القوت وفعله؛ لأنه غذاء به يحصل النموه وحذف 
التاء من تتقوت هو مثل حذفها في قوله تعالى ا تََرّلُ الملتيكة وَألرُحٌ فيبّا 14" أي تتترّل. 
وقوله: وتنحو القوى بالصّعف. أي والقوى يضعفهاء أي مع حالة ضعفها تنحو أي تقصد 


(1) في الديوان: [يصفق] بدل [ويصفق]. 

(2) في الديوان: [وتمحو] بدل [وتنحو]. 

(3) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(4) مابين المعقوفين ساقط فى سء والزيادة من الأصل. 
(5) القدرء الآية 4. 


48 


درجات الترقى حتى تقوّت» أي صارت قوية على ذلك» [فافهم]!". 

قال: 

5 - هناك وجدتٌ الكائنات تحالفث2 على أنّها والعون مني معينتي 

بقول: هناك: أي في الحضرة التي هي أحدية الجمع. وهي حضرة النور الأول الأعظم 
الذي ذكرناه» وقوله: هناك؛ أي فيها جميع الكائنات تحالفت, أي تحالفت عليها وإليها؛ 
أي رجعت حقائق حضراتها كلها هنالك على أنّها تكون بمحالفتهاء أي رجوعها فيها كلها 
هي معينة لي على رؤيتها جملة واحدة» وتفصيلاء وسبب العون على ذلك كان منيء أي 
من ذاتي» والمعنى من صفاء ذاتي» وحبها إلى حضرات أحديّة الجمع» وسلوكها إليها. 
وقوة حضورها فيهاء وشهودها إليها فرأتهاء أي الكائنات كلها جملة» ومفصلة ذرة ذرة. 
وفي جملتهاء وفي كل ذرة من ذراتهاء أي حضرة أحدية الجمع مجملاًء وتفصيلاً أيضاًء 
فافهم. 

قال: 

0 و2 8 5 06 -اره 5 53 

6 - ليجمعَ جمعي كل جارحة بها ١‏ ويجمعٌ شملي كل مَنْبت شعرة”ا 

يقول: وإنما أشهدني الله تعالى كل الكائنات في حضرة جمعي مجملة ومفصلة. 
ليجمع جمعي: أي ليجمعَ كل جارحة مني حضرة أحدية جمعي بهاء ويجمع شملي كل 
منبت شعرة: وأراد يشاهدها مني كل جزء من أجزائي. وكل قوة من قواي. 

قال: 

0 7 0 _ 1 

7 - ويخلع فيما بيننا لبس بَيننا على أنني لم الفه غيْرٌ الفتي 

يقول: وإنما كان هذا التخالف كله إلى جمع هذه الحضرة الكليّة ليجمع جمع رؤيتي 
إليها جملة واحدة. وتخلع فيهاء أي في هذه الحضرة» كنا أي بينى وإيّاهاء نننا: أىّ 
فرقتناء أي لنزول التفرقة» على أنْني لم ألفه: أي ذلك البين» أي الفرقة» غير ألفة: أي غير 
اجتماع. والمراد أن هذا الأمر كله إِنْما كان ليجتمع نظري إلى جميع الحضرات, وتنتفي 
(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(2) في الديوان: [شملي] بدل [جمعي] و[ويشمل جمعي] بدل [ويجمع شملي]. 

429 


عني التفرقة على التي لم أَلْفَه أي لم أجد التفرقة أصلاً كما هي في مراتب غيريء بل لم 
ألف إلا الجمع. 

بيان في السير: 

قال: 

8 - تبه بنقل الحسٌ للنّفْس راغباً عن الدّرس ما أبدت بوحي البديهة'") 

يقول: لما قال في سلوك الروح ما تلقته منها قال في سير النفس: تنه بنقل الحم أي 
إدراك حقائق المحسوسات. للنفس: أي إلى النَّفْس ما أبدت إليك الحضرة الإلهية بوحى 
البديهة: أي الإلهام متنا يقربك إليها بالأصول الصحيحة التي هي تحبّها منك؛ وكنْ راغباً 
غرة الدرنين والاكساتبه االحزامق لسلس ع تقس ع 
وأعمال ودواع .ويما أندذتك النك:رلسان الال وجميع ذرّات الوجود هي دواع" 
تدعوك إليهاء وليس شيء في الكون من أمثال» وأشخاصء وصفات,. وهيئات» وعلوم 
وأعمال وهيئات إلا وهو يدعوك إليهاء وإلى ترك سواهاء وإلى فنائك عن كل شيء بما 
أوجبت عليكء أو أحبّته منك حتى المعاصي نفسها تدعوك إلى تركهاء كل ذلك بلسان 
الحال. ومن يدعوك بلسان المقال فهو يدعوك بلسان مقاله وحاله يدعوك بلسان حاله. 
وإذا نقلت ذلك إلى نفسكء؛ وخرقت بها الوجود فإنّها تلتقي رؤيتها ورؤية [2ةظ] الروح 
من عالم الغيب الذي يتجلى على الروح من غير واسطة شهود. 


قال: 
اي ود ل 0 منها شمال وَهِبَتَ 


و راسي لمكو و ل ا 
أنّه كلما هبّت ريح روح لطفها علي سحراً وأهدته إلى روحي فقد أهدت إليّ ذكرها فيصعد 
الروح إلى المشاهدة في عالم أفقه. واستعار لما تهديه إليه بريح الشمال؛ لأنها كذلك 


(1) في الديوان: [لنقل ] بدل [بنقل ]. 
(2)و30) في الأصل و[س]: [دواعي]. 


تذكره متى هبّت بما تهبّ إليه [هي]!!' من لطفها إليه بمناسبة إشارة منه إلى استعارة ريح 
لاحو وت ال ودار لبون (ارريع روات الحو وار الا 
استعارة ذم لها كأصحاب اليمين؛ ؛ وأصحاب الشمالء بل استعارة نه تفضيل» وتكميل المرء 
أحدهما بالأخرى. فافهم. 

قال: 

0 ويلعَذً إن هاجَنْه سمعيّ بالضُحى 2 على وَرَق وُرْقْ شَدَثْ وَتغنَتٍ 

يقول: ويلتذٌ إن هاجته: أى هتجتة لا يستعمل ثلائياً متعذياء وَإِنّمَا استعمله لضرورة 
مورق. وإنما اكتفى بذكر الورق من طريق ذكر إطلاق الملزوم إلى اللازم. ورق: أي 
حمامة» شدت: أي صوّتت بصوتها الذي يشبه المنشدة الأشعار على هيمانها فى حبّه 
وغنّت به» أي الحمامة بذلك الإنشاد ذكرني سماع كلام الحضرة المحبوبيّة ومخاطبتها 
إلى وهذا حال السّالكين؛ فهو الآن يدل على السلوك وصفته أن يكونوا كذلكء لا على 

قال: 


1 سس 


وَيَنْعمَه 


نَم طرفي إن رَوته عَشِيَةٌ لإنسانه عنها بُروق وأهدت 

ا ل 0 
وقت غروب الشمسء لإنسان: أي إنسان طرفه الذي هو بصر عينه» وأراد بذلك إنسان 
طرف عينه بنفسه إذا روت عن الحضرة الإلهية لهية ذكرها بروق لمعت وقت العشيّة؛ لأنها 
تكون أشدَّ لمعاناً من لمعانها في وسط النهارء وقوله: وأهدت: أي وذكرتني بذلك تذكارا 
لمعانى تجلى الحضرة علي؛ لأنه صار لا يرى شيئا إلا ويرى فى حينه ما يناسبه من 
الحضرة الإلهية. 


قال: 


(1) مابين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل. 


02- ويمتحه ذوقى ولمسيّّ أكوس ال شراب: إذا. للا غلئ أدوت1!) 

يقول: وقيه تقديم وتأخيرء وتقديره: ولمسي لكؤوس الكرات مع حضور عقلي» 
تحتحة: أي تمنح العقل الحضرة الإلهية بحاسّته لمسي للكؤوس تذكار كؤوس شرايهاء 
وكذلك تمنح عقلي شراب خمر محبتها بحاسّية ذوقي للشراب. إذا ليلا علىّ أذّرت: أي 
أدرّت بالشراب منهاء وفي نسخة2): أديرت» أي أديرت في المجلس. ولم يرد الكأس 
كأ البحمر ولآ الشرات شرات الخمر وإثما أراة بهما الاستعارة لكل شرات يشريه من 
الحلال بإناء» ذكره الإناء كأس الحضرة. وبما فيه من الشراب بخمرة حبّهاء وبالشرب بما 
فنها الكوت هر كتير المعنة الأله أرزاد أنه كلما شري فاه مق إناء ذكره ولك 

قال: 

3 - ويوحيه قلبي للجوانئح باطناً بظاهر 07 الجوارح أدّت 

بقول: يوحيه قلبي الجامع بين روحي ونفسيء, للجوانح باطنا: استعار هنا اسم الجوانح 
الخمس التي ذكرها أَدّت من المعرفة بإدراكها الظاهر من العلوم المحسوسات إلى قلبي» 
وقلبى يوحيه إلى الفهم. والإدراك. والمشاهدة إلى الحضرة الإلهية. 

قال: 

4 - ويُخضرني للجمع مَنْ باسمها شدا فأشهدّها عند السماع بجملتي) 

يقول: [83و] ويحضرني للجمع: أي إلى حضرة أحدية الجمع في القلب الجامع بين 
النفس والرّوح بذكر مَنْ شداء -بالشين المعجمة والدال المهملة- أي أنشد شعرا باسمهاء 
فأشهدها:أي الحضرة الجمعية الأحدية» عند السماع بجملتى: أي أشهدها بكل جزء من 
أجزائي وقواي. 

قال: 
(1) في الديوان: [أديرت] بدل [أدرّت]؛ وسيذكر الشيخ ناصر هذه الرواية. 


(2) هذه إشارة أخرى إلى توافر النسخ بين يدي الشيخ ينتقي منها ما يشاء. 


(3) في الديوان: [في الجمع] بدل [للجمع]. 





8 - فتنحو سّماء الخ روحي ومظهري ال مسوّى بها يحنو لأنراب زربي 

يقول: فتنحو: أي فيقصد حين أسمع ذكر اسمها في الإنشاد روحي إلى سماء النفخ» 
أي نفخ الروح» وهو علم الغيب. وعالم العلم المتجلي به الله أولا في غير الموجدات» 
وهو الذي من نوره وجد نوره © فتجلى الله تعالى بالصفات أولا ما تجلى بالعلم به على 
ذلك النورء وذلك العلم هو الظاهر''» في المظاهر الشخصية. وذلك العلم الأول هو هذا 
العلم الذي إليه عين جهة الرّوحء وهو عالم القلم. وعالم قلمهاء وعالم الغيب المتجلي 
به الله تعالى» ومظهري السمعيء أراد مظهر سمع عينئ نفسه الناظرة إلى المحسوسات» 
وجهتها إلى جهة المحسوسات. يحنو: والحنين من الإبل إذا اشتاقت إلى إلفها وموطنهاء 
وذكرها الحادي حنّت بأصواتهاء وأسرعت في سيرها إلى أوطانهاء كذلك يقول حاسة 
سمع نفسي تحسق لأتراب تربتي؛ أي إلى تركيب صورتيء وأراد بذلك إلى اختراق حقيقة 
صورتيء وصور الكائنات كلها بالنظر إليهاء وإلى تجلي العلم الغيبي فيها حتى يلتقي 
برؤية الرّوح» وهو عالم العلم» وهو وطنهاء ومنه افترقا: النفسء, والروح فلم تزل تحن 
حتى وصلت. واكتفى بذكر الجزء بقوله: لأتراب تربتي» عن ذكر الكائنات كلهاء وبذكر 
السمع عن التظر. والمراد بذلك كله وهو عند أهل الحنظق من ذكر الجزء بإرادة الكل» 
وقد جاء استعماله كثيراً في الذكر الحكيم. وعرفت الرّوح أن نظرها إلى عالم الغيب لقوله 
تعالى: #وَتَمَحَتٌ فيه ين روج » أي من عالم غيبي الذي تجلت به عليهاء وقوله جل ذكره: 
«الرُوحٌ مِنْ أَمَرٍ رق #. أي أمر رتاني لا يدعو إلا إلى الله تعالى» فهو بمنزلة نبيَ معصوم 
من الخطأء ولا يتخيل له الوهم؛ لأنْ الوهم يتخيل من عالم المثال والخيال. وإليه جهة 
نظر النفسء وأما جهة نظر الرّوح فإلى جهة عالم الغيب. لا إلى المحسوسات ولا إلى 
المثالات والخيالات. فافهم. 

قال: 

6 - قَمِنَيَ ممجذوبٌ إليها وججَاذْبٌ ‏ إليّ وََرْمُ اللَرْعِ في كل جَذْبةٍ 

يقول: فمئني: أي فبعض مني» وهي روحي ونفسي» مجذوب إليها: أي الحضرة 
المحبوبيّة» وبعض مني جاذب إلىّ: أي روحي ونفسيء كل منها جاذب لكل ذرة من 


(1) في س: [الظاهري] بدل [الظاهر]. 


أجزائي لقوة محبتهماء كذلك إلى الحضرة؛ وفي كل جذبة من الحضرة لروحي ونفسي. 
وفي كل جذبة من روحي ونفسي لذرات أجزائي مثل نزع النزع» أي مثل نزع الروح 
للموت من الجسد. فالحضرة تجذب الروح والنفسء والنفس والروح يجذبان إليهما 
أجزاء ذرات بقوّة محيّتهما للحضرة لا لمحبتها إليهماء فافهم ذلك. 

قال: 

7 - وماذاك إلا أن نفسي تذكّرتْ << حقيقتها من نفسها حين أَوْحَتِ 

يقول: وما كان سبب ذلك التجاذب من الحضرة الإلهية لروحي ونفسي»؛ وتجاذب 
ل ا كد ال ا 
ل ل 00 
وما بينهن» ومن لوح وقلمء وما تجلى الله به من العلم به. كل ذلك لأجلهاء وليتسع علمها 
فيهاء وتشاهد الله بصفاته. وتخترق [3:ةظ] عالم الملك». وعالم الملكوت. وهو عالم 
الأرواح والمثال والمعاني» وعالم الجبروت؛ وهو عالم العلم الإلهي الغيبي المتجلي به 
الله تعالى» ويرى الكل علما متحدا إلهيا توحيدياء فلمًا تذكرت» أي حققتث شهود ذلك 
وقع التجاذب. 

قال: 


ل 


468 - فحنت لتجريدٍ الخطاب يبَرْزِخ ال تراب. وك آخذ بازمني 
يقول: فحنت لمشاهدة حقائق قى الخطاب الإلهي. الذكر الحكيم, القرآن العظيم الكاشفة 
حقائقه الحضرات الإلهية» وقوله: ببرزخ التراب: أي كلام الله المثلي بعالم الأرض» وهو 
القرآن العظيمء وكتب الله تعالى كلهاء وكل: أن كلام الله وكل حضرة من حضراته. 


اعد بأرقكن؟ أن 'قاقك يحل زعام بقرة المح له الدشرقا وخيهوداء فين أخدة لروسه 
ونفسهء وروحه آخذة لكلّ جزء من أجزائه» يريد أن يصحبها معها شوقاً إلى الحضرات» 
وإلى حضرات حقائق الذكر الحكيم العظيمء وإذا شئت أن تعرف أحوال المكاشفين 
لحضرات الله تعالى» وحضرات خطابه بكلامه العظيم» وتصححح أحوالهم, فانظر إلى ما 
يبديه إليك من الأمثال؛ والقياسات» والحج في الطفل!!' يُري كل شيء يبديه لك آية من 
لاما سما قا ا 0 بحر إلهي؛ ومدد ربّاني جل الله. 
يوق أمَحكية نينا وك نوت العحكة فيد وق 2 حكن وهَا بد ضيك إل أرارا 
0 

قال: 

9 - وينبيك عن حال الوليدإذانشا بيداً بإلهام كوحي وقطنة7) 

يقول: وإذا شعت أن تعرف صحة قولي إِنَّ تكرار التذكّر لأفعال الله تعالى من لطف 
وإحسان. وكرامة. وإلى أفعاله وصفاته. مع تطهير النفس من كل رَيّن أله لاب أن يترقَى إلى 
مقامات عليّة شريفة ينتهي بها إلى أن يتذكر بذلك كلّ ما شاهده؛ وينسيه عن كلّ ما سوى 
ذلك ينبيك عن شأنى هذا الذي قلته لك. الوليد: أي الولد الصغير إذا كان بعده منذ خلق 
لم تمض" له إلا أياماً قليلة قد نشأ فيها بليداً لصغره فيفهم ويعرف بإلهام هما كوحيء أي 
مثل الوحي الذي يوحى به على أهل العلم على قدر ذكاء عقولهم. كراء بعرت ابيع 
إليه؛ ويعرف أبويه» ومّن يحسن فيه. وإذا ربط برباط حنّ وبكىء وإن كُلّم صغى وسكت 
كالعاقل المستمع؛ وينسى ما كان فذكر به. كل ذلك دليل على صحة السلوك إلى الله 

قال: 


(1) قد يبدو (الحج في الطفل) مقحماً في هذا الموضع. واستضأنا بما سيأتي وهو حديث ابن الفارض والشيخ ناصر معاً 
عن (الوليد) الذي يأتيه الإلهام. وقبل هذا وبعده تحولاته المختلفة؛ فكأنّ هذا مثل ذاك؛ فالطفل يرى في الحج ما لا 
يراه غيره بفضل الله ونعمائه. 

(2) البقرة» الآية 269. 

(3) في الديوان: [شأني] بدل [حال] و[وإن] بدل [إذا]. 

(4) في الأصلء و[س]: [تمضي ]. 


0- إذا أنَّ من شدّالقماط وحنَّ في نشاط إلى تفريج إفراط كُبة 
: 9 : 

31 - يُناعَى فيُلفى كل كَل أصايّه ويصغفى لمن ناغاه كالمتنضت 

2 ويُنْسيه مُرَّ الخطب حُلْوٌ خطابه ١‏ ويُذكرُه نجوى عهود قديمة 


3- وَيُعْربٌ عن حال السّماع بحاله قيَنْيِتٌ للرقص انتفاءً النقيصة 


يقول: إذا أنَّ وبكى الرضيع في مهده من شدّ القماط» وهو ما يربط به من الثياب في 
مهده. وحَنَ وهو في نشاط: أي صحة وقوة. وطلب منه إلى تفريج إفراط كربة من ذلك 
الرباط» أو مبتغيا أمّه يناغيء أي يخاطب بنغاه الذي لا يفهم. لمن ناغاه: أي لمن كلّمه 
وخاطبه. فيلغى: أي يترك كل ما به: أي جميع ما أتعبه وأعياه تعبه فيه تحمله فكل عن 
الصبر عليه؛ ويصغي لمن ناغاه كالمتنصت العاقل الفطن. العارف الفاضلء وينسيه مرّ 
الخطب: أي مرارة الخطب. أي اليلاء والتعب الذي تعبه وآلمه من رباط وجوعء يريد 
الغذاء بالرضاع. حلو خطاب المناغي له: أي حلاوة ذلك في قلبه؛ أو ينسي حلاوة نغي 
الطفل في قلب المناغي له الذي ناغاه مُرّ المصائب فيغفل عنها بسماعه لنغاه وترئمه به 
ويذكره نجوى: [84و] أي محل عهود قديمة إذا كان قد ولد أولاداء وماتوا عليه» وقد 
ناغاهم كذلك؛ وحينئذ يعرب: أي يكشف عن حال السماع أَنّهِ يذكر أموراً قد نسيهاء ونسي 
أموراً هو فيها فيعرف ذلك من معرفته بحاله. وحينئذ من كان من أهل المحبة لله قويا 
يثبت منه انتفاء النقيصة منه. أي يثبت زوال النقص عنه. أي نقص عقله بشهود الحقٌ 
فيما قلناه؛ لأنَ نفيه إمكان ذلك. ومن نقصان العقل لقلّة وصوله إلى هذه الدرجات. وإذا 
اتتضح له هذا القياس. صم معه الإمكان للرقص. أي إلى الطرب والاهتزاز بقوة الحبّ 
للحضرات وللمشاهدات إليهاء فافهم ذلك. 

قال: 

4- إذا هام شََوْقاً بالمناغي وَّهمّأن يطيرٌ إلى أوطانه الأوَّلية 
5 - يُسكُنٌ بالتحريك وهو بمهده إذا ماله أيدي مربيّه هرّت 
يقول: إذا هام شوقاً بالمناغي. أي بالطفلء وبما تذكر به إلى تصفية روحه. وتزكية 
نفسه. وتلطيف حواسه. وانقياد أعضائه. وتقدّس فكره. وإخلاص أعماله إلى الله تعالى» 


456 


والتقرّب إليه بما يحبّه منه» وتصدق المحيّة. وهم أن يطير إلى أوطانه. أي أوطان روحه 
ونفسه. ومساكنه الأولية التي هي ظاهرة في عالم المثال ثم في عالم القلم؛ ثم في عالم 
العلم بالمشاهدة لله بالصفات؛ وسكن اضطراب شكه في صحة السلوك؛ أنه ينسيه عن 
كل سوى المحبوب بما رآه ف فى الطفل أنه يسكن بالتحريك وهو بمهده؛ والمهد الذي 
يفك دهان لبخرك يه كما قال إذا ماله: أي حرّكه. مربّيه: أي التي تربّيه. وهزّت 
المهد عليه سكن عن الأنين والاضطراب والرقصء كذلك تعلم هذا أنَّ الحركة هي التي 
تسكنه أوطانه؛ لأنَّ حقيقة المحب أن يتذكر بكلّ شيء كل ما يناسبه أن يذكر به محبوبه» 
ثم يتحرك بالسعيء وإلا فلا ينفع تذكارٌ لا سعيَ معه. 

واعلم أنه تارة يخبرك السالك عن نفسه ترغيباً إليك» وإن كنت لا تبلغ منزلته. فإنَّ 
المرء يأخذ من العبادة قدر قوته» وتارة يخبرك عن حالة السلوك» وما ينبغي فيه وما يوقظه 
إليهه ويرغية فيه ويحكي لك بثالك عن نقسهة وهو فق مرتية أعلئ: كل ذلك تطمعياً لاك 
إكدارة :وستعيوه) للظادجيع و الجعناة كاونه وبر هو وها ور من الدلالة والدليل ريم 
إلى ذكر حاله في السماعء فافهم. 

قال: 

6- وَجََدْتٌ بوجد آخذي عند ذكرها بتحبير تال أو بألحان صيّت 


5 من و 2 
7- كمايجد المكروبٌ في نَرْع نفسه0 إذا ما له رُسْل المنايا توفت 


يقول: وجدت بوجد: أي هويت بهوى آخحذي. أي جاذبي إليهاء أي الحضرة عند 
ذكرهاء بتحبير تالٍ: أي بتحسين صوت للقرآن العظيمء أو الشيء ممّا يقرب إليهاء أو 
تذكرني بها فيرتفع الصوت تارة وينخفض أخرىء أو بألحان صيّت من تحسين صوت في 
شعرء أو في شيء حلالء أو نغمة طائر» أو صوت حيوانء أو ريح» أو صوت نارء ورأى 
حمرة» وكل صوت مترنم مباح سماعه فكل ذلك يحرّك النفس إلى رؤية الحضرة وسماع 


كلامها بلسان الحالء وتذكر به الرَوح» وتشوق الروح.ء والنفس إلى مشاهدة عالمها 
العلمي فنظرت الروح بالمشاهدة إلى عالمهاء ونظرت النفس باختراق المشهود عوالم 
الحعن الى غال الجلم: وجو عانم الروح حت وبع ا في عالبيها الذي نتروا متف فترزى 
الذات العالمّين: عالم الغيب» وعالم الشهادة كله علمًا واحداً متحدًا توحيدياً إلهيأء كمالا 
وجمالا وجلالاء فكانت الروح كالباعثة بالتشوق للنفسء والنفس كالباعثة بالتذكار للروح 
فالحضرة تجذبهاء وهما يجذبان كل جزء من أجزائي شوقا إلى ما اشتاقاه ولكن لا تقدر 
على الصعود'!"» [84ظ] فصار ذلك كأنّه نزع الروح مني للموت فصرت أجد ذلك كما 
يجد المكروب في نزع نفسه. إذا ما رسل المناياء أي ملائكة الموت» توفت له روحه في 


شدة الألم هو معي ألذّ شىء. 
قال: 
2 2 2 4 
8- فواجدٌ كرب فى السّياق لفزقة كمكروب وجد في اشتياق لفؤقة2) 
9 - فذائَفْثهرَقَتٌ إلى مابدابه وروحى ترنك للمبادى ١‏ لعليِّةاةا 


يقول: فإنَّ شدَّة واجد. أي ملاقي كرب في السّياق. أي في سياق الموت بفرقة من 
جسده ممّا يجده في ذلك من الكرب والألم والتعب فهو كمكروب. أي مثله» ومثل 
مكروب واجد: أي حبّ قد فارق أحبابه» وحنّت نفسه وروحه إليهم بشدّة تعب الفراق 
وقوة حبّه» وشمّره شدّة كرب شوقه وألم فراقه إلى المسير إليهم. وذهب يقطع الفيافي 
والقفار ولم يبال أن يلاقي ما يتلف روحه. أو منعه عن المسير إليهم؛ فحتّت الروح 
والنفس. ولم ثَرَ روحه ونفسه بفراقها جسدها فصار ذلك المحبوب أحبّ إليهما من 
ججاهواء: فهر والذى انزع وود في التلاء يوا وق انتيلك <للهة "ليحت ولو كان 
سبب موته. وهذا مشاهد في الناس» وفي محبوب لمحبة ذات أحبته» وربما أن صورته 
غير محبوبة بالجمال فكيف من شاهد [الجمال المطلق ]1 الإلهي؟ فذا نفسه: أي فذا 


(1) في س: [الوصول] بدل [الصعود]. 
(2 )فى الديوان: [لرفقة] بدل [لفرقة]. 

(3) في الديوان: [ما بدت] بدل [ما بدا]. 

(4) في الأصل: [يبالي]. 

(5) مابين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل . 


العاشق نفسه ترقّت إلى حبّ ما بدا له. أي فأحبٌّ ما ظهر له من الجمال المحبوب فى 
نوري لنتن الدؤاة عجان يتقان السزوة يل الى احنة لا جا لزنف لق تعد له 
فجذب حبّه إليه فكانت هكذا فيه أحواله. وروحي ترقت للمبادي العليّة: أي إلى مشاهدة 
مبادي جمال الحضرات العليّة الإلهية» وجعل ما يتجلى له منها مبادي؛ لأنّ جمالها لا 
نهاية له. ولا يمكن أن ينظر إلى بعض الجمال منهاء فافهم. 


كد كا 


الباب الخامس عشر 


في التوحيد المتوسط بين الخفي والجلي المتكمل به مقامه اكلا بلسان المقام الأحمدي 
الحاصل في سفره الرابع غة. 

قال: 

0- وباب تخطي اتصالي بحيتٌُ لا ١‏ حجابّ وصال عنه روحي ترقت 


يقول: ولمّا ذكر سفر النفس في الحضرات الظاهرية في المحسوسات. وما في ذلك 
من التوحيد الإلهي ذكر سفر الرّوح في الحضرات الباطنة» حضرات أسماء صفاتف 
وأسماء ذاته جل وعلا فقال: وباب تخطي اتصاليء بفتح الألف من اتصاليء لإقامة 
الوزن يقول: وأمَا باب تخطي اتصالي بالمشاهدة إلى الحضرات الباطنة الإلهية» بحيث 
لا حجاب وصال: أي بحيث لا حجاب موصل إليها جعل الشهود مُحجباً؛ لأنّها برؤيتها 
إلى ظواهرها حجبت أهل العمى عن مشاهدة الجمال الإلهي مع أنها هي الموصلة للنفس 
إلى المشاهدة والكمال الإلهي لأهل الكشف. 

وقوله: عنه روحي ترقّت: أي من حيث ليس حجاب موصل إلى المشاهدة ترفّت عنه روحي 
فاخترقته. هو للنفس حجاب موصل ترقت عنه النفس فاخترقته بل باب اتصالي إلى مشاهدة 
الحضرات الإلهية بغير حجاب موصل هو باب الروح. فإِنَّ جهتها إلى عالم العلم الإلهي 
واتصالها به من جهة العلم الغيبي المتجلي به الله على القلم واللوح» كذلك يتجلى به على قلم 
روح الذات الحجرية» ولوجها من جهة عالم الغيب» وإن شئت أن تعرف ذلك فانظر إلى علم 
الإلهام الذي لم يصل إلى النفس بالحواس. ولا بالقياس إلى ما وصل بالحواس. فإِنّه هو من 
عالم الغيب» والمراد من عالم الغيب المتجلي به الله تعالى؛ لا الغيب الذي لا يتجلى به فإِنْ 
الغيب له معان وقال الله تعالى: لبوْمونَ أل 1١4‏ ويريدٌ بذلك كل ما غاب عنهم؛ وسمعوا 


(1) البقرة, الآية 3. 


441 


به كالحساب»ء والجنة والنار. والكتبء والملائكة» وأخبار الله وهي محققة في العقول. ومع 
تحمّقها أسماها الله تعالى بالغيب» [85و] ومع أهل هذا العلم في اصطلاحهم عالم الغيب!!) 
هو العلم الذي تنظره الروحء ويصل إليها من الله تعالى من غير جهة المحسوسات بالحواس. 
فافهم ذلك. 

قال: 

1- على أَنَرِي مَنْ كان يُوئِرٌ قَضْدَّه كَمِئْلِيَ فليركبٌ له صِدق عَزمة 

يقول: وفيه تقديم وتأخيرء وتقديره: ومن كان يؤثر قصده كمثلي في قصدي يمشي في 
سلوكه على أثري فليركب له» أي قصدي صدق العزيمة؛ أي فليجعل مطيّته صدق العزيمة 
ويركب عليه وينجو” بالنفس كما ذكرت له؛ وكما أذكر له فيما سأبديه الآن تتمة لبيان سفر 
النفس حتى ترى الشهود برؤية الرّوح لهاء وكذلك على أثري يمشي بالروح» وبالأعضاء 
في كل حركة؛ وسكنة منه في كل لحظة فإنّه يصل إلى حضراتيء وإن لم يجمع الكل فإِنَ 
الكل حضراتي مع الله تعالى» وهي حضرات لكل سالك مالك. خلق الأشياء إلا للعلم 
به» والتكمل بكماله» فافهم ذلك. 

قال: 

2- وكم لجَة قد حُْضْتٌ قَبْلَ ولوجه فَقِيرٌ الغنى ما تلت منها بتُغبةاة) 

يقول: وكم لجّة قد خضتها قبل ولوجه. أي باب هذا المقام بالتوحيد بالأسماء 
المشتملة على اسمه الظاهرء وبالتوحيد المشتملة على اسمه الباطن» والرؤية إلى 
حضرات هذه الأسماءء والجمع لرؤية رأيتها إلى أن وصلت إلى المقام الأعظم الجمعي 
بينهماء ثم رمت الترقي إلى هذا المقام» وأنا فقير الغنى» أي فقير من الغنى الموصل إلى 
هذه الحضرة قبل اليوم» وما نلت منها في ذلك الوقتء بنغبة: أي بجرعة من شرابهاء ولما 


(1) الغيب: هو الأمر الخفيَ الذي لا يدركه الحسّ, ولا تقتضيه بديهة العقلء أمَا عالم الغيب فهو عالم الأمرء وعالم 
الملكوتء وهو عالم الأرواح والروحانيات؛ لأنها وجدت بأمر الحق بلا واسطة مادة ومدة» ينظر موسوعة 
الحفنيى. ص892) وموسوعة العجم؛ ص602. 

(2) في الأصل و[س]: [وينجوا]. 

(3) في الديوان: [مابلَ] بدل [ما نلت]. 


442 


ترقت قوتي ووصلت إلى هذا المقام رمت الذي أعلاه. 

قال: 

43 - بمرآة قولي إن عَرَّمتٌ أريكه فأضغ لما ألقي بِسَمْع بصيرة 

يقول: بمرآة قولي: استعار لقوله: بالمرآة التي تظهر فيها مثالات الصورء واستعار 
لما يظهر له من صدقه وصحة معناه كما يظهر المثال في المرأة. يقول: إن عزمت إلى" 
السلوك بطريقتي فاصغ2» أي أنصت بأذنيك لما ألقي» أي لما أطرحه عن رؤيتي» ولما 
ألقي إليك من القول بسمع أذن العين البصيرية العقلية» وهي الداعية إلى الله تعالى؛ لأنّنا 
أخبرنا أولاً أن للعقل ثلاث عيون: أحدها مثل الساحرة في بعض الناس قد تعلمت السحر 
من الشيطان. وصادقته فهي لم تزل تلعب بخيالاتها. وهي العين المدّرة» والثانية العين 
الريويةء رهن مكل املك القوية القاهزةوتظلن )لقن والتاء الخراتى الظاهن والعلوء: 
والثالثة العين البصيرية» وهي مثل الرسول والنبي في التمثيل» وهي الداعية [إلى]" الله 
تعالى» وهى الى ذكرها الناظ» وقولهة وإن عزمت بقزة القصده» والرغنة فإتى اريك أي 
أريك قولي كما ترى؛ [فافهم ذلك]1". 

قال: 

4 - لَقَظْتٌ من الأقوال لفظيّ غَبِرةً ‏ وحظّي من الأفمالٍ في كل فملّة 

يقول: لفظت وطرحت مأخوذ من لفظ المرء الشيء من فمه إذا ألقاه وطرحه. وقوله: 
من الأقوال لفظي -بفتح الياء- أراد [قولى]!3). غيرة بالغين المعجمة. وبالعين المهملة: 
أي لم أنظر إلى رؤية قولي إنه متّي؛ لأنه لا عن اختياري. ولكن أراه عن نعمة من الله 
وبقدرته إذ الكل نعمة من الله. فإن عبدته بقدرته ونعمته فلا أرى أنّي تفضلتٌ بشيء. بل 


الكل مكمركا الفح عزنا لفسال فى كل فغلةه :لم أن إلى عملي رفن للعبافة لله أله 


(1) في س: [على] بدل [إلى]. 
(2) في الأصل و[س]: [فاصغي]. 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. والزيادة من الأصل . 
(4) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(5) ما بين المعقوفين ساقط من سء والزيادة من الأصل. 


منّيء وإن كان مني فإنَّ الكل نعمة منه إذ كل فعلة فعلتها من العبادة فهي منه وبه. وأنا نعمة 
لذّاتي منه وبه كنت» وقوله : غيرة بالغين المعجمة: أي عند مشاهدتي لجمال جلال حضرة 
النعم الإلهيء ومشاهدة حقارتي» وعدم كون شكر مني له إلآ منه وبه» فتغار ذاتي أن ترى 
أنَّ حضرة النعم الإلهي لي شركة فيها مني إليها بما يكون مني في شكرها. وعلى معنى 
عبرة بالعين المهملة: أي لفظت [85ظ] ذلك مشاهدة أنَّه متى نظر إلى حقيقة النعم أنّها من 
حضرات النعم الإلهي عبرة» والعبرة اعتبار الشيء. أي تأويله؛ وأراد به عبرة الباطن» وهي 
المشاهدة الحقيقية» وهي مشاهدة حضرات النعم الإلهية» [فافهم ذلك]1'". 

قال: 

445 - وَلَخظي من الأعمال حُسْسُن ثوابها وحفظيّ للأحوال من شَيْنٍ زيئة 

يقول: [وطمحت]”' [كذلك]/") في سلوكي إلى هذا المقام الأعلى الذي أنا قاصده. 
رؤية لحظيء أي ملاحظتي, والملاحظة هي نظر العين إلى الشيء. 

قوله: على الأعمال؛ أي على رؤية الأعمال سن ثوابهاء فلا أنظر إلى ذلك أصلاًء 
وكذلك طرحت حفظيء أي كثرة محافظتي للأحوال؛ أي على طلب أحسن الأحوال في 
كل هل من أعمال الطاعاتالفسحييعة التى عن تبنكها مت ولن: 1 

وقوله: شين زينتي: أي تلك الأعمال هي في الحقيقة هي الزينة ما وجب منهاء وما كان 
نفلاء ولكن شينها رؤيتها بعين الرضا عنهاء وأنا طرحتٌ منها ذلك الشين فلم أرض عنهاء 
ولم أر' نفسي أنّها حافظت على أحسن الأعمال أصلاً؛ لأنّي كلّ ما أعمله في حضرتها 
وتجليها علي لا أراه يستحنٌ اسم شيء, بل هو كأنّه شيء لا يُرىء أو ليس بشيء كان مني 
أصلاء وكذلك في الحقيقة» إذ الكل من الله تعالى. فما يعبد الله تعالى المرء إلا به وإذا 
كان لا يقدر أن يعبده إلا بالله فالكل منه» وهذه مقامات التبري من الحول والقوة والطؤل 
إلا بالله العلي العظيم فلا حول عن معصيته. ولا قوة على طاعته ِلآ به جلّ وعلاء ثم انتقل 


(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 

(2) في الأصل: [وطرحت] بدل [وطمحت]. وأثبتنا ما في س. وبه يستقيم الكلام. 
(3) مابين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل . 

(4) في الأصل و[س]: [أرى]. 


444 


إلى رؤية أخرى في لفظه ووعظه ونظره إلى أعماله وتجلي حضرات الله فيها. 

قال: 

6 - وَوعْظي بصدق القَولٍ إلغاءٌ حلص وَلفْضي اعتبار اللّفْظ في كل قسشمَة قشمة 

قر ولد جل ل نان ادر رويطل لي ب و 
حقء كذلك طرحت رؤيته فكان كأنّه إلغاء مخلص لا ينظر إلى شيء من أعماله. ولا يسمع 
لشو من أقواله» وإنما يفهم من إلغاء كما يفهم كلام جميع خن الموتجو واه ما تقوله اسان 
الحال» كذلك أنا إذا سمعثٌ أذني كلامي إنما يتجلّى لي شهود الحضرات. وكلامها ينبئ 
عنه لسان حاله لا بما قالته لساني بمقالتها فأفهمٌ منه عبارتها دون عبارة قولي» فكان معي 
كأنه إلغاء ظاهره لا معنى له. وإِنَّما المعنى هو الباطن» وهو دلالته على تذكار كلامها فأفهمُ 
منه ما يقوله من القول ما قاله لسان حاله فيهاء وذلك معنى قوله: ولفظي اعتبار اللفظ في 
كل قسمة من ذرات الوجود فإنَّ كلّ ذرّة هي تتكلم بلسان حالها في قسمتها وحدها من 
الوجود. كذلك اعتبار لفظي هو مثل اعتبار ألفاظ الموجودات بدلالتهاء والمراد بالاعتبار 
هنا في تأويله وعبارته؛ فافهم. 

قال: 

7 - فقلبيّ بيت فيه أسكنُ دونه ظهورٌ صفاني عنه مني حُجْييي 

يقول: ولمّا كان أول شيء كان في الإيجاد هو نور تجلي صفات الله تعالى؛ وهو العلم 
والمعرفة لأنوار كالأنوار. وما كان من ذلك النور وجود نور ذاتي ونوري وصفاتي. وكل 
شيء وجد فهو منه فلا غرو صار قلبي بيت" فيه أسكنء أي أنا البيتء وأنا الذي سكنت 
ذلك البيت» كما هو في القلم هو من ذلك النوره وسكن فيه ذلك النورء والنبي هم في 
الحقيقة هو ذلك النور الأولء وإِنّما وجد ما وجد من جميع الموجودات هو من فيض 
نوره» ومن ذلك النور كانت الكعبة التي هي القبلة ففضلت لفضل ذلك النور. يقول: ومن 
نوري بيت دونه» أي دون ذلك النور الأعلى» وهي [36و] الكعبة فيها ظهور صفاتي؛ لأنّه 
ما كان فضلها إلا لفضل النور الأعلى؛ وهو متى كان كونهاء وهي حجيبتي عنه؛ أي من 


ظهور صفاتي كالحاجب القائم على الباب» وهذا مما يدل على أن النبي في أفضل من 
الكعبة» وهي أفضل من كل بقعة في الأرضء وليس في الحقيقة التوجّه إليها لهاء وإنما 
التوججه إليها لله تعالى» ولكنّها كالوسط الذي يتوجه إليه كل العباد من كل جهة» وجميع 
الأرض ا وك فا كينا أت جميع الوجود كان من نوره كل وجميع يع الموجدات لله 
و ا ا 0 
وَل الموجود إلى يوم فنائه"/. فصار في الحقيقة هو القبلة بالإتمام في التوجه إلى الله 
تعالى» ومّن زاغ عن توججهه فقد ضل ضلالاً بعيدّاء ووجب عليه المقت من الله جلّ وعلا 
من جميع الكائنات. ولكن لم يخالف شيء ذ في الوجود إلآ هذا العاصي القبيح الضعيف. 
قتحه الله تعالى حين قبح ذاته. فكانت الكعبة من أدل الأشياء على مشاهدة حقيقة 
النبي 8 وعلى مشاهدة توجيه كل شيء إلى الله تعالى بالتوجيه. فافهم ذلك. 

قال: 

8 - ومنها يُميني فِيِّ ركنٌ مُقبَّل 2 ومن قبلتي للحكم في فَيٍّ قبلتي” 

يقول: إن أصل جهتي إلىء أي المتجلي في ذاتي علمه تعالى فهو جهتيء فكانت ذاتي 
منها يميني: وهي العين البصيرية الواجب الإتمام بها إلى الله فهي ركن مقبّلي» ومن قبلتي 
للحكم فىّ: أي ومن اللازم ومن المستحب التوجه إليه بنور المحبة الإلهية في الحكم هو 
في ذاتي التي هي العين البصيرية» فهو قبلتي» وهو في ذاتي فصارت حقيقة القبلة الباطنة 
في ذات المرءء وهنّ كالمساجدء. والنبي [صلى الله عليه وسلم]”" كالكعبة كل ذات 
تتوجّه إليها لله تعالى» وفي قوله (منها) إشارة إلى ركن اليماني أنها في ظاهر صورته كأنها 
يمين يده منه 8 في التمثيل بالتوجه إليه لله بالإتمام به في كل شيء» فافهم ذلك. 

يقول: 

9 - وحولي بالمعنى طوافي حقيقة وسعبي لوجهي من صفاتي لمَرُوتي 


يقول: ومن حولي بالمعنى الباطن الحقيقي طوافي: أي بقبلتي التي بذاتي. وهو العلم 


(1)الهاء في [فنائه] تعود إلى الوجود. 
(2) يرد العجز في الديوان هكذا: [ومن قبلتي في فيّ للحكم قبلتي ]. 
(3) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س 


الإلهى والكمال الحقيقى الذي خلقت لأكملها به. وهو المتجلى فيها فصار هو القبلة؛ 
وتوججهي إليه؛ بالمعنى طوافي حقيقة: أي باطناً لا تويّه الظاهر بل حقيقة التوججه الباطن؛ 
وحقيقة توجه الظاهر إلى المنجلي في الذات علمه؛ ومعرفته جل وعلا إذ لا يصح أن 
يُتوجه إلا إلى الله الذي عرفه في ذاته وبذاته. فمعرفته فيهاء وقوله: وسعيي لوجهيء أي 
إلى توجّه وجهيء وأراد وجهه العين البصيرية» وتوجّهها إلى الله تعالى؛ أي إلى توجّه عين 
بصيرتي؛ فإن قلت: إِنّه قال لوجهي, ولم يقل لوجهه وجهي. فنقول: لو قيل لرجل إلى أين 
تذهب؟ فقال: لوجهيء كان جواباً تامأ مفهوماً أنه أراد أذهب إلى أين توجّه وجهيء أي 
إلى تلك الجهة؛ وقوله: من صفاء لمروة أراد بالصفاء صفاء العين الغريزية» لمروة: أي 
إلى صفاء العين المدبرة حتى تكون محل واحدة كاملة الصفاءء وأشار بالتوجه إلى جهة 
العين البصيرية التي هي الرّوح إلى عالم الغيب من الحضرات الباطنية الأسمائية الإلهية» 
وبالصفا والمروة إلى اختراق عينئ النفس عالم الشهود بالحضرات الظاهرية إلى أن يصل 
حضرات حتى يشاهد هو في كل شيء وفي كل مثل؛ لأنَّ المقصود من نظم منظومته أن 
يرى الحضرات في كل شيء على الإطلاق. لا فيما يذكره في نظم فقطء وإِنّما يذكر في 
نظمه كالشبه» ولذلك تظتّه أنه لم يزل يتكلم في معنى واحد لا غيره في كل ما يأتيهء فافهم. 
[86ظ]. 

قال: 

وفع وني جره كو اطي امن جاهري ومِنْ حوله يُخْشى تخَطفٌ جيرتي 

يقول: وفي كون حرم مكة. وجعله الله آمناً إنّما هو من أمان باطني من أمن ظاهريء 
والمراد بباطنه هو النور الأول الأعظمء وأمن ظاهره هو ظهوره في الوجودة فهو في ظهوره 
في أمن من اختلافه في صفاته يوم كان نوراء فلذلك كان حرم مكة آمناً حيث كان كله في 
صفاته على شبه بعض صفاته» وهذا الأمن من حوله تخشني جميع المعلومات» تخطف 
جيرة: أي أن تتخطف بالجيرة إلى حرمه فهو كله قدس» وذلك إشارة إلى باطنه بالبيت» 
وإلى ظاهره بالحرم» ولا تجوز أن تتخطف دلالات الموجودات إلى ذلك النور بحيرة؛ 
لأنَّ ذلك مما ينفي على أنّها غير دالّة على توحيد الله. وهذا هو مراده أنَّها كلها دالّة على 
الله بصفاته شاهدة على أنّ ذاته لا يعرفها إلآهو. ولا يصحّ أن تتجلى على شيء حتى على 


4117 


العلم الأول الذي تجلى من نور صفاته في أول الإيجاد. وهو النور الأعظم. 

قال: 

1 وَتَنْسي بصومي عن سواي كرا | ذكث وبفضل اللَيِضٍ عني تزكجا"' 

يقول: ونفسي بصومي: أي مع صومي. وأراد به الإمساك عن الغفلة بمشاهدته حقائق 
الموجودات التي هي تجلي الحضرات فيهاء تفرّداً أي انقطاعا©» عن التعدية بذلك حتى 
أترقى بها [ ]0 بل الحضرات المتجلية فى الوجود كلها إِنّما أشاهدها من أول 
بدايتي» لأتي يُاهَدٌ مني ما فوق الأفق» وهو الذي أشاهده في الموجودات من غير تن 
بالمر جودادة فلي اللحقيقة 9 اكباعديها فى الزخره لا تلكو »لاد شدي ذيلك كلا يمر ا: 
ذاتي فأنا أشاهدة بذاتي في ذاتي» ولا أرى ذاتي ي أرى فيها ذلك العلم المتجلي فيها فكان 
كأنّه هو ذاتي» فنفسي وانقطاعي عن كلّ شيء تفرداً برؤية تجلّي صفات الله جلّ وعلاء 
وزكت نفسي: وبفضل الفيض من نوري وعلمي في جميع الوجود زكت. أي ذلك الذي 
أفيض من نوري على الوجود هو زكاة من النفس» ففرضت الزكاة لوجود الزكاة من نوري» 
وفرض الصوم لإمساك نفسي عن رؤية كل شيء إلا نوري» وتجليَ صفات الله عليه في أول 
الإيجاد وفرضت الصلاة لخضوع ذلك النورء وانقياده لله تعالى» وفرض التوجه إلى القبلة 
لتوجه جميع الموجودات إلى ذلك العلم الأول الذي هو نوري» وفرض الحج والطواف 
لسير دلالة كلّ شيء إلى ذلك العلم الدالٌ على توحيد الله؛ وفرض الطواف لإحاطة ذلك 
النور على كل شيء؛ وعلى هذا القياس 4 

قال: 


2- وَشفْعْ وجودي في شهودي ظل في ات حاديّ وترًا في تيقظ غفوتي 


(1) في الديوان: [زكت] بدل [تزكت]. 

(2) في الأصل و[س]: [انقطعا]ء وهو تحريف. ما أثبتناه يستقيم به الكلام. 

(3) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 

0 يناريا الاين ناور اناري ما شاع في كتب القومء وأشار إليه الشيخ ناصر نفسه من أن ألفاظهم لا ينبغي 
لها أن تؤخذ على وجهها الظاهرء بل الرمز والتلويج هما المخرج وها هو [الصوم] > و[الزكاة] و[الطواف]» 
وغيرها تقدّم بمحمولات دلالية مغايرة تماماً للمألوف. فكأنَ خدش المألوف هو النهج, وتقديم البديل المعنوي 
التابع من التجربة ذاتها لا من خارجها. 


4148 


يقول: وشفع وجودي. أي كان الله ولا شيء معه؛ ثم كان الله ولا وجود إلا النور 
الأعظم الذي هو نوري في شهوديء أي كان إيجاده في حين شهودي تجلي صفات الله 
جل وعلاء ظلّ: أي صار فى اتحادي. وتراً: أي نوراً واحداً متحداء برزخياء لا جزء, ولا 
كون؛ ولا تمييز؛ لأنَّ التمييزموجود وكلّ موجود فهو من ذلك؛ وذلك التجلي بالصفات 
في غير مظهر الأنفس اتحاداً لعلم من تجلي الصفات. قوله: في تيقظ غفوة قصرت كأنّي 
في حين معرفتي بالله في ذلك متيقظ من غفوة. أي نومء وأراد أني من حين كنت نورا 
كأني تيقظت من غفوة انتبهت في الحال فعرفت الله تعالى» وقبل وجودي لا وجود لي؛ 
وإِنّما كنت في علم الله بي لا غيرء وهو المسمى مع أهل التصوف بالشؤونء والشؤون هي 
المعلومات التي علم الله أنه سيوجدها قبل أن يوجدها""'". 

قال: 

3 - وإسراءً سِرّي عن خصوص حقيقة إليّ كسَيْري في عموم الشريعة 

يقول [57ةو]: 


واإشتراءةونهو فد اللا اولك هنا أراد [ يعفر ]01 معان وهو النكر والمشى لا عيذ 
يقول: وسير سيري إليّ بروحي بالمشاهدة إلى أفقهاء وهو العلم الغيبي عن خصوص 
حقيقة خصصت بهاء والحقيقة علمه الباطن الذي خصّ به كان ذلك إلى خصوصا أراه فى 
ذلك العلم كسيري في عموم الشريعة إلى الله تعالى» وأراد بذلك أنّه تحقق معناه كل شيء 
من الشريعة هو لأجل كذاء ومن قبل كذا يشاهده في تلك الحضراتء ومن ذلك العلم كما 
ذكرناه فى افتراض بعض الفرائتض. 

قال: 

4- ولم ألَهُ باللاهوت عن حكم مظهري 2 ولم أنس بالناسوت مُظهرٌ حكمتي 

يقول: وفيه تقديم وتأخيرء وتقديره وباللاهوتى. وإنما حذف الياء لإقامة الوزن» أي 
وبفنائي في مشاهدتي للعلم الإلهي في حضرة أحدية الجمع لم أله أي لم أغفلء ولم 
(0)هرَ الحديث عن (الشؤون). 


(2) كلمة [بعض ] يخلو منها الأصل و[س]. وأثبتناها جرياً على أسلوب الشيخ ناصر. وبها يستقيم الكلام. 
44 


أشتغل عن حكم مظهري الذي ظهرت فيه لأداء ما وجب علي فى الشريعة أذاؤه فرضاء 

أو العمل به استحبابء وترك ما لزم تركه فرضاً واستحباباء وأمر كال أهل الباطل» ولم 

أنسّ: أي لم أغفل مظهر حكمتي. أي تحقيق ق يق الحكمة في ظهوري إلى الوجود. ولماذاء 
وظهور حكمتي التي هي العلوم؛ والدعاٌ إلى الله تعالى» وشرح الشريعة؛ ولإظهار فضلي 
لذلك على جميع الوجود. لم أنس تحقيق هذا بتحقيق العلم الناسوتي في تكوين جميع 

لحرت ا وإ ا 
من النور الأعلى إلى آخر ما أمرت به أن أظهره بحقيقة الرؤية من غير أن يشغلني شيء عن 

شي واللاهوت:والنانتوت لم يذكرا فن كلام العرث» ولاافي عل الشرليفة: وإنما كان 

من موضوعات النصارى حيث استعملوهاء وأرادوا باللاهوت سر الإلهية وبالناسوت 

الطبيعة(!'» وقالوا: تلبس اللاهوت بالناسوت. ودخل فيه ا" ضنورة عنس 7 

أن الله وكفرو| هذا القول: ون أن عما يدل علق أن اللذعوت هر نعي الألت ومع 

لامر قد الالفى بالعرية نا يرو (. غائها مادق يموع الا دن لعن 
وهو ابن عبد الله المذهب. ونهاه عن المزاح معهمء وكان في طاعته زماناء فأتاه يومأ في 

صورة طير فقال له: ما أعجبك للصّيد أنت! فغضب المذهب وقال: والأسماء اللاهوتية» 

والحروف النورانية لولا العهد الذي بيني وبينك لمزقتك تمزيقا كما يُمرّ 7 الرّيح العاصف 

في في التراب؛ فارتعدت فرائص الرّجل هيبة منه» ولم يقدر أن يدعوه سنة كاملة حتى صَلّح 
بينهما الشيخ الذي آخى بينهماء ولولا أن كلمة اللاهوت معروفة في لغة معلومة لما 

قسم بها الجني. والأسماء اللاهوتية هي الأسماء الإلهية من أسماء ذاته» وأسماء صفاته. 

وأسماء أفعاله» وقول النصارى إِنَّ اللاهوت دخل في الطبيعة الكبرى فظهر عيسى قنع 

فهو ابن الله تعالى. وقيل: إِنْ أول من تكلم بهاتين الكلمتين من المتصوفين النوري27) 

(1) مث الحديث عن الناسوت. وما يقوله الشيخ ناصر هو الصواب من حيث إِنَّ المصطلحين نصرانيان» وهما من 
أصل سرياني قديم بدلالة أنهما مختومان بواو وتاء. 

(2) النوري: هو أحمد بن محمد النوري المتوفى سنة 295 للهجرة؛ ويعرف بابن البغوي نسبة إلى قرية اسمها بغشور 
بخراسان وإن كان قد ولد ونشأ ببغداد» وله طريقة صوفية تنسب إليه يقال لها النورية. صحب النوري مجموعة من 
الصوفية منهم الجنيد» والسري السقطيء والقضّار» وغيرهم وممّا يروى عنه أنّه كان يحمل غداءه من بيته في الصباح 
متوجها إلى حانوته فيتصدق به في الطريق» ويظل صائما بقية اليوم؛ فيظن أهل بيته أنه يأكل في الحانوت» ويظنّ أهل 


السوق أنه يأكل في بيته. وظل على هذه الحال عشرين سنة؛ ولما توفي قال عنه الجنيد: منذ مات النوري لم يخبر عن 


40 


فقال: 

سبحان ‏ من أظهر ناسوته سيد نينا 79١‏ .هوتة-”. الثاقنت 
حتى بدا في خلقه ظاهراً في صورة الآكل والشارب'"' 
أي سبحان من سر سناء أي نور لاهوته. أي نور صفاته الثاقب. وهو النور الأول 
الأعظم الظاهر من تجلي صفاته. وهو نور المعرفة الذي تولد منه القلم» واللوح, ثم 
الطبيعة» وهي الناسوت. وقوله: أظهر ناسوته؛ أي الطبائع حتى بداء أي ظهر في خلقه 
ظاهرء أي الناسوت في صورة الآكل والشارب. أي انتهى الأمر في تكوين الناسوت؛ وهو 
الطبيعة الكبرى حتى ظهر منها كل موجود. وآخر ما ظهر منها الحيوان في صورة الآكل 
والشاربء والجميع أصله ناسوت واحدء أي طبيعة واحدة» وهو الجسم اللطيف الذي هو 
غير متجزئ [87ظ] أجزاء فهو الجزء الذي لا يتجزأ فأشار إلى إيجاد جميع الموجودات 
بهذين البيتين. وقد مرّ شرح ذلك. ثم استعملها الحلج2! في مناجاته فقال©: اللّهم 
أنت المتجلي عن كل جهة؛ قيامك بحمّي وقيامي بحقك يخالف قيامك بحقي؛ لأنْ قيامي 
بحقك ناسوتية» وقيامك بحمّي لاهوتية» وكما أن ناسوتيتي مستهلكة في لاهوتيتك غير 
ممازجة لهاء و لاهوتيتك مستولية على ناسوتيتي غير مماسٌ لهاء أن ترزقني شكر ما أنعمت 
علي به حيث غيبت أغياري بمشاهدتك بصفاتك. ومراده أن قيامه بحقّ ربّه ناسوتية» أي 
قيام طبيعة ظهرت جوهراء واتصفت بأعراض فلا يصمٌ أن تشابه قيام ربّه؛ لأنَّ قيام الله 
تعالى به قيام إلهي؛ وكما أن ناسوتيته مستهلكة في لاهوتية ربّهه أي لحقارتها في مشاهدة 
الصَفات اللآهوتية لا ترى شيئاً؛ لأنها فانية متفرقة أجزاء في صفاته جل وعلاء فإنَ ذلك 


(1) ليس البيتان للنوري. بل للحلاج؛ وهما في ديوانه بنضّهماء ينظر ديوان الحلاج. ص291: ومع البيتين بيت ثالث 
هو: 
حتيو لقدعاينه خلقه كلحظة الحاجب بالحاجب 
(2) الحلاج: الحسين بن منصورء المقتول سنة 309 للهجرة ببغداد. الصوفي المشهور. أصله من البيضاء من كور 
اصطخر بفارس؛ ولتلقيبه بالحلاج أقوال منها أن أتباعه قالوا إنّه لقب بالحلاج لأنه كان يكاشفهم بما في قلوبهم 
الفا وام عا سوا رارك ا 01 جاور جي0 لو متو 1 نتهى الأمر بقتله» ترك ديوان شعرء وكتباً 
منها الطواسين. وبستان المعرفة؛ والتفسيرء وغيرهاء ينظر عنه موسوعة الحفني. ص164. وما بعدهاء والأعمال 
الكاملة للحلاج. قاسم متحمد عباس مع مصادره. 
(3) هذه المناجاة من أقوال الحلاج في كتابه (نصوص الولاية)» ينظر. ص 246 باختلاف يسير. 


451 


كفر'')» وكذلك قوله: ولاهوتيتك. أي وإلاهيتك مستولية على ناسوتيتي؛ أي مستولية 
بالتدبير لها من غير مماسّة؛ وليس فيما قاله خطأء فافهم ذلك. | 

قال: 

5 - فَعَنَي على النَفْس العقُودُ تحككمثُ ومني على الحسٌ الحدود 5 

يقول: فعن عهدي الله بالطاعة والعبادة يوم كنت نوراً ثبتت ثبتت العقودء أي العهود التي 
قطان دع عن ركه بار لاق جنيع العر كا وف الى ا ديد : 
ويثبت لهم الإيمان بإيماني لله تعالى؛ وينهده تعالى لي عهد تنصل» وإعلاع لي وجطيع 
من وجد من نوري الأول قوله: هلقنا بي دُريَتَْجَ 2 أتبعنا بهم ذرياتهم إلا مَنْ ضيّع 
نااقيف لنمن ذلك العود حك + وعلى كر عن رحدو الله تقال تن ايفين الكدود 
أقيمت على الحسّ. أي على الحواس الخمس ما يلزم كل حاسَّته من العبادة لله» أو على 
الاستحباب» بقوله تعالى في عهده لي أوجد معي من نوري الأول من العباد: لأ وَمَا خَلَقَتٌ 
ِلْنَّ والإنس إِلَّا لَبدُون 31#. 

قال: 

8 وقدجاءني مني رسول عليه ما ١‏ عَنِتٌ عزيز بيء حَريصٌ لرأفة 

يقول: وقوله تعالى: #لَقَّدْ بةحَكُمْ رثوك مَِنْ شرك عَزِيرٌ عََئهِ مَا عَنِثرْ 
حَرِيض ‏ بكم بالْمْؤْمِييت روف 2 44 ومعنى هذه لقد جاءكم أيها العرب 
رسول من أنفسكم. أي عربي من أشرف العرب. وممن رضيتموهم أن يكونوا سادات 
لكم من قبل كانت الأمم الذين هم يفتخرون عليكم برسلهم. الآن لكم الفخر على 
جميع الأممى عزيز عليه: أي صعب شديد عليه» [ما] بمعنى الذي. أءى الذي عاندتم به 
من الخلاف لدين الله. والشرك بالله تعالى حريصء أي ضنين» متخوّف بها عليكم» وهو 
بالمؤمنين رؤوف رحيم. 
(1) يريد الشيخ ناصر بقوله:8 إِنَ ذلك كفر'ء لو قال بغير هذا لصار كفراً. 
(2) الطورء الآية 21. 


(3) الذاريات. الآية 56. 
(4) التوبقء الآية 128. 


42 


وصفه بغاية اللطف للمؤمنين» وبنهاية الشدة والصّعوبة على الكافرين» والمقام 
المحمدي يقول بلسان حاله مخبراً عن قول حاله 8: وقد جاءني. ولمّا كان النبي غتة 
أب لجميع الموجدات فهو في الحقيقة أب لجميع العباد. والعباد كلهم هو أبوهم. وذكر 
الله تعالى الأبناء بالنفس فقال تعالى: #وَلا ع أنفيحكم أن تا كوأ من بُيُوتِصكُ 1١#‏ أي 
بيوت أبناءكم؛ لأنّه ذكر أقارب المرء؛ ولم يذكر وله فدل على أنه أزاة ذلك ولد 
وسمّى نساءه أمهات المؤمنينء فكذلك هو أب المؤمنين» فقال تعطفا وتلطفاء وإظهار 
شفقته للذين اتبعوه من المؤمنين أولياء الله تعالى» وفيه تقديم وتأخيرء تقديره: وقد 
جاءني؛ أي جاءكم مني رسول تقديره: رسول منكم من أنفسكم. أي أشرفكم. وفي قراءة 
بفتح الفاء2)» وبضمّهاء ومني تتمة الكلمة من أنفسكم على الوجهين يصح؛ لأنه متكلم 
بالإشارة إلى الآية قوله: [عزيز عليه] أي صعب عليه أن يترككم [88و] على ما عننّم به 
الله تعالى» عزيز: أي ضنين» حريص: أي ضنين أيضاً لرأفة» أي لكثرة رأفة بي» أي بكم 
فأضافهم إلى نفسه في كل كلمة منه مبالغة في كرامته لهم؛ ولأنَّ حقيقة [كمالهم أن يجدوا 
بكماله فيكونوا في الحقيقة شيئا واحداء حقيقة واحدة؛ ونورا واحدآء ونورهم من نوره لا 
غير فافهم]!3. 

ويتضمن معنى آخر يقول: ولقد جاءني منّيء أي من ذاتي إلى رسولء وهو الآمر 
الداعي إلى الله تعالى في العين البصيرية من أنفس عيون ذاتيء أي أشرفهنّ» عزيز عليه 
ما عنتّم: إشارة إلى العين الغريزية» والعين المدبّرة» والخواطرء والحواسء والأعضاء. ما 
عنّتم» أي الذي لا يليق بكم من عمل أو غفلة» حريص عزيز بمعنى ضنين لشدة رأفة بي؛ 
وعليَء وبكم. وعليكم؛ رؤوف رحيمء وأراد بذلك تمثيلآ لنفسه أن فيه مئال جميع ذلك؛ 
وأنَ أمر العين البصيرية بمنزلة الرسول من الله تعالى في الدعاء إليه؛ وفي العظمة عن 
الخطأ في كل ذي حجرء فإن أطاعه أطاع الله. وإن ا و الله 050 المراد 
بمنزلة نبي في كل حالة» ولكن في العصمة, والدعاء إلى الله تعالى. وفي لزوم طاعته. وفي 


(1) النور الآية |6. 
(2) جاء في المحتسب لابن جني 1/ 306: ما نضّه: «ومن ذلك قراءة عبد الله بن قُسيط المكي: لقد جاءكم رسول من 
أنفسكم. قال أبو الفتح: معناه من خياركم: ومنه قولهم: هذا أنفس المتاع. أي أجوده وخياره». 
(3) مابين المعقوفين مكتوبة في الهامش في الأصل. 
403 


حكم كُفر مَن خالفه فيما يكفر بخلافه. وكذلك النبي ؛ 8م فيه هذه العين» ويلزمه طاعتها 
لله. والتوجه إلى توجّههاء والامتثال لأوامرهاء ولا يجوز له خلافها فهي بمنزل رسول من 
الله تعالى عليه أيضاً فاعجب من رسول [عليه رسول من نفس جل الله تعالى» وهو على 


كر ا 
قال: 
7 - فحكميّ من نَنْسي عليها تَضَبِنّه | ولما تولَّثْ أمرّها ما تَولَتِ 
يقول: إن ن حقيقة العلم تقضي أن يكون عليه ما عليه لواجب الوجوب. وجميع ما تعبد 


الله به العباد. وجميع دلالات الوجود. وما لزمها أن تشهد به هو من دلالة العلم» وكل ما 
سيكون في الوجود إلى يوم القيامة هو من العلم الأول الذي منه القلم واللوح. وإذا كان 
ذلك القلم الأول النور الأعظم هو أنا كان حكمي في كل شيء هو حكم نفسي بذلك 
على نفسيء لأني أنا النور العلمي» وأنا القلم الحكمي في الإيجاد الأول. وما قضيت به 
فقد قضيت به على نفسي؛ لأنْ ذلك القضاءً به سابق في العلم الأول وأنا هوء ولمّا تولت 
أمرها: أي ذاتي ما تولت: أي لما ظهرت في الوجود. وما تولّتء بل أدّت الشهادة على 
وجههاء والأحكام حكمت كما سبق في العلم الأول النور الأعظم. إذ الكل مني أينما 
توججهت بفكرك تجدني أنا ذلك في المعنى الأولي لا في التشخيص. 

قن قالت: قرفي كرت هو وهر غنوه يعد به اللفع وا ننه تقر لدهية؟ تقول :انه قله 
أي من نوره الأول؛ ولمّا خالف ذلك النور الذي أطاع الله؛ وفارقه وجب عليه العذاب, 
والولة من الأب. وليس هو هو في الأحكام والتشخيص. د يعني أن كل شيء أصله متولّد 
مئي» ومّن اعد نه احا بعوعه إل الانض عريم تان دوين حص نقد خريه رع اانا 
كالبحر العذب الحلو فيؤخذ من قعري التراب» ويعجن بذلك الماء فيصوّر منه أشخاص» 
ويشرب منيء وسعد مما أسقيه من الأشجار فإن أحييته فللنسبة» وإن عصى فأبغضته 
فلخلافه وفراقه. وكراهيته ألفتي. وإن كان كله منّي كان كونه فقد تشخص. فافهم 
ذلك. 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س: والزيادة من الأصل . 


44 


قال: 

8 - ومن عهد عهدي قبل عَصر عناصري إلى دار بَعْغث قبل إنذار بعثتي 

يقول: ومن عهديء. أي زمن عهديء أي علمي ومحبتي, وإلزام الطاعة لي من حين 
ظهور النور الأعظم في أول الإيجاد قبل وجود الزمن وغيره» وقبل عصر؛ أي زمان 
عناصريء أي تركيب صورتي البشرية» أو صور الموجودات كلها أنني رسول إلى دار 
بعث» وهو دار إيجاد الوجودء وبعثها إظهار وجودها بعد عدمهاء وقبل إنذار بعثتي. أي 
قبل ظهوري في مكة [8ةظ] والمدينة رسولاً إلى الخلق أنّي رسول إلى كافة الوجود؛ لأني 
كنت أوَّل معاهد لله بعبادته يوم كنت نوراً في أول الإيجاد. وعبدته» وثبت ذلك لكل شيء 
وجد من نوري ولم يضيع فصرت إمام المتوجهين إلى الله بالعبادة والطاعة» وكل شيء 
متوجّه إلى توجّهي لله تعالى؛ ويعبدون الله عبادتي» ويطيعونه مثل طاعتي. ففي المعنى 
فيهم كالرسول إليهم؛ ولو لم يشاهدوني؛ لأنَّ الرسول رسول إلى كلّ أمة ولو لم يشاهدوه. 
ولو بلغ امرؤ قول رسول قوم, وهو من أمته ولكن لم يسمع باسم الرسولء وعبد الله بما 
جاء به ذلك الرسول لكان هو رسول إليه وعليه ومن أمّته. فكل شىء من جهة الأكوان 
ارصم ماقف لاج الطاقة سيلا القد بن نهو في اللفقين لاقن لمجو دك أءة 

قال: 


يقول: وفيه تقديم وتأخيرء وتقديره كنت مرسلاً رسولا مني إليّ» بفتح الياء وتشديدها: 
الى ذاتي» وذاتي استدلت على بفتح الياء وتشديدها: أي على ذاتى بآياتى» أي بقوى 
ذا الأربع التي هي السمعء والبصر. والنطقء والقدرة» وأراد هنا الرّسول هو إرساله 
رؤية ذات روحه إلى العالمين الغيبي والشهوديء ورؤية ذاته إلى عالم الشهود بقوة قدرتها 
فأتت له من العلم الإلهي هي رسل إليه. فالرؤية رسله. ورجوعها رسله إليه» وبحقها أرسل 
رشلة إليهغ ولكل من عيذ الله ولك هنكي إلى توف كز الاحفيان للمرم:وكبوك 
صحة الأسباب, وكذلك قوله: ذاتي بآياتي» أي بقوى ذاتي الأربع» فهي آيات للذات 
الإنسانية» واستدلالها على ذاتها معرفة الذات نفسها بهذه القوى, وأنّه يمكن أن يستكشف 


455 


بها الحقائق. والعلوم الشريعة بالسماع وبالنطق. وبالقدرة بمظاهرها الظاهرة في هيكل 
جسدهاء فمن شاء فليجتهد فإِنّ الذات عارفة أنها ما حُلِقَتُ إلا للعبادة» وهي ميسّرة بهذه 
القوى» ومعرفتها بهاء ووجودها في الكتب الإلهية وآثار العلماء أهل الاستقامة في الدين» 
فافهم ذلك. 

قال: 

0 - ولمًا نَقَلثُ النَفْسَ من مُلك أرضها بحكم الشّرا منها إلى أرض جَنَّدَذا) 

7 - وقد جاهدث فاستشهدثٌْ في سبيلها راث بيُشرى بَيْعها حين أوفت 

2- سَمَتْ بي لجمعي عن خلود سمائها 2 ولم نَرْضٌ إخلادي لأرض خليفتي 

يقول: ولمّا نقلتٌ رؤية عين النفس من ملك أرضهاء أي من رؤية عالم الملك بالرؤية 
الظاهرة المجرّدة عن الرؤية إلى حقائقها بحكم البيع مني بيع القطع. والشرا من الحضرات 
الإلهية الجمعية بشرط التجرّد والخلا عن كل حاجب مانع عنّي إليهاء إلى أرض جنة: أي 
إلى أرض خلع البقاءء والخلود الدائم فيهاء وهي الصّفات الإلهية التي د يصحٌ أن يتخلق 
بهاء ويكلع على جهاء قوله بي يسنعة وب بصن وبي يعكل» وبي يبطش» وبي ينطن. 
وبي يتحرك. وبي يسكن, وما خلد أهل الجنة في : نعيم إلا لخلع صفات الخلود عليهم في 
الدنيا ممّن خلع عليهم؛ أو من ثبت لهم خلع آبائهم» وأبيهم آدم: ونور النبي كع وقوله: 
وقد جاهدت في إتمام العهد. وفي ذلك إشارة أنْ التمني للكمالات بغير سعي لهاء وأنّ 
بينه وبين الحقيقة» والاستقامة» والكمالات أمور صعبة كالجهاد للأعداء بالسيوف. 
وقال: فاستشهدت» أي فماتت بالسيوف. وقال: فاستشهدت». أئْ فماتت في سبلهاء أي 
في سلوكها إليها موت خضوع لها وخشوع وإذعان» وتجريد من كل شيء سواها؛ أن 
الميت لا يشغله شيء أبداء فكذلك هو لا يشغله إلا محبوبه؛ لأنَّ موته به وإليه» وفيه» 
وله. وفازت ببشرى: أي برجاء قبول بيعهاء أي ذاته لهاء أي إلى الحضرات حين [39و] 
أوفت الحضرات أنّها لنقلتها عهداً منها أنّ سبب الوصول فقتلتها ففرحت بالقتل حين 
أَوْفَتء ويحتمل أَنَّهِ أراد وقت ذاته بما عليها من الشرطء والأول أصح. والغالب في كلمة 
[أوفت] بغير ألف. وإنّما استعملها فاستحسنها لإقامة الوزن» فلما وفت بالقتل سَمَتَ 


(1) في الديوان [ملك] بدل [أرض]. 


بي» أي غلت بي لجمعيء أي إلى حضرات جمعيء وهي أحدية الجمع؛ أو أحدية جمع 
الجمع. عن خلود سمائها: أراد هنا [عن] بمعنى [على]؛ أي على خلع خلود بقاء سمائها 
هو عالم العلمى ؛ وعالم الغيب؛ وهو العلم المتجلي به الله في كل شيء من العوالم؛ 
وهو علم صفات الله تعالى» والخلع التخلق بكمالها بكلّ اسم؛ وصفة يصحٌ أن يتخلق 
بمعناه» ويتوالى أمره حتى تكون كل قوة من قوى ذاته بيده أمرهاء ولم يرض إخلادي. 
أي بإخلادي لأرضء أي أرض خليفتي. وهو آدم الكتنا حين طلب الخلود فيها فأكل من 
الشجرة طلباً للخلود في الأرضء وسمّاه خليفته؛ لأنّه في الحقيقة الباطنة المعنونة هو ابنه. 
وإن كان [أباه]!!؛ لأنّه وجد ممّا وجد من النور الأول المحمديء فافهم ذلك. 

قال: 

3 - وكيف دخولي تحت ملكي كأوليا ء ملكي وأتباعي وحزبي وشيعتي 

اقول كف وخولي تحت ملكي وانفتى التبحت هواعتي التفلاك قوله تعالن سجاكيا 
عن قول فرعون: #وَهَدذِهٍ آلأَدهكرٌ حجر ين تَحى 24 ويكون معنى التحت نقيض الفوق. 
والمعنيان يتوجّهان في معنى الاتحاد لها أنّها كلها وجدت لأجل الذات الإنسانية ليتصرف 
فيها بعلم ذاته فيها بالعلم بالله ليتّسع نور علمه بالله فيهاء وهو نور الله تعالى الذي تجلى 
به على ذات عبده الولي المكاشقة بحقائق الوجود لينّحد فيه علم الله؛ وعلمه بالله تعالى 
فيهاء وإن كان علم الله أجل من علم المرء وح كاد أن لا يسنن علما لقليه ولك وإن 
قلّ فبما تجلّى الله به بعلمه فيها لا يجوز أن يخالف علمه علم الله تعالى وإلآ فهو شكء 
وأراد بقوله: كيف دخولي تحت ملكي: أي كيف أدخل تحت ملكيء وأجعل ملكي هو 
المتصرّف بذاتي يحجبني عن مشاهدة الله تعالى» وفي الحقيقة هو ملكي. أي أنا القادر 
على كشفه والمتصرف فيه بعلمي بما تجلى الله تعالى عليّ فيه من العلم به. وفي الحقيقة 
أنْ جميع الموجدات هي ملك للذات» وإن كان كل الوجود هو ملك لكل عبد مكاشف 
بها فكيف النبي 26 لا يقول: كل الوجود ملكي؟ ومعرفة ذلك معرفة تحقيق نعم الله على 
العبد. فكيف لا يعترف به 8 شكراً لله تعالى؟ وكيف يشغله أو يلهيه ما هو ملكه. ويقدر 
1211110117 كان آدم أباه؛ خبر كان الذي يلزم أن يكون منصوباء وشرح 


الشيخ ناصر فيما بعد هذه الأبوة استناداً إلى الحديث النبوي السابق. 
(2) الزخرف. الآية 51. 


أن لا يشغله عن مشاهدة جمال حضرات المولى العظيم» ولا يصرف شغلها عنه؟ أم كيف 
لا يكون كما قال فلا أكون كأولياء ملكي. أي كالذين ولوا ملكي حتى صار ملكا لهم؟ 
ظهورهم وأنا ملك المُلك لي مملوك؟ وإذا كان كلّ الوجود ملك المرء» مسخر له أن 
يجول فيه علمه فكيف يجعل المرء ذاته ملكا له يلعب بذاته ويخضع له. ويخدمه. ولا 
يجعل نفسه هو الملك عليه؛ ويسخره في قبضته؟ فافهم ذلك. 

قال: 

4 - قلا قَلَكُ إلا ومن نور باطني20 به مَلكُ يُهدى الهدى بمشيئتي 

يقول: تعظيماً لحضرة العلمء حضرة أحدية الجمع فلا فلك من الأفلاك العلوية: 
وهي السموات. إلا وبه ملك مني يكون نور باطني؛ لأنْ نور باطني هو نور المعرفة» وهم 
مكوّنون من نور المعرفة. 

وقوله: يهدي. أي يكشف له الهدى بمشيئتي. أي بعلميء والعلم الإلهي المتجلي 
بذاتي؛ لأن حقيقة العلم تنادي بإرادة كشف الهدى لجميع العباد. وبإرادة الطاعة لله 
تعالى» وهكذا كل علم في أحد. وفي الوجود. وإنّما قدّم نفسه عليهم لقدم نور علمه في 
أول الإيجاد. 

قال: 

[89ظ] 465 - ولائطر إلأوهومن نَبْض ظاهري>202 به قَطرةٌ عنها السحائبٌ سحت( 

6 - ومن مطلعي النورٌ البسيط كلمعة ١‏ ومن مُشرعي البحرٌ المحيطٌ كقطرة 

يقول: ومن مطلعي: أي من مشرق نوري العلميء هذا النور البسيط الذي هو نور 
الشمسء ونور جميع الأنوار ما هو إلا كلمعة خفيفة أدنى ما يسمّى لمعة» وقوله: ومن 
مشرعي البحر المحيط كقطرة له معنيان: إِنَّ جميع ماشرع من العلم ليس هو[ ]© 
من علم الله تعالى» والوجه الثاني: أن كل ما ظهر في الوجود. وشرع من البحر المحيط 


(1) في الديوان: [حل] بدل [وهو]. 
(2) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 


المتجلي به الله تعالى الذي هو العلم الإلهي. وتجلى به على الذات الأحمدية لا يكون 
كقطرة» وما ظهر للخلائق من نور ما تجلى به على الذات الأحمدية ليس كقطرة عن 
بحرهقة. 

قال: 

2-0 فكلي لكلي طالبٌ متوجّة وبعضي لبعضي جاذبٌ بالأعنّة 

يقول: فكلي: وأي فكل جزء من أجزاء ذاتي وقواي طالب متوجّه لكلي. أي لذلك 
العلم بالتوجّه إليه» وبعضي لبعضي جاذب بالأعنّة: أي بالزمامات التي تقاد بها الدواب. 
وهذا المعنى قد مضى بيانه أنَّ روحه يجذبها حبّها إلى رؤية أفقها الذي هو العلم الغيبي؛ 
ونفسه يجذبها بما شاهده من الحضرات المتجلية فى الموجودات فتطلب نظرها من أفقها 
الأعلى» وكلّ ذرة من ذراته لتجلى تلك الحضرات المتجلية فى مظاهر الوجود والهة إلى 
نا ليث إل هالنفض فجدازها البح نط ها رن سيت الفسن إلى ذللك»6رواثما يتكرر المعنن 
باختلااف الألفاظ؛ لأنه يكشف أن حقيقة الوجود كلها تؤول إلى معنى واحد؛ أي إلى 
حقيقة واحدة. 

قال: 

وها عاق فرق التحت والقوق تحت إلى وجهه الهادي عَنَثْ كل وجهة!!) 

يقول: وما كان فوق التحت هو فوق كلّ شيء بالمعنى؛ لأنّه لا يكون شيء إلآ ما هو 
فيه علمه» فهو محيط بكل شيء. وما كان هذا الفوق هو تحته؛ أراد الأعلى منه وهو القلمء 
وأراد أنَّ جميع ما هو تحت اللوح من طبيعة كبرى ناسوتية» وسموات وأرضء وما فيهما 
وما بينهماء وما فوق اللوح من القلم, أمّا العرش والكرسي” فقد اختلف أهل العلم فيهما 
فقيل: عرش الله علمه المتجلي به الذي من نوره وجد النور الأول المحمديء وقيل 
اللوح. وقيل فلك محيط بجميع الوجود الكوني. والكرسي فلك تحته. وقيل العرش هو 
فلك محيط بالموجودات. وهو على صورة إنسان والكرسي رأسه. وقيل الكرسي علم 
الله المتجلّي به. وبالجملة فهما إن كانا معناهما علم الله فعلم الله غير مخلوق الذي نفسه 
(1) في الديوان: [ومن] بدل [وما]. 


لم تزل عالمة» وإن كان معناهما غير علم الله فهما مخلوقان. وداخلان في إشارة قوله: 
مافوق التحتء والفوق تحته. والمعنى فوق الفوق. وقوله: إلى وجهه الهادي عَنَتْ كل 
وجهتي: أراد أنَّ الجميع متوجّه بالإتمام إلى توجّه ذات النبي كل لله؛ لأنّ كل شيء متوجّه 
إلى العلم بالله» والإقرار به والاستسلام لأمره. والافتقار إليه» وبالطاعة له جل جلاله في 
كل شيء. وأمَا المتوجهون إلى الله بكل شيء لله ذات النبي غْده » فهو بالمعنى الأيمامي!1) 
قبلة كل شيء متوجه لله. 

قال: 


و 


9 - قَتَحتَ الشرى فوق الأثير لِرَنْق ما تتفت وَقَنْقَ الرَّنْق ظاهرٌ سني 
يقول: فتحت الثري: أي فإنّي أرى حضرات أحدية الجمع مجملاً وتفصيلاً في كل 
ما كان من شيء تحت الثرىء وهو التراب الثري بالماء» وتحته بحر الماء. وذلك يدلّك 
على أن الأرض سطحت على بحر الماءء وقد يضطرب فيخرج من اضطرابه بخار صاعد 
ووولح وروي سي روا لبرار بات ار تياك يرو اللزواء امي 
ويعلو باضطرابه على وجه الأرض فتنفجر [90و] الأنهار ماء سحابه» وتفجّر أنهاره. 
وشرح ذلك يطول به الكتاب. ويحتمل أن يكون أشار بالثرى إلى كرة الأرض: وهو 
الذرّ الطائر في الهواء. وتراه ما كان منه ممازجاً كرة الماءء وهي الرّطوبة التي هي فوق 
كرة ارم فجمع كرة الهواء لرطوبته. وكرة الماء لرطوبة» وكرة الأرض الممازجة 
لكرة الماء والهواء ثرى فوق الأثير» حذف الواو لإقامة الوزن. وفوق» أي وما كان فوق 
الأثيرء والأثير كرة النارء فذكر كرة النارء وتحتها كرة الهواء؛ ثم كرة الماء» ثم التراب؛ ثم 
الامتزاجات حتى صار الترابٌ ثرى. فنبّه في معرض كلامه إلى عظيم طويل شرحه؛ وما 
تحت هذا الثرى الأرض كلهاء وما فوق هذا الأثير السموات؛ وما فوقها من العوالم وما 
فيهنَ إلى عالم العلم. وفي كل ذرة من ذلك أري حضرات جمعي. وكل ذلك ججعل كذلك 
تقء أي لأجلٍ ما فتقت لجمع الحضرات الظاهرية حتى تلتقي الرؤيتان إلى علم واحد 
إلهي ليس شيء خلاء برؤية ميوت النفس والروح. والحضرات الباطنية الغيبية» وبرؤية 
عين الروح عن العلم بالله أبداء وفتق الرتق ظاهرٌ سنتي. أي فتق رتق اجتماع الحضرتين 


(1) كذاة في الأصل و[س] ولعلها [الأمامي]. 


حضرة واحدة» ورؤية جميعهاء مع أني أرى هذه الحضرات كما هي على الانفراد. وتلك 
من تلك الجهة الغيبية كما هي من عادتي ورغبتي؛ لأني أراها بعين [الجميع مع أني أرى 
الوجود كما هو والحضرات من كل شيء. ومع ذلك أرى هذه الحضرات من باب عالم] 
('» الغيب كذلكء؛ أي عيون عقلي حاضرة إلى الجهات كلهاء فافهم. 

قال: 


0 2 ءَّ 34 9 
0 - ولا شتبهة والجمعٌ عَيْنُ تيقسن ولا وجهة والأيئن بين تششّت(2) 


يقول: ولا شبهة: أي لم يَبْقّ شيء في الوجود إلا ويتجلى لي فيه بقوة الحضور 
والمشاهدة حضرة أحدية أراه فيه عين تيقّن» وأراد هنا العين ذات اليقين» وهي حق اليقين» 
أي ولا حضرة الجمع أراها فيه حقّ تيقنء أي بحقٌ التيقن بمظهر مستتر فيه كمظاهره في 
الوجود لا يراه إلا بمعرفة ما يدّل عليه العلم؛ لأنَّ الجمع هو عين تيقّن من غير حجابء 
ولاجهة له: أي ليس له جهة أتوجّه إليه دون جهة. ولا أين بين تشتّتى: أي ولا مدة تحيل 
بيني وبينه فيكون ذلك سبب بن تش تشتّتي» أي تفرّقي فيما بيني وبينه. 

قال: 

1 - ولاعَِدةٌ والمَنّد كالحد قاطّم 2 ولا مُنَدةٌ والحّد شثركٌ مؤقّت 


1 


الك 


يقول: ولا عذة هنالك فإنَّ العدد كالحدٌ قاطع. أي مميّز بين المعدود. ولا مدة: لأنّ 
المدة زمان لها أول وآخرء وهو عددء وذلك تحديد لذلك النور؛ لأنّهِ غير متجزيء بعد 
ولا بمدة» ولا بجهة عني, فالحدّ: أي والتحديد بالعدد شرك مؤقت أن يكون لي شريك في 
وقتي ذلك؛ لأنّه يكون ذلك النور نورين؛ لأنّه لا بين من وجود الخلاء ؛ بين النورين» فيكون 
الخلاء موجودا من غير النورين» ويكون موجوداً من غير نور المعرفة بالله ويكون بذلك 
شريك لى فى أوّل الوجود. وكذلك لو كانت هنالك جهة. أو أين» أي مكان» وموضع. 
أو متى» أي زمان» ومدّة» ووقتء ويوم. وكل هذا موجود من نور المعرفة بالله» والعلم به 
العلم الموجود أولاً من تجلّي صفاته. فافهم ذلك. 


(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصل والزيادة من س. 
(2) في الديوان: [ولا جهة] بدل [ولا وجهة]. 


قال: 

2 - ولاند في الدارين يقضي بِنَقْض ما بيت ويُمضي أمرّه حكمَ إمرتي 

يقول: ولا ند لي: أي ولا مثل لي في جوهري. ولا في أحكامي. ولا معاند لي يقضي. 
أي يحكم بنقض ما بنيت في العلم الأول مما سيكون. ورّسم في اللوح المحفوظ إلى يوم 
القيامة» ويكون بقدر أن يمضي أمره. أي حكمه بخلاف حكم إمرتيء أي إمارتي وولايتي 
التي وليتها في العلم الأول ثم ما سطر في اللوح. وأضاف تسطير ذلك إلى نفسه؛ لأنَّ 
ذلك هو من نوره فلا يقدر أحد أن يخالفه ويمضي بخلافه؛ لأنه سطر العلم به لم يسطر 
خبره» وكذلك في الآخرة» وإن كان إِنَّما سطر في اللّوح إلى يوم القيامة فإنّ أحكام الآخرة 
لا تختلف عن العلم الأول. ولا تختلف صفات الإحسان, واللطف. والجمالء والكمال. 
والعلم بالله وكل جمال مطلق في [90ظ] الآخرة عن معناه في الدنياء وفي العلم الذي أنا 
خلقت من نوره. فصمٌ أن جميع الوجود في الدّنيا والآخرة» ومددهما هو من ذلك العلم. 
وقد جاء بعض من بيانه ما سيكون في الآخرة» وهو من العلمء والعلم هو من ذلك النورء 
فافهم. 

[بيان]''' فإن قيل: ما معنى كشف حقيقة النبي هو توحيد الله تعالى ؟ 

قلنا: من وجوه: أحدهما: إذا كان هذا لطف الله بعبد من عباده تجلّت لك2) عظمة 
لطف الله. 

والثاني: إذا كان هذا جمال عبد من عباده؛ وكمال خلق من خلقه. وعلم القلم علم من 
كونه» وجلال نور كوّنه الله تعالى» وهو علم بهء فما علمك بكمال وجلال وجمال الله 
المطلق؟ 

والثالث: كشف الحقائق. ومعرفة الله بها بتحقيق حقيقة النبي 8 فإن قلت: قد علمنا 
ما قلته فيه» ولكن قلت: إِنَّه لا يخفى عليه شيء في الوجود فأقل شيء هل يفهم من يكلّمه 
باللغة الفارسيّة؟ فأقول: ليس المراد كذلك فلا تضلء ولا تضلل من وصفه بانكشاف 


(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(2) في س: [له] بدل [لك]. 


402 


حقائق الموجودات. فإنه متى تكلم المرء باللغة الفارسية علم ما يقوله [كلامه]!') بلسان 
الحال من توحيد الله» ودلالاته على كلّ شىء من العبارات التى تدل عليه الموجودات 
من صفات الله. وصفات ذاته. وصفات أفعاله. وأحكامه إلى غير ذلك. وقد يتجلى للمرء 
من الدلالة من ذلك معنى من هذه المعاني إلى ما فوق ذلك إلى ألف معنى. والنبي كته 
يرى من المعانى كل ما يدل عليه ذلك. وتعتر عنه العبارة بلسان الحال كما هو متضمّن 
فيه في العلم الأول النوريء وفي الحقيقة إِنَ ذلك النور العلمي لا يحيط به مخلوق لا نبّي 
ول ملك راتما لكل أحدهرقة.والنين اعلى همزاتين الخلق فى تجلن ذلق"التور عليه 
وفي إحاطته ما يدل عليه كل شيء من الموجوداتء وذلك العلم هو الذي ظهر بمظاهر 
الموجودات في الدنياء وهو الذي يظهر من مظاهر الآخرة» فهذا هو الصّحيح من القول 
وصح أنّما مراد التّاظم [كشف]2 دلالات المخلوقات على قدرة الله وجلاله وكماله. 
وجماله. وكرمه» ولطفه» وقدرته» وأنه لا يختلف ما كان في علمه وسيرته في كشف فضيلة 
المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام. 

قال: 

3- ولاضِّد في الكونين وَالخَلْقُ ماترى بهم للتساوي من تفاوت خلقّة 

يقول: ولا ضدّ في الكونين: أي الأول العلمي. والكون الثاني الوجودي”" والكون 
الدنياوي والكون الأخراويء مع أن ا لخلو ما ترى. أي كما ترى من تفاوت خلقه. أي 
خلقهم وخلقهم. فإنّه للتساوي بين ذلك وبين ما هو في العلم الأول فما كان في الأول فهو 
الظاهر في الوجود الدنياوي والأخراويء وكل حكم ذلك بالتساوي للعلم الأول ووجه 
آخر أنه ليس شيء يخالف دلالته في الله دلالة الآخرء فافهم ذلك. 

قال: 

4 - ومتّى بدالي ماعل لِسْنّه | وعنّى البوادي بي إليّ أعيدت 

يقول: وقالت, وفيه تقديم وتأخير, وتقديره وما لبسته -بفتح اللام» والباء- علي -بفتح 
(1) ما بين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل. 


(2) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(3) في س: [الوجود]؛ وما في الأصل يستقيم به الكلام. 


الياء- أي الذي على هو ليء ومني ظهر من لباس أنوار الجمالء والكمال الذي لا يتناهى؛ 
ولاغاية له هو منّي؛ وهو صفات ربّي. وهو صفاتي وذاتي؛ لأنْ العلم ذاته هو العلم نفسه 
لاغيره» وقد صرت كمالا لذاتك لتكمل ذاتك بكمال لا نهاية له ولاغاية» وتتّتحد صفاتك 
بصفاتي» وكمالك بكمالي؛ وعتّي صدرت البوادي» أي كل ما تبدّى من العلوم فهو منّي» 
وبي كان ظهورهاء وإليّ أعيدت. وكل علم فإلىّ يعود. وأراد بذلك أن كل علم يرجع إلى 
المتجلي به الله تعالى على القلم الأعلى في أول الإيجاد. وهذا خطاب ذلك العلم هو هذا 
العلم المتجلي في جميع الوجود لا غير» ولا يجوز أن يختلف. فافهم ذلك. 

قال: 

[91و] 475 - وفيّ شَهدتُ المّاجِدبن لمظهري فحقّقت أني كنتٌ آدمّ سجدتي 


يقول: وشهدت فيّ بكسر الياء وتشديدها: أي في نوري الأولء» وهو العلم الأول؛ 
جميع السَاجدين بمظهري: أي في حال ظهوري في الوجود وظهوره هوء وإِنْما أضاف 
ظهورهم بمظهره؛ لأن ظهور جميع الوجود من ظهور نوره وجودا في الوجود فحمّقت في 
سجود أدم. وسجود الملائكة بسجوده إماماً لهم في السّجود أنّْي أنا كنت ذلك السّاجد 
وأنْ سجدة آدم هي سجدتيء. وسجود الملائكة هو سجودي؛ لأنهم كذلك كان سجودهم 
في ذلك العلمء وأنا أشاهدهمء وكذلك أشاهد شهود السَاجدين من غير تمييز لكل واحد 
منهم مصوّر الشخصية؛ لأنّ نوري واحد علمي غير متميز أقساماً كما ذكرناه. 

قال: 


6 - وعاينتٌ روحانية الأرضين فى ملائك عليّين أكفاء رتبتى 


يقول: وعاينت روحانية الأرضين؛ أي جميع أرواح وأنفاس وأشخاص وأهل الأرض 
في ملائك عليين» أكفاء رتبتي: أي في تلك الرّتبة كلهم في العلم سواء من أن يكون صوراً 
متميزة؛ لأنها لم تتميز صورهم مثالات إلا في اللوح المحفوظ. 

قال: 


7- ومن أفقيّ الداني اجتدى رفقيّ الفدى ومن فرقيّ الثاني بدا جَمْعٌ وحدتيا!) 

يقول: ومن أفقي الداني اجتدى: أي طلبوا جدوى الهدىء, أي طلبوا إعطاء الهدى, 
رفقي: أي أصحابي أهل الإيمان المخلصين لله بجميع الطاعة التي تعتّدهم بهاء ومن 
فرقي الثاني [أي ويطلبوا الهدى من فرقي الثاني]2)؛ وهو ظهوري عليهم كأنّي بلا جمع 
وحدتيء أي كأني لا أشاهد تلك الحضرة فأكثرهم لا يعرفونني إلا بهذه الأخلاق الظاهرة 
التي هي في الظاهر لا يصع معها أن أكون لا أغفل طرفة عين عنها؛ لأنه في قلوبهم لا 
تجتمع الأشياء في قلب كما قال الله # مَاجَعَلَ أَنَّهُ لرجل من قَلْبَبِنِ فى جُوَندِ. 74 فهم 
يهتدون بظاهريء وأهل الحقيقة» وبواطن جميع أهل الإيمان من أهل السموات والأرض» 
مَنْ عَلِم ومن لم يعلم. يطلبون هدى باطني الذي هو ذلك العلم. 

قال: 

8 وفي صَعْقٍء دك الح خرّت إفاقةٌ ‏ لي النفْسُ قبل التوبة الموسوية 

يقول: وفيه تقديم وتأخيرء وتقديره: ومشاهدتي في العلم الأول في صعق موسى ان 
بسبب رؤيته بحاسّة العين دك الجبّار الذي هو من عالم الحسّء أي المحسوساتء خرّت 
لي: أي إلى النفس طائعة مذعنة إلى ما أريده بها إفاقة» نصب إفاقة للمفعولة له. أي لأجل 
إفاقة حصلت لها حين شاهدت بالعلم فلم تصعق؛ لأنها لو صعقت لذهب عقلها عن 
المشاهدة» ولم تذعن منجرّة بالطاعة؛ لأنْ المراد بها دوام المشاهدة: وأنا أشاهد الاندكاك 
في ذلك العلم قبل ظهور التجلي على موسى اكنثة. وقبل ظهور التوبة الموسوية» وأراها 
في ظهورها لموسى لقوله: [لو شف الغطا ما ازددثٌ يقيناً]. 

قال: 

9 - فلا أينَ بعدَ العين والشّكرٌ منه قد أفقتٌ وعَيِنٌ العين بالصضّحو أَصْحَت 

يقول: فلا أين: أي انتهيت إلى مقام لا مقام لأحد غيري فليس فيه لأحد أن يفيق إلى 
أين» إذ لا أين بعد العين» أي بعد حصول عين الشيء وعين المقصود. يقال للمرء إذا 
(1)في الأصل و[س]: [فرقتي] بدل [وحدتي]. وأثبتنا ما في الديوان لتلاؤمه مع السياق والشرح معاً. 


(2) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل. 
(3) الأحزاب» الآية 4. 


ظفر بمطلوبه: إلى أين فلا أين بعد العين'!'» أي بعد حصول عين المراد. وعين الشيء 
1 قر له وال رفقة قد القت لان الب 2 غير جم تعن كمال لطر لد اعمال 
وتحقيقه. بل هو ذاهب الفؤاد زائغ» وأما أنا مإ مَارَاع ألبِصَرٌ وما طق 2#)» وعين» أي وسحاب 
العين. أي الحجاب الذي هو الفناء فى السكر بالصحوء أي بسبب الصحوء أصحت: أي 
أصبحت بسحب الحجب بالصحوء 5 لإفاقة صاحبه. 


(1) الوارد في كتب الأمثال: لا أطلب أثراً بعد عين؛ ومعناه لا أترك الشيء وأنا أعاينه. ثم أتتبع أثره حين فاتني. ينظر 
جمهرة الأمثال» العسكري. 2/ 389 والعين للخليل. ص 598. 
(2) النجم. الآية 17. 


الباب السادس عشر 


في المحو المحمدي والصّحو ونتائجهما [91 ظ] بلسان مقامه. وكماله غتة. 

قال: 

0 - وآخرٌ محو جَاء حَتميَ بعدّه كأوّل صَحْو لارتسام بعدّة 

يقول: وفيه تقديم وتأخيرء وتقدير البيت: وآخر محو ختمي في مراتب الرسل والأنبياء 
والأولياء جاء بعده في حقي؛ ومشاهدتي لحضراتهم تلك كأني في أول صحوي الأول 
الذي حيث لم أدخل في فناء الذات في الحضرات بعد أصلاً. وذلك أنَّ الصحو في 
اصطلاح أهل هذا العله'!) في التسمية على وجهين: الصحو الأول: القيام بأداء كمال 
الطاعة لله تعالى بالشريعة والحقيقة, باللازم والمندوب فيهما عملاً وتركاء إلا أنه لم 
يسلك طريقة وسائل التجريد والمحبة ووسائل المكاشفة للحضرات الإلهية» فهو في مقام 
الصحو والمحو معهم هو محو الحجب والأغيار» ومن رؤية نفسه بالرؤية إلى حقائقها 
علما توحيديا يرى الله تعالى بصفاته فى كل شىء يراه بقوة الحضور والمشاهدة. وبقوة 
لازاه تكاليها والرقية لياه ومسو تحق/ لاغياز إلا ماريب الله عالق أله ايه ذيذا 
هو المحو الأول» ولكل مقام محوء وكل مقام هو على درجات كثيرة» وذلك معنى قوله 
لارتسام بعدّة» أي ثبوت رسم المحوء والصحو أنّهما بعده مراتب كثيرة» وأنْ لكل ذات 
امرئ مقاما2. ومعلوم أنّي أول السابقين إلى الله تعالى. وأول العابدين يوم كنت نور في 
أول الإيجاد. وإمام المتوجهينء وأفضل الخلائق أجمعين. وهذا هو الدليل على أن آخر 
مراتب محو ختمي للأولياء هو أول درجات صحويء ومن بعده درجات محوي. فلو لم 


يكن اسم المحو على درجات لم يكن لي ذلك فضل فيه عليهم. 


(1) مرَ الحديث عن الصحو. 
(2) في الأصل و[س]: [مقام]:. وما أثبتناه الصواب. 


4627 


بيان: 

فالمحو الأول والفناء فيه هو مثل الحضرة والحضرتين إلى تمام الحضرات الظاهرية 
بأسمائه الفعلية» والمحو الثاني هو مثل المحو والفناء فيه بتمام مشاهدة الحضرات الباطنية 
بالأسماء المشتملة على اسمه الباطن؛ والمحو الثالث والفناء في مشاهدة الحضرات كلها 
جملة واحدة متعدّدة» وهي حضرة الجمعء وجمع الجمعء وهذا المحو هو آخر مراتب 
السالكين» والمحو الرابع: محو النبي عت وهو أن يرى حضرات الموجودات السفلية 
والعلوية» واللوحية» والعلمية» والعلمية الأولى كلها في رؤية واحدة. إلآ أنه تذهب رؤيته 
عن المظاهر في محوه. وتبقى رؤيته في العلم الظاهر في المظاهر ويراه هو الذي يراه في 
أفقه. فافهم ذلك. 

قال: 

اناغو تكو الطين بتكنا ره بمحدود صَحُو الحسٌ فَرْقاً بكمّة 

يقول: ومأخوذ: أي الذي أخذه محو الطمس محقا بفناه عن كلّ شيء سوى الحضرة 
المحبوبية في مقام جمع الجمع؛ أي الجامع بين الحضرات الظاهرية والباطنية» وزنته 
في احتجابه عن رؤية حضرتيء وزنته محوي ومحقيء. بمحدود: بمقطوع صحو الحسّء 
أي بإلقائي عن جميع المحسوسات. فرقاً: أي مفارقاً لها منفضّاً صحوة عنها لم تبق فيه 
بقية رؤية إليها لفنائه عنهاء وهي المرتبة الأولى في الفناء في مراتب الفرق في الحضرات 
الظاهرية» فلما وزنتهم في عدم مشاهدتهم لحضرتي» وفنائي» ومحوي. وطمسي» ومحقي 
وجدتهم على بعد هؤلاء أهل الفرق من مرتبتي وقربٌ أولئك أهل الجمع لحضرتي كلهم 
في كفة واحدة, فإِنَ الطالب لرؤية البيت الحرام [بين الناس]!) السالك إليها من أقصى 
بلدان المغرب الواقف. والواصل إلى الحديبية في عدم المشاهدة لها بالسواء. 

بيان: 


وفي اللغة أَنَّ المحو إزالة الأثر. والطمس هو المبالغة في الإزالة» والمحق الإعدام 
أصلاً. وفي اصطلاح أهل التحقيق أنّ المحو رفع أوصاف العادة» وذهاب للعلة التي 


(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 


بوجودها توجد أوصاف العادة وبذهابها تذهب». والطليي 0 رفع تمي الأوصاف». 
والمحق: الاستهلاك, وبيان ذلك أن المحو معحو المألوفات النفسانية» والباعث إليهاء 
وَالطمسن [2وو] ذهات صفاتش التقين: وتشريدها حت ل" تكوت لها إزادة إلا فيما بحته 
لهاء وفيها مكونهاء والمحو محق صفات الروح من طلب الحظوظ الدنياوية والأخراوية 
حتى لا تبقى لها إرادة» ولا محبة إلا فيما يحبّه. 

قال: 

2- فنقطةٌ عبن القَيْن عن صحوي ان تمحت ونقظة عين العيين محوي ألغفت 

يقول: وقد مثّل رؤيته إلى عين. أي ذات حضرة أحدية جمع الجمع. أي ذات ذلك 
العالم العلمي الأول الموجود في أول الإيجاد مثل رؤيته إلى عين الشمس.ء أي ذات 
الشمسء ونفسها الآن عين الشىء ذاته» والعين عين الإنسان التى ينظر بهاء والعين حرف 
غير منقوط والغين المنقطومة اسم للغيم وهو السحاب الرقيق!» والغين حرف منقوطء 
واستعار نقطة حرف الغين من غين السَحاب إلى النقطة الصغيرة من السحاب التي هي 
مثل نقطة حرف الغين التي في الكتابة» واستعار نقطة الغين التي هي عين الإنسان من 
رَمَد أو من علة» فإذا عرفت ذلك فهو يقول: فنقطة حرف الغين التى تنقط بها فى الكتابة 
من كلمة الغين» وهو الغيم الذي هو في قلته مثل نقطة كلمة اسمه امّحت عن صحويء. 
أي عن رؤيتي ومشاهدتي. وعن أفقي الذي هو العالم العلمي النور الأعظم. ومن لم يكن 
من الغين: أي من سحب الحجب حتى نقطة» ولا أقل منهاء ولا شىء أبدا حائل بينه» 
وبين المشاهدة لم يَرَ إلا العين» أي ذات العلم الذي به يرى الله بصفاته بقوة الحضور. 
والمشاهدة. وأما الذات فإنّها لم تتجل حتى اذيك العلم المجرّد. فلذلك لا يرى به. ولا 
يراه أحد لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ لأنْ ذلك العلم [هو العلم]”” الخالد الباقي الذي 
(1) الطمس: ذهاب سائر الصفات البشرية في صفات أنوار الربوبية» أي تفنى صفات العبد في صفات الحقٌ تعالى. 

ينظر موسوعة الحفني» ص855» وموسوعة العجم. ص ا58. وما قدمه الشيخ ناصر من تعريف للطمس أوضح 

ماهو في الموسوعتين, وأكثر قربا للفهم. 
(2) هو كما ذكر الشيخ ناصرء ينظر العين للخليل. ص 619. 
(3)[التي] ساقطة في الأصلء. والزيادة من س. 


(4) في الأصل و[س]: [تتجلى]. 
(5) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 


ل يتغير ولا يتبدّل؛ لأنّ ذلك العلم يدل على أن الله لايراه؛ ولا سيراه أحد. ولا يجوز أن 
يتبدّل علم الله جلَّ وعلاء ولما صم الغين» وتجلّت الغين» إذ ما بعد الأغيار إلا الله تعالى» 
ا ا وتقظلة عون القن انهعان كينا كزنا 
النقطة التي تعتل بها عين الإنسان لعين حقيقة المشاهدة فقال!'': ونقطة عين الغين» أي 
ونقطة نفس ذات ذلك العلم؛ وتلك المشاهدة. به ألقت: أي طرحت. أي لم يَبْقّ في عين 
نفس المشاهدة حجاب في نقطة هي له علة في رؤيته ومشاهدته. 


واعلم أن الصحو معهم على ثلاثة وجوه: اثنان لغويان» والثالث معنوي حقيقي. 
فالصحو الأول صحو الجو الذي هو بين السماء والأرضء والصحو الثانى نقيض السكرء 
وبرافياد أن جهن اعباس تامام لعي له لقن تيعترق ركز فى الان وسرانانه 
ويفنى عن كثير من صفاته. فيسكره حب مولاه؛ لأن حقيقة السكر الحقّ معهم هو بحبّ 
الله وما سواه فباطلء كأنّه لا شيء؛ وما دام الإنسان لم يسكره حبّ الله فيشغله عن 
كل شيء سواه فهو على حكمه الأول تمثيلاً بساكر الخمر فحكمه أنه صاح ما لم يسكر 
وتمام السكر الأول محو كل شيء سوى محبوبه حتى لا يرى نقطة من الأغيار مثل نقطة 
الغين من سحاب الحجب. وما دام يرى نقطة فهو صاح صحوه الأول بقدر تلك النقطة 
وأما الصحو الثالث فهو الصحو المعنوي الحقيقى؛ وهو صحو لمشاهدة الله تعالى» ولا 
كر اد سوير لعن اشر افوا ا راد هن فى مذي الضيعو هذ لرحية لالت اي قن 
صحوي هذا وصفه بصحو الجوّ وصفائه. ولكنَّ محو النبي 6 مخالف لكل محو غيره 
أن لايرى غير الحضراتء ومحو أن يرى الحضرات والوجود ولكن يرى حقائق الوجود 
كما يرى ذلك من أفق العلم الأولء وكذلك صحوه يرى الكل» وصحو غيره أن لا يرى 
إل الحضراتء ولا يدهش فإنه قد يكون محوأً مع اندهاش حتى تأخذه الحيرة عن الرؤية 
بفكره» ويسمّى بذلك متلوّنا)» وأمَا الصاحي بعد [92ظ] محوه فلا يدهش وإن رأى ما 
رأى» وهو المتمكن في تلك المرتبة» ومتلوّن بطلبه لمرتبة أخرىء فافهم ذلك؛ كما قال 
والدنا الشيخ أبو نبهان ذه في مرتبة التلوين: 
(1)[فقال] ساقط في س. والزيادة من الأصل. 


(2) في س: [مولاه] بدل [الله]. 
(3) مرَ الحديث عن (التلوين). 





فإن شاهد المشهود لم ينظر الورى لما قديرى يدهش النفس والقلب!!) 

قال: 

3 - ومافاقدٌ فى الصَّحُو والمحو واجِد لتلوينه أهل لتمكين زُلْمَةِ 

يقول: وفيه تقديم وتأخير» وتقديره وما واحدء أي وليس سواء هذا فاقد الصحوء وهذا 
فاقد في المحوء والفاقد هو الغائب؛ لأنْ الغائب في المحو هذا الذي غابت رؤيته عن رؤية 
المحسوسات إلى الحضرة المحبوبية» والغائب فى الصحو بعد المحو فى حضرة أحدية 
جمع الجمع ترى الحضرات في كل شيء. ويراها كذلك في برزخيّة العلم الأول فيراها 
رؤية واحدة» ويرى المحسوسات على حقيقتها لقوله تعالى: « مانام الْبصَرْ َال 24, 
فليس ذلك هو أهل لتمكينه في زلفة» أي في قرب هذا المقام. لتلوينه. أي لأجل كثرة بعد 
وتعداد مراتب تلوينه إلى أن يصل هذا المقام؛ وهيهات أن يصله أحد غيري. 

قال: 

4- تساوى التّشاوى والصحاةٌ لتَغْتهم بِرَسْم فون أو بوسم خظيرة 

يقول: تساوى في المنع عن مقام التساوي. وهم السكارى بحبٌ الله. والصحاة بعد 
محوهم الذين هم لم يسكروا في الحب أصلاء ولم يمحوا صفاتهم من أهل الإيمان 
الحضورء والمشاهدة في صحوهم بعد محوهم للحضرات التي هم فيها دون مشاهدة 
حضراتي منهم في هذاء والموصوفون بوسم الحضرة. أو بعلامة المنع أصلا من أهل 
الظواهر كلهم صاروا سواء في المنع القريب والبعيد» مع تفاوت درجاتهم في القرب 
تفاوتا كثيراء وذلك كما مثّلناه في رؤية البيت الحرام من كان بالحديبية» ومن كان بمصر 
ولم يرها من قبل» فكلاهما في الحرمان سواء. 


(1) هذا بيت من قصيدة (حياة المهج) للشيخ أبي نبهان. جاعد الخرو صي رتنه » ينظر شرح حياة المهجح. ص 2138 


(2) النجم. الآية 17. 


يقول: 

5- وليسوا بقومي من عَلَيهِم تَعَائَبَثْ ١‏ صفاتٌ التباس أو سماتٌ بَقبَة 

يقول: وليسوا بقومي: بأصحابي القاربين قربي في هذا السَلوك الحبّيء الغير اللازم 
عليهم فرضاً ولاندباً من تعاقبت عليه صفات التباس تلبس عليه أي تحجبه عن مشاهدة 
الحضرات الإلهية» أو يكن فيه سماتء أي علامات بقية من صفات نفسه لم يتجرد بالكليّة 
عنهاء وإن كان هو من جملة أصحابيء ولكنَّ أهل المحبة قومٌء وأهل الظاهر''' قوم؛ فهم 
من قوم أهل الظواهر. وليسوا هم من قومي في هذه الطريقة. 

قال: 

4566 - ومَنْ لم يَرِثْ عنّي الكمال فناقٌض على عقبيه ناكصش فى العقوبة 

كر رو لد كاسن ل04 اتن رشي ومن الفا لات فاو اش ا اانا 
من ورث الكمائل» وناكص أي منئن”2) على عقبيه» أي على ورائه» راجع في العقوبة» أي 
غقربة الخرمان علن نيل تلك المقامات' لا عقوبة الآخمرة» لأنه لم .يرد بهذا هذا العاضين 
الله تعالى: 

واعلم أنه ليس شيء أعظم من السلوك إلى الله بعد أداء اللازم والمندوب بالمحبة 
لله تعالى لأذاء سق الربوقة فو العتودية» فإن الله تعالن سكج للعادة ةلا لاحل المحة 
وصدقها ولكن لاستحقاقه من العباد» فهو يعبده ويحبه لأجل استحقاقه. ولأجل لزوم ذلك 
عليه لا لأجل أنه يحبّه؛ إذ لو كانت المحبة علة لوجود الطاعة لوجب أن يعبد الأب ولده. 
ولو عبد المرء ربّه. وقد تجلى له في نفسه خوف الناره ولم يجد لنفسه في عبادة الله رغبة 
ولا محبة» وإِنّما يجدها كارهة لذلك. ولكن كلفها حتى أدَى لله الطاعة كلها بالتكليف 
ما كان ذلك في الحقيقة عن محبة» ولكان عند الله من المخلصينء فص أن المحبة من 
الوسائلء والسَلوك بها عبادة لله تعالى من أقرب الوسائل إليه» ولكن قد [93و] يكون 
في وسائل الشريعة على الانفراد ما هو أفضل منها مثل تكليف المرء نفسه لتعليم العلمى 
وعلى الأمر بالمعروف. والنهي عن المنكرء والجهاد في موضع لزومه أو نفله» وإقامة 


(1) في س: [الظواهر] بدل [الظاهر]. 
(2) في الأصل و[س]: [منثني]. 


الدين بإمام أو بغير إمام بجماعة من العلماء والمسلمين. أو على سبيل الاحتساب. وغير 
ذلك. ولكنَّ هذه الأعمال إذا قرنت بسلوك المحبة إلى الله.» والتصوف بهاء والتصوف 
بتجريد النّفس وتقديسهاء أو تخليتها من أوصافها وصفاتها وتحليتها بصفات الله التي 
يمكن أن تتحلى بهاء والمعنى صفات الله هى الصّفات التى أوجدهاء ودلالة على صفاته 
ون الس مدنات اللف احضنات للد لان مناه الله ا لمر صرف اللا بست با 
أحد. ولكن لما كان هذه دلالة على صفاته حقيقة أضيفت إليه كما يقال في الكلام الذي 
يروى عنه كلام الله تعالى؛ أي كلام له أوجده من غير واسطة بأحد. فلما لم يكن بواسطة 
أحد تكلم به من ذاته واختياره» بل أنزله الله على لسان ملك من ملائكته أو أخبر به نبي 
من أنبيائه أنّه قال الله تعالى كذا وكذاء لم يجز أن ينسب إلى أحد إلا إلى الله تعالى فقيل: 
كلام الله. أي كلام منسوب للهء وكذلك كل روح أوجدها من غير واسطة حيوان تنسب 
إليه مثل روح آدمء ومثل روح عيسى نسبت إليه ونسبها إلى نفسهء فقال: #إوتمَحت فيه 
ين روج #(1) وعيسى روح الله وكلمته؛ أي آيته. كما أنَّ روح عيسى روح الله وكلمته. 
وكذلك كل كلام أوجده هوء وخلقه بغير واسطة من أحد نسب إليهء كذلك أحبّ الله 
بمحبته. أي بالمحبّة التي خلقها فأحبها وأرادهاء وكذلك بإرادته وقدرته» واعرفه بعلمه. 
وعلى هذا فالتخلق بصفات الله هو على هذا المعنى» ولا نشك أن الجمع بين الوسيلتين 
الشرعية والحقيقية هو الكمال الأعظم. ولكن بعض مراتب الشريعة في الوسائل العلية 
لا تمكن لكل من رآهاء وأمّا طريقة المحبة» وطريقة التجريد هى مبذولة لكل من شاءها 
الكوالع كران بقح رقة وني للدر نا علقت اموي العادة فهاواءكلللك قاد 
يقدر حتى يقطع العوائق» وليس كل أحد يتهيأ له قطع العوائق. فصحٌّ أن لكل مقام حالا:2, 
ولكل رجال مقاماًء وكل ميسّر لما خلق له. وعلى المرء الاجتهاد في الطلب؛ لأنّه لا يعلم 
أنه ممّن هو ميسّر لذلك أم لاء فافهم. 
قال: 


7 - وَمَافِيَ ما يُفُضي للبْسر بتقية | ولا فتىي لي يقضي علي بفيئة 


(1) الحجرء الآية 29. 
(2) في س: [مقالاً] بدل [حالاً]. 


يقول: وفيه تقديم وتأخيره وما فيّ -بكسر الياء وتشديدها- بقيّة من الحجب بقدر ما 
يفضي -بالفاء- أي تجاوز بي للبس. أي للحجاب. وأراد إلى حجاب بمعنى» أو يحيل 
بيني رؤية الحضرات. وما فيّء -بالهمز - أي ولا ظل ليء أي ولم يَبْقّ لنفسي ظل حجابي 
من الأغيار أشاهده دون أن أشاهد فيه الحضرة. يقضي: أي يحكم علىّ -بفتح الياء 
وتشديدها- بفيئة» أي برجعة عن الصحو إلى رؤية ذلك وإن رأيته فإنّي لا أرى فيه إلا 


8 - وماذاعسى يلقى جنانٌ ومابه يَفُوهُ لسانٌ بين وحي وصيغة 

يقول: وماذا: أي وما بقيته أنّه لم يبن منه فِيّ شيء ماذاء ما هذا فيه عسى أن يكون قد 
بقي» ويلقى ذلك جنان. أي قلب أحد من العباد بين وحي وصيغة؛ أي ما عن وحي يوحى 
إليه» وما عن صفاء فكرة يمكن أن يتطلع وما به يفوه لسَّانء أي مما لم يفه به لسان فيما 
مضىء كلا على التحقيق أنْه لم يبقَ شيء؛ وليس لعسى في قولي مدخل. 

قال: 

9 تَعَانقَتٍ الأطرافٌ عنديّ وانطوى 20 بساط السّوى عَذلاً بحكم السَّويَة 

يقول [3وظ]: أنا في تلك الحضرة. ومشاهدتي قد تعانقت الأطراف. أي الابتداء 
والانتهاء. والأولية والأخروية» والموجودات والحضرات كله صار عندي في ذلك العلم 
البرزخي الأولء أراد ذلك كله وأنا ذلك؛ ولا غيري ولا شيء معيء إذ كان الله ولا شيء 
معهء ثم كان ولا وجود إلا أنا الذي أوجدني أوَل الأشياء علماً برزخيًاً من نور تجلي 
الضّفاتء فلم يكن العلم هنالك محجوباً بأغيار عن مشاهدة الله بالصفات. بل ذات العلم 
وحده. ولا ذرّة من المخلوقات؛ وانطوى بساط السوىء أي رؤية الموجودات». ورؤية 
ذلك الأفق بالسّوى. ففي هذا العالم؛ وفي هذه الحضرة قبل إيجاد الوجود يبطل حكم 
السوىء إذ ليس هناك وجود حتى تكون رؤيتهما بالسوى عدلآء أي بحكم السّوية» أي 
بحكم اجتماع ذلك النور الذي لا يجزؤه حكم كون شيء. فإنّْه لو كان هناك وجود غير 
ذلك العلم شيء. ولو مثل مثقال ذرّة لكان متخيراً بالغيرية بقدر ذلك الجزءء؛ ولابدٌ أن 


يكون فيه خلل غير العلم خالصاً غير متّحد بقدر ذلك الجزء» فهو شيء لا يتجزأ. 

قال: 

0- وعاد وجودي في قناثنوّةال الوجود شهوداً في بَقَا أحديّتي 

يقول: وفيه تقديم وتأخيرء وتقديره. ولما رأيت شهودي في العلم البرزخي لا وجود 
لغيره من الموجدات. وعاد: أي وثم رجع شهوديء أي رؤيتي ومشاهدتي في ثنوية» أي 
في رجعتي إلى فئاء وجودي في جميع الموجودات. وشهودي الأول» وشهودي إلى 
وجود نفسي؛ ووجود جميع الموجدات من وجودي لكل ذلك ليكون شهوداً في بقاء 
0 

قال: 

31 - فما فوقٌ طَوْرٍ العقل أُوّل فَيِضٍَ كما تحت طور التَقَلٍ آخر قَبْضَةَ 

93 -لذلنك عن تفضيله - وهو آهله - . نهانا على ذي الثُون عبد البرّة 

يقول: فما فوق طور العقل: أي عقل العلم الأعلى. وفوقه هو العلم البرزخي هو أول 
فيضة -بالفاء ثم الياء- أي أول فيضة من تجلي صفات الله تعالى علماً برزخياً هو نور 
المعرفة» وأراد هنا بالطور المرتبة وهو كما تحت طور النقلء وطور النقل هم الأنبياء بما 
ينقلونها'' عن الله. والعلماء بما ينقلونه!2) عن الأنبياء» وبعضهم عن بعضء. وعن عقولهم 
من الحقء والطور هنا التركيب الحسن كما يقال: فجاء تركيبه على طور عجيب. والطور 
جبل موسى الكيثة الذي ينزل عليه فيه الوحي فينقله للناس عن ربه» ويمكن أنه استعاره اسم 
للأنناء والعلطاة وقول آخر فهة إشارة إلى قوله قعالى ‏ لالض حيكا تمدقف الي 
وجميع ما في أفق العدم من العلمء وما في الوجود بأسرهء وما جاء به الرّسل والأقياء 
والعلماء ء المحقّون كله إِنّما الدلالة معرفته وعبادته» والكل في الحقيقة هو في فيضة واحدة 
ومعنى واحدء وهو حقيقة واحدة فما هو أول فيض. وما هو آخر قبضة -بالقاف- أي هو 
آخر في التدبير» وأما هو في الحقيقة لا أول للفيضة ولا آخر لهاء ولكن لها أول وآخر في 
(1) في الأصل و[س]: [ينقلوه]» وما أثبتناه هو الصواب. 


(2) في الأصل و[س]: [ينقلوهاء وما أثبتناه هو الصواب. 
(3) الزمر, الآية 67. 


475 


التدبير» فيصم أن يستعار لآخر التدبير آخر قبضة -بالقاف والباء الموحدة- ولأول التذبير 
أول فيضة -بالفاءء والياء المثناة التحتية- وأنه كله بمعنى واحد. ومن حيث حققت العلم 
من فوق العلم» أو من تحته إلى السموات, أو من الأرضء ومن تحت نجومها فالعلم لا 
يختلف على حالء ولذلك قال #: [لا تجعلوني أقرب إلى الله تعالى من أخي يونس حين 
غيّبه الحوت في قرار البحر وحين عرقي ان السموات]"' ويريد بذلك أيضاً نفي قرب 
المسافة لأن يكون الأعلى أقرب إلى الله تعالى من الأسفل, وإلآ فمعلوم 0 
من النبي يونس؛ وكذلك لم يقل: لا تجعلوني أفضلء بل قال أقرب ليدلّهم على 

قال: 

3- أشرتٌ بما تقضي العبارةٌ والذي نتَغْطى فقد أوضحتثّه بلطيفة2) 


فرك كوو سرك يو تتفي العا نوالا والاتر اجر عن انتحص احد عدي 
يقول: وبعض الذي تغطى من العلمء أي خفي فقد أوضحته بنبذة لطيفة وإلآ كيف يقدر 
أحد أن يصف شيئاء والله يقول: لفل و كن الْبَحَرٌ هدادًا لْكمْتٍ رق لَقِدَألبْحرُ هل أن تَعْدَكَمتْ 
تقولد هذا يتلق يردا ذا وقال تعالق :2 ولو أتماق الارض عن كرو افلس والبس مده 


ل 


مِنْ بَعَدِوء سَبِعَةُ أضخر مَاتَقِدَتُ طم ا ا 
الحالة ‏ تقريباً للإفهام فافهم. 


قال: 

4 - وليس أَلَّسْتٌ الأمس غَيِراً لمن غدا وجنحي علا صبحي ويومسي وليلتي!ة) 

يقول: وفيه تقديم وتأخير. وتقديره وليس الأمرء أي وليس الخطاب الماضي بالأمس 
معناه للماضي من الله تعالى لآدم ولأولاده ونسله ممّن لزمهم التعبد منهم حين خاطبهم 


1 


اللساعهوها يعو : #وإذ أخذ حَدَ رَيّْكَ مِنْ ب ءَادَمَ ين ظهُورِهرٌ 4 أي من ظهور آبائهم حين 


(1) ينظر صحيح البخاري. الحديث 3395, وصحيح مسلم. الحديث 2377, باختلاف. 
(2 )فى الديوان: [تعطى ] بدل [تقضى ]. 

)اليف الآية 109 ١‏ 

(4) لقمان. الآية 27. 

(5) فى الديوان: [غدا] بدل [علا]. 

(6) الأعراف. الآية 2 


يولدون ويبلغون الحلم؛ وتنزل عليهم بلية التعتتد وأشهدهم على أنفسهم بالعقول التي 
ركبها فيهم التي لا يصح معها إنكار #أَلْست برَيَكُم قَالُوأ ببق .01١4‏ أي أنت ربنا حقاء ويمكن 
أن يكون قال ذلك لآدم الا فأجابه آدم فكان ثابتاً على جميع نسله ممّن تعبد منهم إلى يوم 
القيامة إلا مَن غير وبدّل لقوله تعالى في المؤمنين: األلَفَنَايمَ دُرَيتَهِمَ 218 فأثبت لهم ما 
أثبت لآبائهم من الإيمان ما لم يبلغوا الحلم» ويغيّروا فهو ثابت لهم ذلك أنّْه ليس عليهم 
دعوة؛ ولذلك قال النبي كْيْةٌ: (كل مولود على الفطرة)” أي على فطرة إيمان أبينا آدم حين 
أقرّ بالله وعمل صالحاًء وإنما يهودّان الطفل» ويتصرانه» ويمتجسانه أبواه في أحكام الدنيا 

5 5 200 1 ليس سو سه ري ور 4س راصم عاص ام 00 
لا في أحكام الآخرة» لقوله تعالى: #وَلَا ور وده و أخرئ 4 وين تدع ممْقَلة إل حملها 
لَايحَمَل مِنْهُ س2 7#), وله معنى آخر أن كل مولود على الفطرة القابلة للإيمان بوجود 
العين الغريزية» والعين البصيرية» والعين المدبرة» وإنما يضيع المرء المقاربة فينصّرانه 
ا ا ويهودانه7) أبواه وكل هذه يتضمّنها قولهقة يقول هذا الخطاب من الله 
تعالى وخطابه: #لِمَنِ الْمَلِْك لوم ِو الْوْحِدٍ الْمَهَّارٍ 4 وفي مفهوم العافة أن هذ خطات 
خاص للآخرة» وهو كذلك صحيح في التأويلء وهو المقصود. ولكن في مرتبتي أناء 
ومشاهدتي للعلم الأول البرزخي ليس هذا خطاباً منفردا!”" عن هذا الخطاب بتقدّم؛ ولا 
بتأخر لاء ولا هذا غير ذلك؛» ولا خطاب الآخرة واقع للآخرة فقط؛ لأني أرى في تلك 
الحضرة كل هذا دفعة واحدة» وأرى الدنيا والآخرة في ذلك العلم دفعة واحدة ليس 
أحداهما قبل الأخرى, ولا أرى الأولى أكثر من الأخرى. ولا الأخرى أكثر من الأولى» 
وذلك قوله: ليس لست أراهما غداء أي لمن الملك غدا لا أرى هذا غير هذاء ولا هذا غير 
هذاء وكذلك أيام الدنيا فجنحي. أي ظلمة ليلي غداء أي صار هناك صبحي: ويومي ليلتي 


(1) الأعراف. الآية 172. 

(2) الطورء الآية 21. 

(3) مرَ تخريج الحديث. 

(4) الأنعام, الآية 164. 

(5) فاط الاية 18. 

(6) في الأصلء و[س]: [ويمسحاه]. وما أثبتناه الصواب. 
(2)فى الأصل و[س]: [ويهّوداه]» وما أثبتناه الصواب. 
(8)غافر الآية 16. 

(9) في الأصل و[س]: [خطاب منفرد]ء وما أثبتناه الصواب. 


إذ لا تفرقة هنالك بأيام» إذ اليوم؛ والليل» والجنح؛ وهو الظلمة» والصبح كله هناك أراه 
غير متميز؛ لأنَّه علم محض لا وجود لشيء غيره من الموجودات» وقيل: معنى فجنحي 
غدا صبحي: أي غيبة علمي هنالك هو ظلمة على الخلق لا يراهاء ولا يراني فيها كما أنا 
هنالك حقيقتي غيري؛ وغدا ذلك العلم ونوره بظهوري في الشهادة هو صبحيء ويوم 
الذي ظهرت فيه كأنّه نهار معهمء وأنا باق في ليلتي في ذلك العلم المظلم على قلوب 
الخلق مشاهدته. 

قال: 

45 - وسرٌ بلى لله مرآةٌ كَشْفه وإثبات معنى الجمع نَفَْيُ المعيّة 

يقول: وجميع ما سيكون في الوجود فكان إِنّما كونه ذلك كالمرآة التي تقابل بها 
الصور. وكذلك سرّ [بلى] أي جواب [ألست بربكم [94ظ] قالوا: بلى] جواب الله تعالى. 
أرى الجواب والسؤال في حال واحد في نور غير متجزء؛ وقولهم في الوجود جواباً [بلى] 
لله وسؤال الله لهم ظهوره في الوجود هو كالمرأآة في ذلك العالم. وهذا صحيح, ولا 
يصمح غيره؛ لأنّْ علم الله تعالى لا يختلف. وأراد أنه يراه في وحدة الجمعء وإثبات معنى 
الجمع. أي معنى حضرة الجمع. وهي حضرة ذلك العلم البرزخي هو نفي المعيّة» أي 
هو أن يتن أله كان ذلك الدوو و لا كن وسغة الم كحودات أضلة وز اك كت فيها فين 
ال مؤهود يع نقد ايك 2 معط جد لقان علب اللقبزر إن اليف أله لطي مارو كن رحد 
ذلك قبل العلم فقد أثبت أنه بغير العلم» وأما أن يكون هو العلم الأول وهو هو العلم 
الأول الذي قلناء وإن قلت: نعم أوجد بالعلم شيئا قليلاء ثم وجد العلم بعده, قلنا: لايصحٌ 
تجلّي صفات الله يكون شيئاً غير عظيم. ثم يتجلى بعد ذلك عظيماًء هذا ما لا يضّحء ولو 
كان كما قلت لما قال للقلم: اكتب جميع ما سيكون بعد ما أوجد البرزخ العلمي والقلم 
واللوح؛ مع أنَّ اللوح لم يوجد إلا من فيض القلم حين الأمرء وأيضاً لو فرض إمكان 
وجود بعض العلم فكان كوناً ثم وجد العلم فكان معه ذلك الكونء فلابد إما أن يتساويا 
في العظمة والكمال وأن يختلفاء فإن اختلفا فإن كان الأول أعظم فهو المقصود. ورجعت 
إلى أنَّ العلم هو الأول ولم يكن كما(" هو في العلم الذي كوّنه؛ لأنّه زاد وإن كان الآخر 


(1) في الأصل [كلما]. وأثبتنا ما في س لتلاؤمها مع السياق. 


أعظم: فكيف يكون أفضل شيء خلقه الله النبي #6 إلا من نور علم هو الأعظمء فإن كان 
الأول لم يجمع الكمال ولم يكن في الوجود شيء كامل الجمال الإيجادي؛ وإن كان من 
الآخر فالسابق أفضلء ولم يجز مرتبة السبق» فصح أنْ أول ما خلق الله تعالى نور المعرفة 
من تجلي صفاته نوراً برزخيا غير متميز» ولا متجزئ, ولا وجود لشيء من الموجودات 
غيره» وهو نور النبي من لا يرى حقيقة إلا وهو لم يزل مشاهدا لله بتجلي صفاته. ولولم 
يتجل'!' الله عليه لحظة لانطمس الوجود من ساعته. فكان لا شيء تعالى الله علوا كبيرأء 
فإن قلت: يتجلى الله بالصفات. فأقول: هو كما يتجلى بالصفات في عقول أهل العلم به 
وكيف لا يتجلى بالصفات» ولو ثبت أنه لا يتجلى بالصفات لثبت أن الله تعالى لا يعرفه 
أحد بصفاته» وبطل وجود التوحيد. وصار كلما وصف الله به من الحق هو ليس كذلك» 
ووقع الشرك بالله. تعالى الله علواً كبيراً. 

قال: 

6 - فلا ظَلَمٌ تُغشى ولا ظَلْمَ يُختشى لي نوري أطفأت نار نقمني 

يقول ةف كك ترين الام ويظتع اميم وتتوريده آى قن تلكا ليزه لا لم ليلد 
تغشىء, أي تغطي بسواد ظلمتهاء ولا ظلم أي ليس هنالك ظلم وبغي وفساد يختشى. 
أي يخاف منهء وإن كان علم هذا كلّه في تلك الحضرة: ونعمة نوري أطفأت نار نقمتي. 
أي ولأجل كمال جمال ذلك النور الذي هو نوري أطفأت نار نقمتي» ولذلك ظهرت 
بالمؤمنين رؤوفا رحيمً»» وظهرت بكمال الأوصاف. فذلك النور هو الذي أطفأ نار 
نقمتي؛ لأني لو لم أكن كذلك في اتصافي في تلك الحضرة قبل الظهور لكان بي نقمة عن 
الوصول إلى تلك حين الظهور إلى عالم الدنياء ولكنَّ ذلك النور أزاله نيران الحجب التي 
هي نقمة لي عن الوصول فيكون بهذا الاعتبار لقوله هذان المعنيان أحدهما لنفسه. والآخر 
لغيره. وغضبه على الكفار من تمام كمال رحمته ونعمته. فافهم. 

قال: 


7 - ولاوَقْتَ إلآحيتُ لاوقتَ حَاسبٌ وجود وجودي من حساب الأهلة 


(1) في الأصل و[س]: [يتجلى]. 
(2) في الأصل و[س]: [رؤوف رحيم] بدل [رؤوفا رحيماً]. وما أثبتناه الصواب. 


يقول: وفيه تقديم وتأخير» وتقديره: ولا أرى هنالك وقتأ حاسباً من حساب الأهلة 
كالساعات. والأيام» والشهورء والسنينء والدهر, إل حيث: أي إلا قولى حيث وجود 
وجوديء, ولا وجود لغيري من الموجدات. والمراد حيث كذلك أنا لا هو وقت [95و] 
فإني لم أرد بحيث أيٍّ وقت؛ لأنْ الوقت وغيره. وكل ذلك موجود منه بعد أن ظهر في قلم 
ولوح ومكونات. 

قال: 

8 - ومسجونُ حَضر العَضْر لم يَرْ ماورا ع سححيته في جَنة أبدية"'' 

يقول: ومن كان مسجون حصر: أي مسجون سجن رؤية العصرء أي الزمان وما 
يحتاج إليه فيه» مشغولاً عن تفتيش الأسرار الإلهية بحثه في علم الله تعالى» ومشاهدته 
للحضرات الإلهية لم ير -بفتح الياء» وإشباعها مَدَة لإقامة الوزن- أي لم ينظر إلى ما وراء 
سجيته. أي أخلاقه التي هي طبع في جنَّة أبدية» ألم ير عقله سارحاً في فضاء الحضرات 
الإلهية والاتصاف بها؛ لأنّها هي الصفات الخالدة الأبدية. 

قال: 

9 - قبي دارث الأفلاك فاعجب لقطبها ال مُحيط بها والقّطَبٌ مركرٌ ثقطة 

يقول: فبي دارت الأفلاك يعني لمّا كانت جميع الموجودات أفلاكاء وأرضاًء ونباتاً. 
وحيواناء وكلٌ شيء في الوجود كله بدلالته في العلم هو العلم هو الذي أنا أراه» وأشاهده 
فكنت أنا إمام المحققين والمسّحين» وكل شيء إِنْما هو مقبل إلى ما أنا مقبل عليه» وناظر 
إلى ما أنا ناظر إليه» فلا غرو فقد دارت وأحاطت بي الأفلاك» وجميع الموجودات؛ لأني 
قطبها في العلم؛ والمحيط. والمحقق لعلومها. والقطب مركز نقطة» أي معنى القطب 
مثل مركز نقطة تدور عليهاء فلو نقط المرء نقطة من قلم في قرطاسه لكانت قطبأ لكل ما 
هو حولها منها إلى جميع الجهات. ثم جميع السموات. ثم كل شيء» فاعجب أنت كنت 
مركز نقطة لجميع الوجود. فكل حقائقها تدور على حقيقتي فصرت في الصورة كأني 
أصغر منهاء وأنا مع ذلك محيط بجميع حقائقهاء فهي مثل النقطة مع تحقّق علمي. 
(1) في الديوان: [الأبدية] بدل [أبدية]. 
(2) في الأصل و[س]: [ترا]ء وما أثبتناه هو الصواب. 


40 


قال: 

500 - ولا قُطَب قبلي عن ن شلاث حَلْفنُه وقطيّة الأوتاد عَمنْ ‏ بَدليَة 

بقول: وفيه تقديم وتأخير» وتقديره: ولا قطب قبلي فأكون قد خلفته بعد موته عن 
الثلاثة الأوتاد بعد موت قطبهم الرابع» فأكون أنا عنه بدله منهم؛ لأنْ القطب واحد من 
الأربعة الأوتاد على أركان الدنيا: شرق وغرب وجنوب وشمالء. وقيل واحد من ثلاثة 
لتكون الأوتاد قطباً وإمامير:'!»؛ كلاء ولا قطب قبلى إِنَّما قطبية الأوتاد عن بدلية» يقول: 
إنّما بقية الأقطاب منذ خلق آدم هم عن بدليتي أنا واديعيت اعز الاك فلي الحتيفة أنا أول 
الموجدات. ومعنى القطب) هو المركز الذي تدور عليه الأشياء كقطب نجم الجاه قطب 
لجميع النجوم؛ ودوران السموات. وقطب الرحى مسارها الوسط. والقطب من الناس هو 
الذي كمل في زمانه في جميع الأرض علماً وعملاً وحباً لله تعالى قد ترقى" في حضرات 
الجمعء فالنبي قطب جميع الرسلء والملائكة. والأنبياء» والأولياء» وجميع الوجود. 
بدليل إحاطته بما فيه من العلم؛ والقطب يسمى الغوث لإغاثة العالم به. ثم الأوتاد الثلاثة 
فيكونوا بقطبهم أربعة» وهم قطب الأبدال السبعة والأربعون النجباء وكلّما مات واحد من 
هؤلاء الأوتاد. ومن هؤلاء الأبدال قام غيره بدله» فإذا مات القطب رفع الله من الأوتاد 
قطباء ويرفع من الأبدال وتدآء ورفع بعض النجباء +4 يذلا تفن الأوناء نجباء ولذلك 


(1) فى الأصل و[س]: [قطب وإمامان]. وما أثبتاه الصواب. والإمامان الواردان فى المتن هما أخصٌ من الأبدال. أي 
أرفع درجة؛ ينظر موسوعة العجمء ص122. وسيأتي الحديث عن الأبدال. 

(2) وسدت الشيح ااسرع وما نواني بيد فليل عن اللنتليم الذي يعتمده اللصوق افر لريب الإاقخ اين ولد فهناك 
القطب وهو صاحب أعلى الدرجات في الطريقة» وهو رجل واحد هو موضع نظر الله تعالى من العالم في 
مان ويستى الغوث أيضاً باعتبار التجاء الملهوف إليه. وهو ما يقرّره الشيخ ناصر أيضاً في النّصء ؛ وهناك الوتد 
والأوتاد. وهم الرجال الأربعة الذين على منازلهم الجهات الأربع من العالم. بهم يحفظ الله تلك الجهات 
لكونهم محل نظره سبحانه وتعالى» وهناك الأبدال وهم أعوان القطب وعددهم كما ذكر الشبخ ناصر سبعة 
وأربعون» سبعة أمناءء وأربعون هم الأبدال» وسمي [بدلاً] لأنّه إن سافر عن موضعه ترك جسداً على صورته؛ حياً 
ل ا 0 

سخ العلم به» وفي المتن تفصيل عميق لهذا الأمر, ينظر عن هذه المصطلحات: موسوعة الحفني» ص 665) وما 
اس امسو ب روا او ل ا ل ا 
هنا أن القطب يعرف الأبدال والأوتاد جميعاً. وهم موضع نظره. وسنقف عند هذا الترتيب في موضع قابل. 
(3) في الأصل و[س]: [ترقا]. 
(4) النجباء: جمع نجيب وهو كريم الحسب أو الذي يُحمد في نظره؛ أو في قوله. وهم قائمون بإصلاح أحوال 


481 


قال: عن بدلية» فاكتفى بذكر الأبدال بتورية البدلية ليعمّ ذكر التبدل في الكل بما ذكرناه 
هكذا معنى نظمه. ونحن نقول الله أعلم فإنّه هذا يمكن وجود صحته» ويمكن أن يكون 
هو لك الستعة وال ريعة امتحييا ولكق يدول نما ذكر وف وهذا لآ بنك كارن لذن الايد أن 
يتفاوت'!' العباد في كل حين حتى يكون أفضلهم في علمه تعالى هو قطب زمانه؛ ولابدَ 
أن يكون بعده اثنان» وثلاثة» وأربعة» وسبعة وأربعون2 فإنّ هذا مما لا يصحٌ إنكاره؛ لأنّه 
حق ظاهر كالشمس في يوم لاغيم فيه» وناكره ناكر لعلم الله تعالى بعباده؛ لأنه [5وظ] 
لابدّ أن يكون عالماً بالأفضلء ثم الذي يليه إلى الأربعين فيكونوا هم المشار إليهم: وما 
كان دونهم فهم من عامة المؤمنين» ولا يجوز الإنكار علماً هذه الصفة؛ لأنّه إنكار لعلم 
الله تعالى بالأفضل من في الدنياء والله بكل شيء عليه©. 
بيان: 


واعلم أنَّ التصوف لا ينبغي للمرء أن يهمله» وإن لم يقدر على الوصول إلى كمال 
درجاته فليتوسل إلى الله تعالى به بما قدرء كما يتوسل بالنوافل الشرعية» وليس حقيقة 
التصوف كما ظنّه من لا علم له به أنه السياحة في الأرضء بل حقيقته الانقطاع إلى الله 
تعالى في كل شيء مع لزوم الاستقامة في كل شيء؛ ثم التوسل بعد ذلك إما بطريق 
تجريد النفس من صفاتها الذميمة أصلاء ثم تحليتها بمقامات درجات أعمال الإيمان 
الوسائل بعد كمال الطاعة بأداء اللازم والمندوب اعتقاداً وفعلاً وتركأء والاستقامة في 
الورع. والزهد. والتقوىء واليقين» والنصيحة ثم إخلاص التوكلء والتفويضء والرضاء 
والخوف. والرجاء والتعظيم» والهيبة) والخشية» والسكينة. والوقار. والتضرع إلى الله 


الناس وحمل أثقالهم لاختصاصاتهم برحمة فطرية؛ ولكنّهم لا يتصرفون إلآ في حظوظ غيرهم. أمَا حظوظهم 
أنفسهم فلا مزية لهم فيهاء ينظر عنهم موسوعة الحفني. ص !981. 

(1) في الأصل: [يتفات].؛ وما أثبتناه من س. وبه يستقيم الكلام. 

(2)فى الأصل: [وأربعين]. وما أثبتناه من سء وهو الصواب. 

(3) حفظ الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد. 75[3: نضّاً لأبي بكر الكتاني (محمد بن علي بن جعفر المتوفى سنة 
2 للهجرة) يقترب من حديث الشيخ ناصر عن هذه (المملكة الروحية) نثبته لأهميته. يقول: «النقباء ثلاثماثة» 
والنجباء سبعون. والبدلاء أربعون. والأخيار سبعة؛ والعمد أربعة» والغوث واحدهء فمسكن النقباء المغرب. 
ومسكن النجباء مصرء ومسكن الأبدال الشام. والأخيار سيّاحون في الأرض. والعمد في زوايا الأرضء ومسكن 
الغوث مكة, فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباءء ثم النجباء. ثم الأبدال, ثم الأخياره ثم العمد. 
فإن أجيبوا وإلآ ابتهل الغوث فلا يُتَمَ مسألته حتى تجاب دعوته». 


42 


والابتهال. والإلحاح في السؤال. وتحليتها بصفات الله تعالى» وهذه هي طريقة التجريد. 
وإما بطريق المحبة مع هذا كله وهو يستغرق [فكره في العلوم الشرعية وعلوم الحقيقة] 
(')» ويستغرق بهما فكره فى التفكر فى أفعال الله من لطف. وكرامة. ورحمة. ورزق» 
وقدرة إلى غير ذلك انال جل وعلاء ويتلو مع ذلك الاسم الخماسي”) الأحرف 
الذي ذكرناه أولاً بقلبه لا بلسانه. ولا يزيد على أحرفه شيئاء فإنّهِ يتجرد بسرعة من صفات 
نفسه بخاصية فيه. وتنفتح له أبواب الحب في الله» وينكشف بسرّه حقائق الموجودات 
فتتجلى له الحضرات الإلهية فيهاء ويرى ما يدهش عقله لا محالة» ويستحبّ له أن لا ما 
يراه لئلا”) يستخف به الناسء أو يجب به الثناء» ولا يطلب به تلك الكرامات التي يراهاء 
ولا يلتفت إليهاء وإن التفت فلا يضرّه في دينه» ولكن التصوف لا يطلب فيه إلا ابتغاء وجه 
الله تعالى. فإذا فنيى في حب الله. راك وتوكله. وتفويضه. ومحبتهء وإرادته» ومشيئته 
حتى صار لا يحب ولا يشاء ولا يريد إلآ ما يحب الله ويشاؤه ويريده منهء وبه في جميع ما 
كان من قبل الله عليه وفيه وبه وفي جميع ما أراده منه من العبادة» وما أحبه منه من العبادة» 
ولم يكن في حركة ولا سكون إلا بالله وفي الله ولله. وفيما يحب الله منه وفيه. وبه 
فذلك هو الصوفي ولول 8 الاسم الذي ذكرناه. 

نحان: 


6 


وأمَا مراتب الحضرات فكلما انفتح فكره ونظره إلى الله بشيء من صفات أفعاله مما 
ذكرناه» أو غيره في شيء فهو يسمى بحضوره مع الله بتلك الصفة هو في تلك الحضرة 
مقيّدا بهاء وكلما حضرت" كثرت رؤيته ففى ذلك الشىء الحضرات كان أبلغ, أو فى 
أشياء كثيرة حتى تتم حضرات الأفعال. وأسماء الأفعال. ويحضر قلبه فيراها جملة في 
كل شيء يراه من الوجود فقد بلغ حضرة اسمه الظاهرء وهي الحضرات الظاهرية» ومقام 
الفرق» وراية النفس في اصطلاحهم, فإذا تجلت له صفات الذات, ولم يزل يتلوّن" بها 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 

(2) مر شرحه فيما سبق. 

(3) في الأصل و[س]: [لالا] بدل [لثلا]ء واستضأنا بسياق الكلام لكتابة [لثلا]. 
(4) في الأصل و[س]: [يتلو]ء وما أثبتناه هو الصواب. 

(5)[حضرت] ساقطة في الأصلء وما أثبتناه من س. 

(6) مرَ الحديث عن (الحضرات) و«التلوين). 


43 


يحضر عقله مع صفة» أو صفتين حتى يجمع الصفات. وأسماء الذات فهي حضرة اسمه 
الباطن» فإذا جمع الحضرات الظاهرية والباطنية فقد بلغ حضرة الجمع. فإذا لم يغب عقله 
عن رؤيتها جميعاء وشاهد الوجود. وجمال الحضرات». وجمال صفات الله تعالى» ولم 
يشغله أمور العباد وإن أقام بدين الله فيهم؛ فهو الصحو بعد المحو'!)» وهي مرتبة جمع 
الجمع؛ لأنه لم يغفل عن الحضور مع الله تعالى بالمشاهدة بجميع صفات ذاته» وصفات 
أفعاله مع رؤيته للوجود. وقوة اشتغاله بالخلق بجميع قيام دين الله فيهم وعليهم. وهذه 
مرتبة الأنبياء والرسل» وبعض الأولياء. ومرتبة [96و] أهل الجنة جميعاً فإنهم لا يغفلون 
عن حضورهم مع الله طرفة عين بجميع صفاته في كل لحظة جملة واحدة» ولم يشغلهم 
ذلك عن التلذذ ب: لتعياد رام وتاي الماقد لتقي عن وود للد بصعاته ار وعدم 
هي الرؤية في الجنة على الصحيح التي يرون بها ربّهم في هذه الدنيا في حقٌ, الأكثرين 
محرومون منهاء ومَنْ لم يحرم لم تدم له وأما في الآخرة فهي دائمة لا رؤية الذات فإنّ 
رؤية الذات في الدنيا والآخرة لا تجوزء والقول بها ضلال!2)» وهذا آخر مقام الأنبياء» ومن 
بعده مقامات النبي 8ك فإِنَ مقامه أحدية الجمعء وهو مخصوصء وهو يرى الحضرات 
الإلهية وحقائق الموجودات في وحدة العلم البرزخي علما لا شيء معه من الموجودات. 
وغير متميز أقساماء ويرى حقائق الموجودات كذلك هو ذلك العلم بعينه» وترى اجتماعه 

في القلم. وإفاضته إلى اللوح؛ فمنتهى مقامات الأنبياء إلى الروح الكلية اللوحية» وإلى 
النفس الكلية» وإلى المثال الكلي اللوحيء. وهذه هي مراتب - جمع الجمع؛ وأما مراتب 
الأولياء غالباً فإلى مثالات اللوح في التمثيل» وأما النبي فمن إفاضة القلم لوحا صاعداً 
إلى القلم ثم من القلم'" إلى العلم؛ وهي مرتبة أحدية الجمع؛ لأنهيرى فها الجقاق شيا 
واعيدا جمعا غير تقمرة وعذللك يزاهة ل :ار وا روتف ا سدركسي لجع سا 
ذلك العلم صفات الله تعالى منها ظهر وجود ذلك العلم» ولم يزل ذلك العلم يرى الله 
بصفاته» وأما الذات فلا يراها حتى ذلك العلم. وذلك العلم هو منسوب إلى علم الله 
تعالى» فصار جميع الوجود إمامها النبي 5» وكلها متوجّهة إلى ما توجّه هو إليه» وإذا كان 


(0)هرٌ شرح (الصحو) و(المحو). 
(562 الحديك عو (الرؤية) يغصي قبماسبي: 
(3) في س: [من أهل القلم]ء وما أثبتناه من الأصل . 
44 


كذلك فكلها متوجّجهة إليه فكان هو كالقبلة وكالإمام؛ فهم متوجهون إليه إتماماً لاستقبال 
في كلّ شيء من عمل أو دلالة أو خضوع لله فكائنات بأسرها مؤتمّة به. وهو متوجّه إلى 
ربهء وهي متوججّهة إلى الله» ولكن مؤتمة إلى النبي كت ولا مطمع لهذه المرتبة لمخلوق 
أبدأ غيره» ومن هذه المراتب قال النبي ©: [ما فضلكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة 
ولكن بما وقر في قلبه]'''» وفي هذه المراتب قال أهل التحقيق: إِنْ توبة المؤمنين من 
الذنوبء وتوبة الخواص من غفلة القلوب» وتوبة خواص الخواص من ذكر كل شيء 
سوى المحبوب©. والمراد بذلك إذا كان ذكر ذلك الشىء لا لله. ولا فى الله ولا فيما 
بحم لله كوول ْ ١‏ 


بيان: 


واعلم أن التوسل إلى الله تعالى وسيلة التصوف يصمٌ ولو كان ينام بين أربع نساء في 
ليله ونهاره في جهاد الكفر المباح جهادهم ويكون وسيلة أيضاًء وقائما بأمور الخلق©, 
ويشغل نفسه بعلم الشريعة» كل هذا لا يفسد التصوف. ولا يعلم أحد أن هذا صوفي حقيقة 
بغير وحي من الله وبغير قول نبي سمعه من فمه إلى أذنك؛ لأنْ التصوف أعمال قلبية: 
وأمَا تسمية مَنْ هو متصف به في ظاهر الحكم فيجوز أن هذا صوفي؛ لأنّه - وإن قال - فلا 
يقدح أن يكون على التحقيق» وإن نوى به كذلك فهو قائل بجهل بعذر فيه إذا لم يعتقده ما 


قال: 
1 - فلا تعدو حَحطي المستقيمَ فإنَّ في الزوايا خفايا فانتهرُ خََيِرَ فرصة*) 


يقول: وإذا كنت أنا قطب الأقطاب فأنا أعلم بالطريقة والشريعة والحقيقة بأكملها.ء 


(1) مر تخريج الحديث. 

(2) ينسب هذا القول إلى ذي النون المصري الصوفي المعروف. وهو أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم الأخميمي المتوفى 
سنة 353 للهجرة؛ ينظر موسوعة العجم؛ ص !211». وموسوعة الحفني. ص222. وما بعدها. 

(3) هذا ما كان يصنعه الشيخ ناصرء وأقرانه من سلوكييّ عمان. فقد كانوا زاهدين عابدين» ومع هذا انشغلوا بأمور 
الخلق على حد قوله؛ من نشر للدين» وتهذيب وإصلاح بحيث كانت عزلتهم إيجابية أفادتهم» وأفادت غيرهم. 

(4) فى الديوان: [خبايا] بدل [خفايا]. 


405 


فلا تعدو: أي لا تجاوز.ء خطى المستقيم: الطريق الواضح» العدل. الكامنة”!)» فى الزوايا: 
أي في الجوانب المنتحية عني خفايا من الظنون التخييلات» والأوهام الباطلة إذا تعدّيت 


إليها فلابدٌ وأن تضل فانتهز خير فرصة بي» وبسلوك طريقتي» وتحقيق حقيقتي. والعمل 


2- فَعَسّي بدا في الذرّ فىّ الولا ولي لبانٌ تديٌ الجمع مثّيّ درّت 

يقول: [6وظ] 

فعني بدا وصدر وظهر الولاء, أي الحبّ لله تعالى؛ لأني أنا أول مَنْ أحببت الله تعالى 
في العلم البرزخي في الذرّء أي في أجزاء ذرات الوجود. وظهر من تلك الأجزاء المركبة 
في المركبات منها كالحيوان والإنسان» وهو الذي كان في -يكسر الياء؛ وتشديدها- في 
النور الأول؛ ولي لبان اللبان هو المخض ما دام في الضرع أو الثدي. فإذا فارقه سمي 
باللبن» يقال: هذا أخوه بلبان أمّه. ولا يقال بلبن أمّه يقول: لأنّه كان لي لبان ثدي الجمع. 
استعار كلمة ثدي للحضرة العلمية التي هي نوره الأول؛ والجمع لاجتماعه نورا خالصا 
لأكون معه غيره. قوله: مني درّت» أي ثم درت علماء وموجدات كونيات». وهيئات 
وأعمال كما هو كذلك. فمن خلص له ذلك اللبن» وشرب منه صرفا كما كان صرفا فقد 
فازء وإن شربه ممزوجا بما لم يكن عليه فيه حرج كان له العذر. ونجا من نجسه بعدما ورد 
عليه صرفاًء وشربه بنجاسته فقد خسرء وخاصمني بما قسم له من قسميء لأنه من جرَّأ 
عند الله بحقّ اليقين فضيّعه وبخسه وأفسده. فلا شك أنه قد خاصمني, وله اللعنة وسوء 
الدار. 


نيان: 


واعلم أنّه لما ذكر سلوك النبي ين في سفره الرابع في حضراته درجة درجة» طوراً 
فطوراً بترتي كامل. وذكر تحلية الظاهري. والباطنى» والجمعى. وجمعى الجمع. 
وأحدية الجمع؛ وذكر مبدأه» ومنتهاه فى السفر الأول والثانى والثالث» وإن كانت تلك 


(1) في الأصل: [الكاملة]ء وما أثبتناه من س .2 وبه يستقيم الكلام. 


أسفار هي في حقٌّ غيره؛ وإنّما هو له السفر الرابع» فإنّهِ لابدّ أن يكون حائطاً بالجميع علماً 
وعملاًء والمئال ذلك أنَّ المبتديّ تصفية نفسه من صفاتها حتى كملت صفاوتهاء ومن كان 
هو كذلك صافياً منها من أول الآخر ففي الحقيقة هو مجاوز'' لتلك المرتبة» وعالم بهاء 
ومسافر عنهاء وهي في الأصل مبدأ طريقة إذا دعا الناس إلى طريقته لأمرهم بتصفية ما قد 
صفا منهء وبهذا الاعتبار أنَّ السلوك المحمدي أصل أوَّله ليس أول مبدئه هوء وإِنّما مبدؤه 
ما هو قد صفا منه وسافر عنه؛ فإذا عرفت ذلك فاعلم أنَّ لكلّ مرتبة تجلٌ جمالاً وجلالا2) 
وذكر الناظم تجلي جمال وجلال كل سفر من الثلاثة الأسفارء ولم يذكر في هذه السفرة 
الرابعة تجلى جمالهاء ولا جلالها فذكر هذه الأبيات الآتية» أولا ذكر الجمال فى الجلال» 
تدك وود لاك الجلال في الجمالء فافهم. ١‏ 


كا 6 


(1) في س: [يتجاوز]ء وما أثبتناه من الأصل. 
(2) في الأصل و[س]: [أن لكل مرتبة تجلي جمال وجلال] وبها يضطرب المعنىء وما أثبتناه الصواب. 


في ذكر جمال الجلال الإلهي. وجلال الجمال الإلهى ومشاهدتهما في مبدأ كشف 
التجلى الأحدي الجمعيء وذكر انتهاء حكمهما بظهور أثر التمكين المختص بمقام 
الأكملية الأحمدية. وفى التدله. والاندهاش برؤية الجمال بالمحبة الإلهية بلسان مقامه 
وكماله ف. ْ 

قال: 

3 - وَأَعْجبُ مافيها شَهِدْتٌ فراعني ومن نَفْثِ روح القُدْسِ في الرّوع روعتي 

يقول: وفيه تقديم وتأخير» وتقديره: وأعجب: أي وأكمل ما شهدت فيهاء أي الحضرة 
الأحدية حمالا وعلدل فإنه لم يُرِدْ هنا بكلمة أعجب إلا معناه» وهو كمال جمال الجلال. 
فراعني» ومعنى فراعني أعجبني وراقني, وأراد هنا معناه» أي وأدهشني روعتي ودهشني 
وحشتي وهيبتي من ذلك الذي شهدته فيهاء وهو ما يتجلى من هيبة العظمة» وهيبة 
الجلال. وهيبة الكبرياء وهيبة العرة» وهيبة القوة» والقدرة هيبة» وخشية لو وزنت هيبة 
جميع الموجدات. وخشيتهنّ لم تكن إلآ كقطرة من بحر تلك الهيبة والخشية» فدهشت 
بذلك مع علمي بأن لا خوف على بإبعاد. وانظر جمال اللطف مع نظري إلى تلك الهيبة» 
وذلك الجلال فانبسط به» وكل ذلك فى حال واحد فهو من أعجبء. أي أجمل ما شهدت 
نبوا وكذلك مشاهد تنك والنقك هو ها يلقية المرء قليلاً اذل من التفلة وهو البزاقة 
القليلة» وأراد هنا معناهء أي إلقاء روح القدس جبرائيل الوحي [97و] عليّ» ومشاهدتي 
أنْ جبرائيل وإلقاءه الوحي علي إِنْما كان كونه من نوري» وذلك العلم الذي يلقيه علىّ هو 
العلم الذي هو أنا في ذلك الحين من غير تمييز لرؤية جبرائيل هناك إذ ليس هنالك؛ إلا 
علم؛ فجبرائيل وعلمه وإلقاءه على هنالك هو أنا كذلك أشاهده'!". 


قال: 

4 - وقد أشُهدتني مُحشتها نَدُهنْتُ عن حجائي ولم أنبت جلائي لدهشتي(!) 

يقول: وقد أشهدتنى حسنها: أي جمالها هو مشاهدتها جمال صفات الله تعالى» وأنا 
ذلك المشاهد. الو متوجّه إلى جمال صفات المشهود؛ فدهشت عن حجائي: أي 
عقلي» ولم أثبت علي زيادة جلائي: أي انكشاف رؤيتي إليها أكثر من ذلك في مقامي 
هذا؛ لأنّ بناءه هنا في ابتداء سلوكه في هذه السفرة الرابعة» قوله: لدهشتيء أي لاندهاشي 
بما شهدته. 

قال: 

5 - ذَهلْتٌ بها عتي بحيث ظَتَنئّني سوائيَ لم أقصد سواء مظني !2) 

يقول: وفيه تقديم وتأخير» وتقديره: ذهلت. أي غفلت» ونسيت مما دهشت بها ٠‏ 
او ا ال 4 4 لك لكو ار 
لي زيادة مما كنت أراها في أول سلوكي إليها فذهلت عني؛ أي عن نفسيء حيث: أي إلى أن 
ظنتني» أي ظنت نفسي لم أقصد سوايء أي أوسط طريق مظنتي. أي الموضيع ال ق أظنّ فيه 
قصدي؛ لأنَّ المظنّة الموضع الذي فيه الشيء» وهي حضرة نة نفسي التي هي أناء فظننت أنَّ تلك 
العف ذافن بحصي عزاو الى تقر شيرق الى ل بهذا المقام رارع عع ل يذو أرنها 
بهذا الجمال فلما قربت منها وتجلى لي جمالها ظننت أنّها حضرة سوائي. 

قال: 

6 - وَدَهَلني فيها ذهولي ولم أَنِقْ علي ولم قف التماسي بظنعي*ا 


6 


إن 


على سبيل المثال موسوعة الحفني. ص457: غير أنَّ القراءة الرمزية غير المباشرة» مع التأكيد على أن المقصود 
هو (الحقيقة المحمدية) لا ابن الفارض في هذا كله. وهو ما يلح عليه الشيخ ناصر في مواضع كثيرة: أقول إن هذا 
مجتمعا يقود إلى المعنى الغائر في العمق للقصد الجوهري من التائية كلهاء لا هذا البيت وحده. 

(1) في الديوان:[فشدهت] بدل [فدهشت ].ء وفي هامش الديوان إشارة إلى هذه القراءة» وفيه [حلاي] بدل [جلائي]» 
ولم يشرحها محقق الديوان. ولعلها [حالي] وججعلت [حلاي] للوزن. 

(2) في الديوان: [سواي] بدل [سوائي].ء [ولم] بدل [لم]. 

(3)[بها] ساقطة في الأصلء والزيادة من سء وبها يستقيم الكلام. 

(4) في الديوان: [وولهني] بدل [ودهّلني]. 


نقول: كم زادتئ الأمر فق الذعؤل بحي أت أولآ تك اتسين أن تلك الحضرة هن 
حضرة نفسيء وأني لم أقصد حضرتيء ودقّلني -بالدال المهملة- وهي مبالغة البلادة 
والغيبة عن إدراك الحواس» يقول: وغيّبني ذهولي فيهاء أي الحضرة: ولم أفق» أي ولم 
انتبه وأرجع عليّ» أي على نفسي وإدراكي وإحساسي أني ذاهل» ولم أفق» أي ولم أتتتع 
نفسي وإحساسيء وإدراكي حتى أشهده بظنتيء أي بسبب ظتتي فأتتبع حيث أظنّء بل 
متا النان بشي يعني هلم ايع مالم يخطر بدالي؛ فد صرت كان لم يخظر معرفي 
نالن: 

قال: 

7 - فأصبحتٌ فيها والهاً لاهيا بها وَمَنْ وَلَهِتْ شُغلاً بها عنه أَلْهَّتَ 

يقول: فأصبحت: أي فصرت فيها بذلك» واستعار أصبحت لظهور تجليها أكثر مما 
لع لفن ان فاستعار للتجلي الأول الليل» والتجلي الأظهر التهارء قوله: والهاء 
أي ذاهب العقل عن رؤيتي به إلى رؤيتي إليها لقوة الحبّ. لاهياً بهاء أي متشاغلاً بهاء 
أي بالنظر إليهاء ومن ولهت -بتشديد اللام- أي ومن أذهبت عقله عن رؤية نفسه شغلاً 
برؤيتهاء ألهت: أي ألهته عن كل شيء»؛ ولا شيء. 

قال: 

8 - وعن شُغْلى عني شُغْلْتُ فلوبها ١‏ تَضَبِتٌ رَدَى ما كنت أدري بُقّْلةَ 

يقول: وفيه تقديم» وتأخير تقديره: وعن شغلي وولهي بها أيضاً شغلت عنيء أي عن 
معرفتي بنفسي أني واله مشغول بهاء فشغلت عنّي وعن مطرفي بانى تيدلت بها واني 
شغلت عنّىء أي عن نفسي جميعاء فلو بها: أي بحبّها قضيت ردى, أي مت هلاكاء كما 
يقال قعدت جلوساًء ما كنت أدري بنقلتي: أي بانتقالي من حياتي إلى موتي. ومن موتي 
الومحيانية"وأراد بذلك اتضافه رلك أنه لو تقل إلن تلك التحضيرة الى كاد قاضدها لم 
يدر" أنّه نقل إليهاء ولو رد منها إلى الحياة أيضاً كما يردّ في النشأة الآخرة ما درى بنقلته 
أيضاًء وكلّ هذه إشارات إلى أنّه كان نوراً خالصاً لله ولو ظهر في الدنيا لم [97وظ] يتغيّر 


(1) في الأصل و[س]: [يدري]. 


عن صفاته كما كان من قبل» ولم يزل يرقى إليه في حياته إلى أن يكون كما كان من قبل إذ 
لا يصح أن يكون ظهوره إلا تكميلاً لمرتبته لا نقصاناًء ويكشف بذلك توحيد الله تعالى. 
وأنّ كل شيء هو دال عليه وشاهد به وأنّه فى الحقيقة كله نور وعلم. وظاهره كأنّه مشير 
بالموجدات, وفي الباطن الموجدات كلها هي علم الله الذي أوجده نوراً علمياً من تجلي 
أنوار صفاته» والمعرفة به والعلم به فافهم ذلك. 

قال: 

9 - ومن عججب الوجد المدله في الهوى ال موله عقلي سَبْيُ سَلْبِ كغفلة!!) 


يقول: ومن عجب الوجد: أي قوة الحب المدلَّه المُذْهب برؤية عقلي عن رؤية نفسي. 
وإحساسها فى الهوى؛ أي الحب الموله. أي الشاغل عقلى؛ والسبى هو أخخذ الشيء 
ورا لالت الانتزاع» وتقديره الم لفان ينيب فكية أن 00-8 
سلبء أي انتزاع له» هو كغفلة: أي مثل غفلة» ولم يتم الكلام» بل أشار إلى تمامه أنه مثل 
غفلة المغفلين المشهورين في الأخبارء وإذا كان الأمر كذلك فيهم هم بكمال وجمال. 
وحبّ غير حقيقي» ولا كامل فكيف بجمال لا يتناهى» وحبّ لا يعلم أقصاه إلا الله تعالى. 

حكاية: 

ومما يروى عن رجلين تحابا واصطحبا في سفينة فوقع أحدهما في البحر فألقى الآخر 
نفسه فأطلعهما أهل السفينة فقال الأول منهما: أنا فأسقطني كذا وكذاء وأنت فما الذي 
أسقطك؟ فقال الآخر: ذهيت بك عنى حتى ظننت أنّك أنى. أي غبت برؤيتك عنىء أي 
تي نان للف الت اه أ أنا الساقط © ١‏ 


(1) في الديوان: [مُلّح] بدل [عجب]. 

(2)[هو] ساقطة في الأصلء والزيادة من س. 

(3) ينظر موسوعة العجم؛ ص 851. وهو ينقل هذا الخبر من كتاب بغية الواحد في مكتوبات حضرة مولانا خالد. 
محمد زاده العثماني النقشبندي» ص28 و14. ويجعل هذا الخبر تحت مصطلح (المحو- الفناء عن شهود 
السوى). 


402 


[حكاية]!!) أخترى: 


قيل إن رجلاً عشقّ امرأة» ووعدته أن تلاقيه في موضع خارج عن البلد. في فلاة بُعيد 
طلوع الشمسء فذهب في طريقه إلى لقائهاء وأظلم الليل عليه فوقف عند طحان يطحن 
على رحى ماء حتى يطلع القمرء وقال للطحان: متى تبدأ بالطحنء أراك واقفا؟ قال: عند 
طلوع القمر. وعند الطحان رجل آخر فلاح يعمل في أحوال الفلاحة؛ وعليه ثياب خلقة. 
والعاشق عليه من الثياب والسلاح من أحسن ما يكون. فقال للطحان والفلاح: أنا أنام في 
هذه الرحى ما دامت لا تطحن. فإذا أردت الطحن أيقظني فإنَ علىّ وعيدة أن ألاقي أحدا 
في موضع يلاقيني بدراهم كثيرة في فلاة كذا وجبت عليه!2» أو قال له غير ذلك. فقالا: 
علينا لك أن نوقظك متى طلع القمرء فأخذ الطحان ينزع عنه ثيابه [بلطف]”" ولبسه إزاراً 
خلقاء وعمّمه بثوب خلق, وأخذ السلاح وجعل في شد إزاره حديدة من آلة*) العمالء 
وأيقظه حين طلع القمر فلما مضى وأسفر الصبح. ورأى لباسه لباس الفلاح. وفي محزمه 
آلة فلاح ظنَّ نفسه أَنّه هو الفلاح» وقال: واعجباً أنا الطحان وأنا الفلاح» وقد وعدنا الرجل 
لنوقظه فأوقظ الطحان أناء ولم يوقظ صاحب اللباس الحسن. ويقول عليه وعد لقاء. 
ونحن وعدناه» والوعد لا ينبغي إلا وفاؤه فأنا أرجع أوقظ الرجل فرجعء ولم يجده على 
الرحى فعاتب الطحان كيف أوقظتني أنا ولم توقظ الرجلء فقال له: أنا أوقظت الرجل 
ولكن لم يذهب إلى الفلاة التي ذكرها لي ولك في الليل» بل ذهب إلى السوق فقال: لعله 
غفل فأنا أسير ألتمسه من السوق فذهب يلتمسه. ويسأل عنه كل مَن لقيه» وهو يسأل عن 
نفسه. فالناظم أراد مثل هؤلاء. وأنْ المقام الأكملي تخبر صاحبه بلسان حاله أنه كذلك 
يحبّه لحضرته التي هي أحدية الجمع كما نبأ عنه الناظم. 

قال: 

0 - أسائلها عَنَى إذا ما لقينُها ومن حيتٌُ أهدث لي مُدايّ أضلّت 

يقول: أسائلها عنى إذا ما لقيتها: أي شهدتهاء ومن حيث أهدت: أي ومن باب أرادت 
(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(2) أي الدراهم. 


(3) مابين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل. 
(4) في س: [آلات]. 


11ظ4 


أن تهدي لىء أي إلى هداي بكشفها لى عن نفسى أنَى أنا ذلك الذي أسائلها عنه» أضلت: 
ء أضلتني زيادة بنظري إليهاء وإلى كلامها فلا أسمع المعنىء وإِنّما [98و] تشغلني 
رؤيتهاء وزينة كلامها فأزداد تدلها واندهاشاً وبلادة وأنا لم أسألها عن عنّي بمعرفة» وذكر 
لنفسي وإِنْما سؤالي واقع كأنّه عن هذيان؛ لأني كيف أسائلها عن شيء كأنّه لم يخطر ببالي 
أصلا. 

قال: 

1 - وأطلبُها متي وعنديّ لم تَرَلْ عَحِبِتُ لها بي كيف عنّي استجنّت 

يقول: وكذلك من أعجب ما شاهدته فيها أنْى أطلب. أي تلك الحضرة مئىء أي من 
2 لا تزول؛ لأنّها نفسي وأنا نفسهاء وعجبت لها: أي لأمرها وحالها كيف استجتّت. أي 
اختفت عنى» أى عن 90 رؤيتى بىء أى بسبب حتى لها غفلت عن نفسى بمشاهدة نفسى»؛ 
وأراد قن هن الحضرة الأولى العلية الارذضية القن كاعد شنالياة لاتدهر ذلك النور 
الأول الذي به ظهر في الوجود. وإليه مرجعه بالمشاهدة الدائمة الباقية الخالدة» وكما لا 
نهاية لذلك النور في علم الله؛ لأنَ المعرفة بالله ثابتة وجودها بلا نهاية» كذلك لا نهاية 
لبقاء الموجدات وإن تغيرت, وتبدلّت فلابدٌ من إيجاد غيرها لتجلى نور المعرفة؛ ودوامه؛ 
ودوام وجودهاء ولو فنت الخلق فالرسم باق أنَّهِ قد عرف الباري» فذلك كان الخلود 
والخلود في الآخرة» فافهم. 

قال: 

2- ومازلتٌ في نفسي بها مُترددًا لنشوة حبّي والمحاسِنٌ خَمرتي" 

يقول: وما زلت في نفسي مترددا: أي والها ومدلها؛ لأني أطلب نفسي من نفسيء. 
وأغيب عنها بمشاهدتي لها لنشوة حبي» أي لسبب نشوة أي سكرة عن رؤيتي حتي. 


(1) مابين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل. 
نين المعريي كيد ل لمكن من فاته 
(3)[عن] ساقطة في الأصل. والزيادة من س. 

(4) في الديوان: [حسّي] بدل [حبّي]. 


4ظ4 


وسكرة إحساسي أيضاء ورؤيتي إلى المحاسن منها هي خمرتي التي لم أزل ازداد بها 
00 
ححان: 


- 


فإن قيل: وما معنى هذه المبالغة في التدلّه والحيرة والسكر؟ فأقول: إن مراده أن أول 
ما أوجد الله تعالى من العلم نوراً من تجلي صفاته. وذلك النور هو نور النبي 6 فكان 
نوراً برزخياء ومنه وجد جميع الموجدات» وظهرت في عالم الشهادة» والنبي 56 حقيقة 
نوره هو ذلك النورء وهو فيه ومنهء ولكنه لا نهاية له في عقله. وله مقام قدر ما يتجلى له 
منهء وهو غير متجزيء,؛ أي ذلك النور في مظاهر قبل ظهور المظاهر بل هو نور واحد لا 
وجود معه لشيء من الموجودات. والنبي فلت كذلك يراه الآن في كل شيء فإِنَ الأشياء 
كلها تشف معه حتى يصير علماء وذلك العلم هو نوره؛ ولا يعلم له نهاية» وفي علم الله 
قدرته في إمداده لا نهاية له فحقٌّ لمقامه © أن يخضع لله ويدله نفسه. وأنّه لا يرى منه 
إلا ما فتح له فهو يطلب زيادة التجلي. وفي الحقيقة يطلب تجلي نوره؛ فهو كمن يطلب 
نفسه. وهو صحيح أن الذي يطلبه من نفسه يشاهده. وما لم يشهده فهو غائب عنهء وهو 
مثل الغائب عن نفسهء وذلك ليوضح مقامه إحاطة علمه. وأنه أعلم المخلوقات, وأنه 
مع ذلك هو مثل المتدله الذي لا يعرف شيئاً فإنّ من امتدح قوماً في الشجاعة. وبالغ في 
مدحهم. ثم ذكر مَن غلبهم؛ وأذلهم كان أكشف في المدح ممن امتدح الغالبء ولم يذكر 
حال المغلوب إذ قد يمكن أن يكون جباناء كذلك كشف جمال النبي وكماله» وإحاطة 
غلعة الدئ عو أكطلالختلق :ف كن شوم قم رزرلة تفنه اق مظن عمال القلم الذي 
أوجده الله علماًء ثم إِنّ ذلك العلم ليس هو بعد إلا حَلقٌ من خلق الله فيكون كشف العلم 
دلالة على جمال الله وكماله وجلاله الذي لا يعرف بحقيقته إلا هو إلا بتحقيق الوصف 
والصفات التي هي حقيقة صفاته» ووصفه كذلك. فافهم. فإنْ المقام المحمدي إذا أخبر 


(1) السكر عند الصوفية دهش يلحق سرٌ المحبّ عند مشاهدة جمال المحبوب فجأة فيذهل الحسّء ويل بالباطن 
فرح وهزّة وانبساط» وهو نوعان: سكر بخمر المودة؛ وسكر بكأس المحبة» والسكر من مقامات العشاق» ومن 
هنا يتبيّن أن لا علاقة لهذا السكر بالسكر الحقيقي. ينظر موسوعة الحفني. ص 795: وموسوعة العجم. ص 469. 
وما بعدهاء وينظر كذلك كتاب [المفهوم الرمزي للخمر عند الصوفية]؛ د. حسن الفاتح قريب الله؛ ص 173!.؛ وما 
بعدها خصوصا.ء وإن كان الكتاب كله يعالج الخمرة والسكر ومفهومهما عند الصوفية. 


415 


عنه بلسان الحال أن العلم هو نور نفس النبي وعقله وذاته الممدودة بعقل القلم وروحه 
ونفسه وذاته المتصلة بها اتصالاً كليَاً وافق العلم القلم فهو صحيح. ولكنّ العلم [8وظ] 
لايعلم كماله وجلاله وجماله إلا الله تعالى» وهو مضاف إلى الله فيقال علم الله» وقدرة 
الله. وقوة الله وكلام الله والمراد بذلك القوة التي خلقهاء والعلم الذي خلقه. والقدرة 
التي خلقهاء والكلام الذي خلقه. وكل ذلك دلالة على قدرة ذاته» وعلم ذاته. وقوة ذاته. 
وكلام ذاته.؛ وجميع صفاته التي هي موصوف بها ذاته. فافهم ذلك. 

[بيان]: 


وأقول: إِنَ الله كان ولا شيء معه ثم تجلّت صفاته فظهر من التجلي نور العلم به 
ومعرفته» وأوجد الله من نور العلم تعظيما للعلم نور برزخياً لا كالأنوارء كما أن نور 
العلم لا يشبه الأنوارء ومن ذلك النور ظهرت الموجدات فحقيقة الموجدات وإن تجرأت 
وتشخصت فإنها من نور أنوار ذلك العلم. والعلم علمان: علم بصفات الله؛ وكماله. 
وجلاله. وجماله. وعلم بما سيكونه ويوجده فأمَا علم صفاته» وجماله. وجلاله. وكماله. 
ليست بمخلوق كالمحبة التي ليوجدهاء والإرادة على الإطلاق. وأمَا هو في علم الله فهو 
لم يزل بها عالماء وأمَا العلم بما سيكونه الله تعالى فعلم الله به غير مخلوق» ولكنّه هو 
خالق علم مثالاتها وخيالاتها. والأشخاص والمعاني؛ وكل ما سيوجده. ولا يوجب أن 
يكون بذلك يوجب أنه خلق علمه بهماء بل هو خالق علمهاء ونفسه لم تزل عليمة بها؛ لأنه 
لو لم يكن عليماً بها لم يعلم تكوين إبداعهاء وقبل إبداعها لها فليست هي بشيء. 

فإن قلت: أليس يراها قبل أن يصوّرها؟ قلنا: قبل أن يصوّرها ليست بشيء. فلمًا أراد 
أن تكون شيئاً في علمه صارت شيئاً. فإن قلت: أليس يوجب هذا أن يكون قد خلق علمه 
بها؟ قلنا: لأنّ قدرته على الخلق بلا نهاية» ولو كانت صور الأشياء أصلها بلا نهاية من غير 
أن يكون هو الذي صوّرها ولكن يراهاء ويعلمهاء لوجب قدم الكثرة» وبطل توحيد القدم؛ 
والآرنة لله تعالى» وقت ]أنعثالات الأشياء كلها قذيئة:وثيكة أن الله صلق الأساعلق 
مثالات صوَّرها لم يكن هو صوّر تلك المثالات الأولى» وكان من الشرك الخفيّ الذي 
لا يجوز القول به. ولا الاعتقاد له في الله تعالى؛ فلمًا صحّ هذا ثبت ما قلناه» فإذا عرفت 
ذلك فاعلم أن نور النبي كته وجد من نور تجلي الصفات الإلهية» ومن نور تجلي العلم 


الذي سيكونه الله جلَّ وعلا وجوداً في الوجود. وكذلك أوجد العلم. ولم يزل الله متجلياً 
على ذلك النورء وهو أيضاً نور ذلك اللوح المحفوظ من نور أنوار العلم الإلهي» ولم 
يزل الله متجلياً على تلك الأنوار. وعلى جميع الموجدات. وعلى أفعال أهل العقل من 
الموجدات حتى أعمال الطاعة؛ وأعمال المعصية لقوله تعالى: 9فَإن ين توه إِلَامْيحُ بر » 
بلسان الحالء أو بلسان مقالة المقال المختص له وبه. والمعاصي شيء [وكل شيء]!!) 
يسبح الله جل وعلاء ويتجلى في الخيالات الفاسدة؛ لأنّها دالّة على قدرة الله وتوحيده» 
وكله مجان اله تسيععة إل الله يدعوة: ان اللخ ون له تساسية ومن عقنت الله اله] 
7 عن عين بصيرة» وشف الكون في رؤيته بعقله» وبالعلم الذي هو العلم الأول وهو العلم 
الباقي؛ وهو العلم الظاهر في الوجودء والموجدات رأى جميع الأشياء علماً محضاًء وكلما 
تجلت له مرتبة من ذلك فهي درجتهء وهي حقيقته منه» ولا يزال يختلف عليه ذلك الشيء. 
أو الوجود بأسره حتى يرى الكلَّ علماً محضاً حتى الأجسام والأجساد. هي في الحقيقة 
علم ظهر بتلك الصورة؛ والنبي عل شمّت معه جميع الكائنات فرآها كلها من تحت التحت 
إلى فوق الفوق كلها علما لم تبق ذرة يراها كما يراها غيره» وكلما يتجلى للمرء فهو منه 
من علم وإيمان. ومحبة. ويقين» وإسلام. وإحسان, وعلم بالله» وجميع العلوم فإنّما مثل 
ضوء الشمس يدخل في كرّته. ومثال'؟" لشفاف مثل ما يرى الجوّ لا يرى إلآ نور الشمس» 
وهو فيه كرة الأرضء وهو مثقال الذرّ الذي ذ في الهواء كيف شفٌء ولم ير إل ضوء 
السينين تنلات اسرد قن عدن لا رض نهر ] را علدا ف لطر ا 
الوجود كأنّه الجسم الذي لا يتجزأء يعني وإن كان يرى الموجدات فإنّهِ يراها علما كما أنه 
وإن رأى الذرً : في الهواء فإنّه يرى الشمس فيه؛ وإن بالغ : في الرؤية فيرى الوجود كله مثل 
حرا الشنيين ع ص رايا ري قدلت لاون فم د في الوجود حتى يراها علماً؛ 
ا يي ا وا لت ل مر 
لا تكمل إلآ في النبي عْيْكُء ولكلّ امريء منها درجة ومقام, فالنبي في نفسه إذا كان حقيقة قَيقَة 
العك نيد لا مدي كجالة ولا مجقالة ولا يلال أنه لا يجيد بسع للقن وكيقي يا 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل. 
(2) مابين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل. 
(3) في س: [ومثل] بدل: [ومثال]. 


بعلم الله الذي أوجده نوراء وهو من تجلي صفاته» والتجلي عليه. أي العلم بصفاته منذ 
أوجده دائماً بلا نهاية» إذ لا يجوز غير هذاء والقول بغير هذا ضلال؛ لأنّه يصير أن العلم 
غير دال على العلم بالله؛ وإذا ثبت أن تجلّي الله بصفاته على العلم [ونور العلم بلا نهاية؛ 
وصفات الله لا نهاية لكمالها وجلالها وجمالها دل على أن العلم]'!' لا نهاية له وإن لم 
تفهم ما قلناه هناك مثال آخر وذلك أن الموجدات مثل المرآة التي تتجلى فيها الصورء فإذا 
كانت واسعة وقلّبت نظرك إلى جهاتها فتارة تتجلّى لك الصور فيها إذا قابلتهاء وتارة تنظر 
زجاجتها صافية إذا قابلتها قريباً من سمكهاء فلا ترى فيها صورة. وإن ألصقتها في جدار بيت 
لَضقاً محكماً تجلى فيها كلّ ما قابلهاء ولم تنظر إلى زجاجتهاء بل يظنّ الرائي إليها أن ذاتها 
كوّة في الجدار نافذة إلى بيت آخر. فكذلك الوجود من ينظرهاء ولا يراها علما كالذي ينظر 
إلى زجاجتها قريباً من النظر إلى سمكهاء والذي يرى الموجودات علماء ولا يرى شيئاً فيها 
غيره كالناظر إليها من موضعها في الجدارء فالوجود مرآة للعلم الكلي المتحد شيئا واحدا 
بدليل أن ما يدل عليه السَّماء تدل عليه الذرة التي في الهواء2'» ولولا الموجدات [ما]3) 
عرف العلم؛ وما عرف به الباري. والعلم مرآة لتجلي صفات الله عليه وفيه وبه لا يزال 
كذلك منذ كوّنه بلا نهاية» فدل على أنّ صفات الله المتجلية في العلم لا تجلي حلولء ولا 
يدرب العنات هين دفو لك لا فيل لأ عانقا أن همان من سنا فيه والعية 
البصيرية من العقل ما يتجلى لها من العلم بمنزلة الكوة المقابلة لذلك العلم الذي لم يظهر 
في المظاهرا*» ولكنّ الغيبي الذي لم يتجلّ بعد في مظهر, وما يتجلى على العين الغريزية 
مثل الكوة النافذة إلى المثالات والخيالات التى هى مظاهر لطيفة» وما أراده الله صحيحا 
أظهر العلم متجلياً في تلك المثالات» وماكان على خلاف العلم أظهره في تلك الخيالات 
والمثاللات». والخياللات حقيقة ذاتهن مظاهر علم لدلالتهن في إيجاد الله لهن على قدرة 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س. والزيادة من الأصل. 

(2) إن ما يقرّره الشيخ ناصر هنا هو من أهم الركائز التي تقوم عليها (وحدة الشهود) التي يقول بها ابن الفارض والشيخ 
ناصر معاء وهي تجعل الوجود كله واحداً. فما تدل عليه السماء تدل عليه الذرة على حدّ قول الشيخ ناصر في 
المتن» وهم بذلك يصلون إلى أنّ الاتحاد ليس سوى فناء للظواهر في الحق الواحد الأبدي: وليس الامتزاج كما 
تقول الحلولية» ينظر موسوعة الحفني. ص 999) وابن الفارض. د. محمد مصطفى حلمي. ص 300. وما بعدها. 

(3) في الأصل و[س]: : [لم] بدل [ماا]ء وأثبتنا [ما] لتلاؤمها مع السياق. 

(4) في الأصل [مظاهر]ء وأثبتنا ما في س لتلاؤمه مع السياق. 


الله والعلم به. وما يتجلى على العين المدبّرة كأنّه من كوّة نافذة إلى المحسوسات. 
والخيالات تتجلى فيها المظاهر, ولا تتجلى فيها العلوم إلا العلوم الظاهرة» فهي كالمرآة 
التي لا تنظر إلى زجاجتها قريبا من جهة سمكها فهي تنظر ما ظهرء وإن ولّت نفسهاء أي 
المدبرة» والغريزية» العين البصيرية أحالتهما إلى جهتها فينظر أنْ من كوتهاء وتنبعث المحبة 
إلى الجمال الحقيقي فيسلكون جميعاً في التصفية حتى يشفٌ الوجود. ويبلغون ما يبلغون 
من الحضرات والمشاهداتء وتقوى المحبة لانكشاف الجمال في كل رتبة» وهذا هو 
المعبّر معهم براية النفس. وراية الروحء فهم يعنون بالروح العين البصيرية» والنفس العين 
الغريزية» والعين المدبرة» والدليل على أن فى المرء أمراء ثلاثة لكل عين أمير؛ لأنّ أحدهما 
يأمر بفعل» وآخر يأمرك بتركه. وهما العين العتيرية: والعين المدبرة» ثم أتت ثالث إن 
اتبعت هذا سلمت. وهي العين البصيرية» وإن اتبعت هذا فيما لا يسعك [99ظ] هلكت. 
والمراد إن اتبعت هو خطاب للثالث؛» وهي العين الغريزية» فهي مثل الملك. والمدبرة 
مثل الساحرة. والبصيرية مثل نبي ورسول من الله تعالى إليهماء والنبيقة كل مرائي 
عقله الثلاثئة مقابلة للعلم الأول الذي هو هو الآخر الظاهر في المظاهرء ويرى العلم علما 
واحدا لا يمنعه تجزؤه بالمظاهر. وصحّ أن ذات الإنسان وحقيقته الباقية هو نور علم الحق 
كمال إيمانه من نور علمه المنوّر به عقله الذي هو حقيقة ذاته» وأنْ العلم لا نهاية له» وأنه 
مرآة لتجلي صفات الله تعالى» وهنالك ينقطع العلم والكلام والهوية التي لا يراها أحد. 
أي مشاهدة الكمال والجمال والجلال الذي لايطيق أحد أن يشاهده؛ لأنه كمال وجلال 
وجمال بلا نهاية» وحق على المقام المحمدي أن يقول في ذلك ما حكى عنه [الناظم رمز 
لمشاهدة العجز عن الإدراك» وإن العجز عن الإدراك هو الإدراك]١'".‏ 

قال: 

3 - أسافرٌ عن علم اليقين لعينه إلى حَقّه حيث الحقيقة رحلتي 

يقول: أسافر عن علم اليقين» وهو حقيقة التصديق في الحق الحقيقي» وعين العين 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في س. والزيادة من الأصلء والإدراك عند القوم نوعان: إدراك بسيط؛ وهو إدراك وجود 
الحق سبحانه مع الذهول عن هذا الإدراك وعن أن المدرّك هو الوجود الحقٌّء ولعل هذا هو الذي يقصده الشيخ 
ناصر. والإدراك الثاني هو إدراك مركب وهو عبارة عن إدراك الحو سبحانه مع الوعي بهذا الإدراك وأن المُدْرَك 
هو وجود الحقٌ سبحانه. ينظر موسوعة الحفني. ص635. 


مشاهدته بالعين. قال الله تعالى: « كلا لَوْ تَْلَمُونَ عِلَمَ ألْبَِينِ 4 أي لو صدقتم بحقيقة 
التصديق # لََرَوْرتَ الْسَحِيِمٌ *# ثم لترونها في الآخرة عين اليقين» أي بعيونكم: وأمَا حق 
فين نوو الجااروا لجع امد نو اتجنان في دلا نا لو يضم أن كا يذال لونخجر هر موصت 
مع الملوك وغيرهم. ونشأ على هذه الشهوة؛ فصدّق ولم يختلجه شكء ولكن لم ينظر 
جوهريته» فإذا نظر جوهره مرة واحدة تحقق بالمشاهدة» ولكن قيل إِنْ ذلك الذي نظرته 
جوهر عملي ليس هو الجوهر الأصلي فليس هو كمن هو ممّن شغله الغوص إليه من البحرء 
وصار يعرف جنس كل جوهر حتى إِنْ هذا من جوهر البحر الفلاني'!» وهذا آخر البحر 
الفلاني» وصار عالما به علماً حقيقياً فهو حق اليقين في علمه بالجوهر أنّه موجود. وأنّ هذه 
جوهريته: وأنًا عند أهل الحقيقة فعلم اليقين 2 تحقيق النفس بالتصديق» وعين اليقين 
علم تحقيق الروح» وحق اليقين علم تحقيق السرء فإذا عرفت ذلك فهو يسافر بنفسه عن 
علم اليقين» علم النفس لعينه» أي إلى عين اليقين» ؛ علم روحه ليسافر معه. وتسافر روحه مع 
النفس إلى حق اليقين مقام الجمع. وهي حقيقة الحقيقة» يقول: وإنما كان هذا السفر مني 
حيث إن الحقيقة هي منزلي وإليها رحلتيء فافهم ذلك. 

قال: 

السا ا تلت فل ار عدن بعلن لبان إلى متترشدى عند كدي 

يقول: وأنشدني: أي وأنشدهاء وإنّما سماها نفسه. عني:أي عن نفسيء لأرشدني: أي 
لأرشد نفسيء وأراد لترشدني هي على لساني, أي على لسانها هي التي سترشدني» يقول: 
أناشدها لترشدني إلى الذي هو يناشدها عنّى عند نشدتي إيَاهاء حين ذلك لأذهب إليه» 
وهو هو الناشد عن نفسه ليسير مع نفسه. وأراد يسير معها هي. وذلك لشِدّة تدلهه بحبّها. 

قال: 

5 - وأسالني رَفْعَ الحجاب بكشفيّ ال قات وبي كانت إليّ وسيلتي 


(1) في الأصل: [الغاني]» وأثبتنا ما في س لتلاؤمه مع السياق. 

(2) علم اليقين ما كان من طريق النظر والاستدلال. وحق اليقين ما كان بتحقيق الانفصال عن لوث الصلصال بورود 
رائد الوصال. ويتحدث الجنيد عن حق اليقين فيقول: إنّه ما يتحقق العبد بذلك» وهو أن يشاهد الغيوب كما 
يشاهد المرئيات مشاهدة عيان» ويحكم على الغيب فيخبر عنه بالصدق. ينظر موسوعة العجمء ص 675. 


200 


يقول: وأسألهاء ولكن في سؤالي لها فأنا أسألني. أي أسائل نفسي رفع الحجاب 
ذلك السؤال. أي إلى نفسيء والمراد إليهاء فإن قلت: كيف يضيفها هي إلى نفسه. ولم 
يقب انفشه إلنها حص ندل ظاءه البيا؟ اكرات إن ذلك هنا الأيحت أن]1"' يدل 
على الاتحاد لو قال لهاء يا أنت» ويعني نفسه لم يفهم أنه قصد نفسه. وإن قال لها: يا أنا 
فقد فهم الاتحاد كذلك هي لتخاطبه: يا أناء فالأصمٌ في الاتحاد ما سلكاه في مخاطبتهما 

قال: 

6 - وأنظرٌ في مرآة حسنيّ كي أرى جمالَ وجودي في شهوديّ طَلْمَني 


[100و] يقول: وفيه تقديم وتأخيره وتقديره وأنظر طلعتي: 5 ظهور وجهيء وأراد 
بالوجه هنا الحسن والذات, أي وأنظر ظهور وحسن ذاتي في مرآة حسنيء والمرآة هي 
الناظور التي ينظر بها الصورء استعارها لنور العلم؛ لأنه يرى حقائق الأشياء؛ وأنّه يرى 
حسن ذاته في نور العلم إذا تنوّرت بهء وكلما ازداد باللهى. وفي الله علما ازدادت طلعته 
جمالاً وحسناً. يقول فيه: وججهت بالكلية نظري كي أرى جمال وجودي في شهوديء 
أي ظهور وجودي في عالم الشهادة في الدنياء أي كي أرى مقاماتي في العلم والكمال 
والجمال السابق لي في علم الله تعالى حتى أنتهي إليه في هذه الدنياء وهو عالم شهودي» 
فإنَّ حسني هو نور العلم؛ والقرب به من الله تعالى لا غير» ونهايتي بلوغ حضرتيء ومرتبتي» 
ودرجتيء ويحتمل له مع هذا الوجه وجه فيكون معناه الوجهين جميعاء وأرادهما جميعا 
فيكون تقديره: وأنظر في مرآة طلعتي. أي طلعة وجه جمالها أضافها إلى نفسه. كي أرى 
جمال وجودي: أي وجودهاء في شهودي: حسني, أي في مشاهدتي حسنها. 

قال: 

7- وإن قُهْتُ باسمي أضغ نحوي تشوّقا إفلى تين اكترن للد و الطرندك 


يقول: وإن فهثٌ -بضم التاء- وأراد وإن فاهت هي سمّاها نفسه. باسمي: يحتمل أنه 


(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصل.ء والزيادة من س. 
501 


أراد باسمه. أو باسمهاء أصغ نحوي: أي نحوها تشوّقاً إلى مسمع ذكرى بنطقيء أي إلى 
سماع ذكرها بنطقهاء وأنصت إلى ذلك. 

قال: 

38ح ولق با لاختداء كت فببناق أن أعانقها في وضعها عند ضمّتيا" 

يقول: ومن شدة التعب والوله والتدله ألصق بالأحشاء كفى» أي راحة يدي عساي 
أغالقها وى روفكهاء أى بالق ردق عن فلتي لها باخكاي دعر ارلا عقا ليها ماهر 
ثم ذكر سماعها وكلامهاء ثم ذكر هنا مشاهدتها باطناء وإن قال ذلك في تدلّهه فإِن تدلّهه 
ارو يعر الع اعرذ الكووالة والاعاطة كتالها علماء وجهالا» وكيالا؛ وعندلة: 
وعن كل صفة يصفها بهاء وليس المراد بمعانقتها غير اتصافه بصفتهاء والمراد الاتصاف 
بصفات الله التي شاهدها علماء وسمع بها عقلاً وتحقيقاء ورآها بسرّه غيباً؛ لأنْ اتكشافها 
إليه من حيث لا يعلم [أولاً هو سد الله الأخفى. وعلم أن الكمال هو الاتصاف بالكمال» 
ولا كمال إلا كمالها فولهت نفسه]*' إلى أن يعلم أن روحه. ونفسه» وذاته» وسره اتصفت 
فاستعار الناظم لذلك هذه الاستعارات رمزا دالا على ذلك ليكون النظم أعذب تعظيما 
لشأنهاء أي الحضرات الصفاتية والوصفية والفعالية جميعا. 

قال: 

9 - وأهف و لأنفاسي لعلّىَ واجدي 20 بها مُستجيزاً أنَها بيّ مَرَتَ 

يقول: ولم أزل أن أهفوء أي أميل بقوة الحبّ لأنفاسي. أي إلى أنفاسي بالتماسها 
منهاء وأقول: لعلي واجدي بها: أي لعلي أنا واجدها هنالك. بأنفاسي: قريب من معنى في 
أنفاسي ولكن [في] تستعمل ظرفية لوالج الشيء في الشيء, و[بها] تستعمل للاختلاط 
والملاصقة» أنها مرّت بي: أي تلك الحضرة؛ لأني كنت مستجيزا كون مرورها بيء 
والمستجيز هو المجوز للشيء. أي الذي يكون ممكنا. يقول: لأنَّ مرورها بي كان عندي 
ممكناً كونه» وأراد بذلك قوله تعالى: [ما وسعني سمواتي ولا أرضي ووسعني قلب 


(1) في الديوان: [أعانقني] بدل [أعائقها]. 
(2) مابين المعقوفين ساقط في س. والزيادة من الأصل. 


502 


عبدي المؤمن ]1')» أي وسعه بتجلي صفاته عليه والعلم به ولدينه» وإكمال الطاعة بالعبادة 
الخالصة له» وهو يهفو قلبه راغباء وتكون كذلك منزلته. وأنه هل صار ممّن صار قلبه 
قد وسع صفات [100ظ] ريّه كما ذكر هو جلّ وعلاء وكون ذلك ممكناً عنده لعلمه بذلك؛ 
لأنّه هو الحاكي عن الله قوله ذلك. واعلم أنه في المرتبة الأولى في أول سلوكه ذكر 
الاندهاش والحيرة والتدله ولما انتهى إلى هذا المقام الذي أدهشه سكنت نفسه. فذكر 
كما قال: 

0 - إلى أن بدا مني لعينيّ بارقٌ وبان سنا فجري وبانت دجيّني” 

1 - هناك إلى ما أحججمَ العقلٌدوته 2 وَصَلْتُ وبي مني اتصالي ووُضْلّتي 

بقول: ولم أزل أرقى كذلك راغباً في الترقي إلى مقاماتي» وأنظرُ إليها بنور العلم 
والعمل إلى أن بداء أي ظهرو لمع منيء أي من نوري الأول الذي هو نور مقامي, لعيني. 
أي عين عقلي بارق من نور تجليها علىّ؛ وبان سنا: أي ضوء شمس فجري بمشاهدتي 
إتاهاء وبانت: أي فارقت دججيتي» أي ظلمة حجابي عنهاء وهناك. أي في حضرة كمالي 
وصلت إلىّ. أحجم. أي امتنع العقل. والمراد هنا بالعقل معناه لا ذاته» أي الإدراك 
والشهود دونه. أي يمتنع الإدراك عنه وعن ما هو أقرب منه. وبي كان اتصالي بهاء أي 
بنوري وكمالي كان اتصالي بهاء ومني: أي ومن نوري وجماليء كان وصلتي إليهاء وهي 
أيضاً حقيقتي, وبها ومنها وصلتها بي ومني؛ لأنها أناهي. وهي أناء وذلك تحقيق لا بمعنى 
الثناء» فافهم ذلك. 

قال: 

2 - فأسفرتٌ بشراً إذ بَلَمْتُ إليّ عن يقين؛ شي شد رخل لسفرتي 

يقول: فأسفرت: أي فأصبحت مشرق الوجه بشرا وسروراً إذا بلغت إليّ» أي إلى 
حتت الى عدت الى خالدوالا فاه الها عن كين الى وصلت من ين كمال يق فن 
مد وغل لسترتي» أي اكاملت بحسن رقيني في شد ولي في شقزي إليها. 


(1) مر تخريج الحديث القدسي. 
(2) في الديوان: [جنتي] بدل [دجيتي]. 


قال: 

3 - وأرشاني إذ ك: كنتٌُ عتّيّ ناشدي إلىّ ونفسى بي عَليّ دليلتي""'' 

يقول: وفيه تقديم وتأخير وتقديره: وأرشدنيء أي وأرشد نفسي إلىّء أي إلى حقيقتي 
تلك التى هى كمالىء؛ إذا كنت عنى ناشدي: أي إذا كنت أنا ناشد عنّى» أي عن حقيقتى 
التى هى غايتى» ونفسى فى إنشادهاء وإرشادها إلى حقيقتى تلك إِنّما كانت دليلتى علىّ 
-بفتح الياء- أي على حقيقتي ودرجتي تلك. بي: أي بنور ذاتي» ولولا نور عقلي لما 
اهتديت إليها. 

قال: 

4 - وأستار لبس الحسٌ لما كشفتّها وكانت لها أسرارٌ حكمى أَرْحَتَ 

يقول: اسراح الكل اي الوادت العا اا هياور ال 
يراه منهاء وفيها إلآ أهل التحقيق مع أنّها لولاها ما عُرف التحقيق؛ لأنّه لا ب يتحقق المرء 
بما لا يراهء ولا يحسه وإن عرفت بعض العلوم بالعقل فإِنّها هي السبب الأول. يقول: لما 
كشفتهاء أي صفت وشفت وراءها كلها علما كما لا يرى زجاجة الناظورء وإِنّما يرى ما 
تجلّى2 فيهاء فالعلم يتجلى في الموجدات. وهي مرآة له. فلما رآها علماًء وكانت لها 
أسرار حكمي, أي قضائي بعلمي أن ترتفع أرخت حجبها: أي طرحتها فرأيت الوجود كله 
علما لا حجاب بينى وبينه كما كان قبل إيجاد شىء غيره» ووصلت إلى حضرتى وحقيقتى. 


6 6 كلا 


(1) في الديوان: [وأرشدتني] بدل [وأرشدني]. 


(2) في س: [ما يتجلى تجلى فيها]. 


الباب الثامن عشر 


فى اتحاد كماله غك بالمكاشفة» والمشاهدة بالكمال الإلهى بالتوحيد الحقيقى بلسان 
مالك ومقانه 8 ١‏ 1 

قال: 

5 - رََمْتٌ حجابَ النَّنْسعنها بكشفيَال2 تقابَ وكانت عن سؤالي مجيبتي 

يقول: ولما كشفت الحجب كلهاء وتجاوزت الحضرات والحقائق» ووصلت إلى تلك 
الحضرة والحقيقة» رفعت حجاب النفس عنها بكشفي النقاب. والنقاب هو ما يغطى به 
الوجه. ولا يظهر إلآ العينان منه. يقول: رفعت حجاب نفسي عنها بكشفي لنقاب [101و] 
وجهي وهو التدلهء والغفلة» والدهشة» وهو الحجابء وهو النقاب. وكانت نفسي عليمة 
اليه ميدمقة الها تحيد إلى :نعي فى وال له إن كست الحجاب زالنقاب مطاوعة 
لما أريده منها. 

قال: 

6 - وكنتٌ جلا مرآةذانيّ من صدا صفاتي ومني أخدّقت بي أشعني!" 

يقول: وكنتٌ جلا: أي وكنت أنا جلاء والجلا الصحوء والجلا الذي تجلى به. وهذا 
فزالم مهار عت لجل سارك ان اذاف من هيدا وهو الوسخ الذي تتوسّخ به 
الحديدة المجلية التي ترى الصور منها وهي الناظور؛ لأن الناظور قد يكون من زجاج 
وقد يكون غيره مثل الحديد, وما كان يصمح أن يعمل ناظوراً. يقول: فجلوت صدأ صفاتي 
الحاجبة عن وصولي إلى مقامي الأعلى في تلك المقامات التي هي دون مقاميء ولمّا 
وصلتها أحدقت. أي أحاطت بي أشعتيء أي أشعة أنواري» ومني أحدقت بيء أي وبنوري 


(1) في الديوان: [ومني أحدقت بأشعة] بدل [ومني أحدقت بي أشعتي]. 


5305 


ذلك وصلتهاء فأحدقت بي وهي هي أنواري التي وصلتها بها فكان وصلها بي ومني أي 
من نوري» وبنوري صم الوصل إلى نوري» وهي نور حضرتي» ونور حقيقتي. 

واعلم أن كل أحد ممدود نوره من نور مقامه وحضرته. فهو يتصل إليها بها وبنوره 
الذي بعقله المتجلي من نوره ذلك الذي هو مقامه. فافهم. 

قال: 

000 شهدتني إناي إذ لاسوايّ في وجودي موجودٌ فيقضىر بزحمة!") 

يقول: وأشهدتني إيَاي -بإدغام الدال في التاء لإقامة الوزن-» وأراد وأشهدتني إيَاي 
هىء وإِنّما أضافها إلى نفسه. لا لتدلّه. ولا لدهشة مثل حاله الأول؛ لأنّه هنا عن صحوء 
ولكن لاتحاد وصفه بوصفهاء أي حضرته. وقوله: إياي. أي حقيقتي الأولى التي هي نوره 
الأول الذي كان ولا كون لشىء معه. ولذلك قال: إذ. أي حيث لا موجود هنالك سواي 
فن وود ى'اللكه ومترية كذللك أرى نفس هو والوجودغتيا كف أولآ ثورا عملا 
متّحداًء وإن كنت أرى الوجود فإنّي لا أراه إلا كذلك علماً تجلّت فيه صفات الله لم تزل 
دا ل 

قال: 


و 2 
كو سمس 


8 - وَأْسْممُني في ذكري اسميّ ذاكري وَنَفْسي بِتَفي الحسسٌ أَضِمَتْ وَأَسْمَتٍ 

يقول: ا -بضم الألف والعين-؟ لأنه فعل متعد هو يُسمع نفسة:«وأزاد 
وأسمعتني هيء أي حضرتي الأولى التي رأيت فيها كل شيء هي في الحقيقة كل ذكر 
باسم هو في ذكري واسميء وذاكري؛ لأني في حضرتي؛ لأنّ الذكرء والأسماء كلها 
أراها مظاهر علم تجلّي صفات الله. ورأيت العلم والمظاهر كلها علما كما كنت نوراء 
وهو نوري كذلك هو هو في كل شيء نأنا أرى ما أسمعه أسمع نفسي. ونفسي بنفي 
الحسّ أصغت وأسمت: أي ونفسي أصغت إلى هذا الإصغاء حتى أرى كل ذكر هو ذكر 
لحضرتي. وأسمت. أي وأسمتني. أي وقصدتنيء أو قصدت بي إلى حضرتي» ومعنى 
قصدتني قصدت نفسي إلى حقيقتي التي هي حضرتيء فالمعنى واحدء وإِنّما وصلت 


(1) في الديوان: [شهودي] بدل [وجودي]. 


إليها بنفي الحسّ؛ أي بسبب نفي حجب عالم الحسٌّ عن رؤيتي فلم أر الكون إلا برزخيا 
علمياً كما كان في أول إيجاده في الوجود, فرأيت الموجدات كلها مرآة للعلم بالله وفي 
الله ولله. وذلك العلم الذي نطق به كل هو الذي صار علميء وفي الحقيقة أن العلم هو 
الناطق في كل شيء فلم أر في مرآة الكائنات إلآ العلم الأول الذي هو نوري الأول وإن 
سمعت كلاماً فأسمع فيه. ومنه كلام لسان حال دلالة تجلّي العلم الأول الذي نوري» 
وإن رأيت شيئاً رأيت فيه ذلك كذلك أيضاء فإن قلت: إِنَّ(!) في الوجود وجود المعاصيء 
فأقول: إن المعاصي في ذاتها مظاهر علم مثل غيرها لا تختلف؛ لأنّ وجودها يدل 
على قدرة الله. وعلى أنْها مخلوقة. وعلى [101ظ] علم الله بهاء وكذلك هي تدل على 
ما يدل غيرها من التوحيد؛ فهو يشاهد ذلك التوحيد منهاء ولقوله تعالى: [وإن من شيء 
إلا يسبتح بحمده]ه وهي شيء؛ وكل شيء يسبّح حتى وجود نفس المشرك بالله تعالى» 
فهي تسبّح الله بالدلالة على توحيده جل وعلاء ولا أجر له؛ لأنَ ذلك لا من إرادته» بل 
إيجاد الله تعالى لها كذلك بعلمه وقدرته. فهي تدل على علم الله. والعلم بالله» ونفس 
الأنبياء» والملائكة» ونفس إبليس لعنه الله في دلالة إيجادها على توحيد الله تعالى سواءء 
وكذلك إيجاد الكفر والإيمان» والشرك والنفاق. والإسلام والإحسان في دلالة إيجادها 
على توحيد الله تعالى؛ لأنّها أشياء. وكلّ شيء يسبّح بحمده بالدلالة على معرفة الله 
تعالى؛ فتساوت في حضرة الدلالة. واختلفت في الحل والإباحة. والصدق والكذب. 
والحق والباطل» والمحق والمبطلء فافهم ذلك. ومعنى قولنا: ومن صفت وشفت معه 
التوضناك غلم واجد| متهدا تين الحراد أنه زاها :كقافة مرف لبا شاه سمي 
والعلم بالله الناطقة به فسمع نطقها وتسبيحها وراءه عياناً فأغفله رؤية أجسامها كما ينظر 
إلى صنعة صانع2) يعرفه فتدهشه فطنته ومعرفته حتى يذهب فكره في ما أعطى الصانع من 
الحكمة عند رؤية تلك الصنعة» وإذا صار كذلك فى حد رؤيته فى الموجدات كلها علما 
والعدا تارك هن طلفه وعلني عو العلم الت هن يقذاعر لك وتعد الكل فنا رحد 
كما انحن البواعسر": التساء»والآرفن شيا واحدا. 


فلو كان الهواء به عقل يعقل الأشياء لكان كل جانب منه هو بقية الجوانب كلهاء 


10 ) [إنَّ] ساقطة في الأصل. والزيادة من س . 
(2) في س: [الصانع] بدل [صانع]. 


فإن ذكر بعضاً منه كان كأنّه قد ذكر كله وإن غفل جانباً وصف به كلّهء وإن نطق جانباً 
وصف به كله وعلى هذا القياس, فلذلك علم النبي» وحضرته اتحدت علوم جميع 
المعلومات بعلمه فصار الكلّ علماً واحداً متحداً عما كان في أول الإيجاد نوراً واحداً لا 
كون لشيء معه. فيصحٌ أن يتكلم مقامه بلسان كل شيء أنّه يتكلم بمقامه» وفي الحقيقة 
أن كل عالم بالله تعالى فعلمه متصل بجميع المعلومات. وتسبيحهاء فتسبيح كل شيء 
هو تسبيحه» وتسبيحه هو تسبيح كل شيء. فالتسبيح لا غيره. فلو قال: إن الشيء الفلاني 
يسبّح بتسبيحي. وينطق بنطقي. ويتكلم بلساني» ويسمع بسمعي. وينظر بنظري» وأنا 
أسبّح بلسانه» وأسمع بسمعه. وأنظر بنظره إلى غير ذلك لكان صادقاً إذا كان محمّا في 
توحيده. ولكان ذلك هو الحقٌ الذي لا خلاف فيه لمن فهم» وليس في الوجود موضع 
ذرة خللء ولا خلاء» بل كله تجلي علم صفات الله تعالى. وعلمه؛ وجميع الموجدات 
لسان. ونطقء وكلام؛ وسمعء. وبصرء وتسبيح» وكل ذرة وحدها هي كذلك أيضاًء وكل 
عمل» وكل لسان وكل سمعء وكل بصرء وكلٌ عقلء. وكل كلام هو مظهر تسبيح وتجلي 
علم الله فيه» وصفاته. وتوحيده حتى لسان المشركء وكلام الشرك بالله تعالى» فهي 
ل ل 1 
لا ملجأ عنهاء فلو قال لساني هي لسان الكون. وسمعي سمعه؛ وبصري بصره. وهو'"' 
ينطق بسمعيء ويتكلّم ببصريء ويبصر بلساني» وينظر بسمعي لكان قولاً صحيحاً على 
هذه المعاني؟ لأنْ الدلالة لا تختلف» فالكل مشتركون فيهاء وقد يسمّى الشجاع بالأسد. 


والعالم بالشمسء. والسلطان الجواد بالبحر» اث شتراكهما في بعضص الصفات» وإذا كان 
كذلك فالناظم تكلم عن قول المقام المحمدي بلسان حاله كما قال: 


9 - وَعَائَقْسّسي لا بالتزام جَوارحي ال جوانح لكتى اعتنقتٌ هويّني 
يقول: وعانقتئي -بضم التاء وتسكين القاف- أي وعانقتهاء وهي حضرة أحدية الجمع 
العلمية» وإنما أضافها إلى نفسه”؟ فى تحقّق [102و] ذاته بحقيقتهاء وكمال صفات ذاته 
بكمال صفاتها للاتحاد بذاته حيث كانت هى فى ذاته. وذاته متصفة بعلمهاء. وهى فيه. 


(1)[هو] ساقطة في الأصلء وما أثبتناه من س. 
(2) في س: [ونفسه] بدل [إلى نفسه]. 


وتراها ذاته من ذاتهه وهى نور ذاته فهو لا يرى إلآ نور ذاته» فلأجل ذلك قال: وعائقتنى. 
أي شاهدت بذاتي نور ذاتي فهذه معانقته لها. قوله: لا بالتزام جوارحي بالجوارحء أي 
بجوانحها كما هو المعروف مع العامة» وكما فعلت أولا بوضع يدي على حشاشتي من 
كثرة الوّله بهاء ولكنّي عانقت هويتي: أي عانقت مشاهدة حضرة الجمع التي فيها هويتي. 
أي في التوحيد إلى هوية ليس فيها غير العجز عن الإدراك هو الإدراك» ولاغوص بعد ذلك 
لمخلوق أبدا؛ لأنّى منتهى الغاتصين. 

قال: 

0 - وَأَوْجَدنّني روحي ورَوحُ تنفسى 907 أنفاسٌ ! لعبير المفة لمفقتت 

بقول: وأوجدئُّني -بضم الناء-. ويحتمل كلامه معنيين: الأول بمعنى الحبء وأوحدتني. 
أي وهمتني» وروح: أي ورائحة: أو ريح طيب تنفسي فيها التي يعطر أنفاس العبير المفتّت, 
وهو تنس مجال نظره. ومشاهدة فى فضاء عالم الغيب» وعالم ملكوت الملك» روحى: 
وأراد هنا الروح غير ذاته» بل هي أنوار المحبة الإلهية» وأنوار دينه» وأنوار المحبة الرضائية 
وروحه التي بها حياته» وبقاؤه. فمن كانت فيه هذه الأنوار فهو في روح, وله حياة وبقاء» ومن 
لم يكن فيه منها شيء فلا روح له ولا حياة» ولا بقاء إلآ بقاء الخسران الذي لا يستحق مع 
مقالة هذا البقاء أن يسمى بقاء. وروح تنفسي التي رائحتهاء أو رائحة زيحهاء تعطر أتقاتين : 
أي نفحات العبير المفتت. استعار كلمة الأنفاس لشذاه الذي يتنفس له الاستنشاق. والمعنى 
الثاني» وأوجدتني:أي وأشهدتني روحي تلك الأنوار الكمالية التي جعلها الله لي كمالاً بالعلم 
بهاء والتكميل بكمالها التي هي أركان كعبة الذات الحجرية» وروح: أي ورائحة؛ أو وطيب 
تنفسي: أي فضاء مجال نظر روحى تعطر راتحة أنفاس أهل العبير المفتّت. أي رائحة العبير 
من طيب فضاء ذلك العالم العلمي» ويصحٌ أن يكون استعار أنفاس أهل العبير المفتّت. وهم 
أهل الأرواح الطيبة العبيرية المفتتة بالمحبة والرغبة والشوقء فافهم ذلك. 

قال: 

1- وعن شِرْك وَضْفٍالحُسن كلي مَنَرَّهٌ ١‏ وفىّ وقد وحدتٌ نفسي نزهتي"" 


() في الديوان: [الحسن] بدل [الحسن] و[ذاتي] بدل [نفسي]. 


يقول: وعن شرك وصف الحسن كلي منزهء» ويحتمل كلامه معليين : أحدهما كلي 
منزّه. أي كل شيء منه هو منرّه لله تعالى عن شرك وصف الحسن المعروف؛ لأنّ كمال 
الله لا يوصف بالحسن المعروف. والمعنى الثانى كلى منرّه. أي هو منرّه. أي كماله الذي 
هو علم صفات الله تعالى» أي كل شيء إذا نظرت على حقيقته وجدته تسبيحاً وتوحيداً 
وذلك التوحيد والتسبيح عن شرك وصف الحسن لما وجد في الموجدات منزّه وبعد أن 
وصف الله تعالى بالوصف الموجد فى الموجدات من شرك وصف الحسنء ومن توحيد 
الله مزه عن ذلك. وقوله: وفيّ -بفتح الياء وتشديدها-: ويحتمل كلامه معنيين أحدهما: 
وفي نزهتيء أي توحيدي لله تعالى» وأراد. وفي كل جزء من أجزائي توحيد الله تعالى 
الذي أمرتٌ أن أعرفه وأشاهده. والمعنى الثانى: وف نزهتى, أي فحال مشاهدتى لتوحيد 
الله وتسبيحه في عالم أجزائي» وقد وجدت نفسيء أي شاهدت نفسي علماً توحيديأء 
وشاهدت جميع الوجود فلم أنظر إلى كمال الله وجلاله وجماله. فكل شيء رأيته توحيد 
الله تعالى فهو موجود حقيقة نفسه التي هي تسبيح الله تعالى. لا نفسه؛ لأنّه لمَا لم ينظر 
إلى ظاهره؛ ونظر إلى تسبيح الله بتلك الأجزاء منه عرفها أن حقيقتها هو ذلك منها لا غير» 
فإن قلت: هل يصمٌّ أن يقال وجدت نفسي؟ فنقول: نعم على هذا المعنى بمعنى. 
وقد نظرت [102ظ] إلى حقيقة نفسىء. والذي هو تسبيحها لله وتوحيدها لله تعالى.» 
ورأيت الله متجلياً بالعلم به فيهاء وفي كلّ جزء منهاء وشاهدت ذلك فإنّ الكلام يحتمل 
التقدير المحذوف. والضمير المحذوف فتأول على ما يحتمله من وجوه الحق. فافهم. 

قال: 

2 وَمَدْحُ صفاتي بي يُوفَقُ مادحي 0 لبحمدي وَمَدْحي بالصفات مذمّتي 

يقول: ومدح صفاتي أراد بالمدح المعنويء أي وتنوير صفاتي الأربع التي هي السمع 
والبصر والنطق والقدرة بأنوار الكمالات الإلهية التي بها استحق المدح مهما انتهيت 
مراتب الكمالات» وحضرات الجمع؛ وحضرات أحدية جمع الجمع التي جعلها الله 
لي كمالا أكمل بها ذاتي» توقف مادحي لحمدي: أراد هنا اللام يعني [عن] أي حمدي 
وثنائى؛ لأن كمال الله الذي تجلى فى ذاتى لا نهاية له. فأين لحامد يقدر أن يثنى على 
كمال الله تعالى الذي لا نهاية له وقد كملت به ذاتى متجلّية عليهاء وتنورها به. وقوله: 


53210 


ومدحي بالصفات مذمّتي: لم يرد هنا بالمدح مدح الغير له وإِنّما أراد المدح المعنوي, إذن 
وإذا وقفت على درجات الاقتصار بقوة السمع من الأذن وقوة بصر للمتنوعات من العين 
للمبصورات. وقوة النطق باللسان في الآلفاظ. وقوة الشجاعة بالعقل. والبطشء وبلغت 
الغاية في حسن وصفي بهذه الصفات الأربع ولم أنوّر الذات بالأنوار الإلهية» وأكون 
أشجمٌ جائل في عوالم الغيب؛ وعوالم حقائق الملك والملكوت والجبروتء وأبصرٌ ناظر 
ومشاهد. وأسمعٌ سامع في الحضرات الإلهية» وأنطقّ ناطق بها وبكمالها فهو مذمتي؛ أي 
مذمّة لي» ذمّني أحد. أو لم يذمّني أحد. 

قال: 

13 - فَشَاهِدُ وصفي بي جليسي وشاهدي به لاحتجابي دق :يمر 55 

يقول: فشاهد وصفي: أي فالناظر إلى وصف. أي وصف ذاتي» ومشاهدتها لأنوار 
الحضرات وجمالهاء والتكميل بكمالها هو جليس هوء أي هو العارف بي وبحقيقة 
كمالي؛ ولم يرد بالشاهد في الحقيقة غير ذاته» وإنّها إذا تجلت فيها أنوار الحضرات 
الإلهية» والكمالات الإلهية» والمحبات الإلهية فهى جليسه الناظرة إلى كماله أن ذلك 
هو كماله وصوره؛ أو المطلع عا لك وو نجاود يضفرقة كي ليك مم انار ل لقي 
لأن الجليس هو المطلع على من يجالسه. وقوله: وشاهدي به'!)» أي والمشاهد لسمعي 
الظاهرء وبصري الظاهر. ونطقي الظاهر. وفعلي الظاهر. وأن كمالي في هذه هو غاية 
الكمال وحده. ومنتهاه لن يحلّ بحلة. الحلة: الدار» والمنزل» أي لن ينزل بدار معرفة 
حقيقتي مثله كالذي لم ينظره ولم يعرفه أبدآء ولم يحل محله المكاشفة بحقيقة الكمال؛ 
ولم يرد بذلك نفسه فقطء وإِنّما أراد التئبته على أن الكمال ليس هو الكمال الظاهر فقط. 
وَإِنْما الكمال كمال الباطن بنور الله تعالى. وكماله» ثم كمال الظاهرء ولم يرد بالذي 
لم يكاشف بمعرفته. ولم يحل بدار معرفته غير معرفته أنّها متى ظنّت كذلك. ورأت أن 
الكمال غايته كمال ظاهره لم تحل المعرفة بداره. أي بقلبه. فافهم ذلك. 

قال: 

4 - وبي وَكُدٌ أسمائي تَيقظ رؤية 2 وذكري بها رؤيا تومن هجعتي 


(1)1به] ساقطة في الأصل. وأثبتناها من س. 


يقول: وفيه تقديم وتأخير» وتقديره: وذكرء وأراد هنا الذكر الباطني الذي هو المشاهدة. 
أي ومشاهدة أسمائيء أي أسماء ذاتي» وهي الأربعة الأسماء التى هي سميعة» بصيرة» 
قديرة». ناطقة للحضرات الإلهية» والكمالات الإلهية» والمحبّات الإلهية.» وتجليها على 
ذاتي تيقظ رؤية في مشاهدتي لذلك انتباه من سنة غفلة إلى مشاهدة الجمالات الإلهية. 
وقولي» أي من شاهدني كذلكء وعرفني بها يقظة رؤيتي» ومشاهدتي إلى رؤية» ومشاهدة 
الحضرات الإلهية.؛ وتكميل الذات [103و] بالكمالات الإلهية» وكذلك نفسى إذا عرفت 
ذلك كما إذا عرفني غيري بذلك. وأمَا ذكري بهاء أي وأما مشاهدتي ناه أى بذواتها 
التي هي السمع من الأذن. والبصر من العين» والنطق من اللسانء والفعل باليد. وبغيره. 
وكمالي في هذه فهي مثل رؤيا تؤنس هجعتي, والتوسن هو نوم السنة» وهو النوم الخفيف. 
وقد يكون لحظة. والهجعة النومة القليلة أول الليل» ومثل مشاهدته بكمال ظاهره بالرؤيا 
التي على هذه الصفة. أي فلا توقظه كمشاهدته لي بها إلى الحضرات الإلهية» بل بما تريه 
بعض الدلالات القريبة إلى العلم بالله مثل رؤيا توسّنء أي في سنة خفيفة في هجعة» أي 
في أول نومه في نومة قليلة بين اليقظة والمنام» فيرى رؤيا ربما تحتاج إلى تعبير» وريما 
لا تحتاج» كذلك رؤية ظاهري ترى قليلاًء وربما تحتاج إلى تأويل ما رآه مني وربما هو 
على ظاهره فهو بعد محتاج إلى علم التمييز» وهذا هو معنى قوله في الأبيات السابقة: 
ومدحي بالصفات. وقوله: وشاهدي به. أي بوصفيء. واستعار له رؤيا المنام في ليلة أنه 
هو كذلك رؤيته. وعلمه بما رآه منه هو في غفلته. وظلمة حجبه. ولكنّه سالم عند ربّه. ولم 
يحظ بالحضرات القلبية في قربه» ولا يبعد أن يكون أراد نفسه أنها كذلك في معرفتهاء وما 
دامت ترى كمالها عاينه في ذلك. فهي كالمتتبهة من النوم برؤيا تدلّها على طاعة الله تعالى 
ومعرفتها أن كمالها في مشاهدتها بالذات» وكمال الذات؛ وكمال الظاهر معأ هي رؤية 
تيقظها إلى ذلك. فإنه لم يرد به نفسه دون التنبّه لطالب السلوك إلى حضرات ومحبّات 
ملك الملوك جل وعلاء فافهم ذلك. 

قال: 


5 - كذاك بفعلي عارفي بي جاه ل وعاره بي عالم بالحقيقة!'' 


(1) في الديوان: [عارف] بدل [عالم]. 


يقول: كذلك عارفي: أي الذي عرفني بما ظهر له من علميء وأعمالي بأربع صفاتي 
الظاهرة» وإنَ ذلك منتهى كمالي» هو جاهل فيّ: أي في وصفي هو غير عالم؛ وعارفه: أي 
العالم بالعلم الإلهي. والجمال الإلهي. والكمال الإلهي هو بي عالم على الحقيقة» وأراد 
أن كل مَن هو كذلك ليس هو مخصوص بهذا السلوك. ولم يقصد لك غير التنبيه» فافهم. 


6د 6 


الباب التاسع عشر». والحزء الغالتك(1) 


من الكتاب ذ في التوحيد بمعرفة الذات الإنسانية. وفي مقامات الحقيقة بلسان المقام 
الأحمدي. كناك 0 


بيان: 


0 


اعلم أنْ هذا الشيخ بنى منظومته هذه على سبعة مقامات'): مقام التخليصء ومقام 
الإخلاص. ومقام الخلاصء ومقام التفحيص. ومقام التمحيص. ومقام التلخيص ومقام 
الخلاصة: أمَا المقام الأول: التخليص فهو أداء جميع ما لزم المرء أداؤه من الحقوق على 
الوجه العدل في سعة وضيقء والتوبة مما فعله المرء مما يهلك به في الأخرى. ويلزمه 
أن يتوب عنه من جميع الذنوبء وهو الذي أشار إليه بنحول الجسم إلى أن لم يبق منه 
فيه بقية» واستعار له الجسد لكثافته وظهور معرفته. وأما المقام الثاني: الإخلاصء فهو 
القيام بجميع ما ألزمه الله تعالى المرء أداءه من العبادات التي تعبّده بها فرضاً من علم 
الشريعة» وعلم الحقيقة» وعلم المكاشفة» وهو علم التوحيد. والمآل. والدلالة خالصا 
من جميع العيوب». وهذا هو الصحو الأولء» وهو مقام الإخلاص وما بعده من المقامات 
نفل ووسيلة وفناء العيوب من هذه الأعمال لاحقة بعبارة نحول الجسد وفنائه» وما كان من 
فعل مندوب وترك مكروه من الأعمال الشرعية الظاهرة» وتصفية أعمال الوسائل الشرعية 
لاحقة بهذين المقامينء فافهم. 

وأما المقام الثالث: الخلاص فهو تصفية النفوس من صفاتها الذميمة كلها حتى تدمحي 
منها أصلاً. وهي التوبة من غفلات القلوب وتحليتها [103ظ] بصفات الله تعالى»؛ وهو 
(1) في س: [الثامن] بدل [الثالث ]؛ ولعله سهو من الناسخ؛ لأنّ [الثالث] هو المتلائم مع التقسيم الذي أراده المؤلف 

وهو ثلاثة أجزاء فقط - كما ورد سابقاً - تضج سبعة وعشرين باباً. 


(2) وقفنا فيما سبق عند [المقامات]؛ وقد أوصلها بعضهم إلى ماثة وأربعة وعشرين مقاما يختار الشيخ ناصر منها 
تلك المقامات السبعة. ينظر عن عدد المقامات موسوعة الحفنى. ص 964. 


515 


المعبّر عنه بفناء إحساس النفس. أما المقام الرابع: التمحيص فهو تمحيص المحبة محضاً 
للمحبوب. والخروج بها في الرضاء والمحبة؛ والإرادة» والمشيئة» والفكر إلى حضرات 
المحبوب. والتوبة هنا من كل شيء يخطر عليه سوى المحرب وأمَا المقام الحاسن 
التفحيص فهو تفتيش بواطن الموجودات بالنظر إلى حقائقها علماً بالله. فلا يرى شيئاً إلا 
ويراه توحيداً ومعرفة وتسبيحاً. وأما المقام السادس: التلخيص فهو الترقي في المشاهدة 
حتى متى نظر إلى الموجدات أغفله النظر إلى ظواهرهاء ولم ير إلا بواطنهاء وهي مقامات 
الرسل والأنبياء» وهم على تفاوت في مراتبهم في ذلك. ولكن في كل مقام من هذه 
المقامات الأربعة فإِنّما براية المحبة لا طالباً علما فقط. بل يكون على مطية الحب. وأما 
المقام الابع: الخلاصة هو أن يرى جميع الموجدات علماً بالله نوراً متحداً كما أوجده 
الله في أول الإيجاد نوراء ولا شيء معه. ومع ذلك يرى الموجدات كما هي غير غافل عن 
رؤيتها كما هي فهو يرى الصفة» وصفات فيكون جماله جمال النور الأول» وجلاله من 
جلاله. وكماله من كماله ولا نهاية لجمال ولا لجلال ولا لكمال ذلك النورء وهذا مقام 
النبي في حيث لم تحجبه ذرة في الوجود لا يشهدها علماً مشاهدة لا علماً تصديقياً يقينيا 
بعلم اليقين؛ ولا بعين اليقين» بل بحقٌّ اليقين كما يشاهد الصور في المرآة» ونظره يأتي 
عَلَن نظر المراة والضووجنا. 

نتيبان: 


والتفحيص. والتلخيصء والخلاصة: هو علم المكاشفة بالعلم بالله تعالى. والوسيلة 
إليه بذلك» وتعرف بالموجدات. والمتوسّل إلى الله تعالى بها هو المتعبد من أجناس 
الموجدات. وأصول المعرفة بهاء والتطلع عليها بأربع صفات من صفات الله تعالى 
يعرفها من صفاته. فأمَا من صفات الله تعالى فهو أنه سميعء وبصيرء قديرء متكلم. 
ومن صفات المرء نفسه سمعه. وبصره. وقدرة جوارحه على الفعل» ونطقه. وعلى هذه 
الأصول بنى الشيخ منظومته في مقام التلخيص. والخلاصة على أربعة أساليب: 

الأسلوب الأول: في مشاهدة جميع الموجودات بهذه الأربع الصفات نور العلم بالله 
تعالى. 

الأسلوب الثانى: في بيان أحكام الأسفار الثلاثة إلى مقامات الكمال؛ والسفرة الرابعة 


المختصة بالمقام الأحمدي التي هي سفر النفس عن النظر إلى ظواهر المحسوسات إلى 
بواطئها. 

والسفر الثاني: سفر الروح. وهو المشاهدة إلون الله تعالى بالصفات» والاستغراق في 
ذلك؛ والسفر الثالث الجمع بين المقامين: سفر الروح؛ وسفر النفس إلى مقام الجمع. 

والسفر الرابع سفر النبي محمد إلى رؤية الوجود كما هو في أول الإيجاد نوراً 
متحذا. 

الأسلوب الثالث: في شروع النبي ع بحكم الظاهر في وصفه مع مقامه. وشروع كل 
سالك محقق إلى حكم الظاهر ويبتنى هذا الأسلوب الثالث على أربع قواعد: القاعدة 
الأولى: في حضرة مقامات كليات في سير الإنسان المحمّق إلى الله تعالى» وذكر الأحكام 
المتعلقة بكل مقام كل منها التي هي الإسلام. والإيمان» والإحسانء ومقاماته. 

القاعدة الثانية: في خصائص الكامل المحمّق. ومشاهدة روحه لعالم الغيب» ونظر 
نفسه إلى المحسوسات» وأحكامها ذ في الشريعة والحقيقة. وما شرعوا فته الأثبباء 
والرسلء والعلماء. والأبشار:!!) 

القاعدة الثالثة: فى هيئات الأعمالء وتمثيلها. 

القاعدة الرابعة: في تأثير العلم والأعمال في النفس والروح. 

الأسلوب الرابع: في آيات النبي 26 التي ظهر بها من آثار مقامه أحدية الجمع من 
غيوثاته ودعواته [104و] وآياته الكبرى. وهذا شروع الابتداء في الأسلوب الأول. 

بيان: في الأسلوب الأول بلسان المقام الأحمدي في مقام التلخيص: 

قال: 


(1) الأبشار: جمع جمع للبشرة؛ ينظر العين للخليل. ص54 ولعل الشيخ يريد به جمع (بشير)ء وهو في مصطلح 
القوم الأمير الذي يكون أزهد الجماعة؛ وأوفرهم حظاً في التقوى. ولذا سمي البشير؛ لأنّه المنوط بإبلاغ كل 
بشرى؛ ومن هنا نرى الشيخ يضعه في مرتبة الأنبياء والرسل والعلماء ينظر عن [البشير] موسوعة الحفتى» 
ص 669. 


6 - نَحُذَ عِلْمَ أعلام الصفاتٍ بظاهر ال 2 معالم من تس بذاك عليمة 

يقول: إذا شئت ترى تجلي الله بصفاته في الموجدات فخذ كشف ذلك من علم أعلام 
الصفات. والأعلام جمع علم. وهو الذي ينصب علماً على الطريق يستدل عليهاء أي فخذ 
علم دلائل طريق الصفات التي هي الكلام والسمع؛ والبصرء والبطش المعهود مع الناس. 
فهي كالأعلام على طريق المشاهدة؛ وقوله: بظاهر المعالم» والمعالم هي التي يُستدل بهاء أي 
بظاهر مدلولاتها كالأذن للسمع؛ والعين للبصرء واللسان للكلام؛ واليد للقدرة على البطش. 
والقبض والبسط إلى غير ذلك؛ من نفس بذلك عليمة: أي خذه من نفس قد تحققت العلم 
حين انتهى إلى أحدية الجمع.ء فنك ترى حقيقة ذلك كما وصفت لك. 

قال: 

7 - وَفَهُم أسامي الذَّاتِ عنها بباطن ال عوالم من روح بذاك مُشيرة 

يقول: ومعاني هذه الأسامي بالمرء هي مشيرة إلى ذاته؛ لأنَّ بصره. وسمعه. وكلامه. 
وفعله إنْما هو سمع ذاته وبصر ذاته. وكلام ذاته. وفعل يده فعل ذاتهء وذاته هي هي 
الفاعلة. والناظرة» والسامعة. والمتكلمة كذلك هذه الصفات لله تعالى تدل على ذاته. 

واعل أن الله قنالى لكا على تصقاتت وأظهر وله كن كاف ولة تون نور تعدا 
برزخياً؛ لأنّه انفصل منه ذلك فإِنٌ ذلك وصف لا يجوز في توحيد الله تعالى» ولكن شاء أن 
يكون بتجليته علماً دالاً على صفاته» فكان في التمثيل كالمرآة التي ينظر منها الصور كذلك 
هو في التمثيل كالمرأة لتجلي الله عليه بصفاته. فالعلم يحكي صفاته. وهذا النور هو نور 
النبي فتك ومنه أوجدت الموجدات بعد ذلك. فأول ما وجد القلم من تجلي وجوب وجود 
الذات؛ لا من تجلي الذات؛ وهو اسمه الحي الدائم؛ لأن معنى الحيّ الموجود الباقي 
وذوات الأشياء وجدت ذات القلم. وبتجلي وجوب أحدية الله ووحدانيته وفردانيته» 
لا من تجلي الأحدية والفردية والواحدية وجدت أحدية القلم وأحدية الأشخاص» 
وبتجلي صفات الله السميع» البصير وجدت روح القلمء وهي الروح الأعلى المتصلة 
بروح النبي اتصال الهواء بعضه ببعض في التمثيل؛ ولكنّه لا من كل حيثية فتجلى له 
بصفته أنه الودود فوجدت فيه المحبة لله الإرادة والمشيئة» وعرف الله وعَقّل جميع ما 
أراد الله أن يجمعه فيه من القلم جملة واحدة» ولذلك سمي عقلا ومّن يتجلى الله عليه 


بصفته أنه لم يزل متكلماً وجدت قوة القلم على الكلام. وبتجلي الله تعالى عليه بصفته 
أنه قدير قدر القلم على الكتاب؛ فقال له: اكتب من غير أحرفء فقال: وما أكتب؟ فتجلى 
له بصفته أنّه عليم ففهم تفصيل ما علمه. فكانت هي زه نفس القلم الأعلى» ومنه» ومنها نفس 
نبينا محمد متصلة بها كما وصفناء ولما سمع النداء ب [اكتب]ء وفهم ما أراده أن يكتب 
سال القلم من الهيبة» فكانت من ذلك ذات اللوح. وفاضت روحه عليه؛ ثم من نفسه فصار 
اللوح ذاتياء وهي الذات الكلية» وروحا وهي الروح الكلية» ونفسا وهي النفس الكلية» 
فلمًّا أراد أن يكتب تجلى عليه بصفته أنه الحكيم. فأحكم الكتابة وهي المثالات» ومن 
اللوح» والمثالات أوجدت الأشياء كما ذكرناه أول» فكان ظهور صور الأشياء المصوّرة 
بتجلي أسمائه؛ تعالى الحي» الأحد السميعء البصيرء الودود؛ المتكلم. القدير» العليم» 
الحكيم؛ فتلك تسعة أسماءء وبها تمّت عقود العدد الذي به يظهر المدد في الوجود. 
فالحي سرّء والأحد أسماء الذات» والسميعء والعليم [104ظ] والبصيرء والقدير أسماء 
صفات الذات. والمتكلم صفة الذات» وصفات ذاته تدل على ذاته؛ فإذا عرفت ذلك فهو 
يقول في الحضرة العلمية» والحضرة القلمية اللتين هما كالمرآة في التمثيل لتجلي صفات 
الله تعالى عليهما: إِنْ فهم أسامي الذات عنهاء أي فهم هذه اناك الأربع: سميع 
بصيرء متكلم. قدير بباطن العوالم» أي العوالم العلوية ثم بينهاء أي العوالم عن عوالم 
روح العالم الأعلى هي بذلك مشيرة» ولذلك سقى عوالمه. أي ذاته وروحه ونفسه روحاً 
واحداً لتدل عليه وإذا كل شيء أصله من روح القلم الذي هو عقله. ونفس القلم الذي 
هو فهمه ومن ذات [القلم]'!' الذي هو ذاته. وهو منٌصف بهذه التسع الصفات, وكلها 
فيه هي صفة واحدة صم أن كل شيء فيه من هذه التسع الصفات. فكان العقل أصله نور 
ممدود من عقل اللوح ونفسه وروحه وذاته في كل امرئ بقدر ما حمد مثاله في اللوح» 
فهو مرآة لتجلي العلم الإلهي الذي هو كالمرأة لتجلي صفات الله تعالى عليه في التمثيل» 
لا في المثال» ولا يصح أن يقال هو مئال لذلك فإنَ بين معنى التمثيل والمثال فرقاء 
والمثال هو مثال كونيء والتمثيل قياس معنوي, ولكنَّ العقل لا يعقل إلا بالآلات هي 
الخواطر الإلهامية» وحن الآلات الباطنة» ومنها الخيالات. والآلات الظاهرة هي الحواس / 
الخمس التي هي الشمء والذوقء والسمع» والبصرء واللمسء. وكل شيء من هذه آلة له 


(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 


تدرك بها المحسوسات. ولا يدركها بغيرهاء والسادسة الخواطر التي تخطر عليه» ولكن 
لو عدم من السمعء والبصرء والكلام» وحركة الجوارح لن يعرف الله تعالى؛ والكزن يدوك 
علم المعلومات فصمٌّ أن هذه الأربع الصفات هي صفات ذلك العقل» ٠‏ وهى الأصول. 
وكلها تؤول معانيها في العقل معنى واحداً هو القدرة على الإدراك. وكذلك هذه الصففات 
الأربع هي الأصول لجميع أسماء الله تعالى؛ لأنّ أسماء ذاته تدل عليها هذه. وبقية أسمائه 
وصفاته كلها تنضاف إلى هذه الأربع الصفات» ولذلك عرف العبد ربّه» ورأى المحقّق بها 
إلى كل شيء أن صفاتها في كل شيء هي معنى واحد هي الدلالة منها على صفات الله 
جملة في تفصيلء وتفصيلاً في جملة» فافهم ذلك. 

قال: 

8 - ظهورٌ صفاني عن أسامي بججوارحي انا بها للحكم لشبنيق تسمت 

يقول: وظهور تقسيم صفاتي سمعاً وبصراً وكلاماً وقوة عن أسامي جوارحي التي هي 
الأذن. واللسان. واليد. والعين إِنّما كان تمعيا كذالة عجارا ميت تنسى نيا أي بهذه 
الأشناة الحسنة للحكم. أ لأجل إحكام التعبد بكل شىء منهاء والمشاهدة لقدرة الله 
تعالى» ولإظهار العجز ليعلم أنه لا يقدر بما لا يقدره به عليه» وأما حقيقتها هي الإدراك. 
والقدرة على الإدراك. والدلالة. وحقيقتها الدلالة. وهى صفات العقل. وإدراكه لما فى 
حواسه إلى معرفة المحسوساتء والمحسوسات آلات إلى العلم الأول الذي عقله 
العقلء فإذا لم يكن بين العقل حجاب المحسوسات عن بواطنها تجلى الله عليه بصفاته 
في العلم الذي يرى فيه صفات الله على الحقيقة. 

قال: 

9 - رُقومٌ علوم في ستور هياكل على ما وراء الحسٌ في النّفس ورّت 

يقول: كل هذه الصفات الأربع. ومعالمها الأربعة هي رقوم علوم: أي رسوم علوم 
كل شيء منها على إدراك * شيء كالأذن للسمعء والعين للبصر واللسان للكلامء واليد 
للقدرة» وإِنّما جعل اليد للقدرة لقوله تعالى: #وََلتَموَتُ مَطوِيت بيَمِبِيْوء © [105و] 


بقدرته. ويد أَنَهِ قوف أَيدِييمم * أي قدرته» ثم الشمع لإدراك المسموعاتء والبصر 
لإؤدراك الميصورات,. واللسان للنطق بالمنطوق من الناطقات. واليد للقدرة على الفعل» 
والمبصرات» والمسموعات,. والنطق به. والأفعال كلها أيضاً دلالات على العلم بالله 
تعالى في هياكلء أي في صور حيوانية إنسانية» والهياكل بيوت للنصارىء والهيكل 
الفرس الضخمء ومن اسمها سميت صور الحيوان هياكل» وكل صورة مجوفة» وأراد بهذه 
الصفات التي هي في النفس ورّتء والتورية أن يقال بكلام يقصد به على غير معنى ظاهره. 
بل المعنى الأبعد عن المفهوم"". يقول: كل هذه الصفات لذات الإنسان» وشخص 
الإنسان الذي هو آلة فعل الذات مظهر لدلالة وجود ذاته الباطنة التي لا يدرك علمهاء 
والمراد بها غيرهاء فوجود ذات الإنسان التي لا ترى» وهي المدبّرة للأربعة المظاهر مشيرة 
إلى علم وجوب وجود ذات الله تعالى» ولا تُرى» وصفات ذات الإنسان بهذه الصفات 
الأصولية إشارة إلى صفات ذات الله بصفاته هذه الأربع» وظهور هذه الصففات من ذات 
الإنسان في عوالمها اللطيفة هي إشارة إلى ظهور تجلي صفات الله أولاء فظهر بالتجلي 
علماًء ثم قلما ولوحاء وظهور هذه المظاهر في هيكل الإنسان هو إشارة إلى ظهور علم 
صفات الله في جميع عوالم الملك المحسوسء وليس المراد بهذا تشبيهاً بالله» وإنّما 
المراد لكشف هذه الدلالة على معرفة الله؛ والعلم به وأنَ الوجود كله مظهر علمه. فصار 
الإنسان كالمرآة التي تجلّت معرفة صفات الله كلها كما تجلّت على القلم الأعلى» ولذلك 
قيل: إِنَ الله خلق آدم على صورته؛ أي خلق صفاته؛ ودالة على وجود ذاته. فهو كالمرآة 
في التمثيل لا في المئال» يحكي صفاته صفات الله تعالى من غير حلول ولا تشبيه 
لان وعلت الله تاك الأ بقيه رمتو ةتس قو ولكة رضحت خلقهيدل عن 
وصفها2, فافهم. 000 


(1)التورية وتسمى أيضاً الإيهام؛ والتوجيه؛ والتخيلء والمغالطة. وهي أن يذكر المتكلم لفظأ مفرداً له معنيان 
حقيقيان» أو حقيقة ومجاز. أحدهما قريب ودلالة اللفظ عليه ظاهرة. والآخر بعيد ودلالة اللفظ عليه خفيّة 
فيريد المتكلم المعنى البعيد ويورّي عنه بالمعنى القريب فيتوهم السامع مع أول وهلة أنه يريد القريب» وليس 
كذلك. ولذلك سمي هذا الفنّ إيهاماء والتورية أنواع منها المبينة» والمجردة» والمرشحة؛ وغيرهاء ينظر معجم 
المصطلحات البلاغية» وتطورهاء د. أحمد مطلوب. 2/ 383» وما بعدها. 

(2) هذا هو التنزيه» والتوحيد الصافي الذي يلح عليه الشيخ ناصر في مواضع مختلفة من هذا الكتاب. ومنها هذا 
الموضع. 


قال: 

واه انها ذائى عن صفات جوانحىي جنواذا لأسرار بها الروحٌ سورّت 

بقول: وتحقيق معرفة صفات جوانحي هذه الأربعة بهذه الأربع الصفات أنْها صفات أفعال 
فى هذا الهيكل الذي مثال لهيكل الوجود بأسره أنها صادرة عن أسماء ذاتى» أي عن أسماء 
صفات ذاتى التى هى إشارة إلى صفات ذات الله. وأفعاله الظاهرة فى هيكل الوجود يكون 
جوازاء أي طريقاً جائزا موصلاً لأسرار, أي إلى أسرار أسرّت بها الروح» أي سرّت بتحقيق 
العلم بالله تعالى» وظهور بذلك شرف الإنسانء وأنه هو السر الأعظم عند الله تعالى أن اتصف 
بحقيقة صفاته. وإلآ فعليه العقاب إن عصى على هذا التفضيل العظيم. 

قال: 

1 - رمورٌ كنوز عن معاني إشارة بمكنون ما تُخفي السرائرٌ حُفْتِ 

يقول: إِنَ مَن فكر فى صفات نفسه. ودلالاتها على صفات الله تعالى صفات تؤدي 

حقيقة الحقٌّ تريه في مشاهدته أنَّ ظاهرها رموز كنوز باطنة فيه صادر ظاهرها عن 
معانى باطنهاء أي عن الذات الإنسانية التى لا ترى ولا تّرى إلا فعلها فى ظواهر مظاهرها 
مشيرة بمكنون علم ما يخفي السرائرء أي علم ذات الله تعالى؛ لأنَّ المرء إذا كان لا ذاته» 
ولا يدركها كيف يرى الباري جل وعلاء ويعرف ذاته. فكل هذا ما يدلّك على معرفته 
شوقانه واتها له قلسن شواء امن قات اللقفالن الا نوسن :راحنة إإن هذه الاصول 
الأربعة» وصادرة منهاء وليس شيء من صفات الله تعالى هذه الأربع إلآ ويعرف به 
المحقق من صفات ذاته. وظهورها في شخصه. فافهم ذلك. 

قال: 

2 - وآثارّها في العالمين بعلمها ‏ وعنها بها الأكوانٌ غَيِرٌ عَنيَة 

(105ظل] يقول: وآثارها: أي الذات الإنسانية. وأوامرها في جوارحهم الأربعة. في 
العالمين: أي في الناس جميعها كل شخص وحلده يعلمها بهاء أي بمعرفتها بإرادتها في 
شرعه انقياداً كلياً ما يدل على جميع الأكوان غير غنية عنها من مكونها أنّها كذلك منقادة 
لآمر رتهاء وأنها لأبد :أن تكون لها ذات سميعة: عليقة فتكلمة» قديرة بأمرها وتصرقها 


52 


هي ذات الله تعالى يدرك فهم كلامه من غير حرف في الأمرء ويسمع بغير أذنء ولا كلام» 
ولا صوت. وترى أنها قد انقادت لأمر ربّهاء وتقدر أن يكون كما أمرها لقوله تعالى: 
#وإن من شَىْءٍ إلا في عد 4 وقال: #أسَبّمَ ينه ما فى اموت وَالْأَرَضٍ * وقال: لمَمَالَ 
ا وَنأَرْضِ أَْتَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا مَالتَآ ْنَا طَابعيتَ . أي دالّين على معرفتك. والعلم بك 
مستمعين كل من أراد سماعناء ورائين كل من أراد أن يرى أدلتناء وقيل: قالآ ذلك بلسان 
الحال؛ وقيل: قالا مقالاًء وإن لم يكونا نطقا بالحرف. فإنَّ العقل متكلم آمرء مفهوم كلامه 
يأمر الأعضاء فتسمع كلامه بغير السمع المعروف, وتبصر أمره بغير عين» ولا بالبصر 
المعروف. ويفعل ويقدر على الفعل ولا يُرى فعله. ولا قدرته» وكذلك يدرك إلهام ربّه 
من العلوم فيعلمه من غير حرف ولا صوت. ويأمر كذلك. فجميع صفات ذات الإنسان 
وفعالها في هيكلها يحكي صفات الله تعالى» وأفعاله في هيكل إنسان الوجود بأسره. 
وتجلي صفات الله تعالى على العقل. وإدراكه خطابه الإلهي هي دليل على تجلي الله 
تعالى على أول الإيجاد العلمي؛ وعلى القلم» وتجلي صفات على العقل» وظهور ذلك 
التجلي على الأربع الجوارح؛ ثم على الأكوان كله دليل على تجلي الله بصفاته على 
القلم؛ والعلم على اللوح والطبيعة» ثم على جميع الأكوان حذو النعل بالنعلء فكان 
تجلي الله بصفاته من أول الإيجاد على أول الإيجاد إلى ظهور الشهود على مثال تجلي 
الله بعنفانة على ذات الحقل ]ل أهور الشنيود شاهن فى الشتهوةة وسقيقة نات النق: 
وحقيقة وجوده كما شاهد ذلك عقل القلم. وكما يشهده الله تعالى جل وعلا لا بمعنى 
التشبيه» ولكن كشف لتحقيق معرفته أنّها لا تختلف في شيء. فافهم. 

قال: 

3 - وجوةٌ اقتنا ذكر بأيدي تحكم شُهودٌ أحبتنا شكر بأيد عميمة 

يقول: كل هذا منه سبحانه وتعالى للإنسان المحقّق العارف به وجود. أي كون اقتناء. 
أي ذخر ذكر له ليكون متصرفاً في جميع الوجود بالعلم» ويكون الوجود كلّه تحت ملكه 
بالتحقيقء آخذ بزمامها بأيد بقوة تحكمء أي تسلط له من الله عليهاء وذلك التسلط لعقله 
على كشف الأكوان هو شهود أحبتناء وأراد به الاستعارة إلى الإرادة» والمحبة من الله 
تعالى لعبده؛ بأيد عميمة» أي بنعمة من الله عميمة على عباده. 


قال: 

4 - وظاهرٌ لي فيهابَدَوْتٌ ولم أكن 2 علي بخافٍ قبل موطن بَرْرّتي'') 

يقول: وهذه الصفات الأربع التي هي أسماء وصفات الذات» وهي السمع للأذن» 
والبصر للعين» واللسان للنطقء واليد للفعل هي لي ظاهرء أي مظاهر يظهر فيها آثار أفعال 
الذات بتجلي معاني هذه الأسماء الأربعة باق هذه المظاهر الظاهرة الأربعة بيدوت» 
أي ظهرت بمعرفة أسماء الذات وصفاتهاء فلو لم تكن هذه المظاهر ما عرفت الذات» 
ولا صفاتهاء ولا أسماءها ولا أفعالهاء وكانت كنزاً لم تعرف. فأراد الله تعالى أن يجعل 
لها مظاهر يظهر فيها معرفة ما والعلم بهاء فكانت كنزاً لم يعرف فأحبٌ الله تعالى أن 
تعرف فخلق لها خلقاً كي تعرف. فبمظاهرها وأفعالها في هيكلها عرفت النفسء [106و] 
وبمعرفة النفس عرف الله تعالى؛ فإِنّك لا تجد شيئاً في التوحيد إلآّ ويجد له مثالاً من 
نفسك يدلّك على حقيقته. فعرف الله تعالى بإيجاده الوجودء وعرف وجود ذاته بوجود 
الوجود. وتصريفه. وتغيّره» وتبدّله في بعض الأمور كما عرفت ذات الإنسان بتصريفها 
في وجود هيكلهاء وظهور أفعالها في هيكلها فهو هيكل لهاء ووجود لها لا يتحرك فيه 
متحرك إلا بأمرها وقدرتها وتحريكهاء كذلك الوجود هو سميع لله تعالى لا يتحرك ولا 
يسكن إلا بأمر الله تعالى» فإن قلت: هذا مما يقدح في علم القدرة, قلنا: إن علم القدر 
قد تكلمنا فيه. وأطلنا القول إِنْ الله هو العليم؛ وقد خلق الأشياء قبل أن تكون كان في 
علمه. وحكمته أن نفوساً لا تؤدي الطاعة له2. وأنْ نفوساً تؤدي الطاعة له» وإن كان 
هو خالق الخلق من أول الأمر فإنّه عليم» وبكل شيء عليمء ولا يحيط الخلق بعلمه 
لقوله تعالى #وَلَا يُحِطُونَ حِنّىْءِ مَنْ عِلْمِو إِلَّا يمَا سآ 44 وقال: #وما أُوتيشّ من الِْلو إِلّا 
ليلا 74") والعلم نهاية التفكر فيه هُوية» ولا يصمح النظر فيه حيث لم يظهره الله أصلاء 
وقد قلنا إِنْ الله خلق الإنسان على صورته؛ ليس المراد أن الله له صورة. وأنْ الإنسان 
(1)2له] ساقطة في سء وما أثبتناه من الأصل. 
(1)3له] ساقطة في س.ء وما أثبتناه من الأصل. 
(4) البقرة, الآية 255. 


(5) الإسراءء الآية 85. 
(6) الهوية: السقوطء والانحدار. 


على صورته فإنَ ذلك من الشرك الخفي بالله تعالى توحيده؛ ولكن خلق له ذاتاً سميعة» 
عيرق :اطق فأارة :ولق لها لجار اجو]رادوه وم هه ومين رامقلافة فيا قناع نا 
أمرهاء والانتهاء عما نهاهاء فمنهم من نظرت عينه الذي بذاته إلى الكمالات الخيالية» 
وأحبتها من ذاتهاء ومالت إليهاء وعصت لله باختيارهاء وتلك القوى التي أمدّه بهاء وقد 
علم به أن يكون كذلك. وليس العلم بشيء يوجب الجيرء فافهم ذلك. 

قال: 

5 - قَلَفْظ وكلي بي لسانٌ مُحدّتٌ عط وكلي فيّ عينٌ لعبرة 

46 وَسَمْعٌ وكلّي بالنّدى أَسْمَعٌ النّدا ‏ «كلّيَ في رد الرّدى يد قرّة 

يقول: وكنت في حضرتي تلك الأولى جميع صفاتي هذه هي شيء واحدء كما قال. 
فلفظ: أي نطق ولكن كلي لسان محدّث: ليس فيه شيء مخصوص مثل اللسان. وهنالك 
لحظء أي عين ناظرة» ولكن كليء أي كل شيء فيّ عين تبصره لعبرة: أي لاعتبار» أي 
لإدراك صفات الله تعالى» وبي هنالك سمع. وكلي. أي وكل شيء مني يسمع النداء 
الإلهي» وكلي في رد الردّ أيدي قوة» أي وكل شيء مني يد قوة في رد الرد عن الاتصاف 
بما لا يصمح الاتصاف به مع الله تعالى» بل ذلك العلم هو أقبل شيء عليه. وكذلك جميع 
الأكوان» ولذلك مثال في ذاتي التي ظهرت فيها فإن سمعهاء ونظرهاء وكلامهاء وقدرتهاء 
ولسانهاء وعينهاء وأذنها هو شيء واحدء وكذلك الكون بأسره فإنَ كلّ جزء منّي» ومن 
أجزاء الكون يسمع ذاتي؛ ويرى كلَّ شيء هو ناطقء ومتكلمء والمتحرك متحرك بالقوة» 
والساكن ساكن بالقوة» وكلها مقبلة لأمر ربّها كأنّها ناظرة لأمره؛ ناصبة» صاغية لأمره 
تعالى. كذلك أجزاء ذراتي كل منها ناطق بتسبيح الله صاغية لأمره تعالى. ناظرة لما تؤمر 
به متحركة بالقدرة» ساكنة بالقدرة» وكذلك هي لأمر ذاتي» فضاء سمع ذاتي دليل على 
صفة الله أنه سميع وبصيره ذاتي دليل على أن الله بصيرء وكلام ونطق ذاتي دليل على كلام 
الله يد ذاتي [دليل]!' على قدرة الله تعالى» وأنْ هذه في ذاتي, لا على ظاهرها كذلك هي 
فى وصف ذات الله بها أنه على ظاهرها فما أكشف لإنسان المحقق على معرفة الله تعالى 
ور انه اقانيب: 


(1) مابين المعقوفين ساقط في س. والزيادة من الأصل . 


وهذا آخر الأسلوب الأول. 

[بيان]: في الأسلوب الثاني الذي ذكرناه [107ظ] أنه في بيان أحكام الأسفار الثلاثة» 
وسفر النفس منها إلى شهود حقائ ئق الموجدات. وسفر سفر الروح منها إلى مشاهدة الله 
بصفاته. وسفر فر الروح والنفس إلى حضرة الجمع. أو إلى حضرة - جمع الجمع الذي هو 
الصحو بعد المحو. وسفر السرء وهو سفر النبى كت إلى حضرة أحدية الجمع. وأحدية 
جمع الجمع. الأول في معاني الصفات الأربع التي للذات الإنسانية: 

قال: 

7 - معاني صفات ما ورا الس أَنْبنَْ وأسماء ذات مما ورا الحسسٌ بنَّت(ا) 


يقول: معاني صفات: أي هذه الصفات الأربع؛ أثبتت في ما وراء اللّبس: أي في ما هو باطن 
هذه الظواهر التي هي جوارحهاء أي أثبتت في الذات؛ وهي لها كالأسماء؛ أي هي واحدة. 
وهذه صفات ذاتهاء لا كما في ظواهر جواهرهاء بل هي في الذات معنى واحد. وذلك معنى 
قوله: وأسماء ذات ثبت حقائقها فى كشف ما هو وراء الحسٌء أي ثبت. أي كشفت معرفة ذات 
الله تمان أنه عند هين الأقراقة قيوا هو الأذرالك وان بحن الصنات غنات 215 لا افر 
معانيها الظاهرة. 
بيان: 


اعلم أنَ هذه الحواس الخمسء وصفاتها السبع التي هي الشمّء والسمعء والبصر. 
والذوق. والنطق» واللمسء والقدرة كلها مظاهر للذات من الإنسان فظاهرها صفات 
للأنف. والأذن» والعين» والفم واللسان» واليد. والجوارح» وباطنها أسماء صفات ذاته 
وهي العقل المسمى بالروح. والنفسء والقلب. وكلها تؤول فيه إلى معنى واحد. وهو 
الإدراك؛ فالعقل أصله روح ونفس وذات من اللوح المحفوظ الذي هو الروح الكلية» 
والنفس الكلية» والذات الكلية أفيض عليه منه كما يفاض إلى البيت من كوّة النافذة من 


(1) في الديوان: [ما روى] بدل [ما ورا]. 
(2) يرى بعض الدارسين أن التصوف في جانبه الفلسفي من جهة» وتقسيمه الخاص للعالم من جهة أخرى قد تأثر 
بمؤثرات خارجية منها ما هو نصراني» ومنها ما هو يهوديء ومنها ما هو أفلوطيني» ومنها ما هو هرمسيء والأمر 
محتاج إلى وقفة أطول ليس هنا موضعهاء غير أن استخدام الشيخ لكلمة [أفيض] في النتص مع متعلقاتها يوحي 


الهواء واللوح يمدّه القلم. والقلم من ورائه العلم الذي هو كما ذكرناه أنّه كالمرآة تحكي 
صفات الله تعالى» وكذلك عقل المرء هو مثل اللوح؛ لأنه ممدود فيه وكل ما يخطر فيه 
من الإلهام» وجميع الخواطر التي بالله من الله تعالى فإِنْما القلم الإلهي هو الذي يكتب 
فيه ذلك. ومن وراء القلم العلم الذي تجلى صفات الله. فصحٌ أن اللوح ليس هو شيء 
مبسوط في مكان معلوم كالسمواتء. وكذلك القلم؛ وانكشف الأمر أنَ تجلي الله بصفاته 
في أول الإيجاد على القلم عندما وجد العلم بتجلي الصفات. ثم إيجاد القلم الكاتب 
من الصفات التسع هو القلم الكلي لا غيرء والروح العقلية هي الروح الكلية اللوحية لا 
غيرء ولكل امرئ من العقل بقدر ما أفيض عليه منه؛ فكان في المرء مركبا في الجسماني 
كالمصباح الذي هو كوّة البيت. والمركب فيه الزجاجة له جهتان أحدهما إلى عالم القلمء 
ومنه إلى عالم العلم؛ والآخر إلى المرء في هيكله. وله خمسة مصابيح يرى بها الموجدات 
ويشاهد بهاء فإن اخترقا رأى من جهة عالم العلم كما يراها من جهته الأخرى. فإن قلت: 
إِنَّ للعقل ثلاث عيون أيّهما هذه؟ فأقول: كلّهن هنّ في شيء واحدء أمّا البصيرية فإلى 
عالم الروح اللوحيء وأما الغريزية فإلى عالم المثال وعالم الحسء وأمًا المدبرة فإلى عالم 
الحسسّء والغريزية والمدبرة إذا توجهت إلى البصيرية تجلى لهما من أنوارهاء والبصيرية 
وإن توجهت إليهما رأت من جهتهما ما رأته أحدهماء : فصحَّ أن السمع؛ والبصرء والكلام» 
والقدرة هي القوة المدركة التى هي صفة ذات الإنسان؛ وهذه الأسماء أسماء لتلك الذات» 
وأنْ هذه الصفات الأربع بها يتوصل إلى فهم الخطاب الإلهي القولي والإلهامي والعلمي؛ 
ومنها يكون للذات الثواب؛ وبها يكون العقابء وبها صار العقل مدركاء فإن أقبلت إلى 
النفس المقبلة على المحسوسات. ولم تر بواطنها وأصلهاء وكفرت بالله المنعم استحقت 
العذاب. وإن نظرت إلى الكمال الحقيقي [107و] وطمعت في النعيم الأبدي, أو خافت 


بشيء من هذا التأثر الذي أفاده الشيخ - بلا شك - من قراءاته الواسعة في الأدبيات الصوفية» ويكفي أن نشير إلى 
أن نظرية الفيض ذات أصل أفلوطيني صريح, ويرد المصطلح عند الصوفية بمعنى التجلي الدائم الذي لم يزل 
ولايزال؛ فالعالم المسوّى بدون الروح الإلهي بمنزلة المرآة غير (الصقيلة» وبالروح الإلهي بمنزلة الصقيلة» فكما 
أن المرآة بسبب جلائها تقبل صورة من يحاذيها وتعطيها لصاحبهاء كذلك العالم بسبب قبول الروح الإلهي يقبل 
التجلي الدائم الذي هو ظهور عينه عينه إليه في ذلك المحل المكمل)» ينظر موسوعة العجم »ص |74. وهو قريب ممّا 
يذهب إليه الشيخ ناصر من حيث توظيفه (الفيض) و(المرآة»؛ و(التجلّي) في الشرح. وينظر كذلك أفلوطين عند 


العرب, د. عبد الرحمن بدوي. ص115ء ما بعدها ففيه شرح مفيد. 


من العذاب السرمدي أخلصت العبادة» وإن قويت المحية إلى الله تعالى. وتلا الاسم 
الذي على هذا المثال فى العقل. والقلمء واللوح. والوجود فأوّله عيارة عن الذات» وثأنيه 
عبارة عن اللوح والطبيعة» وثالثه عبارة عن الأكوان كلهاء ورابعه إلى الذات الإلهية. 
وخامسه إشارة إلى ذات الإسات الى هى لوح ذاته. وقلمه. والعلم. وعالم المثال» وعالم 
الطبيعة. وصور الحروف هى مثل هيكل ذات الإنسان المتجلية فيه صفات ذاته. ومثل 
هيكل الوجود المتجلية فيه صفات ذات الله. وصفات ذات الإنسان متجلية فى الوجود 
الملك والملكوت والجبروت» والأفعال والهيئات والأغمال عن يكون ذاته محيطة 
بالوجود إحاطة كلية علما وشكلاً وذاتاء وإنّما تتصل صفات ذاته بالمكاشفة قدر ما يريد 
الله تعالى أن يكاشفها به من صفات ذاته الأربع» وأمَا هو في الحقيقة متصل بالكون بأسره. 
وكل أمر يراد به هو أداء العبادة لله بمحبة الله له كما قال الناظم. 

قال: 

8 - قَتَصريفها من حافظ العهدأوٌلاً ‏ بس عليها بالولاء حفيظة 

9 - شوادي مباهاة. هوادي تنبّه بوادي فكامات. غوادي رجيّة 

يقول: فتصريفها: أي هذه الصفات التي صفات ذات الإنسان الموجدات من نور 
علم صفات ذات الله. وهي السميع, العليم» العزيزء لم يزل متكلماء وهذه الصفات التي 
أحتٍ الله وجودها في ذات العبد الذي كوّنه لمعرفته ولعبادته لقوله : لكنتٌ كنزاً لم أعرف 
فأحببت أن أعرف فخلقت خلقاً كي أعرفء فبي كانوا وبي عرفوني] فلم يعرف إلا بمعنى 
هذه الصفات فى ذات الإنسان» وتصريفها المراد بها إِنّما يعرف من علم حافظ العهد أولاً 
الذي لم يغيّرهه ولم يبذّله كالرسل والأنبياء بالوحي لروح جبرائيل اللتلاا. وبالإلهام بما 
جاءوا به من العلم الديني» والشريعة كلهاء والحقيقة: وعلم المكاشفات التي هي العلم 
بالله تعالى» وهم الحافظون بما عهد الله عليهم أولآً في أول الإيجاد بقوله: فأحببت أن 
أعرف. فعرفوا أنّهم لذلك خلقواء والعهد الثاني النور الأول الموجد من نور العلم» وهو 
نور النبي غك وأداء الطاعة لله تعالى» وكان في ذلك قوله تعالى: قا ب دُرَيَنَُم * 


فهذا عهد الله لهم. وإن كان لا يلزمه عهدا'» ولكنّ ذلك فضل الله عليهم» وعهد النور 
لربّه أداء الطاعة, ثم عهد العلم. وهو من ذلك النورء وكل شيء هو من ذات العلمء ومن 
روحه؛ ونفسه. وصفاته فثبت ذلك العهد لجميع الموجدات لقوله: ذقنا ب رينم # 
في الإيمان إلا مَن نزلت عليه بليّة التعبد على الخصوص لذاته فضيّع بكل ما ثبت له في 
العهد الأول» وعاهد اللوح على الإجابة بالطاعة لله فثبت ذلك للطبيعة التي هي علة 
الحياة للوجودء وعلة حركة الأفلاك. وحياة المولدات الثلاث أيضا ممازجة الطبيعة 
الوسطى المتغيرة بحركات الفلك [ ]2 فيها التي بعلمه تغيّرها وقع 
الكون» والفساد. والموت. والحياة في العالم السفلي؛ وثبتت لهاء وعاهدت بالإجابة» 
فثبت لعالم السموات والأرض وما بينهما التي هي هيكل الروح حياة الطبيعة الكبرى» 
ولذات العقل اللوحي الناقش فيه قلم القدرة المتجلي فيه العلم الحاكي صفات الله 
تعالى» وبه تم الوجود الذي هو في صورة الإنسان الذي خلق منه. ونزل الخطاب عليهما 
ليخصٌ كل شيء بخطابه أن ثبت على ما ثبت له؛ وإلآ هلك في الحال فأجابا للطاعة. ثم 
خلقت [107ظ] الملائكة» وثبّت لهم ذلك الإيمان» والإسلام؛ والإحسانء ونزل عليهم 
التخصيص فأطاعواء وخلق الجن. وثتّت لهم ذلك. ثم نزل الخطاب التخصيصي لهم 
فمنهم من آمن ومنهم من عصىء ورفع إبليس إلى السماء. وأسكن الله الأرض الملائكة 
ثمانين ألف سنة؛ وإبليس في السماء إمام ملائكة السموات السبع يعبد الله تعالى؛ ثم نزل 
الخطاب للملائكة لق جَاعِلُ فى الْأَرَضٍ خَلِيمَة مَالُوأ أَيْمَلُ فِيبا مَن يُفْسِدٌ فِيبَا وَيَسْفِك 
َلدِمَآءَ 4" فكان جواب استفهام فيه قليل ظنّء وفي إبليس ضمير حسد. فلّما خلق الله 
آدم؛ وركب بدنه من الجوهر الظاهر المحسوس بحواسه التي يخلق عليهاء وركب فيه 
لوحا محفوظا عقله. ممدودا من عقل اللوح المحفوظ الثابت عليه عهده. وعهد القلم 
ومن ورائه العلم» ومن ورائه العلم الحاكي صفات الله تعالى» فكان الإنسان على صورة 
الوجود بأسره”'» وصار للإنسان بابان: باب العقل إلى عالم الغيب إلى صفات الله تعالى 


(1)هذا من معالم تنزيه الله سيحانه عن الشبيه» وهو ما يحرص عليه الشيخ في مناسبات مختلفة. 

(2) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 

(3) البقرة, الآية 30. 

(4) الإنسان عند القوم هو الكون الجامع» وهو موجود ليس يجسم ولا جسماني. ويقول ابن عربي في كتابه إنشاء 
الدوائر: «تقرّر عندنا أن الإنسان نسختان: نسخة ظاهرة؛ ونسخة باطنة» فالنسخة الظاهرة مضاهية للعالم بأسره 


مثل الوجود. ولوحه المحفوظ وباب إلى الحواس الخمس إلى الوجود؛ ومن الوجود إلى 
اللوح إلى القلم إلى صفات الله إلى تحقيق ذاته. فأذعن الوجود كله لله. وأذعن وجود 
الإنسان إلى ذاته جل وعلاء فلما تم الله إيجاده ونظر الملائكة إلى هذا الأمر العظيم 
الذي مركبه تركيبا يحكي معرفة الله بالعلم اليقين عرف الملائكة» وعرف إبليس ما يريد 
الله بهذه» وكانوا لا يعلمون؛ وكان الملائكة لا يعلمون للأشياء لغات إلآّ لغتهم, وعلّم آدم 
الأسماء. أي اللغات كلها ليظهر فضله. ونتم حكمة التعبّد للملائكة بما ظنّواء ويما ظَنُوه 
إنَما هو عن علم ولكن مشوب استفهامهم قليلاً مما هم مقدسون في حضرتهم مع الله 
تعالى» وأراد الله أن يجعله هو إماما لهم في العبادة التي هي شيء. ولم يكن إمامة إبليس 
للملائكة في العبادة» بل إمامة تفصيل لما يراد. ولمن كرامة الله له فأمر آدم بالسجود حين 
أكمل له العقل» والمعرفة» وخاطبه الله بعبادته» وألزمه إياها فكان هو عهده عليه» وعاهد 
آدم بأداء الطاعة» وقد ثبت له الإيمان من قبل بإيمان الأرض والماء المخلوق ومنهماء 
وأمر الملائكة أن يأتموا به في سجوده فسجدوا لسجود آدم لله تعالى» وجعل الله تعالى 
هذه الفضيلة التي هي الاثتمام في الصلاة بالأفضل لأمة محمد © خصوصاً دون سائر 
الأنبياء» فأدّوا الطاعة الملائكة كلهم إلا إبليسء فأظهر الله لآدم التعبد والعهد الذي سبقه 
به قبله نسل نور النبي هَل وتجلى لعقله منه. واتصل به النور من الجهتين كما ذكرناه 
فأتمه. وثبت ذلك لجميع ذريته إلا مَنْ نزلت به بلية التعبد فضيّع ما ثبت لهء ثم عهد الله 
تعالى على كل عبد تعبّده بعبادته بلزوم العبادة» وجعل معاهدة أبيه آدم ثابتا أنّه معاهدٌ ربه 
بالأداء» فإذا نقض ذلك لزمه العهد بالاعتقاد ثانية» وإن نقضه بمعصية انتقض عليه العهد 
بفعله تلك المعصية لله تعالى بما لا يسعه بكفر نفاق, أو بكفر شركء فإن أسلم من شركه 
أو تاب المنافق مما فعله قبل الله منهماء وجعل إيمان أبيه أيضا هو ثابت له فصار العهد 
الأول هو عهد النور, ثم القلم. ثم اللوح. ثم المثالات. ثم الطبيعة» ثم المحسوسات». 
والطبيعة الوسطىء وبينهما دقائق» ونتائج. وأتمًا هذه الأصول. ثم عهد آدم. ثم أولي 
العزم من الرسل: محمد َه ونوح, وإبراهيم» وموسىء وعيسىء ثم الأنبياء لقوله تعالى: 


فيما قدّرنا من الأقسام. والنسخة الباطنة مضاهية للحضرة الإلهية؛ فالإنسان هو الكلي على الإطلاق والحقيقة» 
إذ هو القابل لجميع الموجودات»» ينظر موسوعة الحفني. ص 655 وموسوعة العجم.ء ص104. ويلاحظ التناظر 
بين كلام الشيخ. وكلام ابن عربي. 


طوَإِذْ عَذْنَا من لين مِسَمَهُمْ ومنلك وين فح وَِزهِمَ ووب وعسى أن مر وعدا منهُم 
متا عَلِيظًا 1١#‏ وليس الميثاق غير الإلزام والتشديد والوعيد لمن خالفه. رضي المرء به 
أو كره؛ ثم عهد إلى المرء؛ ثم المرء بنفسه. وذلك معنى قوله #8: [كل مولود على الفطرة] 
أي فطرة الإيمان التى فطر عليها آدم اكلا وإِنّما يهوده أبواه» وينصره أبواه» ويمجسه أبواه 
في حكم الدنيا لا لأحكامهم الآخرة [108و] لقوله تعالى: #قلَا يِرُ وَازرَهُ وْرَ أُخر 4 
وقول النبي عه لخديجة حيث سألته عن أولادها الصغار الذين هم ماتوا وهي في الشرك: 
لو شئت أسمعتك لغفاءهم في النار» وهو ما يدل على أنَّهم لا في النار؛ لأنَّهِ من المعلوم 
أنّها لا تشاءء ولكن علمت أن النبي #ة رأى حكمة الله فيهم أن يكون كتمانهم عن آبائهم 
أفضل ليكون ذلك من الله تعزية لآبائهم بالتسلية ولقلوبهم فأجابها بجواب تفهم معانيه 
كلّه؛ وما خلق الله الخلق إلا لأجل العبادة لله وجميع الكائنات إِنّما وجدت لمحبته إلى 
ذات العبد. وصفاته بهذه الصفات التي صححت بها إدراك معرفته. فكانت هي المشار 
إليها ب (أحببت)»: ولا يصمح أن تعرف هذه الذات بهذه الصفات قانون العبادة» فأرسل 
الله الرسلء» والأنبياء» وأوحى إليهم الملائكة ليتصل سرٌ المتعبدين بعضهم ببعض جميعا 
لاتصال أرواحهم وأنفاسهم وذواتهم من اللوح المحفوظ جميعاً إلآ النبي 8 فذاته 
وروحه ونفسه متصلة بذات وروح ونفس القلم الأعلى ليكون إمام الكائنات جميعا 
متوجّهة إليه مؤتمّة به وهو غير متوجّه إلا إلى جهته الأولى» ومن بعد الرفل العلماءء 
وذلك قوله: وتصريفهاء أي هذه الصفات التي لذات العبد المتعبد يعرف بشرائع من هو 
حافظ للعهد الإيمانى الذي كان أولاً بنفس حفيظة عليهاء أي على المراد بهذه الصفات 
يحتها ف تارك إلى الل عالى بالؤلكي اق بالمطة بهد ةالصقات الاريع وعارها بنضة 
الله في إيجاد الوجودء وما أراده به. وكذلك العلماء من بعدهم. 

قوله: شوادي جمع, منشدةً شعراً كانت. أو نظماء أو نثراً من الكلام المركب من ألفاظ 
لغته المفردة لإفادة المعنى المقصود كلاما لأمر ديني يراد به أولا من يناديء وإن كان معنى 
الناشدة المغنية بالمناشد. فإِنّه هنا أراد به العموم التي هي منافع [تدرك]1*) بهذه الصفات 
الأربع» وأراد الخصوص بعدما أراد العموم بقوله: مباهاة» أي مفاخرة؛ لأن كل كلام أعظم 


(1) الأحزاب. الآية 7. 
(2) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 





سراً كان أكثر فائدةٌ؛ وكلّما كانت ألفاظه دالّة على الأمر المقصود بإيجاد جميع الوجود 
لأجله كانت هي الأفخر. يقول: وتصريف هذه الصفات الأربع التي لهذه الذات الأرفع 
إنما أريد بها لإدراك حقائق معاني ألفاظ كلام هذه التي هي على الحقيقة هي [شيء]!!)» 
شوادي: أي ألفاظ مركبة منظومة التى هي هي على الحقيقة ألفاظ مباهات أنزلت معجزة. 
ومعجزات للخلق. وهي كتب الله تعالى لرسله مثل صحف إبراهيمء وزبور داوود. 
وتوراة موسىء. وإنجيل عيسى عليهم السلام. والقرآن العظيم المنزل على النبي 2# وفي 
هذه الكتب الأمر من الله بالعمل عليهاء وبما يأتيهم الرسولء والعلماء المحقّون. لكل 
قوم كتاب نبتهم حتى يأتي نبي آخر بعده ينسخ شيئاً ممّا في الكتاب الأول فيكون العمل 
على الآخر. والعمل اليوم على ما جاء به القرآن العظيم. وروايات النبي الكريم. وَاثَارَ 
المسلمين أهل العلم والاستقامة في الدين» والعمل بهذه الأصول الثلاثة» وبما يراه العقل 
حقا من الحقء فإن قلت: كيف سمّى كتب الله تعالى شوادي. وهي جمع ناشدة ومغنية 
بالشعر؟» فأقول: استعار لمعاني ألفاظها أنّها شوادي بألفاظها بلسان حالها فهذه الأربعة 
الأصول: الكتابٌء والسنة» والأثر الصحيح. ونظر العقل من الحق مما يراه ذلك الحق 
ناطقاً بلسان الحال على تحقيق الحق. فصمٌ أن يقال بالمعنى أن معنى ذلك من الشوادي 
بنطقه المعنوي فهو لاح بهاء وفي معاني ألفاظ هذه الشوادي الفاخرة المعجزة المبهرة 
بنور الحق هوادي تنه من رقدة الجهالة. أو من رقدة الغفلة. والهوادي هي التي يهتدى 
بهاء الهوادي أعناق الخيل وما يبدو منها فاستعاره لما يبدو من نور الحق من هذه الشوادي 
المبهرة لأهل السلوك بهاء وهي مبادئ فكاهات [108ظ] لهمء ىق مطالع أنس بالله. 
وكرامات. وتوفيق» وترغيب. واستيجاش من حجب الأغيار الحاجبين عن الله؛ أو عن 
المشاهدة لله بصفاته فتضطرب العقول شوقاً إليه بعد أداء ما شرع عليهم النبي 8 بأداء ما 
كان لأزها عليه اعتفاداء :وعييلة: وتركا» زبأذاء ما كان متدونا اعتقاداء أو فعاف وتركاء ونا 
قدر عليه من الوسائل» وأخلص لله بالحق كذلك في الشريعة والحقيقة. ثم إن أراد التوجه 
إلى الله تعالى بالتصوف بطرق التجريد لصفات النفس التى هى صفات ذميمة» وتحليتها 
بالعفات الحبعة لمسياقية الناتنة وإنااقيظ التيارلة لبه بيبانا رقع الم ار 


ا 


والابتهال» وإخلاص الإرادة» و المحبة» والمشيئة» والرضاء والتوكل إلى غير ذلك. فكل 


(1)مابين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 


ذلك مما جاء بيانه بالذكر الحكيمء وروايات الأنبياء» وآثار أهل العلم المحققين» وإنها 
لغوادي رحبة؛ والغوادي السحب التي تكون صباحاً استعارها لإشراق نور الحق. أي كلها 
سحب رجاء. وبشارات أنوار» وتحقيق» ولطف. وتوفيق, فافهم ذلك. 

قال: 

0 - ونَؤْقيفُها من آخر العَهْد آخراً بنّس على عر الإباء أبيَة!) 

17 - ججواهرٌ أنباء زواهرٌ وُصْلة ظواهر أنباء قواهرٌ صَوْلة 

بقول: وتوقيفها: أي هذه الذات لما يراد بها من هذه الصفات الأربع لذاتها كل شيء 
بعينه من لازم فعلهء واعتقاده. أو مندوب. أو وسيلة» أو لازم تركه اعتقاداً أو فعلاً أو ندباء 
شريعةً أو حقيقةٌ أو مكاشفة إِنّما يكون بعلم من جاء آخر العهد كل قوم هو رسوله؛ وآخر 
الأنبياء عهداً النبي عت لكل من جاء في عصره. أو بعده إلى يوم القيامة يتجدّد لقومه عهد 
آخر لبعضهم. فأثبت لهم في كل عهد لله تعالى كان ثابتاً لهم به ويصحّ أن يكون لتجدد 
عهد آخر غير العهود الثابتة لهم من لدن يوم كان نوراً إلى أبيهم آدم لطظلا. ثم لابدّ لكل 
نفس متعبدة من ابتلاها هل تتم ما ثبت لها من العهود بفضل الله عليها أم تنقضه؟ فجاء 
بهذا العهد الآخر كل متعبد بعهد الله له بما تعبّده الله به فما جاء به نبيه ليعرف نفسه أنه 
أتمّ ما ثبت الله تعالى له أم ينقضه كل نبي جاء إلى قومه. والنبي محمد في إلى كافة مَنْ 
في الأرض من المتعبدين جاء إلى قومه ظاهراً بنفس قوية» رؤوف بالمؤمنين» غليظ على 
المشركين والمنافقينء أبتَّة على المقام» والسكوت عنهم, وتركهم في امتناعهم على عر 
الآباء أي على امتناع الآباء في الشرك حتى يبذل نفسه لقوة حبه لله ربّه بالحرب لقتالهم 
وبالطعن والضرب حتى تكون كلمة الله هي العلياء وكلمة الذين كفروا السفلىء ويظهر 
دين الحق على الدين كله. ١‏ 

والإشارة إلى النبي 8. وكل مَن سلك مسلكه في أداء الطاعة لله من المتعبدين 
جميعاً من كان قبله. ومن جاء بعده فهو إمام الطائعين» وقدوة العابدين؛ وأول العارفين 
بالله ربٌ العالمين» ولقد خصّه الله بجوامع الكلم. فكان أعظم الكلام كلام الله وأعظم 


(1) في الديوان: [موثق] بدل [آخر]. 


كلام الله القرآن. وأعظم كلام الناس كلام الأنبياء وأعظم كلام الأنبياء كلام النبي كيك 
ثم العلماء المحقين» وهذا هو الكلام الذي أشار إليه بقوله: جواهر أنباءء أي أخبار عن 
الشريعة» والحقيقة» والطريقة» والمكاشفة. والجواهر مأخوذ من الجهر بالقول» استعار 
ذلك لظهور أنوارهاء والجواهر جمع الجوهر الحامل للعَرّضء واستعاره لما حملته 
من المعاني والدلائل» والأنوار. والجواهر: الجوهر المعروف. العزيزء الغالي الثمن» 
المتلألئ بالأنوار. استعاره لصفاء نور الحق في تلك الألفاظ والمعاني والأنواره وعرّتها 
مع أهلهاء وما يبلغون به من المآرب. استعاره لعزة هذا العلم» وشرفه وأنواره [109و]» 
وما يبلغون به» حتى إِنْهِم ينظرون به الوجود علماً نورانياً كالجوهر الصافيء وأصفى 
من ذلك. وبهاء وفيها للذات الإنسانية زواهر وصلة؛ فالزواهر: النجوم التي يُهتدى بها 
إلى وصول المقصود. فأشار بالجواهر إلى علم الحقيقة» وبالزواهر إلى علم الطريقة» 
أي السلوك بالحقيقة قد تحققوها وتلقوها بالقبول» والسلوك بها إلى الله بقوة العزيمة 
والحماية» والغيرة عليهاء والغضب لله على ما لم يذعن إليها. ظواهر أنباء» أي أعوان أنباء 
للنصر على إظهارها في الأرض #أرِجَالٌ صَدَقُوا مَاعَهَدُوأ أله عله نهم من فَضَى ححَبَهُد وهم 
ينظ وَمَابَدوَْيَا !1» قواهر صولة؛ أي قواهر طولة؛ وقوة وشدّة» وغيرة عظيمة» لا 
يخافون جميع مَن في الأرضء ولا يخافون إلآ من لم يزل ذواتهم حاضرة معه. لا ينظرون 
إلا هوء وهو الله تعالى» فلا يبالون بحرب ولا بقتال ولا ضرب. 
قال: 


2 - وتعريفها من قاصد الحَرْم ظاهراً ددا سين بالوأجود سخيّة 


ل 


53 - مثاني مناجاة معاني نباهة مغاني محاجاة مباني قضيّة 


يقول: وتعريفها: أي الذات بصفاتها الأربع في ترقيها إلى الحضرات الإلهية صفات 
سلوك. صفات من هو أفضل وأجل وأحزم قاصد غاية الحزم؛ ونهاية الكمال الإنساني 
والكوني كله قد كشف طرق الشريعة والحقيقة والطريقة» وسافر ببدنه بأكمل العبادة 
لله ظاهراً هداية لأهل الظواهر, وله سجية نفس: أي خلق وطبع نفس ثاتبة عليه لا يزول 
عنهاء سخيّة ببذل الموجود براية نفسه. بالمحبة سفرها الظاهر بالنظر إلى حقائق عين باطن 


(1) الأحزاب» الآية 23. 


الوجود إلى الحضرات الظاهرية» وهي التي لا يرى المرء إلى شيء من الوجود إلا ويرى 
تجلي الله تعالى فيه بصفاته» وترقي ذات المرء بصفاتها الأربع إلى هذه الحضرات هو 
تعريفها مثاني مناجاتء ولقوله هذا وجوه: الأول: مثاني مناجاة النبي كي يوم كان نوراً في 
أول الإيجاد. وثناها في ظهوره إلى عالم الملك, والوجه الثاني: المثاني بمعنى المعاودة 
والتكرار لقوله تعالى: #سبعا من اَلْمَتَان 17# أنها آيات الفاتحة» سمّيت كذلكء. لأنها تثنّى 
فى كلّ صلاة» بل فى كل ركعةء فيكون المراد بمثانى المناجات هى الذكر فى الصلوات» 
والأدعية المكهرزة لسغل في التكرار عادة كأدعة في الحجّ» والقيار: لغير النبي 28 
وصاحبيه أبي بكرء وعمر ذدَْدَء والدعاء خلف الصلواتء والاستغفار» وكثرة الإلحاح في 
السؤال» والتضرع. والابتهال, والتبتل إلى الله ذي العظمة والجلالء والتهليل والتكبير» 
والتسبيح والتحميد. والصلاة على النبي ف وتكرار الحوقلة» وتلاوة القرآن. والتفكر 
فيه؛ والعمل به. وما أشبه هذا. 

الوجه الثالث: مثاني المناجات الذكر لله تعالى والمراد بالذكر معناه. ومن معانيه 
تعليم علم الشريعة والحقيقة والطريقة» والمكاشفة للعمل بهما لله تعالى. والوجه الرابع: 
التوبة من كل ذنبء والعمل بالدين الحق في كل شيء» وقوة المراقبة» والعزيمة» والتوكلء 
وحسن التفويض. والتقوى. واليقين» والخوفء. والرجاءء وإكمال الإسلام. والإيمانء 
والإحسان. والصبرء والشكرء والرضا. والوجه الخامس: مثاني المناجات من معنى ذكر 
التصوف بوسائل الحقيقة بتجريد النفس من جميع صفاتها الذميمة حتى تصفوء وتحليتها 
بكمالات الأخلاق الإسلامية» والإيمانية» والإحسانية. والوجه السادس: السلوك إلى 
الله تعالى بالإخلاص في كل شيء لأداء حق الربوبية من عبودية العبد المتعبد» والسراية 
إليه بعد ذلك. وفي ذلك براية المحبة مع تلاوة الاسم الخماسي المخصوص لكشف 
الحقائق. ولكشف [109ظ] أبوابها لمن أراد الدخول فى أبوابهاء وانفتاحها على قلبه 
فيفنى حبه. وإرادته. ومشيئته فى محبة الله. ومشيئته» وإدادتهة فلا يحبّء ولا يشاء إلآ 
عقاف بيولا رويك لما مريلة ريسع وو غالب ار ننه الى لكر رلى جفال لعافت الله 
وكرمه. وإحسانه. وقدرته. ورضاهء وسخطه. وغضبه. وأمثال هذا. 


(1) الحجن الآية 87. 





والوجه السابع: الترقي في الحضور والمشاهدات,. والمكاشفات في الحضرات» 
وكل له مرتبة ودرجة لا يتعدّاهاء وأوقات الخلوات بذكر الله جل وعلاء وأعلاها درجة 
النبي غ. ومع ذلك فالمرء» وإن بلغ عقله ما بلغه فإنَ ذلك لا يدوم, ولكنّه لا يغيب أبداً 
لقوة حبّه. ورغبته لله تعالى» وليس ما قالوه في السكر أنه يدوم في غير الخلوات. وعند 
المناجات؛ لأنه لابدّ له من القيام بالشريعة الظاهرة. والاجتهاد في تعليمهاء وعلم الحقيقة» 
والطريقة في المكاشفة» ولذلك أشار الناظم إلى ذلكء والوجه الثامن: أراد بمثاني المناجاة 
التي معناه بها الذكرء وأراد من الذكر معناه هو القيام بجميع أركان الشريعة أدياناً وأحكاماء 
والحقيقة» والمكاشفة» وأنواع العبادة كلها أجملها في هذه الكلمة؛ لأنّها تدل على جميع 
ذلك؛ كما قال؛ لأنها معاني نباهة يحتمل مراده أن هذه المثاني المناجات التي ذكرناها 
كلها هى معانى نباهة» أي منبهة لذات المرء مهما لاخظتها بعينهاء وشمّرت إلى العمل 
بها فإنّها 58 أي توقظه من رقدة الجهل بالتوبة النصوحء أو تنبّهه من غفلة التقاعد. 
وحجب الأغيارء والإقبال إلى الحجب المانعة عن القصد المقصود في الإيجابء أو عن 
القصد المرغوب إليه بالاستحباب, ويحتمل أَنّهِ انتقل إلى المكونات أنَّ حقائقها معاني 
نباهة» أي منبهة إلى العلم» والعملء وإلى الترقي. وإلى السفر منها عنها إلى مكوّنهاء 
وهو سفر النفس من ظواهر الأغيار إلى بواطنها لقوله: مغاني -بالغين المعجمة- وأما 
الأولى فهي - بالعين المهملة- وهي جمع مغنية تأنيث مغني. وأراد هنا بمعنى اكتساب 
فوائد. والمحاجات الافتقار. والمفتقر يقول وهي مغان, أي اكتساب فوائد محاجات, أي 
افتقار. وتذلل. وخضوع. وخوف. وهيبة؛ وسكينة» ووقاره وابتهال. وقلة رضا عن النفس» 
واستغفار. وتأدب». وانكسار بإقبال» وذل في حضرة ملك عظيم جبار» ونظرا لاحتياج 
الأغيار إلى [الله]!' الواحد القهار. وإذا كانت هي بنفسها محتاجة إلى الله. فالإقبال 
على المحتاج لا فائدة فيه فأقبل على مَنْ أقبلت عليه العزيز القهار فقد أخبرتك بضعفها 
وإقبالها واحتياجهاء وأغنتك عنها حين نادتك لشِدّة فقرهاء وأغنيت عنها بنظر عقلك إليها 
فطرحتهاء وبلغت من المراتب على قدر طرحك لهاء وبقدر ذلك اتصلت صفاتك الأربع 
بصفاتهاء وفارقت الأكوان بقدر ما اتصلت بصفات ذلك الأربع. وقوله: مباني قضية: 
القضية الجبرء والحكم. وأراد المعنى. أي قواعد أحكام محكمة أحكم ترتيبها أحكم 


(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 


الحاكمين» وأخبار» أي وعلوم؛ وحكم. وآيات مفصلات, وأشار بذلك إلى اتحاد ذات 
الإنسان» وجميع المتعبدين» وإلى اتحاد جميع الموجوداتء وإلى هذه الأربع الصفات 
التي لهذه الذات العظيمة في الخالص لله تعالى» وإلى ما أريد بها ومنهاء وإلى الدين 
المحكم وما أنزل فيه. وفي العلوم من الكتب الإلهية» والروايات النبوية» وآثار العلماء 
المحقين» وما فيها من أنوار العلوم. ومعاني حقائق الوجود. وإلى صفات الله تعالى. 
وإلى علم المآل والدلالة» فهي كلمة مشيرة إلى كل شيء مفيد» وأن ذلك كله معان 
مبنية لمعان» وكلها المقصود بها اتصال هذه الصفات الأربع لهذه الذات الأرفع لتكون 
هي حقيقة الكون. ولكن ذات المؤمن المخلص لله تعالى فذات الله عالمة بكل شيء 
في الكون. متصرّف بتدبيره وعلمه وقدرته؛ وذات كون المؤمن العارف [110و] المخقق 
المكاشف. متصرف فيه بعلمه وقدرته على إدراك ما تجلى فيه من العلم به. مع أن كون 
هيكله هو كون لا يخالف ذاته. ولا يكون فيه شيء ولا منه إلا بإذنها وحولهاء وقدرتها التي 
جعل الله لهاء والكوة يج ذللك هوف عامهة و مدرو على إذراك الع الدى بهو اهرون 
مظاهره جل وعلاء فافهم. 

واعلم أنَّ كلّ مَن كان قلبه إلى الله تعالى رغب وشاهد جلاله وكماله؛ وجماله. 
وحضراته. وفني عن الأغيار بمشاهدة صفات الملك الجبار كان لدين الله أغيّره وعليه 
أحرصء وعلى من خالفه أعدىء ولجهاده إن لزمه أو جاز له. ووجد سبيلاً إليه أحرى؛ 
لذن أبذلالشيوهواعمةه إلنه أن لا ينوت الأعلى فهر اعت إلى اللاعنال ولا كان 
بذل النفس لله في موضع لزومه؛ أو موضع جوازه هو أحبّ شيء إلى الله تعالى» ولذلك 
حكى الشيخ الناظم عن مقال لسان المقام المحمديء قال: 

290 وتسوها و ادل السز دوالك "زان التسن اتير يد 

5 - تجائبٌ آيات غرائبُ يُْقةٍ رغائبٌ غايات كتائبٌ تَجدة 

يقول: وتشريف هذه الصفات الأربع التي ذكرناها لهذه الذات الأرفع إِنَّما تكون في 
سلوكها إلى مقامات الحضرات الإلهية هو بها نطق به المقام المحمدي عن صفات من هو 
صادق العزم باطنا بالسفر من النفس وبالنفس إلى حضرات الظاهرية» والسفر من الروح 


(1) في الديوان: [وتشريفها] بدل [وتشريفنا]. 


[وبالروح]!'' إلى حضرات الأسماء الصفاتية» وإلى حضرات الجمع بالنفس» والروح 
بفنائهما بالصفات» والأسماء الفعلية» وإلى جمع الجمع بالصحو بعد المحوء ثم السفر 
الرابع المختص بالمقام المحمدي إلى أحدية الجمع. وأحدية جمع الجمع» وهو الصحو 
بعد المحو. فإن قلت: ما معنى سفر النفسء وسفر الروح.؛ والجمع؛ والمحو. والصحو. 
وأحدية الجمع؛ وأحدية جمع الجمع؟ فأقول: كل هذه اصطلاحات. فإِن مع أهل الحقيقة 
الروح» والنفسء. والقلب. والعقل بمعنى واحدء وعند أهل المكاشفة كذلك» ولكن في 
اصطلاحهه'" أن الروح هي العين البصيرية من العقل» وهي الممدودة من عالم الأرواح 
من اللوح المحفوظ؛ ولم يكن بينهماء وبينه حائل فهي بمنزلة : نبي يدعو إلى الله تعالى. 
ولا يغلط أبداًء فما عرفته دعت به؛ وما أنكرته أمرت بالتوقف عنه فيما يجب فيه التوقف, 
والنفس العين الغريزية» وهي المنّصلة بالنفس الكلية اللوحية المتجلية على عالم المثال» 
وهو كتاب اللوح المحفوظ. وعالم الخيالات» وهي بمنزلة الملك. والنفس أيضاء والعين 
المدبرة بمنزلة الساحرة خدينة الشيطان قد تعلمت منه السحر بالتخييل» وهي النفس 
المتجلية في المثاللات والمحسوسات». والكل شيء واحد. عقل وذاته متصلة بذات 
المثالات. فهي مركبة في قالب القلب الجسماني جميعاء وكل جهة منها مقبلة إلى عالمهاء 
وأعلاها النفس فإذا شمّر المرء إلى تصفيتهاء وإلى التفكر بها في عالم المحسوسات من 
أفعال الله وصفاته سمّوه سفر النفس؛ لأنها هي المتصلة بعالم المحسوسات,. كذلك 
الغريزية إلى عالم المثالات مهما فكرت في أفعال الله وصفاته. وأمًا الروح فإذا فكرث 
في صفات الله وعظمته. وجلاله. وقدرته من غير أن تنظر الموجدات سمّي سفر الروح. 
فإذا اجتمع في نفسه. وروحه مهما نظر إلى الموجدات فني عقله بالنظر إلى الأسماء. 
والصفات فقد وصل مرتبة الجمع بشرط أن يتجلى له جميع الأسماء والصفات في حال 
واحدء فإذا اندهش سمّي فانياء وإذا تمكن سمّي صاحياء وكل هذا لا يدوم للمرء» وما 
دام تتجلى له صفة صفة؛ أو اسماً اسماً لا الأسماء والصفات كلها فهو مقيد بتجلي تلك 
الصفة» أو تلك الصفاتء وأمًا أحدية الجمع فهو أن ينظر الوجود كله علما واحدا نورا 
(1) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
ماس اا قي و اج لم ل لك ا ل 


شيئا واحداء فهنا كما ورد هناك يراد بالنفس «(العين المدبرة) بينما يراد بالروح (العين البصيرية) وهما أمران 
مختلفان. وإن اختلطا في التسمية في بعض الأحيان. وينظر ما سبق ففيه تفصيل. 


عظيماء وليس هو مثل هذا النور الشمسي كما كان الوجود قبل كونه إلا علماً لا وجود 
[110ظ] معه. ويرى الوجود غير حاجب له عن اتصال العلم بعدما صار الوجود كله 
في ذاته واحدأ علما نورانيا برزخياً كما كان في أول الإيجاد. وهذه مرتبة النبي هه ما دام 
يدهش في ترقيه فيهاء فهو في أحدية الجمع: فإذا تمكن؛ وصحا فهو في مرتبة أحدية جمع 
الجمع؛ وكل هذا يكون إذا خلا بمناجات ربه. ولا بدٌ له من رجوع مع بقاء الحضور إلى 
إقامة الدين» وإجراء الأحكام. وتبليغ الدعوة» وجهاد المشركين, والمنافقين الباغين إلى 
غير ذلك فهو في المثال من رأى قصرا مشيدا عجيباء ودخله وصوّره في نفسه فلم يزل 
مثاله في عقله حاضراً لا يزول ولو عمل ما عمل وهو يحضر مع الناس» وكذلك من نظر 
إلى جمال امرأة قد شغفته فلم يزل يرى بعقله صورتهاء ولم يقدر على إزالته لقوة حتّه 
لتلك الصورة؛ ولهذا المعنى التمثيل في حضور القلب مع مّن أحب بغير تصوير» ولو 
ظهرت منه للناس أعمال ظاهرة فإنّ ذلك ممكنء وإذا أراد الله بعبد أن يكاشفه بحته فغير 
مكو لا يكز إلا من فقن تخلؤوة لذة المتاجات ومن وحدها عقن أن ذلك عه نادتها. 
وقيل عن النبي # يحكي عن الله أن أدنى ما أفعل بالعلماء إذا أقبلوا على الدنياء وأعرضوا 
عن الآخرة أنَّ أنزع حلاوة الإيمان من قلوبهم؛ ولذة مناجاتي» وليس ذلك مما يغفله عن 
الاجتهاد في الشريعة وتعليمهاء وبذل النفس في قيام الدين» وأمور المسلمين» بل كلما 
كان المرء أحبٌ إلى الله تعالى كان أقوى عزما في كل أمر لله وكفى بذلك شاهداً حال 
النبي كأ وحالتا أبي بكر الصديق. وعمر بن الخطاب ##د. وأصحاب رسول اللهقتة وقد 
وعمّار بن ياسرء ومَّنْ سار على مذهبه إلى يوم القيامة. 

ولذلك قال: قواهر صولة» وقوله: نجائب آيات» وغرائب نزهة؛ ورغائب غايات» 
وكتائب نجدة» أراد بذلك معنيين: أحدهما أنَّه وصف الواصلين بهذه الصفات أَنَّهم 
نجائبء أي نجباء آيات» أي بلغوا مبالغ حتى صاروا بها آيات في العالمين» وغرائب: أي 
غرباء نزهة» أي في مبالغة نزاهتهم عن صفات من هو دونهم» ورغائب: أي رغباء قد بلغوا 
في الرغبة غاياتها. وكتائب: أي رايات نصرة لدين الله فجمع وصفهم في الحضرات. 
وفي ظهورهم بصفات الظاهرء وهذه إشارات إلى النبي 2# وأصحابه ومن تمسك بدينه 
من بعده لنصر دين الله» ونصر المسلمينء وكذلك الأنبياء ومّن اتبع أمرهم في نصرة دين 
الله تعالى. والمعنى الثاني أراد بالنجائب جمع كل حالة ينجب بها المرء» وهي تأتي على 


جميع العبادة لنجاة الآخرة. والوصول إلى حضرات القرب من الله تعالى» وأراد هنا بعد 
عموم الكل حضرات الأسماء الإلهية فهي نجائب آيات. أي خارقة للعادة» وأراد بخرقها 
العادة» أي وصولهم الدرجات التي هي كالمعجزات في الوصول إليها. وغرائب نزهة: أي 
غرائب تسبيح وتهليل» وتكبير وحمد. وذكر وشكر غريب مخالف للمفهوم؛ لأنَّ التنزيه 
المفهوم» والتسبيح» والحمدء والتهليلء والتكبير هو المعروف مع الناس بلفظه المشهور 
معهم مع حضور القلب لمعناه» وهو سبحان الله. والحمد لله ولا إله إلا الله. والله أكبر» 
ولله الحمد. وكذلك جميع الأذكار» وهذا بالمكاشفة والمشاهدة» وخرق جميع الوجود. 
ومشاهدة التسبيح نفسه. والحمد نفسه. وكذلك التهليل والتكبير كشفا بلا حجاب من 
حجب الغفلة. ولا من حجب قلة المحبة» ولا من حجب قلة العلم بالمعنى المقصود 
بما في الوجود. ولا من حجب الأغيار» وكلها يراها رغائب غايات. وهي الحضرات, أي 
قوية الترغيب إلى الترقيء بل هي أبلغ غاية في الترغيب لما يشاهد من الجمال المطلق. 
والكمال المحقق الذي هو المحبوب على الحقيقة» وكيف لا يكون المحبوب المطلق 
جمال صفاته الله تعالى [111و]. وجمال ما أ حبّه الله تعالى» وجمال ما أحيّه الله تعالى 
مق العلم الذي أوبحده لحك شب إلهة اونا غخلق لذ ماق النان إلا عمال الغلع ننس 
نعيم الجنان» ولذته بلذة نعيم جمال العلم؛ ثم لا تقسه به بعد ذلك؛ لأنَّ مشاهدة جمال 
صفات الله تعالى لا يجوز أن تمثل بنعيم الآخرة إلا من حيث دوام رؤية الله تعالى بصفاته 
فيهاء لا رؤية ذاته التي لا يجوز القول بهاء وقلّة دوامها في الدنياء ولكن من لم يصل أنكر 
ما لم يعرفه. ولم ينظر إلى غيره في العلم أن منهم لم يبلغ مبلغه. فليته يجوز له أن ينكر 
عليه صحة ما عرفه دونه» وينكر هو علم من كان فوقه. كذلك هذاء ولينظر إلى نفسه في 
مناجات الله تعالى فإن لم يجد لها لذّة عظيمة فهو محروم. وإن كان يجد لها فغيره لا يجد 
لهاء ولا يناجي ربه أصلاً فكما هو ترقّى عليه بتلك اللذة أفلا يمكن أن يكون غيره أعلى 
هده ؟ و أد ين علمه بمقدار وجد بما لا يجاوزه أحد. وبمقدار وجد ما يعطيه المرء مولاه من 

ذلك. وقوله: وكتائب نجدة؛ فالكتائب رايات الجيوشء والنجدة الغلبة» والنصرة» أي 
الحضرات الإلهية استعار لها كتائب نجدة؛ أي وهي حضرات الجمع؛ وغلبتها المشاهدين 
إليها بقوة الجذب لعقولهم. وأسرها لأرواحهم بمشاهدة جمالها وجلالها وكمالهاء فلا 
شك أن لها النصر عليهم؛ ولاسيما إلى ذلك منها يكون بقوة حبّهم لهاء والرغبة إلى 


5210 


وصالها فجمع في بيته صفات الواصلين»؛ وصفات الموصول إليه» وصفات التي بها 
وصلواء فلولا إرادتنا الإيجاز لكان كل بيت من منظومته يحتاج في تأويله إلى كتاب 
متصوف. وإذا كنت ذا فهم تبين لك صحة قولنا بما نفتحه لك من البيان القليل» انظر لو 
بسطنا الإيضاح فإلى أين ينتهي؟! 

بيان في الأسلوب الثالث: 

قال: 

6 - ولِلّبس منها بالتعلّق في مقم ال إسلام من أحكامه الحكميّةا" 

7 - عقائقٌ أحكام دقائقٌ حكمة عَفَائةٌ إحكام رقائقٌ بّشطة 

يقول: ولأبس منها: أراد ب (منها) من هذه الصفات الأربع لهذه الذات» وأراد باللّبس 
هو كل ما ظهر في الوجود بصورته الجسدانية» ومراده هنا هيكل المتعبد الذي هو ليس 
للذات: يقول: وما جعل لمظاهر صفات هذه الظاهرة منها من هيكلها بالتعلّق بهاء وعليها 
في مقم- بلا ألف بين القاف والميم-. لا سلام -بفتح اللام بلا ألف قبل اللام» ويخفض 
الألف التي بعد اللام كذلك في القراءة» والكتابة- وأراد بذلك في مقام الإسلامء وإِنّما 
ذف الألفان» وفتحت اللام في الكتابة» والقراءة-. ضرورة لإقامة النظم والوزن» من 
أحكامه: أي أحكام الإسلام الحكمية جمع حكمة» وكيف لا يكون حكمة, وقد أحكم 
نظامه أحكم الحاكمين. وما كونت الأكوان وأحكمت إلا لحكمة الإسلام والإيمان 
والإحسان. فهي أجل من حكمة الموجدات لأنّها وجدت لأجلهاء وأنها لا شك أنها 
عقائق أحكام -بفتح الألف في أحكام-. والعقائق جمع عقيق وهو الجواهر المعدنية 
الصافية الغالية. وأراد الاستعارة به لوجوه: أحدهما أنه جواهر مسموع به. ومنطوق 
بذكره؛ مبصور بالأعين» ملموس بالأيدي. والثاني: أنها عزيزة في قلوب الناس. محبوبة 
على حبه. ْ ْ 

والثالث: أنه جوهر صاف”) معدني يقبل الناس ويبذلون أموالهم الجزيلة في شرائه 
الرابع: فيه خواص عظيمة فاستعاره للأحكام الظاهرة المسموعة. المقربة» المبصورة» 
(1) في الديوان: [مقام] بدل [مقم]. 
(2) في الأصل و[س]: [صافي]؛ وما أثبتناه الصواب. 


52041 


المنسوخة. ودقائق حكمة: إشارة إلى ما هو أغمض. والحقائق إشارة إلى ما لا يرى» بل 
هو إلى ما فيها من نور الحق. رقائق بسطة: هو ما كان ألطف من العلوم التي تدقٌ إلا على 
العلماء الكبار. وذكر أربعة أشياء لوجوه: الأول أن الأحكام متعلقة بالأربعة المظاهر التي 
هي الأذن للسمعء والعين للبصرء واللسان [111ظ] للنطقء, والجارحة كاليد والرجل 
للفعل» كل شيء من هذه يتعلق عليها حكم ما يخصّهاء والكل راجع إلى الذات من 
أحكام الإسلام. والوجه الثاني: أن أصول أحكام الإسلام الذي هو العبادة الظاهرة أربعة: 
الكتاب, واليدء والإشارة. العقائق. والسنة التي هي حقيقتها تأويل معاني باطن الكتاب» 
وهي الدقائقء والآثار الصحيحة التي هي تأويل السنة. وهي الحقائق. 


والثالث: النظر الصحيح الحق من العقل النوراني» وهي الرقائق للطف نظر العقل فيهاء 
ولبسطه بالانشراح إلى ما عقله العقل» وأقر به من نوره. الوجه الثالث: إِنَ العلم على أربعة 
أقسام: كشفيء وهو العلم بالله وبالمال» وبالدلالة. وإليه الإشارة بالعقائق لظهوره. وقيام 
حجته بالعقل مهما خطرت على قلب المتعيّد وفهم الحق لم يسعه الشك فيه. 

والرقائق الجلىٌ من علم الحقيقة» والحقائق: العبادات الظاهرة من علم الشريعة. 
والدقائق: الأحكام من علم الشريعة. والوجه الرابع: العقائق لظهورها ما هو حق لازم 
على المرء ديئا عملا وتركا؛ لأنها تكون من المرء من علامات تحقيق الرغبة والزهد 
والورع. والرقائق: الوسائل والمباحات. والعقائق» ما جاز فيه الرأي» فتلك أربعة أقسام. 
والوجه الخامس العمائق: ظاهر الكتاب والسنة والإجماع. 

والرقائق فهم معانيها وتأويلهاء والحقائق إحكام العمل بهاء والرقائق استنباط العلوم 
الغامضة منها. والوجه السادس: أنْ العقائق أداء الطاعة بالتصديق. والدقائق أداؤها بالعلمى 
والرقائق أداؤه بإحكام الكمال فيه» والرقائق بحسن المراقبة» والحضور فيه) وحضور 
الهيبة من الله تعالى» وغير ذلك من الحضرات القريبة إلى الفكر. والوجه السابع: العقائق 
شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ ولقيام الحجة بذلك من العقلء والدقائق شهادة 
أنْ محمداً رسول الله استعار لذلك اسم الدقائق لكثرة دقائق معاني ما أورده من الآيات 
والمعجزات والروايات» لقوله: أعطيت مجامع الكل" والحقائق. وَأن ما جاء به عن 


(1) ينظر صحيح البخاري. الحديث 2977. وصحيح مسلم. الحديث 0523 وفيهما: بعثت بجوامع الكلمء وأعطيت 


الله وهو إشارة إلى القرآن العظيم أولآء وإلى كلّ ما جاء به عن الله مجملاً. 

والدقائق العمل بجميع ما جاء به مما لزم المرء عمله على ما يلزمه دينونة» أو استحباباًء 
أو غير ذلك» وليس المراد بإتيان هذه الوجوه تحترا فى التى أرادها فيهاء بل بمعنى أنّه مشير 
إآن حمعهاء وال عن ذلك معام جك اوعدا عو نان تادك ره آرلا فى قولة: شيوادية 
وهواديء مبادي. غوادي. أوضحها هناء فافهم ذلك. 

قال: 

58 - وللحسٌ منها بالتخلق في مقمالد إيمان عن أعلامه العمليّةَا'' 

59 - صَوامِعٌ أذكار لوامعٌ فكرة جَوامعٌ آثار قوامعٌ ‏ عرّة 

يقول: ذلك الذي ذكرناه لمظاهر هذه الصفات الأربع من الجسد. وللحسٌ: والحس 
إدراك المحسوسات بهذه الآلات الظاهرة» وأراد وما جعل للنفس منهاء أي من تكميل 
صفاتها الأربع بالتحقيق في مقم- بلا ألف بين القاف والميم الآخر-» ولإيمان -بفتح 
اللام بلا ألف قبله. وبخفض الألف التي بعد اللام-. وأراد في مقام الإيمان وإنما 
حذف الألفين» وفتح اللام في الكتابة» والقراءة ضرورة جائزة لإقامة وزنه عن إعلامه 
في الأعمال العملية الباطنة» وهي صوامع أذكار. استعار للنفس بصوامع» وهي 
مواضع لا تتخذ إلا للعبادة أي عبادة ذكر قلبي؛ ومراده إيمان النفس بالله. وملائكته» 
وكتبه» وأنبيائه» ورسله. واليوم الآخرء والحساب» وكل عمل قلبي يلزم اعتقاده. قوله: 
لوامع فكرة: أي1121و] ظهور فكرة. وأراد بذلك قوة المراقبة بكثرة الفكر والحضور 
ورؤية الحق. جوامع آثار: أي قوة تحقيق بما معه من الحق من تأويل الكتاب. وصحيح 
السنة» والإجماع الحق, والآراء الصحيحة» وصحة رؤية العقل في الحق الذي هو الحقٌ 
الصحيح.ء وفيه إشارة إلى اتباع المذهب الحق. وهو التمسك بما جاء عن النبي 2 
والصحابة» والمرتضينء والعلماء المحقين قوامع العزة. 

اعلم أنَّ هذا الناظم قد توغل في علم اللغة» والمعاني؛ والبيان» والمنطق. والفلسفة» 
والبديع» والعروضء والقوافي. والنحوء وكفى بسبك نظمه. وجناسه دليلاً على ما قلناه 


جوامع الكلم. وينظر إحياء الدين للغزالي. 2/ 367. 
(1) في الديوان: [بالتحقّق] بدل [التخلق]. و[مقام] بدل [مقم]. 


ولو قيل لا كلام في النظم بعد كلام الله تعالى إل نظم هذا الناظم في هذه المنظومة لكان 
قرلا جقاء وض + شبّهه بنظم شعري بشعر أحد في القوة والبلاغة فقد بعد عن الصواب. 
ودل على ضعف عقله. وركاكة فهمه. أمَا أنه منذ قيل في الشعر إلى يومنا هذا أن يكون 
أحد يساوي مرتبته. ويشبهه فهو خطأ في المعرفة والفهم والعلم على كل حالء ا 
في دينه فلا يضره ما لم يتعدًا!' بذلك إلى ما لا يسعه» فقوله: قوامع. فهو يأتي بجوامع 
من الكلم التي معانيها مثل البحر الزاخر الذي لا يعرف أطرافاً ولا قعرا فيحتمل له 
وجوهاً: أحدها: قوامع عرّة الحضور والخشوع والطمع فيها عند الله. والخوف من 
سخطه وعذابه. والرجاء لرضاه وثوابه» والابتهال في السؤال. والافتقارء والتوبة» والندم. 
والحياء. والانكسارء والسكينة» والوقارء وما أشبه هذا كله فإنّها قوامع تقمع الرعونة. 
والصعوبة» والبطورة. والحمقء والشره. والغضبء. والحسد. والرياء» والنفاق» وطلب 
الجاه الخيالي» والحبّ في غير الله. والعشق في غير مايحبّه الله لازم كان أو على 
الندب. أو الاستحباب فهي قوامع عرَّة لمن قمعتهم عن أخلاقهم الذميمة» وحلتهم 
بالأخلاق العدل السليمة» والوجه الثاني: قوامع عزَّة يقمع بها أهل الشرك» والنفاق لقوة 
إيمانهم. وهذا هو تفسير قوله: مثاني» ومعاني» ومغاني» ومباني. 

بيان في معنى الإسلام والويما 

واعلم أنَّ الناس اختلفوا في معنى الإسلام, والإيمان. فقال قومنا: إن الإسلام هو 
شهادة الجملة التي هي (أشهد أن لا إله إلا الله؛ وأن محمداً رسول الله ), وأنّ ما جاء به 
محمد عن الله هو الحقّ من الله. وقال بعضهم: وكذلك جميع الأعمال الظاهرة بالأبدان 
الظاهرة المتعبّد المرء بها كالصلاة» والصوم., والزكاة لاحقة بهم؛ وأعمال الحجّ. وغير 
ذلك. والإيمان هو كل عمل قلبي باطن كاعتقاد التوحيد لله؛ واعتقاد المآل» والدلالة. 


(1) في الأصل و[س]: [يتعدًا]. 

(2)فى الأصل و[س]: [أطراف ولا قعر]ء وما أثبتناه الصواب. 

(3) لعله يريد ب[قومنا] مَنْ هم على مذهب الإباضية عموماً؛ لأنّه سيفرق تفريقاً دقيقا بين عموم الإياضية؛ والسلوكيين 
منهم خاصة وذلك بإطلاقه لفظ [أصحابنا] على السلوكيين الذين يقدمون معنى دقيقا للإسلام والإيمان ريما بدا 
فيه شيء من الغرابة لعموم الإباضية كما سنرى» وينظر كتاب (الإخلاص) للشيخ ناصر. ص 442 وما بعدها ففيه 
تفصيل عن هذا الموضوع. 


والعزاة:بالماك هو كنات و الثوات والعتاية زالد لكلة على أن المتكلوقاك الست 
والحياة وأمثالها إِنْما ددا الل تعالى» وأنْ هذا كله خلقه كالسمواتء. والأرضء وما 
فيهما وما بينهماء وما أشبه هذا من الدلالات الجلية» والإيمان بالكتبء. والملائكة. 
والأنبياء. والرسلء وولاية أولياء الله. والبراءة من أعدائه. وإنكار المنكر بالقلوب إلى غير 
ذلك بما هو عمل قلبي. وقال أصحابنا''': إِنَّ معنى الإسلام والإيمان في الباطن واحد 
وفي الظاهر كذلك. وإِنَّ من كان غير مؤمن في الباطن» وهو مسلم في الظاهر» فهو مؤمن 
لأحكام الظواهر من قبل النجاسة» وحرمة ماله ودمه. ما لم يصر باغياء وتحليل ذبائحه 
وأكل طعامه بإذنه» ومناكحته. وأمّا من هو في حكم الحقيقة إذا مات. أو في حكم الولاية 
والبراءة فهو غير مسلم. ولا مؤمن ما دام على كفره ونفاقه. وكذلك من ضبّع إسلامه فقد 
ضيّع إيمانه. والصحيح من القول إِنَّ الإسلام ظاهر صدّق الإيمان الباطن فهو العمل 
بالظواهر اللازمة؛ ومن ضيّع إسلامه ضيّع صدق إيمانه» وصار غير مؤمن حقاء وأنَّ 
الإيمان باطن تحقيق صدق ظاهر الإسلام» فمن ضيّع تصديقه إسلامه[112ظ] الظاهر 
بباطن إيمانه الباطن فقد أبطله» وصار الإسلام ظاهر الإيمان. والإيمان باطن الإسلام» 
وحتى إذا بطل أحدهما بطل الآخر؛ لأنّه لا يتم إيمان القلب مع تضييع الأعمال الفرضية 
الدينية التي مَن تركها على ما لا يسعه كفرء ولا تصمّ الأعمال الظاهرة الإسلامية مع كفر 
القلب» وقوله تعالى: لالت الَْرَابُ امنا قل لم موْصِسُوا ولك ولو لما ولْمَايدَخْلٍ لايم فى 
لويم 214 لا يدل على صحة هذا وثبوته مع كفرهم بهذاء وإِنّما هذا يدل على أَنّهم دخلوا 
في الإسلام بشهادة الجملة فأسلموا ظاهراً ليسلموا من القتل فنصحهم الله أنَّ قلوبكم 
لن تؤمن» ولن تسلم فصمٌ على هذا الارتباط أن حقيقة الإيمان كمال الطاعة اللازمة 
لنا إيمانيء وظاهراً إسلامياء وإن ضيّع شيئاً يهلك به بطل إيمانه. وإسلامه. وأن حقيقة 


(1) يريد ب [أصحابنا] أهل السلوك من الإباضيين خاصة. وبهذا الصدد يقول العلامة السالمى: «ومذهب الأصحاب 
رحمهم الله تعالى أنهما - أي الإيمان والإسلام - شيء واحد عرفا اصطلاحياً فمن استحق وصف الإسلام 
استحق الوصف بالإيمان والإسلام وكذا العكس». ينظر شرح الجامع الصحيح. ا[92 عن الإمام السالمي وآراؤه 
فى الإلهيات؛ د. ميارك الهاشمى»؛ ص255. 

(2) الحجرات. الآية 14. 


الإسلام إكمال الطاعة اللازمة أعمالاً ظاهرة» وإيماناً قلبيًء وإن بطل شيء لا يسعه إبطاله 
بطل إيمانه وإسلامه كله في حكم'!) الباطن» وما في حكم الظاهر فلا يبطله عن حكمه في 
الظاهر مسلماً إل أن يشرك بشيء يكون به مشركا بالله تعالى» ولهذا اختلفوا في الإيمان 
يزيد وينتقصء فقال قومنا: يزيد وينقص2! لأنه كلما كان المرء أقوى رغبة إلى الله تعالى 
فقد زادء وإذا لم يجد ذلك في نفسه إلآّ أنه لم يضيّع شيئاً فقد نقص بقدر ما نقصت تلك 
الرغبة» وظاهر الأمر يصححح قولهمء واللبححى يصع نرل إسحاينا”' د ستيقة الإبماد 
هو إكمال الطاعة اللازمة فإذا أتمّها فهو المؤمن حقاًء ولا ينقصه إلا إذا أبطل ركنا منه بفعل 
ما يسعه فعله» أو ترك عمل ما لا يسعه تركه. وإذا نقض كذلك من أركانه لم ينقص وإِنّما 
يبطل كله ولا يتم إلا إذا أتمه كلّه. وأما زيادة الوسائل فهي مما يزيد في امتداد نور سراجه. 
وليس تركها مما ينقص نور السراجء وَإِنّما ينتقص سعة امتداده» فالإيمان مثل السراج.ء إذا 
صعَّرت مكانه بترك الوسائل» وأفسحت مكانه ليمتدٌ نوره» ولا يكون ذلك نقصاناً للسراج. 
فافهم ذلك. 


وقد سمى الله تعالى المسلم مؤمئاء والمؤمن مسلماً في قوله: مرحنا مَن كان فا من 


الْمَرْمِِينَ )ها دن فا عَيرَبَتِ من الْمليِيَ 4# ولكنّْ القوم أخحذوا بظاهر الخبر فيما يروى 


(1) في الأصل: [كل] بدل [حكم]ء وأثبتنا ما في س لتلاؤمها مع السياق. 

(2) فصل الدكتور مبارك الهاشمي في كتابه عن الإمام السالمي الحديث في هذا الموضوع؛ ونقل رأي سماحة المفتي 
العام للسلطنة الشيخ أحمد الخليلي من أنْ الإيمان يزيد ولا ينقص وبيّن أن هذا هو رأي الإمام السالمي و«رأي 
المذهب» على حد قوله. وهو يختلف عمًّا قرّره الشيخ ناصر في المتنء ويضيف <. مبارك الهاشمي قائلا: «... 
وجدير بالذكر أن هناك من الإباضية من يرى زيادة الإيمان ونقصانه. وينقل هذا القول عن علماء المغاربة من 
أهل المذهب. منهم أبو عمار صاحب (المؤجز) (ت570ه». والشيخ أبو مهدي (ت971ه). والشيخ أبو خرز 
(380ه). وعن بعض علماء المشرق. م؛ منهم الشيخ خميس بن سعيد الشقصي في كتابه منهج الطالبين"» ولعل 
الشيخ ناصرء ومَّنْ يرى رأيه من هذه الطائفة من العلماء التي تقول بالزيادة والنقصان. وخصوصا أنه يقدّم تعليلاً 
لهذا في المتن. 

(3)هل يريد الشيخ ناصر أن يقول إِنّ (الأصحاب) يقولون بزيادة الإيمان؛ وعدم نقصانه. وهو ما تأخذ به عموم 
الإباضية إلا من استثني منهم كما ورد سابقا؟ فقه النص يشير إلى ذلكء وكأنه أراد ب (قومنا) أولئك العلماء الذين 
قالوا بزيادة الإيمان ونقصانه. وهو ما أشرنا إليه أيضاً فيما سبق على اعتبار أن (التحفيق يصمح قول أصحابنا)؛ 
أي أهل السلوك كما ذكرنا. 

(4+) الذاريات. الآيتان 35 و36. 


عن النبي 8 أنه كان في موضع. ومعه أصحابه و وجاء إليه رجل وقال له: السلامُ عليك 
يا رسول الله صلى الله عليك وسلمء ووقف بين يديه» واستأذن للقعود فأذن له وجثئى على 
ركبتيه» وجعل عليهما يديه وقال: إني أريد أن أسألك يا رسول الله صلى الله عليك وسلم. 
فقال له: سل. فقال: أخبرني عن الإسلام؟ فقال له: هو أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن 
محمداً رسول الله. وأنّ ما جاء به محمد بن عبد الله عن الله هو الحق من الله. وأن تصلي 
الخمسء وتصوم شهر رمضانء وتؤدي الزكاة» وأن تحج البيت إذا استطعت إليه سبيلا 
فقال له: صدقت. إِنَّ هذا هو الإسلام فهو كما قلت. فعجبوا كيف يسأله» ويصدّقه؛ كأنّه 
متعرّض له يستخبره أيدريه أم لاء وليس المراد كذلك. فقال له: أخبرني ما الإيمان؟ فقال: 
هو أن تؤمن بالله وملائكته. وكتبه» ورسله. وأنبيائه» واليوم الآخرء فقال: صدقت يا رسول 
الله صلى الله عليك وسلم. إن هذا هو الإيمان كما قلتء فأخبرني عن الإحسان. فقال 
له: هو أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فَإِنّه يراك'"". فهذه رواية صحيحة. ولكن 
ما كان لا يتم الإيمان القلبي إلا بكمال الأعمال اللازمة الفرضية الجوارحية. والجوارح 
لا تعمل, ولا تترك إلآ بعمل القلب صم أن الإسلام؛ والإيمان هما في الحقيقة معناهما 
واحد لاغير©. 

وأما الإحسان'" فقد يكون بمعنى الإتقان للشيء كما يقال أحسن الصنعة. أي أتقنهاء 
ويكون بمعنى شكر نعم المنعم» وعلامة الشكر أداء كمال الطاعة للمنعم» فعلى هذين 
الوجهين فالإحسان هو الإسلام [113و] وهو الإيمان» ومعناه أداء أعمالهما وإتقانهما 
علا وعماك وقنه: زنادة مج حون المقى أله تيادة ل فكزة كاه اسان الأرلذن: 
وهذا الثالث يدل على الوسائل بجميع أنواعهاء ويكون معنى الرواية ودلالتها أن 
النبي* بدأ بما يسلم به المرء من أحكام الشرك عن القتل» وأنَ الأعمال الظاهرة لا فائدة 
فيها إلا بإيمان القلب الباطنء ثم ذكر الإتقان في العمل الظاهر والباطن, وأنّهما لا يصححان 
(1) ينظر صحيح مسلم؛ الحديث الثامن. باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان. وفيه تتمة أن هذا السائل هو جبريل 

أتى يعلم الناس الدين, وينظر الملل والنحل. للشهرستانيء 1/ 35. 
(0) للصوفية حديث طويل عن [الإسلام] و[الإيمان] يختلف عمًا قرّره غيرهم. ينظر على سبيل المثال موسوعة 

الحفني. ص660: وما بعدهاء وموسوعة العجمء ص56. وما بعدهاء و128, وما يعدها. 


(3) ينظر عن (الإحسان) عند القَوم موسوعة الحفني. ص630. وموسوعة العجمء ص16 . وما يعدها. 
(4) يقصد الرواية التي مرّت قبل قليل. 


إلا بهة؛ وهو الشكرء وهو السراج الإيماني» والإسلامي. واللإحساني» والشكري. ” ثم ذكر 
سعة امتداد نوره بالوسائل التي إن عملها دل على توسيع الفضاءء. وليمتدٌ فيه نور السراج 
من غير زيادة في نوره كالشمس إذا أضاءت ببيت من كوّة صغيرة» أو من باب واسعء 
وأضاءت الآفاق كلها فلا يدل سعة ذلك» وضيقه على أن ذلك هو مقدار ضوء الشمس» 
ثم استنبط المتصوفون معنى باطناً غير معناه الظاهر في الإحسان"! فإن لم تكن تم الكلام» 
وهو يدل على المحو والمحق ومراتب الفناء) فإن ترى نفسك والكائنات فى مناجاتك 
كلها كأنّها لم تكن لغيبتك منها لقوة حضورك مع الله ناظرا إليه بالصفات لا الذات تراه 
بالصفات. أي فإِنك تراهء وتمام الكلام وأن تراه فإِنّه حينئذ يراك بعين القرب والمكاشفة 


كما سيأتي هذا المعنى الناظم بعد حين. 
قال: 
0 - وللنّفْسمنها بالتحقّق في مقمال ١‏ إحسان عن أنبائه النبوية© 
1 - لطائفٌ أخبار وظائفٌ مِنْحَةٍ حاكن أحبار. خلائف حسبَة 


يقول: وللنفس منهاء أي من حظ صفاتها الأربع من المكاشفات بالتحقق بها في مقم 
-بلا ألف بين القاف. والميم الآخرة-. لا حسان -بفتح اللام بلا ألف قبله» وبخفض 
الألف التي بعد اللام-» أي في مقام الإحسانء وإِنْما حذف الألفين» وفتح اللام في الكتابة 
والقراءة ضرورة لإقامة وزن نظمه ضرورة جائزة للشعراء. مما جاء في مراتب الإحسان 
عن أنبائه» أي عن أخباره في من الأخبار النبوية» ولا شك أنّها وبها وفيها لطائف أخبار 
-بالخاء المعجمة-»؛ وأراد باللطائف هنا الخفيّة التي لا يفهمها إلا أهل الدقة السالكون) 
تلك الطرقء. وذلك مثل قولهة: [الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنْه 
يراك] كما فسّرناه قبل هذاء وقوله # حاكياً عن الله تعالى أنّه قال: [ما تقرّب إلىّ عبدي 


(1) ولعل هذا المعنى الباطن هو ما يميل إليه الشيخ ناصرء وفيه قولهم مثلاً: (الإحسان مقام دون مقام المشاهدة 
يكون العبد فيه ملاحظاً لأكثر أسماء الحق وصفاته» فيتصور فى عبادته كأنّه بين يدي الله تعالى» فلا يزال ناظراً 
إلى هده الكيترنةنوافل كرضائه آق ينظ إلى أن اللها ماق إل وهذه اراق حرسات العرافة) تر -مرسوعة 
الحفنى. ص630. 

(2) في الديوان: [مقام] بدل [مقدم]. 

(3) في الأصل و[س]: [السالكين]. وما أثبتناه الصواب. 


548 





1 


بشيء أحبٌ إلى مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلىّ بالفرائض والوسائل حتى 
أحبه. فإذا أحببته توليت أمره. وكنت سمعه؛ وبصره. ولسانه» ويذه» فبي يسمع» وبي يبصرء 
وبي ينطق وبي يبطش]ه والمراد بمحبتي. أي لا يعمل شيئاً من ذلك إلآّ على ما أحبه منه. 
وله. وفيه؛ وبه» وقوله: [أنا عند ظنَ عبدي بي إن أطاعني]» وأراد بلطائف الأخبار أنْ هذا 
من تجلي وصفه تعالى لم يزل متكلماً مما نطق به النبي عت فهو حق الكلام الظاهر والباطن 
أيضاً. وممّا يرى الأشياء ناطقة بلسان حالهاء وإن كانت الأخبار يصمّ إدراكها بالنظر من 
الكتاب» وقوله: وظائف منحة, والوظائف هى زيادات منحة؛ أي عطية عن محض كرامة 
فخت «رهواي وان لحان سمه قال النضي الظافة والبضيرة البائزنة من البلا هله 
للحضرات الإلهية» وقوله: صحائف أحبار -بالحاء المهملة-» وهم العلماء» وهذا القسم 
من قسم السماع. وإدراك حقها السمع الذات» وهو ما جاء في الكتب القديمة من أخبارء 
وآثارء وعلوم أهل التحقيق» وصحّ حقه. واتضح صدقه. وممّا كان دليلا على السلوك 
إلى حضرات ملك الملوك, وقوله: خلائف حسبة - بالباء- والخلائف كل عمل يتبعه 
عملء وحال يأتي بعده حال آخر درجة تتبعها [113ظ] درجة أخرىء والحسبة: أي روم 
حسبة من الله تعالى لقوله تعالى: ومن بوك عل أله فَهَوَحَسْبْه: إن اله يلم أمَرو. 17 
فهو احتساب لله وابتغاء وجهه الكريم لا لرياء ولا لسمعة» ولا لطلب حظ عاجل ولا 
آجلء وإن كان يخاف عقابه ويرجو ثوابه» وتعظيمهما لتعظيم الله لهماء فإن ذلك كونه فيه 
شرم لا حي الاها وفنة الله لسدواقد: أحيك لاله اك لك رامن تفن تله عقا 
ولا ييأس من رضاه وثوابه. وهذا معنى ما ذكره في قوله المثاني» والمعاني» والمغاني. 
والمباني» فافهم ذلك. 
قال: 
2 - وللجَمْع من مَبْدا (كأنك) وانتها (فإن لم تكن) عن آيه النُظرية2) 


3 - غيوتُ انفعالات, بُعوتٌ تَنْره عورف اتصالات». ليوث كتيبة 
تقول وفك أشار الل لشم المشهون الذي شآل تتجراتلن قه الدى له تعلنها 


(1) الطلاق. الآية 3. 
(2) الأقواس من المحمّق للتوضيح. 


لأصحابه#ت. وهو الخبر الذي أوردناه في مقام الإيمان» فقال: ما الإسلام؟ ما الإيمان؟ 
حتى قال له: وما الإحسان؟ فأجابه ##: هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنْه 
يراك. يقول في معنى [كأنك] لا بمعنى أنك لا تراه» بل معناه هو أن تعبدهء وأنت تراه كما 
يقول المرء كأني أرى الشيء الفلاني إذا كان لم تذهب رؤية عقله عنه. وهذه هي الطريقة 
في سلوك أهل التحقيق في كشف الحقائقء والنظر إلى الله تعالى بصفاته جل وعلا. 
وول وإذالم كن كلام نام :فى لمحو والفناءء وقولة: اتراةجواب لذللك الشرظ» أ 
فإنك حينئذ تراه» فهو كلام تام» وانتهى به الغرض المطلوب لدليل السلوك إلى الحضرات 
الظاهرية والباطنية والجمع. 

فقوله: وللجمع: أي والسلوك إلى مقام الجمعء فاللام هي بمعنى إلىء فأوله هو 
من مبتدا نظرك إلى الله تعالى كأنّك في عبادتك له تراه» وإذا كنت تراه هو بأفعاله في 
الموجدات فأنت مستغرق بفكرك فيه في الحضرات الظاهرية» وهو سفر النفس حتى تراه 
بجميع أسماء أفعاله وصفاته في كل شيء؛ فإذا اجتمعت كلها في رؤية تراه بها في كل 
شيء من الوجود فقد تمّت لكل حضرة اسمه الظاهر؛ وهي الحضرة المطلقة الظاهرية» 
ولكنّها من حيث الحضرات الباطنة فصاحبها مقيّد بهاء ثم تعبد الله وأنت تراه بعد ذلك 
بصفاته من غير نظر إلى الموجداتء وهو سفر الروح, فإذا اجتمعت كلها فهي حضرة 
اسمه الباطن» ويصحٌ بعد ذلك قوله: إِنَ هنا منتهى. وأنت تراه الذي جاء لفظه [كأنك] لثلا 
يضل العوام بظاهر الكلام» وللجمع من بعد ذلك وهي فإن لم تكنء وتم الكلام» والمراد 
بذلك الفناء بالمشاهدة حتى صار كأنه لم يكنء وهو طريق سلوك الجمع» وهو المشاهدة 
للحضرات الظاهرية والباطنية» وهو سفر النفس والروح معاء وهو السفر الثالث» ويكون 
معنى (فإنه)» أي فحينئذ يراك أي يخلع عليك خلعه التي هي: وكنت سمعه. وبصره. 
ولسانه. ويده. فبي يسمعء وبي يبصرء وبي ينطق. وبي يبطش. وكل هذا سرّ اسمه 
السّميع, والبصيره والقدير» ولم يزل متكلماء وهذه الخلع الذات الإنسان هي لصفات 
السمع. والبصرء والكلام» والعقل» ولأجل هذه الأربع أوجد الله جميع الموجدات. 
وجميع العلوم والعبادات؛ لأنّه بها عُرف عرٍّ وجل وعلا. والمقصود بذلك لأجل عبادته 
سبحانه وتعالى» ويحتمل أن يكون أراد أن للجمع أن تعبده كأنك تراه» وانتهى الكلام 
وتمّ. ومن بعده هذه المراتب لها فإن لم تكن» وهي مراتب النبي 8 وأولها فإن لم تكن, 


550 


وهي مرتبة فناء الموجدات حتى تكون آخرهاء وهي حضرة أحدية الجمع. وأحدية جمع 
الجمع التي لا يرى فيها إلا العلم نوراً متحداً كما كان في أول الإيجاد. وليس المراد نورا 
هو مثل نور الشمس أيضاء فإنَ الكون كله نور علم. وأصل الفضاء ظلمة لولا الشمس 
فإِنْ نور العلم [114و] هو بخلاف النور المفهوم. وقوله: عن أية نظرية» أي إن لم يكن 
نما هو عن سبب هو عن أية نظرية يشاهدها لقوله تعالى: # أَمَمروئه عل مايرئ (25 وَلَقدَ 
ام هخ 05 عَندَ سِدْرَةَ الت 110 عِندَهَا بنَهُ الأو (0)إذ يشت اليدرَة مَايَقْمَ (5] مَا 
راع ألْبصَرٌ وَمَا طق ((05) لَقَد رأ من ايت ريه الكبرئ 14:0 وقوله تعالى: # وَإِنَكَ لَعَلَ حلي 
عَظِيوٍ 24 وقال النبي 8 [وإِنْه ليغان على قلبي حتى تنام عيناي ولا ينام قلبي]!7)؛ وفي 
هذا المقام؛ ومقامات الأولى من مراتب المحو في الحضرات الظاهرية» والحضرات 
الباطنية» والجمع مشاهدات, وواردات ترقيه إلى تلك الحضرات بأربع الصفات التي 
للذات الأرفع نفس المؤمن السميع كما قال: غيوث انفعالات» وهي ممّا يختص من 
تجلي وصفه تعالى لم يزل متكلما فيتجلى له من الواردات ما يحرّكه للدعوات. والسؤال 
بالأسماءء وهي الغيوث؛. انفعالات؛ أي يفعل له ما أراده من تيسير الأمور. ونزول لذة 
المناجات الجاذبة له إلى الترقيء وأراد بالغيوث» هو كل ما يستغاث به. والنوع الثاني 
مما يختصٌ من تجلي اسمه البصير»ء وهو [بعوث تنزه والتنزه]*' هو التفرّج في الفضاء 
والنظر إلى فلواته وزهراتهاء فاستعار ذلك لما يتجلى له من الجمال واللطف. وترى 
جلال الإحسان. والتوفيق» ولذة الأنسء والانبساط لذلك ممّا يطول بتعداده الكتاب. 
والنوع الثالث: ما يختص باسم السميع» وهي حدوث اتصالات بكل ما يسمعه من نطق 
الحالات بلسان الحالء أو ما يسمعه من الآيات والأسماء والصفات فيزيده بذلك شوقا. 
والنوع الرابع: يختص من تجلي اسمه القدير. وهي ليوث كتيبة: والليوث هم الشجعان. 
والكتائب: رايات الجيوش. وذلك أنهم إذا شاهدوا قدرة الله تعالى [ورأوا وسمعوا قوله 
تعالى: (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) حدث له قوة وقدرة من الله تعالى](2 وشجاعة 


(1) النجمء الآيات 18-12. 

(2) القلمء الآية 4. 

(3) مرٌ تخريج الحديث. 

(4) مابين المعقوفين ساقط في س. والزيادة من الأصل . 
(5) ما بين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل . 


551 


على بذل نفسه في الجهاد والعبادة» ولم يبال!') بشيء يحلّ له أن يعمله. وقيل إن رجلاً 
من العارفين مرّ بأدنان خمر قيل إِنّها مائة دن. وعليها كثرة أناس أهل فساد. فجاء هذا 
وكسرها عليهم جميعاً إلآ واحداً وقف عنه. فلمًا وقف عنده قبضوه أهلهاء وذهبوا به إلى 
السلطان. فعجب من أمره وقال: ما حملك على هذا حتى لم تخف؟ قال: ججذبت عن 


*. 


نفسي. فحدثت لي قوة غير قوتيء قال له: ولم قبضوك في آخرها؟ قال: ذنب عجلت 
عقوبته. قال له: وما هو؟ قال: ذكرتك أنت حين ذلك فعلمت أنْي أسأت الأدب» فرددت 
إلى نفسي. وذهبت تلك القوة مني» وقد جوزي على ذلك من هو خير مني حين قال 
عكر ورج ررك 064 نريحيه اللواله ابت في الكون رضم سنن فلو لم يكن فر 
المقرّبين لما جوزي يوماً واحداً بذلك. وقوله صحيح؛ لأنّ السعي في خلاص النفس عن 
الظلم من الفضائل في حق المؤمنين» فلذلك قالوا: إِنَ توبة المؤمنين من الذنوب. وتوبة 
الخواص من غفلة القلوبء وتوبة خواص الخواص من كل شيء سوى المحبوب2, 
وهذا هو معنى قوله: نجائب وغرائب وكتائب. فافهم. 

قال: 

4 - قَمَرْجِمُها للحسن في عالم الشّها دة المُجتديء ما النَّفْسُ مني أحشت 

5 - قُصول عبارات. وُصولَ تحية حصولٌ إشارات. فول عَطَيَّة 

يقول: وقد أشار إلى قول المقام المحمدي بلسان حاله منبئاً عن حالة مشاهدة نفسه أن 
النبي* في مقام أحدية الجمع روحه شاخصة برؤيتها إلى أفقها عالم العلم الغيبي» ونفسه 
مرجعهاء أي ونفسه للحسن. أي القوة الحاسة فيها بصفاتها الأربع؛ أو للحسّء أي عالم 
الحسّ. وهو عالمها؛ لأنها هي الحاسّة» ومجالها بصفاتها الأربع في عالم الشهادة» وهو 
عالم الحسّ» المجتدي: أي الطالب المدد من الله تعالى لبقائه في كل لحظة فترى نفسه 
المحسوسات كلها علماً متحداء وقوله: ما النفس منّي [1141ظ] أحسّت: وأراد بقوله: [ما] 
أي الذي أحسّت به هو منّي فلم تختلف رؤية الروح ما تراه عن رؤية النفس ما تراه» فصار 


(1) في الأصل و[س]: [يبالي]. 
(2) يوسفء. الآية 42. 


(3) ينظر موسوعة العجم. ص212» وينسب القول فيها إلى ذي النون المصري. 
552 


نظره في عالم الغيب. ونظره في عالم الشهادة [واحداًء وهي حضرة]!!' أحدية الجمع. 
وذلك لما قلناه إن الروح أصلها من فيض عالم الروح والنفس. وهي العين المدبرة» 
فيضها من عالم النفس المتصلة بالطبيعة الكبرى» والطبيعة الوسطىء. والمحسوسات 
جميعاء فلذلك كان نظرها إليهاء والعين الغريزية من عالم المثالات؛ ومرّت على عالم 
الخيالات فنظرها إليهاء ولكنّ النبي عن نفسه من نفس القلم فهي ترى الموجدات على 
حقيقتهاء والمثالات. والخيالات. والمحسوسات؛ لأنها كلها بظاهر ذلك العلم لا غير 
فهو يراها كما يرى ذلك في إيجاد نوره الأول. وكل إيجاد كان موجدا منه حتى ظهر هو 
خانم الشهاد» للاغرة إلى :الله تعالن يما كانايعيدة حي كان نوزراء وتحميم الكائنات 
والأنبياء والرسل إِنّما يدعون إلى الله تعالى على ما كان هو من قبل» فظهر بالكتاب 
والسنة» وإيضاح الشريعة؛ وما يلزم من الأعمال لكل عضو. وما يلزم القلب. والحقيقة كل 
ذلك إِنْما يقيّد بالفعل بالأعضاء لمظاهر صفات القلب منهاء ففي الحقيقة هو المخاطب». 
وهو المكلف. وهو: أي العقل» وقوله: فصول عبارات: أراد أقسام ما شرع به من الكتاب 
مفضّلاًء والسنة» وأقسام الشريعة» وغيرها لأمته فصلاً فصلاً فهي فصول عبارات أريد بها 
وصول تحية» أي وصول شكر لله وحمد وثناء» وذكر كمال الإيمان» وتقوى» وورعء 
ويقين» وتوكلء وعزمء وأراد بذلك أن فصول ما غيره من الأعمال الظاهرة إِنّما يحتاج 
إلى وصول كمال الإيمان فيها وبهاء أو بمعنى اتصالها في العمل بالشكر وكمال الإيمان» 
فيكون المعنى أنه لا تنفع الأعمال الظاهرة ما لم تكن موصولة بكمال إيمان القلبء 
وبكمال الشكرء والحمدء والثناء» والذكرء والتقوى. والورعء واليقين» مع أن كل واحد 
من هذه الأسماء معناه كمال الطاعة» فهى متفقة فى المعنى مختلفة الألفاظ.ء وأصل 
بحي الف انان بالكفناة وكيا شن المط الذي هو كل قر يوحن من امن اماد 
ثم استعمل المعنىء ولفظ التحية الذكر والحمد. والثناء. والشكر لما في تطابق معانيها 
معنى الحياة المعنوية» وذلك معنى التحيات لله. أي الشكرء والحمد. والثناء» والذكرء 
والتسبيح» والتهليل» والتكبير» والتعظيم, والعبادة لله والصلوات, والطيبات في الأعمال 
الصالحات التي تعبّدنا بها إليه» وسبحان اللهء والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» 
ولله الحمد. فاستعار الناظم اسم التحية هذه المعاني» وكل شيء وصل به عن الله من 


(1) مابين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 


كتابه أو تكلم به مما يلزم الأعضاء والقلب. وما موصلاً هذا بهذاء ولا يصج أحدهما إلآ 
بالآخرء ففي كلام الله في ذلك التعبد. وفي كلامه 6 كذلك ففيها من وراء ذلك حصول 
إشارات إلى كثير من العلم؛ والتعبد يخرج بالقياسء والبراهين العقلية؛ والدلالات حتى 
صار علم الشريعة بذلك الكلام الموجز المعجز بحرا لا نهاية له حقيقة وشريعة, دينا 
ورأياء ووسائل وأحكاماً في أشياء لم تذكر في نص الكتابء ولا في نصّ السنة, وإِنّما 
ظهرت بالتأويل» وتأويل [التأويل]!! كذلك بلا نهاية» كل هذه في الحقيقة أصول عطية 
من الله تعالى» ولها للنبي 8 ثم الرسل والأنبياء» ثم العلماء ليلهمهم ذلك كرامة منه ثم 
المتبعين لهم المخلصين لله تعالى بتوفيقه للعمل بها لقوله تعالى: ل وَألَِينَجَهَدُوأ نينا 
يتم سبلا 74 فافهم. 

قال: 

6 - وَمَطْلِمُها في عالم الغيب ماوّجَرُ ١‏ تُ من نَم مني علىّ استجدّت 

7 - يُشائرٌ إفزآن تساف عبرة سدوادة آثار, ذخائرٌ ‏ دعوة 

يقول: [115و] ومطلعها: أي وظهورها في عالم الغيب» أي روحه ونفسه. وهي ذاتى 
وأسماؤها الذاتية» لما ذكر النفس ونظرها إلى عالم الحسّء ذكر هنا الروح ونظرهاء 
فهو كأنّه في مقام القلم الإلهي. وقوله: فأوجدت من نعم مني استجدّت: تقديره: كلّ ما 
وجدت. أي شاهدت من نعم العلم الإلهي من العلم بالله. وما كان لله وبالله» مني: أي 
شاهدته من ذاتي؛ لأنْ ما كان في غير ذاته فليس بعالم به فلا ينظر العلم إلا ينظر ذاته من 
مرأة ذاته» وما لم يكن في ذاته» ولم ينظره منها فهو غير عالم به. فهو ينظر الله بصفاته بذاته 
من مرأآة ذاته. فإن رأى علمه ومعرفته بها فهو ينظر منهاء وما كان من المعرفة لم يجده بها 
لم ينظره من غيرها أبدء فإن قلت: بالوحيء أو بالكتب للأولياء» أو بالسؤال؟ 

فنقول: وإن أراد أن يكتسبه فما لم ينجل على مرآة ذاته» وينظر ذلك العلم فيها وإلآّ 
بعد فهو غير عالم به» قوله: علىَّ استجدت,ء أراد منه استجدّت روحه في الطلب لمشاهدة 


(1) مابين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل. وبها يستقيم المعنى. 
(2) العنكبوت» الآية 69. 


254 


الحضرات الإلهية الغيبية حتى لا [ ]'' العلم» وهي الحضرات الإلهية في ذاته 
ومن ذاته وبذاته أجل من أن تحصىء ومنها بشائر إقراري زيادات علم. وتكميل» وقرب» 
ومخاطبة كلام بلسان الحالء أو بالإلهام تقرّبه الروح» أي تسكن إليها سكون ألفة بها 
ومحبة إليهاء وفي ذلك إشارة إلى تجلي صفته تعالى لم يزل متكلماء وفي تلك البشائر هي 
بصائر عبرة» أي معارف عبرة» أي آيات اعتبار» وهذا من تجلي اسمه البصيرء والاعتبار هو 
تفصيل المجملء وشرح الموجزء. وتفسير المغلق» وإيضاح المرموزء وبسط المختصرء 
وما يعتبر به المرء بذكر يتوعظ به فيرغبه للسلوك, يعني أن في تلك البشائر هذه بصائر هذه 
العبارات» وفيها سرائر آثار تؤثر القرب من الله» وزيادة التجلي بالحضرات لزيادة الكمال» 
وفي ذلك ذخائر دعوة» أي وفيها كنوز استجابة الدعاء بالتضرعء والسؤال في التوفيق 
للأعمال الإيمانية» وفي زيادة القرب والمشاهدة والكمالء والفتح للمشاهدات إلى غير 
ذلك من كرامات القرب الإلهي» فافهم. 

قال: 

8 - وَمَوْضعُهَا فق عالع الملكوت ما تخصضت من الإنشرابه دون أسري 

9 - مدارسٌ تَنْزِيلِء محارسٌ غبطة مَغْارسٌ تأويل» فوارسش مَنْعَة 

يقول: وموضعها: أراد وفي موضعهاء أي وفي مجالهاء أي ذاته بأسمائها الأربعة 
بالمشاهدة للحضرات الإلهية في عالم الملكوتء وعالم الملك هو عالم الحس وعالم 
الشهادة؛ وعالم الملكوت عالم حقائقهاء وهو عالم العلم بالله تعالى المتجلي به عليها 
فيها. ما خصصت به: أي الذي خصصت به من الأسرار إلى حضرات أحدية الجمع. 
وأحدية جمع الجمع من العطاء والكرامات. دون أسرتي: أي أصحابي السالكون هذا 
المنهاج هي مدارس تنزيلء» والدرس أراد هنا القراءة» وأشار إلى القرآن العظيم الذي 
يدرس في المدارسء أي قراءة تنزيل» وهو الكتاب العظيم. وجميع ما أوحي إليه بكلام 
سبحانه وتعالى» محارس غبطة: أي نعمة لا يعقبها بؤس. وأشار إلى نعم العلم والقرب من 
الله تعالى» ومشاهدة حضراته سبحانه وتعالى التي هي البقاء» ولا يعقبها شك. وفي ذلك 
الكتاب». وفي ذلك العلم مغارس تأويلء» استعار المغارس للذي يغرسء وينموء ويثمر 


(1) مابين المعقوفين بياض في الأصل و[س]. بمقدار كلمة وهو من الاتفاق الغريب. 


2535 


ويبذر في الأرضء ويتزايد بلا نهاية كذلك. تأويل القرآن العظيم؛ وما في ذلك العلم الذي 
علم تأويله بلا نهاية» وكلها فوارس منعة» جمع فارس وهو الراكب على الخيلء والمئّعة 
العزة» والامتناع من أن يدرك ويُلحقء وأراد هنالك في تجلي تلك الحضرات الإلهية 
بصفاته كل صفة من صفاته لا تدرك لها نهاية ممتنعة عن الإدراك إذ لا نهاية لهاء فافهم 
ذلك. 

قال: 

0 - وموقِعٌها في عالم الجبروت من مشارق فح للبصائر ‏ مُبْهت 

[115ظ] 571 - أرائئك توحيدء مدارك رَلَمَة مسالك تمحيكد. ملائك نصرة 


يقول: ولمّا ذكر محل مجال رؤية نفسه في عالم الملكوت ذكر محل رؤية ذاته التي هي 
روحه فقال: وموقعهاء أي وعالمها وموضعها ومجالها في عالم الجبروت'"؛ وهو عالم 
العلم الغيبي» علم صفات الله تعالى» وعلم غيبه الذي يتجلى به على لوح الروح بنقش 
قلم القدرة الإلهية فأجلتها في حملها الذي جعلت لتجول فيه ما خلعت على صفاتها هذه 
إلا لتجول هنالك. وتشاهد ذلكء وتتكمل بذلك الكمال الإلهي فأعطيت من مشارق فتح» 
أي كشف عظيم للبصائر أي للعين البصيرية التي عن الروج مهت العتول» ومن ارانك 
توحيدء والأرائلك جمع أريكة» وهي كالسرير الصغير يقعد عليها الرجل الواحد مرتفعة 
عن الأرض قدر ذراع لتكون رجلاه في الأرضء ولها أربعة أرجل فاستعارها لقواعد 
التوحيد”2). وأنه أربعة أصول: 

الأول: وجوب وجود الذات. والثاني: أسماء الذاتء والثالث: أسماء الصفات. 
والصفات, والرابع: أسماء الأفعال» وفي مشاهدة الله تعالى بهذه الأسماء والصفات 
بالروح؛ وبالنفس في عالم الغيب؛ وفي كل شيء من عالم الشهادة هى الحضرات الإلهية» 
فإذا تجلت في الذات. ورأتها الذات في ذاتهاء وكدله الذاى كمالها عنما زعا فين 


(1) الجبروت هو عالم العظمة؛ بمعنى أنه عالم السماء والصفات الإلهية» ينظر موسوعة الحفني» ص703) وموسوعة 
العجم. ص 245. 

(2) ينظر عن التوحيد عند القوم موسوعة الحفني. ص 696. وما بعدهاء وموسوعة العجمء» ص222, وفيه تفصيل 
واسع. وواحد من طواسين الحلاج طاسين التوحيد. ينظر الطواسين. ص 203, وما بعدها. 


556 


مدارك زلفة» أي هي التي يدرك بها مقامات الزلفة» أي القرب من الله تعالى» وفيها مسالك 
أي طرق تمجيد. أي حمد وثناء وشكرء وتسبيح وتهليل وتكبير وتقديمس وتنزيه. وأنها همي 
ملائك نصرة؛ يعني: وفي الحضرة الكمالية ملائك. أي أمداد من الله بتوفيق» وتسديد. 
وإيمان» وتقوية من الله تعالى إلى بلوغ المراد. وهي أبلغ من نصرة الملائكة» ولكن 
استعارهم لذلك تقريباً للفهم؛ لأنهم أقوى المتعبدين. وقد أمدَّ الله بهم نصرة نبيه, 
وذكرهم تعظيماً لهم إذ جعلهم الله بأيديهم تدبير كثير من الأمور. 


قال: 
3 وَمَتتَقُها بالقيتض في كل عَالَمِ لقاقة نفس بالإفاقات أَسْرّت') 
33 - فوائد إلهام. روائد ل عَوائَدٌ إنعام. 227 تعمة 


يقول: ومنبعها: والمنبع هو حيث يثور الشيء المختفي بمنبع الماء حيث يظهرء يقول: 
ومنبع هذه الحضرات الإلهية بالفيضء أي بتجلي الله تعالى بها هي في كل عالم؛ أي في 
عالم الغيب؛ وفى عالم القلمء وفى عالم اللوح. وفى عالم المثالاات» وعالم المعانى. 
وعالم الخيالاات» وعالم الطبيعة الكبرى» وعالم السموات» وعالم الهواء. والطبيعة 
الوسطىء. وعالم الأرضء وعالم المعادن» وعالم النبات» وعالم الحيوان» وعالم الإنسان» 
وعالم الجن. وعالم الملائكة. وفي كل ذرة من ذرات الوجود. وتجلى الله بها في كل 
شيء”"». لفاقة نفس والفاقة: الفقر والغنى؛ أي والفقر نفس بالإفاقات» أي بالافتقار 
والاحتياج» أسرت: أخذت أسيرة بشدة الافتقار إلى سلوك هذه الحضرات للمشاهدة 
لهاء والتكميل بكمالهاء استعار الفقر؛ لأنَّ من افتقر إلى الشيء سعى إليهء ومن لم يفتقر 
إليه ولم يحتج له لم يسع ولم يشاهد. ولمن افتقرء واحتاج» وسعى وشاهد من الغنى 
والكرامات فوائد إلهام. وهو ما ينقش بقلم القدرة على لوح روح العين البصرية» وما 
يتجلى لها من العلوم. ومشاهدة الحضرات الإلهية. وجميع العلوم الإلهامية. والإلهام 
مطلق على جميع الموجدات لقوله: #قفَالَ كَا وَلِفأَرْضٍ نيا طَوْعًا أو كَرها مَالَمَآ ْنَا طَابعِيتَ * 
سؤال عام لهماء ولكل ما فيهماء وجواب عام منهماء ومن كل ما فيهما إلا مَن ضيع بعد 
(2) وقفنا عند هذا التجلي فيما سبق. 


ذلك من الناس والجنة والشياطين؛ وقال في إلهام الحيوانات: # وَأَرْس رَيْكَإِلَ لل #(1) 
[3و] وقال عن سليمان» وداود عليهما السلام: #مُلَمنا مَطِقَأليرٍ 2 وقال في الإنسان: 

وَنَْ وما سوَّها ((5) فَأَشمَهَا لُورَهَا وتَفوَها 71442 وأراد هنا ما يتجلى للولي للمكاشّف 
من إلهام المكاشفات الإلهية» وما يخاطبه بالإلهام زوائد -بالزاء المعجمة- نغمة -بالغين 
المعجمة-. أي زيادة للذات المكاشفة نغمة يخاطب بها الله تعالى بما ألهمها بالخطاب 
فهو يخاطبها بالإلهام» وهي تخاطبه بذلك الإلهام بزيادة الدعاء والسؤال. وبزيادة المحبة 
والتضرع والابتهال» فهي نغمتهاء فكان إلهام الله تعالى مزيداً لنغمتهاء وكلما زادت 
تضرعاً وتقرباً زيد من عوائد أنعام تتواتر عليها من تجليى حضرات زيادة» وزيادة شكر 
وقرب وصفاء في الأعمال والأفعال» وتنوّرٌ بال. وقطع علائق: أشغال بغير الله ذي العظمة 
والجلال. موائد نعمة: وما أكثر موائد الله فإِنَ جميع الوجود هو إناء فيه جميع نعم الله 
تعالى» وكل ذرّة من ذرات الوجود فيه مائدة لذات المرء من علم. وحكمة؛ وسرّء وما خلق 
الله تعالى الوجود ذرة من ذرات الوجود فيه بأسره إل وفيه موائد جميع الوجود بأسره. 
وكل ذلك لكل ذات شاءته وقصدته» وكشف الغطاء الذي على قلبه فإنّه يراهاء ويكون له 


هي. ويكون هو لهاء فافهم ذلك. 


6د 6 


(1) النحلء الآية 68. 
(2) النملء الآية 16. 
(3)الشمص>+الآنة 7. 


الباب العشرون 


فيما بنى به حال الكمال المحمدي, ومقامه في حضرة أحدية الجمع عن كماله اننا 
بتحققه بحقائق التوحيد بلسان المقام. والكمال المحمدي ظة. 


قال: 
4 - ويجري بما ُعطى الطريقةٌ سائري على نَهْج ما منّي الحقيقة أغطت 


يقول: ويجري بما تعطي الطريقة: أي السلوك إلى الله تعالى بالترقي في الحضرات إلى 
حضرات الجمعء أي كل شيء من صفاتي إِنّما هو على نهج أي على سلوك ما أعطت متي 
الحقيقة في ذلك المقامء فإنّي لم أختلف في عالم الشهود عمّا أنا في تلك الحضرة الأولى 
يوم كنت نوراً علمياً لأكون معه. 

واعلم أن الكلام من أول الباب إلى هنا كان على نهج الإجمال والإيماء» ومن هنا يورد 
على سبيل تفصيل ما أجملء وتبيين ما أومأء وإحكام ما أسّسء وإيضاح ما أبهم بأمثئلة 
مطابقة للإرادة من ذكر التوحيد والمعرفة» وتحقيق الأمر وبيانه على ما هو عليه بمقتضى 
ذوق كل شيء فيه» كل شيء وهو ذوق المقام الأحمدي. والشرب المحمدي #. والناظم 
تعرّض لبيان هذا الذوق إلا على بعضه بلسان الترجمانية!''. وحسبه فيهاء وبعضه بلسان 


(1) لم أجد (الترجمانية) فيما بين يدي من معاجم التصوف. ولعلّ الشيخ ناصر يريد بها العنوان؛ أو التعريف. وذلك 
لأن المصطلح الغالب على المؤلفين القدامى للعنوان هو (الترجمة). فكأن الشيخ ناصر يريد به التوضيح, أو 
الإشارة فهي كالعنوان تدل على المضمون. ينظر عن موضوع (الترجمة) و(العنوان) كتاب منهج البحث الأدبي 
عند العرب, د. أحمد جاسم النجدي» ص 726, وما بعدهاء وظفرت بنصٌ يقترب مما نحن فيه» وذلك في كتاب 
البرهان في علوم القرآن للزركشيء 282/1. وهو قوله: «قال الحافظ أبو طاهر السَّلَفْي: سمعت أبا الكرم النحوي 
ببغداد: وسئل: كل كتاب له ترجمة:. فما ترجمة كتاب الله؟ فقال: # هَذًا بَلَمْ يلس وَلِسُندَوا ب 4" فالترجمة هنا 
تعني العنوان كما قلنا سابقا. 


5259 


الجمع'!". وبعضه بلسان التفرقة» وبعضه بلسان الإرشاد. 
قال: 


ار ا 3 7 1 
5 - ولمَاشْعَبْتٌ الصَّدْعٌ والنامثُ فطوره وَشْمْل بفرق الوصفب غيرٌ ممشتّت* 


يقول: ولما شعبت الصدع: والشعب الجمع. والشعب التفرقة فهو اسم لضدَيٌ 
الجمع والتفريق لكل منهم'؛ وأراد بالصدع هو الشىّء ولكن استعمل في القطعء 
والفصلء والشمل اجتماع المتفرقء» وأراد بهذا عالم العلم الغيبيء وعالم الشهادة. 
ومراده: ولما شعبت» أي جمعت الصدع. أي عالم الشهادة» وعالم العلم اللذين هما في 
الرؤية أنهما شيئان بينهما قواطع. وهي المظاهر التي ظهرت محسوسات,. والتأمت في 
رؤيتي» واجتمعت فطورا. والفطورء وهي الشقوق والقواطع؛ واستعارها لتقسيم أجزاء 
الموجدات. وقوله: شملء أي حقيقتها هي شيء واحد علمي. أراد: واجتمعت أقسام 
جمع شمل حقيقة واحدة بفرق الوصفء أي برؤية فرق في الوصف فيما بينهما أنهما 
عالمان: عالم الغيب» والشهادة» وهما في الحقيقة عالم واحد كذلك أراها غير مشتّتي» أي 
غير مفرّق لرؤيتي فأكون إذا نظرت إلى عالم العلم غابت رؤيتي عن علم عالم الحسّ 
[1 ظ] وإن رأيت علم عالم الحس غابت رؤيتي عن عالم العلم الغيبي» بل زر ؤيتي جامعة 
لهما مع افتراق وصفهماء كما هما في الظاهرة وأني ي أرى الكل مع ذلك علما متّحداً غير 
مختلف. ولا قاطع عنّي شيئا أبداً. 

قال: 


6 - ولم يَئِق بيني وبين تونّقي بإيناس وذي ما يؤدي لوحشة 


(1)الجمع والتفرقة: من المصطلحات المتداولة عند الصوفية» فالجمع هو جمع متفرقات. والتفرقة تفرقة 
مجموعات. وإذا قلت: الله ولا سواه فقد جمعت. وإذا قلت: الدنيا والآخرة والخلق فقد فوّقت. وبعبارة أخرى 
أن ما يكون كسباً للعبد من إقامة العبودية» وما يليق بأحوال البشرية فهو فرق؛ وما يكون من قبل الحقّ عن إبداء 
معان. وإسداء لطف وإحسان فهو جمعء ينظر موسوعة الحفني. ص708, وما بعدهاء وموسوعة العجمء ص253. 
وما بعدها. 

(2) فى الديوان: [والتأمت قطون شمل] بدل [والتامت فظوره وشتمل]. 

(3) في العين للخليل: ص412 أنَّ (شغب) بالتشديد: فرّق: و(شعب) بلا تشديد أصلح. 

(4) في الأصل و[س]: [فطور]. وما أثبتناه الصواب. 

560 


يقول: ولم يبق ما بيني وبين تونّقي: أي بين ثقتي واطمأناني بمشاهدتي للحضرات 
الإلهية بإيناس» أي بحسن إيناس ودّي وحبي ما يؤدّي لوحشة بُعد أو حجاب عنهاء إذ 
لا يجوز الشك بعد العلم؛ والشك في ذلك كفر؛ لأنَّ أصل الحضرات هي مشاهدة الله 
بصفاته بحقيقة المعرفة» ومَنْ شك في شيء من صفات ربه بعد علمه بها فقد كفر. 

قال: 

7 - تَحَقَقتٌ أنا في الحقيقة واحدٌ وأثبتٌ صَحْوٌ الجمع مَحْوّ التشتّت 

يقول: تحققت أنا -بتشديد النون-» ولما صارت ذاتي مرآة لمشاهدة الحضرة الإلهية» 
وشاهدتها ذاتي في ذاتي بذاتي؛ لأنها إن لم تكن بذاتي» ولا تشاهدها ذاتي من مرآة ذاتي 
فليست هي فيهاء فلما شهدتهاء وهي فيها فصرت أنا هي. وهي أنا تحققت أنا -بتشديد 
النون- أي أناء وهي في الحقيقة واحدء أي ذاتي هي صارت في صفتها أنها عالمة بها 
متّصفة بعلمهاء فكانت هي ذاتي؛ لأنْ علمها صار صفة من صفاتهاء وهيء أي الحضرة 
صفات الله تعالى» وتم كمال ذات المرء بعلمهاء وصفها بعلم وكمال صفات ذات الله. 
قوله: وأثبت صحو الجمع, أراد هنا بالصحو هنا المشاهدة» أي ولزمت مشاهدة حضرات 
الجمع. ومحو التشتتء وإِنّْما أسقط [واو] لضرورة الشعرء والتشنّت هو ما يرى حضرات 
الغيب» وهي حضرات الصفات الإلهية» ويغفل عن حضرات [الغيب]!!'» والفرق» وهي 
حضرات حقائق عالم الشهادة» وهي حضرات الأفعال الإلهية» وأما أن يغفل عن حضرات 
[الغيب]2)» ويحضر مع حضرات الفرقء فافهم. 

قال: 

8 - فكلّي لسانٌ ناظرٌ مِسْمَّعٌ يد لنطق وإدراك وسمع وبطشة 

9 - فعينيّ ناجت واللسانٌ مُشاهدٌ ‏ ويِنْطقٌ مني السَممُ 01 أصغفت 

0 - وسَمعيّ عينٌ تجتلي كل مابدا وعينيَّ سَمْعٌ إن شدا القوم تَنصت 

1 - وَمِنَيَ عن أيدٍ لساني يد كما يدي لي لسانْ في خطابي وخطبة 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(2) ما بين المعقوفين ساقط في س.ء والزيادة من الأصل . 


561 


2 - كذاك يدي عينٌ ترى كلَّ ما بدا وعيني د متتوطة عند بسطتي''' 

3 - وَسَمُْعي لسانٌ في مخاطبتي كذا لسانيَ في إصغائها سَمْعٌ مُنصت 

4 - وللشمٌ أحكامُ اطراد القياس في اتحاد صفاتي أو بعكس القضية 

يقول: كل صفة من صفات ذاتي التي هي السمعء والبصرء والكلام. والشم. والقدرة 
هي أسماء ذاتي» وذاتي هي الموصوفة بذلك. وهي القوة المدركة. وهي الذات. وهي 
الروح» وهي العقلء والعين» والأذن؛ واللسان. واليد مظاهر. وكل واحد منها هي تسمع 
لأمرهاء وتفهم كلامهاء وتبصر مرادهاء وتكلّمها بالسمع والطاعة والعقل؛ لأنّ العين لو 
لم تسمع كلام العقلء ولم يعرفه لم يصمح اتباعه» وإذا كانت كذلك فيصم أن يقال: أسمع. 
وأبصرء وأنطق بيدي. أي بقدرتيء والمراد بيء أي بذاتيء وكذلك أبطش.ء أسمعء وأنطق 
ببصري» أو بعيني » أي بذاتي» وبعين ذاتي. ومثله: أبصرء وأنطق» وأبطش بسمعي » أ 
بذاتي» وبأذن ذاتي على هذا أسمعء وأبطشء وأبصر بلسانيء أي بذاتي. ولسان ذاتي؛ لأنَّ 
السامعة» والباصرة. والناطقة. والفاعلة هي شيء واحد. وهي الذاتء والأذن» واللسان. 
واليدء والعين صفات لهاء ومظاهرهاء فكذلك يصمٌ أن يقال: أنظر بأذني» أي بأذن ذاتي. 
وكذلك بقيتهاء وكذلك [117و] كل شيء في الوجود هو يسمع خطاب الله له بغير حرف. 
ولا صوت فينطق, ويسمعء ويبصر ما يريده الله ويحيّه» ويفعل» وينقاد لأمره طوعاء كما 
فهم العقل خطاب الله بالإلهام» وكما فهمت الأعضاء كلام العقل بغير حرف ولا صوت. 
فصحٌ أن كل شيء في الوجود هو سمع. ونظرء وكلام» ونطقء وقدرة» وفعلء ويد؛ لأنَّ 
اليد هي القدرة والنعمة» ومثال آخر لو سمع أحد من أحد كلاماً لصح له أن يقول: سمعت 
هذاء وإذا سمعته فقد أدركت سمعه بقوة السمع» وهي القدرة؛ لأنّ القوة هي القدرة. 
فاجتمعت فيه صفتان فيصخ أن تقول: رأيت صحته. وشممت صدقه؛ لأنّ معاني هذه كلها 
يؤول في الذات إلى معنى الإدراك والقدرة» وإذا عرفت ذلك فهو يقول: كل قوة في ذاتي 
من هذه الأربع تسمع الحضرة الإلهية» وسمعها هو شهودهاء ونظرهاء ونطقهاء وفعلها. 
وتسمع بعينهاء ونطقهاء ولسانهاء وعينهاء كذلك هي تنظره وتبصر. وتشاهد الحضرات 
الإلهية. وشهودها هو سمعهاء وكلامها؛ لأنَّ كلامها بغير حرفء بل هو قدرتهاء ومعرفتها. 


(1) في الديوان: [سطوتي] بدل [بسطتي]ء وفي هامش الديوان إشارة إلى هذه القراءة. 


262 


وإدراكها لا غيرء وكذلك هي تشهد بنطقهاء وتسمع بنطقهاء والحاصل أن التغاير في ذلك 
يطول ببسطه الكتاب؛ وكل المعنى في ذلك واحدء وأراد أن كل قوة من قوى ذاته الأربع 
لكل عين من عيون حجره الثلاث صارت مرآة لتجلي الحضرة ة الإلهية؛ وصارت الحضرة 
صفة لذاته حيث صارت عليمة بها فهى من صفتهاء والصفة يراد بها الموصوف. وهذا هو 
مراده بالاتحاد. فافهم ذلك. 

قال: 

5 - وَمَافِيَ عضوٌ حص من دون غيره بتغيير وصف مثلّ عين بصيرة 

6 - ومنّى على إفرادها كل ذرَة جَوامعٌ أفمال الجوارح أخضّت 

7 - يناجي ويصغي عن شهود تصرّف بمجموعه في الحال عن يد قوة''' 

يقول: يناجي. ويسمع. أي ينطق بتوحيد الله ويسمع من الله سمعاً عن شهود تصرّف. 
أي مشاهدة من الله تعالى عن شهود عن معرفة تصرّف الله تعالى فيهاء وكل جزء من 
أجزائىء وكل ذرة من ذرّات الوجود. وسماعها لأمر الله. ونطقها بتوحيد الله بمجموعه 
فن الخال عومد كدرة يذلل فذل: على أنها قديزة»وشميفة واتصير 4 وشتكلمة ونطقها 
بتوحيد الله فى الحال. أي فى كل حين تنطق بجملته» وتنطق بتفضيله فى حال واحد. 
والمراد بهذا الكشف هو توحيد الله تعالى أن كل شيء يسبّح الله تعالى. ويفهم خطابه. 
ويسمع نداه. ويفعل ما يأمره؛ كما أن هذه الأعضاء تفهم أمر الذات؛ وتسمع قولهاء وتفعل 
أمرها بغير حرف ولا صوت. وكذلك الذات تفهم ما ينزل الله عليها من الإلهام الذي هو 
في الحقيقة خطاب. ففي الظاهر توحد ذاته بصفائها الدالّة على صفات الله وتوحيده 
الحقيقي لصفاته. وإذا كان صفة ذات المرء هكذا في أعضائه؛ وعلمها في كل شيء فكيف 
بصفات الله جل وعلا أن يشبهه فى شىء؟ ولكن جعل الخلق دليلا على توحيده. 

قال: 

8 - فأتلو علوم العالمين بلفظة وأجلو على العالمين بلحظة 

يقول: و : خص في أول هذا البيت معني النطق. وفي آخره معني الرؤية» وأشار إلى أنهما 


(1)في الديوان: [مصرّف] بدل [تصرّف] و[قدرتي] بدل [قوة]. 


قديؤوّلان في الذات إلى معنىء فقال: وأتلو, وأراد تلاوة الباطن. وهي الذكر والمشاهدة. 
أي وأشاهد جميع علوم العالمين» أي الخلائق كلهم وهو العلم الإلهي المتجلي الله 
تعالى به من الحضرات التي هي العلم به في لفظه. أي في كل حرف. وفي كل ذرّة من 
ذرات الوجود؛ لأنّ ما تجلى به الله تعالى في جميع الوجود من حضرات العلم به تجلى 
معي في كل ذرّة من ذرات الوجود. وفي كل ذرّة من ذرات أجزائي؛ وأجلو: أي وأكشف 
[117ظ] على» أي على ذاتي بمشاهدتي لذاتي. وهي فيهاء أي الحضرات فأراها بذاتي 
في لحظة؛ أي في مشاهدة ذاتي لها؛ لأنّه أثبت أنَّ الذات هي الملاحظة؛ وهي الناطقة, 
ونطقها هو ذكرهاء وذكرها هو شهودهاء وشهودها هو رؤيتها فرجع معنى النطق إلى معنى 
اهبرد انيم دلق . وكل هذا يريد ليكشف توحيد الله تعالى في كل شيء إذ هو المقصود 
بعلم المكاشفة قوله العالمين ثنيّة عالم» أي عالم الغيب العلمي. وعلم عالم الشهود 
بلحظة. أي برؤية واحدة» ولا عجب إن الناظر إلى السماء في الليل إذا رأى نجومهاء 
وطكلك الى نيه وتان اا احميدها كن كر كتين لندكلات :اك الا خط اياعم 
و كاه لمات امار ل 

قال: 

9 - وأسممعٌ أصواتَ الدعاة وسائرٌ ال للغات بوقت دون مقدار لنحة 


يقول: وخصٌ السمع بهذا البيت. فقال: وكما أرى في كل ذرة» ومن كل ذرة ما أراه في 
الموجدات كلها كذلك أسمع وأرى في كل صوت بكل لغة تجلي الحضرات الإلهية فيها 
فأفهم حقائقهاء وإن لم أفهم معانيهاء ولكن أشاهد فيها قدرة الله» وأفعاله كلها بوقت. 
أي بكل وقتء. وحين دون مقدار لمحة» وأراد بذلك كمال حضرات الفرق بنظر حقائق 
الكائنات» والتنبيه عليها شيئا فشيئاً؛ لأنّه إذا لم يشاهد الحضرات الفعلية الإلهية في كل 
شيء لم يرة نتي'!) إلى حضرات الجمع أصلاء فلا تظنّ أنه تكرار» ولو عدده بجميع بع ما في 
الكائنات ما كان تكراراء فافهم ذلك 


(1) في الأصل و[س]: [يرتقي]. 


قال: 

0 -وأ حضرٌما قَذْعَرٌَ للع د جملة و يَرْتَددْ طرفي علن بغمضة بغمضة!!) 
يقول: وقد خصٌ القدرة هنا فقال: وأحضر ما قد عرّء أي امتنع البعد. أي لأجل البعد 
جملة فأحضره بقدرتيء وقوة ذاتي» ولم يرتد طرفي علىّ بغمضة:. أي قبل أن يرتدٌ طرفي 
على وذلك مثل ما يراه المرء بعقله من مكان بعيد متى ذكره أحضره في عقله ورأى 
مثاله» وصورته في أسرع من لمح البصر كان قريباً أو بعيداء والقريب والبعيد عليه سواءء 
وكل ذلك دلالة على العلم بصفات الله. وأنَ القريب. والبعيد عليه سواء. فكل شيء لم 
يُتصور في العقل من صفات الله جعل له مثالا مثل قدرته أنّها لا نهاية لها جعل النا. 
وأكلها الحطب غذاء لها لا نهاية لهاء وكذلك المتمم للمنطرقة المعدنية» وتغذيته بالروح» 
وبالكامل» أو بالناقصة بعد تكميلها به كلّما كثرت عليه الجسدانية بالكامل؛ وألقى على 
الروح. : ثم ألقى على الكامل كذلك بلا نهاية أبدا أبدا. 

قال: 

1 - وأَنْشَقُ أرواحَ الجنان وعَرْفَ ما يُصافِحٌ أذيال الرباح بنسمة 


يقول: وقد خصٌ آلة الشم فقال: وا أي وأء شم أرواح الجنان فيمكن أنه أراد 
روائح الجئان» ويحتمل أنه أزاد: ونسيم أرواح» أ حور عين الجنان. وأسمع كلامهن 
وأخاطبهن. ويخاطبنيء. وأعانقهن. ويعانقنني. وكل هذا يصح برؤية العقل. وأشْمّ 
ذلك عَرْف ما يصافح إدنال الرياح» استعار لما تمس الرياح أشجار الأرضء وتأخذ من 
عَرْفهاء أي روائحها مصافحة لها بأذيالهاء ويحتمل أَنّه أراد رياح الدنياء أو رياح الجنان. 
وأنْ كل هذا بنسمة واحدة» أي بشمّة واحدة» وهذا يحتمل فى درجة كلّ مَنْ شاهد ذلك 
برؤية عقله؛ ولكنّ الفرق بين المقام المحمدي وغيره أن المقام المحمّدي يشاهد هذا 
عالم الآخرة» وعالم الدنياء وعالم الغيبء وما في عالم الغيب من ذلك كله في كل لحظة 
وشمّة وسمع. والمراد الباطن من هذا المثل أنه ينشق أرواح الجنان إدراك الذات للصفات 
الإلهية؛ واستعار أرواح. أي أرواح حضرات التوحيد. وحقيقة التكميل بكمالها الذي هو 
البقاء الدائم له؛ لأنه كذلك الكمال يحظى بالقرب في الدنيا والآخرة» ويصافح أذيال 
(1) في الديوان: [حمله] بدل [جملة]. و[إليّ] بدل [عليّ]. 


565 


3ه ] الرياح الحبّية الإلهية من ذلك الكمال الإلهيء والمحبة الإلهية في كل نسمة: 
أي في كل مشاهدة؛ لأنه جعل شمّ الذات وسمعها وبصرها هو شهودها وإدراكهاء فافهم 
ذلك. 

قال: 

2 - وأستغرقٌ الآفاقّ نحوي بخطرة واحيرق السَّبْعَ الطباقٌ بخطوةا) 

يقول: وأستغرق الآفاق بالمشاهدة إلى علمهاء أي أحضرها نحوي بخطرة واحدة من 
خطرات ذاتي» وأخترق السبع السموات بخطوة واحدة» وأراد بالخطوة خطوة المشاهدة 
إلى علمهاء كل «دللاري الخظلة وسطاره زرو وشيية زاخدو و تدره رحد يولي فا نيا 

من العلم, لا برؤية صورتهاء قال الله تعالى: لت إبرهِيمَ مَلكوْتَ ألتسوَتِ 214. ولم يقل 
ملك السموات؛ لأنْ الملكوت هو علم ما في الملك من العلم الإلهي". 


وفي الحقيقة أنَّ كلّ شيء تجلى في ذاته فهو يراه من ذاته بذاته» وإذا كانت ذاته يجلّيها 
في رؤيتها القريبء والبعيد» سواء فما أدلها على قدرة الله وصفاته. وكل هذا في الظاهر 
بذلك على صفات ذاتك لتعرف بها صفات ذات ربك جل وعلاء فافهم. 


قال: 


3 - وأشباح مَنْ لم تبق منهم بقية 2 كالأرواح 7 خم - 
يقول: وأشباح مَنْ لم تبق» أي حضرة الجمع منهم؛ أي من أصحابي بقية منهاء أي من 

أشباحهم, بل أفنتها كلها فخمْت حتى صارت كالأرواح في لطافتها. حفت بجمعيء. أي 

بحضرة أحدية جمعي» جعل أهل الحضرات الجمعية التي لم تبق لهم أشباحاء بل صيّرتهم 


(1)فى الديوان: [وأستعرض] بدل [وأستغرق]. 

(2) الأنعام الآية 5 

(3) الملكوت: هو عالم الغيب المختصٌ بالأرواح والنفوسء ينظر موسوعة الحفني؛ ص967) وموسوعة العجمء 
ص 940. أمَا المُلك فهو عالم الأجسام والأعراضء وكل شيء من أشياء الوجود ينقسم بين ثلاثة أقسام: قسم 
ظاهر ويسمى بالملك». وقسم باطن ويسمى بالملكوتء والقسم الثالث منزه عن الملكي والملكوتي فهو قسم 
الجبروتي الإلهي المعّر عنه بلسان الإشارة بالثلث الأخير كما وقع في قوله 2: إن الله ينزل في الثلث الأخير 
من كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول: هل... هل.... ينظر موسوعة الحفني. ص967. 


5366 


كالأرواح كأنّهم حاقون حول حضرته. وهي وسط حضراتهم إلآ أنها أعلى, فافهم. وأراد 
بذلك أن حقيقة المعرفة بالله تعالى لا تختلف. ولكن يختلفون أهل الله في تفاوتهم في 
مشاهدة ثرة الحضرات وقلتهاء فافهم. 

بيان: 

ولما ذكر حضرة أحدية جمعه عن أخبر مقامه عن قولها بلسان حالهاء 

قال: 

4 - فَمَنْ قال أُومَنْ طالّ. أوصَالَ إِنَما يَمتٌ بإمدادي ‏ له برقيقة 


5 - وما سار فَوْقَ الماء أو طارٌ في الهوا أو اقتحمّ النيرانَ إلا بهمّني 


6 - وعنّيّ مَنْ أمددثه برقيقة 2 تصرّفٌ عن مجموعه في دقيقة 
7 - وفي ساعة أو دونَ ذلك مَنْ تلا بمجموعه جمعي تلا ألف ختمة 
8 - ومنّي لو قامتُ بميت لطيفة لرُدَثْ إليه نَفْسّه وأعيدت 
يقول: وقالت أحدية جمعي: وكل من قال أي كل من نطق بلسان المقال أو لسان 
الحال» ومن طال: أي وكل من اقتدر على شيء من الحركات أو السكنات. أو صال: أي 
أو غلب شيء على شيء. أو سار: أي مشى أحد فوق الماء كما يحكى عن عيسى الفلا 
أو دواب الماء التي تسبح في الماء أنه كان يمشي على الماء'!"» أو طار في الهواء من 
الإنس بعلمه. والجنّ بقدرتهم. والملائكة. والطيورهء أو اقتحم النيران كإبراهيم الخليل 
لقنلا أو بلغ أحد درجات حضرات الجمع حتى تصرّف في رؤيته ونظرته إلى الحضرات 
الظاهرية» والحضرات الباطنية من أسماء أفعال الله» وأسماء صفاته. ينظرها في دقيقة 
واحدة: أي في لحظة ولمحة, ألف ختمة بمجموعه: أي في حضرة جمعه التي هي بعض 
حضرات جمعيء وأراد بذلك مشاهدة الله بحضرات الجمع في ألف شيء في لمحة 
واحدة؛ وأراد بأكثر من الألف؛ لأنّه كلّ شيء ينظره في لمحة رأى في كل شيء منها جمع 
حضرات الجمع في لمحة واحدة. وهذا حَقَّ؛ لأنّ كل ذرّة من ذرات الوجود هي حرف. 


(1) يقول د. كامل الشيبي: «... وكان للمتصوفة بالمشي على الماء غرام أي غرام؛ لأن ذلك يجمعهم بالمسيح»» ينظر 
كتابه الصلة بين التصوف والتشيعء 425/١‏ 


وهي كلمة» وهي آية» وهي كتاب تامّء فيها علم التوحيد كما في الوجود كله» فكل الوجود 
ختمة؛ وكل ذرة ختمة؛ والقرآن العظيم كل حرف منه في مشاهدة الحضرات فيه هو حرف 
وكلمة وآية ختمة» فافهم هكذا القول بلسان حال حضرة أحدية الجمع» وكل من كان فيه 
من هذه الصفات في وصفه وفعله [118ظ] إِنْما يمسّء أي يتوصل بإمدادي له برقيقة» أي 
بلطيفة» أي شيء قليل لطيف من بحر كمالي الذي لا نهاية له. ولا يجوز أن يكون له نهاية» 
ولا يقدر إلا بإمدادي. وبهمتي. أراد هنا الهمة بعض معناها فاستعارها للإرادة والمشيئة 
أي بإرادتي» فإن قلت: إِنْ الحضرات هي صفات الله؛ ولا تنسب المشيئة إلى الصفات». 
فالجواب: إن الصفات يراد بها الموصوفء ويصحٌ أن يشار بها إلى ذات الموصوف؛ لأنّ 
في الحضرات أسماء الله تعالى» وهو السميع» وهو القدير؛ أن الحضرات هو العلم به, 
وبأسمائه» والعلم بوجوب وجود ذاته» وفيها العلم بذاته؛ لأنْ علم الذات هو العجز عن 
الإدراك» فمن عرف عجزه عن معرفة ذات الله ونزّهها عن كل شيء هو منزه عنه تعالى 
ووصفه بصفاته فقد عرف ذات الله وصفاته» وشاهده حقيقة» وحضرة أحدية جمع الجمع 
هي الحضرة الجامعة لجميع الحضرات المتجلي بها الله تعالى على عباده. ولذلك كان 
من قولها بلسان الحال: أنا الذي ظهرت في كل شيء» وفي كل جمالء وليس شيء ظهرت 
فيه إلآ وهي جمال وكمال. وعنّي: أي وبي من أمددته برقيقة» أي بمادة قليلة» لطيفة 
تصرف مشاهدته عن مجموعه. أي عن تجلي حضرات جمعه في دقيقة» أي يشاهدها في 
لحظة واحدة» كل ذلك من فيض بحري كمالي الذي لا نهاية له» ومني لو قامت بميت 
لطيفة» أي لطيفة من إمدادي له لردّت إليه الروح. وأعيدت. وكل هذا إشارة إلى أنّه من الله 
تعالى» وعن الله تعالى» وأراد أن هذه كلها كراماتي''' للذين وصلوا إلى هذه المقامات. 
ويشير في الباطن إلى وصول الذات الإنسانية إلى المكاشفة بالكمال» وطيرانها في عوالم 
الملك والملكوت والجبروت بمشاهدة الحضرات الإلهية» وختمها بالرؤية في كل شيء. 
وإحياء الذات بها بعد موتها لعدم تجليها عليهاء وتحليها بصفات بقائهاء وأنّها لتردّ عليها 
الروح» وتعاد حينئذ بهاء فافهم ذلك. 


(1) الكرامة: هي خرق العادة من قبل ولي ومن حيث النظرية فلا فارق بين الكرامة والمعجزة إلآ أن الكرامة تختص 
بالأولياء» أمَا المعجزة فهي مختصة بالأنبياء» ولها طرق ووسائل كثيرة» ينظر عن الكرامة كتاب أدبيات الكرامة 
الصوفية؛ د. محمد أبو الفضل بدران فهو مخصّص برمّته لهذا الموضوع. 


قال: 

9 - هي النّنْسُ إن ألقَّتْ هواها تَصاعَفََتُْ قواها وأعطث فعلّها كل ذَدَة 

يقول: لما ذكر فيض كمال حضرة أحدية جمع الجمع مما يكشف لهم من تجلي 
الأفعال» والأسماء. والصفات في الحضراتء وما تأتيهم من الكرامات التي لا يلتفتون 
إليها'''» ثناء على نفوسهم, تعظيماً لهم. وأخبر أن من بلغ مبلغهم نال منالهم فقال: هي 
النفس إن ألقت هواها: أي طرحته وأسقطته عن جميع عالم حسّهاء وعالم المحسوسات 
تضاعفت قواهاء أي تزايدت قوة قواهاء أي صفاتها الأربع» وأعطت فعلها كل ذرة إما 
إعطاءً حكمء ولو لم يشاهد ذلك منهاء وإما إعطاء مشاهدة منهاء أي الصفات الأربع فعلها 
كلّ ذرة» أي كل قوة منها التي هي السمع؛ والبصرء والنطق, والقدرة هي في كل ذرّة من 
أجزاته» وأجزاء الوجود بأسره. وإذا كان هكذا حق العارفين» المحققين» الواصلين إلى 
حضرة الجمع الذين قد اجتمعت لهم مكاشفة الأسماء الصفات لله. وأسماء الأفعال في 
كل ذرة من الوجود. 


(1) من المعلوم أنَّ «الولي يجب عليه ستر كراماته وإخفاؤهاء وليست الكرامات للأولياء إلا تأديباً لنفوسهم وتهذيباً 
لها'. ينظر موسوعة الحفني. ص922. وهو ما قصده الشيخ ناصر في المتن. 


53609 


الباب الحادى والعشرون 


في بيان ظهور جميع المعجزات النبوية أنّها كلّها من فيض كمال حضرة أحدية الجمع 
بلسان المقام المحمدي 55ه: 
0 - فَنَاهِيِكٌ جمْعاء لا بِقَرْقِ مساحتي مكان متيس .' أو زمان مُؤْقَت 


يقول: ولمّا ذكر مقامات أهل حضرات الجمع, وأنْهم يشاهدون الكلام؛ والسمع. والبصر 
والقدرة في كل ذرة من ذراتهم. وذرات الوجود. فناهيك: أي فأين إدراك نهاك أي ما أبعد 
إذراكة أن يدرك جمعاء أي كمال جمال جلاله حضرة أحدية الجمع؛ وأحدية جمع الجمع 
والكمال المطلق لا يحدد كماله بفرق» أي بتحديد مساحتى مكان. أو تحديد زمان مؤقت 
مثل وسع مساحة بمكان مقيس الأرض ومساحتها هو تحديدها بالذرع [119و]» ومقدار 
طولها وعرضهاء يقال: مساحة هذه الأرض كذا وكذا ذراعأء وكذلك مساحات السموات» 
أي حدٌ وسعها طولا وعرضاء ولا يصمح في تحديد نهايته بوقت مؤقت أي بتحديد نهايته إلى 
مدة مؤقتة أي لا يصمّ أن يقال: عظيم؛ أي كثير الوسع في فضاء واسع محدود لكمال الله لا 
يوصف بذلك. ولا يوصف بنهايته بمدة» أي كبير كما لكبير الأجسامء ولكن لا نهاية لكبره 
تعالى الله عن ذلك؛ وله معنى آخر أن كمال الله لا يوصف بمكان ولا بزمان, وإنّما يعرف علم 
كماله بالمكان والزمان» وأنّه بلا نهاية بوقت مؤقتء والمثال فى ذلك أنه قادر أن يخلق فى كل 
لحظة مثل هذه السموات والأرض. ثمّ هو كذلك بلا نهاية يخلق مثلهاء ومثلهاء ومثلها في كل 
لحظة بلا نهاية في الخلق واللحظات فافهم ذلك؛ ولذلك قالت حضرة أفعاله وأسمائه وصفاته 
في ظهور كل معجزة نبوية: إِنّه منها. 


قال: 

1 - بذاك علا الطوفانَ نوحٌ وقد نجا 
2 - وغاض له مافاض عنه استجابة 
3 - وسار ومتنٌ الريح تحت بساطه 
4 - وَقَيَ ارتداد الطَوْفٍ أحضر مِنْ سَبا 
و60 - وأَخْمَدَ إبراهيمٌ ناز عندوةء 
6 - ولمّادعا الأطيارٌ من كلّ شاهق 
7 - ومن يده موسى عصهه تلقّفتٌ 
8 - وَمِنْ حجر أجرى عيوناً بضربة 
3- وتوسلف إ لقي الننكة كمتضينة 
0 - رآه بعين قَبِلَ مقدمه بكى 
1 - وفي آل إسرائيل مائدةٌ من ال 


2 - ومن أكمَّهأبراومن وَضَّحعدا 


به مَنْ نجا من قومه في السفينة 
وجدّ إلى الجوديٌّ بها واستقرّت 
سليمانٌ بالجيشّين فَوْقَ البسيطة 
له عَرْشش بلقيس بغير مَشقَّةِ 
ومن نوره عادث له رَوْض جَنَةَ 
وقد 5 جاءته م عصية 
من السَحْر أهوالاً على النّس شََقّتَ 
على وجه يعقوب إليه بأوبة 
عليه بها شوقاً إليه فَحُفَّتِ 
سما لعيسى أَنزْلتُ ثََ مدت 
شفى وأعاد الطينّ طيراً بنفخة 


يقول: وقالت حضرة أحدية الجمع في ظهور المعجزات بسرّ مشاهدات بعض 
حضراتها لمن وصل إليهاء وكملت ذاتها بكمالهاء واتصلت محبته بجمالها بذلك» أي 
بالتكمّل بكمالها: نوح على الطوفان قد نجا مّن نجا مَن ركب في السفينة» وغاض له مائة 
فى باطن الأرض بعدما فاض من بطنها ظاهراء ومن السحاب» وأصل ماء السحاب بخارء 
ثم دخان لطيف من حرارة الأرضء ومن هيجان بحر الماء الأرضيء فبقدر ما يهيج بحر 
الماء الأرضي يرتفع بخاره في الهواء سحاباً فيمطر سماء السحاب. ويفور بموج هيجان 
بحر الماء الأرضيء ويلتقي الماء كما قال تعالى: # فَفَنَحنَا أبَوب السّمله أو مُنجَمر (00) وَفَجَرنَا 
رص عونا التق الْمَآءُ َلك أمر قد عرِرَ 14 وقوله: استجابة» أي لدعائه. وجدّ: أي وانتهى 
في أمره الجدّ في الجودي. وهو جبل بالهند2» وقوله: ومتن الريح. والمتن هو ما بين 
(1) القمر الآيتان ١!‏ و12. 
(2) هناك أقوال أخرى في مكان وجود هذا الجبل. 


الكتفين» ويحمل بعض الناس الأشياء على ظهره بين كتفيه» واستعاره للريح. 

وقوله: الجيشين: أي الإنس والجن. والبسيطة الأرضء وقوله: وأخمد النيران» أخمدها 
أطفأهاء ولكن هذا أرادها استعارة» أي أبردها الله تعالى» وذلك لما ركب إبراهيم اطننة 
على المنجنيق ليرموا به في نار هي فرسخ في فرسخ نزل جبريل اللتلا. وقال له: هل لك 
من [119ظ] حاجة؟ قال: أمَا إليك فلا. قال: أفلا تدعو الله بشيء؟ قال: هو أعلم بحالي 
فجعلها الله تعالى جُنَّةا! له وقوله: عن كل شاهقء فالشاهق الجبل» وقوله: تلقّفت» أي 
ابتلعت في بطنها. وقوله: على النفس شقت. أي صعبت.ء أي ثقلت على النفس في اتباعها. 
وني اتعنظاديع لها أن ينا وسرقاء وقول ابعر تعت عدا يمي شفخاء أي عرفت ابعر 
وقوله : ديماء فالديم المطر القوي المنقطعء ولكن أراد هنا معناه» أي الماء الكثير المتواتر 
المقطع اثني عشر عينأء وقوله: البشير هو المبشَّر بخبر يوسف. وقوله: بأوبة» أي برجعة. 
وقوله: في إلقاء القميص من البشير على النبي يعقوب عليهم السلام بأوبة؛ أي برجعة نظرة 
إل القراه تعانى لطر 402 نر اندرا هين بصيرة فيل د لك؛ وشم الرائحة قبل وصول 
البشير لقوله تعالى: إإِقْ لأجِدٌ رِيعَ يُوْسُْفَ #. وقوله: فكفت. أي كفت عينه عن قوة 
نظرها بها من قبل بكائه د وقوله: ومدت المائدة: أي اتسعت لجميع بني إسرائيل؛ 
وذلك لما رآه قد بلغ به العدم؛ وظتّوا به ما ظنواء وساءلوه ما سألوه أنزل الله عليه ما ساءله 
ليعلموا غناه بالله تعالى» وأنه ما طلق الدنياء وزهدها إلا رغبة عنها لا لعجز مع رغبة فيها. 
وحتجة عليهم؛ وشفى من غداء أي أصبح به وضح. أي برصء وهو الذي ولد أبرصء 
والأكمه من ولد أعمى. 

قال: 

3- وسرٌ رَ انفعالاتٍ الظواهر باطنا عن الإذن ما ألقتْ بأدذنكَ صيغني 

يقول: وسرّ انفعالات الظواهر التي صدرت عن الإذن الإلهى لقوله تعالى: #هَحَكُون 
ليا ادن تق الخكيه وال وس إن وَإِذ مي الْمَونّ ادق 4 إِنّما كان ذلك 
الإذن باطناء وجميع ما ألقت إليك بإذنك, أي ألقت إلى قلبك من أخبار معجزات الأنبياء 


(1) جنة: وقاية. 
(2) الماتدة, الآية 110. 


والرسل والأولياء» كآيات الخضر عليهم السّلام» حاسّة سمعك بآلة أذنك فإِنّما هو 
صيغتي -بالياء المثناة التحتية» والغين المعجمة- والصيغة تستعمل في حسن نظام الشيء؛ 
يقال: ما أحسن صيغة هذا الأمر. أي ما أحكمه. وكذلك لو كان جذعا قبيحا ولكنّه على 
نظام معجب ! فيقال: ما أقبح صيغة هذا الأمر! أي ما أحكم نظامه في الجذع! ومراده هنا 
بعض معنى الكلمة فاستعاره لقول الحضرة بلسان حالها منبئة عن قول الله تعالى فيها إن 
ذلك كله من حكمتي وكرامتي وآياتي لمقام النبوة» ولم يبلغوا ذلك إلآ بعد أن وصلوا إلى 
بعض هذه الحضرات الجمعية من مراتب هذه الكمالات القريبة الحبيّةالإلهية الجامع لها 
النبي فت بحضرة أحدية جمع الجمع. 

فصل"): 

ثم انتقل الكلام في الأنبياء عن مقام النبي 6 لهم الإشارة هم قالوا بلسان الحال: 

قال: 

4 - وجاء بأسرار الجميع مُفيضُها 2 علينا لهم خَيْماً على حين فترة 

يقول: وكان الكلام لمقام النبي 8 مخبراً عن الله تعالى» وانتقل كلام المقام المحمدي 
مخبراً عن قول أصحابه الذين ذكرهم بقوله: فأوهمت صحبي'”) فقال: قالوا وجاء. أي بعث 
بظهورهم بأسرار الجميع من الحضرات الإلهية» العلمية» والتكميلية» والقربات الحبيّة 
الرضائية» وأنوار المحبة الإلهية؛ الداعية إلى الله تعالى. مفيضها: أي مفيض كماله لها عليناء 
بهم: أي بعلوم الأنبياء» والحضرات التي وصلوا إليهاء ومقامات قربهم. وقربات المحبّة 
المحبية الرضائية» ختماً: أي خاتما لها كلّها لم تبق للأولين فضيلة إل وقد جاء بها لأمّته على 
حين فترة من الرسلء أي يباعد من مبعثهم إلى مبعثه» وكل ذلك كرامة له ولأمته الطائعين له 
فافهم. 

قال: 


5 - وما مِنْهمٌ إلا وقد كان داعياً ‏ به قَومَه للحن عن تَِعيَةٍ 


(1) في س [بيان] بدل [فصل ]. 
(2) هو البيت الثاني من هذه التائية الكبرى. فليلحظ هذا التلاحم في الكتاب. 


531014 


يقول: وما منهم: أي الأنبياء والرسلء إلا وقد كان داعياً به» أي بذلك العلم والكمال 
والتكميل به الذي جاء به النبي 26 [120و] قومه للحقٌء أي للعمل بالحقٌّ. وهو العلم عن 
تبعية» أي عن إتمام في الحقيقة بالنبي #؛ لأنه إمام المتوجهين لله تعالى» وهذا إيضاح 
لفضل أمته. وأنَ من اتبعه من أمته فهو أفضل تابع لنبي؛ ومّن خالفه فهو شر مخالف لنبي 
إلا أنه في ذلك الأمر الذي خالفه فيه بينهما إلا في كل معصية؛ لأنَ المعاصي تختلف. 
ومن هنا قيل إِنْ أمة محمد هت لها الفردوس من الجنان. ولها شر النيران جميعا. 

قال: 

6 - فعالمثًا منهم نبي ومَنْ دعا إلى الحقّ منّا قام بلرّسْلية 

يقول: فلما صم بمظهره ظهر الكمالي المطلق. الكلي. والحسن الكلي. والجمال 
الكليء والبحر الأعظم في كل صفة من صفاته الحسنة لقوله #6: [لو وزن إيمان العالمين 
بإيمان نبيكم لرجح. ولو وزن إيمان جميع أمتي بإيمان أبي بكر لرجح]1'", دل أَ إفاضة 
ذلك منه على أمته أعظم إفاضة من إفاضته لمن سبقه ظهوراء وصحٌ ما قيل: إِنَّ عالمنا 
العامل المحقق اليحلضن قائم مقام نبي منهم. أي من اهل ذلك الزمان» ومن دعا إلى 
الحقّ وكان عالماء وإماماء أو وليّ العلماء نفسهء أو العلماء إذا تعاقد منهم اثنان أو أكثر 
ليدعو الخلق بالأمر بالمعروف» والنهي عن المنكرء ويقيمون الدين كله فأقاموا مقام 
الإمام في كل أمر إلا في إقامة الحدود. وقيل: حتى في إقامة الحدود لصيغة الأمر من 
الله في خطاب المؤمنين بلفظ الجمع, وأنّه لهو الأصحّ» ومّن صار بهذه المنزلة قام مقام 
الرسلية» أي الرسلء والرسالة من الأولين. 

قال: 

7 - وعارنافي وقتناالأحمديّمَن ‏ أولي العزم منهم آخدٌ بالعزيمة 

يقول: ومّن كان كذلك أيضاً في منزلته في العلم» وإقامة الدين» وكان من أهل 
التحقيق» وبلغ في مقامات حضرات الجمع قام مقام أولي العزم من الرسل» وقوله: في 
وقتنا الأحمدي. ونسب زمان بقاء أمته بالأحمدي. وقوله: آخذ بالعزيمة متوجّه معناه إلى 


ورواه البيهقي موقوفا على عمر بإسناد صحيح. 


الرسولء وإلى القائم مقامه. وقيل بعض الأخبار إِنّه كذلك يكون له من الأجر تعظيماً لأمته 
هيه في ظاهر الأمر وباطنه تعظيما له الكنثة. وقد قال الله تعالى: #إنَا أَنرَلْنَهُ # أي القرآن 
العظيم #فى لَه آلْقَدْرٍ 4 أي أنزله إلى سماء الدنيا على لسان جبرائيل انلا في كل سنة أنزل 
في ليلة القدر هو ما ينزل في تلك السنة على النبي *؛ لأنّ آيات القرآن لا تنزل إل عن قصة 
وقضية تبدو قبل النزولء فينزل فيهاء وفي معناها ثم قال: #ومآ أَدرَنكَ ‏ أي ومن أخبرك 
ما لله ألْمَدْرٍ» كل ما في القرآن إدراكء فالنبي من يعلمه. وكل ما فيهء وما يدريك فهو لا 
يعلمه. ثم قال جلّ وعلا: لاليلَهُلقَدْرٍ حَيرٌ يَنْ أَلفِ سَّمَرِ» أي العبادة فيها أفضل من عبادة 
ألف شهر من العبادة في غيرها خاصة لكم هذا التفضيل لا للذين خلوا من قبلكم, فإنهم 
كذلك كانوا يعبدون فيهاء ولكن في حقهم لا فضل لهم فيها على غيرها. # نَرّلُ الملكيكة # 
المقربين الذين هم مثل الرسل على الملائكة ممما يوحي إليهم الله تعالى #وَألرح فيا 
والروح هو جبرائيل خضّه بالذكر بعد ما كان داخلاً في العموم إخباراً منه تعالى عنه أنّه 
هو أعظم جميع الملائكة على الإطلاق» وينزلون من السماء السابعة إلى السموات كلها 
بالعلم إلى سماء الدنيا ليخبروا الملائكة الموكلين بالأشياءء وفي التدبير الإلهي ما يقضيه 
في تلك السنة كلها كما قال فيها: #بُفْرَنُكُلُ أَمْر حَكيِرٍ 104 وقد ظنّ أهل العمى© أنَهم 
ينزلون إلى الدنياء وكيف ينزلون إلى الدنياء وجبرائيل اكتةة يقول للنبي فت: هذا آخر نزولي 
إلى الدنياء والله تعالى يقول: #8 لََزَلُ ألْملتيكدُ وَلرْنٌ 4 فدلٌ ذلك على صحة ما قلناه 
وذلك لبن رم © أي ينزلون فيها بعلم ما يريد الله منهم وبهم ينكل أَمِ) وهي حتى. 
أي إلى مطلع [120ظ] الفجرء فإذا طلع الفجر انقضت الليلة» وكذلك انقضاء كل ليلة» 
وإذا كان هذا التضاعف للأجر من أهل الإيمان من أمة محمد 8ه فلا يبعد إمكان ما قيل؛ 
والله أعلم. 
قال: 


8ح- وماكانّ منهم مُعْجرا صار بعدّه كرافة صديق له أو خليفة 


02 


(1) الدخان. الآية 4. 
(2) هل يريد الشيخ ناصر تكد ب (أهل العمى) الذين يأخذون بظاهر النصوصء وليس بمكنتهم الغوص إلى أسرارهاء 
وتأويلها؟ فقه النصّ يشير إلى هذاء والخلاف بين الفقهاء. وأهل السلوك عموما أشهر من أن نذكره. 
56 


يقول: وما كان من كرامات الله تعالى لأحد من أنبيائه من إظهار المعجزات صار 
عوض ذلك التكريم بعده؛ أي بعد ذلك النبي كرامة صديق له النبي عي أو خليفة له لا 
أنه يقوم مقامهء ولكن في قيام دين الله تعالى» وليس المراد أن تكون تلك المعجزة بعينها 
تظهر على يد صذيق أو - خليفة» ولكنَّ المراد أن فضل تلك الآية هو أن يجعل عوضها في 
أمة محمد 26 صدّيقاً في إيمانه وعزمه وعلمه. أو خليفة في ذلك, وفي قيام الأمر بدين 
الله تعالى» فإن ظهور نور ذلك العلم ونور إيمان ذلك وكماله هو أعظم من ظهور تلك 
الآية» والنبي 8 يختار هذا لأمته من إظهار تلك الآيات لهم. والخليفة هم خلفاء الأبدال 
السبعة» والأوتاد الأربعة» وإلآ ما كان منهم» والقطبء والقطب من الثلاثة» والثلاثة من 
الأربعة» والأربعة أصلهم من جملة السبعة» والسبعة من جملة الأربعين!!) 


قال: 


9 - بعترته امستغنت عن الرسل الورى وأصحابه والتابعين الأئمة 


يقول: بعترته: أي بعلم أقاربه وأهله. استغنت الورى: أي الخلق بعده من أمته عن الرسل» 
اوعد إرسان الرسل إليهم؛ وبعلم أصحابه ددء وبعلم التابعين الأئمة» أي العلماء المحقين» 
أهل الاستقامة في الدين علماً وعملاً لقوله تعالى: لعل ما د34 ما رسولء وإمَا نبي. 
ونا عالم وإما إمام عادل؛ وقال تعالى: لاسنو أَهْلَ اذك إِنَكْثْرْلَاََُنَ 014. 

قال: 

0 - كراماتُهم مِنْ بعض ماحَصّهمبه ‏ بما خصّهم من إرث كلّ فضيلة 

يقول: إِنْ كراماتهم: أي الذين أعطوا فضائل معجزات الأنبياء من أمته هو لهم 
اي لو ال ل ا 
تلك الكرامة لذلك الرسول هو على الخصوص له دون أصحابهء وخصّهم -بالخاء 
المعجمة-. وإنَّما تلك الكرامة التي ُصّوا بها هو أي مما حضّهم -بالحاء المهملة- 
بما لهم من نصيب من إرث كل فضيلة من فيض بحر فضائله. استعار كلمة الإرث للقسمة 
(1) مر الحديث عن (الأبدال) و(الأوتاد) و(القطب) وعددهم. 


(2) الرعد. الآية 7. 
(3) النحلء الآية 43. 


الإلهية ما لكل امرئ من النصيب من ذلكء ولقولهفتة: [نحن معاشر الأنبياء لا نورّث, لا 
نورّث إلا العلم]'') فالعلماء هم ورثة الأنبياء فكان ما لكل صدّيق له أو خليفة من فضائله 
مامنططه -بالهاء الميجلة - من ذلك 

قال: 

1 - فمن نُضْرة الدّين الحنيفيٌ بعدّه تال أبي بكر لآل حنيفة 

يقول: فمن آيات كرامات الله للخواص من أصحاب محمد 6 التي هي بمنزلة معجزة 
نبي ورسول ما ظهر على يدي أبي بكر الصديق 5ن نصرة الدين الحنيفيّ» أي المائل عن 
الاعوجاج إلى الاستقامة وهو دين الله. ثم دين نبيه صلوات الله عليه وسلامه. ونصرته 
بعده الدالة على عظم الكرامات التي هي مثل المعجزات الأولى للأنبياء عليهم السلام 
هو قتال أبي بكر الصديق#2ه مع قوة عزمه. وقلة عدّته حين ارتدت الأعراب بعد موته كك 
وكثر المرتدون فقاتلهم جميعاً حتى ردّهم قسراً وغلبة وقهراء ومن ذلك قتاله لآل حنيفة 
وهم آل» أي أصحاب. وجماعة حنيفة» وهو مسيلمة الكذاب المدعي النبوة بالسخرياء 
والهزل بالنبوة؛ لأنه يأتي فيما يدّعيه من [121و] الكلام الهزل البذيء الفحشء وهو 
مسيلمة بن حبيب بن حنيفة بن نجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل؛ وكان أصحابه 
من أشدّ الناس قوة لقوله تعالى: لسَمُدَعوْنَ إِك هوم أَوْلى بين سد نتمم أو مِمُوتَ 214 أي 
قاتلوهم حتى يسلمو')» وكذلك بقية المرتدين جميعً©. 

قال: 

6 لدويارية الجاة للكسل الندا" '2. من عمد والنذاة عي قرية 


يقول: وكذلك من كرامات الله للخواص من أصحابه : التي هي في مثل معجزات 


ابطر صم الناري 2 لقيو اليداية رالا 842 ار بطر كدللك الملل والمطل للخير ساني 051 اتسين 
ل ال ل 
رأي الشيخ ناصر في ميراث النبوة. 

(2) الفتح. الآية 16. 

(3)فى الأصل و[س]: [يسلمون].ء وما أثبتناه الصواب. 

(4) أفاضت كتب التاريخ في الحديث عن حروب الردّة. وموقف أبي بكر ظينه الحازم منها. 


الأنبياء ما ظهر على يدي عمر بن الخطاب حين بعث عسكرا"'" إلى العراق» وقدّم فيهم 
رجلا فاضلا اسمه سارية" قاصداً العدوّ عند بلد نهاوندء وجعل العدوّ على قوم عمر 4 
كماع يسان الجن قرا من بن الخطاب من المدينة وراء الكمين» وهو في الخطبة يوم 
الجمعة. فناداه يا سارية الجبل. يعنى خذ طريق الجبل واحذر كمين العدوء وأسمع سارية 
نداه» وألجأه النداء إلى الجبل» وسلم المسلمون من نكاية العدو. والمسافة بين المدينة 
ونهاوند أكثر من مسيرة شهرينء كان ذلك مما خصٌ النبي © عمر بن الخطاب ذينه من 
حصص -بالصاد المهملة- الفضائل التى خصه إيّاها من بحر فضله. 

قال: 

3 - ولم يشستغل عثمانٌ عن ورُده وقد أدار عليه القوم كأسّ الميّة 

يقول: وعثمان حين قاتله المسلمون. , بعض أصحاب رسول الله فيك وأداروا عليه 
كأس المنية. وأشار إليه أنه لم ينقطع قراءته من القرآن العظيم إلى أن قتل7©. 

قال: 

64 - وأوضحٌ بالتأوبل ما كان مُشْكلاً علي بعلم ناله بالوصيّة 


بقول: وأوضح بالتأويل للقرآن العظيم؛ ولكلام النبي عد ما كان مشكلاً من كثير من 
العلوم علي بن أبي طالب بعلم ناله بالوصية» أي بالتعليم له كما يقال: هذه وصية رسول 
ع رح راون لل بوم الود لتك ار سا1 


نتأه قوله تعالى : #دال؟- وض" د به 40# أي أخب ركم به. وحرّضكم على العمل به» فافهه”” 


(1) في الأصل: [عسكر] وما أئيتناه من سء وهو الصواب. 
(2) هو سارية بن رليم الدُؤلي كما قي تأويل منختلف الحديث لابن قتيبة» ص 350, والخبر هناك وفي الهامش مزيد 
بن التختريج. 
(3) هي واقعة الدار كما اصطلح عليها المؤرخون. وهي ذائعة معروفة انتهت بمقتل عثمان بن عفان طق 
(4) الأنعام, الآية .15١‏ 
(5) من الضروري الإشارة هنا إلى أنَّ (الوصية) قد أخذت أبعاداً أخرى عند المسلمين؛ ودخلت في الصراع الذي قام 
بين المسلمين على (الإمامة) وهي «أعظم خلاف بين الأمة . .. إذما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل 
و لو ا اي ٠8ء‏ وتذهب فرق الشيعة كلها 
إلى #إمامة على بن بى طالب وخلافته نصاء ووصية إمَا جليّاء وإما خفيّا». الملل والنحل؛ الشهرستانىء. »117[١‏ 
بي لور وه ال 0 


قال: 
25 - وسائِرُهم مشلٌ النجوم من اقتدى أيهم مله اهتدى بالنصيحة 


أصحابي كالنجوم بأَيّهم اقتديتم من الحقّ اهتديتم]'!!؛ وفي الحقيقة أن النبي 8 أصحابه 


م 


منهم مَن كان على الح لا غير لقوله تعالى: #إِنَّ أبن مِنْ أَهْلى 2#) فافهه. 
قال: 


6 - وللأولياء المؤمنين به ولم 2 يَرَؤْه اجتبا قُرْبِ لقُربِ ا 

27 - وَفْرْبْهمُ معني له كاشتياقه لهم صُورةً فاعجب بحضرة غَِبة 

يقول: وبعد ذلك خصوصية من فيض بحر كماله وجماله ما للأولياء المؤمنين ب ولم 
يروه مَن في زمانه. ومّن يأتي من بعده إلى يوم القيامة» وإنما خصّوا بالكرامات التي خصّوا 
بها هو سبب اجتباء قرب» أي اصطفاء قرب بينه وبينهم» لا قرب مكانء ولكن لقرب 
الأخوة لقوله #: [واشوقاه إلى لقاء إخواني قيل له: ألسنا نحن إخوانكم يا رسول اللهغقة 
قال: لأنتم أصحابي. وإخواني هم الذين آمنوا بي واتبعوا سبيلي ولم يروني ولم يغيروا 
ولم يبدّلوا تبديلاً]'*) وقربهم له: أي إليه. معنى: أي قربهم إليه قربأ معنويا”» كاشتياقه لهم 


ميحلت الختايكاء لابن كي 101 وها بعنما مع الهرامشن ثليه يقال ميلد و من المؤكد أن الشيخ ناصراً 
علد َه يأخذ بالمعنى اللغوي للوصية؛ ولا يتجاوزه إلى المعنى الاصطلاحي انطلاقاً من قناعاته الفكرية. 
(1) ينظر شرح ديوان ابن الفارضء. ص 160. 


(2)هود. الآية 46 وهي خخطاب لنوح الاير 

(3) هذه نظرة عميقة ذات دلالة من الشيخ ناصر كته حين يجعل الصحبة التزاماً بالحقٌ. والأخذ بالعزيمة و الفرائض. 
لا بمجرّد الصحبة الزمانية أو المكانية» وليس هذا بغريب عليه حين ينفق عمره في الغوص على المعاني الجوهرية 
محاولاً سر أغوازهاء :واضط ا تفاسيهاء وقدتر قفنك عد هذا الموضوع في دراسة سابقة لي تحت عنوان (الثقافة 

في الشليج الغري نين المتخرك والباكن 12 اهيار لدو ونا ادو ررقت عد هذا المرشوع بلطل 

في الحديث عن [الفرقة الناجية] وكأنّ ما يذهب إليه الشيخ ناصر تنانة يقع ‏ ضمن اتجاه عام يرى أنْ «الفرقة 
الناجية ليست قضية مذاهب ومصطلحات بقدر ما هي التزام؛ وسلوك» . ينظر الأدب في الخليج العربي؛ 3/ 548 
وهو مايراه الشيخ ناصر. ويأخط به. 

(4) تنظر الرسالة القشيرية؛ 2/ 574 وفي الهامش أن الترمذي أخرجه في صحيحه. 

(5) في الأصل و[س]: [قرب معنوي]ء وما أثبتناه الصواب. 


صورة: أي يرونه كأنه حاضر معهمء ويشاهدونه كما يشاهد أصحابه لا فرق» وأشار يذلك 
إلى قوة الإيمان ونهاية حدّه» وأشار في الباطن إلى أن معنى حبهم له وحبّه لهم اتحادهم 
في الحقيقة» فإِنَ [121ظ] نور ذاته من نور ذاته لا غير والذات إذا صارت نيّرة بنور العلم 
بالله. وبالمحبة لنور الإلهية الداعية إلى الله تعالى» وبتجلي نور المحبة الإلهية الرضائية» 
ونور الحق. صارت ذواتهم بالنور ذاتاً واحدة في المعنى الاتصافي؛ لأنّ المحبة واحدة 
فهي تحب أنوارها من ذاته؛ ومن كل ذات هو فيه. وجمال الأنوار التي تحبّه هذه المحبة هو 
الذي في ذات غيره فصار بعضهم لبعض أحبّ كل شيء؛ وكانوا كل واحد منهم نوره وكماله 
هو في ذات الآخر. فما أعجب من هذه القرابة» ولا أغرب من هذا الحضور بعضهم 
لبعض مع غيبة كل واحد عن صاحبه مع أنه يمكن أنّه لاايعرفه أصلاء ونور كماله في 
ذات هذاء ومحبته التي أحبّ بها ذلك الكمال هي في هذاء وذلك بالمعنى الاتحادي في 
المحبة والكمال؛ لأنْ معنى المحبة الإلهية واحد. ومعنى الكمال الإلهي الصفاتي واحدء 
ومعنى الكمال الإلهى الذئ جعله كمالاً لذات المرءء ومعلى المحبّة الرضائية واحدء وفى 
هذا المعنى إشارة لحك ار لاية والبراءة''" أنك في الحكم الباطن متول2) [كل]”) 
ولي لله تعالى عرفته أو لم تعرفه؛ لأنك أحببت ذلك الكمال الذي بذاتك, وذلك الكمال 
هو الذي يكمل به غيرك» وبغضت نقيضه فبغضت أهل نقيضه!*»» فافهم. 
قال: 


8 - وأهل تلفي الروح باسمي دَعوا إلى سبيلي وحجّوا الملحدين بحجّتي 


(1) للولاية والبراءة معنيان: عام وخاصء أمَا العام فهو اتباع الإنسان أوامر الله ونواهيه. وتولّي رسوله كيك فهذه 
هي الولاية؛ وترك ما نهى عنه الله ورسوله. فهذه هي البراءة. أمَا الخاص فمعنى الولاية عند القوم على ثلاثة 
أقسام: ولاية العام وهي الخروج من العداوة. وولاية الخاص وهي الاختصاص بالمحبة, وولاية الأخص وهي 
الاصطفاء بالولاية؛ والولي هو الذي يتولى الله سبحانه أمره فلا يكله إلى نفسه لحظة بل يتولى الحقٌّ سبحانه 
رعايته. وقد أطلق وصف (الولي) على الشيخ ناصره ووالده الشيخ جاعد كما مرّ في المقدمة, أما البراءة الخاصة 
فهي ترك الذنوب والمحرمات,. والتبرؤ منها نهائيا. ينظر عن الولاية موسوعة العجم. ص ا105. وما بعدها. 

(2) في الأصل و[س]: [متولي]. وما أثبتناه الصواب. 

(3) مابين المعقوفين ساقط فى سء والزيادة من الأصل . 

(4) إنَّ هذا التأويل لمصطلحي (الولاية) و(البراءة) يؤكد ما سبق أن أشرنا إليه من سعة نظر الشيخ ناصر ته إلى هذا 
الموضوع. وهو يتحدث عن معنى صحبة رسول الله © فهو هنا ينظر إلى هذا الأمر بالسعة نفسهاء ويقدم له مقياساً 
وحيداً هو التدين والورع بعيداً عن المذاهب وتفرّعاتهاء فالأصل هو الالتزام الديني الحقّ وما عداه فروع. 


يقول: وجميع أهل تلقي الروح. والروح هو جبرائيل اكلاء وأهل تلقيه وحيه من الله 
تعالى هم الرسلء والأنبياء باسميء وأراد باسم ذاته من أسماء صفاتهاء أنها عليمة حين 
تجلت فيها أنوار المعرفة الإلهية» وأنوار الحقّ من الكمالات الإلهية» وأنوار المحبة 
الإلهية. وأنوار المحبة الرضائية الإلهية. فلما صار اسمها عليمة» وهذه أسماء صفاتها 
فكل نبي وولى دعي إلى الله تعالى دعى بهذه الأنوارء وإلى التكميل بهذه الأنوار الإلهية: 
وهي سبيلي» وسبيل كل ولي لله تعالى» وكل سبيل غير هذه فهي باطلة» ذلك لتعلم أنَّ 
الحق لا يختلف في زمان على حالء. وبحجٌ آيات هذه الأنوار حججوا الأنبياء والرسل 
الملحدين'!) محججتي. أي الملحدين الضالين محبجتي. وهي طريقتي لله. وطريقة الله 
تعالى» وطريقة كل وليّ لله تعالى. 

قال: 

9 - وكلهُم عن سَبْقٍ معناي دائرٌ بدائرتي أو واردٌ من شريعتي 

يقول: وكلهم: أي جميع الأنبياء والرسل والملائكة وكل ولي لله تعالى» عن سبق 
معناي: وسبق معناه. أي إِنّه لما كان في علم الله أنّه ليوجد الخلائقء وفي علمه أنه يكون 
أكمل الخلائق معرفة به وأكملهم كمالاً بها وأكملهم محبة لله بمحبته؛ وأكملهم مع الله 
محبة» وأنّه إمام السابقين والمتوجهين إليه» وأنه لاحقّ إلا كماله. وما سواه باطل» وأنْ 
ذلك الكمال هو الذي يفاض على أهل الكمالات صار في المعنى كلهم كأنّهم دائر. أي 
محيط بدائرتى. أي بدورتى التى هى كالحلقة الدائرة» أو وارد من شريعتي, والوارد هو 
طالب الورد من الماء هو الصادر عن الورد بعد الورد من الماء. 

قال: 

0 - وإنَي وإن كنتُ ابن آدمَ صورة فلي فيه معني شاهدٌ بأبوّتي 

يقول: وإِنّي وإن كنت ابن آدم صورة: أي شخصاًء فلي فيه معنى شاهدٌ بأبوة. والمعنى 
الأول أن كل شيء وجد من نوره؛ والمعنى الثاني أنه هو أسبق الخلائق وأولهم؛ وكل مَن 


(1) يقصد أن الأنبياء والرسل قد حاججوا الملحدين الضالين بحجته هو على اعتبار أنّه يتحدث هنا بلسان المقام 
المحمدي الذي سبق نوره كل شيء. 


أفيض عليه شىء فإِنّما هو من فيض بحره فهو أبوه بالسبق والفضلء والمعنى الثالث أن له 
العهد الأول على الطاعة والإيمان» وثبت ذلك لجميع الوجود. وثبت لآدم؛ وعلى آدم؛ 
فعهد آدم ثبت لجميع ذريته» وعلى جميع ذريته» وعهد نور النبي 2# ثبت لجميع الوجود. 
ولآدم؛ وعلى جميع الوجود. وعلى آدم. وعلى جميع ذرية [122و] آدم إلا مَنْ ضتّعه 
بنفسه» فافهم. 

قال: 

1 - ونة نفسي من حجر اله لتحلي برشدها تخا تخلت وفي حجر التجلي ترئبت 

بقول: وفيه تقديم وتأخير» وتقديره ونفسي من ححجر -بفتح الحاء- التحلي -بالحاء 
المهملة- أراد هنا من حرمة التخلق بالأخلاق المحجورة عليها برشدهاء أ 
هداهاء ورشدها تخلت!) -بالخاء المعجمة- أي تجردتء وانسلخت من لبس حلى 
المحجورات فإنَّ التحلي هو لبس الحلي. ومن حجر -بكسر الحاء المهملة-. والتجلي: 
أي ظهور وانكشاف. ومشاهدات الحضرات تربّت من حال طفوليتهاء وفى نشوئها إلى 
أن انتهت غايتهاء والحجر هو تربع المرأة بالجلوس فيكون أمامها من فخذها الأيمن إلى 
فخذها الأيسر هو الحجر الذي تضع فيه ولدهاء استعاره لتربيته في حجر التحلي من أول 

قال: 

2 - وقبل فصالي دون : تكليف ظاهري حت حَتَمْتٌ بشَرْعي الموض ضحي كل شرعة 
أي علمتء بشرعي الموضحي: أي الواضح كل شرعة جاءت للأنبياء؛ لأنَ بذلك النور 
علم كل ما سيأتي. وأنا ذلك النورء ولم أظهر بأقل رتبة مما أنا هناك فافهم. 


يسبب 


قال: 


(1) وقفنا فيما سبق عند (التخلي) و(التحلي). 


3 - وفي المهد حزْبي الأنبياء وفي العنا صر لوحيّ المحفوظ والقَنْحُ شورئي!!) 

يقول: ومعناه يتوجه إلى معنيين: ظاهر وباطن.ء فالظاهر أنه من حين ما كنب في 
المهد صبياء والمهد هو الذي يوضع فيه الطفل ليحرك به قوله: حزبي الأنبياء. أي أتباعه 
وأشياعه في التكميل بالعلم الإلهي. والكمال الإلهي. وقوله: وفي العناصر. الطبائع!”) 
التي هي الحرارة» والبرودة» والرطوبة» واليبوسة» فظاهرها كرة النارء وكرة الهواءء 
وكرة الماء. وكرة [ ]0 ذ في الهواء. ثم البسائط في الأرضء وهي الماء الظاهر. 
والتراب الظاهرء والرياح المحسوسة. والنار الظاهر» ومن هذه الطبائع تتولد العناصر؛ 
ومن العناصر والبسائط تتكون المولدات: المعدنء ثم النبات» ثم الحيوان» وبعد الحيوان 
الإنسان!)» وهو من جملة الحيوانء إلا أنه لما كان أكمل منه كان هو المرتبة الرابعة الآخرة 
فيكون المراد في ظهوري المرتبة الرابعة الإنسانية التي هي أفضل مولدات العناصرء 
وفيهم ومنهم الأنبياء» قوله: لوحي أي لوح ذاته المحفوظ. أي لوح روح عقله المركب 
في الذات الإنسانية المتولدة من العناصر المائية» والترابية» والهوائية» والنارية إشارة إلى 
التركيب الإنساني الذي هو في المرتبة الرابعة» فأشار إلى علم عظيم [بعلم عظيم]” 
طويل شرحه؛ لأنه يأتي على شرح جميع التوليدات والتكوينات من أول الإيجاد إلى رتبة 
الإنسان. وقوله: والفتح سورتيء أي القرآن العظيم سورتي أي كتابه وإنما ذكر سورة 
الفتح من ذكر الجزء بإرادة الكل في علم المنطق. وأشار بتخصيصها عن ذكر غيرها 


(1) يرد هذا البيت فى الديوان قبل البيت السابق. 

(2) نظرية الطبائع مقولة يونانية قديمة تحدّث عنها جالينوس وتبعه الأطباء من بعده. وأفاد منها الأطباء والفلاسفة 
المسلمون. ونقرأ في كتاب (الأزرق) لمحمد بن ناصر بن سليمان وهو طبيب عماني؛ ومؤلف أيضاً قوله: «اعلم 
أن الله اخلق الدتا وما فيها من أريعة أشياء: من الريح. والنارء والتراب؛ والماءء وبيان هذه الأشياء الحرّ والبرد» 
والرطبء واليابس». ينظر الأزرق. 17[15. 

(3) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتهاء واستضأنا بموسوعة العجم فوجدنا الكرات أربع؛ ذكر الشيخ ناصر 
منها ثلاثا هي: النارء والهواء. والماء» ولم يبقّ سوى التراب. فلعله يقصدها هنا. ينظر موسوعة العجم؛ ص788. 

(4) يفيد الشيخ ناصر بَندَنَهْ من اطلاعه الواسع على العلوم القديمة ومنها الفلسفة؛ وما يقوله في المتن يقترب من 
مذهب الفيلسوف اليونانى انكسيماندريس المتوفى سنة 546 قبل الميلاد» على سبيل المثال. وقد تطوّر هذا 
المذهب فيما بعد على يد الفلاسفة اللاحقين؛ ينظر تاريخ الفلسفة اليونانية؛ د. يوسف كرمء ص16ء والوجود 
عند فلاسفة اليونان» د. على حسن محمد. ص20, وما بعدها. 

(5) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 

(6) وهومن أساليب المجاز المفرد المرسل في البلاغة العربية مثل العين في الررقيب, وقوله تعالى: لسر رَقدَ مُؤْسَةٍ» 


584 


إشارة إلى الفتح العظيم الذي هو الكشف في المكاشفة الإلهية المتوحد به عن جميع 
الخلائق كتوحّده بنزول القرآن العظيم الذي هو أعظم شيء من كتب الله تعالى» وفي ذكر 
العناصرء واللوح إشارة إلى أسماء ذاته الأربع التي هي السمعء والبصره والنطق» والقدرة» 
وأنْ جميع الأنبياء أنوار هذه الأربعة القوى من ذاته بنور العلم بالله كلهم حزبه. وأَنّهم 
كلهم كأنهم في حال المهد مع مقابلة نور قواه الأربع التي هي لذاته. وهي لوح محفوظه. 
فإن روح العقل هي لوح محفوظ في المرء فيه بنفس القلم الإلهي ما شاء الله أن ينقشه 
فيه» وهو قلم معنويء ولا نظنّ أنَ القلم الأعلى الناقش في اللوح الأعظم أنه قلم جسمي 
صوريء ولا لوح جسمي صوريء بل الكل معنويء فاعرفه. 

شبحان: 


ولما ذكر أنه إمام العارفين والمكاشفين بالله تعالى في حضرة أحدية جمع الجمع أخبر 
مقامه عن قوله حاكيا عن قول الله تعالى فيها. 

[122ظ] قال: 

34ت وهموالأرلى الوا بتز نيه علق صراطيّ لم يعدوا مواطىّ مششيتي 

يقول: وهم والأولى -بحذف الواو من الأولى- في القراءة دون الخط والكتابة: 
وقوله: وهم والأولى. وقد ذكر الأنبياء» والذين حجّوهم من الملحدين فيحتمل أنه 
أراد الأولى أبعد مذكورء وأراد الملحدين» وهم أقرب مذكور وهم الأنبياء» وكل طائع 
لله تعالى»؛ وهكذا من عادته إذا أراد الإجمال أبهم الإشارة فتكون الإشارة يدخل فيها 
الطائعون والعاصون. وجميع الموجدات من جميع ذرات الوجود لتنكير الإشارة» فإنَ في 
تنكيرها فائدة ليدخل فيه كل ما يحتمل أن يدخل فيهاء وقوله: قالوا بقولهم, أراد هنا القول 
فعل الذات من قول وغيره. وإِنّما خصٌ القول لظهور فعل الذات به من صفاتها الأربع. 

وقوله: بقولهم. أي بذواتهم الحجرية؛ لأنه لما أثبت أن من أسماء ذاتها السامعة» 
والباصرة» والناطقة» والقائلة» والقادرة» والفاعلة» وأنّ من أسماء أفعالها السمع. والبصر 
والقول والنطقء» والبطش جاز له أن يذكرها بعد ذلك. ويشير إليها بأيّ اسم وبأيّ صفة. 


[النساء:2 9] أي تحرير عبد مؤمنء ينظر معجم المصطلحات البلاغية وتطورهاء د. أحمد مطلوب. 3/ 207. 


وبأىّ فعل من أفعالهاء فقال حاكياً عن قول الله: إن الأنبياء والأولياء» والملحدين الضالين 
كلهم أفعالهم بذواتهم الفاعلة من قول, أو عملء أو فعلء أو نظرء أو سمع إِنّما هم على 
صراطيء أي كلهم على حكم طريقة تدبيري وصنعي؛ ولم يعدوا مواطيء مشيتيء أي لم 
يتخط أحد منهم قدمأ عن مواطيء. أي آثار مشيتي, أي إرادتي. ويحتمل مشيتي استعاره 
من المشي؛ أي لم يعذوا اثر ري سنكي في تديري» وأشاريذلك انها يعضني العاي 
حيث عمل ما لم أرد منه فصار شيئاً في الكون خلاف إرادتي؛ فاحتمل في ظاهر الأمر أن 
يكون شىء فى الكون على غير ما أريد. وهذه صفة المغلوب فلا تظنّ ذلك فإِنَى شعت 
امعان مااعليك انرو باق علقى الذي رككار أذ بعضس» تاكيك لتذانا لها بف 
وبصرء ونطق. وقدرةء وجعلته بتدبيري قادرة على هذاء وهذا استخبار ليعمل ما سبق في 
علي الاسيعمل ا ويليفت عذاوئي ل تعنم يه فكينت كان على اغير إرادتي» واكل قلي 
نه أنااخلك فعتصائى بالقدرة الى ركيتها فيه دوقدعليت أله لغضى يهاءقاني ذللهي 
قال: 


5 - قَيمْنٌ الدعاة السابقين إلى فى بمبنى ويّشسر اللاحقين بتسرتى 


يقول: حاكيا عن قول الله تعالى له في حضرة أحدية جمع الجمعء فيُمن: وأراد 
هنا اليمين اليد» وأراد باليد الإحسانء وعين الإحسان المبالغة فيه فأشار إلى إخلااص 
الدعاة» وهم العباد. ودعواهم عبادتهم» واجتهادهم؛ وتضرّعهم من الأولياء السابقين» 
وهم الأنبياء والرسل. وبعض الأولياء القائمين مقامهم من العلماءء. والأئمة المهتدين 
وهم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: #وَاَلسَنيفُونَ لفون :() وليك الممرون (114)50) هم 
في المثال كأنّهم في قبضة يميني تمثيلاء وتعظيماً لهم. ويُسرأًء أي وتسهيل أمور التابعين 
لهم بإحسان كأنّهم في قبضة يساريء. ولم يقل في شمالي؛ لأن أصحاب الشمال استعارهم 
لأهل المعاصي فلذلك استعار لأولياء اللاحقين, التابعين باليسارء وهذا تمثيل» ولما 
مثّل الله تعالى أصحاب اليمين لأهل طاعته. وأصحاب الشمال لأهل معصيته» وليس 
بيد يمين» ولا شمالء ولكن استعار الأفضل للأفضلء ولفظة الأدنى لغيرهمء فوسّع أهل 
التحقيق. والمكاشفة في الاستعارة في الله تعالى لإيضاح توحيده. وكفى فخرا لمن كان 


(1) الواقعة, الآية 11-10. 


في قبضة الله في يده اليمنى» ومّن في يذه اليسرى قبضة محية» وقربة فيكون بنصرته. 

وولايته» وتوليته» ومحبته» وحركاته» وسكناته بيد الله تعالى. 
قال: 

6 - فَلاتَحْسيَنٌ الأمرعتيَ خارجاً ‏ فما ساد إلا داخلٌ فى عبودتى 

يقول: وقال في حضرة أحدية جمع الجمع: ولا تحسبنَّ الأمرء أي شيئاً من التدبير من 
طاعة الطائع. ومعصية العاصي خارجاً [123و] عن قدرتي عليه» ولا تظنَّ أنّي مغلوب 
على ذلك. بل كل شيء بتدبيري وحكمتيء وما ساد ذاته بالطاعة من سادهاء ولا ساد 
وتجبّر بمعصيتي من ساد من الملوك إلا وهو داخل في عبودتي, أي في ملكي, فكلهم عباد 
لي. وكلهم ملك ليء وأنا القادر عليهم» وعلى تقليب قلوبهم؛ ولو شئت لهديتهم جميعاء 
ولكن شئت أن أتعبد كل من لزمته عبادتي بعبادتي» وأكشف ما في قلوبهم من اختيارهم لا 
على قدرتي عليهم؛ بل على اختيارهم» ولو شئت لم يختر المعصية'' وإنما يختار الطاعة 
لكنت قادرا على أن أجعله بقدرتي عليه من أرغب الناس في طاعتي, ولكن لم أحبّء ولم 

أردء ولم أشأ أن يعبدوني على قدرتي عليهم, فافهم ذلك فإنّه هنا أشار إلى هذه المعاني؛ 

وسيظهر بيان ذلك في غير هذا المحل؛ لأنه تارة بذكر ما يريد أن يذكره بالإشارة والتلويح» 

ثم يأتيه بالعبارة» والتصريح في موضع آخرء فافهم ذلك. 
قال: 

27 - قلا حي إلآ عن حياتى حيانه وطوع مرادي كل تفسنين مريدة 
نقول(2): افلا حت إلا عن حاتي والحياة على أربعة معان المع الأول بالحياة 

(1) في الأصل و[س]: [يختار]. وما أثبتاه الصواب. 

(2) يفيد الشيخ ناصر في معاني الحياة من عبد الكريم الجيلاني في كتابه (مراتب الوجود) حيث يجعل الحياة خمسة 
أنواع لا أربعة كما ذكر الشيخ ناصرء وهو يختار ما شاء له الاختيار» فالنوع الأول حياة وجودية وهي سائرة في 
جميع الموجودات. والثاني حياة روحية وهي الحياة الملكية لسائر الموجودات في العالم الروحاني بالأصالة. 
والثالث حياة بهيمية وهذه الحياة هي الحرارة والرطوبة الغريزتان الكامنتان في الدم الجاري في تجاويف الكبد. 
والرابع حياة عارضة وهي الكمالات الحاصلة بحسب الأمر الوارد عليه كالعلم فإنّه حياة للجهل» وكالربيع فإنّه 
حياة للأرضء والخامس حياة الهيئة الأصلية اللازمة التي هي من كل الوجود وبكل الاعتبارات في غاية ما يكون 
من الكمال» وهو تقسيم يقترب في مجمله مما قرّره الشيخ ناصر في المتن» ينظر موسوعة العجم؛ ص !!3» وما 


بعذها. 


المشتركة حياته التي هي أصلها الحرارة النارية وغذاؤها الماء ونسيم الهواء. كما ترى 
الإنسان يجذب الهواء بالاستنشاق فهو يلهب على نار روحه التي بها حياته عما يلهب 
صاحب الكور بالمنفاخ على ناره» ومتى وقف عن النفخ بطلت النار. كذلك تبطل نار 
الروح متى انقطع عنها النفخ عنهاء وكذلك الأشجار نارها تأخذ من نسيم الهواء. وأمًا 
حيوان الماء فلقوة حرارة يد يحتاج إلى نسسيم الماء فإذا طبخت النار رطوبة الغذاع. 
وانعقدت جسما في الجسم وكاد أن يجف الجسم. ويجف دهانة الرطوبة المستحيلة 
دهانة من الغذاء يطبخها؛ لأنْ النار لا تطلب إلا الدهانة» فهي غذاؤها الإعصار والنار 
والماءء فكان الحياة التي هيء فهذه هي روح الحياة المشتركة في الحيوان والنبات الروح 
العقلية التي ذكرها الله تعالى: # وَيسْدَنُوتلَ عِنٍ الروج # بل هي العقلء والعين البصيرية. 
وعيون العقل خاصة. والمعنى الثالث'!): الحياة الوجودية التى يشترك فيها كل موجود 
[فإن كل موجود]2 يسمى حياً حتى الأموات من الناس والحيوان فإِنّ الغير الحي هو غير 
الموجود© أصلا. 

والمعنى الرابع الحياة أنوار المعرفة بالله تعالى في ذات المرءء وأنوار محبته الإلهية 
التي تقضي بها ذات المرء» وأنوار تجلي المحبة الرضائية على ذات المرء وأعماله. فإنْه 

مع أهل هذا العلم لا حياة لذات الإنسان إلا بهذه الأنوار الثلاثة» ومّن لم يكن له منها شيء 
فليس هو بحيّ والناظم أراد الإخبار عن قول الله في حضرة أحدية جمع الجمع أنه لا 
حيّء أي لا شيء حي إلا بحياتيء أي بأنواري لأهل الأنوارء وبحياتي التي هي محبتي التي 
ا ت عنه رضائي». وبحياتي الحياة المشتركة التي أحببته بها. وبحياة 
أ تاف بد رط وير ادك در سدق يله لاق أل الكامتي عضا عو نه ولي ريا 
عن عجز أن أجعله راغبا طائعا محبا لطاعتي. فالكل في قهري وملكي. وتصريفي» وقد 
قلت في كتابي لفو سَآهَ لَهَدَ سخ أَبمَعِينَ 44 الَو مَك أنه لَهَدَى لئاس جَِيمًا 54) ولكن 
شنت عاللد اك امف عن علولا على تعر ان لضان العنضة قالف ذلك 
() ميرد المعنى الثاني في السياق. 
(2) ما بين المعقوفين ساقط في س. والزيادة من الأصل. 
(3) في الأصل و[س]: [موجود].ء وما أثبتناه الصواب. 


(4) الأنعام» الآية 149. 
(5) الرعد. الآية 31. 


قال: 

8 - فلولاي لم يوج د وجودٌولم يكن << شهودٌ ولم تُعهذ عهودٌ بذمّتي 

يقول: فلولاي:ويحتمل مراده وجهين: 00 ولولاي إثبات لوجوده سبحانه 
وتعالى» فيكون لفظ البيت فلولاي لم يوجد وجودي في آخر وجوديء. أي لولا أن الله 
تعالى حقٌء وموجود لم يوجدء أي لم يعرف وجوده. ولم يكن ثم شهود ولا خلقء ولم 
يعهد, أي يوثق عهود بذمته. بالهاء المقلوبة تاء من غير ياءء أي لم يعهد أي يلزم عبادة 
أحد؛ لأنّه [123ظ] لا يكون شيء أبدأء إذ لا يصمح أن يكون كونه إلا بمكوّن. وإذا لم يكن 
مكوّنا لم يكن كونء ولما صم وجود الكون والشهود صحّ أنْ لها موجداً أوجدهاء وخالقاً 
خلقهاء وإذا كان هو خلاق كل شيء؛ وقد صم أنه هو الخالق لكل شيء في هذه الحبجة 
العقلية') فكيف يُعصى عن غلبة» أم كيف يكون في ملكه ما لا يريده. بل كلّ ما يراه هو 
بإرادته» ومشيئته شاء أن يظهر من الطائع الطاعة» وشاء أن يكشف عن العاصي ما في قلبه 
واختياره المعصية؛ فركب له الذات كما ركبها لأهل طاعته؛ وركب فيها قوة على السمع؛ 
وقوة على البصرء وقوة على المنطقء. وقوة على القدرة» وقوة على الفعلء وقد علم أنه 
ليعصيه؛ ويكره منه المعصية إذ لو لم يكرهها له لم يكن عاصيا؛ لأنْ الطير تخرب على 
الناس» والحية تلدغهمء وتلدغ الدوابء والسباع يفترس بعضها بعضاء وحيث لم أجعل 
ذلك لها لإظهار ما في نفوسهم من حيث لأعذبهن على ذلك لم يكن ذلك جورا أبدا. 
ولا يتغيرون على غير ما ينبغي بلا نهاية» فهذا ما يدل على أن كل الأمور بيدي. وأنّي قادر 
على كل شيء؛ وهذه كلها إشارات إلى علم القدر. فافهم. 

والوجه الثانى قوله: لولايء أي لولا إيجادي للطائع والعاصي. و : لجميع الوجود لم 


(1 )يرد هذاالبيت فى الديوان قبل البيت السابق. 

(2) هذه الحبّجة العقلية كما سمّاها الشيخ ناصر يده من أقدم الحجج العقلية؛ وأقواها على وجود الله سبحانه 
وتعالىء إذ نرى أفلاطون مثلاً يقول بها فى حديئه عن برهان وجود الله كعلة فاعلة ومفادها أن كلّ ما يوجد بعد 
أن لم يكن لابدّ لوجوده من علة مؤثرة فيه؛ وهي لا تؤثر إلا إذا اشتملت على قوة التأثير؛ ينظر الوجود عند فلاسفة 
اليونان» د. على حسن محمد علي. ص22اء وما بعدها. 

(3) تكررت (أبداً) هكذا في الأصل و[س]. 


يكن وجود أبداء فيكون بهذا المعنى لفظ الوجود -بضم الدال-» ولم يكن [شهود وإذا لم 
يكن إيجاد مني ولم يكن عهودا بذمة عبد من عبادي يحتمل وجهين من المعنى: أحدهما: 
وإن لم يكن]"' مني عهود بذمة. أي تعبد به فكيف يعرف الطائع والعاصيء ومن أين 
يكون المرء عاصياً أو طائعاً؟ كما ترى السباع والحيات وكل دابة مضرّة حيث لم يكن ثمّ 
عليها تعبد لم يكن فيها طائعاً ولا عاصياء كذلك يكون حال الناس لو لم أتعبدهم. ولكن 
اكه شئت ذلك أن أتعبدهم. وكان ذلك في حكمي عليهم؛ وذلك لما جعلت لهم من العقول 

الدّالة على إيجاب ذلك عليهم؛ فأوجبت عليهم ما وجب هو عليهم بالعقول الني فضّلتهم 
عليهاء ولكن لو شئت غير ذلك لجعلتهم كالأنعام عقولاًء ولم أتعتتدهم بشيء أبدأًء ولكنّي 
أفعل ما أشاء. وهو الحق #8 لا يحل عمَا يفعل فْعَلُ وَهُمْ يسَعَلُوت 24 وأهل التحقيق لا يكتفون 
اهز يهل الأنطاحق كدت ا سذاءى ينظ وعدي نينا من بحيب اللعواتة لان لان 
في علمي أنّهم ليعصون لي إذا تركتهم على اختيارهم. وإن كنت قادراً على أن أجعلهم 
أهل محبة على طاعتيء. وفي اختيارهم لم أشأ أن أردّهم إلى قدرتي عليهم وفيهم. وإذا كان 
في علمي أراهم كذلك فليس من الحكمة أن يترك الحكيم فاسدا في حضرته ولا يبعده 
عنها وهم في حضرة شهادتي. وشهادة العباد إليهم» وشهادة نفسه لنفسه إذا كان في عالم 
الشهادة يستحق بكفره العذاب؛ فكيف لا يستحق في عالم غيبي مع أنه خالقهم وخالق 
علمهم؟ لأنّه لا يمكن أن يكونوا في الأصل شيئاء والله عليم بهم لم يزل فيكونوا في الأزل 
مثالاتهم في عالم الغيب, والأزل قديمة فيكون الله أزلياء ومثالاتها أزلية» والله أعلم بها 
فيكون علمه بعلم» أي بعلمه ذلك التي هي غيره» وأوجدها وهي في العلم مثالات أزلية» 
فإن قلت: أفلا يوجب أنّ الله تعالى هو خالق علمه بها؟ فنقول: إِنْ الله ذاته عليمة» وهو 
خالقها أولاً علماً فهو غير خالق علمه بل خالق الأشياء علماًء فإن قلت: أفلا يكون قد خلق 
علماً وهو علمه. ولا يعلمه غيره؟ 

فنقول: كذلك خلق الوجود. ولا خالق لها غيره» والعلم علمان: علم نفسه عالمة» 
وعلم خلقه علماًء والمعاني كلها علم وهو خالقهاء وشرائعه علم وهو خالقهاء فالله خالق 
الأشياء. وخالق العلم؛ وأول ما خلق الله الوجود علما. والمئال في ذلك أن الصائغ الذي 


(1) مابين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 
(2) الأنبياء الآية 23. 


يبدع النقوشات من غير أن يحكي مثالات [124و] وجدها في نفسهاء بل كلما شاء أن يبدع 
نقشأً صوّره في الحال فكان أولا مثلًء فإبداعه لصور النقوشات هو العلم الذي نقشه به فلم 
تزل به عليمة» وعن ذلك العلم صدر ظهور النقوشات, فكذلك ذات الله عليمة» ومتى شاء 
إيجاد شيء من علم وغيره كان» وقدرته على الإيجاد بلا نهاية في كل لحظة: ولكنّه لا يشاء 
ذلك. فالموجودات لا نهاية في علمه؛ ولا نهاية في قدرته على الإيجاد إذا شاء؛ ولكنّه لم 
يشأ إلا ما شاء» وليس هي مثالات يراها ولكتّه لا يريد إبداعها؛ لأنها لو ثبتت مثالات لثبت 
إِمَا أن يكون هو أخرجها مثالآء ورجع القول إلى ما قلناه إِنّه هو خلقها أولاً علماًء وإمًا أنْها 
لا توجد لا مثالاً ولا شيئاً إلا ما أراد كان وما لم يرد لم يكنء فافهم. فإنَّ بحر التوحيد بحر 
عظيم» والقدرة بحر عظيم» والغوص فيه ينتهي إلى هُويّة!!' كما أن جميع الأمر يتنهي إلى 
هُويَة» وأقل شيء ينتهي إلى هُويّة إن قيل هذا الهواء ما هو؟ راك رفوه نوق القن دنا 
او ل و ا الما ل 
ينتهي إلى هويّة فما ظنّك بتوحيد الله الذي لم يكشفه لأحد في خلقه من قدر وغيره؟ فافهم 
ذلك. فإِنْ هذا كله أراد به بيان القدرة بهذه الأبيات. 

قال: 

9 - ولا قال إلا بلفظي مُحدَثُ ولا ناظثر إلا بناظير مقلتي”) 

0 - ولا مُنْصّت إلا بسمعيَ سامعٌ 2 ولا باطّش إلا بأَزْلِي وبطشتي”ا 

1 - ولا ناطق غيري ولا ناظرٌ ولا سميحٌ سواي من جميع الخليقة 

يقول(4): وقد أتى أسماء الذات الإنسانية أسماءها الأربعة التي هي السامعة. والناظرة» 
والناطقة» والباطشة» وأراد الإخبار عن نبأ الحالة عن قول الله تعالى في بيان قدرته أني أنا 


(1)هوية يريد بها القرار السحيق البعيد. 

(2) في الديوان: [بقولي] بدل [ بلفظي]. 

(3) في الديوان: [وشدّتي] بدل [وبطشتي]. 

(4) يفصل الشيخ ناصر ته بدَتة هنا الحديث عن مسألة دقيقة من مسائل علم الكلام هي (صفات الله) التي أطال علماء 
الكلام الحديث فيهاء واختلفوا حولهاء ولعل قصد الشيخ هنا هو التنزيه المطلق لله سبحانه مع إثبات القدرة. أي 
إن «قدير بذاته لا بقدرة هي غيره» على حدّ قول الإمام السالمي في مشارق الأنواره ص184. وقد فصل د. مبارك 
الهاشمي هذا الأمر تفصيلاً ممتازا في كتابه (الإمام نور الدين السالمي وآ راؤه في الإلهيات)؛ ص153» وما بعدها 
فلينظر هناك. 





خالق ذات الطائع» وذات العاصي فليس هو الخالق لذاته» وأنا الذي جعلتها سميعة» فهي 
تسمع بسمعي الذي أوجدته لها سمعاء وتبصر ببصري الذي أوجدته لها بصراء فهي تبصر 
به» وتنطق وتقول بألطافي لها حتى تكمّلت, فهي تتكلم بكلامي الذي أوجدته كلاما لهاء 
وهي تبطش بقدرتي التي جعلتها لها قدرة تقدر على الفعل بهاء ففي الحقيقة أنا المنطق 
بذاته» وأنا المسمع له بذاتفى وأنا المبصر لذاته. وأنا المقدر لذاته -بتسكين القاف- أي أنا 
الذي جعلتها قادرة على ذلك.فعلى حكم الإيجاد فكل كلام هو كلامي, وكلّ سمع. وكل 
نطق» وكل بصر فهو سمعيء وبصريء وكلاميء وقدرتي؛ لأني أنا الخالق لذلك والمصوّر 
لهء فهو لي؛ ويضاف إليّ مُلكا وخلقاء فجميع ذرات الوجود هو كلام الله تعالى» وهو 
المتكلم بها؛ لأنّه هو خالقها. وقوله: فلا ناطق غيري» ولا ناظرء ولا سميع سواي من 
جميع الخليقة؛ يقول: ففي الحقيقة؛ ولا ناطق. ولا ناظر إلا بقدرتيء وبنظري الذي جعلته 
له نظراً ينظر به ولا يسمع سوايء أي غير سمعي الذي جعلته له سمعاً. ولا نطق إلآّ ما 
جعلته من جميع» أي كذلك من جميع الخليقة من طائع وعاص"'"» وكل هذه إشارات 
إلى القدرء وإلى أنه غير مغلوب في عصيان مَن عصاه؛ لأنّه كلّ ذلك لم يعصه إلا بنعمة له 
وبقدرته» ولو شاء لصرفها عنه فلم يعصه. ولم يعصه بجبر منه له كذلك في سابق علمه. 
و علمه به وتكوينه في أول الإيجاد. وتكوينه علما قبل إيجاده» وهو العليم» ولا يجوز 
الدخول في ذلك؛ لأنه هُويّة لا يحيط بها إلا هو وعلمه به وإن كان أزلياً فهو الذي أوجده 
علماًء ولا يوجب ذلك أن علمه به حادث بعدما أوجده علم به؛ لأنّْ كثيراً من العلم أوجده. 
ومن لم يَعُص فهمه في هذا المعنى فليصمت,. فإنّه لا يجوز أن يكون الوجود أصله علم 
أزلي وأنّ الله تعالى لم يزل به عالماً [124ظ] فيكون عالما بعلم لم يوجده هوء بل هو 
أوجد العلم. ويفعل ما يشاء. ويوجد ما يشاء متى شاءء واحذر أن تجعل أزلييّن فإنَ العلم 
علمان: علم لم يزل الله عليماً؛ لأنّه عليم» وعلم لم يزل الله به عليماًء أي قادراً عليماً أن 
يوجد ما شاء. فهو لم يزل قادراً على أن يخلق العلم وغيره؛ فافهم ذلك. 
قال: 
2 - وفي كلّ معني لم بُنْه مظاهري تصوّرت لا في صورة هيكلية”" 


10 ) في الأصل و[س]: [عاصي] بدل [عاص ]ء وما أثيتناه الصواب. 
(2) في الديوان: [هيئة صورية] بدل [صورة هيكلية]» وهناك بيت قبله. هو: 


بقول: وكل معنى من المعاني لم تُبنْهء أي لم تظهره مظاهري لا في صورة هيكلية» 
والهيكل البيت» وتستعمل هذه اللفظة لكل صورة جسدانية» أي وكل شيء من تدبيري 
الذي ظهرت فيه معرفتي لم تُنْهه أي تظهره مظاهري المحسوسات من عالم الشهادة» 
ولاافي مثال ولا في خيال تصورت. ولم يذكر ما تصور. وذكر (في كل معنى): وبها أشار 
إلى المعاني؛ أي الأشياء والمحسوسات دل على أنّه أشار إلى المعاني و الهيئات» وأراد 
من [تصورت] بعض معناه فاستعاره» أي ظهرت بتجلي علميء وقدرتي. وتوحيدي من 
تدبيري الخارج عن هذه الأشياء في المعاني, والهيئات؛ والأحكامء والعلوم» والخواطر 
التي لا تصور مثالا ولا شخصاً ولا صورة, وأراد بذلك إيضاح توحيده في كل شيء؛ وفي 
كل علمء وفي كل هيئة لما ذكر عالم الشهادة» وذكر عالم صفات الذات من علم غيب 
وذكر علم الهيئات والأحوال والعلوم, وأنّ كل شيء هو بالله ومعرفته وعلمه. وفي كل 
شيء من ذلكء فافهم. 

بيان في حال في مقام كماله: 

قال: 

3 - وفيما تراه الروح كُشْف فراسة خَفيتٌ عن المعنى المعتّى بدقة 

يقول: وفيما تراه الروح: والروح هي العين البصيرية المقابلة بجهتها إلى عالم الغيب» 
عالم الإلهام الإلهي؛ وقوله: كشف فراسة؛ أي فطنة. ومعرفة من المعاني» والهيئات»؛ والعلوم» 
والحكمء والأسرارء وإلهام من الله تعالى» وهذا ما يدل المحقّق على أن كل شيء بعلم الله. 
وقدرته. وحكمته. وتدبيره؛ لأنه قد يكون غير ذاكر للشيء من طائع أو عاص فتنبّه الطائع إلى 
شيء لم يكن من قبل يعرفه في شيء أراد يعمله فيذكره إن كانت عالمة به أو توقفه إن كانت 
غير عالمة به. وقد يتذكر شيئاً لم يخطر عليها من قبل أبدا فتبتلى بحبه أو بكراهيته من خير أو 
شرء وكذلك ذات العاصي, وكان من قبل نزول ذلك علمه بذاته معافى؛ كل ذلك لتعلم قوله 
ال لواحي اناف ةن شرن :اتنا وحم لالتتوة نَ4!» وقوله تعالى: «وتبلوك بالشَّرّ 


وفي عالم التركيب في كل صورة ظهرت بمعنى عنه بالحسن زيئتت 
ولم يرد هنا. 


(1) العنكبوت. الآية 2. 
2053 


ىر ار لل 
ل 


وير َه 2114» وقوله جلّ ذكره: طمبَْوْكُمْ يك أحْسَنُ عَمَلَا214, وقوله تعالى: لتبلُوهُم 
مَأكنينْسَقُوتَ 74. وكفى بإلهام الله تعالى للنفس فيما لا تعرفه من قبل أله لم يُْصّ عن 
غلبة؛ لأنَّه هو المذكر لذاته فيما يعصيه فيه. أو فيما يطيعه فيه» فلو لم يكن أراد كشف طاعة 
المطيع.؛ وكشف معصية العاصي من العاصين لم يذكره بذلكء ولم يبله بما يعلم أنه يعصيه 
به وفيه؛ أو يطيعه به وفيه باختيارهماء وأصل الفراسة) عند أهل الظواهر هو الذي يتحرّى 
توقع الأمور التي ستجرى في تدبير الله تعالى فتكون كما توقعهاء ولكن هذا استعار ذلك لقوة 
فطنة الذات التي يأتيها الإلهام من عالم الغيب والخواطر التي تخطر عليها من حيث لا تدريها 
مما يريد الله أن يبتليها بها: ليطيعه فيها وبها أم ليعصيه. فسماها: فراسة؛ لأنها هي والفراسة 
المعروفة كلاهما من عالم الغيب ورؤية الروح» فافهم ذلك. 

قال: 

4 - وفي رَحَمِوت البَسطٍ كُلَّىَ رغبةٌ 2 بها بسطت آمال أهل بسيطةاثا 

يقول: بلسان قول حال النبي 5 وفي حضرة الرحموت: والرحموت لغة في مبالغة 
الرحمة؛ والبسط عظم سعتها. أراد: وفي مشاهدتي لجلال جمال عظمة لطف سعة رحمة 
الله تعالى كلي رغبة» أي كل قوة من قواي [125و]. وكل جزء من أجزاء ذراتي رغبة لهاء 
أي إليها انبسطت, أي رغبت ونشطت. آمال أهل بسيطة: أي أهل أرض الدنياء ويحتمل أن 
ضميره في (لها) إلى سعة الرحمة. أو إلى رغبة؛ وإلى ما رغب فيه من وصول مقام كمال 
الجمال» والكل متوجّه. ولكن إذا كان المراد بالبسيطة أجزاء تركيبه الترابية فيكون 
لفظ (بسيطتي) آخرها ياء الإضافة ويكون أهل [ ]6 الأجرزاءء. واستعار لها 
الأهل؛ لأنّ الرغبة لا تكون إلآ ممّن يعقل. يقول بعدما ذكر رغبة قواه» ذكر رغبة أجزاء 
بسيطتيء أي ترابيتي. وأراد بذلك الحثّ ليكون كل طالب لهذا السلوك كذلك. فافهم. 


(1) الأنبياف الآية 35. 

(2) هود الآية 7. 

(3) الأعراف. الآية 163. 

(4) ينظر عن الفراسة عند العرب كتاب فضل العرب والتنبيه على علومهاء ابن قتيبة الدينوري. 136[2ء وما بعدها. 
(5) في الديوان: [بها انبسطت] بدل [لها بسطت]. 

(6) ما بين المعقوفين بياض في الأصل و[س] بمقدار كلمة؛ وهذا من غريب الاتفاق. 


254 


قال: 

5 - وفي رهبوت القَنِض كُلَيَ هيبة فين الت العينَ مني أجلت 

يقول: وفي حضرة رهبوت القبض., والرهبوت“'"': المبالغة في الرهبة» والقبص: 
الخوف. والانقباض عند الانبساط في الشيء مثل الذي لايقدر أن ينبسط بالكلام بين يدي 
الملك لهيبته؛ وأراد بذلك في تجلي عظمة الله تعالى» والهيبة من جلاله؛ كلي هيبة منه: 
أي كل قوة من قواي. وكل جزء من أجزائي أعظم الخلائق هيبة منه ورهبة» كما إذا تجلى 
عليّ بصفة الرحمة أعظم الخلائق نسظا ونساطا ورغبة إلى الله تقال فقا أخلت العدة 
فى افيرككر اش يد مل تددر لعي مت ]فا انون سا عر لخر إلى العج ترات : 
وإما العين البصيرية إلى تجلي الأسماء؛ وتجلت لي هيبة العظمة: أجلت -بتشديد اللام» 
وفتحها- أي أعظمت. وأراد أنّه كلما نظر إلى تجليها زادت في ذاته هيبة» وأجلت». 
وعظمت كذلك بلا نهاية إلى آخر عمره ليبلغ مقامه» كذلك ينبغي أن يكون كل سالك هذا 
السلوك, فافهم ذلك. 

قال: 

6 - وفي الجَمْع بالوصفين كُلَيَ ُربةٌ ‏ فَحيَ على قُربى خلالي الجميلة 

يقول: وفي الجمع: أي وفي حضرة الجمع بالوصفين أي بالرحموتء والرهبوت. 
وهما جلال جمال ار خد رجما لساك الرع ور فرق سك تيان اماد رعشي 
الرحيم. اللطيف. الرؤوف» وبحكم تجلي أسمائه: العلي. العظيمء الكبير» المتعال 
القوي» وتجلي الاسم الجامع بين معنى الجلال والجمالء أي أشاهد الله تعالى كما 
أشاهده بالذات» وكلها مستغرقة بحبّ الله وبحبّ كماله الذي هو طاعته» وكلها سميعة 
لله ناطقة بأمر الله» ناظرة لأمر الله. فاعلة لأمر الله؛ لأنْ كل شيء من المرء هو سميع 
لذاته» بصير بأمرهاء ناطق بلسان حاله بطاعتهاء فاعل لأمرهاء فكيف لله» وفي الله وبالله 
وإذا كانت الذات قد كملت بكمال الله تعالى» وهي تبع للذات صار كل شيء منهء وكل 
جزء من أجزائه حكمة مع الله حكمها إذا أذعن إليها فكلها على هذا قد اتصفت بالرهبة 


(1) جاءه فى العين» ص317 مانضه: «ورهبوت خير من رحموت. أي: أن تفي وير من أن تُرحم». فجمع الكلمتين 
ف :كان واحة: 


5225 


من هيبة الله ما يمنعه حتى عن النطق بين يدي الله تعالى» وعن الحركة؛ والسكونء ومع 
النظر إلى الرحمة؛ والكرامة فكله بسط بالدعاء. والسؤال. والتضرعء والابتهال؛ لأنّ الله 
تعالى لو تجلى بعظمته على المرء لصعق, واندك» وفني» ومات من شذة الهيبة؛ ولكنّ الله 
تعالى يتجلى بالعظمة على المكاشفين قدر ما تحتمله عقولهم» وبالرحمة حتى يأنسوا به 
فيناجوه ويعبدوه ويسألوه ما شاءواء وكل ذلك من جلال كمال لطفه ورحمته؛ ولو تجلى 
لهم بعظمة كمال لطفه أيضاً لصعقوا واندهشواء أو ماتوا وفنوا وتلاشواء ولكنّ الله تعالى 
تجلى بقدر ما شاءء ومن رغب في التجلي لتعظيم محبته فيه»ء وسلك هذا السلوك فلابد 
أن يتجلى له بقدر ما شاء فيزداد به حتاء وإليه رغبة» فافهم ذلك. وقوله: فحىّ على 
قربي -بفتح الياءء وتشديدها- [125ظ] على قربي: مثل عظمتي وشكري. أي هلموا 
وأسرعوا واستعجلوا على طلب قربى سلوكها على ما أخبرتكم الجميلة من الجمع بين 
الرهبة والرغبة» فالرغبة تدعوكم إلى الشوقء وإلى التضرّع؛ والابتهال» والذكر والشكرء 
والاجتهاد في جميع الأعمالء والرهبة تخوفكم عن الأمن, والكسلء والفشلء ويحتكم 
على الصبر في كل أمر يحبّه منكم. وفيكمء وهذه طريقة الدخول في هذا السلوكء فإِنّ 
التفكر فيما يزيد المرء رغبة» وفيما يزيده رهبة في الله ومن الله يبلغ به المراتب العليّة. 
قال: 
7 - وفي منتهى فيء لم أَزَّلْ ليّ واحداً جلال شهودي عن كمال سحيّة 
8 - وفي حيث لا في لم أزل فىّ شاهداً شال وجودي لا بناظر مُقْلَةِ 
يقول: وفي منتهى العلم الذي فيّ لم أزل أنّي في علمه تعالى لم يزل بي عليما لي 
واحداء قوله: موجداً يحتمل معاني أحدها أنّه في منتهى علمه الذي لم يزل بي عليماً لي 
شاهدا خلال شهودي في علمه بعدما أوجدني علماء ثم مثالاء ثم ظهوراء وشهود الله هو 
جلال الشهود. ويشهدني عن كمال سجيّة؛ أي هو أوجدني كذلك. وقد شهدني كذلك في 
علمه الذي لم يزل بي عليماً إلى تجلي طاعته. ويحتمل أنه أراد: وفي منتهى علم الغيب 
الذي لم يزل الله بي عليماً أرى واحداًء أي مشاهدا جلال شهودي من الله لي في علمه عن 
كمال سجية. أي أرى جلال شهوديء وجلال الشهود هو شهود الله له؛ لأن شهود المرء لا 
يستحق أن يسمى جلال الشهود مع شهود الله لعلم ذاته؛ ولعلمه الذي أوجده علماًء وهو 


52366 


يرى شهود الله تعالى لذاته في علم الغيب عن علمه بطاعته لله فافهم. 

وقوله: وفى حيث لاء يحتمل كلامه معانى أحدها: وفى حيث لا وجود لحيثء ولا 
زمان ولا وقت ولا مكان. وفي حيث لا وجود له. وإِنْما هو لم يزل الله فيّ -بفتح الياء- 
أي بيء وبتصريفي وبما يكون منْي. ولذلك قال: فيّ ليجمع علمه به. وبأحواله» وأعماله 
وجوديء فلم يختلف علمه بي وينظرني لا بناظر مقلة تعالى الله» فإن كان يعني أنْ الله 
شاهذه كذلك فهو ينه لأينظر مقلةة وَإِن كات أراذ أن ذاته ترئ الله تعالى أله يرا كذلكة 
فهو كذلك ينظر علم الله تعالى به لا بناظر مقلتهء بل ينظر عين ذاته الروحية الحجرية 
أي الفعلية» وذلك أنّه لما أشار إلى العاصيء وإلى سابق علم الله فيه وإلى معنى العلم 
السابق. وإلى أنّ الله تعالى هو موجدهما علماً أولا ثم ظهوراًء فافهم ذلك. 


12ؤ2 


الباب الثانى والعشرون 


في الإرشاد بلسان المقام المحمدي : 

قال: 

9- فإن كنت مني فَالْحُ جَمْمي. وافحفَزز ١‏ ف صَدْعيء ولا تَجْنَحْ لجح الطبيمة 

يقول: فإن كنت مني: أي إن كنت من أهل الاستعداد والقبول والرغبة إلى مقاماتي هذه 
فائح جمعيء أي اقصد طريقة حضرات أحدية جمعي, وامْحٌ عنك فرق صدعي -بتنوين 
الياء-؛ وأراد بالصدع الانشطار إمَا إلى حضرات الظاهرية؛ وإما إلى الحضرات الباطنية. يقول: 
امح الفرق الانصداعي حتى تصل إلى مقامات الجمع؛ لأنَ الانصداع بأحدهما مع ترك الآخر 
يوجب إما أن يشاهد الله تعالى بعين النفس إلى أفعاله دون صفاته بعين الروح. وإمًا أن يشاهد 
الله تعالى بعين الروح بصفاته دون أفعاله في عالم الشهادة بعين النفسء فهذا هو معهم الفرق 
الصدعي في اصطلاحههو'!'؛ فامخ حجب الروح حتى تشاهد حضرات الصفات الإلهية وام 
حجب النفس حتى تشاهد [126و] الحضرات الفعليةء الإلهية مشاهدة لا غفلة معهاء ولا يكون 
ذلك إل بقوة المحبة» وكثرة الرغبة؛ لأنّه كلّما قويت المحبة في شيء قلّلت غفلتها عنه. وعن ما 
يحبّه. والسعي فيما يحبّه ويقربه إليه» وهذا هو الميزان الصحيح في صدقها كما هو موجود في 
الناس في ما قويت فيه محبتهم؛ حتى إنْهم يسهرون الليل ولا ينامون. وكثير من العلماء ممّن 
قويت محبتهم في إبداع علوم انفتحت له لا ينام ليلته تلك التي انفتح له فيها ذلك العلم. كذلك 
معرفة ومشاهدة جماله وجلاله وكماله فافهم ذلك. 


ا 0 
سوى مشهوده. بل غيبيته أيضاً عن شهوده ونفسه» وقد يسمّى حال مثل هذا سكراً واصطلاماً ومحواً وجمعاً. وقد 
أسهب الصوفية في شرحها » ينظر موسوعة العجمء ص 851 و67 عن الاصطلام وهو القطع والاستئصال. 


559 


قال: 

0 - فدونكها آبات إلهام حكمة لأوهام حَدْس الحسٌ عنْك مُزيلة 

يقول: فدونكها: أي إن كنت راغباً إلى هذا السلوك من الوسائل إلى الله تعالى فدونك؛ 
أي فخذ هذه المعاني فإنْها آيات إلهام حكمة, مزيلة عنك لأوهام حدس الحسّء والأوهام 
هى الخيالية» والحدس هو الظن الصادر عن سرعة الفكرء ويصيب الظن تارة ويخطئ 
أحري :فقا هد الأرهاق أى خط حدس أن طن نكر المدد فى غالم الحو وقد 
ذكرنا أن للعقل ثلاثة عيون: عين البصيرية» وهي التي لا تخطئ أبداء والعين الغريزية وهي 
التي هي كالملك؛ وهي المأمورة باتباع البصيرية التي هي له كالرسول من الله والنبي: 
وبمخالفة غلطه ومخالفة غلط النفس المدبّرة المخيلة التي هي مثل الساحرة قد تعلمت 
التخييل السحري من الشيطان. وهذه الخيالات هي الوهم, ولا تتخيل إلا للعين الغريزية 
والعين المدبرة, إلا الأنبياء فإنّهم لا تأتيهم الخيالات لقوة نظرهم؛ لأنّها لا تكون إل من 
قلة قوة النظر منهماء فافهم. 

قال: 

1 - ومن قائل بالخ والمّشخ واقعٌ د أخراتو ف عمَا يراه يعزلة 

2 - وَدَعْه ودعوى الفَشخ فالوسحُ لائق به أبدا لو صححٌ في كل دورة 

يقول: إن كنت راغباً إلى السلوك إلى هذه المقامات القربية» والكشفية» التوحيدية: 
الوسيلية فلا تشتغل بعلم غيرهاء وعلم الشريعة» والحقيقة» والطريقة» والمكاشفة» ودع 
عنك علوم الطبيعة التي غالبها مبنيَ على الظنّ والوهم؛ ودع عنك التفكر في قول كل قائل 
في غيرهاء ولا تلتفت إلى ذلكء ولا تأخذ علمك ممّن قالهاء ومن قائل بالنسخ للأرواح”'ا 


(1) القائلون بالنسخ أو التناسخ كثيرون منهم الحرنانية من الصابئة والبراهمة من الهنود. و«ما من ملة من الملل إلآ 
وللتناسخ فيها قدم راسخ وإنْما تختلف طرقهم في تقرير ذلك» على حدّ قول الشهرستاني في الملل والنحل. 
602 وخلاصة التناسخ «هو أن تتكرر الأكوار؛ والأدوار إلى ما لا نهاية له. ويحدث في كل دور مثل ما حدث 
في الأول, والثواب والعقاب في هذه الدارء لا في دار أخرى لا عمل فيها». الملل والنحلء 54/2. ورأينا الشيخ 
ناصر في المتن يقف عند أنواعه الأربعة شارحاً ومفسراء فالنسخ هو انتقال النفس من شخص الإنسان إلى 
شخص إنسان آخر. والمسخ هو انتقال نفس الإنسان إلى غيرها من صور الحيوان؛ والفسخ هو الانتقال إلى 
النبات» والرسخ هو الانتقال إلى الجمادات» وهذا يشير إلى سعة اطلاعه على أصحاب المقالات غير الإسلامية 


600 


الإنسانية» والمسخ أنه صحيح واقع كائن أن نفس الإنسان ما لم تلتحق في تكميلها عالم 
الملائكة فتصير ملكا في السموات بعد مفارقة جسد إنسانها تصير في إنسان آخر كذلك دائماً 
حتى تلتحق بالملائكة من مكمّل لهاء وهو النسخ. وإن كانت النفس بمنزلة نفس الحيوان 
في الإنسان انتقلت في حيوان يماثلها بعد مفارقة جسدها الإنساني» وهو المسخ وإن كانت 
نفس الإنسان أوهن من نفس الحيوان انتقلت بعد موت إنسانها في نبات» وهو الفسخ. وإن 
كانت أوهن من ذلك أيضاًء أو كانت في وصفها جامدة لا تسمع؛ ولا هي انتقلت في المعدن 
والتراب وغيره» وهو الرسخ. وقوله: به أبْرا -بإسقاط الألف من أبرأ في القراءة دون الكتابة: 
ومدّ الراء بالألف-. أراد اشفٍ قلبك من حب هذا العلم الفاسد. ومن اعتقاده؛ لأنه قول باطل. 
وقوله: به. أي بذلك العلم الإلهي الحقيقي الكشفي؛ لأنْ علم الطبيعة فكريء والفكر يصيب 
تارة ويخطئ أخرىء وربما لا تدري خطأك من صوابكء وأمًا علم المكاشفة فهو علم إلهامي 
لم يكن كونه في عقلك بفكركء إِنّما وقع بكشف. وإلهام من الله تعالى به أبرأ وأشفى جهلك 
أن تضل كما ضل من قال بشبوت الفسخ» والمسخ. والنسخ, والرسخ. وكن عمّا يراه بعزلة عنه 
من كان علمه. وفهمه. وقياساته هكذا فدعه ودع دعوى الفسخ والرسخ. ولو صم قوله كذلك 
في كلّ دورة» كما زعم لكان الرسخ لا يؤبه دائما أبداًء أي بهذا القول هذا [126ظ] المذهب 
ولكنّه غير صحيح, وقوله: في كل دورة؛ وأنَّ الرسخ كان هو الأليق به أبدأء وهي حيجته التي 
أدحض قوله ودعواه بها. 
(سحان]21: 


وذلك أنَّ قول الفلاسفة الذين هم غلطوا في علم الفا فة مع أن علم الفا 1 0 


(1) ما بين المعقوفين ساقط من س. والزيادة من اللأصل. 

(2) هذا موقف يحسب للشيخ ناصر يَجَدْدنَهُ 100 أخرى على سعة أفقه. وقدرته على إدراك الترابط ب بين العلوم 
بحيث تخدم جميعها أغراضاً واحدة. وها هو يرحب بالفلسفة ومباحثهاء ولم يقف كما وقف غيره منها موقف 
العداء والرفضء بل نظر إليها ب بعين الاصطفاء والانتقاء» فهي ليست شراً محضا بل فيها جوانب مفيدة تنفع العقل؛ 
و تفسح المجال أمامه للتحليق والاكتشاف, وينظر كذلك كتابه [الإخلاص ]» ص 206» ففيه تفصيل مفيد عن الفلسفة 
ومباحئهاء ويقرّر هناك أن «علم التفلسف في ء غير التوحيد. وفي غير ما أخطاؤوا فيه هو علم شريف جليلء وبه 
تنكشف حقائق المخلوقات من الأرض والسموات فكيف يصع تحريمه؟". وهذا غير محتاج إلى تعليق لوضوحه. 


601 


والجواهرء والأعراضء وما يزولء. وما هو ثابت». وما هو مفارق إلى غير ذلك. ولكنّ كل 
علم فيه بعض المتكلمين محقّء وبعضهم ضالء ليس علم الفلسفة بهذا مخصوص من 
١‏ العلوم؛ ومن ضلاله مَن ضل فيه قول مَن قال بالنسخء والمسخ؛ والفسخ. والرسخ» 
بالأربعة الأدوار» فقالوا: إنَّ أصل عالم الحياة هو في عالم الطبيعة كلي غير متجزئ فيه 
وهو متصل بالأرض وأحجارها وترابهاء فإذا استكمل شيء منه ظهر في صورة المعدن 
على قدر تكامله» وإن فسد ذلك الجوهر من معدن, أو حجر كانت» وكانت قد تكامل 
أمرها فوق مرتبة الحجرية استحالت في النبات والتراب والأحجار على قدرها في عالم 
التراب والأحجارء كذلك على قدرها تكون فى النبات» فى الصغيرء والكبير منه؛ والحلوى 
والمرء وهي الدورة الثانية» فإذا فسد ذلك الناك وات وإن لم يتكامل» رجعت في 
نات غرف أو ظهرك من الآرهن نيانا #الآول إن وات فى ذلك القاف رقت إلى 
المعدنء وإن تكاملت عن مرتب النباتية انتقلت في الحيوان» وهي الدورة الثالثة في حيوانء 
أو ظهرت حيوانا في حين الولد. فإن ماتء ولم يختلف عن صورتها فيه رجعت إلى 
مثله» وإن ضعفت فإلى أضعف. وإن قويت فإلى أقوى. وإن وهنت عن الحيوانية رجعت 
إلى النبات. وإلى المعدن كما ذكرناه» وإن تكاملت عن الحيوانية انتقلت فى إنسان حين 
ولحدند نعو دوو طووت إشاناء ورت ماك ود كالم ولك وتيا عن اد د 
الإنسانية صارت ملكاً في السماء بغير جسد بل روحاً روحانية'!)» وهو غاية عالمهاء وإن 
لم تتكامل عن مرتبة الإنسانية انتقلت إنساناء وهو النسخ, ولم يزل كذلك حتى تجد من 
يرقيها عالمهاء وإن وهنت عن المرتبة الإنسانية حيواناً يشاكلها كالشجاعة نمراً وأسدأء 
وكالمراوغة ثعلباء وكالبهيمة بهيمة» وهو المسخ, وإن كانت أوهن من الحيوانية ظهرت 
نباتاء وهو الفسخء وإن كانت أوهن انتقلت في معدنء أو تراب؛ وهو الرسخ. فقال: ولو 
صم هذا لكان الرسخ أولى به دائما أبدا؛ لأنّه إذا كانت الإنسانية نية تنتقل معدنية لضعفهاء 
فمتى تكمل روح المعدن حتى تصير نباتأ. ومتى تكمل النباتية حتى تصير حيوانية» ومتى 
تكمل الحيوانية حتى تصير إنسانية» مع أن الإنسان رجعت معدنية إمَا من قلة شرف ذاتها 


(1) هذه هي الغاية النهائية للقائلين بالنسخ إذ إن النفوس لا تزال تنتقل من جسد إلى جسد إلى أن تكمل النفس فتصير 
طاهرة عن جميع العلائق الجسمانية» فحينئذ تتخلص إلى عالم القدس. والطهارة الثابتة» ينظر موسوعة العجم. 
ص 997. 
602 


فلا يصمح ترقي ذات وهنة» وما بأفعال وهنته التي فيه فجميع الذوات غالبها لا تختلف 
طباعهاء وإن كبرت وهنت وضعفتء. وكذلك النبات فغالبها ترجع إلى الرسخ. والرسخ 
لا يكمل فيه؛ لأنه زعم أنه أدناها فأنّى ترتفع» وقد فرضه أدناها. 

إن هذا من التناقض والضلال البعيد, وقد نتهتك على طريق الحق, أو لأكشف ذاتك» وتمر 
أسماء ذاتها الأربعة: الأسماء الأصولية ثم صفاتهاء وأسماء صفاتهاء وهي مظاهر أسماء ذاتها. 
ثم أسماء أفعالها بالمظاهر الأربعة» والخامس وهي الحواس الخمسء ثم إدراكهاء وتصرفها 
في الوجود بأسره. ثم مكاشفاتها في عالم الملكوت. ثم في عالم الجبروت,ء ثم تجلي صفات 
الله. ثم أسماء أفعاله» ثم أسماء صفات ذاته. ثم معرفة واجب وجود ذاته بمعرفته من معرفة 
نفسك. فصارت ذاتك دليلا على معرفة وجوس ذاته.» وصفاتك مراة لتجلى معرفة صفاتك» 
ومظاهر صفاتك مرآة إلى الروح الحيوانية لتجلي مظاهر صفات الله تعالى: وتصرف أسماء 
ذلكء وتجليها في الوجود مرآة لتجلي صفات الله في الوجود. وهذا كشف صريح في عظمة 
كرامة الله لك. واعلم أنه نيس شيء [127و] في الوجود عاصياً لله تعالى إلا من عصى الله من 
الإنس والجن والشياطين, مع أن جميع أجزاء هؤلاء كلها في طاعة الله تعاليوإِنّما أمر ذواتهم 
خالفت الله تعالى؛ وعصته فاستحقت المقت لأجل هذا التكريم الإلهي لها لزمها العبادة له 
فلم تطعه. وإلآ فجميع الكائنات مستسلمة؛ طائعة» سامعة لأمره. وناطقة بطاعته وتسبيحه. 
ومتفعلة لما يريده منها وبهاء فاستحضر واستح من الله إن كانت لك أذن واعية» ورغبة داعية. 
وهيبة سائقة» وهمة عالية. 

قال: 

3 - وضربي لك الأمثال مني مِنَّةٌ عليك بشأني مَرَّة بَمَدَ مَرَّة 


يقول: وضربي لك الأمثال بشأني. أي بحالي في جميع ما ذكرته من وصف ذاتي. 
وأسمائهاء وصفاتهاء وأفعالهاء وتصرفها في جميع العوالم مرة بعد مرة» أي بتكرار ذلك 
مني منّة» أي تفضلاً عليك؛ لأنَّ كشفي لصفاتي هو كشف لصفاتك؛ وكشف ذلك لتوحيد 
الله للسلوك إليه فافهم. 

قال: 


4 - تَأمّل مقامات السروجيّ واعتبر بتلوينه تَحْمَّد فول مشورتي 
5 - وَنَدْر التباسٌ النَّفْس بالحسٌ باطنا بمظهرها في كل شكل وصورة 
6 - وفي قوله إِنْ مان فالحقٌ ضاربٌ به مَثَلا والنَّفْسُش غَيِرٌ مُجذَة 
يقول: إذا شئت تدري ما قلته في علم الله السابق» وفي مشاهدة الحضرات الإلهية؛ 
وإمكان التلوين فيهاء والتمكين'' منها. وتأمل مقامات السروجي: أراد مقامات الحريري» 
وضربه الأمثال بالسروجيء واعتبر بتلوينه: أي بأنواع ما أبداه من المثالات تحمد قبول 
مشورتيء أراد تحمد قبول دلالتي لك. وكشف الحقّ إليك بما أضربه لك من الأمثال» 
وتدري: أي وتعلم التباس النفس بالحسٌء أي بحجب المحسوسات باطناء أي بالعلم 
الباطن الغيبي فيها بمظهرهاء أي تدري بمظهر تدبير ذات المرء في كل صورة من حواسه 
تدبير الله تعالى» وظهوره في كل صورة ذات المرء. ولجميع الموجدات بالقياس من 
ذاتك. وبذات الحريري فيما أبدعه مثاللات. وفي قوله: أي وفي ما أبدعه مثالات» وإن 
مان فيهاء والمين الكذب, ولكن هنا أراد بعض معناه. أي وإن كان ذلك لم يكن فقد كان 
ضارباً مثلاً به في الحقٌء وهو مثال صحيح لما نحن بصدده. والنفس غير مجدَّة أي نفس 
الحريري لم تتّخذ ذلك أنه كائن ما مثله؛ وإِنْما أراد به الهداية» والتعليم» وتلوّن في حكاياته 
لتنوع العلم الذي أراد أن يتكلم فيه» فتارة في صورة واعظء وإظهار الموعظة والنصيحة» 
ومرّة فى شكل حكيم, وتلفيق الحكم والمثالات. ووقتاً في زيّ زاهد مجدء وإظهار كلام 
الزهاد. وطوراً في هيئة هازل. وإظهار ما يناسب ذلك من الكلام؛ ووقتا في شكل عارف 
بفنون الفصاحة والبلاغة» وأخرى في زيّ العلماء بالشريعة والفتوى. وأخرى في صورة 
عارف بأسرار علم الحرف. وأخرى في زيّ طبيب حاذقء وزماناً يبدو في زيّ لاغز في 
كلامه؛ وهو شخص واحد يظهر بهذه الأشكال المعنوية» وليس الحريري هو منفرد بهذا 
الأسلوب. بل هذه عادة العرب في التشبيه بالأمثال في الشعرء والنثرء وانظر إلى آيات 
الفاتحة» فإنها في صيغة نظمها كأنها عن عبد لله وليّء ترقى في الحضرات الإلهية» 
ويخاطب ربّه بها عن مكاشفة بالعلم به في حضرة أسماء ذاته» وصفاته في الحضرات 
الباطنية» ثم عن مكاشفة بأفعاله بتجلية بأسماء الأفعال في العالمين فى حضرات الآخرة» 


(10), الحديث عن (التلوين) و(التمكين). 
604 





ثم في حضرات العبادة والعبودية» ثم في حضرات الاستعانة والتبريء من الحول والقوة 
والطولء ثم في ححضرات التذلل والسؤال والابتهال: ثم في حضرات النظر إلى السابقين 
الداعين إليه؛ ثم في حضرات مشاهدة [127ظ] العاصين. وهي حضرات الرجوع إلى 
العبادة بعد الوصول إلى حضرات الجمع فهو في صيغة مقامه 8 وجميع المقامات التي 
إليها وصل الواصلون. وهي من كلام الله تعالى» وأتى بها في صيغة كان غيره المخاطب 
له بها؛ لأنَ القرآن عربي. فهو سالك قانون العرب في بلاغة الفصاحة في كلامهم. 
وسالك منهج أهل كل فن من العلوم العليّة في مخاطباتهم بعضهم لبعض في اصطلاحهم 
العربي من الفصاحة. فليس الحريري هو متوحّد بهذه الطريقة» بل هي التي عليها جمهور 
الفصحاءء. وهي الجادّة الكبرى في سلوكهم بالبلاغة» وأشار الناظم بضرب المثل بذات 
الحريري, وما أبدعه من المثالات هو ما ذكرناه من المعانى, المعنى الأول: وأشار إلى 
إنجاة الله تعالق لجرو و اند لوال اللقايه عزيباء وعدم الةعظيية ل الترحيه وذل 
من يفهم لهاء ولم يأتِ إيضاحها كثيراً في الكتب. وإنّما يأتي غالبها مجملاً من القول فيهاء 
وذلك قولهم إن الله تعالى أوجد الأشياء» ولم يزل بها من قبل عليماء فالمعنى في ذلك 
على وجهين: أحدهما لم يزل بها عليماً من حين أوجدها علماً مثالات» فهو لم يزل يراها 
بعد ذلك كما أوجدها علما قبل أن يوجدها ظهوراًء ولا يصمح إلآ ذلك. والمعنى الثاني: 
أنّه لم يزل الله عليماً بإيجادها أنّه لم يزل الله يراها قبل وجودها كما يراها بعدما أوجدها؛ 
لأنه بذلك يثبت أن الأشياء أصلها مثالات قديمة أزلية» والله تعالى لم يزل عليما بما بها. 
وتوضيح ذلك أن يقال إن الأشياء هي شيء أم لاء فإن قال: هي شيء. وقد صدقء قلنا: 
يراها الله قبل إيجادها أشياء غير مكوّنة» أو يراها غير شيء. فإن قال: أشياء أثبتها مثالات 
لا محالة. قلنا: تلك الأشياء التي يراها الله مَن جعلها أشياء؟ فإن قال: الله تعالى؛ قلنا: 
متى؟ وهو لم يزل يراها أشياء فقد أثبت أزليتها إثباتا لا ينفك عنه. وإن قلت: إِنّه يراها غير 
شيء» قلنا: كيف يرى شيئاً غير شيء؟ هذا من التخالف. فإن قلت: إِنّهِ يراها بعد ما أوجدها 
أشياء مثالات, وإِنّْها من قبل غير شيء أصلاء أصبت الحقء وأثبتٌ أنَّ الله تعالى لم يزل 
عليماً بإيجادهاء فإن قلت: أفلا يراها قبل أن يوجدها؟ فنقول: قبل أن يوجدها هي غير 
شيء» ونفسه لم تزل عليمة بالإبداع للأشياء التي هي في الأصل غير شيء» وقادرة على 


0 


ذلك» وهذا هو المعنى أنَّ الله تعالى لم يزل عليماً بالأشياء» أي عليماً بإيجادها أشياء علما 


605 


وظهوراً. وضرب لك في ذلك مثلاً تدبير ذاتك بمظاهرهاء وإبداع الحريري لمقاماته التي 
هي مثال وعلم. هل كانت قبل أن يبدعها مثالا يراها بذاته؛ أم لما أراد إبداعها كانت فرآها 
بعد ذلك؟ وهل يقال قبل إبداعها غير عالم بهاء إذ لو كان غير عالم بهاء أي بإبداعها لم 
يقدر على إبداعها علماً مثالياًء ولا يقال أبدع لذاته ذلك العلم فصارت به عالمة؛ لأنّه لولم 
تكن نفسه عالمة إلآ حين أبدع تلك المثالات فصار عالما إذ كان عالما بها يراها كذلك لما 
قدر على الإبداع؛ لأنّه إذا كانت نفسه غير عالمة إلا حين أبدع ذلك لم يقدر على الإبداع 
أصلاًء وهذا مثال يخبر به عن الله تعالى أنّه هو أبدع الأشياء علماً مئالات» فكانت أشياء 
ولا يقال إِنْها كانت أشياء يراها أشياءء؛ ولا أن ذاته غير عالمة بذلك؛ لأنها لو لم تكن عالمة 
لما قدرت على إبداعها علماًء ولا يوجب أنْها إذا كانت ذات عليمة بها كانت أشياء يراهاء 
كما أن ذات الحريري لا تسمّى غير عليمة بما أبدعه. ولا يوجب أنّها كانت قبل إبداعه لها 
يراها أشياء. وإنّما رآها حين أبدعها كذلك الله تعالى رأى الأشياء كما لتكون حين أبدعها 
علماء فإن قلت: أفليس هو عليم بها قبل أن يبدعها؟ قلنا: إِنّه لم يزل عليماً قادراً على 
إبداعهاء وقبل أن يبدعها ليس هي شيء أصلاء فلا يقال إِنّه عليم بها [128و] لأنّها ليست 
بشيء. ولكنتّه عليم بإبداعهاء ولو لم يكن عليماً بإبداعها لم يقدر على إبداعها فافهم, فإِنَّ 
الله لم يزل عليما بالأشياء على إبداعهاء لا أنّها كانت أشياء» وهو عليم بها ونفسه لم تزل 
عليمة بالإبداع كما يشاء. فإِنْ الله لو شاء لغيّر الوجود على غير هذا الترتيب» ولم يرده. ولا 
يوجب أنه لم يزل يوجد الأشياء كما في قدرته. إذ قدرته لا نهاية لهاء والأشياء في علمه 
نهاية» وقادرة ذاته على أن يوجد الأشياء بلا نهاية» فتكون كثرة الأشياء بلا نهاية» ولكنّه لم 
يشأ فكانت لكثرتها نهاية» كذلك قدرته في تكميل الأشياء بأكمل من كمالها هذا بلا نهاية 
فيكون كمالها في قدرته بلا نهاية» ولكن لم يشأ ذلك فصار كمالها له نهاية» ولا شيء بعد 
تلك النهاية؛ لأنّه لم يردها الله تعالى فلم يكن شيئاء ولو وجب أنّ الأشياء بلا نهاية لوجب 
أنها قديمة بلا نهاية؛ لأنه يكون علمه فيها بعد ذلك الإيجاد. وعلمه فيها قبل الإيجاد بلا 
نهاية فتكون قديمة» وأنّ مخلوقه دل على أنّها كانت غير شيء. وإِنّما نفسه عليمة وقديرة: 
وكانت فى سابق علمه؛ أي فى قدرة إيجاده لهاء وعلمه بإيجاد لها. فإن قلت: حيث انتهيت 
لهذا المقاء قي التويعين الخقى «البسن يدخ نوتعلم القلدوةوآة الله فتى خالن الشويين 
منها طيب ومنها خبيث» ولم تكن هي في الأصل نفوسء والله عليم بها علما أزلياً إذا ثبت 


606 


أنها لم تكن في الأزل نفوساء والله عليم بهاء وخلقها للاستحقاق لنظره إليها أنّها عاصية 
في علمه؛ لأنك نفيت أنْها كانت غير شيء أصلا لا اسماء ولا رسماء ولا مثالاء ولا علماء 
وَإِنْما الله نفسه عليمة» وقادرة على كل شيء يبدع ما شاءء فأبدع النفوس فكان منها طيب 
هو أبدعها طيبة» وكانت في علمه أنّها لتكون طيبة من حين أبدعهاء وكانت الخبيثة خبيثة 
في حين أبدعها مثالا في عالم الغيب» والمثال هو العلم بها في علمه بهاء فكانت في سابق 
علمه كما هو أبدعها مثالا علمياً. فنتقول: في ذلك: اعلم أن الله تعالى قبل أن يخلق 
الخلق في عمى''' أي لا يعرفه. ولا يعرف توحيده أحد. ولمّا خلق الخلق» وكشف لهم من 
توحيده ما أراده أن يتجلى لهم به عليهم فهو الذي عرفوه به» وهو كذلك كما كشف لهم من 
معر فته حقيقة لا يجوز خلافهاء وما لم يتجل لهم به من معرفته» فهو عن الخلق في عمى, 
فالعلم بالله تعالى كله ينتهي إلى عمى مما لم يكشفه توحيده؛ وما كشفه فلا يجوز أن يكون 
على ذلكء وممّا وصف به نفسه أنه عدل كما هو في صفة العقول النورانية» وأنّه لم يجبر 
العباد على معصية ولا على طاعة, وأَنّهِ عليم بمن يعصيه أنه ليعصيه» وبمن يطيعه قبل أن 
يطيعه؛ لأنه لو ثبت غير عالم به دل على أنه ليبس بكل شيء عليم؛ ومّن لم يكن بكل شيء 
عليم لم يقدر أن يخلق شيئا أصلاء ولا يعرف شيئا أصلا؛ لأثنا نحن صرنا نقدر على شيء 
دون شيء بما هو أقدرنا عليه» وإذا لم يكن قادرا على كلّ شيء لم يقدر أن يقدر الناس 
على شيء فدل على أنه بكل شيء عليم؛ وليس العلم بالشيء يوجب الجبر عليه. والله 
3 1 1 :0 7 8 5 ع ع عو ع 
تعالى وإن كان خالق النفوس في أول الأمرء وأنها لم تكن من قبل شيئا هو لم يزل عليما 
بها فإنَ نفسه عليمة قادرة» ولا يصمح في وصفه أن يقال إِنّه لم يزل يزداد علما بما يخلق, 
ولا آنه كذلك علمه لا يزيد ولا ينقص.ء ولا أنه يبدو له أمور لم تكن قد بدت له من قبل 
كالتذكر لشيء لم يكن ذاكره من قبل» فيكون قد بدا له نظر آخر لم يكن به عليما من قبل» 
وإن كان الله تعالى من قبل في عمى. 
(1) هذا الكلام يستند إلى حديث نبوي مرّ الااستشهاد به. وتخريجه؛ وشرحه. 
(2) يتحدث الشيخ ناصر كته هنا عن مبدأ تقول به بعض الفرق وهو (البداء) وله معان مختلفة منها البداء في العلم 
وهو أن يظهر لله - تعالى الله - خلاف ما علمء والبداء في الإرادة وهو أن يظهر له صواب على خلاف ما أراد 


وحكم, والبداء في الأمر وهو أن يأمر بشيء ثم يأمر بشيء آخر بعده بخلاف ذلك. وغيرهاء والشيخ يعرض 
جوائب من هذا الموضوع. وينرّه الله تعالى عنه. ينظر عن (البداء). الملل والنحل. 18[1 1 وما بعذها. 


هذ لطر جل رذا الفة تو اخقة أن تسرف أقاللة جنال كتداع هته الاك كليا فإن نفد 
التوحيد ينتهي إلى عمىء وذاته لم تزل عليمة بكل شيء بما سيكونه من قبل غير شيء؛ ولا 
يقال إِنه مضت عليه مدة لم يرد ذلك. وأنّه أراد التأخير في هذه المدة» وفيما [128ظ] مضى 
لهء وعليه من المدة لم يرد ذلك فَإنّه لم تكن هنالك مدة ولا زمان ولا حين» وفي كلّ صفة 
من صفات الله تعالى نهايتها ينتهي علم الخلق فيها إلى عمى؛ ليس علم القدر مخصوص 
بهذا حيث يتنهي إلى عمىء وقال الله تعالى: وما ويس مّنَ آل إِلَا قلا 104)» وقد نهى 
كل نبي لقيه عن الغوص في علم القدرء وعن التفكر في الله تعالى. وروي عن النبي 6 أنه 
قال: [تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله تعالى ]2 ولكن حيث انتهينا فى علم التوحيد 
إلى هذا المحل فلا بد أن نتكلم في القدر بمثال يصهمٌ تصوره لئلا تصور النفوس في الله 
تعالى أنّه عدل بالإقرار والتصديق دون المكاشفة» ونحن في سياق المكاشفة في توحيد 
الله تعالى فتترك مكاشفة علم القدرء وإن كان الإقرار والتصديق بعدل الله تعالى» وإن عدل 
في كل شيء. وأنّه لم يجبر العباد على معصية؛ ولاعلى طاعة؛ وأنّ للمرء قدرة على اختياره 
لأحد الطريقين» وأنّه إن عصاه فباختياره. وإن أطاعه فباختياره كافٍ لأهل التقى» ولكن 
اكتفاء بذلك عن مكاشفته سبحانه وتعالى بعدله في القدر مما يقدح بالظنّ في الله تعالى. 
فكان لابدّ من الدخول فيه فنقول: اعلم أنَ الله تعالى» نعم خلق النفوسء وكل شيء من قبل 
أن يكون شيئاًء لا مثالا ولا علماًء ولكن المثال في ذلك أن الله تعالى نخلق أوّل ما خلق نور 
النبي!7 هي من تجلي نور العلم به جل وعلاء ولم يكن وجود لشيء إلا من ذلك النور» 
وخلق منه القلم ذاته وروحه ونفسه. وليس هو قلم جسمي. وإنّما هو من النور» وليمس هو 
نور أبيض كما هو المعروف في نور الشمسء ويحتمل أن يكون له صورة؛ وخلق اللوح من 
نور القلم ونفسه وروحه وذاته؛ وليس هو لوح جسميء وفي ذلك اللوح جميع العلم 
مجملاً ومفصلاً بالمئالات» والمعاني؛ والهيئات» وخلق الله تعالى الملائكة من ذلك النور 
اللوحي. ونفوسهم من نفسه. وأرواحهم من روحه الكلية» وذواتهم من ذاته» ولم يختلط 
خلقتهم بالكثائف. ولا بالطبيعة الكبرى. ولا بالطبيعة الوسطى” فلم يكن بينهم في 
(1) الإسراء, الآية 85. 

(2) مر تخريج الحديث. 


(3) وقفنا بتفصيل عند هذا الموضوع فيما سبق. 
(4) أشرنا إلى الطبائع الأربع فيما سبقء وهناك طبيعة خامسة هي الطبيعة المجرّدة. وهي من صفات الملائكة» على 


نفوسهم وأرواحهم, وبين مشاهدة الله تعالى بصفاته لا مشاهدة ذاته حجب حاجبة في كل 
ما تجلى لهم به من العلم, مع أنه يتجلى من العلم على هذا ما لا يتجلى به على الآخرء 
فجميع علمهم بالمكاشفة فيما بينه وبينهم من غير حجاب في نفوسهم يحتاج إلى إزالته» 
بل نفوسهم مستعدة لتجلي علم الله تعالى» فكل شيء وقع في نفوسهم فهو عن الله لا 
محالة. ولذلك مثال في ذات المرء هي الرؤيا الصادقة» فإنَ روح المرء ونفسه لما أغمضت 
عن مشاهدة الحجب ونامتء فإذا دارت الروح جهتها إلى عالم الغيبء أو النفسء أو 
الروح؛ أو هما معاً إلى عالم الغيب أو إلى عالم حقائق عالم الشهادة: أو إلى عالم المثالات» 
فإذا واقعت بإدارتها إلى نظر شيء من ذلكء. أو إلى عالم الغيب رأت ما رأته من الرؤيا 
الحرّ. وصح أن لها تأويلاً صحيحاً'" لا شك فيه. علم أنّه عن الله تعالى» كذلك إلهام 
العلماء العلم» وما يخرجونه بالعقل من الحق الصحيح هو عن الله تعالى» وليس كل مَن 
رام النظر إلى عالم الغيبء أو إلى حقائق عالم الشهادة قدر على كل ما رآه. فإِنَ الله تعالى 
تجلّى له ما أراد الله تعالى» فكذلك الملائكة بغير رؤيا منام فكانوا كلهم على طاعة الله 
تعالى» وقد مذت عقولهم بالمحبة الكلية التي باللوح وبالقلم» وحيث لم يكونوا إلا من 
النور المحض الخالص لم يكن نظرها إلا إلى الكمال الإلهي؛ ولم تحب غير ذلك» وخلق 
الله تعالى الجنَّ من النار» والنار في الحقيقة مختلطة بعالم الطبيعة الوسطىء ولا تظهر إلا 
بكذاء ولس لهاغذاء إل ما كان أضيلة ميتداط] بالأجزاء الأرعبية الدحانية :إن علك: إن 
المارج هو لهب النار الصافي من الدخان'*» فنقول: نعم. ولكنّ النار وإن صفت من 
الدخان فإنَ غذاءها الريح. وهي حاملة لأجزاء الترابية الذرية التي هي [129و] لم تزل في 
الهواء. وغذاؤها ما كان من الماءء والأرض كالحطب. والأدهان, وخلق الله تعالى الإنسان 
آدم من الماء والتراب» ونسله من الغذاءء والغذاء من النبات من الماء والتراب» وإليه جسده 
مآله. ويصير ترابء وجعل الله الإنسان جسداً كثيفاء والجنّ جسما لطيفاً لا يُرى كالريح» 


اعتبار أنَّ الملائكة «أرواح روحانية للطافة أجسامها؛ على حدّ قوله في كتابه (الإخلاص)؛ ص568. وعلى هذا 
فإن الطبيعة المجرّدة هي المتخلية عن لباس الاستقصات وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة. فصارت 
بهذا «موجودات مجرّدة عن المادة ... وهي لا تتحيّز ولا تختصٌ بمكان دون مكان». ينظر موسوعة العجم. 
ص 572و 933. 

(1) في الأصل و[س]: [تأويل صحيح]ء وما أثبتناه الصواب. 

(2) جاء في العين للخليل» ص774: «والمارج من النار: الشعلة الساطعة ذات لهب شديد». 





فجسم الجنّ وجسم الريح سواء. ولذلك لا يراهم الإنس إلا أنهم قد أخفوا نفوسهم كما 
ظنهِم العوام من الناس» وركب الله في صورهم عقولهم من العقل الكلي اللوحي مَن علم 
أنّه سيطيعه؛ ومّن علم أنه سيعصيه» أمرهم كلهم من عقل واحد لتكون القسمة بينهم في 
السوية. ولتعلم العقول أن كل نفس تعصي باختيارها وتطيع باختيارهاء وقد كمل عقل 
تعبّده بالسمع الكلي اللوحي. وبالبصر الكليء وبالنطق الكلي. وبالقدرة الكلية التي جعلها 
في العقل الكليء وأمدّ كل عقل من بحر المحبة الكلية غير المتجزئة في اللوح المحفوظ 
كما ذكرناه أولا أنَ كل صورة أمدّت من ذلك ما مدّت مثالها في اللوح المحفوظ لم تغير 
في اللوح المحفوظ. وإِنَّما غيّر هو حين ظهوره. وأمدّ الله تعالى إرادته من الإرادة الكلية 
اللوحية» وكل شيء من هذا في اللوح هو ممدود من العلمء والقلم ممدود من النور» 
والنور ممدود بقاء وجود ببقاء وجود العلم بالله تعالى المتجلي به الله تعالى على ذلك» 
وعلى جميع الموجدات فكانت نفس الطائع ونفس العاصي من بحر واحدء وجعل الله 
النفس والروح هي الناظرة بالعين» وهي السامعة بالأذن» وهي الناطقة باللسان» وهي 
الفاعلة» وجعل هذه المظاهر دليلا على وصفهاء وهي دليلة بصفاتها على صفات الله 
تعالى» فإذا رأت عين الذات النفسانية إلى الكمالات الحقيقية وإلى الكمالات الخيالية 
قدرت أن تصرف محبتها إلى الكمالات الحقيقية» وإلى الكمالات الخيالية» وكذلك عين 
نين المطم إذ كل ننتهما تمدو .هما قيه من القوق سح تحر واعدواركل مكهما مدر 
نفسه من الكثائف الحسيّة التي هي كالحجب في الظاهر عن مشاهدة الله تعالى. وفي 
الباطن هي الدليل؛ فلذلك كانت نفوسهم بخلاف نفوس الملائكة. وكل واحد منهماء أي 
الطائع ينظر إليهاء وكل واحد منهما زيّن له الخيالية» وين له الكمالية» وركب له روحاً 
تدعوه إلى ترك الخيالية» والميل إلى الحقيقية؛ لأن من تخيل القطعة من الكاغد كأنها حرف 
ذهب يراها الطائع والعاصي بتلك الصورة» فليس العاصي مراداً بتحسين الأشياء على 
الطائع الخيالية؛ ولكنّ بعضهم يخيّل نظر عينه إلى الكمالات الحقيقية فيراها أنّها تزول» 
ولا تبقى كذلك. ولا يرضى أن يغش الناس بها يرى أنْ الكمال كذلك؛ وبعضهم يخيّل نظر 
ذاته إلى حسنهاء وإلى قضاء حاجته بهاء وإن عادت بعد ذلك إلى الكاغدية, أو إذا كانت قد 
صارت مع غيره» وخيلت له نفسه. أنه لا يقدر على مخاصمته بها بعد قضاء الحاجة بها 
أكمل له خيالاً صوّره في نفسه. فتدعوه الروح إلى أن يخيّل نظرها إليها لتريه الأحسن فلا 


يلتفت إليهاء كما أنْ نفس الطائع تدعوه للالتفات إليها لتزيد خيالها فلا يلتفت إليهاء فهذه 
هي القسمة الأولى من الله تعالى للطائع والعاصي أنّهم كلهم مخلوقون من شيء واحد: 
من الماء والتراب» والجن من النار. وكلهم ممدودة ذواتهم من شيء واحد من جميع ما هم 
فيه» وعليه الذي به كانت طاعتهم؛ وبه كانت معصيتهم. لا أنّه خلق كل نفس من أول الأمر 
منفردة بذاتها: هذه طيبة» وهذه خبيثة» وإن كان الله عليما بانقسامهنٌ فليست القسمة مما 
توجب الجبر؛ لأنّه لو قسم أحد شيئاء وأمره أن يعمل به شيئاً فخالف. ما كانت تلك القسمة 
موجبة لجبره على خلافه» والمثال في القسمة والإمداد من شيء واحد لذات كل امرئ من 
شىء واحد هو مثال دخول ضوء [129ظ] الشمس والهواء من كوّ بيت كل أحد إلى بيتهء 
ومقال التقياليات وتهيؤها له والمثالات مثل ما هيّأ الله تعالى له أنواعاً من البلور منهنّ 
أبيضء ومنهنّ أحمر» ومنهنّ أسود. وأوعده إن نصبت على ضوء الشمس الأحمر أشرق 
في عينيك وأذهبهاء وإن نصبت الأبيض زاد نور البيت» وقدرت أن تنظر ما شئت في البيت» 
وإن نصبت الأسود نقص ضوء الشمسء وضوء البيت» وجعل القدرة له على الاختيار, 
وعلى استعمال ما شاءء فمن أحبّ الأحمر لحسنه حتى أذهب نظره. ومن استعمل الأبيض 
وزاد نوره. وهكذا المثال في القدرء وفي اختلاف نفوس الناسء وأنّ معاصيهم من أنفسهم. 
وأنْ طاعتهم من أنفسهم, فلو كان كما قلت إِنْ الله خالق كل نفس وحدهاء هذه طيبة» وهذه 
خبيثة لكان كما قلتء ولكنّ الله تعالى قد عدل في القسمة» ولم يخلقهم على اقتداره 
عليهم فإنه قادر على أن يخلقهم كلهم على طاعته ولكنّ هذا الاقتدار هو قسمة ثانية لا 
يستحقون به ثواباً إن أطاعوه؛ ولا تنبين به معصية عاصء ولا طاعة مطيع» ورفع هذه القدرة 
منه عليهم؛ وهذه الكرامة في حين الاستخبار عن الفريقين جميعاء وإنّما يتولى نفوس 
أوليائه بقدرته عليهم في الآخرة. فلأجل ذلك أهل الحسنة لا يتغيرون» ولا يتبدلون. ولا 
يزدادون علماء ولا ينقص علمهم. ولا تنقص مشاهدتهم. ولا يزدادون كل يوم مكاشفة. 
ولا يجهلون صفة لله تجلى بها عليهم؛ ولا يتغيرون على بعضهم بعضا بكراهية» ولا 
يطمعون بما مع بعضهم بعضاًء ولا يزدادون حبأء ولا شوقاً بعضهم لبعضاًء ولا يصحٌ أن 
يبلغوا هذه الدرجات إلا إذا تولى هو قلوبهم بقدرته عليهم» ولو شاء جميع أهل الأرض ١"‏ 


(1)يقصد: ولو شاء- جميع أهل الآ رض عكس ذلك لكان الله قادراً على أن ينفذ أمره. 


أن يكونوا كذلك لكان قادراً لقوله تعالى: #فَلو سه لَهَدَسَكْ أَجمَعِينَ 14). فإن قلت: إِنَّ 
كمف عدا يدل على أن لتقن تسن و احدة سكل ضوء الكتودن فإذا ريمعت كر فس إلى 
عالمها رجعت غير دنسة كضوء الشمس متى زال عن كوّ ذلك البيت» وقد قابله صاحب 
البيت بألوان فتلوّن بألوان ما قابله رجع غير متلوّنء ويصير الكل نفساً واحدة كما كانت 
فقلت بوحدة النفوسء وقد اختلف أهل العلم في وحدتها وتعدادهاء وكأنتك أخذت بقول 
من يقول بالوحدة فيها؟ فنقول: إنا ضربنا به مثلا للإفاضة» لا من كل حيثية هو كذلك. 
ونقول بوحدتها في عالم الأرواح» والأنفاسء وعالم المعاني» وعالم القوىء وأمًا بعد 
ليظهر الباري سبحانه وتعالى عدله حقيقة لأهل الكشف. وأمَا بعد الإفاضة فلكل امريء 
نفسء ولو شئنا لمثّلناه بالبحر لجاز وقلنا: إِنْ عالم الروح هو بحر واحد, وعالم النفس 
بحر واحد. وعالم المعاني بحر واحد غير متجزئ؛ وبحر القوى بحر واحد. وبحر الاختيار 
بجر راحه ويخ ر العره كدلك#وثرة ابيع والبصرء والقدرة؛ وكل قسم أعطي المتعبدين 
إنْما أعطوا من بحر واحد. وخلقوا جميعا الناس من الماء» وهو واحدء. ومن التراب وهو 
واحدء فبعضهم يحس ما يفيض عليه من تلك البحور باختياره» وبعضهم روّقه وصفاه مما 
لحقه من الغبار وممًا يلحقه. ولم تزل تصفيته تارة بالعلقة كما تصفّي الحكماء الماء 
الملحي بالصوف والشعرء ومنهم من يعطره بالفرع والأسوا' حتى يحرّء ويكرر عليه 
التصفية حتى يخرج من ملوحتهم أصلاً. والكلّ مهيأ له إلا مَنْ أبى» والقدرة والمعرفة 
مبذولة عند من يعرفهاء والنجاسات لمن شاء أن ينجسها فهي خلقها للجميع. والاختيار في 
الكل» والقدرة على ما يختاره في الكل لكان مثالا مقرّبا لذلك أيضاًء وصحٌ أن كل أحد له 
قسمة. وجاز تصحيح القولين بالقول بالوحدة. والقول بالتعداد على هذا كل قول في 
محلّه. فافهم ذلك. 
قال: 
7 - فكُنْ فَطناًوانظر بحمّك مُنْصفاًٌ ‏ لنفيكٌك في أفعالك الأثرية 


(1) الأنعام» الآية 149. 
(3)الأسي ولعله الأسوس وهو حجر يتولّد عليه الملح الذي يسمى زهرة أسوس. ينظر المساعد. لاب شاش 
الكرملىء. 1/ 228. 


يقول: [130و] [فكن فطناء عارفاء منتبها] منصفاً: أي عادلاء وأراد بعض معناهء أي 
معتدلاً في الفكر [بحيث لا قصورء ولا تجاوز فوق الحدّ] فيما تفكر فيه ممّا أبديه لك» 
واعتبر بحشكء. أي [بصفات ذاتك التي تحمس بهاء وهي السمعء والبصر]ء والقدرة» 
والكلام التي لنفسك. أي التي لذاتك الباطنة» [وهي الروحء وهي النفس فإنّْهما 
يشتركان]في الاسم والمعنى» ويفترقان اصطلاحاً ليضاف كل وصف [إلى أحدهماء 
وقوله: في أفعاله الأثرية وهي سماعك للمسموعات» وبصرك للمبصورات», ونطقك 
بالكلام المنطوق به]؛ وفعلك للأفعال» وقدرتك على كل شيء من هذه فاثنان خارجان 
عنهما يجلبان الإدراك لها من غيرهاء وهما السمع والبصرء واثنان يخرجان منهاء وهما 
الكلام والقدرة» وكلها تظهر من العين» والأذن» واللسان. واليد. وما أشبههاء وهي 
مظاهر أفعال الذات» وفي الحقيقة إن الذات هي الناطقة» وهي السامعة» وهي الباصرة» 
وهي الفاعلة؛ فهي أسماء صفاتهاء وهي ذاتهاء سميعة بصيرة متكلمة؛ قادرة» فهي أسماء 
ذاتهاء والله سبحانه وتعالى لا تدركه الأبصارء وهو يدرك الأبصار» وذاتك لا تدركها 
الأبصارء وهي تدرك الأبصار. والله من أسماء ذاته أنّه سميع بلا أذن» بل ذاته سميعة 
وذاتك سمعية بلا أذن» بل ذاتها سميعة. والأذن من مظاهرهاء والله بصير بلا عين» بل ذاته 
بصيرة» وذاتك بصيرة بلا عين» بل ذاتها بصيرة» والعين من مظاهرهاء وكذلك الكلام؛ إِنَّ 
الله لم يزل متكلماً لا بحرف, ولا بصوت. ولا بلسانء بل ذاته متكلمة» وذاتك متكلمة؛ 
لأنها آمرة بأمرها الأعضاء. وهي فاهمة خطاب الله بلا حرف ولا صوت ولا لسانء 
وجميع أعضائك منقادة لذاتك فهي سمعية لها ناظرة أمرهاء ناطقة بطاعتها وبلسانها 
فاعلة لأمرهاء وإذا كان كذلك أنت. فالوجود كله وأنت كذلك مثله لسان ناطق عن الله 
تعالى» وكل شيء بأمره وتدبيره وحكمته لم يكن شيئا إلا ما أراد. وكلّ هذا إشارات إلى 
العاصي أن الله قادر أن لو شاء أن يجعله غير عاص لثلا يظن أنه قدر أن يصنع غير ما أراد 
الله منه. فإِنّهِ إِنْما قدر على ذلك بمشيئة الله تعالى» والله تعالى ذاته عليمة بالظاهر بما 
تحلّى به من الصفاتء والعلم في جميع الوجود. وعليمة بالباطن بالغيب الذي لا يعلمه 
إلا هو. وذاتك عليمة بالظاهر بما تجلى الله تعالى من الصفات والعلم في الوجود. وإن 
لم يكن كله وعليمة بالباطن بالعلم العيني الذي هو عالم العلم, ولم يظهر في عالم 
الشهادة. وهو الذي لم يزل الله متجليا عليه بصفاته. فصارت ذاتك من الله متجليا عليها 


بالصفات إن كنت عالما به بما عرفته به» وبعلمه الذي علمته» وصمٌ أنّك مرآة لتجلي 
صفات ذات الله في ذاتك وصفاتك. وظهر علمك. وهو علمه لا غير في الوجود. وكان 
الله ملك جميع الموجدات. فالله مالك الملك» وأنت مالك» وأنت مالك الملك إن 
اتصفتٌ بصفاته ملكت الملك بالعلم؛ والتصريف في محال ما فيه من العلم» فصار الكل 
مرآة لتجلي صفات الله وعلمه لم يبق شيء إلآّ وهو علم الله وثم علمك. وهو علم 
الله تعالى» وهذا لا على طريق التشبيه. ولكن بعض من العلم لا يمكن كشفه إلا بطريق 
التمثيل» وكلّ هذا لتعلم أن كل شيء يسبّح بحمد الله؛ وأنه سبّح لله كل شيء. وقوله 
تعالى آإمَآ أَحْجَدتُهُمْ حَلْقَ ألسّمْوْتٍ وَالْأرْضٍ وَلَا مَلْنَ أََهحْ 114" ولتعلم أنه ليس شيء في 
جميع الوجود عاصياً لله إلآ نفس هذا الخبيث العاصي من الإنس والجن والشياطين. يا 
ويحه من عذاب الله وعقابه. حيث جعله الله تعالى حاكياً لجميع صفاته بالدلالة عليه من 
غير حلول ولا اتصالء فإذا اتصفت صفاتك الأربع بصفاته الأخرى التي يمكن أن يتصف 
بها المرء كنت [130ظ] قريبا منه» إذ ليس القرب مئه غير الاتصاف بوصفه وصفاته حيث 
جعله حاكياً صفاته كالمرآة فإذا تجلّت فيها صفاته صم القرب الأعظم, وهذا هو معنى 
قوله في صدر النظم, ولم تَفْنَ ما لم تكن في فانيأء ولم تفن ما لم تتجلّ فيك صورتي؛ 
أي صورتيء وهو معنى قوله ق: [إن الله خلق آدم على صورته]1 أي على صفاته. أي 
حاكياً لها كالمرآة» ولم يقل كصورته ليخرج من التشبيه؛ ولم يقل على صفاته لئلا يظن أنْ 
الصففات هي على سوى”: ومعلوم أن الله تعالى لا يوصف بالصورة فأوضح بالمفهوم 
اعتزالاً عن أوهام الأفهام؛ وهو معنى قوله 2# حاكياً عن الله تعالى [ما تقرّب عبدي إليّ 
بشيء أحبّ ممّا افترضته عليه» وإذا تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا وإذا تقرّب مني 
ذراعاً تقربت منه باعاء وإن أتاني يمشي أتيته أهرولء ولا يزال يتقرب إلى بالنوافل حتى 
أحبه فإذا أحبيته كنت سمعه الذي يسمع به. وبصره الذي يبصر به؛ ولسانه التي ينطق بهاء 
ويده التي يبطش بهاء فبي يسمعء وبي يبصرء وبي ينطقء وبي يبطش ]#1 واعلم أنَّ المراد 
بالاتصاف بصفاته» أي بمعناهاء وبتجليها على مرآة عقلك. والعمل بها إليه لا بذاتها؛ 
(1) الكهف. الآية 51. 


(2) مرَ الحديث عن هذا الحديث وتخريجه. 
(3) أي على شىء واحد متشابه. 
(4) مرّ تخريج الحديث. 


لأنّ صفاته جل وعلا ليست بمخلوقة وصفاتك مخلوقة. وأمّا صفاته وتجليها على مرآة 
عقلك فليست هي بمخلوقة؛ لأنها صفاته كما قلناه في تجليها كالمرآة» فافهم ولا تضلء 
ولا تتناول خلاف الح فيما قلناه بقلة فهمك7). 

قال: 

8 - وشَاهِدُ إذا استجليتٌ نَفْسَكُماترى 2 - بغير مراء - في المّرائي الصَّقيلة 

9 - أغيرّك فيها لاح أم أنتَ ناظرٌ إليك بها عند انمكاس الأشعة 

يقول: وشاهد ما قلناه لك أنّك أنت وجميع الوجود هو مرآة لتجلي صفات الله تعالى؛ 
وما شاء من علمه تعرفه من نفسك فتعرف ذلك بغير مراءء أي بغير شك ولا جدالء إذا 
استجليت: أي إذا تجليت في المرائي» جمع مرآة؛ وهي المنظرة الصقيلة» أغيرك فيها 
لاح أم أنت ناظر بعينك عند انعكاس الأشعة من قوة أنوار بصير بصرك إليك بهاء أي إلى 
نظرك نفسك بنفسك في المرآة. فكذلك تجلي الله تعالى بصفاتهء وعلمه على العلم الذي 
أوجده على صفات ذات المرء؛ وعلى الوجود بأسره. وكذلك تجلي علم الله على ذاتك 
وصفاتك. فإن قلت: إِنْ المتجلي في المرآة أنت» فنعم؛ ولكن أنت في معزل عنهاء وإن 
قلت: ذلك غيرك فمن هو؟ أخبرني مَن ذلك المتجلي فيهاء فخذ علم صفات الله تعالى 
من علم ذاتك وصفاتك. 

قال: 

0 - وأصغ لِرَجْع الصَّوتِ عند انقطاعه 2 إليك بأكنافٍ القصور المَشيدة 

1 - أَهَلْ كان مَنْ ناجاكٌ نّم سَوَاك أم سَمِعْتَ خطاباً منْ صَداكٌ المصوّت 

يقول: وَمَكَل آخر: اصغ بأذنك» أي أنصتء لرجع: أي إلى رجع الصوت عند انقطاعه 
إليك إذا رفعت صوتكء بأكناف: بقرب أكنافء أي ججدر القصورء والمشيدة هي العالية 
المبنية بالجصء والحصى المغرية بالنورة القوية البياضء المحكومة بالصقلء إذا تكلم 
المرء بصوت عال قرب جهة من جدرها يسمع من ذلك الجدار بعد انقطاع صوته هو 


(1)هذا تأكيد من الشيخ ناصر ته بلغ الغاية في التفرقة بين صفات الله من جهة؛ وصفات الإنسان من جهة 
أخرق. 


ذلك الصوت. وذلك الكلام بعينه» ويسمّى ذلك الصوت الصدى -بغير همزة بعد الدال-. 
فقال: هل كان ذلك مَنْ ناجاك أي كلّمك بذلك الصوت ثُمّ بفتح -الثاء- وليس بمعنى 
م التي هي بضم الثاء التي هي حرف من حروف العطف: بل هنا هي بمعنى هو سواكك أم 
سمعت خطابا من صداك المصوّت. -بفتح الواو- من صَداك: أي صوتك المصوّت الذي 
صوّته. ورجع إليك» وهذا مثال تجلّي [131و] الصور في المرآة سواء في المثال» وتجلي 
الله بصفاته على ذاتك وصفاتك. وعلى العلم؛ وعلى الوجود كذلك. والمراد بهذا تحقيق 
العلم بالله أَنْه لا يخالف صفاتك'» ولكن انظر إلى المتجلي في المرآة فلا تتجلى إلآّ ما 
واجهها من المتجلي فيهاء كذلك الله تعالى لا يحيط أحد بجميع صفاته إلا ما أراد كشفه 
لخلقه؛ فافهم. 
قال: 


2 - وقل لي: من ألقى إليك علومّه 
3 - وما كنت تدري قبل يومك ما جرى 


4 - فأصبحتٌ ذا علم بأخبار مَنْ مضى 


وقد رَكَدَتٌ منك الحواسٌ بِغَفْلَوَاة) 
بأمِكَ أو ما سوف يجري بِعُذُوَة 


5 300 3 . و 
وأسرار مَنْ يأني مدلا بخبّرة 


5 - أَنَحْسَبُ مَنْ جاراك في سِئَة الكرى 
6 - وماهي إلا النَفْسُ عند اشتغالها 
7 - تجلث لها بالغيب في شكل عالم 
8 - وقد طُبعت فيها العلومٌ وأعلمتُ 
9 - وبالعلم من فوق السّوى ما تنكّمتُ 
يقول: ولكلامه في هذه الأبيات ثلاثة!) [معان]!: المعنى الأول يقول: انظر وتفكر إذا 
كنت طفلاً لا تفهم ولا تعقل» وقد ركدت منك الحواس الخمس التي هي الشمّ؛ والسمع» 


سواك بأنواع العلوم الجليلة 
بعالمها عن شَظهِر البشرية 
هداها إلى فَهُم المعاني الغريبة 
بأسمائها قذماً بوحي الأبوّة 


ولعنن:. يننا اتلك عليهنا . تملك 


(1) في الأصل: [صفاته]ء وما أثبتناه من س وهو منسجم مع السياق. 

(2) في الديوان: [بغفوة] بدل [بغفلة]. 

(3) في الأصل و[س]: [ثلاث] بدل [ثلاثة]: وما أثبعناه الصواب» ومما يذكر هنا أن ناسخ الأصل كتب [بثلاثة]؛ ثم 
عاد فشطب عليها وكتب [ثلاث]. 

(4) في الأصل و[س]: [معاني]؛ وما أثبتناه الصواب. 


والبصرء والنطقء والذوقء. واللمسء وإنّما صارت ستة لأنْ الذوق والنطق باللسان» 
والمراد بركودها غفلتها لقلة فطنة الطفل» ثم لم تزل تتطوره والعقل يكمل حتى يتم 
العقل فتدري. وما كنت تدري كثيراً حتى عن العلوم الضرورية» وهي التي يعلمها الإنسان 
ضرورة لاب له من علمها لشهرتهاء ومعرفة العقل لها في يومكء, ولا في أمسكء ولا ما 
تحتاج إليه من التصديق ممّا يجري عليك في غدوتك لم تزل تترقى في العلم ؛ فأصبحت 
ذا علم بأخبار مَنْ مضى. وتعرف كثيراً بالفراسة مما سيأتي غداء مدلا: أى مخيراء بخيرة: 
أي بمعرفة منك في ذلك؛ أتحسب من جاراك: والمجاراة هو أن يجري لقوة السير في 
المشي ليعلم أيّهما أغلب وأقوى. أو لغرضء وتسمّى المساوقة. أي أتظنّ أن الذي 
ساوقك في سنة الكرى, والكرى النوم ولكن أراد هنا بعض معناه. وهي رقدة الغفلة!!) 
عن معرفة ذلك العلم الذي علمه من بعدء أتظنّ أنه شيء جاء إليك بأنواع العلوم الجليلة؟ 
وحيث سرت إليه فتجاريتما حتى تداركتماء وأنْ ذلك هو شيءٌ سواك. فلاء فما هي إلا 
النفس مثل العين تتجلى فيها صور الأشياء متى فتحت كذلك عين العقل عند اشتغالها 
بعالمهاء أي بالنظر إلى عالمها من مظهر البشرية» أي الإنسانية» أي حيث هي الذات في 
مظهر إنسانها البشري؛ لأنها من عالم الغيب» وظهرت في هيكلها الإنساني فإذا نظر إلى 
ما في عالمها الغيبي كما تنظر العين المحسوسات تجلت لها بالغيب, أي بالعالم الغيبي 
في شكل أي في مثال عالم هداهاء وهو عالم المعاني. وعالم المثالاتء وعالم هداها 
أيضاً ذات المرء» وعالم المعاني منها صفاتها الأربع» وهو عالم هداها إلى فهم المعاني 
الغريبة. وقد طبعت فيها العلوم التي علمتها: أي نقشتء ويحتمل أنه أراد معناه أن العقل 
يزيد بالعلم مثل السراج مهما كرت له الفتيلة والحل» فيصير ذلك العلم جزءا منه مستحيلا 
إليه فيه» وينقص بالنسيان» ويحتمل أنه جعل ذاته من ذات اللوح المحفوظ, وأنّه كما خط 
فيه العلم بالخط المعنوي كذلك هذه الذات» ويحتمل أنه طبع [131ظ] كما ترى العين إذا 
فتحت ونظرتء وانطبع فيها كما تنطبع الصور في المرآة» والمعنى كله أن ذلك هو منها لا 
شيء وصل إليها غيرها؛ لأنَ العين لم يصل إليها نجم رأته في السماءء وإِنّما تجلى ذلك 
(1) النوم عند القوم على أقسام منها نوم غفلة, وهو الذي يذكره الشيخ ناصر ,ته ونوم عادة. ونوم غلبة» وغيرهاء 


والغفلة حجاب فلذلك يبتعد عنه أرباب الهمم الذين يزعجون النفس عن طبيعتها بالنظر إلى اللذات الروحية» 
ينظر موسوعة الحفنى. ص987. 


النجم بصورته في العين» كذلك العلوم. يقول: ليست هي تصل لعين البصيرية» وإنما هي 
ذاتها تنظر ذلك وتعلمه. وهذا مراده كشف توحيد الله تعالى أن علمه الذي سبق علمه به 
أذلبا لج خواقو معو عدا ةو و14 للك عليه با لموعينات تمن هر لتو خال ان عليه 
وجد علم هذا من نفسك فإنَ كل صفة لله فمرآتها في نفسك وقوله: وأعلمت بأسمائهاء 
أي وهي الخمسة. وهي أنْها سميعة» بصيرة» قديرة» متكلمة» وشامّة» وباطنها عشرة: 
بأذن» وبغير أذن» وبغير عين» وبلسان وبغير لسان. والجارحة وبغير جارحة. وبأنف وبغير 
أنف. تلك عشرة؛ وقوله: قدماً بوحي الأبوة: أي كان ذلك لها قديماً من إلهام الله تعالى 
لآدم اقتكلا: جعله كذلك فنسله كذلك إلآّ من اعتل منهم بعلّة» وقوله: وبالعلم ما تنعمت من 
فوق السوى. أي من أعلى» وأراد هنا بعض معناه. أي من أول بداية خلق الله تعالى لآدم؛ 
والسوى: التسوية. وهي التي ذكرها الله تعالى: # فََِا سَوَّسَهُ ونَفَّحَتُ فيه مِن روج 017#. 
يقول الناظم: وهذه الروح» وصفاتها الأربع» وأسماء ذاتهاء وهي الأربعة التي هي السمع» 
والبصرء والقدرة» والنطق تنعمت به كل ذات جاءت منه من يوم التسوية. وأما بالعلم فما 
تنعمت ذات كل امرئ من نسله بمعرفته من أول بداية التسوية حتى يخلق كذلك عالما 
من حين ما يولد المرء كما يخلق سميعاً بصيراً متكلما قديراً من أول يوم يولدء ولكن 
تعلم بما أملت عليها تملّت. وقوله: تملت -بفتح اللام وتشديده- أي امتلأت» وأملت 
-بتخفيف اللام مع فتحة-» والإملاء هو أن يتلو المرء على أحد كلاما يخبره» واستعار 
هذا بما تملى على الذات الحواس الخمس كل حاسّة بما هى مخصوصة له مما أدركته 
عت دزا لذ انع عبان كبا هلعن التاضير لاحم اق الى ره الك ضنديا تفلن لوا مز 
ذلك أيضا من المعاني الدقيقة فوق ما فتحت لها هذه الحاسة. والمعنى الثاني يقول: قل 
لي من ألقى إليك علومه إذا علمت هذه العلوم؛ وكثيراً من أمور الدنيا حتى صرت تعرف 
كثيراً من أخبار ما مضىء وأخبار ما مضىء وأخبار ما سيأتي من كتب الله وأنبيائه» وحجة 
الععنه وانكلات انلف لما وصيرت خالما في النامن كيرا تور دوت سك االحراتين 
في نومك بغفلة منك على نفسك وحسكء وعمّا كنت تدريه قبل يومك. -بالياء لا 


(1) الحجر. الآية 29. 


(2) في س: [ركدت] بدل [رقدت]. 


بالنون-'). وما بأمسك. وما يجري عليك في غدكء أي في يوم القيامة» والحشرء 
والنشرء والحسابء والثواب» والعقاب. وغفلت عن هذا كله فأصبحت. وأصبح كل 
ذلك العلم تراه كما كنت تراهء أتحسب أنّ أحدأ ألقى إليك علومه. وأنّه جاراك في حين 
أنت منتبه» وهو واصل إليك؟ كلاء ما هي إلا نفسك التي هي ذاتك وروحك. لما فتحت 
عينهما شاهدت ما شاهدته أولا كما ذكرناه إلى تمام الشرح؛ لأن شرح البيتين الآخرين 
لا يختلف. وإِنْما تحتمل هذه المعاني التي ذكرناها في التي قبلهما. والمعنى الثالث: هو 
كذلك للأبيات التي قبلهما أنه يحتمل أن يكون معنى قوله: فقل لي من ألقى إليك علومه 
بالرؤيا الصادقة» وجميع ما تمثّل إليك فيها من علم ما سيكون. أو ما قد كان قبل علمها 
هي من جهة الحواس أو الإلهام. وقد رقدت” منك الحواس بغفلة: أي بمنامكء والنوم 
لايأتي على الحواس إلا على حين غفلة منها. وذلك إذا غطت عين العقل» وأغمضت كما 
تغمض العين رقدت بالنوم» وذهبت حواس جميع الحواس حتى تنتبه» وما كنت تدري 
ذلك الذي رأيته قبل يومك بالتعليم» ولا علمته بأمسكء ولا تعلم ما يجري عليك بغدوة 
فأصبحت ذا علم بأخبار من مضىء وبأسرار من يأتي مدلآء أي مخبرا [132و] بخبره. أي 
بدلالة منك. وهي الرؤيا الصادقة. أتحسب مَنْ جاراك: أي تظنّ أن ذلك من أحد غيرك 
جاراك. أي ساوقك على عقلك فألقى ذلك عليك؛ فى سنة الكرى سواك ألقى عليك 
بالراع اللرع لير لاز ساتعى إلا اللو عند سينا ع سوا نهدنو عفالها عالمياة 
عالم الغيب. أي إذا دارت جهتها التي على عالم الغيب تجلت لها بالغيب من عالم الغيب 
في شكل هداهاء أي في مثال هداهاء أي فهم المعاني الدقيقة من عالم الغيب. مراده هنا 
هو عالم اللوح الذي فيه أمثال كل شيء* إن كانت الرؤيا حقأء وإلآ فالنفس دارت جهتها 
إلى عالم الخيال فتجلّى لها خيالاء ولم يكن له تأويل» فافهم ذلك. 
قال: 


(1) في الأصل: [بالنوم] بدل [بالنون]» وما أثبتناه من س وهو الصواب لتلاؤمه مع السياق» يريد اليوم وليس النوم. 

(2) في س: [ركدت] بدل [رقدت].ء كما مر سابقا. 

(3)عالم اللوح كما يشرحه الشيخ ناصر ته يقترب كثيرأً من عالم المثل الأفلاطوني وهو عالم الصور المجردة؛ 
والحقائق الخالدة» وهي لا تدثر أو تفسد. ولكنها أزلية أبدية» وليس ما نراه في العالم المحسوس إلا ظلالا 
من ذلك العالم المثالي المتعالي» ينظر عن المثل الأفلاطونية تاريخ الفلسفة العربية؛ د. جميل صليباء ص40 
وأفلاطون. د. فؤاد الأهواني» ص107. 


0 - وتجريدها المَاديٌ نبت أولاً تجرّدها الثاني المَعَادِيٌ فائثبت 

1 - ولو أنّها قَئْلَ المنام تجورّدت لشاهدتها مثلي بعين 1 05 

بقول: أي الروح التي هي الذات» وتجريدها العاديّ -بفتح الياء» وتشديدها- أي» 
وتجرّدها عن عاداتها بالنوم. وذهاب إدراكها بالحواسء وإقبالها إلى جهة عالمها عالم 
الغيب» ورؤيتها لما تراه من الرؤيا الصحيحة؛ وهي جزء من أربعة وثلاثين2 جزءاً من 
الوحى أثبت بهذا البرهان أولاً على أنْ تجرّدها الثانى الذي هو فى اليقظة عن الرؤية 
إلى المحسوسات التي برؤيتها المعاديّ» أي إلى معادها الذي هي منه؛ وإليه مرجعها إذا 
جرّدت. فأثبت حينئذ بهذا الإيضاح على صحة هذا الاعتقاد حتى تسلكه. فإن لم يحقق 
الشيء صحته لم يطلبه. ولم يرغب إليه. وذلك معنى قوله: ولو أنهاء أي ذاتك قبل المنام 
تجردت كما تجردت في المنام» وأقبلت إلى عالمها الغيبي لشاهدتهاء أي تلك الرؤية 
ذاتك من غير نوم مثليء أي مثل ما أنا أشاهد ذلك في اليقظة بعين صحيحة. وأراد بمثلي 
معناه. أي وكذلك أنا بالكشف في اليقظة بعضاً من العلوم كما تراه أنت بالرؤياء فكانت 
الرؤيا دليلاً على صحة هذا العلم» وفيها ترغيبء ويروى عن عائشة 9 أن بداية [نبوة]) 
النبي في ستة أشهر بالرؤياء الصادقة. وأنّه كان لا يرى شيئاً إلآ أصاب*. وكذلك كثير 
من الملوك إذا كان لينمحي ملكهم, أو غيرهم تبدو لهم الرؤياء فافهم ذلك. وهذا ما يدل 
على صحة المكاشفة بالحضرات الإلهية فضرب مثلاً لتجلي صفات الله تعالى على قلبك 
بالصفات بالمرآة وبالصوت. وضرب مثلاً في إمكان مشاهدة الحضرات جملة ليثبت 
أحدية الجمع. وضرب مثلاً في إمكان الترقي والتلوين حتى يتمكن بالتسوية الأولى أنّها 
لم تبلغ العلم بها كما بلغت وجود الذات الصفات الأربع توارثا بالتسوية» ثم ضرب مثلا 
في إمكان المكاشفة بعلم الغيبء وأقام حججه وبراهينه على ما أراد أن يتكلم فيه من 
العلم» ثم قال: 


3 -0 "0ه + 5 7 
2 - ولاا تك ممّلن طيّشتّه دروسه بحيث استقلت عقله واستفزت 


(1)يأتي هذا البيت في الديوان قبل البيت السابق. 
(2) في الأصل و[س] كتبت [أربعة وثلاثين] بالأرقام. 


(3) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 
(4) ينظر صحيح البخاري. الحديث 3392 و 4953. وصحيح مسلمء الحديث 160. 


3 - فنَّمَ وراءً التّقَلِ علمٌ يدق عن مدارك غايات العقول السليمة 

4 - تَلْقينُه مني وعني أخذنه ونفسيّ كانت من عطائي مُمدَتي 

بقول: ولا تكن ممن طيّشته: أي خفّفت عقله؛ فلا يلبث للتفكر دروسه في كتب 
النقل من العلماء في علم الشريعة؛ وعلم الحقيقة؛ ولم يجد فيها علم المكاشفة بالأسرار 
الإلهية من علم الغيب بطريق الإلهام والمكاشفة؛ فأنكرها لأجل عدم ذكرها إلى أن صيّرته 
بحيث أن استقلت, أي قللت عقله عن فهم إدراك التحقيق» واستقرت -بالقاف والواو 
المهملة- أي ثبتت على إنكارها -وبالفاء» وبالزاء المعجمة- أي أزعجته. ودعته إلى 
الطيش والإنكار. فنَّمّ: أي فإنْ بعد وراء النقل [132ظ] معان لذلك النقل» وبعد ذلك العلم 
الظاهر يدق عن أكثر مدارك العقول السليمة» ومدارك العقول هي صفاتها الأربع التي بها 
تدرك العلم بهاء وقد تلقنته» والتلقين حقيقة معناه إيصال الشيء إلى قلبك من كتاب. 
أو عالم؛ أو عن نظرء وهو يقول: تلقتّته مئي: أي من مرآة عقليء وعتّي: أي عن عقلي 
أخذته. ومراده أخذه عقله من عقله. وعن عقله. وهو كذلك. ونفسي كانت من عطائي 
هي ممدّتيء أي ممذها بالعطاء منهاء أي من صفاتهاء وتقابلها للعلم ولصفات الله تعالى. 
وفي الحقيقة الكل من الله تعالى» ولكن يريد هنا كشف السر الباطنء ولا يصحٌ كشفه إلا 
أن يمثله عن نفسه. ومن نفسه إشارة إلى ما ذكرناه أنْ ذات المرء مرآة لتوحيد الله» فمن 
صفاتك خذ توحيده كما أشرنا إليه تارة» وصرّحنا به أخرى. فإن قلت: إِنْ علم الغيب لا 
يعلمه إلا الله تعالى لقوله جل وعلا: #قل لَايتَكهُ مَنْفِ ألسّمَوتٍ وَالْأَرْضٍ اليب إلا آَه 11١4‏ وقوله 


ع لاس عبر م مس اسمس ل 


جل ذكره: قلا يظهرٌ عَلَ َنود أحَدًا ]لام ريض ين رَسُولٍ َإِنْهء لِك من بين يدَيْهِ وَمِنْ 
حَلفِِء رصَدًا 24 فنقول: نعم؛ ولكن في الحقيقة إن كل ما خفي عن الخلق فهو غيب على 
من خفي عليهم. وكل العلم إنما علم بإعلام الله» وقد قال جل وعلا #يؤمنونَ يليل 37#) 
والمراد يؤمنون بالله. واليوم الآخرء والحشرء والنشرء والحسابء. والعقاب. والثواب. 
وذلك ممّا أقام الله الحجة على خلقه الذين تعتّدهم بعلم ذلك [بعلمه]!*)» وقطع عذر مَنْ 


(1) النملء الآية 65. 
(2) الجن. الآية 27. 
(3) البقرة. الآية 3. 
(4) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 


شك بعد بلوغ الحجة له بالمعرفة بذلك من سماع أو خاطر ببال فَعَقّلهء ومع هذا سمّاه الله 
من علم الغيب» فصمّ أن اسم الغيب'!) يطلق على معان من أقسامه. وأنّه على أقسام. فمنه 
غيب لاا يصمٌ أن يظهره الله على أحد من خلقه. وهو مثل تجلي كمال شيء من صفاته قدر 
ما لا تحتمله العقول, أو لا يحتمله الوجود. ولو تجلى عليه كذلك لتلاشى وصار لا شيء 
كما كان قبل وجوده. كما تجلى للجبل قدر ما لا يحتمله فتلاشى؛ وصار لا شيء. ومنه ما 
لا يظهره على الجميع. ويظهره على البعض كالملائكة؛ فانظر بأيّ شيء يعلمون خطاب 
الله لهم. وكتبه المنزلة على الرسلء أليس ذلك من طريق المكاشفة؟ ومنه ما يكشفه على 
الرسلء والأنبياء على ألسنة الملائكة كعلم الدين؛ ومنه بالإلهام» والمكاشفة لهمء ومنه ما 
يكشفه الله تعالى لأوليائه كما عرفته في الخضر اكتلا. ومنه ما يكشفه للسالكين إليه بطريق 
المحبة وقراءة الاسم الخماسي المخصوصء ولكشف الحقائق إلا أنه مع قوة الرغبة إلى 
الله تعالى» وإلآً فلا تأثير له ومنه ما يكشفه الله لأهل الشريعة فيستخرجون من العلم فيها 
بعقولهم ما لم يسبقهم به أحد. وهو من علم الغيب بالإلهام؛ لأنه لم يعلمه من أحد. ومنه 
ما يظهر للخلق من إبداع الصور والمثالات كالشعرء والحكم, والصنائع؛ وإلى غير ذلك 
مما يستخرجها من عقله. وكانت غيباً لم يحط بذلك غيره» أو أحاط به غيره إلا أنه هو لم 
يأخذ عنه. وكل هذا من علم الغيب. فتأويل الكتاب يحتاج إلى علم لا على الظن وإطلاق 
المعاني» والمراد بالكشف لعلم الغيب عند أهل الكشف هو العلم الممكن أن يكاشفوا 
به مما هو بعيد فهمه وإدراكه عن أكثر أهل العقول السليمة» أي العلماء؛ لأنْ غير عقول 
العلماء لا حيجة بها في قلَة الإدراك. 


فإذا عرفت ذقت©) ذلك» وذهبت عنك الشكوكء فاعلم أن النبي غك قال: إِنَ من 


(1) للقوم حديث طويل عميق متشعب عن الغيب ورجاله. والشيخ ناصر تَْاَنَهُ يغرف من هذا المعين. ويفيضه هناء 
وينظر عن الغيب موسوعة الحفني. ص892. وما بعدهاء وموسوعة العجم. ص694. وما بعدها. 

(2) من الملاحظ أن الشيخ ناصر تيده يستخدم هذا المصطلح للمرة الأولى؛ ومن المعلوم أن للذوق عند القوم مكاناً 
عالياء ويكفي أنّهم يسمّون العلم كله (علم الذوق) الذي لا يدرك إلا بالذوق. والذوق هو المبدأ فيه والمنتهى. 
ينظر عن الذوق موسوعة الحفني. ص756, وما بعدهاء وفيه: «ومن اللاصطلاحات الصوفية المشهورة: مَنْ ذاق 


العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء بالله» فإذا نطقوا به لم ينكره إلا أهل الغرّة بالله 
تعالى!!)» فلا عجب أن تكلم المقام المحمدي أني أخذت ظاهر العلم من حسّيء وباطنه 
من عقلي؛ وسرّه من روحيء ومكنونه من سرّي» وكذلك من هو دونه من أهل الكشف 
على قدرهم, واعلم أَنَّ من لم ينظر إلا إلى [133و] ظواهر العلم؛ ولم يتحقّق العلم من 
بواطنها فاته كثير من مشاهدة الحق. في كل شيء» ومشاهدة الحكمة الإلهية» وكمالها في 
كل شيء؛ حتى في ظهور الهزل واللعب واللهو. وغير ذلك الصادرة من اتباع الهوى. فإن 
نظرها من حيث العلم الشرعي لا ينظر إلا باطنها ما كان باطنأء أو هزلاً ما كان هزلاًء وكفرا 
ما كان كفرأء وهو كذلك ظاهر أو حقيقة؛ والنظر إليها من طريق المكاشفة كذلك؛ ولكن 
يراها حكمة من الباري في كشف ذلك من أهله بتدبيره المحكم الجدّ الذي لا هزل فيه 
ولا لعباً ولا عبثاء فالهزل ممّن أتى به. والباطل ممّن أتى به. والكفر ممّن أتى به هو في 
تدبير الله تعالى لإظهار ذلك منهم هو جدّ. وحكمة ربانية لو اتكشفت لأدهشت العقول. 
ويتجلى منها لأهل الكشف قدر ما تحتمله عقولهم. وكذلك ترى الحيوانات» واختلاف 
صورهاء وظهورها على تلك الصورء وإبداعها على اختلاف أخلاقهاء وكذلك النبات» 
وأنواعه» والسحابء وما يظهر ولا يسقي بل يتلاشىء وفي الظاهر أنه ظهر بلا نفع 
وكذلك كثير من الأمور مما لا يحصى في صور الحصى والجبال على اختلافها وصعوبتها 
ولم يخلقها في رؤية العين مثل الججدر المحكم في بنائهاء وكذلك الطيورء وكذلك جميع 
أخلاق العباد. واختلاف صورهم., وأحوالهم. وهيئاتهم» ورغباتهم, فإِنّ أهل التحقيق 
وأهل الكشف ينظرون كمال الحكمة في كل شيء مشاهدة لإقراره. 

واعلم أن للعقل ثلاثة وجوه في إدراكه المدركات به: الأول: بالآلات المدركات 
الظاهرية» وهي الحواس الخمس بها تدرك المحسوسات. والوجه الثاني: بالقوة الفكرية 
الى إلا تقار حك الطيفة والدهوانها لاستمدادها بالغذاء الطبيعي الميكد ل والرحه 
الثالث: إدراكه بالذات لوجود صفاته الأر بع التي هي صفات ذاته. لأنه إذا لم يكن سميعاء 


عرف. يعني من يجعل الذوق وسيلة المعرفة كان من العارفين. والعلوم الذوقية هي العلوم الصوفية عن المعارف 
والأسرار» وينظر موسوعة العجم., 372, وما بعدها. 

(1) ينظر إحياء علوم الدين» الغزالي٠‏ 220/1 وفي الهامش: رواه أبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين له في التصوف 
من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف. 


بصيراً متكلماًء قادراً لم يكن عقلاًء وكان فاسداً لا تعد عليه. ولا يبلغ درجة المكاشفة 
إلا بتطلعه على الحقائق. ووصوله إلى الحضرات» وتجليه عن رؤية المحسوسات في 
حين ذلك. وتوجّه الروح. والنفس إلى الله بقوة الرغبة» والتضرّع إليه مع تلاوة الاسم 
الخماسي خالصاً لله بحبّه لا لكشف الحقائق له. ولا لتجلي الحضرات عليه؛ وإِنّما هو 
لإرادة القرب منهء وابتغاء ذلك الاجتهاد منه لوجهه خالصاً حتى لا لأجل لذة» ولا لنجاة 
نفسه. وإن كان هذا مما لا يقدح في بعده من ربّه؛ ولكن لكل درجة طريق. وهذه طريقة 
هذه الدرجة فَإِنْ الله يكاشفه بعلم المكاشفة» ويجري ينابيع الحكمة على قلبه فيجب عليه 
من طريق استحباب الله له أن يكتم'!' ما يشاهده مما لا يساغ في عقول الأكثر قبول معرفته 
واتضاح حقه. إلا أن يبديه بطريق الرمز ترغيبا لمن يأتي من بعده كما فعل هذا الناظم؛ ولما 
لم أجد أحدا له قوة فهم على فهم معانيه صار كالذي لا فائدة فيه فأحببت إيضاحه إيضاحا 
قليلا كالإقليد يفهم من كان له عقل ما وراء ذلك من المعاني» فافهم. 

قال: 

5 - وَلآنّك باللاهي عن اللّهو ججملةً فَهَْلَ الملاهي جد نفس مُحَِدَة 

6 - وإِيَاك والإعراض عن كلّ صورة مموّهة أو حالة مستحيلة 

7 - فَطَيِفٌ حَيالٍ الظلّ يُهدي إليك في كتر اللريلين ما عنه السّتائرٌ شفت 

8 - ترى صورٌ الأشسياء تبدو عليك منْ وراة حجاب اللنصسن في كل خلقة 

يقول: وفيه تقديم وتأخير واستعارات؛ وتقديره: ولا تك باللاهي جملة» أي ولا تك 
بالغافل كليّة عن نظرء ومشاهدة الحكمة الإلهية» وجدّها: أي عدلها وحمّها فيما تراه من 


(1) هذا ما عليه القوم في كل حين من رغبتهم الصادقة في الكتمان. وترك إذاعة ما يمرّون به من أحوالء وإذا كان لابدّ 
من الكلام فالرمزء والإشارة هما اللغة الوحيدة» وإلى هذا يشير الشيخ ناصر كما رأيناء ولعل أبلغ صورة تقدّمها 
المصادر عن كتم السرّ عند القوم ما صنعه الشبلي حين أوفد امرأة إلى الحلاج وهو مصلوب تقول له: إن الله قد 
اتتمنك على سرّ من أسراره فأذعته. فأذاقك طعم الحديد. فقال لها الحلاج: اذهبي وقولي له ما أذعت له سراء 
فسألته: والتصوف؟ فقال: أهون مرقاة فيه ما ترين» قالت: فما أعلاه؟ قال: ليس لك إليه سبيل. والشبلى نفسه 
يقول: كنت أنا والحلاج شيئاً واحداء إلآ أنه أظهر وكتمت. ينظر موسوعة الحفني. عل 16#ء وامتصوفة ينداف 
عزيز السيد جاسم. ص262, وينظر كذلك كتاب (الإخلاص) للشيخ ناصرء ص572» وما بعدها فقد عقد فيه 
فصلا للعقل. وقواه. ووجوهه. 


64 


أفعاله على صورة اللهو واللعب في الظاهر [133ظ].ء وهو الهزل. وأراد باللهو بعض 
معناه فاستعاره للهزل لا غيره وذلك مثل ما تراه من سحاب يبدو في كل يوم» ويتصور 
على صور شتى ويضمحل بلا فائدة» وما تراه من الدواب السيئة الأخلاق, والقبيحة 
الصور. وما أشبه هذاء فهزل الملاهيء أي فهزل هذا الظاهر في صورة الهزل هو جد 
نفس مجذة. أراد بالنفس هنا ذات الشيء وحقيقته» وبالجدٌ الحق. أي هو حقٌ. حقيقة. 
محققة آياته فى علمه وحكمه. ويحتمل له معنى آخر يقول: وكذلك لا تكن بالغافل غفلة 
كلك أ مق كا رسنةه و المزاد مو عي انق إلى تلفي لهاك مقا هن السكم ةاون الله 
تعالى في تدبيره لكشف اللهو من صاحبه؛ فهزل الملاهي من صاحبها هو جد نفسء أي 
نفسه مجدّة فى ذلك الهزل لحكمة الهيئة منه» فيه لكشف اختياره من طاعة أو معصية 
عو وغ عن اس ضاسيه وكوللك إيالد ,ولاس اقلق قري وخا هد لتتكطة الله معنن 
تدبيره لإظهار كل صورة مموّهة, والمموّهة المنقوشة. وأراد بذلك الخيال الذي خلقه 
الله تعالى خيالاً في النفوس يحشه المرء شيئاً وحقاء وهو ليس بشيء؛ أو عن مشاهدة 
حكمة الله في تدبيره في إظهار كل حالة مستحيلة مثل أضغاث الأحلام؛ والسراب الذي 
من بعيد ماءء وما خلق الله من الخيالات الفاسدة التي تتخيل على المرءء والخيالات 
السحرية فإنّها من الله خلق. ومن أهلها فعل. فكل هذا وأمثاله مما له هو صور مستحيلة 
ظاهرها هزل في إيجادهاء وباطنها حقائق إلهية» عدلة لابدٌ من كونها لأمر لاد من كونه. 
زتعن إذاشاهدات؟ ذلك ع روي السدل افيه بالتعقى لذ بالتهد يتنو إن ان بالتصندية 
يسلم المرء. فأهل التحقيق لا يقنعون بمرتبتهم: قوله: فطيف خيال الظل» والطيف هو 
ما يطوف عليك من حال يأتيك في ليل أو نهار وأراد هنا في الليل» والخيال هو ما 
يتخيل إليك من قبل؛ وليس هو شيء غير خيال» ولكن هنا استعارة الخيال المثل الذي 
هو شيء كخيال الظل وهو ظل الشيء الذي يكون وراء جهة الشمس منه استعارة؛ لأنه 
خيال صحيح روحانيء وأراد هنا الرؤية في المنام التي هي حقٌء وتأتي في صورة اللهو 
واللعب. وهو الهزلء يقول: فإن طيف خيال الظلء أي الذي هو على مثال الظل الذي 
يأتي في النوم من الرؤيا الحقّ كحقّ خيال الظلء فاستعاره لروحانيته وحقّه قديهدي إليك 
اللهو في الظاهرء وباطنه علم أوحاه الله تعالى إليك من علم الغيب في كرىء أي في نوم 
تنامه فتعرف حقه وتعبيره» أو يعرفه غيرك» وإِنْ ذلك ليسه بلهوء ولا لعب. بل هو حكمة 


65 


عجيبة» وكرامة إليك غريبة» ذلك ما شت عنه الساترة» أي لطفت عن ستر رؤية حقّه 
الحجب الظاهرة الساترة عليه بذلك الهزل الظاهر على أهل العلم بتأويل الرؤياء وبتأويل 
تلك الرؤياء وكفى بهذا دليلاً أن مَن شفّت على عقله حجب الظواهر التى يراها شبيهة 
لوول أنه لوق حقانتوا وين لل حكي ةناد جهاء وات الحكية كن الظامن جله بول 
الظاهر هزله لا فرق بينهماء فلا تغفل عن التحقيق في توحيد الله في الجد والهزلء فإنّه 
ليس في الحكمة الإلهية هزل فاكشف الحجاب تَرَ!! صور الأشياء؛ أي حقائق الأشياءء. 
تبدو: أي تظهر وتتجلى عليك من وراء حجاب اللبس في كل حق خلقة. أي في كل 
صورة على الإطلاق. 

قال: 

9 - تجمّعت الأضدادٌ فيها لحكمة فأشكالها تبدو على كل هيئة 

0 - صُوامتُ نبدي الطُقَ وهي سواكق 2 تُحرّكُ تُهدي النور خَبِرَ ضوبّة 

يقول: تجمعت الأضداد فيها: أي في الظواهر كلها في هزلهاء وجدّها التي هي في 
الحقيقة لا هزل فيها لحكمة عظيمة تدهش عقول المفكرينء فأشكالها: أي قصورهاء 
تبدو: أي تظهر على كل هيئة» أي على كل حالة من حالات الأضداد في حالة واحدة تظهر 
أضداد هيئاتهاء فجميع الصوامت, والنواطق في حال صمتها صوامت في ظاهر الأمر, 
وفي حال صمتها تبدو أي تظهر [134و] النطق فهي نواطق بالدلالة والتسبيح وتوحيد الله 
عا وم براك فى العلاهر التي نعي في الولاعر موا كو وح ني حالاسكونها عرد 
بالمعنى والدلالة؛ لأنّ كل ناطق فهو متحرك؛ لأنْ كل مسبّح لله ناهض بقوة به» ويجد 
في التسبيح والإذعان. والاستماع لأمر الله تعالى له. والانفعال لما يريده منه» والرؤية 
بالاهتداء إلى ما يريد الله منه.» فهو متحرك بذلك. وانظر إلى النبات» واهتدائه لما أراد الله 
تعالى» فأذعن لأمره من شرب الماءء. والغذاء من لطيف الأرضء ورفعه في حبه لذلك 
الغذاء إلى نهايته» كل ذلك ممّا يدل على أنْ كل شىء هو متحرك بالانفعال لما يريد الله 
بكاو كلها فى قاقر ار ع عبوز الك خير نكر با او الع ريك الستواه سال كدي 
غير لطيفة» وهي على بقاء ظلمتها كذلك تبدي النور العلمي» فصارت جميع الأكوان التي 


(1) في الأصل و(س]: [ترى] وما أثبتناه الصواب. 
66 


هي في صورة الهزل» وفي صورة الجد كلها حق» ونور وكلها ظاهرة كالرؤيا الحق التي 
هى فى صورة حجاب الهزل؛ وكذلك حقيقة كل ذرة من أجزائك ظاهرها ظلمة» وساكنة 
وباظها مسر ونون علج هى كلاق فى كال راحب واظلمة اللن برلالة بالل بالل 
تعالى أضوأ من النهار مع أهل الكشف. وأضوأ من الشمس ونور الشمس مع المحتجبة 
ذواتهم عن الله تعالى أظلم من ظلمة الليل؛ لأنها حجاب عن الله لمن حجبت ذاته عن 
معرفة الله بهاء ونور لمن عرف الله بهاء وعرفها الله تعالى» ثم ذكر بعض الأضداد: 
قال: 
1 وَتَضْحَكُ إعجاباً كأبدّل فارح 2 وتبكي التحاباً مثلّ تكلى حزينة 
2 - وتندبٌ إن أن على سَلْبٍ نعمة وَتَطْرَبُ إن غَنَثْ على طيب نغمة 
يقول: ولم يزل ترقيك في التوحيد لله المجيد في كل شيء مرتبة» مرتبة» ودرجة. 
درجة؛ ويضرب لك الأمثال في كل شيء فقال: فكل شيء في الحقيقة الباطنة من حيث 
لا تدري الأشياء بنفسها كما قال؛ وتضحك إعجاباً: أراد بالضحك هنا يعض معنا 
وهو الزهرة''" وأراد بالإعجاب هنا حسن المنظره والمخبر لا بمعنى التعّجب. والجَدّل 
-بالذال المعجمة- الفرح والسرورء والفارح الفرح, والانتحاب رفع الصوت. والثكلى: 
المرأة التي مات عليها أمها أو أبوها أو ولدهاء وتضحك زهرة إعجاباًء أي حسنة المنظرء 
وذلك هو حقيقة الضحك الذي هو في كل شيء؛ وبه يظهر ضحك المرء إذا ظهر بمظهره. 
وظهور زهر الأشياء الذي هو حسن منظرها هو ضحكها2). وكذلك إذا تجلى لطف الله 
على الأشياء في الحقيقة أن ذلك مما يسرّها علمت أو لم تعلم؛ فانبسطت». ونشطت 
وزهرت: أظهرت الزهر أو لم يظهر. وهو الذي استعاره للضحك. وإذا تجلى الله عليها 
بالعظمة والهيبة» والخوف من سطوته وخيفته» سكنت وانقبضتء وهذه الحالة فيها هي 


(1) في العين للخليل. ص 340.: «الزهرة: نور كل نبات» وزهرة الدنيا: حسنها وبهجتها... والزهور: تلألؤ السراج 
(2) ومنه البيت المشهور: : 

أناك الربيع الطلق يختال فاعيكا من الحسن حتى كاد أن يتكلما 
ومنه أيضا: 


التى استعار لها البكاء» وكل هاتين الحالتين هما فى كل شىء فى حال واحد. فهى تضحك 
جا أي سروراء كأجذل: أي كأفرح فارح. وتكن انتحاباً بأمثل تكلى 00 وعلى 
سلب نعمتهاء ولو لم يسلب الله عنها نعمتهاء وهي معرفتها به فهي تئنّ حزناً إن ماتت. وإن 
كانت بعدها في الوجود على فراق زهرتها بلسان حالهاء وهي على فراق علمها بربها فهي 
تبآت» أي تعدّد حزن على فوات تلك التعمء وإن لم تفتها بعد ولكن كذلك هي في هيثتها 
دائمة» فهذه القوى موجودة في حالة كل كوّنه الله تعالى» ولذلك يظهر في مظاهر الإنسان» 
وكذلك قوله: تطربء أي تفرح بلسان الحال إن غنّت. إن تكلمت» ونطقت عن كل نغمة 
-بالغين المعجمة- على كل كلمة من كلامهاء فنطقها في كل نغمة هو طرب. وفرح على 
ما أنعم الله عليهاء أو على معرفتها خطاب الله لهاء فيكون على كل نعمة استعارة. أي 
على كل خطاب [134ظ] من الله. والله لم يزل متجلياً بخطابه على الكائنات بغير حرف» 
ولااصوت في جميع أمورهاء وجميع بع ما تجلى فيها من الصفات والعلم ولا تظهر هذه 
الصفات التي في الألوان إلا في بعض الحيوانات كالإنسان» فصار الإنسان مظهراً لأحوال 
جميع الكائنات» فهو لسانه التي ينطق بما ينطق به.» ومظهر سمعها وبصرها وكلامهاء 
وحزنها وفرحها وبكائهاء وأنينها وندبهاء وكذلك بعض الحيوان كما قال: 

3 - تسرى الطَيرٌ في الأغصان بُطرِبُ سَجْمُها بتغريد ألحان لديك شجيّة 

4 - وتَعجَبٌ من أصواتها بلغاتها وقد أَغْرَبَتْ عن عن ألسن أعحميّة 

يقول: ومن ذلك ترى الطير في الأغصان يطرب سجعهاء أي يطربك سجعها بتغريد 
ألحان لديك. أي بقربك. شجيّة: أي حزينة» وتعجب: أي وتستحسن من لذة أصواتها 
بلغاتهاء وقد أعربت: أى أفضصحت» عن السن أعجمية: أى غير مفهومة»:وكل ذلك ليسن 
بهزلء وكلّها مظاهر لتجلي لطف الله على الوجود فرحا به. وبمعرفة الله تعالى» وحزناً من 
فوات نعمه التي هي لطفه والعلم به» وبتلاشيه بمحبة الوجود لله بالعلم به» والحزن على 
فراق هذه النعمة العظيمة ظهر الحزن والبكاء. والفرح والطرب في بعض الحيوانات؛ وفي 
الحقيقة إنَ ذلك مظاهر تجلي الله وصفاته. وعلمه. وفعله. وتدبيره. 

قال: 

5 - وق في لبر نسري العيسٌُ تُخترق الفَلا وفي البحر تجري السّفْنُ في وَسْط لَجَةٍ 


68 


6 - وتنظرٌ للجيشين في البرّ مرّة 
6572 - لباسَهُمٌ نج الحديد لبأسهم 
8 - فأجنادٌ جَيْش الب ما بين فارس 


9 - وأكنادُ جيش البحر ما بين راكب 


وفي البحر أخرى فى سيوع كير 
وَهُم في حمى حَدَيْ ظباً وأسَة 
على فرس أو راجل رَتَ رجلة 
مَطا مركب أو صاعد مثل صَعْدةَ 


0 - قَمِنْ ضَارب بالبيض فتكاً وطاعن حفر “القنا 


أ 


العمشالة السمهرية 
ومن مُخخرقٍ في الماء رَرْقاً بشعلة 
و ا توف :ا منيرا ناذلا تنشه.ود) يولي كشيرا شيف ذل.. المزيية 
53 - وَتَشْهِدٌ نَضْبَ المنجنيتٍ ورميها 2 ليدم الصياصي والحصون المنيعة''' 
يقول: وانظر وشاهد الحق وتجلى الله فى ذلك بصفاته فى كل تدبير أظهره الله 
بحكمته لإظهار ما أراد الله إظهازهبهنا عر ميدن عله على العقرل بحجاب جهل 
علمها به؛ وما أظهره من الصورء واختلاف كل شيء فيهاء ترى العيسء. وهي الإبل 
تخترق الفلاء أي تقطعها بالسير فيهاء وفي البحر تجري السفن في وسط ليّجة البحر» 
وتنظر 0 أي إلى الجيشين المتقابلين في البرّ مرة» وفي البحر مرّة أخرى 
في جموع كثيرة همتهم أنفسهم لذلك. وفي ذلك فناؤهم وموتهمء. وهم لا يبالون» 
ويعلمون أن الوقوف لهمء والإذعان إلى صلاحهم الذي هو صلاح لهم خير من ذلك» 
والنفوس تأبى؛ ولباسهم نسج الحديد: وهي الدروع: لباسهم: أي لقتال بعضهم بعضاً 
وهم في حمى: أ خمانة: حدى :نا أئ السيوف» وآسِئة: : أي الرماح» وأراد بحدّي: 
حدّ السيف حيث يقطعء وحدّ السنان حيث يطعن, وفي هذا ما يدل على خوفهم المنية» 
وهم متهوّرون إليها عن قصد من بعضهم في بعض. فأجناد: أي فترى إذا اعتبرت جيش 
الب مأ ب بين فارس راكب عن فرسء وراجل أي [135و] ماش» ربّ رجلة: أي صاحب 
مشي قوي عليه» وترى أكناد: أي خخصوم جيش البحر ما بين راكب مطيء والمطيّ هو 
الموضع الذي يوطأ منه. وأراد بذلك سطح مركبء أو صاعد مثل صعدة: أي مثل 
درجة يصعد عليهاء وترى بالنظر إليهم فمن أي منهم من هو ضارب البيضء أي 


1 - ومِنْ مُفْرق في النار رَشْقَاً بأشهُم 


(1) في الديوان: [وَرَمْيه] بدل [ورميها]. 


السيوف الحادّة» فتكاً: أي» قتلاً ومنهم من طاعن بسمر القناء وهي الرماح العسّالة 
السمهرية؛ [ ]!''. ومنهم مَنْ هو مغرق في النار. أي في حرارة الموت 
رشقاً بأسهم. أي طعناً بأسْهم القوسء. وهي النشابء ومنهم مَن هو محرق بحرارة 
الموت في الماء هو في حين ذلك في الماء زرقاً بشعلة نار حرارة الموتء أو محرق. 
زهوافق الماد ؤرقاً بشعلنة نارانيله فيه يحكمة مل النداقع والبنادق 21 أو بنار هي هذه 
النار المعروفة» وترى ذا مغيرا باذلا نفسه. وذا يولي كسيرا بالهزيمة» وما النصر إلا من 
عند الله» وتشهد. أي نصب المنجنيق. ورميه لهدم الصياصي 3 أي البيوت البعيدة عن 
الوصول إلى الدخول فيها إلآ بهاء ولهده الحصون الشعه: رهد على ندر معن كول 
تعالى #قَدَ ان لم آي 3 فى فِفَعَيْن الْتَمَعا فِكةٌ تَكَبْل ون اتكييل انر ولف كاز 
تك قوط راك السب كآنه ززية يشر رامن 15 اذا 

قال: 

ووكانر الع عرس اميا" ترما برضل اقترد اسه 

6 - وَتَطرَحُ في النهر الشباك فتُخْرجٌُ ال سَماك يد الصَّياد منها بسرعة 

از لامر امد وقوع خماص الطير فيها 

8 - ويكسرٌ د سْفْنَ البَْر ضاري دوابه نظ آسادٌ الشّرى بالفريسة”؟) 


9ك زيفطاء تقض الطير يعفيا مت الهدوا 2000067 الوحثر 000 


0007 2 0 
4 - وَتَلْحَظ أشباحاً تراءى بأنفس>6 مُجورّدة فى أرضها مُستجتة 


ااتن ن الاعول تسيلا لماي كله ترص را مو عريت الانقار 

(2) يشقق الشيخ ناصر يَتَدَنْةِ الحديث هنا زيادة منه في التوضيحء وتقريب مقاصد ابن الفارض.ء وإلآ فهو خير من يعلم 
أن البنادق. والمدافع لم ترد في الشعر. ولم يكن ابن الفا رض يعرفها. 

ل ا ا ل ا ل في القرآن الكريم 
في قوله تعالى: ‏ وَأنَْلَ ألَينَ ظهروهم ين هل الْكِنَبٍ مِن صَيَّاصِيِهِمْ #. الأحزاب. الآية 26. 

(4)آل عمران. الآية 13. 

(5) في الديوان: [اليمّ] بدل [البحر]. 

(6) في الديوان: [الفضا] بدل [الهوا]» و[يقنص] بدل [ويقبض]. وفي هامش الديوان إشارة إلى هذه القراءة. 


0 - وَتَلْمَحُ منها ما تخطيتٌ فَعْلّه 2 ولم أعتمد إلآ على خَبِر مُلْحَةَ" 
201 - وفي الزمنٍ ن القَْد اعتبر تَلْقَ كل ما بندا” ليك .في مُدَّة مُشتطيلة 
2 - وكلٌّ الذي شاهدهُ مل واحد بمفرده لكن بحُخجخب الأكنّة 
يقول: وتلحظ في مشاهدتك لعالم الحم بعينك الحاسة أشباحاء أي أجساداء أو 
صوراً تراءى بالمدء أي تتراءى؛ أي تظهر في الرؤية للناظرين إليها أن تلك الأشباح هي 
بأنفس. أي بأنها باطنها أنفس هى الفعالة» والفاعلة مجرّدة. أي أصلها روحانية رُكبّت 
في أرضهاء أي أجسادها التر ابية والمائية والنباتية الغذائية» فهي في الظاهر تفعل وفي 
الماللى فى كنها متكدة أ عع ادرف وقدل أنه اراد تلظ يعون لتر 
أشباحاً تراءت بأنفس مجرّدة. أي لطيفة في أرضهاء أي الدنياء مستجئّة: أي مختفية» وأراد 
بالأشباح ونفوسها هنا الجن فإنّه وجه من التأويل له. وفي أشباح الجن أيضاً هذه النفس 
الفاعلة» وهم في أشباح لطيفة لا ترى بأعين الإنسان للطفهاء لا نهم هم أخفوا أجسامهم 
كما ظنّه عوام الناس» بل لم يروهم للطف أشباحهم مثل جسم الرياحء وبهذا يدل على أن 
عذابهم ليس بجسم مرئيء ! ذلو أبعدوا بما يرى لحمد فيهم جسداً مرئيأء وخلقوا من نار 
السمومء فلذلك تباين إنسء أي استئناس الإنسء والجنّ فيما بينهم لوحشتهاء أي لوحشة 
صورة الجنّ مع صورة الإنس» فصورهم غير أنيسة بالإنس إذ لو انكشفوا على الإنس لم 
[135ظ] يؤالف صورهم محبة الإنس لهاء وكل ذلك فالمصوّر هو الله تعالى» ولو شاء 
لأحسن صورهمء وكل هذا ينبهك على إظهار الحكمة الإلهية لترى بالنظر إلى ظواهرهاء 
والتحقيق لبواطنهاء والمشاهدة لمديّرها بالصفات» وتجلي أفعال الله في الموجدات» 
وكذلك ترى في حكمته التي أظهرها في الوجود كما قال الناظم» وترى يطرح الشباك في 
النهر. أي في الأنهار الحلوة» وخصّص ذكر النهر بطريق الإلزام عند أهل المنطق بذكر 
الجزء. وإرادة كما يصحّ العكس'2» وأراد: وتطرح الشباك في الماء بحرا كان أو غيره» 


(1) في الديوان: [ذكره] بدل [فعله]. 
ل ل ل ل ل 
عبد الي لون | عرد بن ع لاي ا اين 
وشواهده كثيرة» ينظر معجم المصطلحات البلاغية وتطورهاء د. أحمد مطلوب. 9/2. وما بعدها. 


631 


فيخرج السمّاكء أي السمك الصياد منها بسرعة. ويحتال بالأشراك. أي بتشابك الخيوط. 
والحبال أيضا ناصبهاء وهو الصياد على وقوع خماص الطير والخماص الجياع؛ خماص 
البطون من الطير لشدّة الجوع. بحبّة: يجعلها في تلك الشباك فتقع فيها فتكون سبب 
موتها حبّة» وهي لقوة طيرانها تقدر أن تأتي من غير تلك الحبة» حبوباً كثيرة؛ لأنها ربت 
وكبرت على غير تلك الحبة؛ فأذلها الطمع حتى هلكت بسببهاء كذلك غيرهنّ من الإنس 
هو مثلهن. وترى يكسر سفن البحر ضاريء أي أسود دواتّه؛ استعار اسم الأسود للقوة. 
أي إلى القوية منهاء وتظفر آساد الشرى'' بالفريسة في البرّء فهو يذكرء تارة آيات البحر 
وتارة آيات البرّء ويصطاد بعض الطير القوي بعضاً من الهواء بقوته عليه ويقبض بعض 
الوحش. أي الدواب المتوحشة. ولمّا ذكر فعل الناس بعضهم لبعض انتقل إلى ذكر الإنس 
والجنء وافتراق أحوالهم؛ ثم إلى فعل الإنس في الحيوانات» وإلى فعل الحيوانات بعضه 
ع الات ل ووه ع ا ود 
بقفرة» أي بخطوة. أو قبضة قوية منها عليهاء وتلمح منهاء أي جميع الكائنات؛ [ما] : 
الذي؛ تخطت: ا ار ل ار 
ملحة. ٠‏ أي إلا على قبضة ملحة أملح بها الطعاه © وليس المراد المقدار كذلك الذي 
ذكره مع الذي لم يذكره. فإِنّه حكيم. ولا ينطق إلا بالحقيقة يعني بقدر التنبيه الذي يصح 
أن ينفتح لك به أبواب الفكرء والاعتبار إن كنت مستعدا لقبول ذلك. وإن كان عقلك غير 
مستعد لذلك فهو لا يخاطبه إلا من قبل الاستدعاء إلى الدخول في أوامر الله تعالى» وإلى 
ما يحبه منه. كما أن كل شيء في الوجود هو داع إلى ذلك المتعبدين جميعا 

وقوله: وفي الزمن الفرد اعتبر تَلْقّ كلّ ما يدلك فيهاء أي كلّما ظهر لك في هذه الأفعال 
التي في ظاهرها في التدبير الإلهي لغير فائدة» فهي في صورة الهزل. وكذلك تولية أهل 
الجور على الناسء؛ وتسلطهم على المؤمنين» وما أشبه ذلك ممّا هو في عالم الأرض»: 
وهذا كله مقدّآس" عن عالم السموات»ء فهناك كله في الظاهر من الأفعال جدّء وفي العالم 


(1) الشّرى: موضع كثير الأسود. ويضرب به المثل للكثرة» ينظر معجم العين للخليل» ص 409. 

(2) لعل ابن الفارض يريد (مُلحة) بضم الميم:وهي الكلمة المليحة كما في العين»ء ص791. أو ما يستعذب به من 
الكلام؛ ورد الشيخ ناصر الكلمة إلى معناها الحقيقي المتعلق بالملح المعروف. 

(3) مقدس: يريد بها الشيخ ناصر هنا منزّه؛ أي غير موجود. 


632 


كثير مما ترى منه لغير فائدة في ظهور الحكمة فيه وإذا اعتبرت بالرؤيا الصادقة التي 
هي على هذا المثال في ظاهرها كذلك هزل؛ وتحققت هذا بهذا الكشف لكء لا في مدة 
محلم ب ان يده بحر حر ون حي للك ف تجا مله لي لمن العره الذي 
كان الله ولا شيء معه. ثم كان الله. ووجود العلم الذي لم يزل به عالماء ثم كان العلم 
في القلمء وفي العقل القلمي واللوحي. واستمدت منه العقول في الملائكة؛ وفي اللانسء 
وفي الجن. وفي الشياطين» وهم نوع من الجنّ لا غير فكان العقل مرآة لتجلي صفات الله 
عليه وأوامره ونواهيه وابتلائه. والنفس: وخر جهة العقل من جهة أخرى لتجلي الأمثال» 
والمثالات. والخيالات التي تحسبها كمالاً بغلطهاء ففي الحقيقة هي تطلب الحقيقي. 
ولكن يتراءى لها غيره فتحسبه هو حيث خالفت العقل الذي هو على جهة تجلي الله عليه 
تضقانة: وطلينه لمكو رو ععلتها نر كيلا أزاة تغني علها 1351 و] فتغووها أشدرة مكلو عد 
أن كانت هى الغالبة» وكثير ممّن أطاعت نفسه المدبرة والغريزية روحه البصيرية» فابدأ 
بالفعال التعمينة: ولقاكاة فى الأرق أن الله اتعالن شابق فى عليه كلاق وافعالهم رقن 
يؤدي منهم الطاعة» ومن يؤدي منهم المعصية. وكان من وصفه أنه حكيم, وأنْ الحكيم لا 
يدع مطيعا يراه مطيعا له إلا ويخرجه من عالم الغيب إلى عالم الشهود. ومّن كان في علمه 
وملكه أنه عاص لله مصرّ بخلقه. ويراه في غيب علمه أنه كذلك يكون فعله ظالما لهذا فلا 
كمال للحكمة إلا أن يظهره من عالم غيبه إلى عالم شهوده؛ ويبتليهما حتى يكافئ الطائع 
بطاعته» ويجازي الكافر بمعصيته وظلمه لعباده؛ لأنه كذلك يكون مستحقا فى العقول 
التدلقجة أن من كان قاف | بالبلل )في حش الماك ووطل التساد في الخطيرة الله 
حضرة اتلك التكلت توسوله أل المقول الال تراز أ مكارت الجلاة عندرمن قضاة 
كماله. وإذا كان كذلك فهو في حضرة الغيب مع الله كذلك, وإلآ جعلت أن نظرك إليك 
في الشهود أقوى حجة, وأبلغ في الاستحقاق من نظر الله إليه» وإلى حضرته وحضرتك. 
وعصيانه وكفره في عالم الغيب وحضرة الغيب» وهذا تحقيق علم القدر الذي أمر الأنبياء 
والعلماء عن التفكر فيه» فقد كشفنا حقّه. فإن قلت: كيف تتكلم فيما نُهي عن الخوض 
فيه؟ فنقول: إِنَ النهي واقع على العوام الذين هم إذا فكروا ظنّوا بالله في إبداع الخلق أهل 
الكفر ليعذّبهم. خلقهم ليعذّبهم؛ وأنّهم ليس لهم قدرة إلا على ما هو يدبّرهم فيظنون بالله 
بقلة فهمهم. وهو الحجاب المانع عن معرفة الحقّ في قدر الله تعالى. وأمًا مَنْ نظر إلى 


6233 


ذلك من طريق الكشف. وكانت له قوة على إدراك تحقيق الحقّ في القدر لم يكن ممنوعاء 
بل هو عين المقصود منه تحقيقه حتى يرى الله عدلء وكل شيء أبدعه في تكوينه. 
وتدبيره هو حكمة وثناء وحمد بالمشاهدة» والعيان في درجات الإيمان والإحسان, لا 
بالاكتفاء فيه بالإقرار باللسان. والتصديق بالجنان بصحة الإيمان بأول درجات الإخلاص 
والإحسان, ويرى ويرى أهل الكشف جميعاً أن جميع هذه الأكوان» وكون العباد. وجميع 
الحيوانات» وغيرهاء وجميع أعمالهم؛ وأفعالهم؛ وصنائعهم. وحيلهم, وغلبة أهل الظلم 
لأهل العلم ولأهل الحلم. وتولية الجبابرة وغلبتهم على أهل الإيمان» وعجز أهل الإيمان 
عن مقاومتهم لدفع ظلمهم. وإقامة دينه تعالى» ووجود العلماء الراغبين إلى إقامة الأمرء 
وغلبة الجبابرة عليهم وقتالهم» وأفعالهم وأفعال جميع الحيوانات التي تشبه الهزل 
واللعب واللهو؛ وما كان منها على مظهر الجد والعدل هي الحكمة الكاملة في الجمال» 
وأن كل ذلك كان عن تدبيره وحكمته لإظهار وجودهم. وإظهار تلك الأفعال منهم؛ وقد 
خلقهاء وأحكم الحكمة في التدبير حتى تظهر ممّن سبق في علمه أنه منه يظهرء فظهرت 
كما علم من غير خير لهم منه على ذلكء وكلها حقيقتها في خلقتها تسبيح وحمد وشكره 
وهي بالتكوين الإيجادي لها قد تجلى الله بصفاته وعلمه عليها مثل غيرها من الوجود. 
فهي مطيعة سامعة لخطابه» ناظرة لأمره. متكلمة بتوحيده؛ منفعلة لما يريده الله منها 
في إيجادهاء وكذلك كل شيء لقوله تعالى: «وَإن من شَْءٍ إلا يح ِو ولك لا تَفمَهُونَ 


3 را 


نَبِيِحَهُمَ # وهي كانت عدلاء أوفتاذلاء أن إيهانا أو كقر ا 

فإن قلت: كيف تكون المعصية تسبيح الله؟ قلنا: نعم بالدلالة. حتى إِنَ المشرك بالله 
تعالى كل جزء منه وكل قوة من قواه يسبّح الله تعالى؛ ظاهره حجاب وظلمة. ودلالته 
تسبيح ونور ولا ينفعه ذلك. وعليه غضب الله؛ لأنّ ذلك لا من اختياره» وبذلك يصمح أن 
كل شيء في الوجود هو نور وعلم الله فيه حتى [136ظ] أعمال العباد» ولم يزل يرقيك 
في التوحيد مرتبة» مرتبة لأنه لو ظهر لك الأمر الخفي عن أكثر العقول لأنكره عقلك فرقاك 
درجة درجة حتى تشهد الحق في كل شيء. وتعلم أن علم الله متّحد في كل شيء. غير 
منفصل من جهة. ولا موضع. ولا من فعلء ولا من عملء, ولا خير ولا شرّء وإن كان في 
المعصية محجوباً بظلمة الهزل فباطنه معلوم يخاطب به من تجلى بصفاته على مرأة عقله. 
فنظر إلى الكائنات علماً هي كذلك في نظر الله إليهاء وفي الحقيقة أنْ الله تعالى ينظر فيها 


6024 


إلى صفاته وعلمه وتجليّه عليهاء وينظر منك صفاته وعلمه. وأنت تنظر إلى الوجود إذا 
[كنت]!١)‏ من أهل الكشف إلى صفاته وعلمه؛ وكذلك ينظر من نفسك إلى صفاته وعلمه 
وبتجلي أسمائه: السميعء البصير القدير» لم يزل متكلمأء على ذاتك كنت سميعاً بصيرا 
متكلماً قديراً إلى رؤية صفات الله وعلمه. فكنت الوجود كالمرآة للعلم بالله تنظر منها 
ما يرى الله فيهاء وليس المراد هنا التشبيه؛ ولكن لولا هذا لاختلف العلم بالله وصمٌّ أن 
تحقيق [العلم]'2 بالله هو على غير ما وصفه به أهل الحق في وصفهء وصار الله غير 
معلوم بصفاته. وصم جحد التوحيدء تعالى الله علواً كبيراء فصي أن صحة التوحيد هو 
أن يكون الأمر على هذا الكشف الحقيقي فإِنْ هذا هو التوحيد الحقّ لله المجيدء وذلك 
معنى قوله: (وكل الذي شاهدته فعل واحد) وهو الله تعالى بمفرده. أي كل التدبير لله 
تعالى بمفرده. أي بغير شريك له. ولكن بحجب الأكنّة» أي مغطى عن العقول يبحجب 
الأكتة التي تكنّ على الحق عن ظهوره لكل العقول. فجميع ما في الوجود هو حكمة 
5 ا ال ل 0 ل 0 
الله تعالى كما قال: #يِضِلٌ من ذثاء وتهدف من هشاع #©. أي يظهر ضلاله من يشاء. وهم 
أهل الضلالة بتدبيره وحكمته. ويظهر هدايته من يشاءء وهم أهل الهداية بتدبيره وحكمته. 
فخلق الخلق. وخلق المعاني التي يُعصى بها ويطاع» وأمر بطاعته ونهى عن معصيته. 
وخلق فيهم المحبة؛ والإرادة» والمشيئة» والسمعء والبصرء والقدرة. والنطقء وأقدرهم 
على كل ما يريدونه من طاعة أو معصية. وجعل لهم قوة الاختيار للطاعة والمعصية 
يعرفونها فيما يختارونه)؛ ولم يجعل لهم الاختيار في ذلك. بل ألزمهم الطاعة» وحرّم 
عليهم المعصية. فافهم. 
عد كا 


(1)مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(2) مابين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(3) في الأصل و[س]: [ما يريدوه]ء وما أثبتناه الصواب. 
(4) في الأصل و[س]: [يختاروه]» وما ألبتناه الصواب. 


6235 


الباب الثالث والعشرون 


في الإرشاد إلى مكاشفة التوحيد بمكاشفة أحوال اللاهي المشعبذ بلسان المقام 
الأحمدي 185': 

قال: 

3 - إذا ما أزال السَّثْرَ لم ثَرَ غيره ولم يَبِقّ بالأشكال إشكال ريبة 

يقول: وقد مثّل الأفعال بالمشعبذ الذي يلعب بالصور من وراء حجاب من ثوب 
أبيض رقيق في الليل على ضوء السراج تتحرك تلك الصورء ويراها الناظر أنّها بأنفسها 
تتحرك؛ ولكن أراد إبداء المعنى بعض معناه. لأنه لا يجوز أن يكون ليس للخلق إرادة 
في حركاتهم وسكناتهم. فيكون التكليف عبثاًء ولكن استعار القدرة» والسمع؛ والبصر. 
والنطق التي أمدّهم الله تعالى بها بمدد متصل بها يتحركون ويفعلون, ولو قطعها ما فعلوا 
شيئا كالخيوط التي يحرّك اللاعب بها تلك الصورء ولو انقطعت لما تحركت. يقول: ولو 
أزال الحجاب الساتر من الرائى واللاعب ع أن ذلك كله فعل من المشعبذ. كذلك 
إذاما راك المرفأر ذال لمعاف ججايه الس ل رخو ققم لهذا سير السك 
بالحكمة الإلهية» فلا حركة ولا سكون إلآ بالله وبالمكاشفة في ذلك. لم يَبْقّ بالأشكال: 
أي بالصور التي تراهاء إشكال: أي بقية ظنَّ من جهة ريبة» أي من جهة ريب وشك لوضوح 
الحق» كما لو كشف المشعبذ ستره ارتفع الإشكال. أي الشك عن الأشكال. أي الصور؛ 
لأنها تتحرك به. كذلك كل شيء بقدرة الله تعالى» فإن قلت: إِنَْك قد قلت: لا حركة ولا 
سكون إلا باللهه وقلت: إن الله لم يقدّر على عباده فعل المعصية حتى يفعلوهاء ولا 
[137و] قوة لهم عليها إلا بالله. فنقول: لأنهم عصوه بالقوة التي هي من عند الله فركبها 


(1) في س: [في الإرشاد إلى مكاشفة التوحيد بمكاشفة التوحيد بمكاشفة أحوال اللاهي المشعيذ]. 
(2) في الأصل: [بلغت] بدل [يلعب].ء ولا معنى لهاء وما أثبتناه من سء وبه يستقيم الكلام. 


637 





فيهم. فهم يعصونه بقوته وقدرته التي خلقها فيهم. فقد قلنا لك: إِنَ القوة المنسوبة إلى 
الله خلق» وجميع الصفات المنسوبة إلى الله تعالى هي على وجهين: أحدهما منسوبة إليه 
موصوفة به لم تزل ذاته كذلكء. فذاته قدير وعليمة وبصيرة. 

والوجه الثاني: هي من خلقه. ومضافه إليه. ويتصف بها بعض من خلقه كالقدرة. وهي 
خلق من خلق الله خلقها في روح الإنسان. فهو يعصيه بهذه القدرة» وهو قادر على منعه؛ 
ولكن أراد إظهار ما هو فيه وعليه ليكون حجة عليه يوم القيامة» فافهم. 

قال: 

4 - وحقّقتَ عند الكشفف أنَّ بنوره اه تديتَ إلى أفعاله في الدّجِيَةة!) 

يقول: وإذا زال الحجاب وانكشف لك الحق في كل شيء, والتوحيد في كل شيء. 
وأنْ جميع هذه الأفعال الظاهرة إلى" الهزل. أو في العدل أنّها من حكمة الله وتدبيره 
لإظهارهاء وأنّها كلها حمد وشكر ونور في تدبيره» فقد اهتديت إلى تحقيق توحيده من 
جهة الأفعال في الدّجيّة وهي ظلمة الليل» ولكن أراد هاهنا لظلمة الحجب الساترة عن 
انكشاف رؤية الحق فيها حتى يرى العالم والوجود كله نور متحداء وترقى إلى حضرات 
الجمع فإنَ حضرات الجمع لا يوصل السالك إليها مادام محجوباً عن رؤية [شيء] في 
الزسوح غير لون ولا عل ولا غكمة بل حت يري لكل تور ا متيدذا معان قبل انايحاى 
الله الكائنات منه. وهي مرتبة النبي .ورؤية الوجود كذلك هي الحضرات الظاهرية. 
وتمامها جمع الحضرات الظاهرية» وهي تقييدية وفرقية» مع ما وراءها من الحضرات» 
وترى صفات الأفعال. والتدبير» وحكمته كما ترى المشعبذ. ولكن من غير أن ترى الذات 
في رؤية صفات الله وأفعاله» فافهم. 

قال: 


1 ع 5 9 2 و 
5 - كذاكنتٌ مابينى وبينيّ مُسبلا ١‏ حجاب التباس النَّمْس فى كل ظلمة 


(1) في الديوان [الدجنة] بدل [الدجية]. وفي هامش الديوان إشارة إلى هذه القراءة. 
(د)انيس :1ن ابذك [رلى]. 
(3) مابين المعقوفين ساقط في س. والزيادة في الأصل. 


قال: 

7 - قَرَنْتٌ بجذدّي هَْلَ ذاك مقرّباً لفقمك غايات المرامي البعيدة 

يقول: فرنت: أي جمعت. بجدّي: أي بكشفي للعلم بالله» وتجلي صفاته. وكماله. 

« و 

وجماله. وجلاله برفع استار حجب المحسوسات بمثال.» هيرل: أي لعب» وهو ذاك 
المشعبذ الذي ذكرنا مشيّهاً بالمشعبذ ذات المرء. وبالأفعال أفعالها مقرّباً لفهمك غايات» 
أي نهايات المرامي, أي المطالب البعيدة عن إدراكها عن جدّ عقول العلماء» فضلاً عن 
إدراكها لعقول الضعفاء؛ كلاء ولا وصول إليها إلا بالسير سلوك المحبة» وتلاوة الاسم 
الخماسى بقوة الحضور لتنعت به أبواب المحبة» والمشاهدة حتى تشاهد الحىٌّ فى كل 


شىء. 


قال: 
8- ويخيفتا فى المظيرين تشابة > وليست.. لخالى. حاله. . بتسبيهة 


يقول: ويجمعنا في المظهرين: أي ظهور سمعي من أذني» وبصري من عينيء. ونطقي من 
لساني» وشمّي من أنفي» وبطشي بيدي؛ وظهور صورتي. وأنّ هذه الأشياء هي الفاعلة لذلك 
بذواتهاء كما أنَ تلك الصور هي المتحركة بذواتها في ظاهر الرؤية» وفي الحقيقة هي الذات؛ 
كما أن تلك في الحقيقة الفاعل» هو المشعبذ اللاعب بهاء كذلك كل ما هو في الوجود إِنّما 
هو كله بحكمة الله وتدبيره» وقوته وقدرته» فلا حول عن معصية الله إلا بتوفيق الله ولا قوة 
على طاعة الله إلا بإعانة من الله جل وعلاء وهذا من جهة التمثيل في تشبيه الجدّ بالهزل 
تشبيهي بالمشعبذ» وبذاتي» وبذات المشعبذ وهيكله. فإنّي وإيّاه أيضا كذلك شبيهان في 
الصورة؛ وقوله: وليست: فالواو هنا للاستدراك لا للعطف. يقول: ولكن بمشاهدتي لجمال 
الله. وكماله» وجلاله» وصفاته» وعلمه بروحي ونفسي. وتجلي كمال الله» وعلمه. وجلاله» 
وجماله على روحي المستمدة من الروح الأعظمء وهو روح القلم الأعلى لم يزل الله عليّ في 
كل حين مدة بقائي بعلمه» وصفاتي على فيهاء ورؤية نفسي إلى أنوار المحسوسات. وخرقها 
لجميع حجبهها حتى رأت الأكوان كلها نور علمياء وهو الذي تراه من جهة عالم الغيب؛ ورأته 
النفس من جهة عالم الشهادة فالتقتا: رؤية النفسء ورؤية الروح إلى رؤية واحدة. ومشاهدة 
وحقيقة واحدة» ورأيت كل جزء من أجزائي؛ وكل جزء من أجزاء الأكوان سمعاء وبصراء 


6240 


وكلاماء ونطقاء وقدرة» فهي تسمع كلام الله وتنظر أمره. وتنطق بتوحيده» وتنفعل لأمره في 
حال واحد في كل حين» فصرت لست في حالة من الأحوال بحالة المشعبذ في لعبه. ولا في 
رؤيته للعبه. ولا في رؤيته لنفسه. ولا لرؤيته لشيء من الأكوان. ولا لرؤيته إلى الله تعالى. 
وبجميع صفاته بشبيهتي لحالي, واللام هنا بمعنى إلى وشبيهتي بمعنى القريبة» والحال بمعنى 
الاتصاف. أي ليست بقريبة إلى اتصافى بالأحوالء فأين البعد بين الاتصافين فى أحوالهما؟ 
فكيف يكون التشبيه بذلك في الله تعالى؟ كلا إِنَما ضربت بالمشعبذ مثلاً تقريباً [لمعرفة]1!) 
توحيد الله أن كل شيء في الكون هو خلقه. ويتحرك بقدرته. ويسكن بقدرته» ويتم بقدرته. 
ويفنى بقدرته فافهم. فإني لم أرد به على معنى التشبيه. ولا أن الله [138و] تعالى جبر العباد 
على الطاعة. ولا على المعصية. فاعرف ذلك. 

قال: 

9 - فأشكاله كانت مَظاهرٌ فغله بستر تلاشثك إذ تجلى وولت 

يقول: فأشكاله: أي المشعبذ. كانت مظاهر فعله بستر. يراها الناظرون أنّها تتحرك 
بنفسهاء وإذ تجلى: أي انكشف السترء ووقف هو على التحريك خوفا أن يظهر عليه ما 
يعمله. تلاشت: أي تفرّقت» وولّت عن ظهور تلك الأعمال فلم تعمل شيئاء كذلك من 
رفع ستر الحجب رأى العلم بالله في كل شيء, وأنَ كل شيء يقدره ويحركه بحكمته 
وتدبيره كما هو فى إرادته ومشيئته ومحبته فيما يظهر فى الوجود. ولا تظنّ أنْنا نعنى أنه 
يحب معصيته ولكن أحبٌ تدبيره لكشف المعصية ممّن عصاه. ولا تظنّ أثْنا نعني أن الله 
هو المحرك العاصي على المعصية؛ وإِنّْما نعني بقدرته التي لم يزل يمدّه بهاء وهو يعصيه 
بها كذلك في إمداده له إلى حين زوالها عنه بموته؛ أو قبل موته. فافهم. 

قال: 

0 - وكانت له بالفغل تَفْسي شَّبِيهةٌ ومحتين #الاشكال والابس ينوط 2 

يقول: وأمّا فى التمثيل الظاهر فكانت نفسىء أي ذاتى الفاعلة» وهى روحه شبيهة 
له؛ ومظاهر حسّى كالأشكال؛ أي الصورء واللبس: وهو الحجاب بمنزلة صورتى كلهاء 
(1)مابين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل. 
(2) في الديوان: [سترتي] بدل [صورتي]. 


641 


فكما أنّه هو المحرك للصور فكذلك نفسي هي المحركة للعينء وللأذن وللسان, ولليد. 
وللرجل» والفاعلات لإدراك ما يدرك بهاء وفغل ما يُفعل بها فهي مثل صورة التي تتحرك 
بهء كما أن هذه تتحرك بالذات التي هي العقلء والروح فهما في الظاهر على مثال واحد 
ثم إِنَ المشعبذ الذي هو في مثال ذاتيء ففي الحقيقة أن الفاعلة لذلك ذاته لا يده كذلك 
ذاتي في الحقيقة نما تتحرك» وتعقل» وتسمعء وتبصرء وتنطق بالقدرة الإلهية» وبالسمع 
الإلهي والبصر الإلهيء والكلام الإلهي» والعقل الإلهي الذي خلق ذلك كله في عالم 
غيبه» وركبه في ذاتي» وقولنا: وبالسمع الإلهي إلى آخر ما قلناه» فالمراد بذلك نسب 
تمليك, لا حلول صفات في ذات المرءء فافهم ذلك. 

قال: 

ابحو نادة قا الور تادرو ل . (وضعة يعنت فى فكرة أخدى 

13 - قََلْثُ عُلام النَْس بين إقامتي ال جدارٌ لأحكامي وَخَرْقَ سفينتي 

يقول: وكلامه مراتب: المرتبة الأولى قوله: فلمَا رفعت الستر عني. أي عن ذاتي التي 
هي الفاعلة بمظاهرها: الأذن. والعين» والأنف. واللسانء واليد. وما أشبهها التي هي مثل 
ضوز المكتعية وعرقت“' أنها :هي القاعلة او ن هذه كنا أن المكفيد هو المدير والمحك 
أمر تلك الحركات بحسن صنيعه وإتقان حكمته» وعلمت أيضاً في المرتبة الثانية أنَّ الفاعلة 
هي ذاته» أي المشعبذ كذلك رفعت عن ذاتي التي هي بمنزلته هو لا بمنزلة ذاته أستارها 
أيضا كرفعه هو عن ستاره» وأفعاله بغير ستار. وقد طلعت في انتهاء تحريكهاء وسمعهاء 
وبصرهاء وكلامهاء وأفعالها إِنّما همي حكمة أحكمها الذات الأعظم. الأكبر» الأقدس جل 
الله وتعالى بأفعاله وحكمته وصنعته. وتجلى عليها حين صفت من أكدارهاء وتلاأللأت 
بأنوارهاء فتولى أمرهاء وصارت كما قال: [بي يسمعء وبي يبصرء وبي ينطقء وبي يبطش. 
وبي يمشيء وبي يعقل] والناطقة به والماشية به» والباصرة به» والسامعة به. والباطشة به 
الذات وى ايعاد ولوف الاق ا ممعت لاعن رزينه كاة ر كن لا يفن را 
3 هو يي ولكن لا يريد إلآّ ما يريده هوه فإن قلت: إِنَّ له إرادة فصحيح؛ لأنّه مريد 
غير مقهور [138ظ] ولا مجبوره وإن قلت لا يريد فصحيح!؛ لأنه بمعنى لا يشتهي كون 


602 


شيء لم يكوّنه الله. ولا يشتهي زوال شيء كوّنه الله تعالى. فإن قلت: إِنَّ المعاصي من 
كون الله هو خالقهاء قلنا: نعم ولكنّها من فعل العباد. والله يكرههاء وهذا صار يكره كل 
مايكرهه الله. ويحبٌ كل ما يحتّه الله ليس له شهوة فى شىء إلا ما يحتّه الله تعالى» فهو 
أَشْدٌ الناس عداوة للأعدائه ولمعاصيه. اسيل الناس محبة لأولياء الله ولطاعته. فافهم. 
فذلك معنى قوله: بحيث بدت. أي ظهرت النفس. أي الذات لي, أي إلىّ من غير حجبة» 
أي من غير سّترة» كما رفع المشعبذ ستاره حذو النعل بالنعل ذ فى المثل» فمثّل مظاهره 
وذاته بالصور والمشعبذ فى المرتبة الأولى؛ #وعكل بأفسان كاله يقدرة اللوميذاك المفتعيد 
ومظاهر ذاته. فافهم. 

قوله: وقد طلعت شمس الشهود بمشاهدتي لعالم الغيب» وعالم الشهود فأشرق 
الوجود؛ وحلت. أي زالت بيء أي بشهودي العالمين عقود أخيّتي تي» أي تقييديء وأراد 
تقبيد شهودي بالحجب عن الانطلاق بنظر النفس إلى مجال عالم أنوارها العلمي حتى 
تخترق الأرضء والسموات» والعرشء واللوحء والقلم: والعواك كلهاء ونضل إلى عالم 
التجلي. وتلتقي بجهة الروح» ونظرها مع أن الروح كذلك تنظر إلى هذه العوالم مثلها؛ 
لأنها تنظر إلى العالمين جميعاء وإن خصصناها في غالب الذكر بعالم الغيب» وليس 
كلامنا ذلك ممّا ينفي نظرها إلى عالم الشهادة؛ فافهم. 

والأخيّة حبل فيه عروة يدفن في الأرض ليربط فيه رباط الدابة فافهم. وقوله: قتلت 
غلام النفس: أي صفاتها المذمومة» وتقاعدها بالنظر إلى ظواهر المحسوسات التى هي 
في الظاهر أن النظر إليها حسنء ولكن ليس مع خرقها ليبدلهماء أي النفسء والروح ربّهما 
خيراً منه زكاة» وهو الحبّء والرضىء والقرب بين إقامتي الجدارء وهي القيام بالأوامر 
الشرعية» والحقيقية» والمندوب فيهماء والمستحبء وترك ما لزم أو ندب فيهماء وقوله: 
لإحكامي. أي لإتقاني كمال أدائهاء واستعار لها اسم الجدار من قصة موسى" اظهلا 
لظهوره في العيون» ليستخرج يتيمي ”ا النفئس والروح كنرٌ الإخلاص من ذلك الجدار 


(0)قل تعالى: #فَأنطلْقًا حو إذآ أنيا أهل قَرِيْمَ استطعما هلها فَأَبوَأ أن يُصَيَفُوَهُمَا فَوجّدَا فيا جدارا يرِيدُ أن ينض تك مه 2# 
الكهف» الآية 77. 
(2) ينظر إلى قوله تعالى : لوَأمَالَْدَارُ مَكَانَ ملسن يَتِيمَإنِ فى الْمَديَةٍ وكا َه كدر لَّهُمَا وَكانَ أَبوَهُمَا صَنلِصًا فأراد ربك نبلم 


26 عرسم 


أشدهما وَيسْسَخْرِيمَا كُرْهمَارَحْمَه من ريك *. الكهف. الآية 52. 


60043 


ببلوغ حذهما في كمال الطاعة منهما لربهما في ذلك. وبين خرق سفينتي» وهي الحجب 
الحسية» والمحسوسات التي من وراءها البحر الأعظم الذي هو علم المكاشفة» وهو علم 
التوحيد لأظهر ما هو منكور مع أهل الظواهر إنكار عجز عن فهمه. لا إنكار نفي» وأنظرها 
لأعيبها إن كان بها صفة تعيبها من طلب جاه. أو حظ لنفسها حذرا من الذي يأخذ كل سفينة 
غصباء وهو داعي النفس الأمّارة» والشيطان حتى أكون كلي مرآة لعالم الغيب» فأشاهد ما 
لا يشاهده أهل الإيمان من أهل الظواهر بعدما كنت فيهم ومنهم ومعهم بالعلم والعملء 
واستعار قصة موسى والخضر عليهما السلام استشهادا على أنّ الله تعالى يكاشف عباده 
من علم الغيب الذي يكاشف به المكاشفون. وكفى دليلاً بذلك قصة الخضر اللفلا. وأتى 
بذكرها في الاستشهاد في صورة السلوك ليجمع بين الفائدتين» فأشار بقتل الغلام إلى 
التخلي من جميع ما يجب أن يتخلى منه. وعنه من لازم أو مستحبء وبالبدل إلى التحلي 
بالأخلاق المرضية. وبإقامة الجدار إلى ما يجب له أن يعمله من لازم أو مستحب». 
وبالكنز إلى الإخلاصء وبخرق السفينة إلى علم المكاشفة بخرق حجب المحسوسات. 
وبالغيب إلى طلب الحظوظ, وبالغاصب إلى الهوىء, والشيطان, وبالسفينة هيكله. وهو 
صورته. وبعمالها إلى المظاهر الخمسة: العين» والسمعء واللسانء والأنف. واليد 
وبالخضرء. وموسى عليهما السلام إلى الروح [139و] والنفسء. وبذات موسىء. وبذات 
الخضر عليهما السلام إلى روح ونفس العلم للنبي 6. وإلى روح ونفس اللوح للرسل 
والأنبياء» وإلى الأمثال التي في اللوح لكل وليّ لله تعالى كل ذات إلى ما أمدّت من هذه 
العوالم» وبالبحر إلى عالم الشهادة» وبالشمس فوق السفينة إلى عالم الغيب» وبمجريها 
في البحر إلى الله تعالى» فكان هذا المثال ومثال المشعبذ سواء في التفهيه'!» فافهم. 


6 كا 


(1) من الضروري أن يفهم هذا التأويل البعيد ضمن السياق العام الذي يأخذ به القوم أنفسهم في سبر أغوار النصوص. 
وتقديم تفسير يتلاءم مع المنهج الفكري الذي يتبعونه. وذلك من حيث رفض الاكتفاء بظاهر تلك النصوص بل 
التوغل إلى باطنهاء وما توحي به إشاراتها فهو المقصد. وهذا هو مكمن الخلاف الح بينهم؛ وبين غيرهم من 
الطوائف التي تدعو إلى الوقوف عند عتبات النصوص. والأخذ بظاهرها اللغوي. وهذا ما لا يقتنع به القوم؛ ومن 
هنا قرأنا ذلك التأويل الذي قدّمه الشيخ ناصر تتثتة منسجما مع أبيات ابن الفارض. 


644 


الباب الرابع والعشرون 


من [خطاب]!' الكمال الإلهي. وحضرة أحدية الجمع للنبي 256: 

قال: 

4 وَعدْتٌُ بإمدادي على كلّعالم 2 على حَسّب الأفمال في كل مذَّةِ 

يقول: ولمًا اتويت لصفو الكل لعن نادي حم انعد كال ل لكان 
وقالت لى الحضرة: قال الله تعالى لك فيها قد بلغت مبلغأ من مكاشفتى إليك بتجلى 
كان و حمانى راان عرز جة وتيت بود ذلك كدر جيلة لاخر نلك اينات 
وجهي؛ والمراد بذلك أن بلغت مبلغاً من تجلي كمال صفاتي لم يبلغه مخلوق. ولا 
سيبلغه مخلوق حتى الكون بأسره لو زدتك من تجلي كمال جلالي وكمالي وجمالي 
بقدر نملة لأحرقتك سّبحات وجهيء أي كمال سبحان ظهوريء والسبحان هو تسبيح 
الله نفسهء وتسبيحه نفسه هو علمه بكماله وجماله وجلاله. وعلمه أنه لا نهاية لذلك» 
فشهوده إلى كماله هو تسبيحه لنفسه. وشهود الوجود لكماله هو تسبيحها له سبحانه 
جل جلاله» ولو تجلى الله على كلّ الوجود بالكمال الذي تجلى به على روح النبي غك 
ونفسه لما أطاقت. واندك دكة واحدة وتلاشى» وصار كل شىء كما كان قبل كونه. ولا 
يفت الآ سح هذاه لات أعبل الفخلر باك ولا بكرو اعم المخلر قاض الا ححلن الل 
عليه بكماله أكثر المخلوقات كلهاء فصار كالمرآة لتجلي جمال الله وكماله وجلاله جميع 
ما تجلى به على خلقه. ولكل ولي ففضله على قدر ما تجلى الله عليه من كمال صفاته 
إذا كمّل ذلك بأكمل الأعمالء ولا يتجلى إلآ على قدر الصفاء والصقل لها من جميع 
الحجب. والصفاء والصقل بأداء الطاعة له كلهاء فصحٌ أنَ كمال المرء الوليّ هو من كمال 
الله لا غيره؛ وأنْ كمال جميع الخلق من فيض كمال النبي © وأنّ لكمال النبي © من 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصل. والزيادة من س. 


645 


كمال الله لا غير» ولكن بقدر ما تحتمله عقولهم مما يتجلى عليهم» وكمال الله لا نهاية له. 
ليس هو مقدار ذلك التجلىء وكفى دليلاً وشاهدا على ما قلناه آية موسى. وتجلى الله على 
الجبل» فاندك الجبل وخر موسى صعقاء ولم يصعق من آية العصىء وانشقاق البحرء ولم 
وهو من كمال الله تعالى» ومن طاعته بطاعته. وقال الكمال فى حضرة أحدية جمعى: قال 
الله تعالى: ولمّا أكملت ذاتكء وبلغتك المقام كما كنت فيه يوم كنت نوراً في أول الإيجاد 
فكنت أول العابدين. وأول العارفين» وأول المتكمّلين» وأول الكاملين» وكذلك كان 
كمالك فى ظهورك. فبدأت أولآ وعدت بعدك بإمدادي من فيض بخر جمالك وكمالك 
على ذات كل عالم ولي قابله ذاته لتجلي نوري عليهاء وقبولها على حسب الأفعال في كل 
مدق ا في كل عصر وزمان أنت فيه» أو حاء قبلك» ويأتي بعدك. فالكل أنت سا يشهم. 
وأولهمء وسيدهم. وقدوتهم. والشاهد لهم. 

قال: 

5 - ولولا احتجابي بالصّفاتَ لأحرقتُ مظاهرٌ ذاتي من سناء سَجيّتي 

يقول: وقال الله تعالى فى تلك الحضرة: ولولا احتجابى» وأراد هنا بالاحتجاب بعض 
معناه؛ لأنه لا يجوز أن يوصف الله أنه احتجب عن خلقه. ولكنّه أراد: ولو تجليت بكمال 
صفاتى بأكثر مما تجليت بالصفات لأحرقت مظاهرء أي ظهور كل [139ظ] صفة من 
صفات ذاتي جميع الوجود. وتلاشى من سناء أي نور سبحتيء وهذا هو ما روي عنه 88: 
[ل تلفت مد معان كمال اللمرفان ذاتن سلف توديع نا عمين الهم لق تقدمك 
بعد ذلك بقدر نملة لأحرقتك سبحات وجهى. وقد بلغت طور كمال المخلوقين فلا قدرة 
ولا طاقة لأحد بعد ذلك بأن أتجلى له بالمعرفة أكثر من هذا فقف مكانك]!!»؛ وفي النظم 
ما يدل عليه أنه لم يرد هنا لاحتجاب الله هو محتجب؛ لأنّه يكشف طوره في كلّ شيء؛ 
وفي كل ذرة» فلمًا ص أن مذهبه كذلك. صمح أن معناه. ولا احتجابي. أراد بعض معناه 
أي ولولا عجز عقولكم عن رؤيتي بأكثر من ذلك لأحرقتكم سبحات وجهيء فافهم ذلك. 

قال: 


(0) ينظر صحيح مسلم. الحديث 179. باختلاف. 


6 - وألسنةٌ الأكوان إن كنت واعياً ‏ شهودي بتوحيدي بحال قَصيحة!" 
اسلف امس ل ا ا 
560706000000002 
موسيم ينه ما فى أَلسَّمَوَتِ وَمَافٍ الْيضٍ 2# وقوله: #وإن مّن شَيْءٍ ِلَا ضيح بد 4 فافهم. 


(1) في الديوان: [شهود] بدل [شهودي]. 
(2) الحشرء الآية 1. 


(3) الإسراء, الآية 44. 


617 





الباب الخامس والعشرون 


في بناء كمال النبي 25 وبناء مقامه عن أحواله فيهما بلسانهما 2: 
قال: 


7- وجاء حديتثٌ في اتحاديّ ابت روايشُّه في النَقْل غيرٌ ضعيفة!) 
8 - يُشير بحبٌ الحقّ بعد تقرّب | إليه تفل أو أداء فريضة 
9 - وموضمٌ تنبيه الإشارة ظاهرٌ: ايكنك الدذ نما كنور الظهيرة 
يقول: وقد جاء حديث: أي كلام ثابت في النقل روايته غير ضعيفة» أي لا شك فيه 

ولا ريب أنه عن الله تعالى في ثبوت اتحادي في محبتي لمحبة الله» وبكمالي بتجلي 

كمال الله على ذاتي. ويشير ذلك الحديث بحبّ الحق جل وعلاء أي بثبوت محبة الله 
تعالى بعد تقرّب إليه بنفل» أي بالتوسل إليه بالنفل» أو أداء فريضة» و[أو] هنا بمعنى 

وأداء الفريضة كقوله: (أو أدنى)؛ أي وأدنى» وموضع تنبيه الإشارة ظاهر كنور الظهيرة» 

أي كنور شمس الزوال بأنّي أنا أول مقصود فيها به. بل كلها إليّ» ومّن أفيض عليه منها 

فإنّما أفيض عليه كما يفاض من نور الشمس على كوة البيت» والحديث المشار إليه هو ب 

[كنت] سمعه. وبصره. ولسانه» وذلك فيما يروى عنهققة حاكيا عن ربه أنّهِ قال: (ما تقب 

إلى عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته عليه ثم بالنوافل» وإذا تقرّب مني شبراً تقربت 
منه ذراعاء وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاء وإذا أتاني يمشي أتيته أهرولء ولا يزال 
يتقرب إلي بالفرائض والنوافل حتى أحبّه فإذا أحببته كك سن اللف سيد وبصره 
الذي يبصر به» ولسانه التي ينطق بهاء ويده التي يبطش بهاء وعقله الذي يعقل به)؛ وعلى 

معاني هذا الحديث نظم جميع هذا السلوك. فإن فيه معاني هذه الأسماء. ومعاني الذات» 

ومعاني التجلي» ومعنى الكمال» وكمال النبي عل ومعنى التخليص من جميع ما ينبغي 


0 في الديوان: [حديثي باتحادي] بدل [حديث في اتحادي]. 


649 


أن يتخلص المرء منه [وجميع ما ينبغي أن يخلص فيه]"!) ويتمحص منه» ويترقى فيه من 
المحبة والحضور في الحضرات إلى مراتب الكمال فيهاء وفيها إشارة إلى كمال النبي 28 
وأذ كر مهال بوك الج وجيرن رط مد شين ودج الشر كا ردقيه وب مقاتةه 
وإِنَ الإشارة بهذا الكلام إليه؛ وهو المقصود. ومّن أفيض عليه منه فإِنّما هو من فيضه عليه 
ولايصحٌ إل هذا في النظر إلى تحقيق الحق بالمكاشفة. 

واعلم [140و] أنَ الكمال الذي يكمل به المرء ثلاثة أشياء: أولها تجلي معرفة الله عليه 
بمشاهدة صفاته. وكماله. وجماله. وجلاله» وهذا كمال إلهي غير مخلوقء والثاني الذات 
القابلة لهذا التجلي وهو العقلء والثالث الإدراك وذلك أنّ الله لم يزل متجلياً على خلقه. 
وعقولهم مستعدة لذلك. كل عقل على قدر استعداده. ومستعدة لاودراك بالمشاهدة. 
ولكنها مقبلة إلى غير ذلك فلأجل ذلك لم تشاهد, فالعقول مرآة لما يقابلها تجلى فيهاء 
وشرّفها على قدر ما يتجلى فيهاء فإن تجلى فيها نور الحق علما وعملاً تجلى الله عليه بنور 
المحبة» وبكماله الباقي الأزلي. وبه يبقى في الآخرة كاملاء وإن أظلم بانطفاء نور الحق 
علماً وعملاً انسدت عنه تجلي أنوار المحبة» وأنوار كمال الله» وخسر وكان من الهالكين» 
فالإيمان هو الطاعة. ونوره نور محبة اللهء ونور تجلي كماله في العقلء فافهم. 

قال: 


9 8 و 2 
0- تَسيِّبٌ فى التوحيد حتى وجدئثه وواسطة الأنساب إحدى الأدَّلوَة) 


يقول: تسب سعيي في كشف علم التوحيد بأداء الفرائض والتقرّب بالنوافل الشرعية 
والحقيقية» حتى وجدته: أي حتى عرفته سبحانه جل ذكره. وقوله تعالى: (لا يزال يتقدّب 
إلى عبدي بالفرائض. والنوافل حتى أحبّه) إلى آخره. إحدى الأدلة على صحة واسطة 
الأسباب. أي بعض الأسباب تكون واسطة لبلوغ بعض المراد لقوله تعالى: #ثم َم 
سَبَبّا 7 وكذلك مكاشفة الحق في كل شيء قد يكون من أسبابء والتستّب من العبد. 
والفعل من الله؛ لأنْ الأسباب بحقيقتها هي الفاعلة في كل شيء من كل سبب على 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 
(2) في الديوان: [تستبت] بدل [تستب] و[أدلتي] بدل [الأدلة]. 
(3) الكهف. الآية 89. 


620 


الإطلاق؛ وإن صحّ أن بعضها يؤثر فعلاً ففي الحقيقة أن الله تعالى هو الذي جعلها كذلك. 
فافهم. 

قال: 

1 - ووحّدتٌ فى الأسباب حتى فقدثها انظ التوحيد أجدى وسيلة 

نقول: ووغّدت الله تغالى».وأطعته مقا يفوت الأسبات أن.رضا الله تغالى :لا ينال 
إلا بأداء الطاعة بما شرعه من ديئه» وبجميع ما يلزم أن يطاع فيه وبه. أو يستحبّ من 
العباد بترك ما لزم تركه. وندب تركه بالإخلاص في التقىء. والورع. والتوكل» والشكرء 
والثقة به» والخوضء والرجاء والإسلام» والإيمان. والإحسان. والصبرء والرضاء وترك 
الرياء» والحسدء والعٌُجبء والكبرياء» والشرك الخفى والجلىء والنفاق الخفى والجلىء 
والجهل الظلميء واتباع الهوى الباطل» والتوبة من كل ما لزمء أو استحب فيه ومنه التوبة» 
والتضرّع إلى الله تعالى» وأنْ هذه هي الأسباب الموصلة إلى الله تعالى ثم سلكت بعد 
ذلك طريقة تجريدها من صفاتها الذميمة» ثم تجلّيها بالصفات الكمالية» ثم سلك طريق 
المكاشفة بقوة المحبة الإلهية للحضرات الإلهية حتى فقدتهاء أي حتى لم أرَ نفسي بعين 
الرضا فيهاء وأني لم أعمل شيئاء بل رأيت ذلك كله فضلا من الله تعالى لي وإليّء فلم أرَ 
خلقنى وعبدته» وبفضله كانت عبادتى حتى كاد أن يكون ليس سبب فى ذلك؛ لأنه هو 
المستب من غير إنكار للأسباب كما قلت» ورابطة التوحيد: أي ومراصدة, أو ملازمة 
التوحيد فى كل شىء؛ إذ لا حول عن معصية لله. ولا قوة على طاعة الله إلا بالله العلى 
العظيم» قوله: إحدى وسيلتي. أي واحدة من وسائلي إلى الله تعالى. 

قال: 

2 - وجِورّدتٌ نفسى عنهما فتوحدتٌ ولم نَك يوم قط غيرٌ وحيدة 

يقول: ثم جرّدت نفسي عنهماء أي عن رؤية أعمالي أصلاء وعن رؤيتي أنها أعمال 
ولكتّها هى فضل من الله تعالى؛ لأنى بذلك كأنى [140ظ] بعد رأيت أعمالى» فرأيتٌ بعد 
ذلك كما قلت في هذا البيت نفسي كأنّها لم تعمل مستقّلاً لقلّة عملها مع مقابلة كرامة لي. 


فجرّدت رؤيتى عن الحالين جميعاء فتوحدت بهذه الرؤية» أي صارت كأنّها واحدة ليس 
معها عمل يكون مصاحباً لهاء ولم تكن يوماً بعد ذلك ترضى [أن تكون غير وحيدة؛ أي 
لم ترضٌ أن]1') تكون يوما غير ناظرة إلى أنّها كآنها لم تعمل وإن عملت فلا تراه؛ لأَنّ 
ذلك أصله فضل من الله تعالى عليهاء وما فعلته إن شكرت فبفضله. فهو الشاكر وهو 
المشكورت, وروي عن داود كلدل حين قال له الله تعالى: يا داود اشكر لي. قال: وما 
شكري لك؟ هو فضل منك لىء وكذلك شكره. قال: يا داود يكفى ذلك فإنى جليل أقبل 
[القليل]! وأعطي الجزيلء فافهم. 
قال: 


3 - وَعْضْتٌُ بحارٌ الجمع بل حُضْنْها على اذ فراديّ فاستخرجتٌ كل فيوة) 


4 - لأسْتمعٌ أفعالي بِسَمْع بصيرة 2 وأشهدٌ أقوالي بعين سميعةٍ 

يقول: وثم غصت في بحار الجمع؛ أي في حضرات الجمع؛ وهي مشاهدة كمالات 
صفات الله تعالى» وبحار الأسماء الفعلية والذاتية» وجمع ترقية في الحضرات كلها 
بقوله: بحار الجمع» ثم ترقى إلى مرتبة أحدية الجمعء وأفرد نفسه فيها بقوله: بل وأراد 
هنا معنى لكن. يقول: ولكن خضتها على انفرادي؛ أي ليس معي شريك من الواصلين إلى 
آخر بحار الجمع؛ وهي مراتب أحدية الجمع» فاستخرجت كلّ يتيمة» وأراد باليتيمة الدرّة 
لم يملكها أحد. يقال للشيء العزيز الذي لم يملكه بعده بحقه: يتيمة» أي هي خالصة لك. 
يقول: فاستخرجت كلّ درّة من العلوم لم يحط بها أحد غيري من المخلوقين» فأعطيت 
كتاباً وسنّة وآثاراً ونبوة» وأعظم من هذا كله تجلي كمال الله على ذاتي أعظم مما تجلى 
به على كل مخلوق, ولكتي وإن أتيت بلفظ المريد في السلوك فذلك استحثاث لكم. 
وترغيب لقلوبكم. وإلا أنا فمراد”»» و المراد محبوب» والمحبوب مجذوبء والمجذوب 
معصوم ومكروم أكثر ممّن أنت تطالبه القرب والمحبة» ولكنّ المطالب كريم لا يطلبه 


(1)ها بين المعقوفين ساقط فى الأصلء والزيادة من س. 

(2) ينظر عن الشكر ومعانيه موسوعة العجيء عن 500: ؤما بعغدها: 

(3) ما بين المعقوفين ساقط في س. والزيادة من الأصل . 

(4) في الديوان: [وخضت] بدل [وغصت]. وفي هامش الديوان إشارة إلى هذه القراءة» و[غصتها] بدل [خضتها]. 
(5) مرَ الحديث عن [المراد] و[المريد] والفرق بينهما. 


622 


قصد إلا أحته. ولا يطلبه إلآ من هو يحبه؛ ولا يحبّ هو إلآ ما سبق في علمه أنّه من أهل 
حتهء فالكلٌ منه. وإليه يرجع الأمر كلّهء وهذا هو الكمال الأول والقاعدة الوا 
التجريد وإفاضة الصفات الحميدة» وهو الكمال الثاني» ثم السلوك بالمحبة إلى حضرات 
المكاشفة بالنظر إلى أفعال الله تعالى في الموجدات حتى يراها علما توحيدياء وهي 
حضرات الفرق. والكمال الثالث» ثم حضرات الأسماء الصفاتية» وهي الحضرات 
الباطنة» والكمال الرابع» ثم الجمع بين الحضرات الظاهرة والباطنة» وهي حضرات 
الجمعء وإذا لم يشاهد الموجدات معهاء وهو الكمال الخامسء ثم حضرات الجمع مع 
مشاهدة الوجود. وهي حضرات جمع الجمع. ومشاهدة ذلك في كل ذرّة على الانفراد 
من الوجود [جملة في نظر الحضرات في جملة الوجود؛ وفي كل ذرّة» وهي حضرة أحدية 
الجمع؛ ثم مشاهدة 58 أسماء الله وهنا وأ فعالم]ا مهي وتفصيلاً في كل ذرة 
في الوجود مجملاً وتفصيلاء وهي حضرة أحدية جمع الجمع. وهذا السابع في هاتين©) 
الحضرتين مقام النبي 6؛ وتكون مشاهدته في كمال كل فعل للهء وكل صفة لله وكل 
اسم لله ما لم تشاهده جميع الخلائق؛ وهذا هو المقام الذي لم يصله أحد غير رسول 
الله وهي حضرة أحدية جمع الجمع؛ وفي هذه الحضرة يقول: فاستخرجت كل يتيمة: 
أي كل علم عظيم لم يعرفه غيري» وقوله: لأسمعء وأراد هنا السمع [141و] الباطن. سمع 
الذات» ومراده لأشهد أفعالي» أي لتحضر مشاهدة ذاتي جميع معرفة الله تعالى؛ وما ينتج 
منها من هيبة وتعظيم» ومحبة وخوف عند كل فعل أفعله من أعمال الإيمان بعين بصيرة. 
أي بمشاهدة الروح الجامعة لمشاهدة العالمين الغيبي والشهوديء وأشهد أقوالي بعين 
سميعة؛ أي وحتى أنظر أقوالي تبدو بعين سميعة من تلك الحضرة فأكون فيها كما سمعته 
عن الله فيها: (بي يسمعء وبي يبصر» وبي ينطق» وبي يبطش) فيكون سمعي فيها وبصري 
كله بمعنى واحدء وأراد بالتخالف بين السمع والبصر. أي حتى يكون في تلك الحضرة لا 
يتكلم إلآ بهاء وبإذنهاء وبمحبتها روما" لمرتبة: بي يسمع. وبي يبصرء وبي يبطش. وبي 
يتحرك. وبي يسكن. وأشاهد سمعي» وبصريء وقولي في تلك الحضرة بعين سميعة. أي 


(1) مابين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 
(2) في الأصل و[س]: [هذه] بدل [هاتين]؛ وما أثبتناه الصواب. 
(3) روماً أي طلبا ورغبة. 


6233 





بعين ذاتي؛ لأنَ الذات هي العين السامعة» وهي السمع الناظر؛ لأنَّ سمعها بها وبصرهاء 
وأراد بعين سميعة» أي بمشاهدة تسمع ذاتي كلام وأقوال تلك الحضرة هي في ذاتي كلهاء 
فهي في سمعي منهاء وفي بصري منهاء وفي قولي منهاء وفي قدرتي منهاء وهو باطن 
مراده لأسمع» أي لأشهد أفعالي؛ أي قدرتيء ومعناه ذاتي حضرة أحدية الجمع فيهاء 
وسمّاها بالأفعال لأنّ الفعل بالقدرة» ومن أسمائها: قديرة» وبسمع بصيرة. أي بشهادة 
العين البصيرية. وأشهد: أي وأرى. أقوالي: أي ذاتي؛ لأنَ من أسماء الناطقة حضرة أحدية 
الجمع فيهاء بعين سميعة: أي بعين الذات» النفسء والروح» فذكر القدرة والنطق منها أنه 
يشهدها بسمعها وبصرها؛ لأنْ الكلام والقدرة تخرج أفعالها منها لا يُجلبان إليهاء والسمع 
والبصر يجلبان إليها ما هو خارج عنهاء وسمّاها بالقدرة وكنى قدرتها باسم الفعلء 
وسماها الناطقة» وكنى نطقها بالقول؛ وسمّى بالسمع الموصل إليها العلم مما خرج عنهاء 
وسمّاها بالعين الموصلة إليها بالعلم مما خرج عنهاء وأراد أنه غاص في بحر الحقيقة» 
واستخرج كل يتيمة من العلم ليشهد الحضرة الجامعة للعلم بالله المتجلي به في الوجود 
كلّه في سمعهاء وفي بصرهاء وفي قدرتهاء ونطقها حتى في كلّ قوة من قواها فيكون نظرها 
بعلم تلك الحضرة» وسمعها بهاء وكلامها بها؛ لأنَ ذات المرء إذا صارت عالمة منوّرة 
بنور الله تعالى نظرت بالعلم وبنور العلم؛ وسمعت بالعلم وبنور العلم وفعلت بالعلم. 
وبنور العلم» ونطقت بالعلم وبنور العلم» وتحرّكت الأعضاء بأمرها فتحركت بالعلم وإن 
سكنت فبأمرهاء وسكتت بالعلم» وبنور الله تعالى يُفاض في علم الحقيقة ليصل إلى هذه 
الدرجات. 

قال: 

5 - فإن ناح بالأبك الهزارٌ وغرّدث< جواباً له الأطيارٌ في كل دَوْحَة 

6 - وأطرب بالمزمار مُصْلِحُه على 2 مناسبة الأوتار من يَدٍ فَينَةِ 

7 - وَعْنَتْ من الأشعار مارقٌ فارتَقَتْ لتدزتيا: الأمسسوان” فى كل ار" 


يقول: وفي حضرة جمعيء وكمال مشاهدتي لكمال الله تعالىء وكمال تدبيره أرى 
جميع أفعال الخلق إِنْما هي حكمة الله وتدبيره من جد الأمورء أو ظاهر هزلها التي هي 


(1 )في الديوان: [شدوة] بدل [شذرة]. 


في الحقيقة غير هزلء. بل كلّها حكمة. فإن ناح بالأيك: والأيك الشجر الملتف. وقيل 
اسم غيضة بها شجرء والغيضة الغور الكثير الرطوبة من الماء؛ واحدها أيكة. والهزار 
-بالراء المعجمة أولاً وبالمهملة آخره- وهو نوع من البلابل له صوت شجيّ أي حزين» 
وهو معرب" لم يستعمل في فصيح كلام العرب إلآ البلبل» والدوحة الشجرة العظيمة» 
يقول: فإن ناح بالأيك الهزار» وغرّدت جواباً له الأطيار في كل شجرة عظيمة الأغصان 
بأصواتها المعجبة المطربة [141ظ]» والرياح تلعب بأغصانها فتزيد ذلك السامع طربا. 
وأطرب -بفتح الباء- فعل ماضيء وتقديره مطرب مكبّ على فساده بالمزمار. مصلحه. 
أي الذي عمله. وعند نفسه أنه في صنعة أحكمه لتخرج أصواته على مناسبة الأوتار» أي 
الخيوط» وأراد هنا نوعا» من الملاهي المعمول بالخيوطء لا الزمر المعروف. ثم يريد 
به أيضاً إشارة إلى جميع الملاهي ذوات الأصوات الحسنة من زمرء وغيره من ذكر الجزء 
بإرادة الكل" وقوله: من يد قينة» أي تبرز تلك الأصوات عنه من فعل يد مغنية» وغنت مع 
ضربها له فأتت من الأشعار مارق ولطف. ويزيد في الهوى والطربء فارتقت مشاهدتي 
لذلك لسدرتهاء أي إلى سدرة منتهى العلم الأزلي في حكمة إظهار الوجود وما فيه. 
قوله: في كل شذرة -بالشين المعجمة. وبالدال المعجمة- وهي شذرة الصائغ» الذهب 
والفضة. حبة صغيرة منهماء وأراد بذلك من قليل وكثيرء ووجدت كل ذلك عن حكمة 
من الله تعالى» وكمال تدبيره لإظهار كلّ ما أراد إظهاره. فسلّط المحبة على الأطيار إلى 
سماع ألحانها فألحنت» وسلط المحبة في قلوب عباده ليعبدوه بهاء وتعبّدهم بعبادته التي 
هي واجبة عليهم. وأحكم الحكمة بالتدبير في كشف ما هو عن اختيارهم لا عن جبر 
منهء ويسّر لكل منهما الأمرين: الطاعة والمعصية. وأقدر كلا منهما على هذا وهذا بعد 
ما تعتتدهما بما هو واجب عليه له. وأظهر جمال التدبير في المظاهرء فمنهم مَن أحبّ 
صاحب الجمال الظاهر جماله؛ ولم يلتفت إلى المظاهر الفتنية» وعصى بها الله تعالى 
فآثرها عليه» تعالى الله» فظهر ما أراد كشفه فأطاعه الطائع باختياره» وعصاه العاصي 


(1)الهزار: هو كما ذكر الشيخ ناصردفة معرب (هزار دستان). وهو بلبل أخضر اللون؛ ينظر معجم المعربات 
الفارسية؛ د. محمد التونجي. ص157. 

(2) في الأصل و[س]: [نوع]ء وما أثبتناه الصواب. 

(3) هذا نوع من المجاز المفرد المرسلء وهو فنّ بلاغي ذكرته المصادر ومنه قوله تعالى: طهَسَرِرٌ رَقْبَةَ مُؤمِتَةٍ4 
[النساء: 92] . أي تحرير عبد مؤمن, ينظر معجم المصطلحات البلاغية؛ د. أحمد مطلوب. 3/ 207. 


655 


باختياره» وذلك في سابق علمه الأزلي به إلآ إذا أوجده فأوجده لاستحقاقه الإيجاد؛ 
لأنّه ليس من صفات الحكيم أن يرى مَن في حضرته سفيهاء ولا يعزله عنهاء ولا يجازيه. 
يقول: ولمّا رأيت هذا رأيت أن كل شيء هو حكمة الله وتدبيره؛ لا أن ظهور المعصية هو 
الفاعل لهاء ولكنّ تدبيره فيهما أظهرها من صاحبها عن اختياره لعلمه به ليعصيه. فابتلاه» 
وذلك معنى قوله تعالى- فصل أَقَدْمَن يَنَآء وٌمَهُدِى من جمس 0114 أي يظهر بحكمته 
وتدبيره هداية من هو في علمه به أنه ليهتدي» ويظهر بتدبيره وحكمته ضلاله من هو ليضل 
في علمه. ويستحق العقاب في حكمه وعدله» وسابق العلم الأزلي لا يجوز التفكر في 
هذا الأمر فيه؛ لأنّه تعجز العقول عن إدراكه جل الله وتعالى علوا كبيراء فافهم. 


ند ثرت كن 


(1) إبراهيم, الآية 4. 


الباب السادس والعشرون 


في توحيد الجمالء والكمال الإلهي بإظهار جمال حكمته. وتدبيره في كل شيء بلسان 
الكمال الإلهي الذي به كمل المقام المحمدي 35ك: 

قال: 

8 - تَتَزْهتُ في آثار صُئْمي مَُرَّهاً ١‏ عن الشَّرْك بالأغيار جمعي وألفني 

يقول: قال الكمال الإلهي منبئا عن قوله تعالى بلسان وحال الكمال: تنزهت في آثار. 
أي في أفعال صنعي» أى: تدنيرئ وحكمتي» منرّهأ: مقدساءً جمعي : 5 كمالي وجمالي 
وجلالي بجميع صفاتي وأفعالي وتدبيري» عن الشرك: أي المشاركة في هذا الموضع في 
شيء من صفاتي وكمالي وتدبيري. بالأغيار:والأغيار هي كل شيء هو غير الله تعالى. 
وعن الشركء أي المشاركة في ألفتي؛ أي اجتماعي في صفة بتشبيه؛ أو تدبير بأحد غيري 
فلا شبيه ولا ضدّء ولا معين, ولا ندّء ولا حاجة داعية لي في إبداع الخلق إلآّ لأكرم من 
يستحق الإكرام في عملي علمي؛ وأعذّب من يستحق العقاب في حكمي وعدلي؛ لم أتعبد 
لعاحة ولم أعص"'" مغلوباً وأنا الغني الحميد. 

قال: 

9 - فبي مَجُلسُ الأذكار سَمْعُ مُطالع ولي حانة الخمَار عينٌ طليعتي 

يقول: [142و] وفيه تقديم وتأخير. وتقديره فبي: أي فبهدايتي». مجلس الأذكار: أي 
أهل الأذكار» وأراد بالمجلس كالمساجده والصلوات» والبيع» والصوامع» ومواقف 
الحج. والمسجد الحرام, والمدينة» والمقدسء ومدارس العلم؛ ومدارس الذكر الحكيم 
وكل موضع يذكر فيه اسمي وذكري. ومواضع السموات كلهاء وجميع الوجود هو سمع 


(1) في الأصل و[س]: [أعصي ]. وما أثبناه الصواب. 


6227 


مطالع تسبيحيء أي كله نطق مسموع بالعقول السميعة السليمة» وهم الذين وفقتهم على 
طاعتي؛ وابتدأتهم بمحبتي لعلمي بأنّهم يحبونني''' كذلك في علم غيبي؛ ولي القرة 
والقهر والغلبة؛ ولي كلّ موضع يعمل فيه غير الطاعة. وملك من يعملها كالفسّاق والفسّاد. 
وحانة الخمّار: والحانة: هو الموضع الذي تباع فيه الخمر أو يعمل أو يشربء وأعمالهم 
وفسقهم ليس بغلبة منهم لي في ملكي بل كلهم ملكيء فكيف أكون وأنا خلقتهم وأنا 
أميتهم؟ بل ذلك عينء أي حقيقة طليعتي» أي ظهور تدبيري وحكمتي فيهم لكشف ما 
علمته فيهم وفي اختبارهم وفي استحقاقهم العذاب, فكان التدبير مي لإظهار ذلك فظهر 
ما أردت كشفه. وذلك عين إرادتي فما اختلفت الإرادة» ولا اختلفوا عما سبق في علمي 
بهم أنّه سيكون ذلك منهم باختيارهم للباطلء تعالى علواً كبيراً. 

قال: 

0 - وماعَقَدَ الزُنارُ حكماً سوى يدي وإن محل بالإقرار بي فهي حَلَّتِ 

يقول: وقال تعالى: وما عقد الزئار2). أي المشرك يزرّ ثيابه عن نفسه بخيط ليخالف 
لبسه لبس المسلمين وزيّهم, واستعار ذلك له لبقائه على شركه. وقوله: سوى يديء. أي 
قدرتي وتدبيري الذي أحكمته فيه لإخراج ما بدأته من غيب. وكفر في علم غيبي» فما فعله 
من كفر فهو الذي أحكمت فيه الحكمة لكشفه منه حكماًء أي حكمة؛ وإن حل بالإقرار 
بي؛ أي وإن استسلم لأمري. وحلّ ما كان عليه استعار العقدة لفعلة الكفر. وحلها 
لاستسلامه. فهي حلت: أي قيديء أي قدرتي وحكمي فيه التي أحلت منه تلك العقدة 
حتى أظهر”” الإسلام لعلمي به أنه سيسلم. فما كان شيئاً في الكون على خلاف حكمتي 
وتدبيري وإرادتي. 

قال: 

1- وإنْنَارَ بالتتزيل محرابُ مسجدٍ 2 فما بار بالإنجيل هيكلٌ بَيِمَةِ 


(1) في الأصل و[س]: [يحبوني]ء وما ألبتناه الصواب. 

(2) الزنّار: من الألفاظ النصرانية» وهو منطقة تش في الخصر وقت الصلاة مشتملة على صليبء وقد وردت في أدب 
الديارات كثيراء ينظر التوزيع اللغوي الجغرافي؛ د. إبراهيم السامرائي؛ ص78. 

(3) في س: [إظهار] بدل [أظهر]. 


2 25 
2 - وأسفارٌ توراة الكليم لقومه 2 يناجي بها الأحبارٌ في كل ليلة 


يقول: قال: كل شيء هو بتدبيري وحكمتي, وإن نار بالتنزيل محراب مسجد بالعمل 
بكتابي العزيز» القرآن العظيم الذي هو ناسخ لأحكام جميع الكتب التي أنزلتها ما هو فيها 
من الحلال والحرام ممّا يجوز فيها التغيير» لا ممّا يجوز تبديله ولا تغييره في الدين من 
توحيد الله» ووعده. ووعيده. وإخباره» والإيمان بما ألزمت الإيمان به وإن أنا أنزلت 
هداي للجميعء وأن يؤمنوا بهذا الرسول كما آمنوا برسولهمء فآمن بهء وات تع الهدى بن 
علمت أنه ليؤمن» ومّن علمت أنّه لا يؤمن مثل النصارى واليهودء فما بار: ذ فما ترك 
النصارى. هيكل: أي بيت بيعة؛ والبيع: بيوت النصارى للعبادة: فما خالف علمي بهم. 
وكذلك أسفار توراة موسى لقومه لم يتركوا ما لزمهم في هذا النبي الأمي من الإيمان به 
وبكتابه» والعمل بأحكامه فلم يؤمنوا كما علمت فيهم وبهم. وقد طالت في زمان تناجى 
بها العلماء الأحبار في كل ليلة» وهم العلماء الأخيار» ويؤدون الطاعة لي بأحكامهاء وأراد 
بالإنجيل والتوراة» وإن ذكر أحدهما دون الآخر فإنّه من قسم التضمّن مع أهل المنطق 
بذكر الجزء وإرادة الكل فلمًا أنزلت كتابي على رسولي كفروا به. فكانت تلك حكمتي 
فيهم لإظهار ما علمت بهم فلم يختلف الأمر عن إرادتي فيهم. 

قال: 

33 - وإن خرّ للأحجار في البُرّعاكك فلا تَمْدٌ بالإنكار في العصبية 

[142ظ] 734 - فقد عبد الدينارٌ معنى منرة عن العار بالإشراك في الوثنية 

يقول: وقال الله تعالى: وإن خالفوني فيما أمرتهم ونهيتهم؛ وخر من خرّ ساجداً كفراً 
بي» للأحجار:أي للأصنامء في البدّ: وهو الموضع الذي تجعل فيه الأصنام للعبادة. أصله 
البيت فعرَب!"' البده وهو الصنم فاستعار اسمه لموضعه. كما قال تعالى: #وَالشّجَرة 
الملعونة في الْمَرْءَانِ 24) أي الملعون صاحبهاء عاكف لعبادتهاء فلا تعد: أي فلا تجاوز 
بالإنكار» أي بترك الإنكار عليه بالعصبيّة. أي بسبب الحميّة من قرابة وقلة غيرة في الله فإنه 


(10))البد: بالباء كما ذكر الشيخ ناصر لاطة ثة فارسي معرب وهو الصئم» جمعه بدده ينظر معجم المعربات الفارسية. 
3. محمد التونجى. ص36. 
(2) الإسراءء الآية 60. 


659 


لازم عليك» أي موضع لزومه عليك. وإِني أكره ذلك فأنكره أنت» ومع لزومي ذلك عليك 
في محل لزومه عليك. فأنا المدبّر هذه الحكمة فيه لإظهار الذي أكرهه في حكمي عليك؛ 
وأحببت كشف أمره بذلك ليظهر ما أحيّه هو من معصيتيء ولا أرضى له ذلكء. فلولا 
محبتي لكشفه لما أحكمت له الحكمة لكشفه. وإن تنكر عليه إذ هو ظاهر كفره» فاحذر 
ما أشغل الخلق عني ممّا هو غير ظاهر أمرهم. فقد عبد الدينار غامضاً بحبّهم له حتى 
عصوني به فاختفى به لأجل معنى في نفسه كان أكنّه فأظهر الإسلام منزّهاء أي متنزّهاً عن 
العار بظهور كفره في الإشراكء وهو الشرك بالوثنية» أي بالعبادة الصنمية» وأراد بالأول 
كفر الجحود. وهو الشركء وكمّاره المشركون. وأراد بكفر الديتارء واستعاره لكفر النفاق. 
وأصحابه المنافقون. وهم كفار أهل الإقرار بالإسلام» فإنْ الناس أربعة أقسام لقسمين: 
أما القسمان فمشركون ومنافقون. وهذان الاسمان لا يصمح تسمية أحدهما بالآخر لمعنى 
الأحكام, وأما بقية الأسماء العمومية في الكفر فتصح مثل الفاسقء والضالء والكافر 
والمبطلء وأما الخصوصية بالأفعال فلا يصمح أن يسمى أحد إلآ بما فعله مثل السارق 
والزاني» وما أشبه ذلك» فصح أن المشركين قسمء والمنافقين قسمان: قسم دائن بخلاف 
دين الله باستحلال التأويل الباطل للتنزيل والسنة والأثر الجليل!!"» وقسم منتهك لما 
يدين بتحريمه من الدّين الحق. والقسم الثالث من أهل الإقرار» وهو الرابع بعدد قسم 
المشركين» وهم المسلمون المخلصون أيضاًء وهؤلاء المخلصون على أربعة أقسام: 
قسم هم أهل الظواهر» وهم عامة المتقين الناظرين المحسوسات إلى صورهاء مع علمهم 
أنها خلق الله وتدبيره إلى غير ذلك من الصفات الظاهرة» وقسم نظروا إلى المشهودات. 
وشهدوا بها الملك المشهود. وقسم شهدوا المشهود أولاء ثم شهدوا به الشهود» وقسم 
شهدوا المشهود؛ وما رجعوا إلى الشهود. أي لم يلتفتوا إليه. وهؤلاء الثلاثة الأقسام هم 


(1) هذه إشارة عميقة من الشيخ ناصر لما يُصطلح عليه ب (مراتب التأويل)؛ فهو يرى أنْ التأويل له حدود يجب أن 
يتوقف عندهاء فإذا تعدّاها إنسان ماء ولم يكن له سند علمي دخل في جملة المنافقين» فهل يتحدث الشيخ ناصر 
عن ذلك التأويل الموغل فى باطنيته» ونراه منتشراً عند بعض الفرق. وأصحاب المقالات؟ فقه النّص يشير إلى 
هذاء كما أنّي لم أجد من معاني (المنافق) هذا المعنى الذي ذهب إليه الشيخ في معجمات المصطلح الصوفي؛ 
نما هناك الاختلاف بين السرّ والعلانية فحسب. وهو المعنى الشائع للنفاق» وهذا يدعو إلى القول إن الشيخ قد 
وقع على معنى آخر للنفاق وصل إليه مستندا إلى قناعته الفكرية. 


السالكون إلى الله تعالى بوسائل المحبة والمكاشفة بعد''' إكمالهم الطاعة لله بالشريعة 
الصحيحة. والحقيقة المستقيمة» وأمَا الأول فأقل مشاهدة لله. وأقل مكاشفة. وأقل حباء 
حتى إِنْ بعضهم أنكر محبة العبد لله» وأنكر محبة الله تعالى لعبده» وقال: ليس للعبد محبة 
لله غير طاعته لرتّه» وليس لله محبة لعبده غير إثابته في الاخرة» وتوفيقه إلى الطاعة في 
الدنياء وما حمله على الإنكار إلا قلة فهمه معنى المحبة ما هي ولو كان كثير التضرع إلى 
الله في المناجاة بالابتهال. ووجد لذة المناجات». وحلاوة الذكر لعاين عنوانهاء ولكن لعله 
قد غلب على عقله حبّ غيره فأحرمه ذلك لعلمه به أنّه مقبل إلى غيره» مشتغل عنه في 
الذي ألهاه عن عمل جائز له في دين مولاه» وقد مرّ بنا السير في هذا الميدان» وما مضى 
كفاية لبيانه» ولكن كرّرناه لتحضير فهمك وعقلك متى تباعد عليك العهد بالذكر. ولتقبض 
العنان إلى إيراد النظم. 
قال: 


453 - وقدبَلَع الإنذارْعنيَ منْبَعُىا” 
6 - فما زاغتٍ الأبصارٌ من كل مل 
7- وما احتارَمّنْ للشمس عن غرَّة ضصَبا 
8 - وإن عبد النارٌ المجوسٌ وما انطفتٌ 
9 - فما تصدوا غيري وإن كان تصدّهم 


0 - رأوا ضوءَ نوري مَرَّة فتوهمو 


2 
وقامث بيّ الأعذارٌ في كل فرقة 
ولا رَاغِت الأفكارٌ في كل مِلوّاةا 
5 5 ااه 2 
وإشراقها من نور اسفار غرّتي 
كما جاءً فى الأخبار فى ألف حجّّة 
سوايّ وإن لم يُظهروا عَقَدَ نيّة 


« ناراً فضلُوا بالهدى في الأشعة") 


يقول: وقد بلغ الإنذار مني جميع من تعبدته بعبادتي بغيه من بغىء وقامت بي الأعذار 
في كل أمة؛ قوله: بي» أي بقيامي الحيّجة مني عليهم من عقولهم. وبالرسلء والأنبياءء 
وبالكتبء وبالملاتكة. وبالعلماء» وأقول: نعم. ولا عذر لمن بلغته الحجة التي يسعه 
جهلها بعدء ولا يجهل من حجة العقل والسماع وبخاطر البال مهما عقل ذلك. فما كان 


(1) في الأصل [بلي] بدل [بعد]. وما أثبتناه من سء وبه يستقيم الكلام. 
(2) في الديوان: [يعي] بدل [بغى]. 

(3) في الديوان: [نحلة] بدل [ملة] الثانية. 

(4) في الديوان: [في الهدى بالأشعة] بدل [بالهدى في الأشعة]. 


661 


تقوم به الحيّجة من العقل وغيره؛ وما كان لا تقوم به الحبجة إلا بالسماع» ولكن وجد علم 
ذلك في نفسه. وكان ممّا تقوم به الحجّة من كل من عبر له كان ذلك حبة عليه» ومتى 
نزلت فريضة التعبد قامت عليه الحجّة لكل معبّر له» وإن كان ممّا لم تلزمه في حينه في 
ذلك لم تقم الحجة عليه إلآ بعلمه من نفسه. أو بفتوى عالم تقوم به الحجة فيما يسع جهله 
من الدين» ولكنّه لا بالإجماعء ففيه بعض من قول إِنْه لا تقوم الحجة في الدين مما يسع 
يود ا ني ا عت ل ال و ا ل ل 
يلزمه العمل له» ومتى حضر وقته وكان مما يفوت وكان يحفظ تلك العبارة لزمته من كل 
مَنَ كان قد عبّر له ذلك؛ وإن كان مما يمكن تأخيره لزمه حين يحضرء ويخاف فواته ولو 
كان عند موته. وكذلك فيما هو قد فعله مما لا يجوز له أن يفعله لم يجز له إلا أن يتركه. 
ويكون كل [من]!!' عبّر له هو حبّجة عليه وإن كان قد تركه لم يكن عليه حجة فيما قد فعله 
وتركه إلا بالعالم الحسّمة في الفتوى في أكثر القول. ويكون عليه حبجة كل من قد عبّر له 
إذا باشر فعله كان مقطوع العذر وما لزمه من التوبة إذا كان في نيته أنّه لا يريد أن يعود إليه 
فهو توبة له مع قلة علمه؛ ولا يكون عليه فيه حبّجة بعد ذلك كل من عبّر له؛ وإن كان في 
نيته ليعود كان على الاختلاف في قيام الحبجة عليه من العالم لجواز الاختلاف أنه يهلك 
بنيّة إرادة الفعل ما لم يفعل أم لاء وإذا كان الاختلاف في الدين في قيام الحبجة فيما لم يلزم 
فعله إلا أن يقرٌ له فيه أنّه من القرآن مصرّحه لم يجز له أن ينكر القرآن» ولاما صرّحت به 
وأمّاماهو من غير الدين» ولا مما يجوز فيه الرأي مثل المستحب. والمندوب. والمكروه: 
والوسائلء والمباح فهذا ممّا لا تقوم الحبجة به لقطع العذر بلا اختلاف» وأمَا ما يجوز فيه 
الرأي» ورأي الأصح. وكان الأزهد له في العمل بالأهزل جاز له العمل بالأزهد جاز له أن 
يعمل فى نفسه بالأزهد له وإن رأى فيه رخصة. ورأى أنْ الأعدل غير ذلك ولكن رأى 
لغيره رخصة جاز له أن يعمل [فيها]" بينه وبين الله بالأعدل. وإن ترخص فلا لوم عليه 
فيما بينه وبين الناس. فإن كان رأي الأعدل أنّه يلزمه ذلك الحق كان عليه أن يؤديه» وإن 
(1)ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من سء وبها يستقيم الكلام. 

(2) مابين المعقوفين ساقط في سء والزيادة من الأصل . 


(3) ينظر جامع الأحاديث للسيوطيء الحديث رقم 11180.؛ والسير والسلوك. ص82. وفيه مزيد من التخريج. وإحياء 
علوم الدينء الغزالى. 4/ 278. 


662 





كان قد وجد الاختلاف في ذلكء ولكنّي لا أقول إِنّه عليه بديئونة» وإذا لم يكن بدينونة» 
وظَنْ أنه يجوز له أن يترخص لم أحكم عليه بهلاكه ما لم يحكم عليه حاكم يلزمه حكمه 
في المختلف فيه. وإن كان يرى أنه عليه بالعلم لا بالظن. ولم ير [143ظ] غيره؛ ولم يؤده 
على قلة المبالاة لم أقل بنجاته» والله المتوليى حسابه إلا أن يكون حاكماً لم يجز له أن 
يحكم بذلك وإن حكم'!' مخالفا لم أقدر أن أقول بنجاته. وإن حكم بالعدل. وكان مما 
يلزم حكمه في المختلف فيه كان عليه ذلكء ولا يجوز له الخلاف على حالء وإن كان 
الحق له على غيره على الاختلاف. ويرى أن ذلك له في أكثر القول لم يجز له أن ينتصر 
لأخل حمّه على الاختلاق؛ ولو غرف أن ذلك معه أنَّ القول بان عليه له أقوى؛ وإن انتضر 
لم أقل بهلاكه. وأما إن كان يرى أن الأعدل ليس له لم يجز له أن يتتصر في أخذ حقهء وإن 
أخذه على غير الرضا لم أقل بنجاته إذا رأى أن ذلك لا يجوز له. وإن رأى أن ذلك يجوز 
له لم أقل بهلاكه. هذا في الرأي. وإن كان قد سبق في الشيء نهي عن النبي عت أنّه حرام» 
وكان مما يجوز فيه الاختلاف أنه نهي تحريم أو تحليل» ورأى أنه نهي أدب لا تحريم جاز 
لنفسه أن يعملء بالأفضل دون الأعدل. وأمّا فيما بينه» وبين الله فإن أفسد ذلك لظنّه أنه 
يجوز له لم يجز له ذلك. ولكن إن لم يسلم ضمان ذلك لم أقل بهلاكه. وأمّا إن كان غير 
عالم بالآراء. ولا بالأصح فقيل إِنَّ عليه أن يسأل العلماء. ولكن إذا لم يسأل» وعمل بوجه 
سمع به أنه يجوز له. أو لم يسمعء ولكنّه ظنّ جوازه. ولم يُجز له ذلك العالم فلم يرد أن 
يعمل بقوله إلا ما أراده في نفسه. فقيل إِنّه لا يهلك ما لم يخرج إلى الباطل المحض. 

واعلم أن العلماء غالبهم لم يفصلوا هذا هكذاء ولكن لا يصحٌ إلآ على هذا لوجوه: 
أحدها من قولهم إن لا يجوز له أن يدين برأي» ولقولهم هذا معنيان إِمَا أنه لا يجوز له 
أن يدين به. أي إذا أحد عمل بخلافه. وإلا فهو لازم عليه في نفسه بدينونة ما دام يراه هو 
الأعدل. فيكون قد جاز له أن يدين بالرأي» وإمًا أنه لا يجوز له أن يدين حتى فى نفسه حتى 
خالقام يراه عدار تكرت كيه لا رضت ل2 | كيدي ير انه وكا لمزيارقه الدره بالديفرية 
وكان له فيه مخرج حق. ولم يخرج إلى الباطل فهو غير هالك. 

والوجه الثاني: أن العامل بالعمل إذا لم يكن من الدين اللازم لم يهلك ما دام له وجه 


()ق الأسال ودن] هناك [ل ]نين 1[إن] لحك ]: ولا معنن لهاء كنا انه لا يجوز دخولها على الفعل الماضي. 


حقٌء ولم يخرج إلى الباطل المحض. والثالث: أن العالم إذا أخبر أحدا بمسألة فيها 
اختلاف بقول من الآراء بالإجماع أنه لا يجوز له أن يدين بذلك. وإذا كان لا يجوز له 
أن يدين به جاز له خلافه إلى غيره من الآراء. وأما أكثر قول العلماء إِنْ المرء ليس له أن 
يختار في الآراء ما شاء. وفي هذا له مواضع. وذلك فيما عليه من الحقوق وفيما له. وفي 
الحكم بهنّ وفي التخطئة» وفي المستحب. لا على الدينونة أن ذلك لازم عليه» فإن قلت: 
ولأيّ شيء يلزم النظر إلى الأعدل إذا كان لغير العمل به؟ فأقول: إِنْ الله يلزم المرء في 
معاملته لا إلزام دينونة» وإن لم يعامل بذلك على غير النيّة للمعصية» بل على ظنّ الجواز 
فلا يهلكه. ويلزم النظر فيما يلزم العمل به فيما قلت لك فيما على المرء من الحقوق 
للعباد» وما أشبههم, وفيما له أن يأخذ من غيره؛ وفي التخطئة» وفي الاستحباب بعد 
ذلك. والدليل على ما قلناه: لو قال عالم إن التتحيات آخرها في التشهد الآخر إلى (عبده 
ورسوله)» وإن لم يتمّها إلى هناك فعليه النقصء ولم يعلم بغير هذا لم يجز له أن يدين 
بذلك» ولو كضه شيء يمكنه أن يتمّهاء ولكن قطعها بعدما قال التحيات المباركات لله 
والصلوات» وسلم وذهبء وظنَّ أنْ ذلك جائز له بلا علم لم يجز له لأحد أن يهلكه. ولا 
يكون هالكاء فافهم, فإنّي أطلت عليك القول في هذا مما ورد عن أكثر أهل العلم أَنّهِ لا 
يجوز العمل إلآ بالأعدل على الإطلاق. فإنَ ذلك يحتاج إلى تأويل وتفصيلء وعلى هذا 
في كل علم الشريعة وعلم الحقيقة فيما يلزم بدين اعتقاده أو فعله أو تركه» أو فيما هو 
مندوب كذلك اعتقاداً أو فعلاً أو تركاء وفيما هو مباح وكلٌ شيء في محلّه. وكذلك علم 
المكاشفة من العلم الظاهر فيها [144و]. وأما علم المكاشفة الخفية فهي من الوسائل» 
لا من اللازمات» وأهلها هم الذين يرون الأمور كما حكى عنهم هذا الناظم فتكلم بلسان 
المقام المحمدي تارة يخبر عن مقامه في وتارة يخبر عن أحوال السالكين من صحبه أهل 
الكشف. وتارة يخبر بطريق الإرشاد. وتارة يخبر عن الكمال الإلهي. الكمال المطلق. 
وتارة يخبر عن الكمال الإلهي» وهو قدر ما تجلى منه على النبي كأ وعلى جميع أولياء 
الله كل بقدره. وتارة يخبر عن طريق السلوك إلى الحضرات. وتارة يتكلم بلسان حال 
الكمال المطلق الأعظم عن جميع هذه الأمور في جميع هذه الأحوالء وتارة يتكلم بلسان 
الكمال الإلهي المتجلي على النبي ك. 


664 


بيان: 


فتكلم الكمال في حضرة أحدية الجمع منبئاً عن قول الله تعالى فيها بلسان حال الكمال» 
فقال: وقد أقمت الحجّّة في لزوم عبادتي» وأوضحت طرقهاء وناديت المتعبدين جميعا 
وما حَلَفَتٌ أبن والإفس | إل ليعبدون و11 وقال تعالى :إتبلوهم يما كانوايفُسفو و 2 50 
لكشف ما في كلّ متعتّد من ضميرء خيراً وشرأء ولم يخطر عليه ضمير» ولكن يرسل الخواطر 
عليه التي يعلم أنه بها يظهر أمره واختياره الطاعة أم المعصية؛ فظهر بذلك ما تختاره نفسه. 
ولازاغت الأبصار عمًا علم الله أنّه سيكون منهم في كل أمّة ولا زاغت الأفكار في كل ملة 
عما أريد أن ينكشف منهم في اختيارهم فلم يحبّوا إلآما علمت أنهم ليحبوه من طاعة أو 

معصية» حكمة بالغة بمقدار» وما اختار رمزا للشمس عن غرّة» أي عن جهالة صباء أي مال 
نا لنزااتها تنما هو لشوكية أحنها عملي كال تدير ون ونش كد وإشراقها من 
أنوار إسفار غرّتي: أي تجلي وجه بدر كمالي وحسنه. ووضع المحبة التي خلقتها وركبتها 
فيه فهي تحب الكمال والحسنء ولكن ما كانت في قلبي محجوبة عنّى ضلّت الكمال 
فطلبته من المظاهر الحجبية» ولم تطلبه ممّن احتجب عنه فكانت هذه الحكمة هي الحكمة 
في كشف ما علمت أنْهم ليعصوني به. واهتدى بنور الكمال ومحبة الكمال أهل طاعتي» 
وليست هي جبلة» بل هي حكمة سابقة؛ ولا مخادعة» وهي التي بها اهتدى من علمت أنه 
ليهتديء فالأنوار الظاهرة ظلمة في حقّ المحجوبين عن رؤيتي. وهي والظلمة نور عظيم 
أوقدوها في بيت ألف حتجة. أي ألف سنة يعبدونهاء ويمدّونها بالحطب. ويأخذون منها 
لمواضع عبادتهم؛ وما قصدوا في عبادتها غيري إن أظهروا أن قصدهم ليء وإن لم يظهروا 
لعقد نيّة فإني أنا المقصود من حيث لا يشعرون. وكذلك إن كان قصدهم سواي؛ لأني أنا 
الذي أكملت بحسن تدبيري وإحكام حكمتي في تحسين صورة النار. ورآهم نور كمال 
الحكمة مرة» أي بغير تفكر فتوهموه: أي الذي عبدوه. نارأ فضلوا ذ فى الهدى بالأشعة؛ لأنْ 
الوا لكان عون السو لوو عن انه لسوتي و نئاك ل وان ققا ل حرا كر ا ل 
فأعينهم رأت النار؛ ومحبتهم رأت الحسن والكمالء فهي في الحقيقة طالبة كمالي؛ ولم 
(1) الذاريات. الآية 56. 
(2) الأعراف. الآية 163. 


يقصد غير الكمال الذي نظرته أعينهم من حيث لا يشعرء ولكن حيث كانت المحبة محتجبة 
عن رؤية كمالي طلبت محبّته من مظاهره. وضلت بذلك. وكفرت وأشركت. وكانت هذه 
الحكي ا دلي اع الحكو رحن الجوده 1ت ا دان الخره في الطاعة والمعصية لأهل 
لاع واف المع ؛ وذلك معنى قوله: ولوك بَلدَّرَ وكير فِتَنَةٌ م١‏ ١أ»‏ وقوله تعالى: 
«تبَلُوهم يما ار يَفْسَقُونَ 24, وقال: طلَو يََآ أنه لَهَدى أَلنَّاسٌ جِيعًا 34. وقال: لوَلَْ 
شاه فْدَدكم معي جمعيت 4# فخلقت الأشياء [144 ظ] كما أردت. فكان كما أردته في تدبيري 
ذلك ليعلم أن كّ شيء في الوجوه بإرادتي. ولا أحبٌ الكفر, ولا أحبّ من يحيّه. وأحبٌ 
الطاعة؛ وأحبّ من يطيع ويحبّ أهل الطاعة؛ ولم يكن شيئاً في الكون إلآّ ما أحببت. فافهم 
ذلك. 


(1) الأنبياء. الآية 35. 
(2) الأعراف» الآية 163. 
(3) الرعد. الآية 31. 


(4) النحلء. الآية 9. 


وهو الخاتم لكتاب إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك؛ وآخر الجزء 
الثالث منه في: التنبيه على التوحيد. وعلى النفس. وتكميلها بلسان المقام المحمدي. 

قال: 

1- ولولا حجابٌ الكون قلت وإنما قيامي بأحكام المظامر مُسكتي 

يقول: قال المقام الأحمدي بلسان حاله في مظاهر كمال الله المحبوب» ولولا حجاب 
الكون عن ظهور تجلى حسن جمال وجلال وكمال صفات الله فى أفعاله وصفات ذاته 
الذي لك تحير ماق لعن يوان نزحت لجح ار زات عه شرم فز لها حي 
لتجلّي جمال الله في ذلك؛ لأنّ حسن الصنعة تدلّ على جمال وكمال صفات ذات 
الصانع في وصفهاء فكل شيء حسن محبوب فهو من جمال فعله تجلى فيه. ولولا 
احتجاب الجمال عن العقول في ذلك أنّه جمال الله تعالى لقلت. ولم يتم كلامه ما الذي 
أراد أن يقوله لمانع منعه من جوازه أن يقوله. وأراد بذلك أنّي لقلت إِنْ كل عابد لغير 
الله تعالى» وعاص لله تعالى بشيء أحبه أنه في الباطن لم يعبد. ولم يقصد بعبادته إلا 
ذلك المحبوب الذي أحتّه. وليس هنالك هو شيء أحتّه غير كمال الله وجماله تجلى فيه 
المحبوب المتجلي فعله في ذلك. فنظرت إليه المحبّة المحبّة للجمال فأحبته وعبدته. 
فهو لم يحب في الباطن إلا جمالء ومن أحبّ الجمال أحبّ الذات» فهو يحب الله 
تعالى» ويعبد الله من حيث لا يدريء وهو معنى قوله: قصدوني به نَوَواء أو لم ينووا به في 
عبادتهم الشمس والنارء وكل ما أحّوه. وكل هذا كشف توحيد أنه ليس شيء في الكون 
حسنء ولا جمال ولا كمال ولا محبوب في الحقيقة إلا كمال الله وجماله حيث تجلى. 
ولتعلم أن الصانع الحكيم إذا بهر الخلق في صنعه حتى مالت قلوب الخلق إليه يدل على 


667 


كمال صفات ذلك الحكيمء وقد تجلى جمال صفاته. وكمال حكمته في ذلك فهو كأنه 
أمال قلب كل مَنْ مالت إليه محبته» وإن كانت في الظاهر أنّها مالت بنفسهاء كذلك كل 
حسن هو من تجلي جمال حكمة الإله الحكيم؛ وكل من مالت نفسه إلى شيء مالت إلى 
ذلك الجمال المحبوب» فص أن جماله هو المحبوب لا غيره. فكل شيء هو نور جمال 
الله وكماله وجلاله وتوحيده. وبهذا المعنى قال: لقلت. أي لقلت بهذاء وإثما منعني 
أن أقول بهذا وجوب قيامي. أي لزوم أدبي, وأنْ الأحكام تجري أحكام المظاهر فهو 
مسكتي. أي موجب صمتيء. وأراد أنه لما كان الحكم في المحبّ للشيء من المظاهرء 
أي من الأكوان هو محبّ لذلك المظهرء كما أن من أحبّ صنعة الصانع ففي الحكم [من 
المظاهر]!'' هو محبّ لتلك الصنعة» ولو عبدها لم يعبد صانعهاء وإِنّما عبد صنعته» وهو 
غيرهاء وهي غيره. كذلك من عصى الله تعالى بشيء فقد عبد ذلك الشيء؛ ولم يعبد الله 
تعالى» فكان كلّ من خالف فى حرف واحد لا يسعه أن يخالفه فيه كان كافرا ضالاء والوجه 
الثاني: أن اباد (١‏ يتريييي الفيفة :اك يعد اعرد العزالة ولا القدرة» وإِنْما يعبد الذات 
القادرة والعليمة» وتجلي جمال الله في الأشياء هو تجلي صفات أفعاله. فلهذا لم يجز إلآّ 
الإخلاص لوجه الله تعالى بما تعبّد به عباده لا على هوى النفسء ولا الظنء وما يراه في 
نفسه لوجود الخيالات الفاسدة المشتبهة بالمثالات الخفيّة 22 فافهم ذلك. ١‏ 
قال: 
[145و] 42 - فَلاعَبَتٌ والخَلقُ لم يُخْلقواسدى وإن لم تكن أفعالهم بالسديدة 
3 - على سِمّة الأسماء تجري أمورهم وحكمةٌ وَصْفٍ الذات للحكم أَبجرَتَ 
4 - يُصَرَّفهم في القبضتين ولا ولا فَقَيِضْة تنعيم 0 شقوة 
يقول: وفيه تقديم وتأخير» وتقديره: والخلق لم يخلقوا سدىء أي إهمالاً لغير شيء؛ 
كما قال الله تعالى» أي لم يخلقوا إلا لأجل العبادة» فخلق الله الملائكة لمحض السعادة» 
وخلق الإنس والجن والشياطين للابتلاء والعبادة» وخلق سائر الأشياء للدلالة والشهادة. 
فتعبّدهم بما هو واجب عليهم له» وخاطب كل من قامت عليه الحجة بنزول بليّة التعبد. 


(1) ما بين المعقوفين ساقط في الأصلء والزيادة من س. 
(2) في س: [الخفيفة] بدل [الخفية]. وما أثبتناه في الأصلء. وبه يستقيم الكلام. 





وانقطع عذره من كافة عباده بأدائه خالصاً إليه ولوجهه ذي الجلال والإكرام. وقد علم 
من يطيعه ومّن يعصيه فالخطاب للجميع» وإن لم تكن أفعال أهل المعصية بالسديدة في 
علمه بهم فلا عبث في خطابهمء ولا ظلم في إيجادهمء بل كله عدل. وخلاف ذلك هو 
غير العدل وغير الكمال؛ لأنه لم يرد أن يثيب إلآ على علمهم بأنفسهم. ولا أن يعذبهم 
إلا بعلمهم بأنفسهم, وما اختاروه في أنفسهم, وعملوه بمظاهر ذاتهم بأمر ذاتهم» فذلك 
معنى قوله: على سمة الأسماء تجري أمورهم, وتقديره: وتجري أحكامهم في ظاهر 
أمرهم على سمة الأسماءء أي على علامة من الأسماء الأربعة وهي: الأذن للسمع؛ والعين 
للبصرء واللسان للنطق وللأكل» واليد والرجل والفرج وجميع البدن التي هي آلة اللمس» 
ويكتفي عن ذكرهنّ بذكر اليد. وأجرت الحكمة الإلهية أن أعمال هذه الظواهر في وصفها 
على ما هي عليه للحكم الظاهر في حكم المرء من شرك. أو نفاق مستحلء أو منتهك لما 
يدين بتحريمه» وما يجري عليه من تحريم ترويجء أو تحليلء أو أدبء أو قتلء أو براءة» 
أو ولاية» إلى غير ذلك وأجرت الحكمة الإلهية في صنعة حكمة وصف الذاتء أراد هنا 
وصف بمعنى هيئة» أي هيئة الذات في صنعة الله تعالى لها هي للحكم الباطن الحقيقي» 
وأن تلك الأفعال الظاهرة منهاء وما تكنّه من الاعتقاد اللازمء أو الجائز» أو المحرّم؛ أو 
المكروه. زيادة فوق ما يظهره من الجوارح, فكله منهاء فهي المخاطبة. وهي المعاقبة؛ فإن 
أطاعت فهي الطائعة» وإن عصت فهي العاصية» وهي القوة الغريزية» فهي الملك القاهر 
الغالب» ووزيرها القوة المدبرة» وأما البصيرية فهي القوة الآمرة له بالخير» وإن خالفها 
فهي تذهب منه في الآخرة ولا تبقى معهء وهي كالمرآة» وحقيقة الداعي فيها إلى الله 
هو تجلي نور محبة الله تعالى» ونور علمه الذي يحبّه. ولا يتجلى فيها غير ذلك. فهي لا 
تغلط أبداء وهي المقبلة على جهة عالم الغيب حيث لا خيال فيه. وهي الروح التي ذكرها 
الله تعالى: [ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي]» أي أمر رباني» ومعنى ذلك هو 
هذا المعنى» ومع نظرها إلى عالم العلم الغيبي» فهي تنظر إلى عالم الشهادة. وأما المدبرة 
والغريزية فهما النفس» وجهتهما عالم الحس والخيالات» والمثالات وعالم المعاني 
يصيبان تارة ويخطتئان أخرىء فلا يصيب المرء الحقّ كله من دين الله إلا باتباع الرسل 
والأنبياء الموحى عليهم من الله؛ والخارقة نفوسهم عوالم الحس والخيالات. والمثالات 
إلى عالم الغيب» وهو عالم العلم وعالم تجلي الروح عليه فأرواحهم العقلية» ونفوسهم 


الفعلية يلتقيان إلى رؤية عالم واحدء وهو عالم العلم. فلذلك لا يغلطون. ولذلك لا يغلط 
المتمسك بدينهم في الدين» ولذلك لا يسلم غيرهم مَن لم يتمسك بدينهم» وحمل دينه 
على القياس فيما لا مجال لنفوسهم إلى نظرة؛ ولم تنظره أرواحهم من [145ظ] الغلطء 
وقال تعالى: #إِنَا حَلَقَنَا لإننَ من نُطَْةٍ أَمْسَاج يَتَلِهِ مَجَمَلَتَهُ سَمِيمًا بَصِيرا: لم يرد 
ل ا د ا ل 
#إِنَا هَدَيْسَهُ أَلَسِلَ إِمَا سَاكِرا وَإِمَا كَهُورًا 24 «إإنَآ أَعْمَدًا إلكفيت سَلسِلَاُ وأغلئلا 
و سي 94 لجرا روت من أب كاك مِرَّجْهَا كافورًا 41# يصرفهم المولى 
جل وعلا من أول الإيجاد إلى يوم القيامة من درجة إلى درجة. ومن حال إلى حال؛ وهم 
في علمه في القبضتين قبل أن يخلقواء وبعد ما خلقواء وقوله: ولاء ولاء أي وهما أي 
القبضتان لا ولاء فالواو الأولى بمعنى وهماء وواوء وقبضة تأويل لقوله: ولا ولاء أي 
وهماء أيضاً قبضة تنعيم وقبضة شقوة؛ أي قبضة للجنّة وقبضة للنارء وأشار بقوله: لا ولا 
ما روي عن النبي # حاكياً عن ربه أنّه قال جل وعلا: [يا عبادي اعملوا فإنّي جامعكم 
الحم عد الل ا بلك ل ا و ل 
ترك غيرهم في قبضتي لهم فافهم ذلك. 

قال: 

5 - ألا هكذا فَلتَعرفِ النَمْسُ أو فلا ويُتلى بها العرفانٌ كل صبيحة 

6 - وعرفانُها من نفيها وهي الني 2 على الس ما أثَّلتٌ مني أَثْلّتِ 

يقول: ألا: أي ألا أيها الطالب المريد إلى هذا السلوك مَن شاء معرفته» ومعرفة النفس 
رتّهاء ومعرفتها نفسهاء فلتعرف: هكذا جميع ما أوضحته في خطابي لكم وشرحته في 
معرفة الله بحقيقة العلم به في كل شيء»؛ ومعرفة ما يلزمه العمل لهء وما يستحب في 
عبادته؛ وما يجب عليه تركه. وهو مستحب له تركه. ومعرفة المرء بنفسه في عبوديتها 
له وعجزهاء وعظم كرامته له في جميع خلقته. وبتكوين جميع الموجدات فإنْه لا يعرف 
عظم النعم إلا من كوشف بهاء ويسلك طرق الوسائل إليه بخالص المحبة» فهذه هي 


(1)و(2) 1 إلإنسان: 5-2. 


حقيقة المعرفة المطلوبة بتكوين جميع الكائنات لأجلهاء ممّن عرفها بذلك فقد عرفها 
وإلآ فلاء وقوله: ويتلى أراد هنا تلاوة النفس لا تلاوة اللسان. وهي المعرفة والعرفان. 
معرفة الله. الملك. الرحمن. أي ويعرف العلم بالله الديّان بهاء أي بمعرفتها نفسها في كل 
صبيحة» أي كذلك في كل زمن ووقتء وإِنّما استعار الصبيحة» وهو وقت الصبح. أي 
في كل كشف مشرق من ليل الحجب المانعة عن المكاشفة» وكما أن عرفانها. أي علمها 
برها يعرف بعلمها بها كذلك عرفانها بربها يكون من علم نفسهاء أي ذاتهاء فالعلم بالله 
يعرفهاء ومنهاء أي ومن علمهاء وهي النفس التي على جهة الحسنء وهي العين الغريزية 
التي هي كالملك القويء والعين المدبرة التي هي كالساحرة من عيون العقل؛ لأنَ العين 
البصيرية جهتها إلى عالم الغيب» وإلى تجلي صفات الله. وعلمه عليها ممّا شاء أن يتجلى 
عليها من ذلك. فهي محققة» ومنها يشرق النور الأعظم. النور المعنوي لأنور أبيض 
مثل الشمسء بل هو أعظم في المعنىء ولها باب ينظر منه إلى عالم الشهادة, وإِنّما لا 
يظهر نورها على هذه العيون إذا وسَخاها بالرين روماً عن الغريزية أن تملك نفسهاء ومن 
المدبرة أن تملك نفسهاء وأمَا هذه النفس من العقل فنظرهما من جانب الحواس الخمسء 
وإلى المحسوسات. والبصيرية تنظر ذلك من جهة عالم العلم فافهم. وإلى هذه تنظر إلى 
المحسوسات إشارة النبي غك [من عرف نفسه؛ فقد عرف ربّه]» وهي التي قال مقامه 
بلسان الحال إنك إذا عرفتها بما شرحت لك في العلم بالله بهاء والعلم [146و] بهاء 
وبما يحبّه الله أن يكون منها ما أمّْلتء أي الذي رجوت مني -بفتح الياء- أن أكشفه لك. 
أملت: أي أملت عليك معرفتهاء وأراد بالتلاوة هناء والإملاء منهاء وهى الذات المعرفة. 
وكشنها لك العلمة أى مدهت لها علنهاء والعلم زالله#واللة إذا لكت نها السنلزك التق 
رجوته مني وكشفته لك. ومعرفة المرء نفسه بالعبودية» والعجز. والاحتياج» والذل إلى 
غير ذلك». ومعرفة الله تعالى بأنّه ره والقادر عليه والغني. ورازقه. وهو العزيزء وهو 
الذي يعرّه إن أطاعه؛ ويذلّه إن عصاه. إلى غير ذلك» وهو المعرفة الظاهرة» وأما المعرفة 
الباطنة فهي المشامّدة بطريق المكاشفة التي أشرنا إليها حتى يكون علمي هو علم الل 
وكمالي بعلمي هو من كمال الله بصفاته في العلم؛ وكل كمال وجمال وجلال؛ وهو علم 
الله الذي نطق به كل الوجود. وهو كمال الوجود. 


قال: 
7 - ولو أي وَحَدْتٌ ألْحَدْتُ وانسلخ تّ من آي جَمعي مشر كأ بي صنيعتي )١١‏ 
يقول: ولو أنني وخدت: وقلت لا يجوز القول بالاتحاد في كمال ذات المرء بكمال 
الله والاتصاف بصفاته التى قلت إِنّه يمكن الاتصاف بمعناهاء وأنّ علمى به كعلمه 
يدرك اللدوراة الذاك عالمزاة تسن عيدات الس وات علنها بضفقة الرجود 
علما توحيديا إلهيا هو كعلم الله في الوجود في ذلك العلم؛ ومنعت من جواز هذا خوفا 
أن أكون قد شتّهت به خلقاً من خلقه لكنت قد ألحدت في توحيدي؛ وانسلخت من آي 
جمعي, أي من آيات علمي به. وعلمي بالوجود الناطق بعلمه» وبمعرفته» وكانت صنيعتي 
بي» أي عمل نفسي كذلك أكون مشركاً بالله تعالى؛ لأنّي أكون بذلك قد أنكرت علمي به. 
وأنكرت جميع توحيده بل علمي به هو مثل علمه بنفسه في ذلك العلم» وعلمي بالوجود 
الذي هو علم بالله هو مثل علمه بالوجود الذي هو علم به بذلك العلم» واشتراطي بذلك» 
أي بالعلم الذي علمته. وعلمه بنفسه بالعلم الذي علمته به أنا غير مختلف. وأمّا هو فأغلمٌ 
بنفسه منّي بالعلم الذي لم أعلمه أنا به. وليس هذا ممّا يكون تشبيهاء وإنّما هو عين توحيده 
جل وعلاء وكذلك كمالي الذي كملت به هو من كماله؛ لأني كمالي بالعلم به سبحانه 
وعالن: 

قال: 

8 - وَلَسْتٌ ملوماً أن أبتٌ مواهبي وأمنح أتباعي جَزيل عطيّتي 
9 - ولي من مُفيض الجمع عند سلامه علي بأو أدنى إشارة نسبة 
يقول: ولست ملوماً أن أبثّ مواهبي: أي أن أشرح ما وهبه الله لي لأهدي به أهل 
الهدى. وأمنح أتباعي جزيل عطيتي: أي ما أعطاني الله تعالى من علم دينه. وعالم 
مكاعفه لى ترغنا لم شك أن شلك« نوكه احرص عن النذلو لقند مفيفن 
تحدم اناك والنكي الكائئة تمي ادلم التتصار يه الله كما ان حلي جاه علق 
وأراد بالسلام» والصلاة معاء وإِنّما اكتفى بذكر أحدها دون الآخر إشارة إلى قوله تعالى: 


(1)في الديوان: [صنعتي] بدل [صنيعتي]. 


تا اع رص لاا 


# إن لَه وَمَلَهِحَكنَهُ. يصَلونَ عَلَ البَىّ يكأها أل ءَامَيُوأْ صَلُوا عَلَنِهِ وَسَلَمُوا قَْلِيِمً 11#) 
تجلى كماله وجماله وجلاله الأعظم علي أيضاً مع تجلي سلامه علي فبها الذي مد مه 
كمال كل شيء بعدي؛ ومعنى ذلك أنه لم يعط العباد شيئاً من العلم؛ ولا من الكمال من 
تجلي كمال الله تعالى عليه متا لم أعط أناء وأنا قد أعطيت ما لم بط أحدء بل لو تجلى 
ذلك على جميع الوجود لاندك دكّة واحدة. ولم تطق. وتلاشت كأنّها لاشيء؛ وبلغت 
بمرتبة بيني وبين التلاشي بالزيادة قاب قوسين أو أدنىء والمراد بأدنى» والباء من قوله: 
بأو» وهو للإشارة» أي بإشارة أنّك بلغت مبلغاً من تجلي كمالي عليك ما قد صرت بينك 
وبين التلاشي قاب قوسينء أو أدنى إشارة نسيئة حقيقية [146ظ] أن ذلك الكمال الذي 
تجلى علىّء وصرت به كاملاء وهو من كمال الله لا غيره» ولا يجوز أن يكون غيره فهي 
النسبة التي توافق الكمال فيها؛ لأنها لو جاز أن يكون غيره جاز أن يكون توحيده على غير 
ما علمته» وكنت كأنّي أنكرت توحيده» وضللت ضلالا بعيداً. 

قال: 

0 - ومن نوره المشكاةٌ ذاتيّ كر علي فنارت في عشائي كضحوةة) 
يقول: ومن نوره: أي ومن نور علمه وكماله وجماله وجلاله أشرقت ذاتي على جميع عيون 
عقلي ومظاهر ذاتي. فنارت المشكاة: أي الصدر مني في عشائي كضحوتي؛ لأنْ نور العلم 
يكون أضوأ من الشمسء وضياؤه في الليل وفي ضحوة النهار سواء؛ وأشار إلى ضياء ليله أي 
نفسه. وهي العين الغريزية» والعين الهقير: يدوه ة نهار الروح» وهي العين البصيرية بضياء 
ملا ور اللده وهر نور علي رخا جا عله بالضفات كي اليه في المرآة. فلا 
يخالف وصف المتجلي. ووصف ما تجلى في المرآة من الكمال, هذا , بمعنى التقريب للفهم؛ 
لا بمعنى التشبيه؛ والعين البصيرية هي التي أشار إليها بقوله جل وعلا: « وَيسدَنولَك عَنٍ 
ألروج * أي العقل ظفل أَلرُومٌ من أمْرٍ رَقِ » أي فكروا فيه فإنّه أمر رباني لا يطلب إلا ما يرضي 
الله تعالى» ولا يغلط أبداً فهو بمنزلة نبي ورسول أرسل إليه. معصوم عن الزلل والخطأء ولا 


(1) الأحزاب. الآية 56. 
000 في الديوان: [مشكاة] بدل [المشكاةا]ء وآبي] بدذل [في]. 
(0) في س: [المكاشفة] بدل [المشكاة]ء وهو لا يستقيم بدلالة البيت. 


يدعو إلا إلى الله تعالى كأنّه عالم بما عند الله تعالى» فهو كأنّه عالم بالغيب» فهو مما يدلكم 
على أَنْه ليس بينه وبين معرفة الله تعالى حائل يراه بينه وبينه» فهو مما يدلكم أيضاً على أنه 
كالمرآة» لتجلى صفات الله تعالى والعلم به من جهة عالم الغيب» فهو ممّا يدلكم عليه على أنه 
الب ع ل ع و 0 » فالضوء هو عالم العلم؛ وفيها لكلام 

الله ولجميع ما تدركه الحواس الخمس من وجوه العبادة ما يدلكم على أنّها نافذة رؤيتها إلى 
عالم الشهادة» فهذه هي الروح: وهي الني قد أخبرتكم بقولي: ظِألَّهُ ود السَمنوت وَالْارْضٍ مل 
ور * في عقل المؤمن طَكَِشْكَوزَ 4 » أي كوّة في جدار مسجد غير نافذة يوضع فيها السراج 
مصلوحة بالهك والجصٌ الأبيض المصقول جدارهاء وجدار المسجد كذلك؛ وهي مثال صدر 
الولي» أي المشكاة» والمسجد قلبه» والمشكاة ظفِهًا 'صَبَاحٌ 4. » أي سراج؛ والسراج هو نور 
محبة الله في فتيلة الأعمال الدينية الإيمانية الصحيحة الإحسانية. لالِْصبَحٌ في نََاجِةْ . وهي 
القلب الجسماني المركب فيه العقل والأعمال الظاهرة القبلية والأعمال الباطنة. الزجاجة 
لبوق ين سجر عالم العلم الإلهي. لينم » وهي شجرة العلمى جلَاسْريَِ ولا عَرِيّةَ 4. 
أي لم تخل من إشراق الشمس من جهة دون جهة بل من جهتين؛ أو لم تكضها الشمس من 
زوال الشمسء ولا من طلوعهاء أي لم يخْلٌ ذلك العلم من شريعة دون حقيقة: أو من حقيقة 
دونها شريعة» أو من معاملة بهما دون مشكاة, أو من مشكاة دون معاملة بهماء أي بالشريعة 
والححتيفة باهيا أر لك يغرط فيهها بالذلو زعي اها لا بور لنة أو بالخريط في التضاهل البين 
حدّ ما لا يجوز له أ ولا شرقية ولا غربية؛ شمس شجرة العلم الغيبي الممد من سراج العين 
البصيرية» وهي الروحء والغربية شمس شجرة العين الغريزية والمدبرة» وهي لا شرقية يمد 
زيتها الروح دون النّْس ولا غربية يمدّ زيتها النفس دون الروح. بل يمدّ الكل. #يكاد ريما 
يضِىَءُ 4. أي العلم يضيء. هرك لَرَتَنسَسَةُ تَادٌ4. » فلاجتماع نور الزيت. وهو العلم؛ وصفاء 
الزجاج والفتيلة» وهما الأعمال» ونور المشكاة. وهي انشراح الصدرء ونور المسجد. وهي 
الجوارح الظاهرة» والإمام في المسجد الآمر الداعي إلى الله الذي هو بمنزلة رسول من الله 
الذي هو بالعين البصيرية» وهى هي الروح. والسترة الملك القاهر الآمر الذي بالعين الغريزية» 
وهو الذي يطلب المفاخره والعلو[147و] إلا أنّه إن ولى نفسه رسوله طلب الفخر الأخراوي. 
وإن تولى نفسه ظلتٍ المفاعر:التنياؤية [ ]11 في العبادةفي مستجنبهم إلا من الذي بالعين 


(1) ما بين المعقوفين كلمة لم أتمكن من قراءتها. 


المدبرة التي هي بمنزلة الساحرة المصادقة للشيطان؛ وتعلمت منه السحر والتخييل» وإن ولت 
نفسها العين البصيرية تم السرّ والكمال؛ وإن جاءهم الشيطان إلى مسجدهم طردوه وأبعدوه. 
والسراج هو محبة الله تعالى لهمء فإن نافق الآمر الذي بالعين الغريزية أو الآمر الذي بالمدبرة 
بما لا يجوز ولا يسع أو شرك ظاهراء أو باطنا ارتفعت محبة الله» وانطفأ السراج؛ لأنّ محبة 
الله تتجلى من العين البصيرية» وينطفئ سراجها مهما عرف الله تعالى منهم خلافه بما لا يسع. 
والنفسء وهما العين الغريزية» والمدبرة نظرهما إلى جهة المحسوسات فإن خرقتها بالعلم 
تلاقيا إلى جهة العلم. ولكن حيث كان نظرهما إلى المحسوسات والأشخاص والأمثال 
والخيالاات لم يكن عل ترد ينه ذللكة إلا الأنبياء فإِن نفوسهم مستمدة من من الروح اللوحية؛ 
والنفس اللوحية؛ والذات اللوحية الكلية قبل التقسيم بالأمثال» وقيل: إِنَ هذا في النبي 2 
في قلبه؛ وروحه؛ ونفسه. وصدره. وجميع جوارحه على ما ذكرناه. وقيل: إِنْ شجرة العلم 
هو القرآن العظيم» وما فيه من العلم كالزيت» وعقل النبي 28 أو إيمانه كالسراج» وقيل: إِنَ 
المشكاة هي المدينة» والبيت الدنيا كلهاء والسراج النبي 2# والزيت علم القرآن. والشجرة 
نظم القرآن الموجزء المنجزء المعجز. وقيل: إن هذا مكل في كل ولي. والصحيح أن كل ما 
يحتمله من التأويل الصحيح هو المراد بمعنى هذه الآية» فافهم!"". 
قال: 


(1)إِنَ هذا التأويل الذي يقدّمه الشيخ ناصر ب يده لآية النورء ويختمه بقوله: إِنَ كل ما يحتمله من التأويل الصحيح هو 
المراد بمعنى هذه الآية» فكأنّه يفتح الباب لتأويلات أخرى لا تقف عند حدّ بسبب خخصوبة النص وعمقه. وانفتاحه 
على مختلف التأويلاتء أقول إِنَ هذا التأويل الذي يقدّمه الشيخ ينضوي تحت اتجاه عريض بين اتجاهات تفسير 
القرآن الكريم هو ذلك الاتجاه الذي يدعم الآخذون به عقائدهم وقناعاتهم الفكرية» بحسبان أن «آيات القرآن 
سهلة يسيرة» ولكنها على سهولتها تخفي وراء ظاهرها معنى خفيّا مستتراً. ويتصل بهذا المعنى الخفي ثالث يحيّر 
ذوي الأفهام الثاقبة ويعييها يعييهاء والمعنى الرابع ما من أحد يحيط به سوى الله واسع الكفاية من لا شبيه له؛ على حدٌ 
قول أحد القائلين بالتأويلاث المتدرجة. وهكذا تصبح الألفاظ الواردة : في القرآن الكريم مجالاً رحباً للتأويلات» 
فالوضوء هو موالاة الإمام. والصلاة هي الناطق الذي هو الرسولء والغسل تجديد العهد. والكعبة هي النبي؛ 
وهكذا كل وفق قناعاته كما ذكرناء فالشيخ ناصر يدن لم يكن بدعاً في هذا الأمره بل وجدنا له نظائر كثيرة من 
أتباع المذاهب والفرق الإسلامية الأخرى وما يذكر هنا أن آية النور التي يقف عندها الشيخ طويلاً كانت مجالا 
عريضا لكثير من التأويلات الخصبة. وما قذمه الشيخ ناصر واحد منهاء ينظر عن هذا الموضوع كتاب الصلة بين 
التصوف والتشيع. د. كامل مصطفى الشيبي» 1/ 220. وما بعدهاء مع مصادره. وينظر كتاب (الإخلاص) للشيخ 


ناصرء ص 596» وما بعدهاء فقد وقف هناك عند آية التور أيضا. 


6م 


1 - وأَشهدتني كوني هناك فَكُقّه وشاهدثه إيَاي والنورٌ بهجتي"' 

يقول: وأشهدتّني -بضم التاء- أي وأشهدئُني -بتسكين التاء- ذاتي ومرآتي» كوني: 
أي نوري وكمالي الذي هو من كمال الله ونور علمه هناك» أي في عالم الجبروت» وهو 
عالم العلم الغيبي» فكنت هوء أي فكانت حقيقة كمالي هو نور كمال الله تعالى الذي 
علمتٌ به رتي» وقوله: وشاهدته. أي ووجهته إِيَايء أي وججهت إليه ذاتي وكمالي طالبا به 
وجهه سبحانه. والنور الذي أكمله في ذاتي. بهجتي: أي سروري وحياتي وبقائي فأقبلت 
إليه أطلب الكمال بكماله. وعلمه بعلمه. والقرب بفضله خالصا ليس شيء فيه ممّا يدرك؛ 
لأنَ كماله ليس فيه كدر. ولا يصلح أن يتجلى الكمال في شيء وسخ. وذلك غير محبوب 
مع الله تعالى» والمعنى أنْي كلما شاهدت كمال الله ففي الحقيقة شاهدت كماليء وأريت 
نفسي ذلك الكمال؛ لأنَ كمالي قدر علمي بالله تعالى» وحتى كاشفني الله بالعلم به زادني 
كمالاً فصار ذلك بكمالي» وصحّ أن كمال المرء يزيد بكثرة العلم بالله» وبما يزيده به ومنه» 
وكلما شاهد في ذلك أكثر شاهد جماله؛ وإن لم ينظر نفسه بعين الكمال فإِنْ ذلك. كذلك 
في الحقيقة. لا في النظرء والتزكية» والرضا على النفسء والعجب بهاء فافهم لئلا تضل 
من حيث لا تدريء. ثم خاطبه الكمال قال: 

2 - فبي قَُدِّسُ الوادي وفيه خلع تنا 22 علي على النادي وجُجدت بخلعتي©) 

يقول: فبي: وأراد فيه. أي الكمال الإلهي الذي تجلى عليه. وَإِنّما أضافه إلى نفسه إذ 
كانهو كباله وعرييا للفناته لم فيد له لا فدرها يتكملة» ورلا كمال الله للا نهاة "له 
وأراد فبذلك الكمال قدس الواديء أي نور روحه العقلية المستمدة من الروح الأعظم 
العلمية» وفيه؛ أي وفي ذلك الكمالء وهو العلم الإلهي المتجلي عليه خلعت [ن1]1© 
بالنون والألف. وهو آخر المصراع الأول. وعلىّ -بكسر اللام» وجرّها بالياء- وأراد 
خلعت نعلي بتسكين العين؛ وإنَّما زاد النون ألفاً وفتح [147ظ] العين ضرورة لإقامة 
الوزن» ورواه بعضهم: خلعت خلع نعليء وهذا فيه قصور بيان ما خلعه فليس كذلك» 
والأول أصحء وأراد بالنعل هنا الكائنات» وفيه بمعنى في طلبه لمشاهدة ذلك الكمال» 
(1) في الديوان: [وأشهدته] بدل [وشاهدته]. 


0 ب ل للد 


وقوله: على النادي. وهو المجلس واستعاره لمقام الكمال. وملازمة مقامه فيه. يقول: 
وفي ظَنْي مشاهدة ذلك الكمال الإلهي» وهو تجلى علمه عليَّ» خلعت: أي نزعت نعلي. 
أي حجب الكائنات كلها حتى لم يبِقّ بيني وبين مشاهدة الله تعالى بالصفات لا بالذات 
حجاب أبدأًء ولا مثل مثقال ذرة حائلة بيني وبينه. أي شاغلة لي عنه؛ فإنّ الحجب هي 
الشواغل من مشاهدة الأغيار والاشتغال بهاء وجَُدت بخلعتي: أي وسلكت إلى مشاهدته 
لأكمل ذاتي بذلك بخلعتي عن شواغل الأغيار إذ لا طريقة موصلة إلى هذه المراتب 
لمن شاءها إلا بخلعهاء وكيف يشغلني. ويكون حجابا لي بيني وبينه من هو تحت قدمي 
كالنعل» وأنا فوقه» ثم خلعتها من قدمي لثلا يكون شيء منّى هي متعلقة به. وهذا ما يدل 
على أنه #6 فوق جميع الكائنات. وأَنْها كلها كالنعل أي كلها دونه. لا أنْها مثل نعله؛ لأن 
فضل الأنبياء والرسل والملائكة لا يصمٌ أن يمثلوا كنعل النبي 5#6» وإِنْما استعار هنا النعل 
بعض معناها للدون لا للمثل» ولعدم الحاجب الشاغل له عن الله. فإِنَ الملائكة كذلك 
ليس بينهم وبين الله حجاب مثل الناس قد شغلتهم رؤية المحسوسات عن رؤية الله تعالى 
بصفاته وقوة الحضور معه, فكانت الأنوار في حقّهم ظلمة» والظلمة ظلمة» فتساوت معهم 
الأنوار والظلمة؛ والليل والنهار كله ظلمة» وأمًا المكاشفون بكمال الله تعالى الذين هم قد 
اخترقوا الأكوان بنور العلم بالله حتى انتهوا إلى حدّ لا ينظرون إلا نور العلم بالله تعالى» 
فيكون في حقهم الليل أنور من ضوء الشمسء وليس النهار بأضوأ من الليل» ولا الليل 
أضوأ من النهار» بل كلّهما متساويان نوراً عظيماء واعلم أن نور الله ليس هو أبيض مثل 
نور الشمسء وإِنّما النور استعارة للكمال؛ لأنَ النور أكمل من الظلمة كما استعار أصحاب 
اليمين لحزبه. وأصحاب الشمال لحزب الشيطان. ولا يوصف الله باليمين ولا بالشمال» 
ولا بالنورء ولا يسمى النورء ولا يجوز أن يوصف به على المفهوم, وقوله تعالى: ل#أللّهُ 
نور ألسَمنوتٍ وَالْارْضٍ 4. أي نور العلم به» وهو نور معرفته في السموات والأرضء وفي 
كل ذرّة من ذرات الوجود. فافهم ذلك. 


قال: 


607 


3 - وآنشتٌ أنواري فكنتٌ بها هدىٌ وناهيك من نفس عليها مضيئة!) 

ل ل ا 
وسماعه خخطاب الله إمَا بالإلهام. وما بوحي جبرائيل | ققلاء وهو الأصح في حق النبوة 
وقيل: إِنَ الله خلق صوتاً يتكلم من غير واسطة يخرج منه ذلك الصوت. والله على كل 
شيء قدير» ولو صم لجاز أن يقال ذلك كلام الله» وصوت الله بمعنى التمليك أنه صوت 
لله. وأمّا وصفه بأن الله له صوتء ويتكلم بالحرف فلا يجوزء وإِنّما كلامه بالحرف. أي 
نه من خلقه. وأنّه خلق الحرف والصوتء. فمخلوقاته تتكلم بالصوت وبالحرفء؛ وهو 
يتكلم بهما بالقدرة التكوينية» لا أن ذاته تكلم بهماء تعالى الله أن يشبه خخلقه. أو امشدهه 
خلقه بشيء علوًا كبيراء : فجميع فجميع المخلوقات لسان الله تتكلم بتسبيحه؛ أي بلسان الله 
وكلماته» أي وكلمات الله وقوله: وآنستء وأراد وآنست أنوار كمال العلم بالله بأسمائه 
ويصفاته» وصفات أفعاله؛ وإنّما أضافها إلى نفسه؛ لأنها صارت عالمة بذلك فأخبر عما 
تجلى له من أنوار كمالهاء لا إلى ما لم يتجلّ له [143و] ممّا هو وراء ذلك من الكمال 
الذي هو بلا نهاية» فصار بقدر ما تجلى له من أنوار كمال الله هو نور روحه؛ وهو كماله 
فأضافها إلى نفسه إخبارا بأنَ أنوار كمال الله ليس نهايته الذي تجلى ليء ولا زيادة» وإنّما 
أخبرت بما تجلى لي إظهاراً أنه لا نهاية لجماله وكماله جل وعلاء وقوله: فكنت هدى لهاء 
فاللام هنا بمعنى إليّ. وهدى بمعنى مهتدياء أي فكنت مهتدياً إليهاء وناهيك ثناءً ومدحاء 
أي: وأين نهاك يدرك؟ والنهى العقلء أو أين نهايتك في الإدراك؟ أو أنهيك أن تظن أنك 
تدرك» وفي كل وجه أن تدرك كمال نهاية وغاية برؤيته وتحقيقه من نفس عليها مضيئة 
أنوار أسماء الله» وصفاته. وكماله» وعلمه؛ ومن نفس كمالها من كمال الله. إن كنت 
ترغب إلى الكمال؛ فالكمال الحقيقى معرفة الله تعالى فتعرفه بمعرفة هى معرفته بنفسه 
بتلك المعرفة» فافهم ذلك. ْ ْ 

قال: 


(1) في الديوان: [لها] بدل [بها]. 
(2) يقول تعالى: وهل أَنك حَدِيتُ مُوسَىَ 57 إذ انرا قال هيه أمكثواً إِيَ ضمت ناوا لع انبكر ينا مين أو أَحِدُ عل 
آلثار هذى ؟. م إن ريك أل تلك إِنَكَ الوا قدي لل 4 طهء الآيات 12-9. 


68 


4 - وأسّست أطواري فناجَئْتي بها وقضيت أوطاري وذاتي كليمتي 

تقول أكموف: والآاستافق هو اول بثاء التعدافإن كان الأساسن قورا كان البتنات قوياء 
وإن كان ضغيفا كان ضعيفاء وأراد هنا: واحكمت أسامن بنيان أطواريء وهى مراتت 
الأعمال الدينية» ودرجات وسائلها التي أولها التوبة) والكسااس يتن جعيافا ريك 
التخليص على موجب الشريعة والحقيقة. والمكاشفة الظاهرة والباطنة» والعمل بما يلزم 
فرضاً أو ندب أو استحباباء وترك ما يلزم تركه فرضاًء أو ندباً في تركه. وهو المكروه. أو 
استحبابأء واعتماد ما يلزم اعتقاده نفيا أو إثباتاء أو كراهية أو بغضاًء أو محبة ورضاء وكمال 
المرء بتحقيقه على الاستقامة في كلّ هذاء وما عدا الفرض فعلاً أو تركاً أو اعتقاداً فهو نفل 
ووسيلة» وأفضل الوسائل بعد الفرض ترك المكروهاتء والعمل بالمندوبء. وقيام الدين 
كالإمام» أو ماقام مقامه في موضع نفله. والجهاد وتعليم العلم في موضع نفله؛ والسلوك 
إلى الله تعالى بطريقة المحبة والمكاشفة بالحضرات الإلهية من الأفعال إلى أسماء الذات 
إلى حضرات الجمع» وأمَا النبي 8 فإلى حضرة أحدية الجمع. وأحدية جمع الجمع. 
وهي حضرة الصحو فيها. يقول: فأحكمت أساس كل مرتبة من هذه المراتب التي هي 
خالانين فناجيئّني بها -بضم التاء- أ ناحيف آنا نفسي. وأراد وناجتني -بتسكين لاف 
هي أي المقامات والحضرات. وأراد فدعتني هي إليها بهاء أي بمشاهدة جمالها وجلالها 
وكمالهاء فكان سبب إخلاصي في الأطوارء وسبب تجلي تجليها علىّ هي الداعية لي 
إليها فأجبتهاء وقضيت -بتشديد الضاد- لا بمعنى قضيت حاجتي واستوفيت» أي وبلغت 
منائى فى أطواريء أي حاجاتى وكانت ذاتى كليمتىء أي هى الداعية إلى السلوك لثلا يظنّ 
أذ اليك كن له احاراني الطاعة و العف وأ يمور عن زللدة وييدل الع 
السابق جبرا فإِنَّ العلم غير الجبرء وفيه معنى آخر قوله: وذاتيء أي وذاتهاء وذات تلك 
الكمالات العلمية» وأراد ذات العلم بالله لا ذات الله تعالى هي كليمتي, وهذا نفي لمن 
قال إِنَّ الله تعالى تكلم ذاته عبده بالصوت. بصوت غير مخلوق فدل على أن الكلام إِمَا 
بالإلهام. وإمَا بالدلالة» وإِمّا بالصوت المخلوق. وأنْ الله تعالى كلمني بأحد هذه الثلاثة 
لا غيرهاء وأضاف ذات العلم المكلم له إلى نفسه حيث صار العلم الذي علمه كمالاته 
ولذاته متحد كمالها بكماله فأضافه إلى نفسه. ولإضافة ذلك كله إلى نفسه معنى مفيد 
يشير إلى الأسبابء والقدرة على الاختيار» وأنه لابد للمرء من السعي من نفسه. والجهد 


والاجتهاد. وخلافاً لمن نفى صحة الاكتساب. وأنّ علم المرء منه كسبي لابدّ منه فافهم 
ذلك. ولثلا يوهم أن ذات الله كلمته بالحرف والصوت. أو بصوت غير مخلوق بلا حرف. 
وفهمه وإِنْ ذلك باطل. 

[148ظ] بيان: 

واعلم أن من شأن العالم الفصيح في الشعر إذا أراد أن يتكلم في شيء من العلوم أن 
يبدأ بأول') نظمه ببيت دال معناه إلى العلم الذي يريد أن يتكلم فيه» وإن قدر أن ينظمه 
كالجملة كان أقوى, ثم يذكر مجملات يكون الذي يأتى بعده كالتفصيل لها ثم التفصيل» 
فإذا أراد الختم بمجمل ما فصّلء بمجمل يشير إلى تفاصيل ما فصّله من تأويله ليكون 
شرح ما فصّله أيضا مجمله في تلك الجملء ثم يختم التكلم ببيت جامع كثيرا لمعان يصحّ 
الختم عليه كأنّه ليس بعده شيء من الكلام يليق أن يؤتى بعده. كما جاء الختم في كل 
سورة من القرآن العظيم؛ وأشعار الفصحاء البلغاء» وكذلك في التثره فسلك هذا الناظم 
هذا المذهب فهو فى هذه الأبيات يأتى بمجمل ما فصّلهء وهى تشير إلى معانى ما تضمنت 
فصوله التي تخرج بالتأويلء وبتأويل التأويل منهاء فافهم ذلك. 

قال: 

5 - فبدري لم يأفل وشمسيّ لم تغب وبي يهندي كل الدّراري المنيرة 

يقول: فبدري: أي نفسيء وهي العين الغريزية والعين المدبّرة من العقل الناظرتان2) 
فى المحسوسات الحاجبة عن رؤية نور كمال الحضرات الإلهية بالاشتغال إلى نظر 
ظواهرهما عن بواطنهاء مع أنها هي الدليل على معرفة الله تعالى فهي الحجاب المظلم 
المانع» وهي الدليل والنور الموصلء يقول: فبدري لم يأفل» أي لم يحجبه حاجب عن 


(1) يتحدث الشيخ ناصر تنه حديث الخبير العارف بأوضاع الشعر العربي؛ فهو يقصد ما يسمّيه النقاد ب (براعة 
المطلع) أو (حسن الابتداء). وشرطه «أن يكون المطلع دالا على ما بنيت القصيدة عليه من غرض الشاعرا 
على حدّ قول صفى الدين الحلى. ويقصد أيضا ما يسمّيه النقاد ب (الانتهاء) و(حسن الخاتمة) و(براعة الختام)؛ 
والانتهاء «قاعدة القصيدة وآخر ما يبقى منها في الأسماع. وسبيله أن يكون محكماً لا تمكن الزيادة عليه ولا 
يأتي بعده أحسن منه» على حدّ قول ابن رشيق القيرواني, ينظر عن المطلع والانتهاء معجم النقد العربي القديم: 
د. أحمد مطلوب. 239/1» وما بعذهاء و|/278. 

(2) في الأصل: [الناظرتين]؛ وما أثبناه من سء وهو الصواب. 


620 


الله بشاغل أبداء وشمسي: وهي روحه. وهي العين البصيرية التي هي على جهة عالم 
العلم الغيبي الذي لا وجود معه. فليس بينهما وبين تجلي العلم بالله حاجب كون من جهة 
عالمها القلمي فهو لوح محفوظه الذي ينتقش عليها قلم القدرة الإلهية؛ لأنها مستمدة من 
اللوح الذي على جهة القلم» فلم تغب: أي لم تشتغل عن الله بشيء طرفة عين إذ الأصل 
أنه لا شيء هناك حاجب كون يشغلهاء فهي بخلاف العين النفسانية» وهذا يدل على أن 
العين الغريزية والمدبرة كالقمر لا ضوء لها إلا إذا تجلى نور العلم بالاكتساب للعلم 
والعمل بالإخلاصء والموافقة فيما يرضى الله تعالى؛ ومن بعده المكاشفة؛ وقوله: وبي 
يهتدي كل الدراري المنيرة: أراد بالدراري'!2 النفوسء, أي ومن كمالي وسلوكي تهتدي 
النفوس المنيرة بالكمال» وهم أولياء الله تعالى» بدليل أنه هو إمام المتعبدين بالكمال» 
فافهم. 

قال: 

6 - وَأَنْبمْ أفلاكي جََرَت عن تصرّفي بملكي وأملاكي بملكيّ خَرّت 

يقول: ويحتمل لقوله: وأنجم أفلاكي معان كثيرة؛ وكلها أرادها: الأول: أنّه أراد بأنجم 
أفلاكه جميع أولياء الله تعالى» واستعار لعالم العقل الأكبر الذي هو عقله بالأفلاك 
إشارة إلى العيون الثلاثة منه. إضافة إليه» واستعار لنوره الشمس والقمرء وهو نور العلمء 
وللرسل والأنبياء والملائكة بالدراري المنيرة» ولبقية أولياء الله تعالى بالنجوم» وأنهم 
كلهم كما قال: جرت. واستعار الجري لدوران الفلك. كذلك دوران نوره على الأولياءء 
وأراد بجرت هنا بعض معناه. أي رويت لهم عن تصرفي في سلوك الطاعة والإخللاص 
فيها لله تعالى» وأراد بذلك أنّه إنما أفيض عليهم من بحر كمالي» ولكن لما كان فيضان 
البحر والأخذ لابدٌ أن ينتقصء كانت كلمة رويت لهم عن تصرّفي أكملء لأنَّ ما يروي 
الشيء من العلوم عن أحد لا ينقصه فكان معنى جرت عن تصرفي لا من تصرفي أكمل 
معنى. وقوله: بملكي يحتمل ضمٌ الميم؛ والمعنى تصرّفي بملكيء أي بملك نفسي 
حين ملكتها وصرفتها على ما أحببت. ويحتمل بكسر الميم فيكون المعنى عن تصرفي 


(1) الدراري جمع مفرده درّيء وكوكب درّي ثاقب مضيء. ينظر العين للخليل. ص242, ويلاحظ البون الشاسع بين 


681 


بمملكتي التي هي نفسي لأملك -بضم الميم- للتصرف الفعلي. وبالكسر للمتصرف فيه 
وأملاكي: أي روحي ونفسي الغريزية والمدبّرة» وصفاتها الأربع التي هي السمعء والبصرء 
والنطق [149و]» والقدرة» ومظاهر أفعالها وأعمالها الإيمانية» بملكي يحتمل أنه - بضم 
الميم - أي بتعريفي لها جرت مذعنة لأمري وطاعتيء وهي في الحقيقة أذعنت لنفسها؛ 
لأنَ قول المرء أطاعتني نفسيء أي نفسه أطاعت نفسه هذا من حيث الجملة في العقل. 
وأما في الحقيقة فالنفس أطاعت الروح؛ لأنْ العين البصيرية تأمر بالخير» والمدبرة بالشنٌ 
وثالث ملك قاهر معهما مأمور بطاعة هذه. وخلاف هذه. وهي العين الغريزية والنفس 
فهي كالملك القاهر القوي معها. ويحتمل أنه -بكسر الميم- أي أذعنت لقوة مملكة ذاتي» 
وقوتها هي كثرة ما احتوت عليه من كمال الحضرات الإلهية» وأيّ مملكة أعظم منها إلا 
مملكة الله تعالى في الكمال والملك. 

قال: 

7 - وفي عالم التذكار للنّمْس علمها ال 2١‏ مقدَّمُ تستهديه متي فيئني') 

يقول: والنفس علمها في عالم التذكار المقدّم» وهو العلم الأول الذي كان ظهوره 
بالتجلي الإلهي بالصفاتء. ومن نوره كان وجد القلم الإلهيء وهو نوره كك وليس هو في 
الحقيقة قلم صوريء وإِنما هو قلم معنوي. وليس النور نوراً صورياة) وإنما نور معنوي. 
وهو ظهور القدرة» وتجليها بالفعل في العقول. وفي العقل اللوحي. مع أن العقول كلها 
مستمدة من العقلي اللوحي كإمداد الهواء من كوّ البيت إلى البيت» أو إلى عين الإنسان. 
فالروح كالعين التي تنظر إلى الهواء؛ ولا ترى شيئاً إل هواء. فهي كذلك إلى عالم العلم 
الذي لا وجود معه. وهو العلم الأول» والنفس علمها يحتمل علم مثالهاء فيكون هكذا 
مثال علم الروح والنفس علمها هو أنَّها مقبلة إلى جهة عالم المحسوسات,. ويصمّ أن لا 
يشتغل بالنظر إلى المحسوسات بل إلى العلم التي تراه الروح من جهة عالم الغيب » وهو 
عالم التذكار حتى تشاهد ذلك العلم فيلتقيان إلى رؤية واحدة» وحقيقة وحضرة واحدة. 
فكما هذه ترى عالم العلم لا شيء حائل بينها وبينه. فكذلك هذه لغفلتها عن رؤيتها إلى 


(1) في الديوان: [فنيتي] بدل [فيئتي]. 
(2) في الأصل و[س]: [نور صوري]ء وما أثبتناه الصواب. 


622 


المحسوسات,. أو تراها ولكن تراها كلّها علماًء فإن كانت علماً كرؤية الروح فهي حضرة 
الجمع لاجتماع حضرة الروح وحضرة النفس معا في رؤية العلم بالله. وإن كانت تراهاء 
ولكن ترى صفات الله تعالى بها وتجليها عليهاء فهي الحضرات الظاهرية التقييدية. 

واعلم أن قولنا: العلم الأول هو هذا العلم لا غيره» وإِنّما نسميه العلم الأول؛ لأنه 
ظهر وجوده قبل وجود كل شيء. وظهوره باق لم يزل» وهو الذي تجلى به على عالم 
المتستريات لغيه دإذا عرفحة3 للك نهو يكرل :و سيل كمال الس العم كديا أى 
غيبة مشاهدتها في عالم التذكار» وهو عالم العلم القديم الذي ظهر بالتجلي الأول فتكون 
به نورا برزخيا فإذا غابت هناك بغفلتها عن رؤية الأغيار فقد التقت مشاهدتها ومشاهدة 
الروح. وحصل كمال علمهاء وقد تكون الروح قوية النظر في المرءء والنفمس ضعيفة» وهو 
وليّء فيكون قوي الإيمان قليل العلم» وقد تكون النفس» وهي العين الغريزية والمدبرة» 
قوية الروح ضعيفة القوة» فيكون كثير العلم» أو حكيم الصناعة» ضعيف المحبة والرغبة 
إلى الله تعالى» وقد تكون كلتاهما قويتان» ولكن عليها حجاب الرَيّنء وهو أثر الأعمال 
المخالفة لله تعالى» وليس كل أحد يقدر أن يخترق الوجود بعقله. اللهم إلا أن يكون 
بالاسم الخماسي فإنّه يفعل بالخاصية» وهو مخصوص لكشف الحقائق؛ فافهم. 

وقوله: تستهديه مني -بفتح الياء وتشديدها- فيئتي. والفيء هو ظل الشيء» من وراء 
جهة الشمسء ويحتمل الاستعارة ما أراده بهذا الظل الروحاني المظلم الذي كان سبب 
ظلامه احتجاب ضوء الشمس عنه معنيان: أحدهما أنه استعاره للنفس التي هي الغريزية 
والعين المدبرة. وتستهديه: أي تطلب هدايته منيء أي منها وبها [149ظ] فهي تطلب مني 
وصول عالم التذكار بمعرفتها نفسهاء وبمعرفة ريّهاء ويحتمل أنه أراد فيئتي» أي تركيب 
صورتيء وتطلب هداية علمهاء أي مكاشفاتها من صورتها أوَلاء ثم من صورة الوجود 
حتى يخترق الكل. ويحتمل أنّه أراد وتستهديه. أي وتطلب هداية مكاشفة عالم التذكار 
الذي يكون في الأصل من نوره الأول في الإيجاد منه فيئتي» أي رجوعي حين ظهرت في 
عالم الشهادة؛ فلم يكن لنفسه قرار إلا أن ترجع إلى عالمه الأول الذي كانت في القديم 
منه» فرجعتي إليه هي تدعوني إليه. وتريده فيما أن أسلك إليه. وأرتقي إليه. وفيه معنى 
آخر: تستهديه؛ أي تطلب بيان الاهتداء إليه فيئتتي» أي طائفتي من أهل الكشف وأنّه لأقرب 


إلى فهم السامع. فافهم. 

قال: 

8 - فَحيّ على ججمعي القديم الذي به ١‏ وجدتٌ كهول الحَىّ أطفال صبيتي 

يقول: وقد استعار كلمة من الأذان الذي يُدعى به» ويحثٌ به ويشوق به على 
أفضل الأعمال. وهى الصلوات المكتوبة؛ ومعنى حيّ علىّء »أي هلم على فعل كذلك 
باستحثاث» ولك تهنا ا المعنى المقضود به؛ لأنه لا يحفٌ أحداً على الإجابة بشىء 
موسر [لعدوه قد ويه نع ال الو هناك ان لاوم عادنية للذانانا اح 
الصلاة والعبادة» وأصلي وأصوم. وأعكف بذلك المقام بالمشاهدة للكمال الإلهي» وهو 
مقام حضرة جمعي القديم؛ أي حضرة التجلي للكمال الذي تجلى , به علي الله تعالى كله 
جملة في كلّ لحظة لا كتجليه من الحجب لغيري من المكاشّفين شيئا فشيئاء وأما أنا فأنظر 
حضرة غيبي» والوجود هو علم واحد متحد. وكمال واحد متّحد كأنه العلم الأول الذي 
تجلَى به الباري في أول الظهور حيث لم يكن شيء مكوّن معه. 

واعلم أن ذلك العلم الذي تجلى به الباري هو غير مخلوق؛ لأنه علم صفاته وكماله. 
وقوله: كهول الحيء والحي الأهلء والكهول المقاربون الشيب. وأراد بذلك جمعي الذي 
وجدت به في الحضرات من أهل المكاشفة من جميع الأنبياء والرسل والملائكة كلهم مع 
ذلك الكمال كأنهم أطفال الصبية. أي بعدهم في بداية صغورية صباهم كأنهم لم يبلغواء 
أو لم يرتقوا إلى مرتبة» ومرتبة النبي كَل في حق ما رآه. كذلك إلا أنهم هم كانوا في حقّ 
ما شاهده هو. وكمال بمشاهدته. وهذا خطاب بلسان حال مقام كماله فلا لوم» إذ ليس 
بلسان حاله بنفسه. فافهم. 

قال: 

9 - ومن قَضْل ما ْسْأَرْتُ شُرْبُمُعاصري 2 ومَنْ كان قبلي فالفضائلُ قَضْلتية'' 

يقول: ومن فضل: أي من بقية ما أسأرت -بتسكين السين, وفتح الألف الذي بعده. 


(1) القصيدة في الديوان واحد وستون وسبعمائة بيت؛ بمعنى أنها تنقص هنا بمقدار بيتين» ولعل نسخ الشيخ 
ناصر يكت كانت هكذا. 


وبتسكين الراء وضمّ التاء- والسؤر هو الفضلة الباقية من الطعام بعد أكله. أو الشراب» 
يقول: ومن فضلة ما أبقيت من شرابي شرب معاصريّ الذين هم في عصري منذ ظهرت 
بالدين الإلهي إلى يوم القيامة من أولياء الله تعالى» ومّن كان قبلي» فالفضائل التي أفيضت 
عليهم فهي فضاتيء أي بقية طعامي الذي أكلته. واستعار الأكل والشرب الصارحين لأنَّ 
بهما قوام الإنسان» ولولاهما لم يقم تركيب الإنسان, ولا ثبت عقل إنساني في جسم؛ لأنه 
لا يبقى حيا بغير الطعام والشراب. وفي ذلك إشارة إلى أن بقاء الحياة الطبيعية المستمدة 
من الطبيعة الكبرىء والممتزجة بالطبيعة الوسطى هي بين السماء. والأرض لا قوام لها 
في الهيكل الإنساني إلا بهماء ولا قوام للروح والنفس العقليتين إلا بقوام الجسد. ولا 
قوام للمعرفة بغير عقل» ولا قوام للعلم بالله بغير معرفة بهء وأنّ الروح كذلك لابدّ من 
سقيها من تجلي بحر العلم الإلهي, وأنْ النفس لابد من تغذيتها بالعلم والعمل [150و] 
وكذلك الجسد لا قوام إلا بحرفه بأداء الطاعة لله تعالى» كما لا يحصل الطعام والشراب 
إلا بالعناء» وفي الشراب والطعام إشارة إلى منافع الماء» وتوليده من السحابء وانفجاره 
من الأرضء وإلى إنبات النبات» وتوليد الحيوان والمعادن» وتكوين السحاب بالحرارة» 
وبالأركان» وبالشمس. وبدوران الفلك ما يحرّك الفلكء وارتباط الأشياء بعضها ببعض 
ا ل ال ل م ل 
زرعهاء أو ما: نبتت أصلاء وفي ذلك من الارتباط من أول التكوين إلى آخر التكوين. وإلى 
يرم القادةاودافن أنثاك ذلك من انثلة الخلم:والقران العظي فى نزول المنظر» توي 
في الأرضء وانفجاره كنزول العلم على أراضي القلوب. وثبوته في قلوب المؤمنين. 
وانفجار العلوم منها بسبب ذلكء وما يذهب جفاء كنزوله في قلوب غير الأولياء» ومايدل 
على كثرة العلوم وتعدادهاء وما في ذلك من الأمثال. وما لا يصلح للغذاء. وما يصلح 
للنموء وما يفسد النموء وما يصلح التوليد, وما لا يتولد. وما يستدل به كذلك على طريق 
السلوك إلى العلم بالله» ووجوب العبادة له وأنّه لا يصلح الإخلاص بدينه الحق» وسلوك 
المشاهدة بعد ذلك بسبب هذه المشاهدة. وأنّها فانية تدعو الحقّ على الحثٌ» وما يدل 
دسو ابيع إلى وا لياه دلت روا ملي لل تبرج زد اليكه وعدا جه ومعاني 
يعافا !ا زار را لأففي اقرخ إلى الف مجلدة ة كاملة متصوفة. ولعلك إذا اعتبرت تفصيل 


(1) معنى المعنى هو المعانى الثوانى. وهو أساس الإبداع. وقد فرّق عبد القاهر الجرجاني بينهماء فالمعنى هو 


655 


جُمل ما أجملت لك اتّضح؛ لأنّه يمكن أن يشرح جميع ما تكلم به في نظمه من هذا البيت 
إلى غيره من العلوم؛ وإنما أشرنا إليه لمن منَّ الله عليه بالهداية وبالله التوفيق. 


وهذا آخر كتاب إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك الملوك. ولا حول ولا قوة 
إلا بالله العلي العظيم» وصلى اللهم على سيدنا محمد وآله وسلمء تأليفه ثامن رجب سنة 


3 بالردة من سمد نزوى!). 


المفهوم من ظاهر اللفظ والذي تصل إليه بغير واسطة. أمَا معنى المعنى هو أن تعقل من اللفظ معنى ثم يفضي 
ذلك المعنى إلى معنى آخرء والمعنى الآخر هذا هو مقصد ابن الفارض من تائيتيه الصغرى والكبرى. ومقصد 
الشيخ ناصر أيضاً من شرحه هذا الذي انتهى منه؛ ينظر عن معنى المعنى معجم النقد العربي القديم. د. أحمد 
مطلوب. 2/ 326. 

(1) وجاء في آخر س: [وكان تمامه يوم الإثنين نهار حادي من شهر شعبان من سئة 1288 على مهاجرها أفضل الصلاة 
والسلام» نسخه للشيخ والده وصفي وذه الثقة القاضي خلفان بن حاكم بن إسماعيل الإسماعيلي الحميري 
الإباضي بقلم الحقير راجي رحمة ربّه القدير أفقر خلق الله وأحوجهم إليه سالم بن علي بن ناصر بن علي 
الإسماعيلى بيده]. 


الفهارس 


اضاءات: 

1م يذكر في هذا الفهرس أسماء الرسول محمد صل الله عليه وسلمء وابن الفارضء والشيخ 
ناصر الخروصي لكثرة ورودها في ثنايا الكتاب. 

2. أهملت(ابن) و(أب) و(أل) التعريف في هذا الفهرس. فابن عباس في حرف (العين)» 
وأبو بكر في حرف (الباء) والغزالي في حرف (الغين) وهكذا. 

3 إذا تكرر العلم في الصفحة الواحدة غير مرة يكتفى بذكره مرة واحدة في هذا الفهرس. 


آل عمران 
النساء 


النساء 
النساء 
النساء 
المائدة 


المائدة 


المائدة 


30 


63 


235 


2155 


31 


144 


59 


00 


592 


230 


54 


83 


#بؤْمنونَ بلص » 
ا ل 0 لك سخ ني مرو ساس ص فس يعرم 
جتَإذ كال رَبك إِْمليكةٍ إن جَاِلٌ فى ارس حَلِيمَة كَالوا تحمل 


كن اليك رش ا 0 0 
ديمع 4م بي م م مسرت 
#ولا يحيطون بثىء مَنْ علمه: إلا يماشاء # 
جا 42 > اص ا م سرع مر و مر د ب يي ري 
هيُتٍ الْحِحكَمَهٌ من يناه وَمَن مُوْنَ الححكمة هَعَد أوقى حرا 
2 


وي اطي نَ وَيحبالْممَطهَريتَ 


١‏ م رو ب 


#أرن كيف تح المُونَ » 

تدان لمم ا ف فين التقدًا كه متتل ف ييل الله 
لق سكن يورتو وكلتية زأعت القى ولق ويه سر من 

سه » 

قل إن كنسم تو نَأللهأتعُوفٍ يُحِ بك أل » 

#فلن يصن صُرَأسَهَ سَيِمًا » 


لأَطِيموأ اله ايم الت » 


تن ملع الول كذ اع م وص وَل هآ سلتَك عليه 


9 إِنَمَا الْمَسِيحُ يس أبن مرجم رَسُوفٌ لَه وَكَلِمنُهُ: ألقَنهَآ إل مَرْمَ 
روح منْه» 
32000208 2 
« فطوعت لهم نفسه, » 
ع ووه 4 


مر ته فيض هرس الذمع »# 


6609 


6211 


5209 


630 


3048 
99 


3048 


308 


5+4 (ح) 
655 6“ 


17 


417 


3 148غ. 
465 
46 


المائدة 263 #وإداسيعواً وأ مآ أ لال اكول » 201 


سر آئ كي ملسلل 9 ٠.‏ 4 
جكتط يبان َك لْخَكَمَهَ والأرصت بإذفي وإذ رج 
المائدة 110 #ج مرح 53 53/13 
الموق بإذفى # 
ظ ع لير عر مصرظ ص م سر عله سر 
الأنعام 05 نر إِبْرهِيمَملكوت السَمووْتِ »# 566 
0007 ع - ار مسرل مل بم برع 
الأنعام 5 # و ا مَواتِ وَالَْرْضٍ » 164 
0 27 ل موف عر لير ل سر لي ته ريصم ريم ار سم لل 
هكلم جَنَّ عَلَنهِ لجل رءا كوك قَالَ هَنْذَارَقٌ َنَمآ قن مَالَ 1ك ا 
يو ثلا 4 ## بير صر عي علي مر رار عه مرم ساعد 6 ا وه 2 
الأفلييسته (20 فَلَما را الْمَمَرَ بزعا قَالَ هَْذَارَق فلْما أَفلّ قَالَ لين لم 


28 _ 4 :لد ص مو عم ا .0 لي سدع ص ل صن سل مس َه 

الأنعام ”7 عدف وق لَأَحكُورت مِنَ لقو وٍألضًا ين 7007 فلم | الشَمس بازْعّة 286 

َال هنذا رق 1 ما أ فل يمر إفِ بر هما فون 

4 

تت 
الأنعام 2 279 «وَحجَهت وَجهىَّ لِلذى فَطرَ لومت والأرض» 165 

0 

الأنعام 1 21 ومَاهدروااه حَنّ قدرو» 3102 


مج الى عر ل بس رس اخ #ح وى ل عرس 2 يكم 
الأنعام 103 طلَاتْدَرِحهَالْابِصرُوَهْوَيدَرِكُ الأَبَصَرٌوَهْوَ اللَلِيكُ للْيِيرْ 4ه 329 


0100 بغر 4 ايوم 5058 62 

الأنعام 149 طقَلوْسَاء لهِدَسْكم أمَعِينَ ا 

5 ا 
الأنعام 151 َلك وصكميد.» 579 
الأنعام ‏ 152 هوَلَاتْمَربوأْمَالَلَتيِ » 10001 
الأنعام 4 دلا زر وَازِرَةٌ وير أي » 1027 
الأء اذ 1 «وَلمًا 2 موسئ لميقلدِنًا ولمة رَبَّهُدقَالَرَبَ أرقي أَنظر إكلت 9 164غ 

عر فيه 34 لاعن ضع سرس ل حدس ممه سر ع سس عير مم 2 

َالَ أنترن ولك أنظ نل الْجَبَلٍ قن ن أستَفر محكانه, فسوف ترنتى » 23130 

1 لمع 0 2 2 594غ 
الأعراف 163 نوأ يفسقون 

عر بوهم يمأ ١‏ 66 


5 


الأعراف ‏ 163 0 لَى كات خَاضِرَةَ التخر »# 292 


الأعراف ‏ 172 #ألسث فك روك الوأ »4 477 


م عر فر . 

كيك ماي وى ا شهدم عل أنميِيم 6 358 

3 2 5 2 م ريس لخت جر ل م ا هذا لك 3 
الأعراف ‏ 172 لست ربكم قَالواأ لوأ بق سهمدنا أن تَمُولوا بوم لِْيَمَةٍ إن حكُنًا عَنْ 


غلفإين » 
الأعراف 2 178 « مَنَبَبَدَأضهفَهوَالم َدِى ومن يُضِلِل مأوْلَهِكَ هم اليِرُونَ 4 160 


م 
- 


الأنفال 6 © كما مُسَافوْنَ إل ألْمَوْتِ » 5 (ح) 
التوبة 2 28 طَلَايْفْرَنوا لْمَسْحِدَ كرام بَنْدَ عَامِهِمْ هسددَام 140 
التوبة 33 طلِظهرَه عل لدي كُة ولوَكَرِء المترؤت > 60 

التوبة 08 «رضوا بان يَكوامَمَ الْحَوَالِقِ » 271 
التوبة 9 طعل سَمَاجْرْقٍ هََارٍ » 175 

ش وِلَقَد ةكم روك - يِنْ أَشِعَكُمْ عَرِي َيِه مَا عَنِشَرْ 
اذ 3 عربيشل تتتصكم بالئؤبييت كرك يسمةٌ» 

لوعن و03 بل كَدَايمَا ل حيطوأ بعلمه- » 158 
هود هلِبلركْ يخ لَسَنْعَمَلا» 54 
هود 045 طَإِدَبنِ ِنْ َمل »م 50 


هود 007 #إِيلك لانت الْسَلي أَلرشِيدُ # 6 (ح) 
«وَقَالَ نسْوَءٌ في ألْمَدِيسَةِ أمرآث العزير يدود فدهَاعَن تَفْسِه- قد سَمَقَهَا 

يوسف 2 779 طَننّ متكا عل وَدَو تكفا لخزح عن لا هأرق 3+9 

يوسف 0 42 «أذكرّن عند رَيْلكَ » 52 

يونف 2-847 ديفت عناء يرت الخزن مَه و كظيع. »4 114 


يوسف 0 94 ظإؤِّلأجدٌ ريح يُوسّتَ» 5 


يوسف 6 ظطفارتد بصِيرا » ]5 

الرعد 2 طَوَلِكُلْهْرِمَادِ)م 5 

الرعد 1 طلَرَيَمَاءانَهُ لَهُدَى َلنَسَجَمِيمًا» 668 

إبراهيم 4 مضل دمن يْمَاآءُ وَتَهَدِى 2 *4 656 
00 


إبراهيم 02 « هلذابلع لِلناس »# 559 
0 09 9 وَإِذا سَيَّسْهُء ونَفَحَتُ فِهِ من روح » 618 


يلي لح لبا مر عل 


الحجر 7 ##سبعامنالمثاتى » 555 


6641 


النحل 
النحل 


الأسراء 


الإسراء 


الإسراء 


الإسراء 


الإسراء 


الكهف 


33 


43 


68 


44 


60 


85 


85 


55 


51 


77 


82 


-9 
12 


71 


« ور سا نَدَكْبْمَِنَ » 

وما ظَلمهر اسه وَل ف 0 رت 
«تستلوا أهلَآلدّمْ » 

« واس رَبك إِلَ الل » 


ل « سصجو سر صم 


#وإن من ا بدو ولكن لا تففَهُونَ لسبِحَهُمْ » 


» توك ماري‎ ١ 


عر م عر ل ع د سر # 


لما أََْدحهُم حَلْقَ لسوت وَالْأَرْضٍ » 


لمََنطلهًا حَقََ إذا أنيآ هل فَرِبََ أستَظممآ هلها فَأَبوا أن يَصَيَفُوهُمَا 


صم سملل 5-9 5 ل ا ل 0 5 


أت اراد وك وكا 0 هه ا | يتَيِمَيْنِ فى الْمَدِيَةٍ وَكارَ 0 


24 


1 وها مو 557 بي ا عه 3 ٍِ. رش 


له ل كم ٍ- 


يَحْمَهٌ مَنْرَيكَ » 
َأَنْمَسيئًا 4 


وخ سنن يون شنا » 


لهل لكان برد دا لكت وف لَِدألَخرِلَ أن َم دَكسَتُ رق ولجنا 


بمثله بمشلهمددا # 
جطه (مَآأرَلنَاعلِِكَ المدانَ تنو (5)» 


« وَهَل أسَكَ حَدِيتُ موسق 07 إذ را ا ثارا فَمَالَ لأَهله ‏ 
يس غير وا وه قم ال عام : 0 
َاشَسْتٌ نارا 55 جد علَ ار هدَى ” 9 


ع زر رس عرص به سه ع 


وى يموق ]إن ناريك ألم َلك إن يلوا 
رء 4م جر سر - 
ِوَلَأَسَيَسَحْ ف جُدُوعٍ التَخْلٍ » 


62 


د الْمُقَدّس ظوى » 


157 5 
497 2 
647 64 


6659 0 


407 67 
638 
+4 18 

401313 


608 4 


614 


043 


643 


46 


6078 


الأتياء 
الأنبياء 


الأنبياء 


المؤمنون 


الأحزاب 


الأحزاب 


72 


72 


23 


35 


79 


35 


61 


63 


40 


65 


30 


73 


69 


27 


7 رس ملاع مه عع م 4 ل رع ارس م كر 
لا يسشلعما يفعل وهم سشلوت » 
لسوت وَالْأَرْضَ كان ربا فمَنفسَهُمًا 4 
سو عع ”7 


تلح ار وكير وه » 
سود هع | ملوصح 0 موي عا لعسيو سر 
وهو الْذِى ذرأ هر في الأرض وَإِليْه محشرون » 


لي 
* اليئاره بالخ يك رو كات فا مات أله 
#أله نور السَمنوتِ والارض مثل نوروء كُمِشْكُوْوَ فا مِصَبَاحٌ الْيِصبَاحٌ 
و م ع 26 سس رم 8# ردم ل 2 .0 0 
في ناجم الزجاجة اما كوك درى يوقل من سُجوو مبلرص ف يون لا 
ل 2 لير ري ار رع اي اي سس عر م 2 يرس 
1 6 


04 2 ظه 
لامشل للناس 


1 لك ب عد 


0 أ هه 
وألله بحل مُْء 


عرو و2 2 0 ع م 
مبرى ألله لنوروء من ينا وتضريت الله 
- جَ ب 7 


ا ا م ا الال 
نوري أن بورك من ف النَارِومنَ حولها وس 


ا 
الا اليه ا ا لي ا ل قرس 


ع ب سي 
لن الله ريا لعثليين » 
م » 


«علمنا مَنطِىَ الطير # 


وين يَحْمَي. صل لكأل وَالتهَارَ4 
أحس ب]لنَاس أن يركوا أن يَقولوا امكا وَهُمْ لا يفتَسُونَ» 
«دَالئِيِسَجَهَدُواضِ لَمَيتّهم ْبْلنَا» 

ع ا و م جو سلمد + وو رمء را وو مظع امسو ع2 
0 ولو انمافى الارض من جرم اقلم والبحر دمده, من بعده. سبعة 

أغشر تَئَِتْكِلِمَت أله » 

2 سسا م م دعام ير 0 م 
ماجعل الله أرجل من قلبين فى جوفه. # 

َأ لزنا > ألككمة بر ل 2 اع ام مان ةم 
«إوإذ أخذنا من التيتعن ميثدقهم ومنلك ومن فوج وإبراهيم وموسئ وعيسى 


بر مون بن بيبل 


نمم 


623 


358 


6 88. 
2١5‏ 4ه 
77481 6غ 

607 


2433 


8 (ح) 
563 


4008 
554 


476 


6.5 
4+5 3 


5116 


يس 
الصافات 


23 


26 


56 


22 


58 


96 


23 


67 


67 


46 


53 


51 


سدم عَهَدُوا لَه صَنهُم من تت بوسنم نيفرح 
عرس عره ظرو مه 
وَمَابدَلُوأسَرِيلا » 
م« وَأَند لْذِينَ ظهروهم لخر ايو » 630 
2 آ أ مع عرس 2 ص ماي م ا لام وه ير شم 
إِنَّ لَه وَمَلَبَِكمَه, يَصَنُونَ عَلَ الت يَكأمًا ال فك اما اا 00 
عليه وسَلَموأ َل ما 4 
5 نا ًا لدمانة عَلَ لوت والأرض والجبالِ فََبْتََ أن ينبا 
5-9 عي سه سير يعبر“ حبر عيرس 3 م 1655 
َأْقَفْنَ مها وحله إن يكن وما يوا 4 
لوولِلٌيْنْ باد فلكو » 82 
ويْضَلٌ ميم وَيَوْرى من متكن4 6566 
ِوَإنتدع مهل لها لاحم ينه ننه » 427 
ا 216 
7 خَلَفَحْروَمَاتعَمَلُونَ 264 
4 مير وعدي عد لي ور رس لمك رورس 
تعر مِنَهُ + 5 عسوت رَبَهُمْ ثم تين جَلُودُ بَهُم 201.180. 
ِل ذم لَه » 367 
وَالْأَرْضُ حسيِصًا قْصَنُهُ 4 2 
«وَاَلشَّمُوت مَطْويت سعِسِيْهء » 5007 
للم نِالماك اليوم تار 4 427 
لمَعَالَ ها وَلِفارْضٍأَئنيا طَوْعًا أو كر َالَنَا نينا طابعِينَ 4 7 414 
5053 
« مَنْ َمِل صَللِحًا فِنَفْسدء # 2151 
« سَعُرِبِهِمْ اياف الْأَمَاقَ دَق أَنشِيمَ » 410701 
دِوَهذِء الأنْهرٌ تر ين تح » 457 
00 2 526 
هي يم«*ي 8 ١216‏ 


الحجرات 
الذاريات 


الطور 


35 


56 


21 


12 
18- 


-1 


12 


14 


55 


-0 
11 


22 


41 


- 6 
27 


َال تِآلأََرابُ امنا قل لَّم مُرِصِيُوا كن مُولوا لما وَلَمَايَدَخْلِ الاين في 
ول سرعم 

ويك 4 

ملحن موكَانَ با م مين ( فا وَسَدَ فا بريد ململي » 


< وَمَاسَلَتَتٌ أن والإنى إلا لمبدُون » 


لوَالدِينَ امن ومني دوم يإيمّن لَلقَنَا دُرَيحْ » 

« قَابَ هوسَيْنِ أوَأدَنَ » 

< أمَمَروته. عل ماي 00 وَلَقَدَ واه ترْلدَ َحَئىْ (10؟ ند سِدْرَةَ لشي 
((6» عَنْدَهَا بن الأو 50 (10 إذ يَصْشَى أَليَدْرَةَ ما يفش 02 مَارَاعٌ ألْبَصَرَوَمَا 
طن :(200 مد ا 
« فَمََحَنَا أي تواب ألسّماو بأو م مجمر '(101! وجرا ره 
5-5 

«تجرى ينا عيننا # 


ادق 52-0 


ص عونا فالدفى الْمَآء عل 


رمام 


« واَلسَبِمُونَالسَبِقُونَ 0 
0 بَاآلبَِينِ » 
«وَأصَسَبُ م 


أَليَمَالٍ مآ مح بُأ لما # 
واه ع عر ل عد 


والله لسمع ورد إن أله سعي عضيل # 


2 


«سَبَّح لَه ماف ألسَمْواتِ وَمَاف الْارْض وَهْوَالْعَرِير دكي » 

< لز أَرئا مَدَاالمرءا نَ عَلَ جَبَلٍ لرَأِنَهُ حَشِعًا مُتَصَدْعًا مَنْ حَشْيَةِ 
4 

ومن بِتَوَكلَ عل الله فَهَوحَسَيُةُ: » 


جره قل ني غيبيه ١‏ 
وا يظهرعَلٌ تيوه عد ا إِلّامن ‏ رَتضَىْ مِن رّسُولٍ 


مب | امب نا نا 


نيسيك من بين يديه ومن حَلْفِءرَصَدَا يك 


245 


546 


655 8 
665 2 
» 2 

6.600 2 
504848 


353 


551 


5 أ”#”؛»6» 
3 6 


217 


249 


3+8 


621 


القيامة 2 رلا يم التي رةه 41 


القيامة 0 0 موب ف ضر (0) إل ريبانيلرة 329 

الإنسان ‏ 01 طَهَلْأنَ علَالْإضَنِحِينٌيَنَألدَهْرٍ » 124 

الانسان ‏ 2 لَإِنَاحَلَقَمَا لمن ين تُطْفَةٍ أمتاج بَنتَلِِهِ َجَملئَهُ سمي بَصًِا ماه 6720 

الإنسان ‏ 0213 هإِنَاهِدسَهُ أَلسسِلَ » 60 

الإنسان ‏ 4 تاكن ِلْكَفْرِت سَلَسِلَُ وَأغْللا وَسَعِيرا 4 620 

الإنسانت 25 «إنًالاترار يترنؤيت 00 4 620 

النازعات 0 ومن حَافٌ مَقَا ري وَنَهّى نفس عَنِ طرف )كن أنه هى مأك » 167 

ْ - ييا انفش المظمَيئَهٌ 150 أرج إل ريك واه مني 00 فَأدَُلٍ في يرِى 

الفجز 0 40 417 

الشمس 8-7 طوَتَطي وَمَاسَوّتها 0 كمه حورا وتَقوها ((0:» 236 

التين 4 طلم حَلقَاالإَِنَ في أَحسن تَمَويرٍ)» 4 

القد 4-3 له ليل لمر( مأك َه ادر ]لةلَدر حو" 268 
1 مِنْ أل د برلا 0 ُ الملتيكة ' روح فيا إن تن ل أتو 30> 

التكا* 0 وللردكعدة 2007 لبقو 25 لوت للحم 8 5008 
7 تم روتف القن 437 

اميد 3 9سَيِصلتارادَاتَطَبٍ» 125 


6206 


الحديث الشريف 


-إذا أخلص العبد لله أربعين صباحاً 293 -كنت نورا وآدم بين الماء والطين 195 
- أسألك حبك. واجعل حبك أحب الأشياء إلي | -لا تجعلوني أقرب إلى الله من أخي يونس 476 
221 -لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا 85 
- استدار الكون 420 -لو وزن إيهان العالمين بإيهان نبيكم لرجح 575 
- أعطاني ربي ثلاثة علوم 39 60, 407 لبن احه أغتر من الله:2:40 
- أعطيت مجامع الكلم 542 - ما فضلكم أبو بكر بكثرة صوم 223. 485 
- الإسلام هو أن تشهد 547.151 548 عات وير ف تفن فلك عرفا ريه 611 
-الإيهان هو أن تؤمن 547.151 تحر هعاق الأنبناء لا تونوتف 238 
-اللهم إني أدعوك بكل اسم 331 - نصرت بريح الصبا 72 
-إن أصحابي كالنجوم 580 - واشوقاه إلى لقاء إخواني 580 
-إن الله خلق آدم على صورته 200. 215. 287». 
614 


- إن الله يحب من يأخذ برخصه 662 

- إن أول ما خلق الله تعالى نور نبيك 68, 114 
-إن من العلم كهيئة المكنون 22 6 

-إني بلغت من كال الله على ذاتي 646 
-تفكروا في آلاء الله 201193. 324 
-تنام عيناي ولا ينام قلبي 223. 394.329 
-حفت الجحنة بالمكاره 98 

-رب زدني فيك تحيرا 365 

- كان في عمي 410 

- كل مولود على فطرة 197. 531٠:4277‏ 
- كل ميسر لما خلق له 194 


- كنت كنا مخفيا (حديث قدسى) 5 56 144» 
10+ 53853 





الأعلام 


-آدم 82 194, 195. 4196 197 199 200: 
5 314 320 359 385. 2.530 2.583 
68 

-إبراهيم بن آدهم 294 

-إبراهيم (الخليل) 85. 86. 159. 163. 164» 
55609 

-إبراهيم الدسوقي 30 

-إيراهيم السامرائي (الدكتور) 29. 413 658 

-إبراهيم بن يحيى العبري 217 47.28 

-أحمد البدوي 30 

-أحمد جاسم النجدي (الدكتور) 559 

-أحمد بن حمد الخليلي(ساحة مفتي سلطنة عمان) 
13008« 

-أحمد درويش (الدكتور) 31 

- أحمد بن سعود السيابي 24 

-أحمد فؤاد الأهواني (الدكتور) 619.417 

- أحمد المخزنجي 29 

-أحمد مطلوب (الدكتور) 69 196. 270. 308» 
6 6 6 680 686 

اي 12 

417٠6175611:9 -أرسطوطاليس‎ 

-أفلاطون 175. 589 

-أمين الخوري 29 

-أنستاس الكرملي 612 

- انكسمياندريس 584 


- أنور أبو خزام 0118 4222992122 





- ابن باجه 2117 417 

-بثينة 320 

-البخاري (صاحب الصحيح) 56 194. 200: 
0 335 620.542:476 

-أبو بكر بن دريد 43 

-أبو بكر السقاف 43 

-أبو بكر الصديق 535. 5780539 

-البوريني 108 

-البيهقي 575 

-الترمذي(صاحب الصحيح) 98: 580 

-أبو تمام 29 

-الثوري 261 

-جابر بن عبد الله الأنصاري 411٠068‏ 


-جاعد بن خحميس الخروصى 6), 17» 24» 27» 228 
1 47 328152253 


-جالينوس 584 
-جبريل 4 335 2336 2,489 547. 549 
3 5 582 678 


-جلال الدين الرومي 27. 83 

-جميل بثينة 320 

-جمال محمد علي الشقيري 56 98 

-جميل صليبا (الدكتور) 619 

حابن جني 453-235 

-الجنيد البغدادي 118. 133 230 450.294, 
500 


-جورج طرابيشي 0175 200 


-جولد تسهير 12 

-جيته 22119 

-حاتم الأصم 294 

-ابن حجر 46 

-الخريري (صاحب المقامات)604. 05 6 

- حسن البوريني 29 

-حسن الشرقاوي (الدكتور) 25 

-حسن الفاتح قريب الله (الدكتور)5 49 

-حسين غباش (الدكتور)6 1» 17 

-الجلاج 68. 2720 195. 294. 4413 451ء 
6+6 


-حواء 196 320:319:6199:197 
-خديجة (أم المؤمنين) 2 531:9 

-أبو خرز 546 

-الخضر 622.294 644 

-الخطيب البغدادي 2 48 

-ابن خلدون 25., 38, 39 

- خلفان بن حاكم الإسماعيلي 686 
-خلفان بن حاكم الحميري 49 


-الخليل بن أحمد الفراهيدي 45. 305. 466. 
9 517 560 61632627609 


- خيس بن راشد العبري 20 
-حميس بن سعيد الشقصي 546 
-داوود (النبي) 02366 652.532 
-داوود بن محمود القيصري 30 

- دحية 335. 336 

-الديلمي 56 


- أبو ذر الغفاري 40 


- الذهبى 46 

- رابعة العدوية 212 

-راشد بن عميرة 44 

- ابن رزيق 20 22:22» 43:28 18204746 

- رشيد بن غالب الدحداح 29 

-ابن رشيق القيرواني 680 

- رفيق العجم (الدكتور) 25 5 62 66» 68» 
0 آت7 2726 227 8قء 94. 103. 104. 
5 7 » 133غ» 141 155.151. 174ه 
8 » 193. 201 202. 218: 223. 230. 
6 237 2239 2246 2247 261 275» 
6» 284. 287. 293. 294. 299 315غ. 
4+ 345. 372غ 411 417. 418 422. 
2 469 481 485 492 495. 500 
277 30 2.5 547. 2.552 2556 2560 2566 


17 584 587 599 601. 602. 622غ: 
3 656 


-الزركشي 196 

-زليخا 154 

-سارية بن زنيم الدؤلي 579 

-سالم السيابي 27 

-سالم بن علي بن ناصر الإسماعيل 49. 686 
-السبكي 12 

-سبيت الغيلاني 20 

-السري السقطي 294. 450 

-سعاد الحكيم (الدكتورة) 25, 26 


-سعيد بن خلفات الخليل 8 7» 418 27:21» 
4731 


-سعيد بن سلطان البوسعيدي 20 


-سعيد الدين الفرغاني 30 

-أبو سعيد الكدمي 41 

-سعيد الحاشمي (الدكتور)2 182.2 
-سعيد بن يوسف المصعبي 19 
-سلطان بن محمد الحراصي 47 
-سلان الفارسي 39 

-سليهان (النبي) 6 36 

-سيبوية 235 

-ابن سينا 13. 417٠6175117‏ 


-السيوطي 012 30, 662:98 
-الشبلٍ 269 624 

-الشذوري 137 

-شريفة اليحيائي (الدكتورة) 31621٠18 ١17‏ 
-شهاب الدين السهروردي 261٠.221‏ 
-الشهرستاني 547 78 5» 579. 600 
-شيلر 11 

-صالح (النبي) 366 

-الصدر القونوي 60 

-الصفدي 46 

-صفي الدين الحلي 0 68 

-أبو الطاهر السلفي 559 

-ابن طفيل 200 

-الطوسي 55, 294 

-عائشة (أم المؤمنين) 2 9 20 6 


-عاطف جودة نصر (الدكتور) 2.30 81. 2182 


231 





-عيد الله بن قسيط المكى 3 45 
-عبدالله محمد الغزالي (الدكتور) 31 
-عيدك الحليم الحفنى (الدكتور) 24 2 6غ 63 4.64 


6 270 721. 476 81» 4.103 104. 117 
2 أ 2133 134» 4.141 151». 155 17274. 
8 » 193 195. 201». 2202 212 216» 
8 230 237 239. 243. 246. 2247 
1 2226 279غ 284 2287 2293 344 
345 411.372 418 422 442., 450 
1 469 481 482. 485 490 495 
8 499 515, 517 0530 0547 2548 
6 »© 566 569 62426226617 

-عبد الخالق محمود (الدكتور) 25, 29. 230 235 
58 

-أبو عبدالرحمن السلمي 623 

-عبد الرحمن بدوي (الدكتور)9. 13. 25. 175» 
527 

-ابن العباس 8 337.16 

-عبد الغني النابلسي 29. 108 

-عبد القادر محمود (الدكتور)27 

-عبد القادر بن محمد (ابن قضيب البان) 31 

-عبد القاهر الجرجاني 685 

-عبد الكريم الجيلي 105؛ 587 

-عثيات بن عفان 579 

-عدنان حسين العوادي (الدكتور) 6 25 231 

-ابن عدي 575 

-عز الدين المقدسي 6 

-عزة محمد عبد المنعم 330 

-عزيز السيد جاسم 24 6 


701 


- ابن عقيل 51 

-علي ابن أبي طالب 79 5 

-علي حسن محمد (الدكتور)584. 589 
-علي بن الحسين 40 

-أبو علي الدقاق 174 

- أبو علي الروذباري 238 

-علي عبد الخالق (الدكتور) 31 

- أبن عمر 5 57 

- عمر بن أحمد الغزنوي 30 

-عمر بن الخطاب 535. 539 579 
-عمر فروخ (الدكتور) 26 35 
-عياض (القاضي) 46 

- عيسى(النبي) 329, 5675322530366 


-الغزاللى 60.) 200.) 223 2274 543. 
6622623-35 


-الفارابي 38 

-فريد الدين العطار 6 

-قاسم الخاني 56 

-قاسم محمد عباس 451 

حت اسن قتيبة الدينوري 6 166. 335. 410 
594505798 

- قسطا بن لوقا 118 

-القشيري 12:5 26 

- القصار 450 

- قطب الدين القسطلاني 30 

- القفطي 46 

-قيس بن الملوح 2320 334 

-الكاشاني 27. 28؛ 30 37.33:31 245 





-كامل الشيبى (الدكتور ) 26» 6.27 31. 38. ٠68‏ 
0 1945 200 372 5657.411 675 


-كثير عزة 334 

-كرم البستاني 29 

-أبو الكرم النحوي 559 

-الكلاباذي 55 

-ماسيئنيون 12 

-مالك بن سلطان الحارثي 41 

-مبارك الراشدي 17+ 21+19 

-ميارك الهاشمى (الدكتور) 21. 97. 178 545» 
006 


-المتنبي 137 

- المجلسبى 200 

- محمد أبو الفضل بدران (الدكتور) 568 

-محمد بن أحمد البوسعيدي (السيد) 15. 23. 47» 
8 53.49 


-محمد بن أحمد الفرغاني 60 

- محمد التونجي (الدكتور) 655 659 

- محمد زادة العثماني النقشبندي 492 

- محمد صغير حسن المعصومي 417 

-محمد عابد الخابري (الدكتور) 175 

- محمد علي أبو ريان (الدكتور)25 

-محمد المبارك (الدكتور) 140 

- محمد مصطفى حلمي (الدكتور) 25. 27. 29» 


١48306 8:60658 56 40 36 .34 32 0‏ 
4 1[ 26179 18 28422472231 498 
- محمد بن محمد الغمرى 30 


- محمد بن ناصر بن سليهان 584 


- محمد بن تور 43 
- محى الدين بن عربي 8: 12. 60» 372 529» 
530 


-مسلم (صاحب الصحيح) 56. 194. 200غ 


2.620 2.547 2.542 476 .335 .240 3 
646 


-مسيلمة 578 

-معاوية بن أبي سفيان 43 

-المعتضد (الخليفة العباسي) 43 

-مكحول 293 

-أبو مهدي 546 

-موسى (النبي) 153؛ 158. 159. 163 164» 


.475 465 2.395 .:366 .356 329 7 
678 643 © 0 


-المولى علمشاه 30 


-ناصر بن سالم الرواحي (أبو مسلم البهلاني) 8. 
7 27 41631 


-ابن النديم 46 

-نور الدين السالمي 71:41. 591:97 

-نوح (النبي) 53003290197 

- النوري 450 

-ذو النون المصري 38. 68. 195. 294. 485غ. 
552 

-النووي 256 200 

<تيكلسن 25:12 359:27 


-أبو هريرة 40. 79 625 623 
-أبو هلال العسكري 342, 466 
-هود(النبى) 366 





- أبو الوفا الغنيمى (الدكتور) 27. 38 
-يوسف (النبى) 154. 155. 156. 366» 2397 
523 


- يوسف محمود محمد (الدكتور) 117 


7/013 


المواضع 


-الأبطح 130 

-البصرة 84 

-بغداد 44 

-بيت المقدس 386 

-دمشق 44 

-زنجبار 21:20 

-سلع 85 

-سيناء 163 

-صداء (ماء) 342 

-الصفا 127 

-طيبة 139 

-العذيب 278 

-العذيبة 78 

-عرفات 1306127:119:0107 

-العلياء 17» 19 

-عيان 43. 44 45. 485 

-فارس 44 

-القاهرة 44 

-المتوني 21 

-المدينة المنورة 72. 78. 79. 85. 128. 130». 
3566 


-المروة 127 
-مسقط 21:20 


المغرب 19 


-مكة 72 278 279 84, 119 127غ: 128غ» 





0 139 387 
-منى 0127 130 

686 ١19 -نزوى‎ 

-المند 572 

-وادي بني خروص 17 
-وجرة 84 

-يثرب 83. 86. 386.139 


705 


الشاعر 

الحلاج 

النابغة الذبياني 
ابن الفارض 

أبو مسلم البهلان 
أبو مسلم البهلاني 
ابن رزيق 

ناصر الخروصي 
ابن رزيق 

ابن رزيق 


)ناتيب(١‎ 73 
6231 

1060 

31 

330 

41 

22 

19 
1103 
22 

22 


29 


المصادر والمراجع 
أولا: غير المنشورة: 
1 - اتجاهات الأدب العماني في العصر الحديث. د. على عبد الخالق على. رسالة دكتوراه. جامعة الأزهر. سنة 
0مم. 
2 -الإخلاص بنور العلم والخلاص من الظلم. الشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي. دراسة وتحقيق. إبراهيم 
بن يحيى بن حمدان العبري. رسالة ماجستير. جامعة القاهرة. كلية دار العلوم- قسم الفلسفة الإسلامية. 
سنة 1998م. 
3 - البعد الصوفي في الفكر الإباضى. سلطان بن محمد الحراصى. رسالة دكتوراه مقدمة إلى الجامعة الإسلامية 
العالمية. ماليزيا. سنة 2007م. 

4 - تائية ابن الفارض وشروحها العربية د. عبد الخالق محمود. رسالة ماجستير. جامعة القاهرة. كلية الآداب. 
سنة 1971م. 

5 - سباتك اللجين الملقب بقرة العين. ابن رزيق. مخطوط محفوظ في مكتبة معالي السيد محمد بن أحمد 


6 - شرح قصيدة حياة المهج للشيخ ناصر الخروصي. دراسة وتحقيق. عالية بنت حسن بن محمد العجمي. 
رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة السلطان قابوس- كلية الآداب والعلوم الاجتماعية- قسم اللغة 


العربية. سئة 2 200م. 

7 - شعر سعيد بن خلفان الخليل. دراسة تحليلية. إعداد الفاضلة شريفة بنت خلفان اليحيائي. رسالة 
ماجستير. جامعة السلطان قابوس. 

8 - الشعر العربي العماني في المهجر الأفريقي. إعداد سبيت بن سعيد الغيلاني. رسالة ماجستير. جامعة 
اليرموك. سنة 1996م. 

ثانيا: المنشورة: 

9 - الأزرق. محمد بن ناصر بن سليهان. تحقيق محمد عبد المقصود شلبي. مطبوعات وزارة التراث القومي 


والثقافة. سلطنة عمان. سنة 1986م. 


10 - ابن الفارض والحب الإلحي. د. محمد مصطفى حلمي. دار المعارف بمصر. القاهرة. بلا تاريخ. 


1 - أبو مسلم البهلاني. الفاضل أحمد بن سعود السيابي. بحث منشور في حصاد الندوة التي أقامها المنتدى 
الأدبي. وزارة التراث القومي والثقافة. سلطنة تمهان. الطبعة الأولى» سنة 1998م. 

2 - أبو مسلم الرواحي. د. محمد بن صالح بن ناصر. مطابع النهضة. سلطنة عُهان. الطبعة الأولى. سنة 
6ام. 

13 - الأحاديث القدسية. إعداد وتدقيق جمال محمد علي الشقيري. دار الثقافة للنشر والتوزيع. عمان. الأردن. 
الطبعة الأولى. سنة 1990م. 

4 - أحوال النفس. ابن سينا. حقّقه وقدّم إليه د. أحمد فؤاد الأهواني. عيسى البابي الحلبي وشركاه. القاهرة. 
الطبعة الأولى. سنة 1952م. 

15 - إحياء علوم الدين. الغزالي. دار المعرفة. بيروت. لبنان. بلا تاريخ النشر. 

6 - أدبيات الكرامة الصوفية - دراسة في الشكل والمضمون. د. محمد أبو الفضل بدران. مركز زايد للتراث 
والتاريخ. دولة الإمارات العربية المتحدة. الطبعة الأولى. سنئة 2001م. 

17 - الأدب في الخليج العربي. دراسات ونصوص. د. وليد محمود خالص. مطبوعات المجمع الثقافي. أبو 
ظبي. سنة 2004م. 

8 -أرسطو عند العرب. د. عبد الرحمن بدوي. وكالة المطبوعات الكويتية ودار القلم اللبنانية. بيروت. 
الطبعة الثانية. سنة 1978م. 


9 - إزاحة الأغيان عن لغة أهل عمان. الشيخ سعيد بن حمد بن سليمان الحارثي. الطبعة الأولى. سنة 1990م. 
بلا ذكر لمكان الطبع. 


0 - الاستقامة. للعلامة أبي سعيد الكدمي. وزارة التراث القومي والثقافة. سلطنة تهان. سنة 1985م. 
1 - أصدق المناهج في تمييز الأباضية من الخوارج. الشيخ سالم بن حمود بن شامس السيابي السمائلي. تحقيق 
وشرح د. سيدة إسماعيل كاشف. وزارة التراث القومي والثقافة. سلطنة تمهان. سنة 1979م. 

2 - اصطلاحات الصوفية. عبد الرزاق الكاشاني. حققه وقدم له وعلق عليه د. عبد الخالق محمود. دار 
المعارف بمصر. القاهرة. الطبعة الثانية. سنة 1987م. 


3 - أفلاطون. د. أحمد فؤاد الأهواني. دار المعارف بمصر. القاهرة. بلا تاريخ. 


10م 


4 - أفلوطين عند العرب. نصوص حققها وقدّم لها عبدالرحمن بدوي. ملتزم الطبع والنشر مكتبة النهضة 
المصرية. القاهرة. سنة 1955م. 


5 - الإمام نور الدين السالمي وأراؤه في الإلهيات. د. مبارك بن سيف بن سعيد الهاشمي. مكتبة الضامري. 
السيب. سلطنة عمان. بلا تاريخ. 


6 - البداية والنهاية في التاريخ. ابن كثير. دار نهر النيل للطباعة. القاهرة. بلا تاريخ. 

7 - البرهان في علوم القرآن. بدر الدين الزركشي. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. منشورات المكتبة 
العصرية. صيدا. بيبروت. الطبعة الثانية. سنة 1972م. 

28 - البوسعيديون حكام زنجبار. الشيخ عبد الله بن صالح الفارسي. ترجمة محمد أمين عبد الله. وزارة التراث 
القومي والثقافة. سلطنة تهان. سنة 1980م. 

29 - تأويل مختلف الحديث. ابن قتيبة الدينوري. عني بتصحيحه وتخريج أحاديثه والتعليق عليه د. محمد نافع 
المصطفى. مؤسسة الرسالة. دار البشير. الأردن. لبنان. الطبعة الأولى. سنة 2004م. 

30 - تاريخ بغداد. الخطيب البغدادي. دار الكتب العلمية؛ بيروت» لبنان» بلا تاريخ. 

31 - تاريخ التصوف الإسلامى. د. عبد الرحمن بدوي. الناشر وكالة المطبوعات. الكويت. الطبعة الثانية. 
سنة 1987م. 

2 - تاريخ عمان المقتبس من كتاب كشف الغمّة. سرحان بن سعيد الأزكوي. حقّقه عبد المجيد حسيب 
القيسى. وزارة التراث والثقافة. سلطنة تمان. الطبعة الرابعة. سنئة 2005م. 

34 - تاريخ الفلسفة اليونانية. د. يوسف كرم. لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة. بلا تاريخ. 

5 - تائية عامر البصري. عني بنشرها وشرحها الشيخ عبد القادر المغربي. المعهد الفرنسى بدمشق للدراسات 
العربية. دمشق. سنة 1948م. 


6 - تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان. عبدالله بن حميد بن سلوم السالمي. القاهرة. بلا تاريخ. 


32 - التصوف في الإسلام. د. عمر فروخ. دار الكتاب العربي. بيروت. سنة 1 مم. 


7-3 دسا فق عان. د. أحمد درويث .د فت عة والنش . مَشِيَة [م. 
38 ر الأدب فى ء أحمد درويش. دار غريب للطباعة والنشر. القاهرة. سنة 1998م 


711 


9 -التعرف لمذهب أهل التصوف. الكلاباذي. تحقيق محمود أمين النواوي. مكتبة الكليات الأزهرية. 
القاهرة. الطبعة الثانية. سنة 1980م. 

0 - تكوين العقل العربي. د. محمد عابد الجابري. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت. الطبعة الخامسة. 
سنة 1991م. 

1 - تنبئة الغبى بتبرتة ابن عربي. جلال الدين السيوطي. تحقيق د. عبد الخالق محمود عبد الخالق. القاهرة. 
سنة 1987م. 

2 - التوزيع اللغوي الجغرائي في العراق. د. إبراهيم السامرائي. مكتبة لبنان ناشرون. بيروت. لبنان. الطبعة 
الأولى. سنة 2002م. 

3 - جلال الدين السيوطي والتصوف الإسلامي. د. عبد الخالق محمود. القاهرة. سنة 1987م. بلا ذكر 
لكان الطبع. 


4 - جمهرة الأمثال. أبو هلال العسكري. حققه وعلّق حواشيه ووضع فهارسه محمد أبو الفضل إبراهيم 
وعبد المجيد قطامش. ملتزم الطبع والنشر المؤسسة العربية الحديثة. القاهرة. الطبعة الأولى. سنة 


4م 

5 - جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار. سعيد بن علي المغيري. تحقيق محمد علي الصليبي. وزارة التراث 
القومي والثقافة. سلطنة تمان. الطبعة الثانية. سنة 6 198م. 

6 - الحركة الصوفية في الإسلام. د. محمد على أبو ريان. دار المعرفة الجامعية. الإسكندرية. سنة 1994م. 

7 -الحق الدامغ. سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عهان. مكتبة الضامري للنشر 
والتوزيع. سلطنة تمان. الطبعة الثانية. سنة 2 199م. 

8 - حياة المهج. جاعد بن خميس بن مبارك الخروصي. تحقيق د. صادق إسماعيل. بلا ذكر لمكان الطبع 
وتارمحه. 

9 - الخليلي فقيهاً ومحققاً. سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلٍ مفتي عام السلطنة. بحث منشور في حصاد 
الندوة التي أقامها المنتدى الأدبي. وزارة التراث القومي والثقافة. سلطنة عُمان. الطبعة الأولى. سنة 
14إام. 


0 - دليل أعلام عُمان. جامعة السلطان قابوس. مكتبة لبنان. الطبعة الأولى. طبع بالمطابع العالمية. مسقط. 


سنة 1 199م. 

1 - ديوان ابن الفارض. تحقيق د. عبد الخالق محمود عبد الخالق. دار المعارف بمصر. القاهرة. سنة 1984م. 

2 - ديوان أبي مسلم البهلاني. تحقيق علي النجدي ناصف. وزارة التراث القومي والثقافة. سلطنة تهان. 
سنة 1980م. 

3 - ديون الحلاج. اعتناء قاسم محمد عباس. رياض الريس للكتب والنشر. بيروت. لبنان. الطبعة الأولى. 
سنة 2002م. 

4 - الرسالة القشيرية؛ لأبي القاسم عبد الكريم القشيري. تحقيق. د. عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف. 
دار الكتب الحديثة. القاهرة. سنة 1972م. 

5 - رؤية الله تعالى بين المثبتين والنافين. عزة محمد عبد المنعم زايد. مكتبة الاستقامة. روي. سلطنة عُهان. 
سنة 0 198م. 

56 - سلك الفريد في مدح السيد الحميد ثويني بن سعيد. ابن رزيق. تحقيق محمد علي الصليبي. وزارة التراث 
القومي والثقافة. سلطنة عمان. الطبعة الأولى. سنة 1997م. 

7 - السير والسلوك إلى ملك الملوك. قاسم بن صلاح الدين الخاني. دراسة وتحقيق سعيد عبد الفتاح. الناشر 
مكتبة الثقافة الدينية. القاهرة. الطبعة الأولى. سنة 2002م. 

8 - شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك. قرأه محمد حي الدين عبد الحميد. مكتبة دار التراث. القاهرة. 
الطبعة العشرون. سنة 1980م. 

9 - شرح ديوان ابن الفارض. جمعه رشيد بن غالب الدحداح. طبع بالمطبعة الخيرية. القاهرة. سنة 1310 
للهجرة. 

0 - الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة تمهان. حميد بن حمد بن رزيق. تحقيق عبد المنعم عامر. وزارة التراث 
القومي والثقافة. سلطنة تمان. سنة 1984م. 

1) - شعر عمر بن الفارض- دراسة في فن الشعر الصوفي. د. عاطف جودة نصر. دار الأندلس للطباعة 
والنشر والتوزيع. بيروت. الطبعة الأولل. سنة 1982م. 

62 - الشعر الصوني حتى أفول مدرسة بغداد وظهور الغزالي. عدنان حسين العوادي. وزارة الثقافة والإعلام. 
دار الشؤون الثقافية العامة. بغداد. العراق. سنة 1986م. 


7/0113 


63 - الشعر والشعراء. ابن قتيبة الدينوري. تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر. دار المعارف بمصر. القاهرة. 
الطبعة الثانية. سنة 7 197م. 

4 - شقائق النعمان على سموط الجمان في أسماء شعراء تهان. الشيخ محمد بن راشد الخصيبي. وزارة التراث 
القومي والثقافة. سلطنة عهان. الطبعة الثانية. سنة 1989م. 

65 - الشيخ العلامة سعيد بن خلفان الخليل وفكره. إعداد الفاضل مبارك بن عبد الله الراشدي. بحث 
منشور في حصاد الندوة التى أحياها المنتدى الأدبي. وزارة التراث القومي والثقافة. سلطنة عيان. 
الطبعة الأولى. سنة 1994م. 

6 - الصلة بين التصوف والتشيع. د. كامل مصطفى الشيبي. دار الأندلس. بيروت. الطبعة الثالثة. سنة 
2مم. 

67 - الطواسين. الحلاج. اعتناء قاسم محمد عباس. رياض الريس للكتب والنشر. بيروات. لبنان. الطبعة 
الأولى. سنة 2002م. 

8 - عمان- الديموقراطية الإسلامية. د. حسين غانم غباش. دار الجديد. بيروت. الطبعة الأولى. سنة 
7م 

9 - العمانيون وأثرهم في الجوانب العلمية والمعرفية بشرق أفريقيا. سماحة الشيخ أحمد ابن حمد الخليلٍ 
المفتي العام للسلطنة. بحث منشور في حصاد أنشطة المنتدى الأدبي لعام 91 - 1992م. وزارة التراث 
القومى والثقافة. سلطنة تمران. 

0 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري. ابن حجر العسقلاني. قرأ أصله تصحيحا وتحقيقا عبد العزيز بن 
باز ومحمد فؤاد عبد الباقى ومحب الدين الخطيب. الناشر دار المعرفة للطباعة والنشر. ببروت. لبنان. 
بلا تاريخ. 

1 - الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين. حميد بن محمد بن رزيق. تحقيق عبد المنعم عامر ود. محمد 

مرسى عبدالله. وزارة التراث القومي والثقافة. سلطنة تمان. الطبعة الثانية. سنة 1983م. 
- الفرق بين الروح والنفس. قسطا بن لوقا. عني بنشره حلمي ضياء أولكن. مطبعة إبراهيم حزوز. 
استانبول. سنة 1953م. 


2 


“د 


المجمع الثقافي. أبو ظبي. سنة 1998م. 

4 -الفلسفة الصوفية في الإسلام. د. عبد القادر محمود. دار الفكر العربي. القاهرة. سنة 1966م. 

5 - فن الشعر. أرسطو طاليس . ترحمه عن اليونانية وشرحه وحقّق نصوصه عبد الرحمن بدوي. دار الثقافة. 

6 - فهرس المخطوطات. وزارة التراث القومي والثقافة. سلطنة ع مهان. الطبعة الأولى. سنة 1996م. 
والنشر. القاهرة. سنة 1946م. 

08 - كتاب العين. الخليل بن أحمد الفراهيدي. ترتيب ومراجعة د. داود سلوم ود. داود سلمان العنبكي ود. 
إنعام داود سلوم. مكتبة لبنان ناشرون. بيروت. لبنان. الطبعة الأولى. سنة 2004م. 

9 - كتاب النفس. ابن باجه الأندلسى. حقّقه محمد صغير المعصومي ونشره بثماني حلقات في مجلة المجمع 
العلمي العربي بدمشق. الجزء الأول. المجلد الثالث والثلاثون وما بعده. ثم نشره على هيئة كتاب بدار 
صادر. بيروت. الطبعة الثانية. سنة 1992م. 

0 - كشف الوجوه الغرّ لمعاني نظم الدرّ. شرح تائية ابن الفارض الكبرى. الشيخ عبد الرزاق الكاشاني. 
المطبعة الخيرية القاهرة. بلا تاريخ. 

1 - متصوفة بغداد. عزيز السيد جاسم. شركة المعرفة للنشر والتوزيع المحدودة. بغداد. سنة 1990م. 

82 - المحتسب في تبيين وجوه شواد القراءات والويضاح عنها. أبو الفتح عثان بن جنى. بتحقيق على 
النجدي ناصف ود. عبد الحليم النجار ود. عبد الفتاح شلبي. وزارة الأوقاف. جمهورية مصر العربية. 
القاهرة. سئة 1994م. 

3 -المساعد. الأب أنستاس ماري الكرملي. حققه وعلّق عليه وصنم فهارسه كوركيس عواد وعبد الحميد 
العلوجي. وزارة الإعلام. مديرية الثقافة العامة. الجمهورية العراقية. سنة 1972م. 

84 - معجم المصطلحات البلاغية وتطورها. د. أحمد مطلوب. مطبعة المجمع العلمي العراقي. بغداد. سئة 
3مم. 


5 - معجم المصطلحات الصوفية. الشيخ الدكتور أنور فؤاد أبي خزام. مكتبة لبنان ناشرون. بيروت. لبنان. 
الطبعة الأولى. سنة 1993م. 


6 - معجم المعربات الفارسية في اللغة العربية. جمعه وشرحه د. محمد التونجي. دار الأدهم. دمشق. الطبعة 
الأولى. سنة 1988م. 

7 - معجم النقد العربي القديم. د. أحمد مطلوب. دار الشؤون الثقافية العامة. وزارة الثقافة والإعلام. 
بغداد. سنة 1989م. 

8 -المفهوم الرمزي للخمر عند الصوفية. د. حسن الفاتح قريب الله. مكتبة الدار العربية للكتاب. القاهرة. 
الطبعة الأولى. سنة 1999م. 

9 -الملل والنحل. الشهرستاني. تحقيق محمد عبد القادر الفاضلي. المكتبة العصرية للطباعة والنشر. صيدا. 
بيروت. سنة 2006م. 

0 -المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج. الإمام الحافظ محيي الدين النووي. بيت الأفكار الدولية. 
الأردن. عمان. سنة 2000م. ومعه الأحاديث الواردة في صحيح البخاري التي اتفقت مع صحيح 
ملم 

1 - الموجز المفيد بذ في تاريخ البوسعيد. حمد بن سيف بن محمد البوسعيدي. مطبوعات مكتبة معالي السيد 
محمد بن أحمد بن سعود البوسعيدي. الطبعة الثانية. مسقط. سنة 1995م. 

2 - موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي. د. رفيق العجم. مكتبة لبنان ناشرون. بيروت. لبتان. 
الطبعة الأولى» سنة 1999م. 

3 - الموسوعة الصوفية. د. عبد المنعم الحفني. مكتبة مدبولي. القاهرة. الطبعة الأولى. سنة 2003م. 

4 - نصوص الولاية. الحلاج. اعتناء قاسم محمد عباس. رياض الريس للكتب والنشر. بيروت. لبتان. 
الطبعة الأولى. سنة 2002م. 

5 - نظرية العقل. جورج طرابيشي. دار الساقي. بيروت. لبنان. الطبعة الثالثة. سنة 2007م. 

6 - النفس والروح في الفكر الإنساني. د. يوسف محمود محمد. الناشر دار الحكمة. الدوحة. الطبعة الأولى. 
سنة 1993م. 

57 - النقد الأدبي الحديث. د. محمد غنيمي هلال. دار العودة. بيروت. الطبعة الأولى. سنة 1982م. 

8 - الوجود عند فلاسفة اليونان. د. علي حسن محمد علي. مطبعة الأمانة. القاهرة. الطبعة الأولى. سنة 


9مم. 


9 - وحدة العقل العربي الإسلامي. جورج طرابيشي. دار الساقي. بيروت. الطبعة الثانية. مسنة 2007م. 
د عاد عه 


717 


7 1089 


المحتويات 
الموضوع الصفحة 
إضاءات لاقع تجح ووب لو ل يي امب و كوه ووم ارم ما ا 
تصدير عام مامت صاج اميه امم او لا جه مام اح عاو افوا لملا امو او مو 9 
المقدمة أطي وان جنك كود لق كط بالروكوا داجيا سوسوي الم و 117 
الباب الأول ل 
الباب الثانن ا مل ا و 9:11 
الباب الثالث جرخو قبا اد افد لو و ل ا 107 
الباب الرابع جد اجا او و الم ومو و ا ع ل 147 
الباب الخامس ا ع ا ا 0ك 
الباب السادس ادي 0 ل اواج موي وو 1 لل طعة ونم ااا مجو امو ا ا ل ا 2106 
اليباب السابع اورت دل ان افوس ام داسف نواه اموق ل 2 
الباب الثامن وعم ات اضرا مقط 1 سبش عن معن لوخي ا 2 
الباب التاسع مسا ع حا ماس و لاسرا توج ريده وام ا ع امي 2037 
الباب العاشر ماو لبيك موك بطع قي فوع كن مرا لوو واف اا كيان الحو اماس و 1 1 
الباب الحادي عشر امم تووفعرة الماسجصوو رو ان اساي واو ووه روطو موما مس 327 
الباب الثاني عشر متا امات الام عوابا الاو تسسات لوده رسعت ويا مولن ا 
الباب الثالث عشر ااا ا 
اليباب الرابع عشر 33 اه قن ب مساون ‏ تسا طون اام امو 210 
الباب الخامس عشر ا ا ا ا ا اال 1ه 


الباب الحادي والعشرون ااا 000 
الباب الثاني والعشرون 200 
الباب الثالث والعشرون ا الس ا 
الباب الرابع والعشرون 8 شظ5ط5 


الباب الخامس والعشرون 0070 


710 


»و > قعاوقوه و ع مهد مو عقي وم 


* 5 8ج مع فج م.م و رم م6عم*». 


هه هد » معد ويه قعومه يون معد نه 


فم مع مع قمع عء. وهو يمام روه 


هاو ع > قع هده و وقوقدقءه ق٠ققةه‏ 


هاوه وقاعه و و واه ةع وق وه 


هاه جه م عع م و وعم عه ره وعم 





يعد هذا الكتاب (إيضاح نظم السلوك إلى حضرات ملك 
الملوك) لمؤلفها ناصر بن جاعد بن خميس الخروصي الإباضي 
(1264ه) واحدا من المؤلفات التى غنى بها المتصوفة. وهو 
شرح لقصيدتي ابن الفارض الميمية والتائية. ولا يخفى على 
الباحثين أن موضوع هاتين القصيدتين هو التصوف. 


ومن الضروري أن نشير إلى أن علماء الإباضية لم يطلقوا على 
ذلك التوجه اسم «التصوف»؛ بل أطلقوا عليه اسم «السلوك». 
ولذا فإن الشعر الذي تكون فيه نزعة صوفية يسمونه. «شعر 
السلوك»: ويعنون به تهذيب الأخلاق ليستعد العبد للوصول 
بتطهير نفسه عن الآخلاق الذميمة. كما أن السالك هو العبد 
الذي تاب عن هوى نفسه وشهواتها. واستقام في طرق الحق 
بالمجاهدة والطاعة والإخلاص. 


وقد قسم هذا الكتاب إلى ثلاثة أجزاء؛ الاول فى تخليص 


النفس والروح على مراتب الكمالء؛ والثاني فى كمال النبي 
0 صلى اللّه عليه وسلم. والثالث فى مقامات الحقيقة. 


ا 


الاوظفييى لالعنقيافقيهن ال 
أدانقئنا #وتاراثادات غ0 زتققء 


السعر 00 درهم 


- 


3 9 
/ 
7# 4 ياد ا #ن إلى "بن "ار ا ا 0 14 4 و ا -